استعمال القوة لإنكار المنكر :
له صورا كثيرة منها :
1- إنكار المنكر باليد ، وذلك ككسر آلات اللهو وطمس الصور المحرمة وإراقة الخمر ... إلخ.
2- التهديد ، كقول : لأبلغن عنك أو لأرفعن أمرك إلى السلطات لتردعك .. إلخ ، " وهذا تهديد باستعمال القوة ، ويعقبه بعد ذلك إيقاع الفعل ويمكن أن نقول إنه استعمال للقوة باللسان " . [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروأثرهما في تحقيق الأمن
3- ضرب أو قتل فاعل المنكر إن لم يندفع شره إلابهذا .
فالصورة الأولى موجهة إلى ذات المنكر والثانية والثالثة موجهة إلى صاحب المنكر .
حكم استعمال القوة لإنكار المنكر :
" استعمال القوة لإنكار المنكر بشروطه الشرعية ، ليس خاصا بأصحاب الولايات ، بل هو جائز لآحاد المسلمين ، لأنه داخل في النبي صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) فاستعمال القوة من التغيير باليد .
والخطاب في الحديث عام ، فيشمل كل قادرعليه ، سواء كان من أهل الحسبة المعينين أو المتطوعين ". [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في تحقيق الأمن
قال النووي رحمه الله :
قال العلماء : ولايختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين . قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين ; فإن غير الولاة في الصدر الأول ، والعصرالذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر ، مع تقرير المسلمين إياهم ، وترك توبيخهم على التشاغل بالأمربالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية . والله أعلم .[ شرح النووي على صحيح مسلم].
شروط استعمال القوة لإنكار المنكر :
" إذا كان الإنكار بالقوة مشروعا ، فإنه ليس على إطلاقه :
بل لابد من وضعه في موضعه الصحيح ، وضبطه بالضوابط الشرعية التي تحقق المصلحة ، تدرأ المفسدة ، وحتى لا يكون سلاحا في أيدي المتعجلين والجهلة المتهورين ، وذلك لا يتم إلا برعاية الشروط التالية :
1) ألا يمكن دفع المنكر بغير القوة ، فإن أمكن دفعه عن طريق المراتب السابقة ، لم يشرع له استعمال القوة ، إلا لمصلحة عارضة ، يقدرها العالم البصير العارف بمواطن الحِكَم ووجود المصالح ..... وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل. فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده) فقيل للرجل، بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به . قال : لا . والله! لا آخذه أبدا . وقد طرحه رسولالله صلى الله عليه وسلم .
فقد غيرالنبي صلى الله عليه وسلم هذا المنكر ، وكان يمكنه تغييره باللسان ، ولكنه فعل ذلك صلى الله عليه وسلم للمبالغة في الزجر عنه ، وبيان شدة حرمته ، وعظم إثمه .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فليس المراد منه أن يبدأ بالتغيير باليد مع إمكانية التغيير باللسان ، بل المراد به المنكر إذا لم يمكن تغييره إلا باليد ، وهو قادر على ذلك فيجب عليه أن يغيره بيده ."
قال القرطبي في تفسيره - الجامع لأحكام القرآن -:
فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعله ، وإن لم يمكنه إلا بالعقوبة أو بالقتل فليفعل، فإنزال بدون القتل لم يجز القتل .
قال الإمام الجصاص – أحكام القرآن - :
وفي هذه الأخبار دلالة على أنالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهما حالان : حال يمكن فيها تغيير المنكر وإزالته, ففرض على من أمكنه إزالة ذلك بيده أن يزيله وإزالته باليد تكون على وجوه : منها: أن لا يمكنه إزالته إلا بالسيف وأن يأتي على نفس فاعل المنكر فعليه أن يفعل ذلك، كمن رأى رجلا قصده أو قصد غيره بقتله أو بأخذ مال أو قصد الزنا بامرأة أو نحوذلك وعلم أنه لا ينتهي إن أنكره بالقول أو قاتله بما دون السلاح فعليه أن يقتله لقوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكرا فليغيره بيده " , فإذا لم يمكنه تغييره بيده إلا بقتل المقيم على هذا المنكر فعليه أن يقتله فرضا عليه ، وإن غلب في ظنه أنه إن أنكره بيده ودفعه عنه بغير سلاح انتهى عنه لم يجز له الإقدام على قتله , وإن غلب في ظنه أنه إن أنكره بالدفع بيده أو بالقول امتنع عليه , ولم يمكنه بعد ذلك دفعه عنه , ولم يمكنه إزالة هذا المنكر إلا بأن يقدم عليه بالقتل من غير إنذار منه له فعليه أن يقتله.
- يتبع إن شاء الله تعالى مع الشرط الثاني -