إخواني في الله ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد كتبتُ مشاركةً من قبلُ تصحيحًا لضبطِ أخي فتح الباري لأحَدِ أبياتِ السيوطي ، فقلتُ :
اعلمْ ـ يا أخِي ـ أنَّ الشطرَ الأوَّلَ منْ قوْلِ السيوطي :
771. وَالْحَرَمَيْنِ أَوْ مِنْ أَهْلِ طَيْبَةِ ... وَبَيْتِ خَيْرِ الْخَلْقِ غَيْرُ حُجَّةِ
ـ برسْمِكَ هذا ـ ليسَ موْزونًا ، بلْ هُو مَكْسورٌ ؛ ولِكَيْ يستقيمَ وزنُه لابدَّ مِنْ نقلِ حركةِ الهمزةِ إلى الساكنِ قبْلَها ، ثم نُسَهِّلُ الهمْزةَ كما هُو معلومٌ في علمِ القراءات ؛ وعليهِ يجبُ أَنْ يُرسمَ البيتُ هكذا :
771. وَالْحَرَمَيْنِ أَوْ مِنَ اهْلِ طَيْبَةِ ... وَبَيْتِ خَيْرِ الْخَلْقِ غَيْرُ حُجَّةِ
فبذلِكَ يصِحُّ وزنهُ ، والأمْرُ لا يخفى عليكَ ـ أيُّها الأخُ الكريم ـ
والسَّلام .
وقد نبَّهني أخي في الله وأستاذنا القارئ المليجي إلى أنني جريتُ في قولي : ( ثم نسهِّل الهمزة ) على غيرِ ما جرَى عليه القرَّاءُ ، فإنهم يقصدون بالتسهيلِ معنًى ، وقصدْتُ أنا به معنًى آخرَ ؛ إذْ قصدتُ به إسقاطَ الهمزةِ ، أما مشايخُناوأسيادُ نا القرَّاءُ فيقصِدُونَ ما ذكَره ـ حفظَه اللهُ بقولِه الذي أنقلُه هنا للفائدةِ :
المعنى الذي دللتم عليه وصل.
لكن يبدو أنَّ كلمة (نسهِّل) في كلامكم غير جارية على اصطلاحهم.
فإن الأكثر في استعمالهم لها أنَّها النطق بالهمزة "بين بين"؛ أي: بين الهمزة وحرف المد الذي من جنس حركتها، كما في ((أاعجمي)) في رواية حفص.
و "التسهيل" أيضًا عند الكلام على التعامُل مع الهمزة يُطلق على صور تخفيف الهمزة .. لكن هذا ليس اصطلاحًا بل نظرًا للمعنى اللغوي.
جاء في "الحرز" وشرح أبي شامة:
وَتَسْهِيلُ أُخْرَى هَمْزَتَيْنِ بِكِلْمةٍ * * * سَمَا وَبِذَاتِ الفتْحِ خُلْفٌ لِتَجْمُلا
لمَّا كانت الهمزة حرفًا جلْدًا على اللِّسان، في النطق به كلفة، بعيدَ المخرج، يشبه بالسعلة لكونه نبرة من الصدور .. توصّل إلى تخفيفِه فسهل النطق به كما تسهَّل الطرق الشاقة والعقبة المتكلف صعودها؛ فلهذا سُمي تخفيفها تسهيلا.
ثمَّ تخفيفها يكون على ثلاثةِ أنواع: الإبدال والنقل وجعلها بين بين.
وتجتمع الأنواع الثلاثة في باب وقف حمزة وهشام.
وللنقل باب مختصّ به.
والإبدال له باب الهمز المفرد، وهو يقع في المتحركة والساكنة، وأمَّا النقل وبين بين فلا يكونانِ إلاَّ في المتحركة، وهذا الباب وما بعده مُختصَّان بما يسهَّل بين بين، ويقع فيهما ذكر الإبدال قليلا، ولفظ التسهيل وإن كان يشمل هذه الأنواع الثلاثة تسميةً من حيث اللغة والمعنى إلا أنه قد صار في اصطلاح القراء وكثرة استعمالهم وتردده في كلامهم كالمختص ببين بين أي تكون الهمزة بينها وبين الحرف الذي منه حركتها.
= = =
والأَوْلى بعد ذِكرِكم لنقْل حركة الهمزة كما ذكرتُم أن نقول بِسقوط الهمْزة نفسها؛ أي: سقوطها من النطق.
والله أعلم.
هذا ما قالَه أخي في الله القارئ المليجي ، والحمدُ لله أننا متفقانِ ولنْ نختلفَ ؛ فالمعنى الذي أردتُه كما يقولُ ـ باركَ اللهُ فيه ـ وصلَ ، وإنْ أخطأتُ في التعبيرِ ؛ فجزى اللهُ عنا أخانا في الله أبا ورشٍ خيرًا ، واللهُ الموفقُ ، والسلام