قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
في شرحه على حلية طالب العلم للعلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى :
عند قول الشيخ بكر : " التحلي بـ (المروءة)، وما يحمل إليها، من مكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية، والحمية في غير جاهلية. وعليه فتنكب (خوارم المروءة)، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب، والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب .
إفشاء السلام يعني نشره وإظهاره على من ؟
على كل أحد ؟
لا ليس على كل أحد من يستحق أن يسلم عليه على المسلم وإن كان عاصياً وإن كان زانياً وإن كان سارقاً وإن كان مرابياً وإن كان يشرب الخمر (فأي) مسلم ألقي عليه السلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث_أو قال : أخاه فوق ثلاث_ يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" أخرجه البخاري ومسلم
فإن فعل المؤمن منكراً ولا سيما أن كان منكراً عظيماً يخشى منه أن يتفتت المجتمع الإسلامي فحيئذ يكون هجره واجباً إن نفع الهجر وإنما أقول ذلك لئلا يرد علينا قصة كعب بن مالك رضي الله عنه.............
ثم قال بعد بضعة أسطر:
فالحاصل أن إفشاء السلام الأصل فيه ماذا ؟
الأصل فيه أنه عام لكل واحد من المسلمين إلا من جاهر بمعصية وكان من المصلحة أن بهجر فليهجر أما غير المسلمين فقد قال: النبي صلى الله عليه وسلم"لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام " أخرجه أحمد ومسلم والترمذي.
فيحرم علينا أن نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم فلا نبدأهم بالسلام وإن سلموا فردوا عليهم لقول الله تعالى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا } النساء 86.
فإذا قالوا: السلام عليكم تقول: عليكم السلام صراحة لان الآية ناطقة بذلك:( فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر أن نقول :وعليكم لأنهم يقولون السام عليكم كما جاء ذلك مصرحاً به في حديث عبد الله بن عمر قال :" إن اليهود _أو قال أهل الكتاب _يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا وعليكم" أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما .
هل يستثنى من ذلك شيء آخر؟
يعني طالب العلم لا يفشي السلام مع أخوانه وزملائه لأن الخواطر والقلوب سليمة والسلام محبة وبشاشة وتقبل وقبول فلا حاجة........
فيقول يغني ما في القلوب عن التعبير ما تقولون في هذا الاستثناء؟
لا ليس صحيحاً ولا يكفي هذا استثناء باطل الطلبة فيما بينهم أحق الناس بإفشاء السلام ويستثنى من ذلك أيضاص عند بعض الناس من خالفك في المنهج ووافقك في الهدف عند بعض الناس لا تسلم عليه ففي هذا الوقت زمراً ولا نقول أحزاباً زمر بعضهم ينتمي إلى جماعة دون الأخرى لكن ليت بعضهم سلم لبعض بل بالعكس هم_والعياذ بالله_ متناحرون بالألسن ولا أدري لو حصلوا أن يتناحروا بالسيوف أيفعلون أم لا ؟
الله أعلم !
لكن بالألسن يسب بعضهم بعضاً وينفر بعضهم من بعض ويمضي أوقاتاً كثيرة في مجالس عديدة للقدح في الطائفة الأخرى مع أن الهدف واحد كلهم يريدون الوصول إلى تحقيق العبادة وإلى الإقبال إلى الله عزوجل وربما يكون هناك من أهل البدع المصرحين بمخالفة السنة من لا يتكلمون عليهم وهذه محنة.....محنة لمسناها من بعض الزمر التي كل طائفة أو كل زمرة تنحاز إلى شيء معين أو على منهج معين فتجد بعضهم يضلل بعض وهذه محنة فمثل هذه الزمر يجب أن يسلم بعضهم على بعض ويجب أن ينصح بعضهم بعضاً وأن يبين كل واحد لأخيه ما هو مخطئ فيه حتى يصحح الخطأ وتتألف القلوب وأما أن تضرب القلوب بعضها ببعض_والعياذ بالله_من أجل اختلاف في المنهج مع اتحاد في الهدف فهذا غلط عظيم .
ينظر شرح الحلية : ( ص 39 ) .