وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله تعالى- عن صفة الحجاب الشرعي، فأجابحفظه الله بقوله: القول الراجح أن الحجاب الشرعي أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجالبنظرهم إليه، وأعظم شيء في ذلك هو الوجه، فيجب عليها أن تستر وجهها عن كل إنسانأجنبي منها، أما من كان من محارمها فلها أن تكشف وجهها له.
وأما من قال إن الحجاب الشرعي هو أن تحجب شعرها وتبدي وجهها… فهذا من عجائبالأقوال !!
فأيما أشد فتنة: شعر المرأة أو وجهها؟!
وأيما أشد رغبة لطالب المرأة أنيسأل عن وجهها أو أن يسأل عن شعرها؟
كلا السؤالين لا يمكن الجواب عنهما إلا بأن يقال: إن ذلك في الوجه.
ومن هنا إحتدم الجدال حول الحجاب
*فمن قائل :: إن النقاب بدعو تركية!! أو مملوكية أو فارسية !!!!!
**ومن قائل :: إنه رجعة جاهلية !!!
**ومن قائل ::إنه دخيل على الإسلام وأنه ما ظهر إلا عصور الإنحطاط فى التاريخ الإسلامى!!!
**ومن قائل::: إنه "بدعة" وتنطع يأباه دين الإسلام!!!!
*بل ذهب بعض المضلين إلى الإفتاء بأن العلماء مجمعون على "بدعيته" و"براءة" الإسلام منه!!!
*وهذه إمرأة تشغل منصب تدريس فى المعاهد العلمية تخرج سافرة الوجه والكفين على شاشات الفضائيات وتشن حملة شعواء على أخواتنا المنتقبات وتصفهم بأوصاف بشعة وتهرف بما لا تعرف وتتشبعَ بما لم تعطه وتقول أنها "تشمئز من شكل المنتقبات" ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!
بل لقد سمعت بأذنى أحد العوام الذى لم يتعلم ولم يجلس على يد شيخ فى يوم من الأيام يقول:: إن تغطية الوجه والكفين ((حرام)) وما هذا إلا ترديد لأقوال بعض المتعالمين الذين هالهم عودة "النقاب" بعدما ظنوا أنه ذهب بلا رجعة بعد الحرب الرهيبة التى تولى كبرها ""قاسم أمين" وشيعته !!
_وفى الحقيقة :: كتبته وجمعته لما رأيت شدة الحاجة للحديث عن هذه النقطة التى نحن بصددها الأن فضلتُ أن أبدأ بهذا الموضوع الهام جدااا .....
**الباعث على هذا البحث :::
_رغم أن هذه النقطة التى نتحدث عنها هى منالخلاف"السائغ" والذى أكدت عليه فى كل تعليقاتى على هذاالموضوع إلا أن هناكحرب فكرية على أخواتنا "المنتقبات" واستغلال أن المسألة من الخلاف" السائغ من البعض " فى تزهيد الأخوات فى تغطية الوجهوالكفين ....ونجد بعض الملاحظات على من يتكلم فى هذه القضيةوهى :::
1_أن بعض من يكتب فى هذاالموضوع يتوجه بحديثه أصلاً إلى "المنتقبات " وليس إلى "المتبرجات" وتكاد تنحصرغايتها فى حمل المنتقبة على السفور وليس هداية المتبرجة إلى الحجاب !!!
2_إهمال بعض أدلة المخالف والإعراض عنها وبخاصة بعض الأيات القرأنيةالمتعلقة بالحجاب رغم وضوح دلالتها على وجوب الحجاب الكامل...
3_التركيز علىنسبة القول بوجوب النقاب إلى ""المعاصرين من العلماء والدعاة وطلبة العلم" والإنبساط فى نقدهم ووصفهم بالتشدد والغلو والتعصب مع حجب أسماء الأئمة السابقينالذين نصروا هذا المذهب وتبنوه بحيث يُخيل لمن لم يطلع أن هذا المذهب "مُحدث" ليسمن السلف ولا من الأئمة وأنه من بنات أفكار ""المتطرفين"!!!
فهذهالدوافع على سبيل المثال لا الحصر فى دوافع كتابة هذا البحث الذى أرجو من الله أنينفعنى وإخوانى وأخواتى به ....
وكما قلت فإن من أهداف الموضوع الرئيسية هى التنبيه على "بدعة" من قال أن النقاب ليس له أصل فى الإسلام وأنه "حرام " و "وبدعة" وغير ذلك مما تطالعنا به وسائل الإعلام بين الحين والأخر ..والتأكيد على أن ""مشروعية النقاب" هو قدر مشترك بين علماء الأمة سلفاً وخلفاً وإنما كان الخلاف بين "وجوبه و سنيته " ...وإن شاء الله يكون البحث شافياً وافياً لكل من أراد الحق واتبع الدليل ......
*أدلة وجوب النقاب ::..
_أولاً ::من القرأن الكريم ::..
1_الدليل الأول :: أية الإدناء ...
قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب59
_بالطبع أقوال المفسرين كثيرة جداا فى هذا ولولا خشية الإطالة ولكون هذه النقول موجودة فى مواضيع أخرى على المنتدى بفضل الله فسأكتفى ببعض أقوال أشهر المفسرين قديماً وحديثاً ..
شيخ المفسرين ""ابن جرير الطبرى "::..
قال _رحمه الله تعالى رحمة واسعة_ فى تأويل هذه الأية:::
((يقول تعالى ذكره لنبيه محمد _عليه الصلاة والسلام_""{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ"" ::لا تتشبهنَ بالإماء فى لباسهنَ ،‘إذا خرجنَ من بيوتهنَ لحاجتهنَ فكشفنَ شعورهنَ ووجوهنَ ولكن ليدنين عليهنَ من جلابيبهنَ لئلا يعرض لهنَ فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول))
2_الإمام ""القرطبى ":::
قال رحمه الله فى تفسيره:::
((لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفنَ وجوهنَ كما يفعل الإماء وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهنَ وتشعب الفكرة فيهنَ ..أمر الله رسوله الكريم أن يأمرهنَ بإرخاء الجلابيب عليهنَ إذا أردنَ الخروج إلى حوائجهنَ))
ثم قال أجزل الله له المثوبة:::
((""وقوله تعالى ""من جلابيبهنَ"":::: الجلابيب :جمع جلباب وهو :ثوب أكبر من الخمار ، وروى عن سيدنا "ابن عباس " و"ابن مسعود" أنه ((الرداء))..وقيل أنه القناع ...
والصحيح ::أنه الثوب الذى يستر جميع البدن )))..
3_قال علامة الشام "القاسمى"_رحمه الله_:::
((فأمرنَ _يعنى الحرائر_ أن يخالفنَ بزيهنَ عن زى الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤس والوجوه ليُحتشمنَ فلا يطمع فيهن طامع)))
قال العلامة ""السعدى"_رحمهالله_::
((هذه الأية هى التى تُسمى "أيةالحجاب" فأمر الله نبيه المصطفى أن يأمر النساء عموماً ويبدأ بنسائه وبناته لأنهنَأكد من غيرهنَ ولأن الأمر لغيره ينبغى أن يبدأ بأهله قبل غيرهم ....أمرهنَ أن ((يُدنين عليهنَ من جلابيبهنَ)) وهى اللاتى يكنَ فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداءونحوه ..أى يُغطين بها وجوههنَ وصدورهنَ ثم ذكر الله حكمة ذلك فقال ((ذلك أدنى أنيُعرفنَ فلا يُؤذينَ)) دل على وجود أذية إن لميحتجبنَ))).....
5_قال فضيلة الشيخ""عبدالعزيز بن خلف ":::
((قوله تعالى ""ذلك أدنى أنيُعرفنَ"" ..يدل على تخصيص الوجه لأن الوجه(عنوانالمعرفة) فهو نص على وجوب ستر الوجه ..وقوله تعالى ""فلا يُؤذينَ"" هو نص على أن معرفةمحاسن المرأة إيذاء لها ولغيرها بالفتنة والشر ولذلك حرم الله تعالى عليها أن تُخرجمن بدنها ما تُعرف به محاسنها أياً كانت)))
ثم قالفضيلته::
((لو لم يكن من الأدلة الشرعية على منع كشف الوجه إلا هذا النص منالله تعالى لكفى به حكماً ""موجباً" لأن الوجه ""هو العنوان منالمرأة لمعرفتها من الناحية الشخصية ومن الناحية التى تجلب الفتنة بحيث إنها لاتظهر بارزة وبحجبه تنعدم تلك المقاصد المحذورة "......والله تعالى أمر المرأة بأنتعمل على حجب ما يدل على معرفتها من بدنها وهذا الأمر يقتضى الوجوب ولا يوجد أىدليل يصرفه من الوجوب إلى الإستحباب)))..
هذه بعض النقول علىسبيل المثال لا الحصر من أقوال المفسرين فى هذه الأية ...
نستكمل بعون الله وتوفيقه التعليق على الدليل الأول الذى أوردناه فى المداخلةالسابقة وهو قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُللِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنجَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُغَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب59
وهذه الأيةالكريمة تستدعى التأمل وإدارة الفكر من وجوه ::
*الأول :: أن الله تعالىلميقل ::""يتجلببنَ" وإنما قال سبحانه((يُدنينَ))..ومعلوم أن الإدناءليس هو نفس التجلبب بل هو أمر زائد على التجلببفلا يحصلالإمتثال بهذا الأمر بمجرد "التجلبب" بل لا بد من الإتيان بقدر زائد عليه يصح أنيُطلق عليه كلمة "الإدناء"....
*الثانى:::أن "الإدناء" لايُطلق على لبس الثياب، ثم إنهلا يتعدى "بعلى" بل يتعدىبحرف "اللام و من وإلى"" ومن ثم ::فتعديته هنا بحرف ((على)) لتضمنه معنى فعلأخر ألا وهو ""الإرخاء"...
والإرخاء يكون منفوق....فالمعنى ::يُرخين شيئاً من جلابيبهنَ من فوق رؤسهنَ علىوجوهنَ ...
أما قولنا ""علىوجوههنَ"":::فلأن الحجاب لا بد أن يقع على عضو عند الإرخاء ومعلوم بالبداهةأن ذلك العضولا يكون إلا ((الوجه)) ...
وأما أن يكونعلى "الجبهة" فقط فمعلوم أن هذا القدر القليل من عطف الثوب لا يُسمى إرخاء ، ويُؤيدهذا المعنى ((أى أن المراد بالإدناء هو الإرخاء لا مجرد التجلبب)) أيضاً ::أن الله أتى بكلمة (((من)) التبعيضية قبل الجلابيب ..فمقتضاه أن ::الإدناء يكون بجزء من الجلباب مع أن التجلبب يُطلق على مجموع هيئةلبسه...
3_الثالث::أن الضمير فىكلمة((يُدنين)) يرججع إلى ثلاث طوائف جمعاء هم ::: أزواج رسول الله وإلى بناته ، وإلى نساء المؤمنين...وقد أجمعوا على أن ستر الوجه والكفين كان واجباً على أزواج رسول اللهفإذا دل هذا الفعل على وجوب ستر الوجه والكفين فى حق طائفة منها ..فلما لا يدل نفسالفعل على نفس الوجوب فى حق الطائفتين الأخرييتين وهما ""بناته ونساءالمؤمنين؟؟؟
4_الرابع::: أن الله تعالىأمر أمهات الؤمنين بالتستر الكامل فى أية الحجاب ولم يستثن عضوا من الأعضاء فلو كانالمراد بإدناء الجلباب ""مجرد تغطية الرأس من غير أن يشمل الوجه والكفين"" لكان كلامه تعالى عبثاً فى حق أمهات المؤمنين إذ من العجائب أن يؤمرأولاً بالتستر الكامل حتى الوجه والكفين ثم يؤمر بتغطية الرأس فقط!!!!! مع بقاءالأية الأولى "غير منسوخة"!!!
فياليت شعرى ::أىحاجة مست إلى الأمر بستر الرأس بعد الأمر بستر جميعالأعضاء؟؟!!!!
5_ الخامس:: أنأعمال أمهات المؤمنين وأعمال نساء المسلمين تُرشدنا إلى ما هو الصحيح فى معنى ""إدناء الجلباب" لأن الخطاب كان موجهاً إليهنَ مباشرة وكان الله مهيمناً عليهنَوالرسول قيماَ على أعمالهنَ فلا نحسب أن رسول الله أقر الصحابة والصحابيات على عملعمل لم يوجبه الله مع أنه كان قد جاء لرفع الأواصر والأغلال وكان عزيزا عليه ماعنتوا وقد أعطت الروايات عن أعمالهنَ تفصيلاً لا يحوم حوله شك ولا ريب بأنهنَ كنَيسترنَ الوجوه إيماناً بكتاب الله وتصديقاً بتنزيله....
السادس::: أن قوله تعالى((يُدنين)) صيغة مضارع للأمر ومعلوم أن الأمر للوجوب وأنه إذا ورد بصيغة المضارع يكونأكد فى الدلالة على الوجوب .....
وسأل رجل شيخ وقال له ماهو الحجاب فقام الشيخ بوضع يده امام وجهة وقال له ماذا فعلت للتو ؟ قال حجبت وجهك عني فقال له لقد علمت الإجابة يرحمك الله.............
فلو كان لقلت حجبت كله إلا كذا ولكن كلمة الحجاب للتعميم والله أعلم
اختكم في الله:طالبة فقة
المملكة العربية السعوديه
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته