المجيب: القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني
س: هل يجوز أن يؤمّن المصلون بعد دعاء خطيب الجمعة؟ ثم هل ينبغي لنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عندما يصلي الخطيب عليه صلى الله عليه وسلم أم لا؟
جـ: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر المستمعين للخطبة يوم الجمعة أن يؤمنوا، ولا رغب فيه كما أنه لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى المستمعين أن يؤمنوا لدعاء الخطيب في خطبتي الجمعة أبداً، ولكن الذين جوّزوا التأمين من السامعين لدعاء الخطيب الذي يدعو به يوم الجمعة على أساس أن التأمين عند الدعاء أيِّ دعاء كان مشروع، والذين منعوا التأمين من المستمعين لدعاء خطيب الجمعة قالوا إن أحاديث التأمين لا يندرج فيها دعاء الخطبة؛ لأنه قد ورد المنع للكلام حال استماع خطبتي صلاة الجمعة، وأن المشروع هو الإنصات لمن يستمع خطبتي الجمعة سواء كان الخطيب في حالة الخطبة أو في حالة الدعاء أما الذين أجازوا التأمين فلان التأمين من السامعين يكون في لحظة واحدة، ولا سيما أن التأمين يكون في السكتة التي بين الجمل الدعائية التي يؤمن عليها السامعون، وهكذا يقولون في مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه الشريف من الخطيب تعارض فيها عمومان فأحاديث الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم(1) بلفظ: عند سماع اسمه الشريف تدل على الوجوب في أي وقت كان، والأحاديث(2) الدالة على وجوب السكوت حال خطبتي صلاة الجمعة تدل على منع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حال الخطبة، فلما تعارض العمومان اختلفت أنظار العلماء في المسألة فمنهم من رجح الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه الشريف ولو حال الخطبة؛ لأن العلة في النهي هي التشويش، ولا تشويش على الناس عندما يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم في لحظة واحدة في الوقت الذي يصلي الخطيب على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من رجح عدم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه الشريف عملاً بقواعد تغليب النهي على الأمر أما الذي أرجحه فهو الجواز؛ لأنه لا تشويش على أحد إذا صلى المستمعون على النبي صلى الله عليه وسلم في لحظة واحدة.
____________________
(1) صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: قول الله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلاً. حديث رقم (3119) بلفظ: حدثني عبد الله بن عيسى سمع عبدالرحمن ابن أبي ليلى قال: «لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى فأهدها لي. فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال: قولوا: اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد». أخرجه مسلم في الصلاة 614، والترمذي في الصلاة 445 والنسائي في السهو 1270، 1271، وأبو داود في الصلاة 830 وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها 894 وأحمد في مسند الكوفيين 17409، 17425، والدارمي في الصلاة 1308.
(2) صحيح البخاري: كتاب الجمعة: باب الأنصات يوم الجمعة والإمام يخطب وإذا قال: لصاحبه أنصت فقد لغا وقال سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إذا تكلم الإمام. حديث رقم (933) بلفظ: عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ». أخرجه مسلم في الجمعة 1404، 1405، والترمذي في الجمعة عن رسول الله 470، والنسائي في الجمعة 1384، 1385، وأبو داود في الصلاة 938، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها 1100، وأحمد في باقي مسند المكثرين 7030، 7361 ومالك في النداء للصلاة 214، والدارمي في الصلاة 1504، 1505.
معاني الألفاظ:
لغوت: إنشغلت عن الخطبة فذهب أجرها.
وفي صحيح مسلم: كتاب الجمعة: باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة. حديث رقم (933) بلفظ: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يخلو من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام». أخرجه الترمذي في الجمعة عن رسول الله 458، وأبو داود في الصلاة 886، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها 1080، وأحمد في باقي مسند المكثرين 9120.

موقع منبر علماء اليمن: