القوة لله جميعا... وللمشركين رأي آخر
مع الآية 165 من سورة البقرة:
قال تعالى:{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }
في تفسير ابن كثير رحمه الله: يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا، وما لهم في الدار الآخرة؛ حيث جعلوا له أنداداً، أي: أمثالاً ونظراء، يعبدونهم معه، ويحبونهم كحبه، وهو الله لا إله إلا هو، ولا ضد له، ولا ندّ له، ولا شريك معه. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود، قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك " وقوله: { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } ولحبهم لله وتمام معرفتهم به، وتوقيرهم وتوحيدهم له، لا يشركون به شيئاً، بل يعبدونه وحده، ويتوكلون عليه، ويلجأون في جميع أمورهم إليه. ثم توعد تعالى المشركين به، الظالمين لأنفسهم بذلك، فقال: { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } قال بعضهم: تقدير الكلام، لو عاينوا العذاب، لعلموا حينئذ أن القوة لله جميعاً، أي: إن الحكم له وحده لا شريك له، وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } كما قال: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [الفجر: 25 ـ 26] يقول: لو يعلمون ما يعاينونه هنالك، وما يحل بهم من الأمر الفظيع المنكر الهائل على شركهم وكفرهم، لانتهوا عما هم فيه من الضلال. ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم، وتبري المتبوعين من التابعين، فقال: { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا، فيقول الملائكة: { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ }
[القصص: 63] ويقولون: { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ: 41]، والجن أيضاً تتبرأ منهم، ويتنصلون من عبادتهم لهم، كما قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } [الأحقاف: 5 ـ 6] وقال تعالى: { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 81 ـ 82] وقال الخليل لقومه: { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [العنكبوت: 25] وقال تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوا ْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا ْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا ْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤ ْ أَنَحْنُ صَدَدنَـٰكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوا ْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا ْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأًغْلَـٰلَ فِىۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [سبأ: 31 ـ 34] وقال تعالى: { وَقَالَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
[إبراهيم: 22]
وقوله: { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } أي: عاينوا عذاب الله، وتقطعت بهم الحيل وأسباب الخلاص، ولم يجدوا عن النار معدلاً ولا مصرفاً. قال عطاء عن ابن عباس: { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } قال: المودة، وكذا قال مجاهد في رواية ابن أبي نجيح، وقوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } أي: لو أن لنا عودة إلى الدار الدنيا حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم، فلا نلتفت إليهم، بل نوحد الله وحده بالعبادة، وهم كاذبون في هذا، بل لو ردوا، لعادوا لما نهوا عنه، وإنهم لكاذبون كما أخبر الله تعالى عنهم بذلك، ولهذا قال: { كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَـٰلَهُمْ حَسَرَٰتٍ عَلَيْهِمْ } أي: تذهب وتضمحل؛ كما قال تعالى: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [الفرقان: 23] وقال تعالى: { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [إبراهيم: 18] الآية، وقال تعالى: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }
[النور: 39] الآية، ولهذا قال تعالى: { وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }.

مع الآيات 56-58 من سورة الذاريات:
قال تعالى:{ كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } * { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِين َ } * { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } * { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } * { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } * { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }
في تفسير ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مسلياً لنبيه صلى الله عليه وسلم وكما قال لك هؤلاء المشركون، قال المكذبون الأولون لرسلهم: { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } قال الله عز وجل: { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } أي: أوصى بعضهم بعضاً بهذه المقالة { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَـٰغُونَ } أي: لكن هم قوم طغاة، تشابهت قلوبهم، فقال متأخرهم كما قال متقدمهم. قال الله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي: فأعرض عنهم يا محمد { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } يعني: فما نلومك على ذلك، { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِين َ } أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة، ثم قال جل جلاله: { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً. وهذا اختيار ابن جرير، وقال ابن جريج: إلا ليعرفون، وقال الربيع بن أنس: { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي: إلا للعبادة، وقال السدي: من العبادة ما ينفع، ومنها ما لا ينفع { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ }
[لقمان: 25] هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك، وقال الضحاك: المراد بذلك المؤمنون.
وقوله تعالى: { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم وأبو سعيد قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لأنا الرزاق ذو القوة المتين " ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث إسرائيل، وقال الترمذي: حسن صحيح. ومعنى الآية: أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه، جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم. فهو خالقهم ورازقهم. قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا عمران ــــ يعني: ابن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد ــــ هو الوالبي ــــ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله تعالى: يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلاً، ولم أسد فقرك " ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زائدة، وقال الترمذي: حسن غريب.
وقد روى الإمام أحمد عن وكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن سلام بن شرحبيل: سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملاً، أو يبني بناء، قال أبو معاوية: يصلح شيئاً، فأعناه عليه، فلما فرغ، دعا لنا وقال: " لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما؛ فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة، ثم يعطيه الله ويرزقه " وقد ورد في بعض الكتب الإلهية: يقول الله تعالى: ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب، فاطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء. وقوله تعالى: { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً } أي: نصيباً من العذاب { مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَـٰبِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } أي: فلا يستعجلون ذلك، فإنه واقع لا محالة { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } يعني: يوم القيامة.

والمتصوفة ومنهم التجانيون يعتقدون غير ذلك
أنقل لكم كلام شيخهم بالحرف كما ورد على لسانه في كتاب جواهر المعاني، يقول صاحب الكتاب وخليفة الشيخ علي حرازم بن العربي برادة:
« ثمّ قال رضي الله عنه : إعلم أنّ الأولياء الصادقين كلّ واحد منهم في قوّته قوّة مائة رجل ، والعارفون بالله أهل عالم الملك كلّ واحد منهم في قوّته قوّة ثلاثمائة رجل ، وأهل عالم الملكوت لكلّ واحد منهم قوّة خمسمائة رجل ، وأهل عالم الجبروت لكلّ واحد منهم قوّة سبعمائة رجل ، وقوّة كلّ واحد منهم ، أيّ من أهل عالم الأمر ، قوّة ألف رجل ، وقوّة قطب الأقطاب ألف وخمسمائة رجل ، وقوّة الأفراد الأربعة سبعمائة رجل ، وقوّة مفاتيح الكنوز قوّة كلّ واحد منهم قوّة ألفي رجل . إنتهى. (ويسترسل علي حرازم شارحا) ومعنى عالم الملك والملكوت والجبروت وعالما الأمر . أمّا عالم الملك هو من السماء إلى الأرض ، وعالم الملكوت هو من السماء الأولى إلى السماء السابعة ، وعالم الجبروت هو من السماء السابعة إلى الكرسيّ ، وعالم الأمر هو من الكرسيّ إلى العرش إلى ما وراءه ، فمعنى الملك هو عالم الناسوت ، وهي شدّة الكثافة ، وهو التجلّي بالأجسام الكثيفة ، والملكوت عالم الأنوار ، وهو التجلّي بصور الأجسام اللطيفة ، والجبروت عالم الأسرار ، وهو التجلّي بصور الأجسام القدسيّة من الكروبيين ومن ضاهاهم ، وعالم الأمر هو التجلّي بصور الروحانيّة القدسيّة المنزّهة عن المادّة والطبيعة . فكلّ عالم تجلّى فيه بنسبة من نسب الحضرة الإلهيّة . انتهى ما أملاه علينا رضي الله عنه وأدام علاه ، أمين . ». (نقلا عن كتاب جواهر المعاني – الجزء الثاني، الباب الخامس، الفصل الثالث، الصفحة الرابعة: في إشاراته العلويّة وحلّ مشكلاتها بعبارات وهبيّة.)
كبرت كلمة تخرج من أفواههم. وتنزه الله عن الشركاء والأنداد وقوتهم المزعومة... وتعالى رب العزة عما يصفون. فهو سبحانه وتعالى ليس في حاجة لمن يعينه في إدارة الوجود... ولم يخلق الخلق إلا ليعبدوه حق العبادة... والواضح أن الصوفية والتجانيين ضلوا الطريق وجعلوا لله، جل وعلا، الشركاء بمختلف المسميات، واتبعوا ما تمليه عليهم الشياطين من زخرف القول. ونقول لهم: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين...