تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الصراع مع اليهود

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي الصراع مع اليهود





    الصراع مع اليهود (1) الصهيونية وأثرها في العلاقة مع الغرب



    الحاخام «يسرائيل ديفيد فايس» يعارض قيام «دولة إسرائيل» والفكر الصهيوني و«إسرائيل» إرهابية وينبغى محاكمة قادتها أمام محكمة جرائم الحرب الدولية

    وايس: أن مصير إسرائيل إلى زوال، وأن «من يعمل ضد التوراة فلن ينجح» مستشهدا بتفكك الاتحاد السوفياتي وزوال النظام العنصري من جنوب أفريقيا
    الحديث عن موضوع كهذا فيه صعوبة بالغة؛ لأننا نتحدث عن غرب كافر ليس له مبادئ وقيم وأخلاق يحترمها، حتى عقيدته وكتابه المقدس الذي يدين به مقدسا مصونا، كل ما جاء فيه متغير وقابل للَّيِ أو الإلغاء أو التحريف، وهذا العبث الذي مارسوه سابقا وما زالوا يمارسونه في أُسِّ عقيدتهم، جعل الباحث والراصد لمستقبل الغرب في عجز عن تنبؤ مستقبلهم، بيد أن المعطيات والأدوات التي يمكن للمراقب ألا يغفل عنها هي سنن الله الشرعية والكونية في أقوام مثل هؤلاء.
    وينبغي إعمال الفكر واستشراف المستقبل في نقاط لا يمكن أن نثقلها بالاستدلالات ونصوص منقولة من هنا وهناك من غير أن نقدم حلولا واقعية تتناسب وحال الأمة وحجمها وقدراتها.
    لقد وضعت نصب عينيّ ألا أحمِّل المبحث ما لا يحتمل باستدلالات حديثية من أقوال النبي[، متعلقة بأحداث محلها آخر الزمان؛ لأن في ذلك إفلاسا وتخبطا فكريا وعبثا بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وإنزالها في غير منزلتها.
    لكنه كان لزاما عليَّ أن أتطرق إلى تصريحات قادة دينيين وسياسيين غربيين عن حماستهم تجاه اليهودية، لكنني على يقين أنني أتحدث عن ماض ينبغي أن نستفيد منه دون أن يأسرنا، ومرحلة مات رجالها، ويجب الحديث عن مرحلة مقبلة نعيش إرهاصاتها، وأعني من ذلك أن القطبية الواحدة في قيادة العالم التي تفردت بها الولايات المتحدة الأمريكية والذيل الأوروبي لها، هي إلى زوال وسيحل مكانها أو ينافسها على الأقل دول مرشحة أن تتبوأ مكانة جديدة على عرش العالم، كروسيا مثلا التي تنامت قوتها الاقتصادية والصين التي تعاظمت مكانتها الاقتصادية وعلى غرارها العسكرية بعد أن تفتقت آفاقها السياسية، ويدعم ذلك كله الكثافة الديموغرافية الصينية المتميزة عالميا والمسيطر عليها أمنيا.
    تجد في هذا المبحث الماضي الصهيوني كيف حدث، والحاضر كيف أصبح، والمستقبل كيف يكون، والله تعالى أعلى وأعلم.
    المبحث الأول: اليهود أنواعهم وتقسيماتهم والمعنيون في صراعنا معهم.
    لليهود تقسيمات بناء على وجودهم الجغرافي: الإشكناز وهم يهود أوروبا، والسفارديم وهم الذين هاجروا إلى شبه الجزيرة الأيبيرية وتحدثوا العربية في عهود الدولة الأندلسية ثم تحدثوا الإسبانية واعتزوا بها كما أنهم كانوا يتعالون على اليهود الإشكناز ولا يتزوجون منهم بحكم ثقافتهم الحضارية التي اكتسبوها من العرب في الأندلس، وأخيرا اليهود الشرقيون وهم الذين غادروا فلسطين بعد السبي البابلي وتفرقوا في إيران والعراق وشمال أفريقيا.
    وهم في جملتهم تجاه الدول الإسلامية، نوعان:
    - النوع الأول: يهود ذميون لم يهاجروا إلى فلسطين ولم يدعوا أو يدعموا فكرة الهجرة إليها، أو يعلنوا الحرب على أهلها ولا على أي دولة إسلامية، وارتضوا العيش بيننا وتحت حكمنا، وهؤلاء ليسوا المعنيين في هذا المبحث.
    - النوع الثاني: محاربون، أعلنوا الحرب على الإسلام وأهله وحملوا السلاح وأوجبوا الهجرة إلى فلسطين وانتزعوا الأرض من أهلها الأصليين وفرضوا دينهم ومبادئهم كقوانين سيادية على شعبها الأصليين من المسلمين الفلسطينيين، وهذا النوع من اليهود اصطلح عليه المختصون باسم «الصهاينة» ليفرقوا بينه وبين الصنف الأول.
    واصطلحوا على تعريف الصهيونية: بأنها «الاعتقاد بضرورة تكوين مجتمع يهودي يحكم نفسه بنفسه في فلسطين، ويحقق أمل اليهود بالعودة إلى الأرض المقدسة» وبتفسير آخر: «حركة سياسية تستمد أصولها من الفكر الصهيوني النابع من عقائد التوراة وشرائع التلمود، كما تستمد حيويتها من ارتباط الفكر اليهودي بعقائد دينية وعنصرية ثابتة في أذهانهم»، ونظرا لأهمية التمييز بين الفريقين فإن صراعنا ينبغي أن يوجه إلى هذا الفريق وهذا النوع من اليهود الذي أعلن الحرب على المسلمين واحتل فلسطين.
    المطلب الأول: يهود يرفضون الفكرة الصهيونية في تأسيس دولة قومية يهودية إثنية.
    وهم على قسمين:
    - الأول: هو من يعيش لذاته وشهواته ولا تعنيه يهودية ولا صهيونية وليس له بها سوى الانتساب الاسمي فقط ولا يبحثون عن بديل للأوطان التي يعيشون فيها.
    - الثاني: من يعتقدون ديانة رفض فكرة الدولة اليهودية، وتقوم فلسفتهم على أساس انتظار المخلص «الماشيح» دون عمل لتأسيس كيان سياسي، وهم يعارضون الصهيونية وما أتت به من أفكار دخيلة على اليهودية ويعدونها من البدع، كما أنهم فِرَقٌ متعددة وأهمها الطائفة «الأرثوذوكسية» ومن يطلق عليهم «الحريديم» و«الربانيون» و«حركة ناطوري كارتا» و«الإصلاحيون» و«السامرة» في فلسطين، وغيرهم من جماعات يهودية متعددة وفي مواطن مختلفة.
    وتتلخص عقيدة هؤلاء تجاه الهجرة إلى فلسطين، في التالي:
    - يجب عدم الإلحاح في الصلاة لقدوم المسيح المخلص؛ تجنبا لمجيئه قبل الموعد المحدد.
    - عدم جواز الهجرة الجماعية إلى فلسطين.
    - يحظر التمرد على غير اليهود.
    نعم يرى كثير من اليهود أن دولة إسرائيل بدعة في الديانة اليهودية، فقد صدر عن مؤتمر بتسبرج قرارات سميت باسم «المؤتمر» (16- 18 نوفمبر عام 1885). الذي حضره 18 حاخاماً إصلاحياً، وهو المؤتمر الذي أصدر قرارات صريحة ترفض فكرة عودة اليهود إلى فلسطين واستعادة العبادة القربانية.
    ويؤكد الحاخام «يسرائيل ديفيد فايس» أحد أشهر الحاخامات اليهود المعادين للصهيونية، والناطق الرسمي باسم منظمة «ناطوري كارتا»، أنه يعارض قيام «دولة إسرائيل» والفكر الصهيوني وأن «إسرائيل» إرهابية وينبغى محاكمة قادتها أمام محكمة جرائم الحرب الدولية، ولن يكون هناك سلام أو استقرار في العالم إلا بإزالة «إسرائيل».
    كما أصدر اللوبي اليهودي الجديد في أوروبا الذي يطلق على نفسه اسم «جي كول» بيانًا بمناسبة مرور 62 عامًا على النكبة بعنوان «نداء إلى العقل»، وقع عليه قرابة الخمسة آلاف يهودي أوروبي على رأسهم شخصيات مرموقة، رفضوا فيه تحدث «إسرائيل» باسم يهود العالم، وطالبوهم بوقف الاستيطان واحترام حقوق الإنسان وإنهاء احتلالها غير الشرعي، وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
    وفي مقابلة تلفزيونية أجراها Neil Cavuto من محطة فوكس الإخبارية الأمريكية الشهيرة مع رجل الدين اليهودى الأرثوذكسى «الراب» Yisroel Weiss ووصفتها القناة بأنها مهمة للغاية، قال: هذه وجهة نظر متفق عليها عبر المائة سنة الماضية، أي منذ أن قامت الحركة الصهيونية بخلق مفهوم أو فكرة تحويل اليهودية من ديانة روحية إلى شيء مادي ذي هدف قومي للحصول على قطعة أرض، وجميع المراجع قالت: إن هذا الأمر يتناقض مع ما تدعو إليه الديانة اليهودية وهو أمر محرم قطعا في التوراة لأننا منفيون بأمر من الله.
    وكتب الحاخام هيرش عام 1837م، يقول: إن الله أمر اليهود «بألا يقوموا أبداً بإنشاء دولتهم بأنفسهم ومن خلال جهودهم»، وفي العام نفسه الذي حظر فيه الهجرة وقع زلزال في مدينة صفد وقتل فيه الغالبية العظمى من اليهود المهاجرين، وقد أرجع الحاخام موشيه البولندي ذلك إلى عدم رضا الرب عن الهجرة الزائدة إلى فلسطين.
    وقد أفاد الحاخام ديفيد شلومو فيلدمان من بريطانيا والوفد المرافق له من حاخامات حركة «يهود ضد الصهيونية» في لقائهم بالشيخ يوسف القرضاوي في قطر، بأن مشكلات الصراع في المنطقة ستختفي بين يوم وليلة إذا زالت إسرائيل، ودعا الوفد اليهودي إلى ضرورة زوال إسرائيل، مؤكدا أن قيام تلك الدولة التي تصف نفسها باليهودية مخالفة صريحة للتوراة.
    أما الحاخام دوفيد يتسرائيل وايس من الولايات المتحدة والمتحدث باسم الحركة، فقال: إن الصهيونية حركة ظالمة ومعتدية وتقلل من قيمة الحياة اليهودية، وإن هرتزل لم يكن متدينا وأراد نقل الحركة من الدين إلى القومية واستغل جهل اليهود وأقنعهم بأن السبيل الوحيد للتخلص من منفاهم هو انتهاك التوراة، وقال: إن الآلاف من اليهود داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب مئات الآلاف من اليهود حول العالم ضد الفكرة الصهيونية.
    وأضاف: حين وصل الصهاينة إلى فلسطين كان اليهود يعيشون مع جيرانهم العرب وأسسوا مجلس حاخامات لمحاربة الحركة الصهيونية، وفي عام 1947 أرسل كبير الحاخامات دوشنكي إلى الأمم المتحدة قائلا: «لا نريد دولة صهيونية» معتبرا أن الأوفياء للتوراة لا يريدون دولة.
    ويؤكد وايس أن مصير إسرائيل إلى زوال، وأن: «من يعمل ضد التوراة فلن ينجح» مستشهدا بتفكك الاتحاد السوفياتي وزوال النظام العنصري من جنوب أفريقيا.
    المطلب الثاني: يهود يؤيدون فكرة الدولة القومية اليهودية في فلسطين ويدعمونها لكن من غير الهجرة إليها.
    ولهؤلاء مسوغات منها استئناسهم بما هم فيه من مقام في دول اعتادوا عليها ورسموا مستقبلهم واكتفوا بالدعم والتأييد، لكنهم مع فكرة الدولة اليهودية ويقدمون لها الدعم والمساندة والنصرة.
    يهود بريطانيا أنموذجا:
    فقد أظهرت دراسة مسحية أجراها معهد أبحاث السياسات اليهودية على أربعة آلاف شخص من يهود بريطانيا، أن اليهود البريطانيين يتعاطفون بقوة مع إسرائيل، ويؤيدون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وحسب هذه الدراسة فإن 95% قالوا إنهم زاروا إسرائيل (مقابل 87% بدراسة 1995)، وإن 90% يرون في إسرائيل «أرض الأجداد» للشعب اليهودي. ويشعر 86% بأن على اليهود مسؤولية خاصة لبقاء هذا الشعب، ويصنف 72% أنفسهم بأنهم صهاينة، علماً بأن يهود بريطانيا أكثر تعلقاً بـ«الدولة العبرية» منهم في أمريكا، ونقلت صحيفة «ذي جويش كرونيكل أونلاين» البريطانية عن البروفيسور في السياسة الاجتماعية اليهودية في نيويورك ستيفن كوهين قوله: «إن اليهودية البريطانية أكثر ارتباطاً بـ«إسرائيل» من اليهودية الأمريكية».
    المطلب الثالث: يهود صهاينة يؤيدون ويدعمون فكرة دولة قومية يهودية إثنية على أرض فلسطين وأوجبوا على أنفسهم وغيرهم الهجرة إليها.
    وتعتقد هذه الفرق وجوب الهجرة إلى فلسطين – قسرا – وتجميع اليهود بها وإقامة دولة يهودية تعجيلا بقدوم المخلص من نسل داود، وهي الفئة المعنية مباشرة بحربها معنا، وهي الأكثر خطرا وهي التي أسست الكيان اليهودي في فلسطين، ومن أبرز هذه الطوائف اليهودية التي كرست كل إمكانياتها المادية والبشرية في دفع اليهود للهجرة إلى فلسطين، وهي من وصفت بالصهيونية وتعددت أشكالها ومنظماتها والمنظرون لها، ومن أهمها حركة «الحسيديم»، وأما على صعيد المؤسسات والمنظمات والحركات الصهيونية العاملة في هذا الاتجاه والتي هي في أساسها تبع لهذه الطوائف فهي أكثر من أن تعد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحزب الديني القومي الإسرائيلي «المفدال»، وحركة كاخ والهاجاناه وغيرهما من الكثير من الحركات الصهيونية.



    اعداد: جهاد العايش


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: الصراع مع اليهود


    الصراع مع اليهود (2) عقائد الغرب وعلاقة كل منهم باليهودية



    صحيح أن العالم ليس كله صهيونيا لكن الدعاية الصهيونية المؤثرة والمتحرك والمناور على الساحة العالمية والذي يفوز بالمعركة الإعلامية والنفسية هو صهيوني
    لقد أدركت الصين أن ازدواجية علاقاتها العربية الصهيونية لن تؤثر أبدا في عقودها الاقتصادية
    أو علاقاتها الدبلوماسية

    إن الغرب الذي نقصده، هم من يدين بالنصرانية عقيدة وفئات من يدور في فلك الصهيونية حيث دارت، وفرقها الأساسية هي:
    1- الكاثوليك: وهم من يتعاملون مع نصوص الإنجيل الخاصة باليهود بتفسيرات لاهوتية وليست حرفية؛ لهذا لم يكونوا يقبلون فكرة الدولة اليهودية ولا عودة اليهود إلى الأرض المقدسة (فلسطين) أو يقبلون بالتصالح مع اليهود؛ لأنهم يعتقدون بكفر اليهود قولا واحدا.
    2- الأرثوذكس: هو مصطلح مسيحي يعني «الاعتقاد الصحيح» ويشار إلى الأرثوذكسية بالمفهوم اليهودي إلى «الأصولية اليهودية» وهي فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر ردة فعل على التيارات التنويرية الإصلاحية بين اليهود، وفي لقاء «شنودة الثالث» بالرئيس الأمريكي السابق «كارتر» سنة 1977م، صرح الأول «بأن الكتاب – العهد الجديد- ليس فيه آية واحة تقول بأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ولكن هناك نبوءة صدقت وتحققت بعودتهم من المنفى على يد «قورش» ، وانتهى الوعد وأصبح واقعة قديمة، لم يعد منها إلا الذكرى».
    3- البروتستانت: تأسست هذه الفرقة في ألمانيا في القرن الـ16م بقيادة «مارتن لوثر» كردة فعل على الكنيسة، ليفتح الباب على مصراعيه في التعامل مع نصوص الإنجيل لكل أحد وأنها ليست حكرا على القساوسة فقط، كما ابتدع فكرة عدم الاعتماد على العهد الجديد (الإنجيل) دون أن يكون معه العهد القديم (التوراة) بوصفها كتاباً مقدساً غير منفصل عن الأول.
    لقد سوّق هذا الأحمق عقيدة تآكلت وكادت أن تنحصر في أزقة «الجيتو» التي لا رحابة فيها وهي عقيدة اليهود وكتابهم المحرف، فمع اتساع نطاق دعوة «مارتن لوثر» وانتشارها السريع على رقعة واسعة وجمهور غفير من النصارى الذي تقبل هذه الدعوة بوصفها ردة فعل مرحب بها على كنيسة كانت سببا في جهالة جمهورها ردحا من الزمن وتخلفهم بين الشعوب، كانت هذه الدعوة هي «قبلة الحياة»، والنهضة الحقيقية التي أسعفت الجماعات اليهودية المنبوذة والمطاردة في الغرب تحديدا ومفرقة ليس لها آمال ولا ترقى أو ترتقي بين الأمم.
    لقد كانت البروتستانتية نكبة ومحنة على أهلها ومنحة مجانية لليهودية وأهلها أطلقت سراحهم إلى عالم رحب لا حدود له.
    لقد تحولت الحالة العدائية والكره بين اليهودية والنصرانية في الغرب إلى حالة حميمية بل تجاوزتها إلى حالة تبني للمشاريع التوراتية على أرض فلسطين.
    لقد أسهمت «البروتستانتية» في إنشاء فضاء رحب لليهودية وجماعاتها المختلفة فأخرجتها من ضيق أزقة «الجيتو» إلى رحابة ما حققته «البروتستانتية» من انقلاب نوعي وكيفي ديموغرافي وجغرافي على مستوى خريطة العالم الغربي الصليبي.
    لقد أسس «مارتن لوثر» عقيدة خادمة وبمعنى الكلمة لخدمة المشروع والأطماع الصهيونية التي لم يكن أتباعها يتصورون يوما ما أن تنهض بهم عقيدة وجماعة مسيحية تكون هي السبب الرئيس في إنعاش المشروع اليهودي المحتضر.
    ولقد تمثلت المبادئ والعقيدة التي قامت ونادت بها «البروتستانتية» ، في:
    1- أن اليهود شعب الله المختار.
    2- وأن الأرض المقدسة (فلسطين) ملك وميراث لليهود وهو ميثاق قطعه الرب على نفسه.
    3- وأن مسيح النصارى لن يعود آخر الزمان إلا بتحقيق ما سبق وبكل السبل بعد تمكين اليهود منها بكل ما أوتوا من قوة، ومهما كلف من ثمن، وأنّ الله توّعد من رفض خدمة اليهود فيها أو العودة إليها بالإبادة.
    والكثير من الهرطقات التي لا يتسع المجال لذكرها.
    ومع انتشار «البروستانتية» كما ونوعا في العالم الصليبي الغربي واختراقها لكثير من الجماعات الصليبية هناك، أعطى كل ذلك المشروع الصهيوني منطلقا في كلا الاتجاهات لتحقيق ما لم يكن في أحلامهم يوما، بل فتح شهيتهم إلى مزيد من أطماع وجدوها غنيمة باردة لا جهد فيها ولا جهاد.
    إن الغرب الذي نعنيه في هذه الدراسة هو تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بمجموع دوله، مع قناعتنا أن كلا منهما متفاوت في تمسكه ومدى علاقته بعقيدته، وأهم ما يميز كلا منهما، فقديما تبرأت أوروبا من الدين وحاربته وتبنت العلمانية مذهبا رسميا لبلادها، أما أمريكا فاستطاعت تسييسه لخدمة مصالحها والقائمين عليها.
    الغرب ليس لونا واحدا في التعامل مع الصهيونية، والعالم ليس صهيونيا
    لا يظن ظان أن الاتحاد الأوروبي تحديدا منسجم انسجاما كاملا فيما بينه، بل هو خليط من عقائد وأفكار صليبية مختلفة متناحرة ولغات وعادات وتقاليد متباينة وأولويات متضادة، وليست كلها متفقة في مسألة التدخل في الصراع اليهودي في فلسطين، إلا بقدر توافق عليه الجميع وهو محاربة الإسلام وألا يكون له شوكة والتخلص من العبء اليهودي في أوروبا.
    1- أن دول «الاتحاد الأوروبي» ليست متفقة على سياسة التدخل في شأن الصراع الصهيوني في فلسطين.
    2- كما أن أمريكا لا تسمح للأوروبيين بالتدخل المباشر بشأن الصراع في المشرق الإسلامي إلا من خلالهم أو بتوصية منهم.
    وقد يكون أعضاء الاتحاد الأوروبي متفقين على أداء دور سياسي أو حتى عسكري ما تجاه مشكلات المشرق الإسلامي، وتحديدا قضية فلسطين، لكنهم قد يكونون مختلفين على القدر المطلوب من التدخل ونوع التدخل وتوقيته.
    وأحيانا تكون توجهات الاتحاد الأوروبي مخالفة تماما لما يتمناه الصهاينة، ومن ذلك ما تقدمت به كل من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا عام 2006م، بمبادرة وخطة سلام تضمنت وقف إطلاق النار بين كلا الطرفين الفلسطيني والصهيوني، وعقد مؤتمر سلام دولي، وتشكيل حكومة وطنية فلسطينية معترف بها دوليا، وإرسال قوات سلام دولية، لكن رد الكيان الصهيوني كان بالرفض تماما لهذه المبادرة.
    ويطالعنا بين الحين والآخر الكثير من المؤسسات الغربية بأنواعها التي ترفض بصوت عال الممارسات التي يمارسها الكيان اليهودي ضد الشعب الفلسطيني، فقد أثارت حفيظة الكثير منهم ما قام به الكيان الصهيوني عام 2000م على أثر اقتحام شارون المسجد الأقصى وبرفقته 3000 جندي صهيوني من حرس الحدود مما تسبب في أحداث عرفت بانتفاضة الأقصى مما دفع نقابة الجامعات والمعاهد ببريطانيا «يو سي يو» كبرى نقابات التعليم العالي في بريطانيا، التي تضم في عضويتها أكثر من (120) ألف منتسب إلى تبني قرار مقاطعة الجامعات العبرية تضامنا مع الفلسطينيين، بل طالب القرار الاتحاد الأوروبي بالعمل على مقاطعة المؤسسات الأكاديمية العبرية ووقف الدعم المالي لها، وتلا ذلك الدعوة لمقاطعة المنتجات التي تصنع في المغتصبات اليهودية في الضفة الغربية، وعلت أصوات الكثير من المؤسسات المدنية في الغرب المطالبة باتخاذ قرارات وإجراءات بحق هذا الكيان الظالم، وترادف مع ذلك تراجع في تأثير اللوبي الصهيوني متمثلاً في المؤسسات بكل قطاعاتها.
    ولا يدفعنا هذا إلى إحسان الظن بالغرب فهم ليسوا أهلا لهذا، ولا يرغبون منا إلاّ أن نميل إلى ما مالوا إليه ونحيد عن صراط ربنا تبارك وتعالى، والله تعالى حذرنا فقال: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (القلم:9).
    فهو يتحرك وفق سياسة «الثابت والمتحرك» والثابت هو إستراتيجيات لا يحيد عنها تتمثل في اتفاقهم جميعا على حرب الاسلام ورفض تنامي أي قوة معنوية أو مادية له.
    صحيح أن العالم ليس كله صهيونيا لكن الدعاية الصهيونية المؤثرة والمتحرك والمناور على الساحة العالمية والذي يفوز بالمعركة الإعلامية والنفسية هو صهيوني، لكن أطماع الصهيونية وأنظارها تتجه نحوه بخطط مدروسة وخطوات محسوبة وبكل دهاء ومكر من غير اعتبار لأي مبدأ أو قيمة أو دين. واستطاع الصهاينة بمكر إقناع بل القيام بأكبر عملية غسيل دماغ في العالم قام بها اليهود عبر التاريخ كله.
    ومن ضحايا هذه الأكاذيب على حد زعمه وتعجب لما ينقله! الرئيس الأمريكي السابق «جيمي كارتر» من تفاصيل أول زيارة قام بها للكيان الصهيوني عام 1973 قبل أن يصبح رئيسا، وكيف أن هذه الزيارة قد كشفت له عن واقع جديد لم يكن يعرفه من قبل عن طبيعة الحياة في إسرائيل وتفاصيل معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج.
    لقد انطلت الأكاذيب على رئيس أكبر وأعظم دولة في التاريخ المعاصر وصاحب الخبرة السياسية وأكبر مؤسسة في العالم تشرف على الانتخابات الرئاسية في كثير من دول العالم وعلى راعي أكبر عملية سلام تاريخية بين العرب والصهاينة والحائز على جائزة نوبل للسلام، اعترف بأنه ضحية الكذب اليهودي!
    إنها دلالة واضحة على الجهد الذي يمارسه اليهود في تغييب الحقائق عن العالم، وفي المقابل نجد ضحايا الكذب اليهودي كما ونوعا، مقابل آلية عربية إسلامية ضحلة في أدائها ضحلة في رؤيتها، وهذا ما وصفته الباحثة البريطانية (روز ماري) - في كتابها: «من الاقتلاع إلى الثورة»: لقد أدى الافتقار إلى تاريخ عربي صحيح لعملية الاقتلاع التي لم تذكر إلا مجزأة سعياً بالجمهور العربي إلى البقاء على جهله بما حدث فعلا.
    حسبي ألا أقف عند هذا المثال فحسب، فرئيس أكبر دولة في العالم بل دعوني أضرب الصين أنموذجا مورس عليه التزوير اليهودي والصين تعد أكبر دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية، لكن عملية رصد الإعلام الصيني خلال تلك الفترة 1948-1950، تشير إلى أن الصين الشعبية عدت العرب معتدين على الكيان اليهودي خلال الفترة وأن «العدوان العربي على إسرائيل يتم بتحريض من بريطانيا» ، أي تزوير هذا؟! لتدرك الصين أن تطوير علاقاتها مع إسرائيل لن يكون له أية نتائج سلبية لعلاقاتها مع الدول العربية؛ نظرًا لتزايد الاعتراف العربي بشكل مباشر ومعلن أو غير مباشر بإسرائيل، واعتبارها أن فكرة مكاتب المقاطعة العربية ستكون من الماضي. وقد تبين أن هذه النظرة الصينية كانت صحيحة؛ إذ إن علاقات الصين مع الدول العربية تتطور بشكل متسارع من ناحية، كما أنها تتطور مع الكيان اليهودي من ناحية ثانية.
    لقد أدركت الصين أن ازدواجية علاقاتها العربية الصهيونية لن تؤثر أبدا في عقودها الاقتصادية أو علاقاتها الدبلوماسية؛ لأنه على ما يبدو لم تبد أي دولة عربية أو إسلامية امتعاضها للصين من علاقتها بالكيان اليهودي؛ لذا كانت الرغبة الصينية جامحة في مزيد من الانتشار العالمي وفي استثمار اللوبي اليهودي في الكونجرس الأميركي خصوصاً والنفوذ اليهودي في العالم عموماً؛ لتطوير العلاقات بين مؤسساتها التجارية والتكنولوجية ومراكز البحث العلمي مع نظيرتها اليهودية في الكيان اليهودي أو خارجه، ليتيح لها ذلك الوصول إلى التكنولوجيا الغربية من خلال المؤسسات التي يسهل على اللوبي الصهيوني الوصول لها عبر فروع هذه المؤسسات الغربية في الكيان اليهودي وخارجه، ولا يعني هذا أن الصين تدور في فلك السياسات الأمريكية أو الصهيونية، فكثيرا ما نددت بالاحتلال الأميركي للعراق، وكانت من الدول القليلة التي لم تنسجم سياساتها مع سياسة أميركا تجاه حكومة حماس في فلسطين، فأرسلت دعوة للدكتور محمود الزهار وزير خارجية حماس حينها لزيارة الصين، وكثيرا ما انتقدت الصين سياسة الولايات المتحدة في مشرقنا العربي.
    إن الكيانات الحذقة هي التي تبحث عن الجسم النابض والمساحات الواسعة من الحرية لنشاطها الاقتصادي والسياسي وتترقب الفرص ويتجاوز العقبات بكل مرونة حتى تحقق لكيانها الرفعة والسؤدد؛ لذا فرضت الصين على العالم طريقة التعامل معها على أن تكون مبنية على اساس ومفهوم الهيمنة لا على أساس الشراكة وتبادل المنافع.
    وهذا يدفعنا إلى اغتنام الفرص بجد لكسب أفراد ومؤسسات غربية أعلنت بل تصدت بكل ما تملك من قوة للدفاع عن شيء من حقوقنا في الميادين الغربية الإعلامية أو القانونية أو الإغاثية أو الصحية، بل بعضهم تصدى لليهود بأجسادهم وغيرها من ميادين شهدت بأدوار هؤلاء.
    ولعل من أكثر المنظمات صرامة في توجهاتها ضد اليهودي مع أن من يتبنون فكرته - وهو «مارتن لوثر» - كان سببا في انعاش اليهودية في التاريخ المعاصر وعلى مستوى العالم، منظمة: (The Christian Nationalist Crusade) وتعني (الصليبية المسيحية الوطنية) التي تأسست عام 1941م في الولايات المتحدة الأمريكية.
    ومن أهم مبادئها الموثقة في نظامها الأساس «الاحتفاظ بأمريكا أمة مسيحية»، وأخذت على عاتقها مقاومة مشروع يهودي خطير يهدف إلى: «تبديل التراث المسيحي بالتراث اليهودي»، ويسعى أتباع هذه المنظمة بكل السبل إلى إيقاظ الغفلة الأمريكية الشعبية والرسمية من الخطر اليهودي المحدق في بلادهم: أمريكا.
    ومن أهم إنجازات هذه الحركة التي وصلت إلينا، طباعة كتاب «نفاق اليهود» في لوس أنجلوس سنة 1948م، لمؤلفه «مارتن لوثر» مؤسس البروتستانتية، كما قامت تلك الحركة بطباعة عشرين مرسوماً بابوياً اتسمت بشدتها ضد اليهود!



    اعداد: جهاد العايش



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: الصراع مع اليهود




    الصراع مع اليهود (3) مسوغات الغرب في تبني الدولة الصهيونية



    يهود اليوم هم الحمير التي ركبها الصليبيون الجدد لغزو العالم العربي والإسلامي؛ عملا بالمثل الصيني القائل: «لا يهمني ما لون القط، المهم أنه يأكل الفئران»


    تمثلت أهداف الغرب من تأسيس الدولة اليهودية في هدفين أساسيين، لا ثالث لهما:

    الأول: التخلص من العبء اليهودي في العالم الغربي بعد أن فزع الغرب من سيل الهجرات اليهودية المتوالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا ووسطها فضلا عن «جيتو» هنا وهناك، فظهر ما اصطلح عليه الغرب بـ«الفائض البشري اليهودي» الذي كانت سببا في نظرهم في إشاعة كثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، التي تهدد أمن الدول المستضيفة.
    لقد كان يوما وما زال كثير من دول أوروبا تحت التأثير والسيطرة اليهودية، وذلك ما قاله نصاً (سيريب سبيردوفيتش) في كتابه: «أصبح العالم تحكمه عملياً الأسرة اليهودية السرية للروتشيلديين الذين أصبحوا يحكمون ألمانيا والنمسا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، وهم الآن يحكمون روسيا بالقناصل المؤيدين لهم، أي اليهود».
    أدرك الغرب أن اليهود نفايات بشرية سامة تسمم الفكر والأخلاق يجب التخلص منهم وفي وقت مبكر، بعد أن أدرك بعض الغرب بمكر شديد كيف لهم أن يتخلصوا من الفائض البشري اليهودي بما يخدم مصالحهم فيتحقق لهم الخلاص من اليهود ووبائهم بطريقة يسعد بها اليهود ويظنون أن بها خلاصهم.
    لقد قال كلمته (مارتن لوثر) في اليهود وبعد خلاصة تجربة مريرة معهم كلفته الكثير، قال: «لا نعلم السبب في حلول اليهود بيننا وأي شيطان قادهم إلينا، فنحن لم نأت بهم من بيت المقدس... وإذا هم اختاروا الرحيل عنا، فمستعدون أن نقدم إليهم حسن المعونة، حتى نتخلص منهم، فهم عبء ثقيل علينا في وطننا، بل هم أشبه بالوباء والطاعون وما رأينا منهم إلا النكبات».
    لقد ضاقت بهم روسيا وبولندا وغيرهما فأصبحتا من أكثر المناطق استيعابا لليهود مما حدا بهم إلى الانتشار في هجرات متتالية إلى دول أوروبية أخرى أدركت بعد برهة من الزمن أن الوافد الجديد إليهم ليس مما يطاق من البشر، وقبل فوات الأوان سعى الغرب إلى إعادة تصدير اليهود وما يحملون معهم من وباء وانحطاط في الأخلاق، إلى المشرق الإسلامي وتحديدا إلى فلسطين تلك الوجهة والقبلة التي توافق عليها كلا الطرفين، فبدأ قادة الصهيونية وبكل حماس الترانسفير الطوعي لقطعان اليهود الأغبياء دون أن يدركوا أبعاد هذا القرار الإستراتيجي الجريء والخطير، وترانسفير غير طوعي ليهود آخرين جاءوا مرغمين لا يعنينا كثيرا في هذا المقام طرق وكيفية إرغامهم، لكن دون ان يدرك اليهود مع ما فيهم من مكر ما حيك لهم من الغرب وقيادتهم الصهيونية التي كانت كل منطلقاتها مبنية على الحقد والكراهية وغاياتها التي بررت كل وسيلة.
    بدأ الحراك الغربي باتجاه فكرة التخلص من هذه الكتل البشرية بأسرع وقت وأقل التكاليف وبرضا الطرفين، ومما ينقل من جهود حول هذه المسألة، أنه خلال الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية اجتمع الرئيس (روزفلت) مع الملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية آنذاك، وقال روزفلت للعاهل السعودي: «إن هتلر والنازيين اضطهدوا اليهود، فاليهود يحتاجون إلى وطن، ولكن ماذا عن فلسطين»؟!
    فرد الملك عبد العزيز- رحمه الله - قائلا: «ليس الفلسطينيون هم الذين اضطهدوا اليهود، النازيون هم الذين فعلوا ذلك، إن من الخطأ معاقبة الفلسطينيين بسبب ما فعله النازيون، لا يمكن أن أوافق على سلخ وطن عن شعب لإعطائه لشعب آخر».
    - الثاني: وظيفية الشعب والدولة «الصهيويهودية» لخدمة أهداف الغرب الصليبي في المشرق الإسلامي.
    ليتحول هذا الفائض البشري غير المنسجم لينصهر في كيان سياسي على هيئة «دولة وظيفية» تحول دون بروز قوة عربية إسلامية تطل على الممرات المائية وتسيطر على خيرات المنطقة لتشكل تهديدا لأمن ومستقبل الدول الأوروبية، ولاسيما بعد الانقضاض على الدولة العثمانية لتكون تركة سهلة التوزيع والعبث بها على أيدي، (سايكس بيكو).
    وتقسيم العالم العربي إلى قسمين، وتطل على الممرات المائية الإستراتيجية فتحول دون ظهور قوة محلية تملأ الفراغ الذي سينجم عن تقسيم الدولة العثمانية التي قد تهدد المصالح الغربية، وهذا هو الحل الصهيوني للمسألة اليهودية.
    لقد كشف (السر بن غوريون) -أول رئيس لحكومة اليهود– عن مغزى تأسيس الحركة الصهيونية بقوله: إن الحركة الصهيونية كانت دعائم لإقامة البيت القومي، وإنه بعد إقامة الدولة، يجب فكها.
    نعم هو مقلب وورطة وأزمة تاريخية لن تنفك عن اليهود ما بقوا في فلسطين وفخ وقعوا به لن يخرجوا منه بسلام، ففلسطين المحاطة بعمقها التاريخي الإسلامي والعربي بالنسبة لليهود فخ امتدادهم الديموغرافي مع من حولهم من دول تحيط بهم أطلق عليها دول الطوق عرفت بأصالتها العربية وأصوليتها الإسلامية منذ فجر تاريخ البشرية والإسلام، ولقد أتى اليهود على أمة كانت في لحظة غفلة من أمرها، ولم يدركوا أن هذه الأمة ليس كل أمرها غفلة.
    لقد استطاع الغرب الأوروبي كعادته الاستفادة من النفايات وتحويلها إلى مواد يمكن إعادة استخدامها ويمكن الاستفادة منها، وهكذا كان الأمر لهم بالنسبة لليهود، فلقد نجحوا في تحويلهم من شعب ينبح عليهم إلى شعب ينبح لهم بعدما ألقوهم في فلسطين، ونسي اليهود بلحظة غباء منهم أنهم لن يستطيعوا أن يغيروا تاريخا ودينا متجذرين في منطقة من أهم المناطق الاسلامية العربية، فجعلوا من اليهود دولة وظيفية تسعى دائما ونيابة عنهم في تحقيق أهداف المستعمر الأوروبي.
    ويؤيد ذلك ما كتبه وزير بريطانيا السابق المستر (إيموي) في مذكراته: «نحن نرى، من وجهة النظر البريطانية الخاصة، أن إقامة شعب يهودي ناجح في فلسطين يدين بوجوده وفرصته في التطور للسياسة البريطانية، هو كسب ثمين لضمان الدفاع عن قناة السويس من الشمال ولأداء دور محطة الطرق الجوية القبلة مع الشرق».
    نعم، لقد نجحوا في جعل اليهود ودولتهم جماعة وظيفية أو بمفهوم عالم المقاولات والتجارة: مقاول في الباطن، يحقق للغرب أهدافه الاستعمارية ويكونون رأس حربة وفوهة مدفع يقاتلون ويحققون الأهداف القريبة والبعيدة نيابة عنهم، جاء في مجلة «بير سبكتيف» عدد أبريل /مايو1984م: «لقد أغرقنا إسرائيل بالمال والأسلحة، جعلنا من دولة الثلاثة ملايين تقريبا، ماردا عسكريا أكبر من أي من ألمانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وأقوى من 21 دولة عربية مجتمعة».
    باختصار.. يهود اليوم هم الحمير التي ركبها الصليبيون الجدد لغزو العالم العربي والإسلامي؛ عملا بالمثل الصيني القائل: «لا يهمني ما لون القط، المهم أنه يأكل الفئران».
    ولتحقيق أهداف وطموحات إستراتيجية وتكتيكية لجشع عالم غربي مادي لا تنتهي أطماعه عند حد، فالدولة الصهيونية بمثابة شرطي يعمل بالإنابة وبتوكيل من الباطن يحمل عصا غليظة يعاقب بها كل من حاد عن الصراط الصليبي المرسوم لدول المنطقة.
    وتمثلت الوظيفة المطلوبة من هذه الدولة الصهيونية اللقيطة، وخلال استقراء وتتبع ممارسات ساسة وسياسات الغرب تجاه مشرقنا العربي الإسلامي في التالي:
    - تفتيت وتمزيق النسيج واللحمة التي تتمتع بها المنطقة من رابطة عقدية وتاريخية وفكرية ولغوية وسياسية وعسكرية، فضلا عن عادات وتقاليد ومصير مشترك بين شعوب المنطقة العربية.
    - إبقاء المنطقة في حالة تأزيم دائم ومستمر؛ ليسهم ذلك في تعطيل وإجهاض كل أنواع التنمية الحضارية بأنواعها؛ لتبقى متخلفة عن ركب الحضارة، وعاجزة عن استغلال مواردها الكثيرة والمتنوعة، ولتبقى مواردنا مواد أولية منهوبة أو مبيعة بأبخس الأثمان؛ لتصبح أمتنا استهلاكية من الدرجة الأولى وعميلا نهما ودائما للصناعات الغربية.




    اعداد: جهاد العايش





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •