تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن عقيل

  1. #1

    افتراضي رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن عقيل

    رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة
    أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

    الشيخ عبدالباسط بن محمد بن عبدالصمد -رحمه الله- من أحلى المقرئين صوتاً بإطلاق وأطولهم نفساً.. إلا أن لي بعض الملاحظات على تلاوته بعد قليل إن شاء الله، ولهذا نُسي، واستبدل به ذوو التلاوة المجودة منذ الشيخ الحذيفي إلى شبابنا حفظهم الله.. ولد رحمه الله سنة 1346هـ- 1927م، وتوفي سنة 1409هـ- 1988م، وهو شيخ المقرئين المصريين، ورئيس نقابة قراء ومحققي القرآن الكريم في مصر، وعضو المجلس الأعلى الإسلامي، وكان والده من أكراد العراق.. حفظ القرآن ولم يتجاوز العاشرة من عمره - فليعتبر شباب العصر-، وأتقن القراءات السبع ولم يتجاوز أربعة عشر عاماً(1).

    قال أبو عبدالرحمن: ولا تزال ترتبط ذكرى تلاوة عبدالباسط بذهني ووجداني في صغري أيام الراديو الفيلبس الكبير الذي نشغله على البطارية، ويستفتح بصوته الإذاعات؛ فكنا نصغي إليه عند وجبة الفطور قبل الذهاب إلى المدرسة، وهكذا تستقبلنا نوافذ المربع بالرياض إذا زرناه في العطلة، حيث يسكن بعض أصدقاء الوالد -رحمه الله- في غرف بالمربع؛ فلا تسمع إلا صوت عبدالباسط بأعلى ارتفاع من صوت الراديو؛ وكان أخي عبدالله -رحمه الله- مشهوراً في شقراء بالإجادة المطابقة لصوت عبدالباسط عبدالصمد مع انقطاع قليل في النفس، كما كان يقلد المنشاوي، ومحمد رفعت، ومحمود خليل الحصري، وأبوالعينين شعيشع.. وكان الوالد -رحمه الله- يذهب به إلى مرقده في الموعد المحدد على الرغم منه؛ لأنه يقضي الليل في تحريك مفتاح الراديو يميناً وشمالاً يتحرى كل إذاعة تستفتح بتلاوة أحد هؤلاء.. وأمثل القراء المصريين المشهورين تجويداً المنشاوي، ومحمد محمود الطبلاوي، ومحمود خليل الحصري، ومحمد رفعت، وأبوالعينين شعيشع.. ذكرتهم على الترتيب في الإجادة، والطبلاوي طويل النفس، متقن للتجويد بلا تكلف، موفق في نطق الحروف من مخارجها.. إلا أنه مثل أكثر المقرئين -إذا لم تكن أشرطته مدبلجة.. أي محذوفة السكتات- لا يقف للدعاء والاستعاذة والتسبيح عند آيات الترغيب والترهيب والتقديس؛ فيفوته أجر ذلك، ولكن المستمع لن يغفل عن ذلك؛ لأن تلاوته تقتضي الخشية، وهذه خصيصة له وحده بينهم، والحصري دونه في التجويد ولم يرزق حلاوة صوت، وأبوالعينين أحلاهم صوتاً، ويضارع الطبلاوي في طول النفس؛ إلا أنه يقف كثيراً عند كل آية أو جزء من آية وإن لم يكن فيها ما يقتضي التسبيح أو الدعاء أو الاستعاذة؛ بسبب تكلفه في رفع الصوت؛ فيأخذ نفساً طويلاً، وقد يخفض الصوت؛ فلا تكون تلاوته على وتيرة واحدة.. ويشترك مع محمد رفعت في أنهما يميلان إلى التحزين ولا تتبين تلاوتهما أحياناً؛ فهما أكثر تكلفاً في التجويد والتحزين.. إلا أن محمد رفعت أحلى صوتاً، وأقرب إلى التحزين شبه الطبيعي إلا في تلاوة له لسورة (اقتربت الساعة)؛ فقد تكلف التحزين.. والطبلاوي يراعي النبر العروضي أحياناً وهو إظهار التعجب والإنكار والتساؤل.. الخ.. والملاحظ على عبدالباسط رحمه الله ما يلي:

    1- أنه ينبغي التثبت من القراءات التي يقرأ بها؛ فإنه قرأ في سورة الغاشية (بمضيطر) بضاد معجمة بعد الميم، ولا تعرف هذه القراءة عن أحد، وإنما ورد في قراءة لا يعتد بها نقلا إشمام الصاد زاياً، وهذا الإشمام(2) (مع عدم إمكانه) لا يقتضي النطق بالضاد.

    قال أبو عبدالرحمن: والعجب تصحيحها عند بعض النحاة وفي كتب بعض القراءات، وأرى أن إشمام الصاد زاياً ليس من الحروف الفرعية؛ لأنه محال النطق به، وما كان محالاً فليس حرفاً.. وهذه الإحالة بالنسبة للآية من سورة الغاشية (بِمُصَيْطِرٍ)؛ قراءة تفرد بها خلف بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي: عن سليم بن عيسى: عن حمزة رحمهم الله تعالى، والظاهر أنه سمعها بتصرف في الصاد بأن جعلها ساكنة وأتمها بزيادة زاي مكسورة.. ولا يمكن أن يتصور إشمام الصاد زايا بغير هذه الصورة؛ لأن طبيعة الصوت البشري بمخارجه لا يوجد حرف فرعي بين الصاد والزاي مثل الكاف في (كيف حالك؟) في عامية نجد، فلها في الصوت البشري مخرج بين الجيم والكاف، وهكذا (الصِّرَاطَ).. يستحيل أن تجد له مخرجاً بين الصاد والزاي، ومحال أن تجد له شمامة بين الصاد والزاي بخلاف الصاد والسين فإنك تخفف نطق الصاد فلا تلفظ بها من مخرجها خالصة، بل تميل إلى السين أيضاً من دون أن تلفظ بها خالصة من مخرجها، وهذا تكلف متعب، وأما ما بين الصاد والزاي فهو محال.. والتقارب اللغوي بين معاني صراط وسرط وزرط لا يسوغ نطقاً متكلفاً أو دعوى نطق محال، وإنما يتصور نطق الصاد ساكنة بعدها زاي مكسورة، وهذا تصرف في حرف الصاد، وزيادة حرف زاي، ولا يقبل في كلام الله إلا ببرهان قوي.. وحمزة هو الإمام حمزة بن حبيب بن عمارة الكوفي -رحمه الله تعالى- من أئمة القراءات السبع، ولكن هذه القراءة عنه ليست سبعية؛ لأن راويها عن تلميذه سليم هو خلف بن هشام -رحمه الله- إمام من القراء العشرة؛ فعلى فرض صحة الممكن (الذي أسلفته من إشمام الصاد زاياً) عن سليم؛ فيكون سليم -وإن كان أقوم تلاميذ حمزة بحرفه- منفرداً عن بقية تلاميذ حمزة، ولكن الأظهر -لإحالة الإشمام، والاحتياج إلى إسكان الصاد وإتمامها بزاي مكسورة- أنها لا تثبت عن سليم وإن كان راويها خلف إماماً لأمور:

    أولها: أن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- كره قراءة حمزة؛ فلما بحث عن السبب وجد أنه انفراد بعض القراء بالرواية عنه؛ فأحد الرواة عن سليم عن حمزة سمع مقرئاً يروي قراءته عن حمزة وفيها إفراط في المد؛ فكره ابن إدريس ذلك.. ومعنى هذا أنها لم تثبت عن حمزة؛ لأن أبا عمارة حمزة -رحمه الله- كان يقول ناهيا لرجل: (أما علمت أن ما كان فوق البياض فهو برص، وما كان فوق الجعودة فهو قطط(3)، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة)(4).

    وثانيها: أن هذا الانفراد عن أصحاب سليم بن عيسى تلميذ حمزة، وهذا الانفراد عن بقية تلاميذ حمزة في أمر محال أو تصرف متكلف: قاض بترجيح الاحتمالات القاضية بردها التي سترد في الأمر الثالث.

    وثالثها: أن خلفاً -رحمه الله- أخذ القراءة عن شيخه سليم بن عيسى عرضا لا سماعا منه، ومعنى العرض أن يقرأ خلف ويسمع منه سليم، أو يسمع خلف من يقرأ على سليم.. ومع أن السماع من تلاوة الشيخ أصح وأبلغ فلنفترض - مراعاة للاختلاف(5) - أن العرض أبلغ من السماع، أو أنه مثله: إلا أن هذه القراءة المحالة أو المتكلفة بتصرف يغير ضبط الصاد ويزيدها زايا موجب تقديم الاحتمالات التي تنفيها؛ فيحتمل أن خلفا سمع العرض على سليم بتلاوة رجل آخر، وظن أنه تصرف هذا التصرف في الصاد مع أن سليما لم يلاحظ ذلك؛ فيكون سمع خلف هو الذي أخطأ، وليس سمع سليم مخطئا.. ويحتمل أن عرض خلف بتلاوته هو على سليم، ولم يتبين لسليم تصرف خلف؛ لخفوت صوت خلف، أو لإخطاء سمع سليم؛ فلا تكون القراءة حينئذ منسوبة إلى حمزة.. واحتمال إخطاء سمع سليم يكون على الرغم من أمر حمزة طلابه بالتحفظ والتثبت إذا أقبل سليم(6)؛ وما هذا إلا لرهافة سمعه ودقه إحساسه.. ويدلك على استحالة هذا الإشمام أن شيخ المقرئين عبدالباسط لما أراده عجز عنه؛ فجاء بالصاد المهملة ضاداً معجمة!

    2- التلحين الموحش المتجاوز التغني إلى الغناء الملحن كما في تلاوته لسورة (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) (سورة الشمس-1) في بعض أشرطة قصار السور؛ فإن هذا غناء بحت متكلف يحبه من يحب الطرب، وكلام الله سبحانه مقدس عن ذلك.

    3- حلاوة الصوت، وجمال الأداء في تلاوته إذا لم يلحن؛ فتستمتع بالصوت أيما استمتاع، ولكنه لا يجلب الخشية والخشوع من ذاته، وإنما يخشع ويبكي بعض المرات من كان ذا وعي بمعنى الآية الكريمة ولامست أحاسيسه، وهذا مثلا بخلاف تلاوة الشيخ عادل الكلباني؛ فإنه أحيانا يعينك على نفسك في الخشوع والبكاء وإن لم يكن من كبار القراء في صناعة التجويد.. وأما قراءة الترتيل بدون إمعان في التجويد فتقل فيه أحيانا حلاوة صوت عبدالباسط.

    4- الهينمات الصوفية، والتجاوز في الدعاء فيما يختم به التلاوة بعض المرات.

    5- ترديد الآية والآيات لزيادة قراءة صحيحة، أو للعبرة؛ لما فيها من معنى ظاهر يلامس الإحساس لا بأس به، وما عدا ذلك فعبث ولاسيما ما كان مشكل المعنى مثل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ.. . الآي} (سورة الأعراف-172).. وأكثر إعادات عبدالباسط من أجل زيادة قراءة، أو عند انقطاع النفس على غير موقف.

    6- ضجيج المستمعين للتلاوة مثل: الله يكرمك، والله ينعم عليك، يا صلاة الزين، الصلاة على النبي، والله أكبر؛ فكل هذا من البدع، والمشروع الإنصات بصمت، والإسرار: بالتأمين، والدعاء، وسؤال رحمة الله وفضله، والاستعاذة به في آيات الترغيب والترهيب، والتقديس عند ذكر أسمائه الحسنى وأفعاله سبحانه.

    ولقد أفتى علي السيستاني -وهو مرجع شيعي- بتحريم تلاوة عبدالباسط، وأحمد العجمي، وتحول هذا التحريم إلى عمل؛ فقامت المليشيات الشيعية بمصادرة أشرطته، وفرضوا ذلك على محطة الشرق الفضائية، ورفض ذلك مديرها الدكتور سعد البزاز سكرتير عدي سابقا(7).

    قال أبو عبدالرحمن: تلاوة عبدالباسط ثلاثة أقسام: تلاوة ليس بها محذور (وهي الترتيل)، وتجويد يوجد فيه التلحين أحيانا، وتلحين محض؛ فينبغي التفريق.. غفر الله له ورحمه.

    قال أبو عبدالرحمن: أترابي الذين تناوشوا سبعين عاما أو سلخوها، ومَن قبلهم من أجيال في عصور العامية -ولو كان ذلك بعد إشراف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله- ظلموا كثيرا في التلاوة واللغة، وسأقصر حديثي على جيلي الذين عاشوا التعليم المدني أيام الدراسة المرحلية؛ فقد كان التجويد مقررا لنا في مرحلة الابتدائي فقط، وكان علما نظريا(8) بحتا ولا سيما إن كان المدرس سعوديا؛ لأنه لا يملك الأداء الصحيح تطبيقا وإن حذقه نظريا، ولم يكن في بيئتنا مقرئون يحسنون التجويد، وإنما يوجد نوادر من شيوخ العوام الأتقياء الذين يملكون حلاوة الصوت ولا يحسنون التجويد، ولكنهم يحسنون الإمعان في القرآن وتدبره مع سلامة تنشئتهم على الفطرة؛ فهذه الظاهرة تجعل المستمع يخشع ويبكي ويطرب لحلاوة الصوت على الرغم من صغر سن المستمع.. وأكثر هؤلاء الأتقياء لا يملك حلاوة الصوت ولا الإبانة، وكأنه في تلاوته يفرقع حصى صلدا من أعلى الجبل إلى أسفله.. هذه واحدة، والثانية أن التجويد من صميم لغة العرب وجمالياتها؛ لأن العرب تعطي الحرف مسافته الزمنية من مخرجه، وتنبر نبرا عروضيا -ولا أريد نبر الهمزة في اللغة-؛ فيظهر من هيئة نطقهم معنى التعجب والتوجع والاستغاثة والسؤال والإنكار والتقرير والوعد والإيعاد.. الخ، وهذا معنى الفصاحة ومعنى شطر من البلاغة؛ فكان أداؤهم جماليا مطربا، وبيئتنا محرومة من هذه النعمة؛ فأصيبت حلوقنا بتخثر البحة والخنة والحشرجة، وبليت ألسنتنا بالعنة (بالعين المهملة)؛ بالالتهام للكلام، وسبق اللسان للفكر؛ فكان طالب العلم عندنا يقول: (رسول الله صَلَّهْ عليه وسلم) يريد (صلى الله!!!)، وهذا مثل بعض الأقطار المجاورة تقول: (الله بالخير) أي (صبحك الله بالخير)؛ فأصبحت (الله بالخير) مثلا يطلق على من لا يميز بين كوعه وكرسوعه، وعُشر عالم مصري مثلا يوصل علمه بذلاقة لسانه بتأثير البيئة ذات القراء (وإن لم يكن هو فصيحا على أداء العرب بالتمام) إلى طلابه أكثر من العالم المبرز عندنا.. وكان شيخنا وشيخ الأجيال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله لا يلحن نحوا في كلامه العادي، ولكنه رحمه الله كأبناء بيئته يلتهم الكلام أحيانا؛ إذن(9) عشنا في بيئة مزكومة اللغة.. وكانت بيئتنا بحمد الله نقية تقية توسعت في باب سد الذرايع؛ فلم ندرس نظرية المعرفة؛ لأن من تمنطق تزندق، ولم نتكلم بأداء عربي فصيح جميل مطرب؛ لأن من تحرى غير ما في بيئته فقد تشدق.. والتشدق مذموم!!.. ولم نلتذ بكلام الله من خلال مقرئ يتغنى بكلام الله وفق لغة العرب التي نزل بها القرآن؛ لأن من تعدى تلاوة البيئة فقد تفيهق.. والتشدق والتفيهق والتمنطق كلها في سمط المذمومات؛ فاستحوذ علينا الشيطان، وحبب إلينا أصوات الغناء لا التغني؛ فإن أخذتنا السكرة ردحنا مع أم كلثوم والسنباطي.. الخ.. الخ.. وإن أخذتنا الفكرة ردحنا مع ألحان عبدالباسط في غنائه بالقرآن الكريم في مثل (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) في شريط قصار الصور.. ومنذ خلعت خمسين عاما اشتد التجاذب والتطاحن عندي بين غرائز الإنابة، وغرائر الفكر، وغرائز الهوى؛ فلما أوشكت على خلع سبعين عاما عقب تلاوة مؤثرة خنقتني عبرة مباشرة لا أعرف سببها، ثم أحسنت الوضوء، ثم أحسنت الصلاة في جلاد مرير مع الخناس الوسواس، وفتح لي في السجود بدعاء لم يكن ببالي قط -وهي إيقاظ ملك كريم من رب رحيم- فقلت من غير تعمل، بل كأن ممليا يملي علي: (يارب إن وسيلتي إليك، وشفيعي عندك أنني منذ الصغر حتى هذه اللحظة أشهد أنه لا إله إلا أنت، وأن محمد عبدك ورسولك، وأنني مؤمن بملائكتك وكتبك ورسلك، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.. وأنني ألوذ بك، وأعتصم بك، وأسألك هداية التوفيق، وأبرأ من الحول والقوة إلا بك).. ثم غلبني البكاء فلم أحص من كلامي شيئا إلا استعاذتي مما يجلب غضب ربي ومقته ومكره، وأردد الحديث الذي فيه: (وأعوذ بك منك)، ونسيت نفسي في سجودي أدعو ربي ألا يقذف بي في النار، وألا يخترمني على كفر أو فسق، وأن يصحب بقية عمري بالعصمة والعفو عما سلف، وأن ييسر لي طاعته وعبادته والعلم النافع تعلما وتعليما عوضا عن سهر ليال في علم غير نافع -بأوراق مبعثرة تنيف على ثلاث مئة رزمة-؛ فذهبت كل تلك الليالي سبهللا.. وكنت إذا أردت أن أترك ما أراه معصية لا أعاهد ربي على ذلك خوفا من عودتي فيبطش ربي بي، ويحيقني بمكره؛ لأن الإصرار مع الاستغفار مكر، والله يمكر بمن يمكر به.. وإنما أقول في سجودي: (ها أنا يا ربي أعلن إقلاعي وندمي وعزيمتي على عدم العودة عزيمة لا عهدا، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت المستعان؛ فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين).. وبعدها تدرجت في معارج من حياتي أثلجت صدري، ولا أزال أتنقل من حسن إلى أحسن، وتدربت على أن يكون لتلاوة كتاب الله (بتدبر من غير استعجال على ختم القرآن) نصيب من وقتي، وأن أقضي رياضتي على السير الكهربائي بتمهل على امتحان أصوات المقرئين من كل بلد، والانتقاء من أصواتهم، والتدبر للتلاوة.. وأحضر بجني المصحف عند تلاوتي دفترا وجزءا من تفسير القرطبي فيه السورة التي أتلوها؛ فأراجع بسرعة ما أشكل علي؛ فإن تكاسلت سجلت رقم الآية ونوع الإشكال؛ لأراجعه فيما بعد، فكنت أحقق مسائل وأسودها كلما وجدت نشاطا، وكنت سابقا أستوحش إذا طال استماعي لمن أحبهم من المطربين؛ فما كانوا اليوم عندي يقومون ولا يقعدون، ولا أجد نفسي تميل إليهم؛ فعلمت سر الصدق مع الرب في الإنابة، والاعتراف بالذنب والتقصير؛ والإلحاح في الدعاء.. ثم بعد ذلك تيقنت السر العظيم في الشد إلى الله بصوت جميل صاحبه رباني ذو علم وخشية يتغنى بكلام الله.. ولو نشأنا على هذه الأصوات الربانية لما هوّم بنا الوسواس الخناس إلى (أنت عمري) و(وسط الطريق).. الخ.. الخ.

    ثم أدركت أسبابا سببت بقاءنا على الأمية العامية في التلاوة، وهي عامية لا تملك صوتا جميلا يتغنى بكلام الله على طريق الفصحى التي نزل بها القرآن، وعلق بذهني الأسباب التالية:

    أ- أن كبار القراء كانوا خارج محيطنا.. ومحيطنا المنطقة الوسطى، وجنوب الجزيرة ما بين نجد واليمن والمخلاف السليماني.

    ب- أننا عرفنا كبار القراء مع جهاز الراديو، ومن خلال الصحف والمجلات.

    ج- رأوهم حليقي اللحى، وهي معصية تشمئز منها بيئتنا.

    د- قرأوا وسمعوا من أخبار بعضهم أنه يشرب الدخان، ويشرب بعضهم ما يمزج مع الدخان أو ما هو مثله مما روجه دجالو الصوفية المدعون الجذب والكشف والوجد.. ولا ريب أن الدخان وحده يرفضه الاجتهاد بالاستنباط إلى درجة التحريم؛ لمضاره الدنيوية، ولعزله صاحبه عن الاختلاط الطويل بالصالحين.. وهذا حق في ذاته، ولكنه لا يطفئ نور الإيمان، ولا يصد عن ذكر الله، ولا يقسي القلب، ولا يمنع من الاستنصار بالله على الهوى والنفس والشيطان وضعف الإرادة؛ فتحصل العصمة على المدى، ونية المؤمن خير من عمله، والطاعات وإن صغرت تجر إلى طاعة أكبر على المدى أيضا، والإقلاع عن بعض الذنوب وإن صغرت يجر إلى التجرد من الفواحش ما ظهر منها وما بطن على المدى أيضا، وربما رفع الله درجة المؤمن العاصي إلى درجة المحسنين، وجعل خلقه القرآن، وختم له بخير؛ فمحيت ذنوبه؛ فكان كيوم ولدته أمه، ولم يجد أمامه إلا رحمة ربه وعمله القاصر أو الطيب الذي ختم له به مضاعفا أضعافا كثيرة بإحسان ربه، ونحن لا نسأل الله عدله، فذلك وعد حتمي كتبه ربنا على نفسه برحمته؛ فهو القادر المتصرف في ملكه لا غالب لأمره، ومن عامله ربه بعدله هلك، وإنما نسأله رحمة ربنا ولطفه وهدايته التوفيقية بعد هدايته الإيضاحية البيانية في الشرع والكون؛ لأن ذلك هو طلب الإذن من ربنا بالإيمان والصلاح، فالله سبحانه قال: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} (سورة يونس-100)، وقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (سورة غافر-60)؛ فالدعاء من الأسباب إلى الآخرة كما نبذل الأسباب لدنيانا بطلب الحرث والنسل والصحة والغنى.

    هـ- أن غالب هؤلاء القراء على هدي الصوفية في الضجيج والبدع.. وعلى هدي البدعة في التكلف والتحزين.

    و- أنه لا يغلب أحدهم البكاء والخشية في تلاوته، ولا تجد ذلك في ضجيج السميعة، وإنما التلاوة عندهم حرفة للتطريب؛ فتذكر قومنا قراء يأتون آخر الزمان لا تتجاوز قراءتهم حناجرهم.

    قال أبو عبدالرحمن: كل هذا حق، ولكنه لا يمنع من تخليص الحق من الأوشاب، ولا يمنع من اعترافنا بأننا على نقص وأخطاء جسيمة في ترك بذل الأسباب لإيجاد كوكبة تحسن التغني بالقرآن بالأصوات الجميلة الخشوعة المتدربة بعد الله بالعلم على ما يؤدي به خيار الأمة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم (وهم سادة الفصحى) كلام ربهم بما يرضي ربهم؛ فيحسن الناس الانتفاع بكلام الله، فبئس التاريخ في بيئتنا عصور تلك العامية التي يعشعش عليها الإلف والعادة، وخمود الفكر عن النظر بحرية ثم الالتزام لما دلت عليه عزائم الفكر من يقين ورجحان؛ فإن ربنا سبحانه في نزول القرآن بمكة المكرمة خاطب العقل والفؤاد (الذي هو مستقر المعقول إذا تحول إلى إيمان) والسمع والبصر، قبل المخاطبة بتكليف الشرع بالمدينة المنورة؛ لأنه إذا حصل الإيمان اليقيني بما يوجب السمع والبصر والفؤاد الإيمان به، وإذا حصل الإيمان الرجحاني فيما جعله الله للاجتهاد المؤهل: سهل الانقياد للشرع بتلذذ وشوق.. ومعذرة من هذا التدافع المنثال من الكث والبث؛ فلولا يقيني بانتفاع القارئ بتجربتي ما بثثت من سري شيئا.. ثم اعلموا أن كل بكاء أو قشعريرة أو عبرة في عبادة أي عبادة كالانكسار أمام الله بالدعاء في صلاة، أو خلوة، أو تلاوة، ولم يكن عن اعتبار بآية فهمت معناها المتوثب بالأرواح، ولم تعرف لتلك الخشية سببا: فسببها حفيف ملائكة الرحمن بك؛ فإن الله بث ملائكته عليهم السلام منهم كتبة الأعمال، ومنهم من يحفظك بأمر الله حتى يأتي أجلك أو قدرك الدنيوي الحتمي؛ وذلك نعمة للمؤمنين الشاكرين، وحجة على الكافرين الجاحدين ونقمة عليهم، ومنهم من يعينك على وساوس الشيطان بطمأنينة من الله، ومنهم من يغشى خلوتك في التلاوة والعبادة والانكسار فيدعو لك، ويستغفر الله لك بأن يقيك السيئات؛ فخذها مني حقيقة مطلقة قاطعة عن تجربة معاناة أن كل ما ذكرته هو من حفيف الملائكة، وهو بشرى للمؤمن، والله المستعان.

    وكتبه لكم:

    أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

    - عفا الله عنه -

    (1) ينظر عنه تتمة الأعلام للشيخ محمد خير رمضان ص265-266، وكذلك موقع عبدالباسط في الإنترنت، وقد نقلوا عن مذكراته.

    (2) قرأ خلف بإشمام الصاد زاياً، والإشمام هو: (ضم الشفتين للتلفظ بالضم من غير صوت يُسمع؛ تنبيهاً على ضم ما قبلها أو ضمة الحرف الموقوف عليه ولا يشعر به الأعمى).. زاد المسير 4-186.. وقال أبو عبدالرحمن: هذا إشمام حركة، ولا علاقة له بموضوع الآية الذي هو إشمام الحرف.. قال الإمام نصر بن علي ابن أبي مريم (-ت بعد 565هـ) رحمه الله تعالى في الموضح في وجوه القراءات وعللها 1-169 (بتحقيق الدكتور عمر حمدان الكبيسي - نشر الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن بجدة- الطبعة الأولى عام 1414هـ): (الصاد التي هي كالزاي، وهي تسمى المضارعة بين الزاي والصاد نحو (الزراط) إذا لم تجعلها زاياً خالصة ولا صاداً خالصة، وذكر 1-230 أنها قراءة ابن كثير برواية قنبل، ويعقوب برواية رويس، وأنها قراءة حمزة وحده برواية خلف في سورة الغاشية كما في 3- 1364، وذكر كراهية بعضهم لهذه القراءة لما فيها من تكلُّف.

    (3) الجعد قصير الشعر، والقطط بلوغ الغاية في الجعودة، والسبط المسترسل، وكان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً لا سبطاً ولا جعداً، فالجعودة ليست وسطية، فلم يصادف المعنى الذي يريده حمزة رحمه الله لفظاً دالاً عليه، ولو قال: (وليس ما دون السبط إلا الاعتدال، أو الجعد القطط): لكان أوفق.

    (4) انظر غاية النهاية في طبقات القراءة لابن الجزري رحمه الله تعالى 1-263- دار الكتب العلمية ببيروت.

    (5) انظر في علوم الحديث لابن الصلاح رحمه الله تعالى ص137-138- دار الفكر المعاصر ببيروت مع دار الفكر بدمشق.

    (6) غاية النهاية 1-319.

    (7) عن الإنترنت عن دنيا الوطن ببغداد عن الدكتور أحمد الديلمي.

    (8) مادام بعد الياء ألفُ تقتضي علامة تنوين فالأولى جعل الشدة والسكون على الياء الأولى، والتنوين هو للياء الثانية.

    (9) كان المبرد رحمه الله يتمنى أن يكوي يد من كتبها (إذاً) لأن النون أصلية في الحرف مثل عن وعند.

    منقول http://www.al-jazirah.com.sa/2007jaz/may/10/ar2.htm

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    77

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    أرى أن أبا عبد الرحمن لا يوافق على كل ما كتب .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    39

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    ماأدري ما رأيكم بهذا الكلام (ويحيقني بمكره؛ لأن الإصرار مع الاستغفار مكر، والله يمكر بمن يمكر به..)!!!!!!!!؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    112

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    رغم ما في مقالة العلامة أبي عبدالرحمن من الفوائد ومواطن القوة إلا أن بها من التخليط -لا سيما في المفاضلة بين القراء-
    ما لا يخفى على المبتدئ فضلاً عن من له باع في هذا الشأن ، وصدق من قال : من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب !!!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    279

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    هناك أخطاء ظاهرة جدا أمثال :
    1 - والحصري دونه في التجويد

    2 - فإنه قرأ في سورة الغاشية (بمضيطر) بضاد معجمة بعد الميم، ولا تعرف هذه القراءة عن أحد، وإنما ورد في قراءة لا يعتد بها نقلا إشمام الصاد زاياً، وهذا الإشمام(2) (مع عدم إمكانه) لا يقتضي النطق بالضاد.
    3 - وأرى أن إشمام الصاد زاياً ليس من الحروف الفرعية؛ لأنه محال النطق به، وما كان محالاً فليس حرفاً.. وهذه الإحالة بالنسبة للآية من سورة الغاشية (بِمُصَيْطِرٍ)؛ قراءة تفرد بها خلف بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي: عن سليم بن عيسى: عن حمزة رحمهم الله تعالى، والظاهر أنه سمعها بتصرف في الصاد بأن جعلها ساكنة وأتمها بزيادة زاي مكسورة.. ولا يمكن أن يتصور إشمام الصاد زايا بغير هذه الصورة؛

    4 - من أئمة القراءات السبع، ولكن هذه القراءة عنه ليست سبعية؛
    وهناك غيرها من الأخطاء الواضحة الظاهرة لأهل الاختصاص

    وعموما أبو عبد الرحمن غير مختص بهذا وليس من طلاب علم هذا الفن فضلا أن يكون في موقف التقييم

    مع إيماني بأن المنشاوي وعبد الباسط ورفعت وأمثالهم طبقة لا أدري هل سيعود أمثالهم أم لا في قراءتهم وحسن أصواتهم وأدائهم
    سمعت قبل أيام سورة القيامة لعبد الباسط فكأني أسمعها لأول مرة وسبحان من أعطاه هذا الأداء
    وقد كان شيخنا ابن عثيمين حال سفره يأخذ أشرطة عبد الباسط معه في السيارة ويستمعها ويقول : إن قراءته تعين على التدبر

  6. #6

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالرحمن مشاهدة المشاركة
    رغم ما في مقالة العلامة أبي عبدالرحمن من الفوائد ومواطن القوة إلا أن بها من التخليط -لا سيما في المفاضلة بين القراء-
    ما لا يخفى على المبتدئ فضلاً عن من له باع في هذا الشأن ، وصدق من قال : من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب !!!
    الأخ الفاضل أبو عبدالرحمن
    إرسال الكلام على عواهنه سهل ولا يعجز عنه أحد... وليتك ترد رداً علمياً على ما ذكرت وإلا القول الجميل أحسن .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    77

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    ولهذا نُسي، واستبدل به ذوو التلاوة المجودة
    أبشر الشيخ أن عبد الباسط لم ينس في كثير من دول العالم .. وإن كان قد نسي في نجد وما حولها، بل في الجزيرة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    والطبلاوي طويل النفس، ........ لأن تلاوته تقتضي الخشية، وهذه خصيصة له وحده بينهم،
    كثير يرى أن أخشعهم هو الشيخ المنشاوي .. فهذه وجهات نظر.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    والحصري دونه في التجويد ولم يرزق حلاوة صوت،
    هذا عجب ! الحصري دون الطبلاوي في التجويد ؟؟ ومن الطبلاوي بجوار الحصري!!
    أما حلاوة الصوت فلعل الشيخ يتحدث عن المصحف المعلم ، والتعليم له شأن آخر ، ومن أراد أن يستمع للحصري فليسمع تلاواته في " الحفلات " [كما يسمونها]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    وأبوالعينين أحلاهم صوتاً، .... ويشترك مع محمد رفعت في أنهما يميلان إلى التحزين ولا تتبين تلاوتهما أحياناً
    أما عدم تبين التلاوة من الشيخ رفعت فلا يخفى حال التسجيلات في ذاك العصر .. أما شعيشع فلا أرى عدم وضوح في تلاوته، وإن كان بعض القراء يحاول إضفاء بعض اللمسات على قراءة ببعض الطرق التي قد يظن من سمعها ممن لا يعلمها خللا.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    والملاحظ على عبدالباسط رحمه الله ما يلي:
    1- أنه ينبغي التثبت من القراءات التي يقرأ بها؛ فإنه قرأ في سورة الغاشية (بمضيطر) بضاد معجمة بعد الميم، ولا تعرف هذه القراءة عن أحد، وإنما ورد في قراءة لا يعتد بها نقلا إشمام الصاد زاياً، وهذا الإشمام(2) (مع عدم إمكانه) لا يقتضي النطق بالضاد.
    قال أبو عبدالرحمن: والعجب تصحيحها عند بعض النحاة وفي كتب بعض القراءات، وأرى أن إشمام الصاد زاياً ليس من الحروف الفرعية؛ لأنه محال النطق به، وما كان محالاً فليس حرفاً.. وهذه الإحالة بالنسبة للآية من سورة الغاشية (بِمُصَيْطِرٍ)؛ قراءة تفرد بها خلف بن هشام بن ثعلب البزار البغدادي: عن سليم بن عيسى: عن حمزة رحمهم الله تعالى، والظاهر أنه سمعها بتصرف في الصاد بأن جعلها ساكنة وأتمها بزيادة زاي مكسورة.. ولا يمكن أن يتصور إشمام الصاد زايا بغير هذه الصورة؛ لأن طبيعة الصوت البشري بمخارجه لا يوجد حرف فرعي بين الصاد والزاي مثل الكاف في (كيف حالك؟) في عامية نجد، فلها في الصوت البشري مخرج بين الجيم والكاف، وهكذا (الصِّرَاطَ).. يستحيل أن تجد له مخرجاً بين الصاد والزاي، ومحال أن تجد له شمامة بين الصاد والزاي بخلاف الصاد والسين فإنك تخفف نطق الصاد فلا تلفظ بها من مخرجها خالصة، بل تميل إلى السين أيضاً من دون أن تلفظ بها خالصة من مخرجها، وهذا تكلف متعب، وأما ما بين الصاد والزاي فهو محال..
    والتقارب اللغوي بين معاني صراط وسرط وزرط لا يسوغ نطقاً متكلفاً أو دعوى نطق محال، وإنما يتصور نطق الصاد ساكنة بعدها زاي مكسورة، وهذا تصرف في حرف الصاد، وزيادة حرف زاي، ولا يقبل في كلام الله إلا ببرهان قوي.. وحمزة هو الإمام حمزة بن حبيب بن عمارة الكوفي -رحمه الله تعالى- من أئمة القراءات السبع، ولكن هذه القراءة عنه ليست سبعية؛ لأن راويها عن تلميذه سليم هو خلف بن هشام -رحمه الله- إمام من القراء العشرة؛ فعلى فرض صحة الممكن (الذي أسلفته من إشمام الصاد زاياً) عن سليم؛ فيكون سليم -وإن كان أقوم تلاميذ حمزة بحرفه- منفرداً عن بقية تلاميذ حمزة، ولكن الأظهر -لإحالة الإشمام، والاحتياج إلى إسكان الصاد وإتمامها بزاي مكسورة- أنها لا تثبت عن سليم وإن كان راويها خلف إماماً لأمور:
    أولها: أن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- كره قراءة حمزة؛ فلما بحث عن السبب وجد أنه انفراد بعض القراء بالرواية عنه؛ فأحد الرواة عن سليم عن حمزة سمع مقرئاً يروي قراءته عن حمزة وفيها إفراط في المد؛ فكره ابن إدريس ذلك.. ومعنى هذا أنها لم تثبت عن حمزة؛ لأن أبا عمارة حمزة -رحمه الله- كان يقول ناهيا لرجل: (أما علمت أن ما كان فوق البياض فهو برص، وما كان فوق الجعودة فهو قطط(3)، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة)(4).
    وثانيها: أن هذا الانفراد عن أصحاب سليم بن عيسى تلميذ حمزة، وهذا الانفراد عن بقية تلاميذ حمزة في أمر محال أو تصرف متكلف: قاض بترجيح الاحتمالات القاضية بردها التي سترد في الأمر الثالث.
    وثالثها: أن خلفاً -رحمه الله- أخذ القراءة عن شيخه سليم بن عيسى عرضا لا سماعا منه، ومعنى العرض أن يقرأ خلف ويسمع منه سليم، أو يسمع خلف من يقرأ على سليم.. ومع أن السماع من تلاوة الشيخ أصح وأبلغ فلنفترض - مراعاة للاختلاف(5) - أن العرض أبلغ من السماع، أو أنه مثله: إلا أن هذه القراءة المحالة أو المتكلفة بتصرف يغير ضبط الصاد ويزيدها زايا موجب تقديم الاحتمالات التي تنفيها؛ فيحتمل أن خلفا سمع العرض على سليم بتلاوة رجل آخر، وظن أنه تصرف هذا التصرف في الصاد مع أن سليما لم يلاحظ ذلك؛ فيكون سمع خلف هو الذي أخطأ، وليس سمع سليم مخطئا.. ويحتمل أن عرض خلف بتلاوته هو على سليم، ولم يتبين لسليم تصرف خلف؛ لخفوت صوت خلف، أو لإخطاء سمع سليم؛ فلا تكون القراءة حينئذ منسوبة إلى حمزة.. واحتمال إخطاء سمع سليم يكون على الرغم من أمر حمزة طلابه بالتحفظ والتثبت إذا أقبل سليم(6)؛ وما هذا إلا لرهافة سمعه ودقه إحساسه.. ويدلك على استحالة هذا الإشمام أن شيخ المقرئين عبدالباسط لما أراده عجز عنه؛ فجاء بالصاد المهملة ضاداً معجمة!
    لا أدري من أين أبدأ وبم أبدأ ؟؟ !! تخليط عجيب وخبط غريب ، ملخصه أنه ينبغي التثبت من القراءات التي يقرأ بها عبد الباسط، لأنه أخطأ في كلمة - في ظن الشيخ - ، ومحاولة من الشيخ لإنكار قراءة متواترة !

    أقول أولا: لا يخفى تمكن الشيخ عبد الباسط رحمه الله من القراءات ، كيف وقد قرأ بالعشر وهو دون البلوغ!

    ثانيا: أما ما ذكره الشيخ من أن عبد الباسط قرأ "بمصيطر" بضاد معجمة ، فأنا أستبعده جدا .. بل أكاد أجزم بعدم وقوعه ، ومن كان لديه الشريط فليسمعه وليسمعنا.

    ثالثا: إشمام الصاد زايا هو قراءة خلف عن حمزة في "الطراط" و "صراط" ، وأشم خلاد الأولى ، قال الشاطبي:
    ............................. *** وعند صراط والصراط لقنبلا
    بحيث أتى والصاد زايا أشمها *** لدى خلف واشمم لخلاد الاولا

    ولغيرهما إشمام فروش في غيرما موضع تعرف بمراجعة كتب القراءات.

    أما "بمصيطر" فقد أشمها حمزة، من رواية خلف، وخلاد بخلف عنه ، قال الشاطبي:
    ........................... *** مصيطر اشمم ضاع والخلف قللا

    أما كيفية الإشمام فتعرف بالتلقى ، وليس فيها أي مشقة ، فضلا عن أن يكون مستحيلا كما يدعي الشيخ حفظه الله.

    ثم يقول الشيخ حفظه الله:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    وحمزة هو الإمام حمزة بن حبيب بن عمارة الكوفي -رحمه الله تعالى- من أئمة القراءات السبع، ولكن هذه القراءة عنه ليست سبعية؛ لأن راويها عن تلميذه سليم هو خلف بن هشام -رحمه الله- إمام من القراء العشرة
    عجب !
    لعل الشيخ لا يدري أن خلفا له رواية عن حمزة ضمن السبع -ومنها ما ذكره من إشمام "بمصيطر" - ذكرها الشاطبي في الحرز، قال رحمه الله:
    وحمزة ما أزكاه من متـورع *** إماما صبورا للقران مرتلا
    روى خلف عنه وخلاد الذي *** رواه سليم متقنا ومحصلا

    وأن له اختيارا خاصا، يعبر عنه القراء بـ "خلف العاشر" وخلف الراوي هو خلف القارئ، وأخذ عنه القراءة في اختياره إسحاق وإدريس، قال ابن الجزري:
    ......................... *** وإسحاق مع إدريس عن خلف تلا

    ثم أخذ الشيخ يحاول رد القراءة بحجج أوهي من بيت العنكبوت ، ولعله تأثر بمنهج المحدثين في نقد المرويات ، فأراد تطبيقه على القراءات ، ولكل مقام مقال ..

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة .......... مشاهدة المشاركة
    ويدلك على استحالة هذا الإشمام أن شيخ المقرئين عبدالباسط لما أراده عجز عنه؛ فجاء بالصاد المهملة ضاداً معجمة!
    تقدم أن هذا ليس مستحيلا ، بل هو من أيسر ما يكون ولا يعجز عنه صغار الطلبة فضلا عن كبار القراء.

    هذه بعض تعليقات مما علق بالبال.
    ولي عودة إن يسر الله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    77

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    كنت قد كتبت هذه التعقبات ظهر اليوم ثم حاولت وضعها هنا ولكن كان هناك خلل ما ، والحمد لله أني كنت قد كتبتها على برنامج المفكرة وحفظتها .

    وسرني أن وافقت الشيخ المقرئ في بعضها.

  9. #9

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    الأخ أبو المقداد... لا أدري لماذا تذكر سيء القول مع رأيك وكأنك تعقب على تلميذ وتوبخه !
    ما هذه الاستطالة في كلامك؟
    ومن قال إن كلامك صحيح ؟ فهو مجرد كلام يحتاج إلى مراجعة من المتخصصين .
    يرجى حذف السيء من كلام أبي المقداد
    وأرجو حذف الموضوع

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع


    الأخ أبو الفضل وفقه الله:
    لم ألحظ في كلام الأخ أبي المقداد سيء القول إلا في جملة يسيرة، وقد تم تحريرها
    وهو في كلامه يصف الكلام بأنَّ فيه خلطاً ونحو ذلك، ولم يصف المتكلم

    يسرني متابعتك لصفحتي على الفيسبوك
    http://www.facebook.com/profile.php?...328429&sk=wall

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    77

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    عفا الله عنك أبا الفضل !
    أنا أعرف مكانة الشيخ وقدره وجليل علمه ، ولا أرى في كلامي استطالة ، وأنا لم أذكر شيئا من كيسي ، واعرض كلامي إن شئت على "المختصين" وإن كان لديك نقد فأنا أرحب به .

    ---------

    شيخنا الحمادي أحسن الله إليك !
    أشكر لك حسن ظنك وسعة فهمك .
    أما ما حذفته أخي الكريم فليس من سوء القول بسبيل ، ألم يقله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في أنفسم ؟ وإن كان المقام غير المقام! على كل : أنا لم أقصد المتبادر إلى الذهن من تلك العبارة ، ولعلك تلاحظ أني وضعتها بين قوسين ، فهي كالمثل تختم به الجملة.

    ولعلك أحسنت حين حذفتها .. حتى لا يأتي من يشجب ويشنشن .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المقداد مشاهدة المشاركة
    شيخنا الحمادي أحسن الله إليك !
    أشكر لك حسن ظنك وسعة فهمك .
    أما ما حذفته أخي الكريم فليس من سوء القول بسبيل ، ألم يقله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في أنفسم ؟ وإن كان المقام غير المقام! على كل : أنا لم أقصد المتبادر إلى الذهن من تلك العبارة ، ولعلك تلاحظ أني وضعتها بين قوسين ، فهي كالمثل تختم به الجملة.
    ولعلك أحسنت حين حذفتها .. حتى لا يأتي من يشجب ويشنشن .

    بارك الله فيك أخي الحبيب
    أعلم أنَّ الصحابة قالوها، ولكن كما قلتَ: المقام غير المقام، فهم قالوها إشفاقاً عليه صلى الله عليه وسلم، وأما سياقها في كلامك فليست لهذا المعنى
    وأشكر لك أيضاً تفهُّمك وجهة نظري

    يسرني متابعتك لصفحتي على الفيسبوك
    http://www.facebook.com/profile.php?...328429&sk=wall

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    279

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الفضل المصرى مشاهدة المشاركة
    الأخ أبو المقداد... لا أدري لماذا تذكر سيء القول مع رأيك وكأنك تعقب على تلميذ وتوبخه !
    ما هذه الاستطالة في كلامك؟
    ومن قال إن كلامك صحيح ؟ فهو مجرد كلام يحتاج إلى مراجعة من المتخصصين .
    يرجى حذف السيء من كلام أبي المقداد
    وأرجو حذف الموضوع
    أخي الفاضل أبا الفضل

    الواقع أنه لو كان المتكلم غير أبي عبد الرحمن لكان الكلام أشد من هذا ولكن لمكانته تأدب الإخوة في الرد
    وإلا فإن الكلام فيه أخطاء علمية ليست بمستوى علم أبي عبد الرحمن فهي بحق = كبوة جواد وقد نبهت على بعضها ولعلك من غير المختصين بهذا العلم الشريف فلا تتصور قوة الخطأ وملحظ التعجب منه ولذا ظننت أن الأمر قابل لاختلاف الآراء

    أرجو أن أكون وضحت سبب استنكار الإخوة فهم يعرفون قدر أبي عبد الرحمن

  14. افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    * منذ أكثر من شهر تقريباً كتب خادم أهل العلم محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل مقال يتضمن حواراً مع الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وأرسل لجريدة الجزيرة بتاريخ 11/7/1428هـ ولم ينشر بعد ولعله في طريقه إلى النشر وقد نقلته للمنتدى
    http://majles.alukah.net/showthread.php?p=47509#post475 09
    المشرف على موقع خادم أهل العلم
    www.alismaeil.com

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    164

    افتراضي رد: رأيي في تلاوة الشيخ عبدالباسط.. وشيء من هموم التلاوة واللغة من تباريح الشيخ ابن ع

    للأسف ناخذ عن عالم بأشياء آراءه فى أشياء ليس له فيها علم وهذا من آفات تناول الموضوعات بشكل علمى ......اللهم اغفر له وسامحه على كلامه بغير علم فيما لا يعلم...... اللهم ارحم عبد الباسط بن عبد الصمد رحمة واسعة وارفعه بكل حرف قرأه درجات يا رب العالمين واغفر لإخوانه القراء الذين أسمعونا القرآن الكريم على الوجه الأمثل

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •