الكبيرة الثامنة و الخمسون : الذبح لغير الله عز و جل
مثل من يقول : بسم الشيطان أو الصنم أو باسم الشيخ فلان . قال الله تعالى : " و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " . قال ابن عباس : يريد الميتة و المنخنقة إلى قوله : " و ما ذبح على النصب " . و قال الكلبي : ما لم يذكر اسم الله عليه أو يذبح لغير الله تعالى . و قال عطاء : ينهي عن ذبائح كانت تذبحها قريش و العرب على الأوثان و قوله : " إنه لفسق " يعني : و إن كل ما لم يذكر اسم الله عليه من الميتة فسق أو خروج عن الحق و الدين . " و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " أي يوسوس الشيطان لوليه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل ، و هو أن المشركين جادلوا المؤمنين في الميتة قال ابن عباس : أوحى الشيطان إلى أوليائه من الأنس كيف تعبدون شيئاً لا تأكلون ما يقتل و أنتم تأكلون ما قتلتم ؟ فأنزل الله هذه الآية " و إن أطعتموهم " يعني في استحلال الميتة " إنكم لمشركون " ، قال الزجاج : و في هذا دليل على أن كل من أحل شيئاً مما حرم الله أو حرم شيئاً مما أحل الله فهو مشرك .
فإن قيل : كيف أبحتم ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و الآية كالنص في التحريم ؟ قلت : إن المفسرين فسروا ما لم يذكر اسم الله عليه في هذه الآية بالميتة و لم يحمله أحد على ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و في الآية أشياء تدل أن الآية في تحريم الميتة و منها قوله " و إنه لفسق " و لا يفسق آكل ذبيحة المسلم التارك للتسمية .
و منها قوله " و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " و المناظرة إنما كانت في الميتة بإجماع من المفسرين لا في ذبيحة تارك التسمية من المسلمين ، و منها قوله " و إن أطعتموهم إنكم لمشركون " و الشرك في استحلال الميتة لا في استحلال الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها .
و قد أخبرنا أبو منصور بإسناده " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أرأيت الرجل منا يذبح و ينسى أن يسمي الله تعالى ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم اسم الله على فم كل مسلم " .
و أخبرنا أبو منصور أيضاً بإسناده " عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يكفيه اسمه و إن نسي يسمي حين يذبح فليسم و يذكر الله ثم ليأكل " .
و " أخبرنا عمرو بن أبي عمرو بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً قالوا : يا رسول الله إن قوماً يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سموا عليه و كلوا " ، هذا آخر كلام الواحدي رحمه الله و قد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم : " لعن الله من ذبح لغير الله " .