رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ خيرُ خلقِ اللهِ على الإطلاقِ، وإن كُانَت كُلّ أعمالِ البِرّ الّتي قد تقومُ بِها لا تُساوِي طلقةً من طلقاتِ أُمّكَ، فكيفَ برسولِ اللهِ إن قُلنا في حقّهِ ما قُلنا وإن فعلنَا ما فعَلنا!
وما أحدَثَ هذا الّذي أساءَ سبقًا، بل سبقَهُ الكثيرُ أمثالُهُ، فما يضيرُ السّحابَ نبحُ الكلاب؟
لكِن هُم يتفنَّنُونَ في الطُّرقِ، وينوّعُونَ الوسائلَ، وكُلّ مرّةٍ يخرُجُونَ علينا بشيءٍ جديدٍ، فهل لازِلنا نستمسِكُ عندَ كُلّ حادثَةٍ بذاتِ النّهجِ تظاهُرَةٌ فوقفةٌ فبيان!
وهكذا دوالَيكَ
وانتصَرنا،
ونحنُ يا رسولَ اللهِ فداك!
فداكَ لمّا رغِبنا بأنفُسِنا عن نفسِك، فآثرنا راحَةَ الدُّنيا، واتّبعنا الهَوى، أم فداكَ لمّا اشتغلنا بالانتصارِ للـ أنا وحظّها، ونسِينا أنّكَ كِدتَ تُهلكُ نفسَكَ إشفاقًا على من لم يهتدُوا، ولمّا تنتقم ولم تغضَب إلّا لحُرمةٍ مِن حُرماتِ الله!
أم فدَاكَ يا رسولَ اللهِ في حينٍ وحِينٍ حتّى قالَت لي يومًا: نحنُ أُمّةُ المشاعرِ الصّاعدَةِ الهابطَةِ فوافقتُها؛ لأنّنا قلّ منّا من ليسَ كذلك، قلّ منّا من يذكُرُكَ بالاتّباعِ في كُلّ حالاتِه، ليسَ بـ (تعابيرِ الوجهِ) حينَ يُستفَزُّ، كمن تُؤثّرُ فيهِ الموعظةُ لحظةَ سماعِها، وتُلهيهِ دُنياهُ يومَ يلزمُهُ تطبيقُهَا...
يا قومِ هُم عميٌ ما أبصرُوا الحقّ، وصُمٌّ لم يسمعُوه، وبُكمٌ عنهُ إن عرفُوهُ فلن يقولوه، لكنّنا كُرّمنا بالإسلامِ، ولا تصلُحُ لنا أوصافُهُم...
مثّلُوا قلبَ رسولِ اللهِ في قلوبِكُم، وجمالَ فعالِهِ بجوارِحِكُم، واعلَمُوا أنّهُ سُيُنصرُ رسولُ اللهِ لكنّهُ لن يُكاثِرَ الأُمَمَ بالعُصاةِ، ولن يُكاثِرَها بمن أحدَثُوا بعدَهُ ما لا يُرضي اللهَ ولا يُرضيهِ.
وما كانَ من صوابٍ فمنَ اللهِ وما كانَ من خطإٍ فمن نفسِي والشّيطان،
وأعوذُ باللهِ من أن أُذكِّرَ بهِ وأنساه.