يقول الشيخ العلامة المحقق بكر بن عبد الله أبوزيد في كتابه الماتع تصحيح الدّعاء ما نصّه ":

وليعلم أنّ هذه هيئة داخلت الذكر والدعاء في عامة مواطن الذّكر والدعاء في العبادات

المطلقة , والمقيدة , والأوراد الرّاتبة , وفي أعقاب الصلوات المكتوبات , وفي شعائره كالتّلبية , وفي أعقاب الصلوات المكتوبات , وفي مشاعر الحج وشعائره كالتلبية , وفي التكبير أيّام العيدين , وغير ذلك ... وليعلم هنا أن قاعدة هذه الهيئة التي يرد إليها حكمها هي : أنّ الذكر الجماعي بصوت واحدٍ سراً , أو جهراً , لتريد ذكر معيّن وارد , أو غير وارد , سواء كان من الكل , أو يتلقونه من أحدهم , مع رفع الأيدي , أو بلا رفع لها , كل هذا وصف يحتاج إلى أصل شرعي يدل عليه من كتاب أو سنّة , لانه داخل في عبادة , والعبادات مبناها على التوقيف والاتّباع لا على الإحداث والاختراع , ولهذا نظرنا في الأدلة لذلك من الكتاب والسنّة فلم نجد دليلاً يدلّ على هذه الهيئة المضافة , فتحقّق أنه لا أصل لها في الشّرع المطهر , وما لا أصل له في الشرع فهو بدعة , إذاً فيكون الذكر والدعاء الجماعي بدعة , يجب على كل مسلم مُقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم تركها والحذر منها , وان يلتزم بالمشروع . " انتهى كلامه حفظه الله

ولا يصحّ أن يحمل المسلم المتسنّن الخوف من الدخول في التكبير الجماعي على ترك التكبير جهراً رأساً كما عليه بعض إخواننا , فإنّ السنّة بين الغالي والجافي , والتكبير الجماعي الذي يحصل عرضاً أو متابعة للإمام لا حرج فيه إن شاء الله , بل ظاهر بعض الآثار حصول ذلك قصداً , وكون الشيئ غير مشروع في وقت لا يعني أنّه لا يشرع في غيره , وإلاّ فإنّ التّلاقي في الصّوت الواحد إذا جهر بالتّكبير قد لا يمكن تلاقيه , وقد علّق البخاري في صحيحه بصيغة الجزم قائلاً :" وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبّته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون , ويكبر أهل السّوق , حتى ترتجّ منى تكبيراً , وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام , وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه , ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً , وكانت ميمونة تُكبر يوم النّحر , وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التّشريق مع الرّجال في المسجد " انتهى .
والخلاف واسع فيمن يشرع له هذا التكبير جهراً , هل يشمل الرجال والنساء , أو يختص بالرجال ?,
وهل يختص بأدبار الصلوات أو يعم ? , ومما جرى فيه الخلاف بداية هذا التكبير ونهايته , وظاهر تصرف البخاري عمومه .
والله أعلم