بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة: حكم السفر إلى البلاد الكافرة.
للعلم؛ الكلام هنا على السفر لا الإقامة في بلاد الكفار؛ على اختلاف الفقهاء في ما يحدد الإقامة.
السفر إلى البلاد الكافرة على أنواع:
أولاً: تنقسم البلاد الكافرة إلى أقسام:
منها ما يمكن للمسلم إظهار دينه, ومنها ما لا يمكنه إظهار دينه.
منها ما يخشى فيها الفتنة سواء كانت شبهه أو شهوة, ومنها ما لا يخشى فيه الفتنة.
ثانياً: أسباب السفر:
منها ما يكن لحاجة, ومنها ما يكون لغير حاجة.
ولا بد أن نبحث هنا مسألتين, لنخلص إلى الحكم:
الأولى: حكم إظهار الدين.
"إظهار الدين" قال الشيخ محمد كما في مجموع فتاوى ورسائل (3/ 26): أن لا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة، ومن يقيم الجمعة، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين.
وقال في مجموع فتاوى ورسائل (25/ 391): فإذا كان في بلد الكفر يصلِّي ويتصدق ويقيم الجماعة والجمعة ولا أحد يمنعه من ذلك، فهذا قادر على إظهار دينه.
أما حكمه: واجب , لأن الهجرة على من أسلم في بلاد الكفر إذا عجز عن إظهار دينه واستطاع الهجرة لقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) النساء:97 قال ابن كثير في تفسيره (ج1 ص541) على هذه الآية: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حراما بالإجماع اهـ.
إن أهل تلك البلاد إذا اسلموا ولم يستطيعوا أن يظهروا دينهم وجب عليهم الهجرة, فلا إن يحرم ذهب المسلم من بلده الإسلامي إلى تلك البلاد الكافرة من باب أولى.
الثانية: حكم خشية الفتنة.
حماية الدين من الشبهات والشهوات واجب, لأن الشريعة حافظت على المسلم وأوجبت سد الذرائع الموصلة للمحرم في مواطن كثيرة
نعود في الحكم على السفر إلى بلاد الكفار , فنقول:
يجوز السفر للبلاد الكافرة بشرط إظهار الدين وأمن الفتنة. والله أعلم
بقي مسألة: وهي أن المسافر لتلك البلاد الكافرة لغير حاجة وإن أظهر دينه وأمن الفتنة والزيغ؛ إلا أن ثمة إشكال: وهو رؤية مالا يجوز إما من تكشف النساء أو إظهار الرجال لعوراتهم ما هو شائع في تلك البلاد.
فهل تلك المنكرات يتغاضى عنهن لأنهم لم يقصدن لذاتهن؟ أم يكن سبباً للمنع؟