تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الملحوظات على كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة" للكاتبة لسعاد مبير

  1. #1

    افتراضي الملحوظات على كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة" للكاتبة لسعاد مبير

    الملحوظات على كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة" للكاتبة سعاد مبير
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
    فهذه بعض الملحوظات على كتاب من كتب العقيدة والذي يدرس في بعض البلاد الإسلامية - بلاد الشام -
    فالكتاب من حيث الجملة لا بأس به فهو سلس وسهل وله إجابيات كثيرة ففي أغلب المواضع يرجح مذهب السلف في الاعتقاد وخصوصا فيما يتعلق في باب الألوهية وفي مواضع أخرى وقع التخليط وخصوصا فيما يتعلق في باب الأسماء والصفات فهو يقرر مذهب الأشاعرة في ذلك , ومن باب النصح أقدم هذه الملحوظات لعل الله أن ينتفع بها من يقف على الكتاب
    وسوف أقوم بذكر إيجابيات وسلبياته من باب الإنصاف إن شاء الله :
    1- في باب طرق إثبات العقيدة ص 25 أخرت الخبر الصادق – الكتاب والسنة - على الحواس والعقل , وهذا التقديم فيه مشابهة لمذهب المعتزلة والأشاعرة وغيرهم والذي فيه تقديم العقل على النقل بزعمهم أن العقل من القطعيان والنقل من باب الظنيات
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أول كتابه "درء تعارض العقل والنقل " :
    قول القائل -المقولة للرازي - إذا تعارضت الأدلة السمعية والعقلية أو السمع والعقل أو النقل والعقل أو الظواهر النقلية والقواطع العقلية أو نحو ذلك من العبارات ؛ فإما أن يجمع بينهما, وهو محال لأنه جمع بين النقيضين , وإما أن يردها جميعا, وإما أن يقدم السمع وهو محال لأن العقل أصل النقل ؛ فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل والقدح في أصل الشيء قدح فيه , فكان تقديم النقل قدحاً في النقل والعقل جميعا فوجب تقديم العقل ثم النقل إما أن يتأول وإما أن يفوض .
    قال شيخ الإسلام : وهذا الكلام جعله الرازي وأتباعه قانونا كليا فيما يستدل به من كتب الله تعالى وكلام أنبيائه عليهم السلام وما لا يستدل به , ولهذا ردوا الاستدلال بما جاءت به الأنبياء والمرسلون في صفات الله , وغير ذلك من الأمور التي أنبئوا بها , وظن هؤلاء أن العقل يعارضها .
    "درء التعارض" (1|7)
    قلت : ولذلك قالت المؤلفة ص 28 : أما الدليل العقلي فهو الذي سلمت مقدماته وانتهت في أحكامها إلى الحس أو الضرورة فهذا يفيد اليقين ويحقق الإيمان المطلوب وأما الدليل النقلي فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يفيد اليقين ولا يحصل به الإيمان المطلوب ولا يثبت به وحده عقيدة ! ثم قالت بعد ذلك : والذين ذهبوا إلى أن الدليل النقلي يفيد اليقين ويثبت العقيدة شرطوا فيه أن يكون قطعيا في وروده كالقرآن الكريم والحديث الشريف المتواتر قطعيا في دلالته بأن يكون محكما في معناه لا يقبل التأويل ...
    وقالت ص 31 : وأما الدعاوي التي لم يتعرض لها الخبر المتواتر اليقيني بأي نص واضح صريح فسبيل معرفة الحق فيها تكون منحصرة بالنظر العقلي وحده !
    فأي فرق بين عبارة المؤلفة وبين ما قرره الرازي ثم لاحظ القيد التي وضعته في شرط المتواتر وهو أن يكون محكما لايقبل التأويل أي لايصادم العقل .
    2- لم تقم المؤلفة وزنا لأحاديث الآحاد في طرق إثبات العقيدة فقد درجت على مذهب المتكلمين في ذلك في ردهم لأحاديث الآحاد ولذلك قررت كما في ص 27 : فالأخبار المتواترة تفيدنا العلم العلم اليقيني بداهة ...
    وقالت ص 28 : والذين ذهبوا إلى أن الدليل النقلي يفيد اليقين ويثبت العقيدة شرطوا فيه أن يكون قطعيا في وروده كالقرآن الكريم والحديث الشريف المتواتر قطعيا في دلالته بأن يكون محكما في معناه لا يقبل التأويل
    وقالت ص 31 : وأما الدعاوي التي لم يتعرض لها الخبر المتواتر اليقيني بأي نص واضح صريح فسبيل معرفة الحق فيها تكون منحصرة بالنظر العقلي وحده !
    قلت : والصحيح أن حديث الآحاد يفيد اليقين أي العلم والعمل
    قال ابن حزم في الإحكام (1|112) : فصل هل يوجب خبر الواحد العدل العلم مع العمل أو العمل دون العلم
    قال أبو محمد: قال أبو سليمان والحسين عن أبي علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهم أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا وبهذا نقول وقد ذكر هذا القول أحمد بن إسحاق المعروف بابن خويز منداد عن مالك بن أنس..
    وقال ابن عبد البر في التمهيد (1|8) ناقلاً الخلاف في هذه المسألة : وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر أنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعاً منهم الحسين الكرابيسي وغيره وذكر ابن خوازبنداد أن هذا القول يخرج على مذهب مالك.
    قال أبو عمر الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والأربعة سواء , وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر , وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويعادى ويوالى علها ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة , ولهم في الأحكام ما ذكرنا وبالله توفيقنا .
    ثم تناقضت فذكرت في كتابها كثيرا من أمور العقيدة والتي لم تثبت إلا بالحديث الآحاد
    كالشفاعة والحوض وغيرهما
    3-
    أ*- أطلقت ص 35 علم التوحيد على علم الكلام
    قلت : وهذه غفلة فعلم الكلام علم دخيل على هذه الأمة وهو الذي لعب الدور الأكبر في إفساد عقائد المسلمين
    قال شيخ الإسلام -رحمه الله- (9/269) : وأما هو في نفسه- علم المنطق - فبعضه حق وبعضه باطل , والحق الذي فيه كثير أو أكثره لا يحتاج إليه .
    والقدر الذي يحتاج إليه منه فأكثر الفطر السليمة تستقل به , والبليد لا ينتفع به والذكي لا يحتاج إليه , ومضرته على من لم يكن خبيرا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه ؛ فإن فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء , وكان سبب نفاقهم وفساد علومهم .
    ولذلك تناقضت لما ذكرت ص38 أن نشأت علم الكلام كان سببا في العدول عن منهج القرآن الكريم كما كانت سببا في تحويل الإيمان من بساطته وإيجابيته وسموه إلى قضايا فلسفية وأقيسة عقلية منطقية ومنا قشات كلامية فلم يعد الإيمان هو الإيمان الذي تزكو به النفس أو يصلح به العمل أو ينهض به الفرد أو تحيا به الأمة .
    ب- إطلاقها على علماء السلف والذين ذموا علم الكلام وحذروا منه أنهم متشددون في ذلك قالت ص 39 : والواضح من خلال رأي المحدثين والفقهاء في حكم تعلم علم الكلام أن المتشددين منهم قد حذروا من اتخاذه صنعة وديدنا ومنهجا ... أما المعتدلون الذين عدوه من الفروض الكفائية فإنهم ما عدوه منهجا في عرض الإسلام وإنما مجرد سلاح للتصدي لأسباب الزيغ والضلال .
    قلت : مع أنها نقلت ذم هذا العلم عن كبار علماء السلف كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فهل يصح إطلاق التشدد على هؤلاء ثم من هم العلماء المعتدلون في نظرها هل هم علماء المعتزلة والتي قالت عنهم ص 39 : وأما المدرسة الثانية فهي مدرسة المتكلمين التي أكبر فرقها المعتزلة وهم أسسوا قواعد علم الكلام ووضعوه ورأوا أنه لا بد من الأخذ بمنهج خاص في مجال الدفاع عن العقيدة فهؤلاء لما كانوا يدافعون عن الإسلام ويشرحون أفكاره وأحكامه كان تأثرهم الأساسي بالقرآن وهو أساسهم الذي يبنون عليه بحثهم إلا أنهم – وقد تعلموا الفلسفة للدفاع عن القرآن وتسلحوا بها ضد خصومهم - ..
    ت- حاولت أن تظهر أن الخلاف بين المتكلمين وبين علماء السلف قاطبة إنما هو خلاف بين الحنابلة وبين علماء الكلام كما في ص 40
    4- إظهارها لمنهج الأشاعرة والماتريدية بمظهر التجديد للإسلام ومذهب السلف ولمزها لعلماء الحديث والحنابلة بالتصلب والتحمس
    ذكرت ص 40 : وقد عجز عن مقاومة هذا التيار العنيف ورده المحدثون المتصلبون والحنابلة المتحمسون وعجز عنه كذلك الزهاد العابدون والفقهاء البارعون إذ لم يكن شيء مما يمتازون به يقوم في وجه هذا التيار العقلي ويرده على أعقابه وكان لابد من شخصية قوية تفوق المعتزلة في مواهبها العقلية وفي مستواها العلمي تعيد لمذهب السلف وجماعة المسلمين جدته بعد أن ضاعت معالمه على الناس بظهور الفرق الكلامية المختلفة بخصوماتها وجدالها وانحرافاتها ووجدت هذه الشخصية المطلوبة في آواخر القرن الثالث الهجري في شخص أبي الحسن الأشعري الذي ظهر بالبصرة وكذلك في شخص أبي منصور الماتريدي الذي ظهر بسمرقند فتجردا للذود عن عقيدة أهل السنة والجماعة .. وهكذا خدم هذان العالمان العظيمان هذا الدين في عصرهما خدمة باهرة وأعادا إلى نفوس وعقول كثيرة لا يعلم عددها إلا الله الثقة بهذا الدين والإيمان به من جديد واعتبر مذهب الأشعري والماتريدي مذهب أهل السنة والجماعة فعم بلاد العراق وخراسان والشام وبلاد المغرب ودانت له كما يقول العلامة الكوثري أهل البسيطة إلى أقصى بلاد إفريقية.
    قلت : أبو الحسن الأشعري قد مر بثلاث مراحل في العقيدة فالمرحلة الأولى مرحلة الاعتزال ، فقد اعتنق مذهب المعتزلة أربعين عاما يقرره ويناظر فيه ثم رجع عنه وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم.
    وسبب ذلك المناظرة المشهورة مع الجبائي شيخ الاعتزال في عصره في قول المعتزلة يجب على الله فعل الأصلح .
    ثم تاب الأشعري من الاعتزال , وصعد على المنبر وقال : إني كنت أقول بخلق القرآن , وأن الله لا يرى بالأبصار, وأن الشر فعلي ليس بقدر , وإني تائب معتقد الرد على المعتزلة.
    "السير" (15/89)
    ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة بين الاعتزال المحض والسنة المحضة ,وهي طريقة أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (16|471) : والأشعري , وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية أخذ من هؤلاء كلاماً صحيحاً , ومن هؤلاء أصولاً عقلية ظنوها صحيحة , وهي فاسدة.
    ثم المرحلة الثالثة : وهي مرحلة اعتناق مذهب أهل السنة والحديث مقتدياً بالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما قرره في كتابه "الإبانة عن أصول الدبانة " وهو آخر كتبه.( )
    ثانيا : وسمها الكوثري بالعلامة ونقلها عنه فهذه غفلة أخرى
    فالكوثري هو جهمي هذا العصر صاحب الخيانات العلمية ، والطعون الجلية في حق علماء وأئمة الإسلام حتى تعداه إلى الصحابة والتابعين.
    قال الإمام عبد الرحمن المعلمي –رحمه الله- : فرأيت الأستاذ –أي الكوثري- تعدى ما يوافقه عليه أهل العلم من توقير أبي حنيفة وحسن الذب عنه إلى ما لا يرضاه عالم متثبت من المغالطات المضادة للأمانة العلمية , ومن التخليط في القواعد , والطعن في أئمة السنة ونقلتها حتى تناول بعض الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة مالكا والشافعي وأحمد , وأضرابهم , وكبار أئمة الحديث وثقات نقلته , والرد لأحاديث صحيحة ثابتة , والعيب للعقيدة السلفية.. .
    فقد رمى هذا الجهمي أنساً –رضي الله عنه – بالخرف , وطعن في البخاري حتى نفى عنه ما وصفوه به بأنه أمير المؤمنين في الحديث , وزعم أنه رجل متبجح , ومن المتساهلين الذين لا يعرفون شمالهم من يمينهم كما في" تأنيب الخطيب" (44/45) وكان يدعي أن ابن تيمية كان يتعاطى خمسة دراهم مقابل كل فتوى يحل فيها الحرام , ويحرم فيها الحلال .
    وقد رد عليه الشيخ أحمد بن محمد الصديق الغماري في كتابه "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري " .
    وقد كشف كذلك وبين خيانته وتبرأ منه ناشر بعض كتبه وهو حسام الدين القدسي واضطر إلى إيقافه عن التصحيح والتعليق , وأعلن في مقدمة كتاب "الانتقاء" خيانته على رؤوس الأشهاد وجنايته على الدين وأهله بما لم يسبق إلى مثله( ) .
    5- إطلاقها بعض الألفاظ في حق الله لم ترد في الكتاب والسنة كقولها ص 72 :فالله سبحانه وتعالى في العقيدة الإسلامية كامل الإيجابية والفاعلية بمعنى أنه سبحانه مباشر بإرادته وعلمه وتدبيره وقدرته لكل عبد من عباده في كل حال من أحواله ولكل حي ولكل شيء في هذا الوجود كذلك متى شاء وكيف شاء
    وقالت في ص 89 :وإن ما نراه من حقائق الكون كلها إنما هو فيض من هذه الحقيقة الكبرى وهي ذات الله عز وجل .
    6- تناقضها في باب الأسماء والصفات
    1- ذكرت ص 128 نقلا عن الإمام الشوكاني : إن مذهب السلف من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم هو إيراد أدلة الصفات على ظاهرها من دون تحريف لها ولا تأويل متعسف لشيء منها ولا تشبيه ولا تعطيل يفضي إليه كثير من التأويل ... ثم ذكرت على ذلك الأمثلة : إن من صفات الله تعالى السمع والبصر والكلام فعلينا أن نؤمن أن الله جلت قدرته يسمع ويرى ويتكلم وذلك كل الذي يمكن أن ندركه من غير مجاوزة لهذا الحد فليس لنا أن نتساءل عن كيفية سماعه وبصره وكلامه .
    ثم تناقضت فذكرت ص 162 : أما السلف فسلكوا مذهب التفويض والمراد به صرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد بل يفوض علمه إلى الله تعالى ثم تناقضت مرة أخرى فقالت : نؤمن بالمتشابه من الصفات كما وردت في الآيات والأحاديث ونترك بيان المقصود منها لله تبارك وتعالى فهم يثبتون الوجه واليدين والأعين والاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا ..إلخ وكل ذلك بمعان تليق بجلال الله وعظمته ويكلون إلى الله تعالى الإحاطة بحقيقة معانيها مع قطعهم بانتفاء المشابهة بين الله وبين مخلوقاته
    قلت : مذهب السلف تفويض الكيفية وليس المعنى فالمعنى هو المراد المفهوم في كلام العرب كما قررته المؤلفة ص 127 : أن أسماء الله الحسنى وصفاته سبحانه يجب أن يفهم معناها فهما يطابق ظاهر اللغة عند العرب من غير تكليف أو مواربة .
    وأما قولها أن مذهب السلف تفويض المعنى فهو غلط على السلف ومناقض لما ذكرته في بعض المواضع
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية (309) :
    فقول ربيعة ومالك : الاستواء غير مجهول . . . موافق لقول الباقين أمروها كما جاءت بلا كيف فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة , ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا : الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ولما قالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم .
    وأيضاً فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى , وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات .
    وأيضاً فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقاً - لا يحتاج إلى أن يقول بلا كيف فمن قال : إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا : وبلا كيف .
    وأيضا فقولهم : أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه ؛ فإنها جاءت ألفاظا دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال : أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة , وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت , ولا يقال حينئذ بلا كيف إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول .
    2- تقسيمها للصفات درجت فيه على تقسيم الأشاعرة لصفات الله تعالى الصفة النفسية والصفات السلبية وصفات المعاني والصفات المعنوية وصفات الأفعال
    قلت : وهو تقسيم بدعي يلزم منه إنكار صفات الله الأخرى كالصفات الخبرية فقد فرقوا بين ما ثبت بالسمع, وبين ما ثبت بالعقل , وبين الصفات اللازمة لذات الله , والصفات المتعلقة بالإرادة والمشيئة , وحملهم هذا التقسيم المبتدع على إثبات البعض , ونفي البعض الآخر اقتضى ذلك من أهل السنة أن يقسموا تقسما آخر كما هو معلوم .
    3- عدها صفات الله الخبرية من المتشابه كما في ص 160
    وذكرت ص 164 : أما ترك المتشابهات على ظاهرها من غير تأويل لها سواء كان إجماليا أو تفصيليا فهو غير جائز ولم يجنح إليه سلف ولا خلف كما تبين ولو فعلنا ذلك لحملنا عقلنا معاني متناقضة في شأن كثير من هذه الصفات فقد أسند الله إلى نفسه العين بالإفراد في قوله تعالى { ولتصنع على عيني } وأسند مرة أخرى إلى نفسه الأعين بالجمع فقال :{ واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا } ونقرأ قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } وقوله سبحانه : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } فإذا فسرنا الآيتين على ظاهرهما دون أي تأويل إجمالي لألزمنا القرآن الكريم بالتناقض الواضح إذ كيف يكون مستويا على عرشه وبدون أي تأويل ويكون في الوقت نفسه أقرب إلينا من حبل الوريد بدون أي تأويل .
    قلت : والصواب أن آيات الصفان ليست من المتشابه قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (1|49) : اتفاق الصحابة في مسائل الصفات
    وقد تضمن هذا أموراً منها أن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام ولا يخرجون بذلك عن الإيمان , وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيماناً , ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم لم يسوموها تأويلاً , ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلاً , ولم يبدوا لشيء منها إبطالا ًولا ضربوا لها أمثالاً , ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها , ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها بل تلقوها بالقبول والتسليم , وقابلوها بالإيمان والتعظيم , وجعلوا الأمر فيها كلها أمراً واحداً , وأجروها على سنن واحد , ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين , وأقروا ببعضها , وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين مع أن اللازم لهم فيها أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه .
    ثم إن هذا تناقض لما ذكرته ص 162 : نؤمن بالمتشابه من الصفات كما وردت في الآيات والأحاديث ونترك بيان المقصود منها لله تبارك وتعالى فهم يثبتون الوجه واليدين والأعين والاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا ..إلخ وكل ذلك بمعان تليق بجلال الله وعظمته ويكلون إلى الله تعالى الإحاطة بحقيقة معانيها مع قطعهم بانتفاء المشابهة بين الله وبين مخلوقاته
    وأما الجواب على الإشكال في نظرها التي ذكرته فعقيدة أهل السنة والجماعة إثبات عينين لله تعالى كما جاء في الحديث : إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور العين اليمنى . البخاري ومسلم
    فالآية الأولى مفرد وهو العين أضافه الله إلى نفسه والمفرد إذا أضيف أفاد الجمع وأقل الجمع اثنان كما هو معروف في كلام العرب كما قال تعال : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } مع أنهما اثنتان , والجواب على الجمع بين آية الاستواء وبين آية القرب فالله ليس كمثله شيء ولا يقاس بخلقه سبحانه فهو على عرشه كما أخبر وهو قريب من عباده
    كما أخبر لا تخفى عليه خافية .
    4- لما ذكرت منهج السلف وهو التسليم للنصوص وعدم الخوض في التأويل ومذهب الخلف وهو التأويل حاولت الجمع بينهما وأنه لاتناقض بين القولين ذكرت ص 164:وذهب آخرون على ترجيح مذهب الخلف لأنه أحكم وأحفظ لعقائد العوام من شبهة التشبيه والتجسيم ولما فيه من تقريب الوجود الإلهي للأفهام والحقيقة أن مذهب السلف في عصرهم كان هو الأفضل والأسلم والأوفق للإيمان الفطري المرتكز في كل من العقل والقلب أما مذهب الخلف في عصرهم فقد أصبح هو المصير الذي لابد منه بسبب نشوء المذاهب الفكرية واتساع حلقات البحث وفنون البلاغة وبسبب ظهور المشبهة والمجسمة والجهمية ..
    قلت : لا وجه للمقارنة بين السلف وبين الخلف فالسلف كما ذكرت المصنفة ص 162 : هم من كانوا من أهل العلم قبل نهاية القرن الثالث الهجري وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم الذين جاء وصف قرونهم بالخيرية .
    وبين الذين أثنى الله عليهم وزكاهم ومدحهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ... البخاري ومسلم
    وبين جماعة من المتكلمين المبتدعين في دين الله والقائلين على الله بلا علم
    قال شيخ الإسلام : ولا يجوز أيضا أن يكون الخالفون أعلم من السالفين كما قد يقوله بعض الأغبياء ممن لم يقدر قدر السلف بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها من أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم ...
    فإن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم :{ ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات .
    فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر , وقد كذبوا على طريقة السلف , وضلوا في تصويب طريقة الخلف ؛ فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف .
    مجموع الفتاوى (5|9)
    قلت : وحقيقة قول الخلف تعطيل وتحريف لكلام الله وكلام رسوله وقول على الله وعلى رسوله بغير علم .
    5- درجت على ما قرره المتكلمون من إثبات لله ما يسمونه صفة مخالفته للحوادث كما في ص 158
    قلت : أراد المتكلمون بمسألة حلول الحوادث بهذا اللفظ نفي صفات الله الاختيارية من نزول و كلام واستواء…
    قال شيخ الإسلام : " وإذا قالوا : لا تحله الحوادث , أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلاً للتغيرات والاستحالات , ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم , وهذا معنى صحيح , ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه ولا له كلام , ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته , وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء ,وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعل أصلاً بل عين المخلوقات هي الفعل ليس هناك فعل ومفعول وخلق ومخلوق بل المخلوق عين الخلق والمفعول عين الفعل ونحو ذلك .
    "درء التعارض" (1|245)
    قال ابن القيم رحمه الله : وأما حلول الحوادث فيريدون به أنه لا يتكلم بقدرته وميشئته , ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا, ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء, ولا يغضب بعد أن كان راضياً ولا يرضى بعد أن كان غضبان , ولا يقوم به فعل البتة ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن , ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن مريداً له , ولا يقول له كن حقيقة , ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستوياً عليه , ولا يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله , ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم ولا يقول للمصلي إذا قال : الحمد لله رب العالمين
    قال: حمدني عبدي .
    فإذا قال :الرحمن الرحيم .
    قال: أثنى علي عبدي .
    وإذا قال: مالك يوم الدين .
    قال : مجدني عبدي .
    فإن هذه كلها حوادث , وهو منزه عن حلول الحوادث , وبعضهم يختصر العبارة , ويقول أنا أنزهه عن التعدد والتحدد والتجدد ؛ فيتوهم السامع الجاهل بمراده أنه ينزهه عن تعدد الآلهة , وعن تحدد محيط به حدود وجودية تحصره وتحويه كتحدد البيت ونحوه , وعن تجدد إلهيته وربوبيته ؛ ومراده بالتعدد الذي ينزه عنه تعدد أسمائه وصفاته , وأنه لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئا , ولا يتكلم ومراده بالتحدد أنه ليس فوق خلقه ,ولا هو مستو على عرشه , ولا فوق العرش إله يعبد ,وليس فوق العرش إلا العدم .
    ومراده بالتجدد أنه لا يقوم به فعل ولا إرادة ولا كلام بمشيئته وقدرته وبعضهم يقتصر على حرفين ؛ فيقول نحن ننزهه عن التكثر والتغير فيتوهم السامع تكثر الآلهة وتغيره سبحانه واستحالته من حال إلى حال , وحقيقة هذا التنزيه أنه لا صفة له ولا فعل .
    "الصواعق المرسلة" (3|937)
    7- عرفت الوحدانية على طريقة المتكلمين كما في ص 131
    وهي عبارة عن نفي التعدد في الذات والصفات والأفعال .
    قلت : وهذا التعريف لا يخرج عما ذكره شيخ الإسلام لا يتعدى إثبات القدرة على الاختراع
    انظر مجموع الفتاوى (3|97) أي إثبات توحيد الربوبية وأما توحيد الألوهية أو الوحدانية فهو على الصحيح إفراد الله بالعبادة ومن مقتضيات هذا التوحيد إفراده سبحانه بالقصد والطلب كما قررته في كتابها المذكور لما ذكرت توحيد الألوهية ص 135
    7- ذكرت ص 136 : أن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية متلازمان عرفا وشرعا فالقول بأحدهما قول بالآخر ..
    قلت : والصواب أن توحيد الربوبية غير مستلزم لتوحيد الألوهية والصواب العكس أن توحيد الألوهية مستلزم لتوحيد الربوبية كما كان الحال مع مشركي العرب وهو غير خاص بهم وهذا مشاهد في زماننا فكم ممن اعتقد بربوبية الله يصرف كثيرا من العبادات لغير الله من ذبح ونذر واستغاثة ودعاء .
    8- قررت جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم كما في ص 145
    قالت : 2- أن يكون التوسل بأحد هذه الأمور :
    أ- بذات النبي صلى الله عليه وسلم ...
    ثم قالت : ولا فرق في التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعد مماته ... وهذا التكريم والتشريف لاينفك شيء منه عن النبي صلى الله عليه وسلم بوفاته بل يزداد علوا وشرفا فالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعد وفاته على هذا النحو هو قربة إلى الله عز وجل من جانب وهو تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب آخر ... ثم ذكرت توسل عمر بدعاء العباس ومعاوية بدعاء يزيد بن الأسود .. ثم قالت وقد استنبط العلماء من هذين الدليلين جواز التوسل بدعاء الصالحين كما ذكرنا وبعضهم استنبط جواز التوسل بهم أنفسهم .
    قلت : استدلت على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعموم قوله تعالى :{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } وعموم قوله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } وهذان النصان لادليل فيهما ولا أدري ما وجه الاستباط من هذين النصين في جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
    أما حديث الأعمى وتوسله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فجوابه كالآتي :
    أ*- أن توسل الأعمى إنما كان بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
    ب*- أن الأعمى ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطلب منه الدعاء ولو كان التوسل بالذات مشروعا لم يكن ثمة حاجة للذهاب إليه .
    ت*- أن النبي صلى الله عليه وسلم وعد الأعمى بالدعاء له فقال : إن شئت دعوت لك . فألح عليه الأعمى بالدعاء قائلا : بل ادعه .
    ث*- ورود لفظ الدعاء بكثرة مع عدم ورود شيء من الجاه يؤكد أن المسألة تدور على التوسل بالدعاء وليس بالذات
    ج*- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتقرب إلى الله بعدة وسائل منها التوسل إليه بالعمل الصالح وهو إحسان الوضوء وإتيان ركعتين يدعو الله عقبيهما أن يستجيب دعاءه وهذا معنى وشفعني فيه أي أدعوك أن تتقبل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لي .
    ح*- أن الشفاعة في اللغة بمعنى الدعاء ومن الأدلة على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه . أي قبل دعاءهم له .
    خ*- أن علماء الحديث كالبيهقي ذكروا هذه الحادثة ضمن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وهو السر في حصول هذه المعجزة التي لم نسمع بعد موته صلى الله عليه وسلم مثلها في الصحابة ولا بعدهم إلى يومنا هذا .
    د*- أن قصة عثمان بن حنيف مع الرجل صاحب الحاجة التي رواها الطبراني واستدلاله بما حدث مع الأعمى فقضيت حاجة الرجل لا تصح لأن في سندها شبيب بن سعيد وهو متكلم فيه .
    انظر الرد على الحبشي لدمشقية ص 87
    وأما ما ذكرت من توسل عمر بدعاء العباس ومعاوية بدعاء يزيد بن الأسود .. ثم قالت ...وبعضهم استنبط جواز التوسل بهم أنفسهم .
    فقد ناقضت نفسها لأنها ذكرت هذه الأدلة تحت بند التوسل بدعاء الصالحين وأهل الفضل من العلم
    9- تذبذبت في إثبات رؤية الله بالآخرة فقد ذكرت كما في ص 167 : أن معنى الرؤية هي قوة يجعلها الله في الإنسان متى شاء وكيف شاء يتم بها مشاهدة صورة المرئي على حقيقته وقالت بعد ذلك : فإن من الممكن أن يرى في الآخرة رؤية صحيحة حقيقية لا شبهة فيها من غير تكييف بكيفية من الكيفيات المعتبرة في رؤية الأجسام ومن غي إحاطة .
    وذكرت ص 489: وعندما يتجلى لهم الله تعالى بالرضا ويكشف لهم الحجاب ..
    10 – أوردت إشكالا ولم تجب عنه وهو أن الصفات هل هي عين ذات الله أم أنها صفات زائدة عن الذات كما في ص 169 في الحاشية والتي بالتالي توقع القاريء في الحيرة وقد أجاب شيخ الإسلام عن هذا الإشكال : وقد نص الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره وأئمة المثبتة كأبى محمد بن كلاب وغيره على أن القائل إذا قال الحمد لله أو قال دعوت الله وعبدته أو قال بالله فاسم الله متناول لذاته المتصفة بصفاته وليست صفاته زائدة على مسمى أسمائه الحسنى
    وإذا قيل هل صفاته زائدة على الذات أم لا قيل إن أريد بالذات المجردة التي يقربها نفاة الصفات فالصفات زائدة عليها وان أريد بالذات الذات الموجودة في الخارج فتلك لا تكون موجودة إلا بصفاتها اللازمة والصفات ليست زائدة على الذات المتصفة بالصفات وان كانت زائدة على الذات التي يقدر تجردها عن الصفات
    مجموع الفتاوى (6|97)
    11- في صفة الكلام قررت مذهب الأشاعرة كما في ص 180 :صفة أزلية قائمة بذاته تعالى عبر عنها نظم ما أوحاه إلى رسله كالقرآن والتوراة والإنجيل وهي ليست بحرف ولا صوت منزهة عن التقدم والتأخر والإعراب والبناء ....
    قلت : عقيدة أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى
    أنه صفة ذاتية قديمة قائمة بذاته تعالى باعتبار نوع الكلام , وهي صفة فعل تتعلق بها مشيئة الله تعالى باعتبار أفراد الكلام ؛ لأن الكلام الذي خاطب الله به نوحا عليه السلام في شأن ابنه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} غير الكلام الذي خاطب به موسى عليه السلام {أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين}.
    وهو غير الكلام الذي خاطب به عيسى عليه السلام {يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}
    وهذا الكلام كله غير الكلام الذي خاطب الله به خاتم رسله وإمامهم محمدا عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج في شأن الصلاة : " لقد خففت على عبادي وأمضيت فريضتي" .
    البخاري(3207) ومسلم (164)
    وهذا كله غير القرآن الذي أنزله عليه وختم به كتبه .
    هذا المعنى , وهذا الفهم هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة , وهم الفرقة الناجية التي تمسكت بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعتقد .
    وهذا يعنى أنهم يثبتون لله كلاماً حقيقياً يسمعه المخاطب , وأن هذا القرآن الذي نقرأه بألسنتنا , ونحفظه في صدورنا , ونكتبه في ألواحنا وكتبنا أنه كلام الله حقيقة لفظه ومعناه .
    ولا يبحثون عن كيفية تكلمه تعالى به .
    لأننا نؤمن به ولا نحيط به علما هذا هو موقف السلف من صفة الكلام بإيجاز لعلمهم بأن الوصف بالتكلم من أوصاف الكمال , وضده من أوصاف النقص , ولا يختلف العقلاء في ذلك , وكلنا نعلم أن معبود قوم موسى الذي اتخذوه من حليهم مما عيب عليه عدم الكلام بل يستدل بذلك على أنه ليس بإله إذ يقول الله تعالى : {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يرو أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا }.
    قال شيخ الإسلام في بيان سبب اضطراب الأشاعرة في كلام الله : وإنما اضطر ابن كلاب و الأشعري , ونحوهما إلى هذا الأصل : أنهم لما اعتقدوا أن الله لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته لا فعل ولا تكلم , ولا غير ذلك , وقد تبين لهم فساد قول من يقول : ( القرآن مخلوق ) ولا يجعل لله تعالى كلاماً قائماً بنفسه بل يجعل كلامه ما خلقه في غيره , وعرفوا أن الكلام لا يكون مفعولاً منفصلاً عن المتكلم , ولا يتصف الموصوف بما هو منفصل عنه بل إذا خلق الله شيئاً من الصفات , والأفعال بمحل كان ذلك صفة لذلك المحل لا لله ؛ فإذا خلق في محل الحركة كان ذلك المحل هو المتحرك بها , وكذلك إذا خلق فيه حياة كان ذلك المحل هي الحي بها , وكذلك إذا خلق علما أو قدرة كان ذلك المحل هو العالم القادر بها ؛ فإذا خلق كلاماً في غيره كان ذلك المحل هو المتكلم به .
    وهذا التقرير مما اتفق عليه القائلون بأن القرآن غير مخلوق من جميع الطوائف مثل أهل الحديث والسنة ومثل الكرامية والكلابية وغيرهم .
    ولازم هذا أن من قال : ( إن القرآن العربي مخلوق ) أن لا يكون القرآن العربي كلام الله بل يكون كلاماً للمحل الذي خلق فيه , ومن قال : إن لفظ الكلام يقع بالاشتراك على هذا وهذا , تبطل حجته على المعتزلة ؛ فإن أصل الحجة أنه إذا خلق كلاماً في محل ؛ كان الكلام صفة لذلك المحل ؛ فإذا كان القرآن العربي كلاماً مخلوقاً في محل كان ذلك المحل هو المتكلم به , ولم يكون كلام الله ولهذا قال من قال : ( لا يسمى كلاماً إلا مجازاً ) فرارا من أن يثبتوا كلاماً حقيقياً قائماً بغير المتكلم به ؛ فلما عظم شناعة الناس على هذا القول , وكان تسمية هذا كلاماً حقيقة معلوماً بالاضطرار من اللغة أراد من ينصرهم أن يجعل لفظ الكلام مشتركاً ؛ فأفسد الأصل الذي بنوا عليه قولهم .
    وبإنكار هذا الأصل استطال عليهم من يقول بخلق القرآن من المعتزلة والشيعة والخوارج , ونحوهم ؛ فإن هؤلاء لما ناظرهم من سلك طريقة ابن كلاب - ومضمونها : أن الله لا يقدر على الكلام ولا يتكلم بما شاء , ولا هو متكلم باختياره ومشيئته - طمع فيهم أولئك لأن جمهور الخلق يعلمون أن المتكلم يتكلم بمشيئته واختياره , وهو قادر على الكلام وهو يتكلم بما يشاء .
    ولكن منشأ اضطراب الفريقين اشتراكهما في أنه لا يقوم به ما يكون بإرادته وقدرته فلزم هؤلاء - إذا جعلوا يتكلم بإرادته وقدرته واختياره - أن يكون كلامه مخلوقاً منفصلاً عنه , ولزم هؤلاء - إذا جعلوه غير مخلوق - أن لا يكون قادرا على الكلام , ولا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يتكلم بما يشاء .
    والمقصود هنا : أن عبد الله بن سعيد بن كلاب , وأتباعه وافقوا سلف الأمة وسائر العقلاء على أن كلام المتكلم لا بد أن يقوم به فما لا يكون إلا بائنا عنه لا يكون كلامه كما قال الأئمة : كلام الله من الله ليس ببائن منه , وقالوا : إن القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود , فقالوا : ( منه بدأ ) ردا على الجهمية الذين يقولون : بدأ من غيره , ومقصودهم أنه هو المتكلم به كما قال تعالى : { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } ( الزمر : 1 ) وقال تعالى : { ولكن حق القول مني } ( السجدة : 13 ) وأمثال ذلك .
    ثم إنهم - مع موافقتهم للسلف والأئمة والجمهور على هذا - اعتقدوا هذا الأصل , وهو أنه لا يقوم به ما يكون مقدوراً له متعلقاً بمشيئته بناء على هذا الأصل الذي وافقوا فيه المعتزلة ؛ فاحتاجوا حينئذ أن يثبتوا ما لا يكون مقدوراً مراداً , قالوا : والحروف المنظومة والأصوات لا تكون إلا مقدورة مرادة ؛ فأثبتوا معنى واحداً لم يمكنهم إثبات معان متعددة خوفا من إثبات ما لا نهاية له فاحتاجوا أن يقولوا ( معنى واحدا ) فقالوا القول الذي لزمته تلك اللوازم التي عظم فيها نكير جمهور المسلمين بل جمهور العقلاء عليهم .
    وأنكر الناس عليهم أموراً : إثبات معنى واحد هو الأمر والخبر وجعل القرآن العربي ليس من كلام الله الذي تكلم به , وأن الكلام المنزل ليس هو كلام الله وأن التوراة والإنجيل والقرآن إنما تختلف عباراتها ؛ فإذا عبر عن التوراة بالعربية كان هو القرآن , وأن الله لا يقدر أن يتكلم , ولا يتكلم بمشيئته واختياره وتكليمه لمن كلمه من خلقه كموسى وآدم ليس إلا خلق إدراك ذلك المعنى لهم فالتكليم هو خلق الإدراك فقط .
    ثم منهم من يقول : السمع يتعلق بذلك المعنى , وبكل موجود فكل موجود يمكن أن يرى ويسمع كما يقوله أبو الحسن ونحوه .
    ومنهم من يقول : إنه يسمع ذلك المعنى من القاريء مع صوته المسموع منه كما يقول ذلك طائفة أخرى .
    وجمهور العقلاء يقولون : إن هذه الأقوال معلومة الفساد بالضرورة , وإنما ألجأ إليها القائلين بها ما تقدم من الأصول التي استلزمت هذه المحاذير وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم .... .
    "درء التعارض"(2|115)
    "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (3|1266) بتصرف يسير
    الرد عليهم في مسألة إنكارهم للحرف والصوت
    أولا: عقيدة أهل السنة والجماعة أن كلام الله حرف والصوت
    " ومن أنكر أن الله يتكلم بحرف وصوت فهو جهمي .
    "مجموع الفتاوى" (12/305)
    ثانيا : إن هذه المسألة من المسائل التي يجب أن يستفصل عن معناها
    وقال شيخ الإسلام :" ويتبين هذا الجواب بالكلام على المسألة الثانية وهي قوله إن كلام الله هل هو حرف وصوت أم لا ؛ فإن إطلاق الجواب في هذه المسألة نفياً وإثباتاً خطأ , وهي من البدع المولدة الحادثة بعد المائة الثالثة ، لما قال قوم من متكلمة الصفاتيه إن كلام الله الذي أنزل على أنبياءه كالتوراة والإنجيل والقرآن , والذي لم ينزله والكلمات التي كون بها الكائنات والكلمات المشتملة على أمره ونهيه وخبره ليست إلا مجرد معنى واحد هو صفة واحدة قامت بالله إن عبر عنها بالعبرانية كانت التوراة , وإن عبر عنها بالعربية كانت القرآن , وأن الأمر والنهي والخير صفات لها لا أقسام لها , وأن حروف القرآن مخلوقة خلقها الله ولم يتكلم بها , وليست من كلامه إذ كلامه لا يكون إلا بحرف وصوت .
    عارضهم آخرون من المثبتة فقالوا بل القرآن هو الحروف والأصوات وتوهم قوم أنهم يعنون بالحروف المداد وبالأصوات أصوات العباد , وهذا لم يقله عالم .
    والصواب الذي عليه سلف الأمة كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصحيح في كتاب خلق أفعال العباد , وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم اتباع النصوص الثابتة , وإجماع سلف الأمة , وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره , ولكن أنزله على رسوله وليس القرآن اسماً لمجرد المعنى ولا لمجرد الحرف بل لمجموعها , وكذلك سائر الكلام ليس هو الحرف فقط ولا المعاني فقط كما أن الإنسان المتكلم الناطق ليس هو مجرد الروح ولا مجرد الجسد بل مجموعهما .
    وأن الله تعالى يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحيحة , وليس ذلك كأصوات العباد لا صوت القاريء ولا غيره , وأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته , وكذلك لا تشبه كلامه كلام المخلوق , ولا معانيه تشبه معانيه , ولا حروفه يشبه حروفه , ولا صوت الرب يشبه صوت العبد ؛ فمن شبه الله بخلقه فقد ألحد في أسمائه وآياته ومن جحد ما وصف به نفسه فقد ألحد في أسمائه وآياته .
    "المجموع "(12/244)
    وقال ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في جزئه المسمى" الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم" .
    " وكلام الله تعالى الذي تكلم به والكلام هو الحروف المنظومة والكلمات المفهومة والأصوات المعلومة .
    والدليل على ذلك من وجهين :
    أحدهما : من الكتاب والسنة والإجماع .
    أما الكتاب فقول الله تعالى {آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا }
    وقال لمريم {فقولي إن نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} إلى قوله {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} وقال {لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن} ….
    وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم :"عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به ".
    البخاري(5269) ومسلم (127) بلفظ :إن الله تجاوز عن أمتي ....
    وأخرجه ابن ماجه (2045): بلفظ :إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
    وقوله : إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ......
    مسلم (537)
    وأما الإجماع : فإن الناس في أشعارهم ومنثور كلامهم وعرفهم وأحكامهم على أن الكلام النطق، ولهذا قال قائلهم : (إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب)
    وأشباه هذا كثيرة
    وفي الشعر فما يُكلم إلا حين يبتسم
    وقال هبيرة
    وإن كلام المرء في غير كنهه كنبل تهوي ليس فيها نصالها
    ومثل هذا كثير لا ينحصر .
    وأجمعوا على أنه لو حلف لا يتكلم لم يحنث إلا أن ينطق ، ولو قال: امرأته طالق إن بدأ بها بالكلام ، لم يتعلق ذلك إلا بالبداية بالنطق.
    وقال أهل العربية: الكلام من اسم وفعل وحرف
    وقالوا : الكلام ما أفاد، ولا يكون إلا من جملة فعلية ومبتدأية ، ولا ينتظم إلا من اسمين ، أو اسم وفعل أو اسم وحرف في النداء خاصة , ولأن التكليم فعل متعد ، يقال كلمت فلاناً كلاماً، وقد قيل اشتقاقه من الكلم وهو الجرح لأنه يؤثر في المكلم كتأثير الكلم.
    والمؤثر المتعدي إنما هو النطق الذي يسمعه المكلم فيؤثر فيه تارة خوفاً ، وتارة رجاء وتارة سروراً ,وتارة حزناً , وتارة تكليفاً ، وتارة إسقاطاً ، وأشباه هذا.
    أما ما في النفس فلا يتعدى إليه , ولا يؤثر شيئا فيه، فلا يكون كلاماً ولا تكليماً .
    واعترضوا على هذا من وجوه:
    أحدها : أن الأخطل قال:
    إن الكلام من الفوائد وإنما جعل اللسان على الكلام دليلا
    وهذا شاعر نصراني عدو الله ورسوله ودينه ، فيجب إطراح كلام الله ورسوله وسائر الخلق تصحيحاً لكلامه , وحمل أقوالهم على المجاز صيانة لكلمته هذه عن المجاز .
    الثاني : قالوا سلمنا أن كلام الآدمي صوتاً وحرفاً , ولكن كلام الله بخلافه لأنه صفته ؛ فلا تشبه صفات الآدميين ولا كلامه كلامهم.
    الثالث: أن مذهبكم في الصفات أن لا تفسر فكيف فسرتم كلام الله تعالى بما ذكرتم.
    الرابع: أن الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات والصوت لا يكون إلا من جسم , والله تعالى يتعالى عن هذا.
    الخامس : أن الحروف يدخلها التعاقب فالباء تسبق السين والسين تسبق الميم وكل مسبوق مخلوق.
    السادس : أن هذا يدخله التجزيء والتعداد , والقديم لا يتجزأ ولا يتعدد .
    قلنا الجواب عن الأول من وجوه:
    الأول : يحتاجون إلى إثبات هذا الشعر ببيان إسناده , ونقل الثقات له ولا نقنع بشهرته فقد يشتهر الفاسد .
    وقد سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشاب إمام أهل العربية في زمانه يقول : قد فتشت دواوين الأخطل الكبيرة فلم أجد هذا البيت فيها .
    الثاني : لا نسلم أن لفظه هكذا إنما قال:
    إن البيان من الفؤاد فحرفوه
    وقالوا الكلام. ......
    السادس: أنه لا تصح إضافة ما ذكروه إلى الله تعالى ؛ فإنه جعل الكلام في الفؤاد , والله تعالى لا يوصف بذلك وجعل اللسان دليلا عليه .
    ولأن الذي عنى الأخطل بالكلام هو التروي والفكر واستحضار المعاني وحديث النفس ووسوستها ؛ فلا يجوز إضافة شيء من ذلك إلى الله تعالى بلا خلاف بين المسلمين .
    ومن أعجب الأمور أن خصومنا ردوا على الله وعلى رسوله ,وخالفوه , وخالفوا جميع الخلق من المسلمين وغيرهم فراراً من التشبيه على زعمهم ثم عادوا إلى تشبيه أقبح وأفحش من كل تشبيه , وهذا نوع من التغفيل , ومن أدل الأشياء على فساد قولهم تركهم قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم , وما لا يحصى من الأدلة , وتمسكوا بكلمة قالها الأخطل جعلوها أساس مذهبهم وقاعدة عقدهم .
    فلو أنها انفردت عن مبطل وخلت عن معارض لما جاز أن يبنى عليها هذا الأصل العظيم فكيف , وقد عارضها ما لم يمكن رده فمثلهم كمثل رجل بنى قصرا على أعواد الكبريت في مجرى السيل .
    وأما قولهم إن كلام الله تعالى يجب أن لا يكون حروفاً لأن لا يشبه كلام الآدميين .
    قلنا : جوابه من وجوه
    أحدها : أن الاتفاق في أصل الحقيقة ليس بتشبيه كما أن اتفاق البصر في إدراك المبصرات والسمع في أنه إدراك المسموعات , والعلم في أنه إدراك المعلومات ليس بتشبيه كذلك هذا.
    الثاني: أنه لو كان ذلك تشبيهاً كان تشبيههم أقبح وأفحش على ما ذكرنا.
    الثالث : أنهم إن نفوا هذه الصفة لكون هذا تشبيهاً ينبغي أن ينفوا سائر الصفات من الوجود من الحياة والسمع والبصر وغيرها.
    الرابع : أننا نحن لن نفسر هذا إنما فسره الكتاب والسنة كما تقدم.
    وأما قوله : إنكم فسرتم هذه الصفة
    قلنا: إنما لا يجوز تفسير المتشابه الذي سكت السلف عن تفسيره وليس كذلك الكلام ؛ فإنه من المعلوم بين الخلق لا شبهة فيه , وقد فسره الكتاب والسنة .
    الثاني: إننا نحن فسرناه بحمله على حقيقته تفسيراً جاء به الكتاب والسنة , وهم فسروه بما لم يرد به كتاب وسنة , ولا يوافق الحقيقة , ولا يجوز نسبته إلى الله تعالى.
    وأما قولهم أن الحروف تحتاج إلى مخارج وأدوات .
    قلنا : احتياجها إلى ذلك في حقنا لا يوجب ذلك في كلام الله تعالى الله عن ذلك .
    فإن قالوا بل يحتاج الله كحاجتنا قياسا له علينا أخطؤوا من وجوه :
    أحدها : أنه يلزمهم في سائر الصفات التي سلموها كالسمع والبصر والعلم والحياة فلا يكون ذلك في حقنا إلا في جسم , ولا يكون البصر إلا في حدقة ولا السمع إلا في انخراق , والله تعالى بخلاف ذلك .
    الثاني : أن هذا تشبيه لله تعالى بنا , وقياس له علينا وهذا كفر .
    الثالث: أن بعض المخلوقات لم تحتج إلى مخارج في كلامها كالأيدي والأرجل والجلود التي تتكلم يوم القيامة , والحجر الذي سلم على النبي صلى الله عليه وسلم , والحصى الذي سبح في كفه , والذراع المسمومة التي كلمته .
    وقال ابن مسعود : كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل .
    ولا خلاف في أن الله تعالى قادر على إنطاق الحجر الأصم بلا أدوات ؛ فكيف عجزوا الله تعالى عن الكلام بلا أدوات.
    وقولهم : أن التعاقب يدخل بالحروف
    قلنا : إنما كان ذلك في حق من ينطق بالمخارج والأدوات , ولا يوصف الله تعالى في ذلك وقولهم إن القديم لا يتجزأ ولا يتعدد غير صحيح .
    فإن أسماء الله معدودة قال الله تعالى {ولله الأسماء الحسنى } وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة .
    البخاري(2736) ومسلم (2677)
    وهي قديمة , وقد نص الشافعي على أن أسماء الله غير مخلوقة .
    وقال الإمام أحمد : من قال إن أسماء الله مخلوقة فقد كفر .
    وكذلك كُتُب الله تعالى؛ فإن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن متعددة , وهي كلام الله غير مخلوقة , وإنما هذا شيء أخذوه من علم الكلام , وهو مطرح عند جميع الأئمة الأعلام .
    "الصراط المستقيم" (48)
    12- درجت على ما قرره الأشاعرة كما في ص 186 من نفي العلة الغائية عن أفعال الله
    قلت : أرادوا بذلك نفي الحكمة عن أفعال الله .
    قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر الأسباب التي تحمل النفوس الجاهلة قبول التأويل
    السبب الثاني : أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب, وتنبوا عنها الأسماع ؛ فيتخير له من الألفاظ أكرهها وأبعدها وصولا إلى القلوب وأشدها نفرة؛ فكذلك أهل البدع والضلال من جميع الطوائف هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل ...
    انظر مختصر الصواعق (1|181)
    قال ابن القيم رحمه الله : وقد أثنى على عباده المؤمنين حيث نزهوه عن إيجاد الخلق لا لشيء ولا لغاية فقال تعالى :{ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك} وأخبر أن هذا ظن أعدائه لا ظن أوليائه فقال:{ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا }وكيف يتوهم أنه عرفه من يقول أنه لم يخلق لحكمة مطلوبة له , ولا أمر لحكمة ولا نهى لحكمة , وإنما يصدر الخلق والأمر عن مشيئة وقدرة محضة لا لحكمة ولا لغاية مقصودة , وهل هذا إلا إنكار لحقيقة حمده بل الخلق والأمر إنما قام بالحكم والغايات فهما مظهران بحمده وحكمته ؛ فإنكار الحكمة إنكار لحقيقة خلقه وأمره ؛ فإن الذي أثبته المنكرون من ذلك ينزه عنه الرب ويتعالى عن نسبته إليه فإنهم أثبتوا خلقا وأمرا لا رحمة فيه ولا مصلحة ولا حكمة بل يجوز عندهم أو يقع أن يأمر بما لا مصلحة للمكلف فيه البتة وينهى عما فيه مصلحة والجميع بالنسبة إليه سواء ويجوز عندهم أن يأمر بكل ما نهى عنه وينهى عن جميع ما أمر به , ولا فرق بين هذا وهذا إلا لمجرد الأمر والنهي , ويجوز عندهم أن يعذب من لم يعصه طرفة عين بل أفنى عمره في طاعته وشكره وذكره وينعم على من لم يطعه طرفة عين بل أفنى عمره في الكفر به والشرك والظلم والفجور فلا سبيل إلى أن يعرف خلاف ذلك منه إلا بخبر الرسول , وإلا فهو جائز عليه , وهذا من أقبح الظن وأسوأه بالرب سبحانه وتنزيهه عنه كتنزيهه عن الظلم والجور بل هذا هو عين الظلم الذي يتعالى الله عنه , والعجب العجاب أن كثيرا من أرباب هذا المذهب ينزهونه عما وصف به نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال ويزعمون أن إثباتها تجسيم وتشبيه ولا ينزهونه عن هذا الظلم والجور , ويزعمون أنه عدل وحق وأن التوحيد عندهم لا يتم إلا به كما لا يتم إلا بإنكار استوائه على عرشه وعلوه فوق سماواته وتكلمه وتكليمه وصفات كماله فلا يتم التوحيد عند هذه الطائفة إلا بهذا النفي وذلك الإثبات والله ولي التوفيق .
    شفاء العليل (2|558)
    13– مسألة الحسن والقبح في الأشياء ومسألة هل يجب على الله شيء
    مسألة الحسن والقبح العقليين من المسائل التي اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال :
    أ*- مذهب المعنزلة أن العقل يستقل بإدراك حسن الأشياء وقبحها والشرع تابع له .
    ب*- قول الأشعري وغيره أن العقل لايستقل بمعرفة حسن الأشياء وقبحها وإنما هو متوقف على النقل .
    ت*- القول الوسط بين هذين وهو مذهب السلف أن الحسن والقبح يدركان بالعقل ولكن ترتب الثواب والعقاب على الأشياء إنما يكون بعد ورود الشرع فهم يوافقون الأشاعرة أنه لا حكم بالثواب والعقاب والأمر والنهي في الفعل إلا بعد ورود الشرع ويوافقون المعتزلة أن العقل يستقل بمعرفة حسن الشيء وقبحه وأن من صفات الأشياء أنها حسنة أو قبيحة وأن الشرع لم يجيء بما يخالف الفطرة والعقل وأن أفعال الله مبناها على الحكمة . انظر مجموع الفتاوى (11|677)
    وأما مسألة هل يجب على شيء فهي كذلك من المسائل المختلفة فبها والقول الوسط قول أهل السنة لا يجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه سبحانه
    قال شيخ الإسلام : أما الأول فلا ريب أن الله تعالى وعد المطيعين بأن يثيبهم ووعد السائلين بأن يجيبهم وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد قال الله تعالى :{وعد الله حقا } {ومن أصدق من الله قيلا} { وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون } {فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله } فهذا مما يجب وقوعه بحكم الوعد باتفاق المسلمين وتنازعوا هل عليه واجب بدون ذلك على ثلاثة أقوال
    قيل لا يجب لأحد عليه حق بدون ذلك
    وقيل بل يجب عليه واجبات ويحرم عليه محرمات بالقياس على عباده
    وقيل هو أوجب على نفسه وحرم على نفسه فيجب عليه ما أوجبه على نفسه ويحرم عليه ما حرمه على نفسه كما ثبت في الصحيح من حديث أبى ذر .
    مجموع الفتاوى (1|219)
    14-ألمحت إلى ما قرره الأشاعرة وهو أنه يجوز على الله إثابة العاصي وتعذيب المطيع ذكرت ص 190 : ومن الجدير بالذكر هنا أنه ينبغي ألا يلتبس علينا الأمر فنقول طالما أن الله سبحانه وتعالى قد جعل الظلم بشرعه قبيحا فلا ينبغي أن يتصف بالظلم فيبتلي الناس بمصائب دون جريرة اقترفوها لأن الظلم هو أن تتصرف بشيء يخص غيرك دون رضاه فهذا هو الذي قبحه الشرع أما تصرف الله بمخلوقاته فليس من ذلك في شيء
    15- قررت ص 190 أن أهل الفترة الذين انقطعوا عن خبر الأنبياء السابقين وبعثة خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام ليسوا مكلفين ولا معذبين والصحيح أنهم ناجون ولو كانوا عبدة أصنام لقوله تعالى : { وما كنا مذبين حتى نبعث رسولا } وأجيب عما روي خلاف ذلك بأنه أحاديث آحاد ..
    قلت : ثبت في حديث الأسود بن سريع : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يحتجون يوم القيامة : رجل أصم ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في الفترة فأما الأصم فيقول : يا رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول : رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذقوني بالبعر وأما الهرم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار قال : فوالذي نفسي بيده لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلام
    أحمد في مسنده(4|24) وابن حبان في صحيحه (16|356)
    16- تذبذبت في مسالة القضاء والقدر فقد ذكرت ص 196 : أن العلم الإلهي المستوعب والإحصاء الدقيق والتسجيل الشامل للأشياء والأحداث قبل وقوعها لا دخل له في أفعال العباد ولا في تكليف الله لهم .. كما لا يعني هذا إجبارا أو إكراها للإنسان على فعل لا يرضاه أو لايريده .
    وقالت ص 200 : علم الله سبحانه وتعالى مسبقا بأفعال العباد ووقوعها حسب هذا العلم وحسب ما كتب في أم الكتاب لا تأثير له في إرادة الإنسان
    وفي ص 202 : فإسناد الهداية والإضلال إلى الله من حيث إنه وضع نظام الأسباب والمسببات لا أنه أجبر الإنسان على الضلال أو الهداية .
    قلت : مذهب أهل السنة في قدر الله أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولا يقع شيء بغير مشيئته والله خالقنا وخالق أعمالنا والإنسان له مشيئة وهذه المشيئة مندرجة تحت مشيئة الله قال تعالى :{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله } وفي حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أن الله هداني فيكون عليهم حسرة قال وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هداني قال فيكون له شكر .
    أحمد في مسنده (2|512)
    ومراتب القدر أربعة
    أ*- العلم
    ب*- الكتابة
    ت*- الخلق
    ث*- المشيئة
    17– قررت مذهب الأشاعرة ص 204 في إنكارهم طبائع الأشياء وأن شيئا يؤثر بطبعه

    17- إيرادها لكثير من الأحاديث الضيعفة والذي يدل على قلة بضاعتها في هذا الفن
    ومن أمثلة ذلك :
    أ*- حديث :" ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل .ص45
    وهو حديث موضوع انظر السلسلة الضعيفة (1089)
    ب*- حديث :" اعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذر امريء يخشى أن يموت غدا . ص 66
    وهو ضعيف انظر السلسلة الضعيفة الجزء الأول رقم (8)
    ت*- حديث : حد الساحر ضربه بالسيف . ص151
    الترمذي (1460) وضعفه بقوله : هذا حديث لا نعرفه إلا مرفوعا من هذا الوجه و إسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث .
    ث*- حديث تعداد أسماء الله ص184
    رواه الترمذي (3507) وقال :هذا حديث غريب
    ج*- حديث أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم ؟ قال : ( كانت أمثالا كلها : أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث : تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ) قلت : يا رسول الله فما كانت صحف موسى ؟ قال : ( كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل . ص363
    ابن حبان في صحيحه (2|76) وإسناده ضعيف جدا كما ذكر الشيخ شعيب الأرناؤوط
    ذ*- نسبت إلى أبي بكر أنه قال : العجز عن الإدراك إدراك . ص 91
    وهو أثر لم أجده
    إجابيات الكتاب :
    1- عرض المعلومات بطريقة سهلة ميسرة
    2- وافقت السلف في كثير من المباحث وخصوصا فيما يتعلق بباب الألوهية
    فقد عرفت الألوهية كما في ص 135 إفراد الله بالعبادة وهذا التعريف موافق لتعريف السلف
    وقد عددت ما ينافي التوحيد وهي عشرة مع شرح وإيراد للأدلة:
    أ*- التمائم والرقى وذكرت شروط الرقى الشرعية وصفات الرقى الممنوعة على ما يوافق مذهب اللسلف
    ب*- النذر لغير الله
    ت*- الذبح لغير الله
    ث*- الحلف بغيرالله
    ج*- الاستغاثة والاستعانة والتوسل بغير اللهوإن كانت أخطأت في مسألة جواز التوسل بذات النبي وقد تعقبناها كما مر معنا .
    ح*- الاستعاذة بغير الله
    خ*- اتخاذ القبور مساجد
    د*- السحر
    ذ*- الطيرة
    ر*- اتيان الكهان والعرافين
    وهي مشكورة جدا في تقريرها لمذهب السلف في هذا الباب المهم والذي يغفل عنه كثير من الباحثين .
    3- ثناؤها على شيخ الإسلام وإنصافها له والذي يفتقده كثير من المنتسبين إلى مذهب الأشاعرة والذي تلمس من كتاباتهم التحامل عليه .
    فقد ذكرت ص 41 : حتى شاء الله أن ينهض أفراد من العلماء الأعلام ينفون عن عقيدة الإسلام شبه المبطلين وتحريف الغالين ويدعون إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم وكان من أشهر هؤلاء العلماء ابن تيمية (661- 728) الذي وضع أسس النقد المنهجي للمنطق بعد أن استوى له الإحاطة به وبعد أن تنبه إلى منطلقاته الفكرية البعيدة عن روح لإسلام وقد تم له ذلك على ضوء إدراكه الكامل لطبيعة المنهج الإسلامي في البحث ومن خلال اطلاعه الهائل على علوم السلف وآثارهم الغزيرة .
    كذلك نقلت أجزل الله لها المثوبة عنه وعن تلميذه ابن القيم رحمهما الله كثيرا من المسائل التي قرروها في باب معتقد السلف .
    هذه ما جرى به القلم في التعقب على هذا الكتاب وإن كانت بعض المسائل تحتاج إلى مزيد تحرير والله الموفق للصواب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: الملحوظات على كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة" للكاتبة لسعاد مبير

    جزاك الله خيراً، والمؤلفة للأسف تأثرت بكتابات سيد سابق وغيره ممن خلطوا بين إثبات السلف وبين تفويض الأشاعرة

    http://www.ibnamin.com/rad_qubaisi.htm
    قال الحسن البصري : لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج. سمعته يقول: إن امرؤا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحري أن تطول عليه حسرته يوم القيامة.

  3. #3

    افتراضي رد: الملحوظات على كتاب "عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة" للكاتبة لسعاد مبير

    جزاك الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •