( الدرس الثاني عشر )
من يدخل في الأمر والنهي ومَن لا يدخل
هنا مسألة مَن المخاطب بهذه الأوامر والنواهي فإذا قال الله تعالى (وأقيموا الصلاة ) وقال ( ولا تقربوا الزنى ) فهنا من يخاطب بهذا الكلام هل كل إنسان كيفما كان أو هنالك فئة معينة هل التي يتوجه عليها الخطاب؟
الجواب: كل مسلم وكل مسلمة يشملهم الخطاب وطلب الفعل أو طلب الترك، ويستثنى من يلي:
1- المجنون، فهو غير مكلف أي هو غير داخل في أقيموا الصلاة ونحوها.
2- الصبي، فهو غير مكلف أيضا سواء أكان مميزا يفهم الكلام ويعقل أو كان غير مميز فلا يخاطب إلا إذا بلغ، ولكن هنالك أوامر تتوجه إلى ولي الصبي بأن يأمره بالصلاة لسبع ويضربه إذا بلغ عشر سنين ويأمره كذلك بالطهارة والصوم، وينهاه عن الزنا وشرب الخمر واللواط ونحوها، ولكن لا يجري عليه القلم ولا يحتسب عليه الإثم إلا إذا بلغ، والخطاب بالأصل توجه إلى وليه كي ينشئه نشأة صالحة.
3- الساهي أي الناسي فمن نسي الصلاة حتى خرج وقتها فإنه لا يأثم لأنه حال سهوه لم يكن مخاطبا فإذا انتبه وتذكر توجه الخطاب عليه ولزمه قضاء الصلاة بعد خروج وقتها، ومثل الناسي النائم.
أما الكافر فهل يتوجه عليه الخطاب ؟
الجواب: نعم فهو يؤمر بالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والوضوء ونحوها ولكنها لا تصح منه إلا إذا أسلم.
فإن قيل: ولكن الفقهاء يذكرون مِن شروط وجوب الصلاة والزكاة والصوم وغيرها الإسلام ويقولون إن الكافر لا تجب عليه الصلاة ونحوها فكيف تقولون إنه مخاطب بها؟
قلنا: لا تعارض لأن الكافر لا يطالب في الدنيا بالصلاة ونحوها وإذا فعلها في حال كفره فإنه لا تصح منه لأنه لم يأت بشرط صحتها وهو الإسلام، ولكنه في الآخرة يعاقب عليها أي يعاقب على الكفر وعدم الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ويعاقب أيضا على ترك الصلاة والزكاة والصوم وعلى شرب الخمر والزنا والربا وغيرها من التكاليف، فظهر أن لا يطالب بفعلها حال كفره، ولكنه يعاقب عليه في الآخرة.
الأمر بالشيء والنهي عن ضده
هنا قاعدتان مهمتان:
أولاهما: الأمر بشيء هو نهي عن جميع أضداده في المعنى.
كالأمر بفعل الصلاة بقوله تعالى ( أقيموا الصلاة ) يستلزم حرمة جميع الأضداد التي تنافي فعل الصلاة كالانشغال بالأكل والشرب واللعب والجماع ونحوها.
مثال آخر: الأمر بالثبات في لقاء العدو قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) يستلزم النهي عن ضده وهو الفرار من المعركة.
ثانيهما: النهي عن شيء أمر بواحد من أضداده في المعنى.
كالنهي عن فعل الزنا بقوله تعالى ( لا تقربوا الزنا ) يستلزم وجوب فعل أي ضد من أضداده كالزواج أو التسري بالإماء أو الصبر.
مثال آخر: النهي عن السرقة في قوله تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) يستلزم وجوب فعل أي ضد للسرقة كالعمل والكسب الشريف، أو التعفف، أو طلب الدَين ونحو ذلك.
ومن هنا قال العلماء: إن إيجاب الشيء يقتضي حرمة جميع الأضداد المنافية له، وإن تحريم الشيء يقتضي وجوب فعل أي ضد من أضداده.
( تعليقات على النص )
(والكفار مخاطبون بفروع الشرائع) أي الأحكام المتعلقة بأفعال المكلفين كالصلاة والصوم والطهارة ونحوها على الصحيح من أقوال أهل العلم، أما أحكام الاعتقاد وتسمى أصول الشرائع فهم مكلفون بها بالإجماع ولذا قال: ( وبما لا تصح إلا به وهو الإسلام) أي هم مخاطبون بالفروع وبالذي يصحح تلك الفروع وهو الإسلام فلو صلى الكافر حال كفره فلا عبرة بصلاته، ولما كان في المسألة خلاف استدل على ما ذكره ( لقوله تعالى: ما سلككم في سقر قالوا لم نكُ من المصلين ) هذا خطاب من المؤمنين للكفار يوم القيامة فيقولون لهم: ما أدخلكم سقر وهي أسفل طبقات النار وأشدها عذابا، فيقول الكفار: لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين أي لم نكن نزكي، وكنا نكذب بيوم الدين، فحاسبهم على الفروع وهي الصلاة والزكاة مثلما حاسبهم على الأصول كالتكذيب بيوم الدين.
ثم قال ( والأمر بالشيء نهي عن ضده ) من جهة المعنى والاستلزام لأن قم يستلزم أن لا تقعد أو تنام والأفضل أن يقول أضداده لأن الأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده.
( والنهي عن الشيء أمر بضده ) أي أمر بواحد من أضداده في المعنى لأن لا تقم يستلزم أن تبقى جالسا أو تنام.
( الأسئلة )
1- في ضوء ما تقدم مَن هم الذين لا يدخلون في الأمر والنهي ؟
2- ما معنى أن الأمر بالشيء نهي عن أضداده ؟
3- ما معنى أن النهي عن الشيء أمر بواحد مِن أضداده ؟