الضوابط الشرعية للأسواق المالية
=====================
يقول الدكتور أشرف محمد دوابة أستاذ التمويل والاقتصاد المساعد بجامعة الشارقة في بحثه " الضوابط الشرعية للأسواق المالية ": أن الإسلام وضع للأسواق المالية من الموازين ، ما يحقق لها الاستقرار والنماء من خلال ضوابط شرعية تتمثل فيما يلي :-

1-حرية المنافسة:
===========
وتظهر هذه الحرية في أسواق المال من خلال التقاء قوى العرض والطلب ، لتحديد أسعار الأوراق المالية المتداولة بها ، والتنافس المشروع بين المتعاملين في سوق المال ، فالأصل في الإسلام عدم التدخل بفرض سعر معين للسلع المتداولة في الأسواق ، حيث أن التعامل في شريعة الإسلام مبناه علي الحرية ، وصحة ما يتراضي عليه المتعاقدان ، وفي هذا منع للضرر الذي يعوق حركة التعامل في الأسواق ، فضلا عن الضرر الذي يتعرض له أصحاب السلع والمنتجات ، قال تعالى : ( ... لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم .....) سورة النساء /29 .

2-الإفصاح:
======
فنظرا لاتساع نطاق الشركات وانفصال ملكيتها عن إدراتها ، أصبح الإفصاح الدوري عن مركزها المالي ، ضرورة من ضرورات العصر في العلاقات المالية ، ومن وسائل الإفصاح : نشر القوائم المالية للشركة وإرسالها للمساهمين ، والرقابة الخارجية عليها من خلال مكاتب المحاسبة ، وبيان حجم المبيعات والطلب الكلي ، ودراسة توقعات السوق ، ومشاكل التسويق ، وكذلك بيان هياكل الإدارة وصلاحيتها ، وأساليب اتخاذ القرار وملاءمة المشروع ، ونسب ربحيته أو خسارته إلى راس المال الحقيقي ، فضلا عن تحديد المسئولية والجزاء علي إخفاء أو تحريف المعلومات والبيانات ، الواجب الإفصاح عنها مع حماية أصحاب الأموال ، واسترداد حقوقهم عند ظهور التقصير أو التعدى ، وقد حرص الإسلام حرصا بالغا على الإفصاح بين المتعاقدين في الأسواق ، فعن النبيقال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما " .

3-تحريم القمار ( الميسر):
================
فالنشاط الرئيسى لسوق الأوراق المالية يتحول بفعل سلوك المقامرين ، علي ارتفاع أو هبوط الأسعار من الاستثمار الحقيقي ، إلى عمليات صورية يؤجل فيها كلا طرفي المعاوضة وهى الثمن والسلعة ، سعيا وراء انتهاز الفرص الناشئة عن تغيرات الأسعار ، فإن صحت توقعاتهم ربحوا وان لم تصح انتكسوا ، وبالتالي فقد قادت المقامرة إلى سلوكيات ضارة لكسب فروق الأسعار من خلال الإشاعات الكاذبة ، اعتمادا علي حساسية السوق تجاه هذه الإشاعات ، فمن أجل هذا جعل الإسلام المقامرة من حبائل الشيطان ومكايده للصد عن ذكر الله تعالى وإقامة الصلاة ، قال تعالي : ( يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتبوه لعلكم تفلحون ) سورة المائدة / 90 .

4-تحريم الربا:
========
فيظهر الربا واضحا في سوق القطع (العملات والمعادن النفيسة ) ، حين يعمد تجار الصرف إلى تأمين أنفسهم ضد خطر تقلبات سعر الصرف ، فهم يشترون العملة المطلوب تسليمها آجلا ، ويودعونها في المصرف إلى هذا الأجل نظير ربا ، كما يظهر الربا في سوق الأوراق المالية عن طريق الشراء في هذه السوق بالاقتراض من المصارف ، وعادة ما يكون القرض نسبة من قيمة الأوراق المالية ، وهو ما يسمى بالشراء الهامشي أو الحدى ، فإذا كان الهامش المطلوب للإقراض علي الأوراق المالية 70% ، فإن المصارف التي تمول شراء الأوراق المالية تقرض 30% من سعر الشراء ، والمشترى يدفع نقدا 70% من هذا السعر ، والمستثمر هنا يتوقع أن ترتفع سوق الأوراق المالية ، حتى يقوم ببيع الأوراق المالية التى اشتراها محققا من وراء ذلك ربحا ، وإذا لم تصدق توقعاته سيتحمل خسائر فادحه ، ولذلك حرم الله عز وجل الربا ، قال تعالى : ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين ) سورة البقرة /278 .

5-تحريم النجش
==========
ويقع النجش عند مواطأة البائع ممن يزايد علي السلعة غير قاصد الشراء ، لدفع الغير لشرائها بثمن مرتفع ، أو يدخل فيه من يخبر أنه اشترى السلعه بأكثر مما اشتراه ليضر غيره ، ويظهر النجش في سوق الأوراق المالية عن طريق الإشاعات الكاذبة ، والأوامر المتقابلة التي تهدف إلى إيجاد حركة مصطنعة في الطلب والعرض علي الأوراق المالية في السوق ، واستغلال الظواهر النفسية لجماهير المتعاملين في السوق ، الذين لا يتحركون بغريزة الخوف لا بدافع العقل ، والإسلام يرفض هذا الخداع ، فعن ابن عمررضى الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش " .

6-تحريم الاحتكار:
==========
فالاحتكار في سوق الأوراق المالية يظهر بما يسمى عمليات الإحراج ، والتى يسعى من خلالها المضاربون لجمع وحبس الصكوك ذات النوع الواحد في يد واحدة ، ثم التحكم في السوق ، واستغلال حاجه المتعاملين بالسوق تعاملا آجلا للوفاء بالتزامهم ، عن طريق فرض سعر معين عليهم بالنسبة لهذه الصكوك ، وقد حارب الإسلام الاحتكار وجعله محرما ، عن معمر بن عبد الله أن النبي قال : " لا يحتكر إلا خاطيء " .

7-تحريم الغرر:
=========
فالغرر يطلق علي البيوع التي تحتوى علي جهالة وخداع ، والتى لا يوثق بتسليمها وتؤدى للغبن ، وقد حرمه الإسلام ، فقد نهى النبي عن بيع الحصاة وبيع الغرر ، ويظهر الغرر في سوق الأوراق المالية في العمليات التى تتم في البورصة دون إحضار الأوراق المالية موضوع التعامل ، ويتم التعامل بغرض فروق الأسعار ، فلا البائع يسلم ما باعه ، ولا المشترى يسلم ما اشتراه ، كما أن الثمن في العقود الأصلية يؤجل إلى موعد التصفية ، ولا يدفع في مجلس العقد .

ومن خلال هذه الأمور السابقة نجد أن الله قد حمي بشريعته الأمة من أن تتردى في هوة المقامرة وتشقي بمعصيته ، فوضع لها حصونا تحميها وقلاعا تدرأ عنها ممثلة في أوامره ونواهيه