قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
اذا كان الشخص او الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما بل اما ان يفعلوهما جميعا او يتركوهما جميعا لم يجز ان يؤمروا بمعروف ولا ان ينهوا عن منكر بل ينظر فإن كان المعروف اكثر امر به وان استلزم ما هو دونه من المنكر ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف اعظم منه بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم وزوال فعل الحسنات.
وان كان المنكر اغلب نهي عنه وان استلزم فوات ما هو دونه من المعروف ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه امرا بمنكر وسعيا في معصية الله ورسوله.
وان تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما فتارة يصلح الأمر وتارة يصلح النهي وتارة لا يصلح لا امر ولا نهي حيث كان المنكر والمعروف متلازمين وذلك في الامور المعينة الواقعة.
واما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقا وينهى عن المنكر مطلقا وفي الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها وينهى عن منكرها ويحمد محمودها ويذم مذمومها بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات معروف اكبر منه او حصول منكر فوقه ولا يتضمن النهي عن المنكر حصول ما هو انكر منه او فوات معروف ارجح منه واذا اشتبه الأمر استثبت المؤمن حتى يتبين له الحق فلا يقدم على الطاعة الا بعلم ونية واذا تركها كان عاصيا فترك الأمر الواجب معصية وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية وهذا باب واسع ولا حول ولا قوة الا بالله.
الاستقامة 2/217