نص نفيس ليونس بن حبيب الضبي شيخ سيبويه

[أبو حاتم ابن عاشور]

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه

وجدت هذا النص النفيس ليونس بن حبيب الضبي شيخ سيبويه وأحد أصحاب أبي عمرو بن العلاء, توفي سنة 182هـ (انظر: بغية الوعاة 3/ 365)

أسند ابن أبي الدنيا إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى أنه قال ليونس بن حبيب النحوي:" إن الحسن كان يقرأ {آمرنا مترفيها} يريد أكثرنا. فقال: هذا لا يكون.

قال: ثم إن يونس قال: صَدَّقَ عندي قولَ الحسنِ قولُ النبي صلى الله عليه وسلم "خير المال مهرة مأمورة"، والمهرة المأمورة: الكثيرة النتاج

الإشراف في منازل الأشراف لابن أبي الدنيا 168, 169

وتتمثل قيمة النص في استدلال يونس بن حبيب بالحديث النبوي في ثبوت مسألة لسانية على خلاف ما أشيع عن أئمة النحاة من أنهم لا يحتجون بالحديث النبوي, ويكشف ذلك النص عن تحول يونس بن حبيب عن رأيه القديم الرافض لقراءة الحسن البصري (آمرنا) لأنه لم يسمعه من العرب أو نقل عنهم =إلى القول بجواز ذلك استدلالا بالحديث (خير المال مهرة مأمورة)

[مسلم بن عبدالله]

هل يشوش على هذا الاستدلال كون المسألة التي استدل لها يونس ليست مسألة نحوية بل مسألة لغوية واستدلالهم بِمثلها كثير جداً بقولهم "..وفي الحديث كذا .." ؟

[الباحث النحوي]

بارك الله فيكم أبا حاتم، ولكن لعل العلماء في حديثهم عن الاستدلال بالحديث إنما يعنون الاستدلال بألفاظه، وهذا المثال دليل على الاستدلال بمعانيه، ولا خلاف بينهم في ذلك؛ أوليس هذا هو معنى نص يونس؟!

[أبو حاتم ابن عاشور]

بارك الله فيكما

هل يشوش على هذا الاستدلال كون المسألة التي استدل لها يونس ليست مسألة نحوية بل مسألة لغوية واستدلالهم بِمثلها كثير جداً بقولهم "..وفي الحديث كذا .." ؟

أنا لم أذكر -أخي الفاضل - أن يونس رحمه الله استدل بالحديث على مسألة نحوية بل قلت (لسانية) وهذا تعميم مني مقصود حتى لا يعترض علي بما قلته, ولكن التأمل في النص يقودنا إلى مسائل أخرى تتعلق بما أشيع عن أوائل النحاة من أنهم لا يحتجون بالحديث من أجل روايته بالمعنى واللحن والرواة الاعاجم وغير ذلك من أسباب, وأنت ترى كيف استدار يونس (النحوي) مع الحديث وقَبِلَ ما رفضه من قبل, ولو صح ما قيل عنهم من أنهم تركوا الاحتجاج بالحديث للأسباب السابقة لترك الاستدلال به على صحة قراءة يتعبد بها؛ إذ لا يملك من الأدلة إلا هذا الحديث بغض النظر عن صحته أو ضعفه.

ولكن لعل العلماء في حديثهم عن الاستدلال بالحديث إنما يعنون الاستدلال بألفاظه، وهذا المثال دليل على الاستدلال بمعانيه، ولا خلاف بينهم في ذلك؛ أوليس هذا هو معنى نص يونس؟!

بلى أحسن الله إليك, ولكن فيه ما ذكرت من الفوائد, وثمة نصوص أخرى لأبي عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد وسيبويه احتجوا فيها بالحديث النبوي على ثبوت مسائل نحوية لا يتسع المقام لذكرها. واعلم أخي أن من المعاصرين من عمم فنسب لأهل اللغة كلهم ترك الاحتجاج بالحديث كما ذكر محمد أبو زهو في كتابه (الحديث والمحدثون) والنص حينئذ حجة دامغة عليهم , والله تعالى الموفق

[أبو مالك العوضي]

نكتة المسألة يا شيخنا الفاضل هي في ثبوت النص عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا ثبت النص نصا فلا ينازع في الاحتجاج به أحد، وإذا ثبتت الرواية بالمعنى فلا ينازع في عدم الاحتجاج أحد.
وهذا الحديث يظهر أنه ليس مرويا بالمعنى؛ لأسباب: منها أنه مشتمل على سجع، ومنها أنه مشتمل على شيء من الغريب.
ثم إن هذه العبارة (مهرة مأمورة) ليست من الألفاظ التي تفرد بها الحديث، بل هي من كلام العرب المعروف.

[سالم اليمان]

نكتة المسألة يا شيخنا الفاضل هي في ثبوت النص عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا ثبت النص نصا فلا ينازع في الاحتجاج به أحد، وإذا ثبتت الرواية بالمعنى فلا ينازع في عدم الاحتجاج أحد.
وهذا الحديث يظهر أنه ليس مرويا بالمعنى؛ لأسباب: منها أنه مشتمل على سجع، ومنها أنه مشتمل على شيء من الغريب.
ثم إن هذه العبارة (مهرة مأمورة) ليست من الألفاظ التي تفرد بها الحديث، بل هي من كلام العرب المعروف.

أحسنت يا أخي
لكن لِمَ فرقت بين الأمرين فقبلت الحديث المنصوص وتركت المروي بالمعنى مع أن راويه ممن عاش في عصر الاحتجاج وممن تأخذ عنهم رواية اللغة
أم أنني لم أفهم قصدك (لاينازع في عدم الاحتجاج أحد)
ثم أن الأسباب التي ذكرتها ـ حفظك الله ـ ليست صعبة على أرباب الفصاحة البلغاء العرب حتى قيل في الحسن البصري إن كلامه يشبه كلام النبي؛ لأنه امتلك ناصية اللغة

[أبو مالك العوضي]

إذا كان الراوي عربيا من عصر الاحتجاج فلا ينازع أحد في الاحتجاج بالحديث، كما لو كان الكلام صادرا منه هو نفسه.