تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

  1. #1

    افتراضي من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب
    منتقاة من مقالات للشيخ المحدث أبي المعاطي حفظه الله
    (1)
    السلام عليكم ورحمة الله
    تحيرت ، من أين أبدأ ، وإلى أين سأصل ، وسفينتي خرقاء ، ودابتي عرجاء ، والليل حالك السواد ، فلن يعود أحمدُ بن حنبل ، ولا تاج الدنيا ، الإمامُ البخاري ، ولن يُعَقِّب على مقالتي أبو الحسن الدارقطني ، ليضرب على يدي ويقول : ليس هذا بعشك ، فادرجي.
    أخي تسأل عن التحقيق ، أي تحقيق ؟ وأين التحقيق ؟
    سل عن التلفيق ، والتلزيق ، والجهل ، والمرض ، والخيبة التي حطت على الرؤوس.
    أمامي الآن ، وأنا أكتب آلاف الكتب ، بأغلفة جميلة ، وأوراق صقيلة ، وألوان كأنك في (بير حاء) داخل بستان أبي طلحة ، فإذا ما اقتربت منها ، وفتحت كتابا ، شممتَ رائحة مقابر خيبر !!
    لا تكاد تجد فيها راحلة ، حتى اسم الكتاب تم تحريفه ، واسم المؤلف.
    وفي ليلة ، غاب فيها القمر ، بل مات ، عاد ما يُعرف بالتحقيق الحديث ،
    وأقسم لك بالله العظيم ، كنت جالسًا مع واحدٍ ، لو ذكرتُ اسمه الآن ، لرموني بالنعال المُخَصفة ، وكنا نحقق كتابا ، وكَوْن واحد مثلي يفعل ذلك ، فهذا دليل أيضًا على شدة سواد الليل ، وجاء اسم راوٍ في المخطوط ، إما أن يكون : عيينة ، أو عتيبة ، أو غنية ، فعرضت الأمر عليه ، من هو ؟ فقال لي بلهجته العراقية : يامْعَوَّدْ ... استنقي واحد منهم.
    ومعناها ـ بالمصري ، وهي لهجتنا ـ : يا أخي ، اكتب أي حاجة !!
    ملحوظة للأمانة ؛ قد يظن البعض أن هذا المذكور هو الدكتور بشار معروف ، لأن الجميع يعلم الصداقة التي بيني وبينه ، ولكن للحق ؛ الدكتور بشار من أتقن من رأيتُ في حياتي ، ومن أجل البحث عن كلمة ، كنا نقضي أيامًا في البحث.
    ونعود للقمر الذي غاب ، فظهرنا لنحقق الكتب في هذا الليل.
    ولكن هذه الأُمة أبى الله تعالى أن يموت فيها الخير ، فظهرت في القرن الأخير اتجاهاتٌ في التحقيق ، برز منها على سبيل المثال : أحمد شاكر ، وعبد الرحمن المعلمي اليماني ، ومحمد ناصر الدين الألباني ، وشعيب الأرنؤوط ، وبشار عواد معروف.
    وأنا هنا لا أتحدث عن هؤلاء الذين يتنافسون على ألقاب مُحَدِّث مصر ، أو علامة العصر ، أو حجة الإسلام ، والواحد منهم يقوم بتحقيق ، أو بتلفيق ملزمة ، أو ملزمتين ، ثم يقول صبيانه : إليكم ترجمة محدث شمال إفريقية ، ثم يذكر شيئًا من هراء ، وينسى شيئًا واحدًا ، هو أن يكتب في آخره : صلى الله عليه وسلم ، أو ... (أستغفر الله العظيم).
    بل إنني أتحدث عن الذين خدموا ، وعملوا ، وأخرجوا للناس ما كان ضائعا ، وأصابوا ، وأخطؤوا ، وأصبح طالب العلم يشعر بالبُشرى ، قبل أن يفتح كتابا على غلافه اسم واحد منهم.
    ومن النكت الظراف : أن الشيخ أحمد شاكر كان يكتب في مقدمة كتبه : وكتب أحمد شاكر ـ بزيادة الواو على (كتب) ـ فظن الصبيان ، والمحدثون الجدد ، أن السِّرَّ في هذا الحرف ، فاهتموا به ، واقرأ أي مقدمة في هذا الظلام المظلم ، سترى كل واحد منهم يكتب : وكتب أبو ... ، بمدينة ... ، بعد التراويح.
    والأمر في التحقيق على النحو التالي :
    دراسة المخطوطة قبل تحقيقها.
    لأن هذه الدراسة سيترتب عليها أمور دقيقة جدًّا ، لأن الذي يقوم بالتحقيق هذه الأيام ، كما ذكرتُ ، تحت جنح الليل وجناحه ، يجد ورقات ، كتبت بخط قديم ، فيقوم بالتحقيق ، ويقول : في الأصل كذا ، مع أن الذي في يده ورقات ليس لها أصل ، ولا نَسَب ، ويجب أن يبدأ التحقيق بما يلي :
    ـ هل هذه المخطوطة بخط المؤلف ؟.
    ـ هل هي بخط أحد تلاميذه ، وثبتت مقابلة المؤلف عليها ؟.
    ـ هل كتبت في عصر المؤلف ؟
    ـ أم وجدوها بعد ذلك ، منسوخةً عن أصول سبقت ؟
    وكل درجة من هذه لها أسلوب في التحقيق يختلف عن الآخر.
    1ـ إذا كانت بخط المؤلف ، كما هو الحال في بعض أجزاء ((تهذيب الكمال)) ، وقد رأيت الدكتور بشار وهو يحققه ، لدرجة أنه كان يستشير واحدا مثلي ، مع قلة حيلتي ، وضعف حالي ، فهنا ؛ لا يحل للمحقق ، مهما كانت درجته أن يغير حرفا ، ولو كان خطأً بَيِّنًا ، بل عليه إثبات ما جاء في الأصل ، ثم يكتب تعليقه في الحاشية.
    2ـ إذا كان ناسخه واحد من تلاميذ المحقق ، المعروفين بالدقة ، كابن المهندس بالنسبة للمِزِّي ، وقابل هذا التلميذ نسخته على الشيخ ، فهي تعادل نسخة الشيخ.
    3ـ إذا كانت منسوخة في عصر المؤلف ، ولم يثبت اطلاع المؤلف عليها ، فهذه تأتي في المرتبة الثالثة ، ويمكن تغيير الخطأ في الأصل ، ولكن بحذر شديد ، لا يعرفه إلا من كابد مشقة التحقيق ، وقطع في ذلك عمره طولا وعرضا ، وليس لصبيان الملازم والورقات.
    4ـ النسخ المتداولة ، والمنسوخة عن منسوخ ، عن منسوخ ... فهذه ليست أصولا ، فقد تداولتها عشرات الأقلام ، ومنها المتردية ، والنطيحةُ ، وما أكل السبُعُُ !!
    ولا يكتب المحقق : وقع في الأصل إلا على سبيل المجاز ، أيُّ أصل هذا ؟! ، إن هذا فرعُ فرعٍ.
    وهنا أيضا يحتاج الأمر إلى محقق بارع ، أمينٍ ، خبيرٍ بأمور التحقيق.
    وفي هذه الحالة نجد أنفسنا أمام عَرَضٍ بعيدٍ ، وسفرٍ إلى المجهول.
    فيبدأ البحث في اتجاهين :
    الأول : النسخ المُساعِدة.
    والثاني : المؤلف ؛ شيوخه وتلاميذه.
    وأضرب مثالاً :
    كنت أعمل عند الإخوة ، (جماعة السيد أبي المعاطي) ، وهم يحققون مسند الإمام أحمد ، والذي صدر عن عالم الكتب ، والذي سرقه حسان عبد المنان في طبعة الأفكار الدولية ، ورأيت التالي :
    ـ جميع النسخ الخطية التي وقفوا عليها ، وكذلك التي وقف عليها محققوا طبعة الرسالة ، وهناك تعاون مستمر بين الفريقين ، لا يوجد فيها نسخة واحدة عتيقة ، يعتمد عليها ، وكلها نسخ متوسطة التاريخ ، ناقصة.
    ـ بدأ البحث عن النسخ المساعدة ، مثل : غاية المقصد في زوائد المسند ، وأطراف المسند ، وجامع المسانيد والسنن ـ ولا أقصد المطبوع منه عن دار الكتب العلمية ، لأن المطبوع يصلح فقط للدعاية ، والإعلان ، والديكور.
    ـ ثم البحث عن الكتب التي نقل عنها أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، المسند ، مثل مصنف عبد الرزاق وغيره ، والكتب التي نقلت عن المسند.
    ـ ثم الاستعانة بمصادر الحديث المتوفرة من جميع أنواع صنوف الحديث ، للمقارنة ، والتمحيص.
    ثم يبدأ العمل.
    إخواني ؛ أصابني التعب من البداية ، وازداد الآن ، لأنني وأنا أكتب أشعر بالحياء من نفسي ، لأنني أعرف قيمة الذين كتبوا في الحديث من قبل ، وهذه مشكلتي ، ففي الماضي كانوا ينتظرون أبا زُرعة الرازي ، وحماد بن زيد ، وسفيان الثوري ، فيأتيهم البدر في الليلة البيضاء ، لأنهم لم يعرفوا السواد والظلمات.
    والآن ، كما ترون ، يكتب واحد مثلي ، جاهل ، كل بضاعته أنه يحسن تقليب الورق ، وحتى هذه لا يحسنها ، ويسير في ميدان كان فارسُه بالأمس الزهري ، ومالك بن أنس.
    فسامحوني ، لو كنت أعلم أن واحدًا منهم سيعود ، لدخلتُ دار أبي سفيان ، وأنا آمِن.
    والسلام
    أبو محمد المصري

  2. #2

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    القسم الثاني :
    بعد أن تحدثتُ عن معرفة بيانات النسخة الخطية ، التي يراد تحقيقها ، وكان ذلك مدخلاً للوصول إلى معرفة الكتاب الذي يراد نشره.
    وأعتقد أن السبب في تدهور مستوى التحقيق يرجع إلى هذين السببين ، مع أسباب أخرى.
    فكما سلف وذكرتُ ، لا توجد قاعدة ثابتةٌ ، لتحقيق كل مخطوط ، وإنما لكل مخطوط قاعدة.
    كذلك نوع الكتاب ، والمادة التي يتناولها ، فكل كتاب له قاعدة في التحقيق ، تختلف عن الآخر.
    لكن السذاجة ، أو قل : البلاهة ، أو قل : الجهل الذي أحاطنا ، أو هؤلاء مجتمعون ، جعل أمثالي عندما يحققون (للأسف) كتابا ، لا يفرق بين كون هذا الكتاب في رجال الحديث ، أو العلل ، أو الشروح ، أو المؤتلِف والمختلِف ، أو في بيان الصحيح والضعيف ، أو في المصطلح لتدريب الصغار ـ من طبقتي ـ على هجاء حروف علوم الحديث.
    فترى هذا الأبله قد وقع في يديه مخطوط في العلل ، لسوء حظ المخطوط ، المكون من عشر ورقات ، فيجلس القرفصاء ، ويبدأ في دراسة الجدوى :
    1ـ كيف يُخرج العشر ورقات في أربع مجلدات ؟
    2ـ آسف ، ليس هناك (2) ولا (3).
    لأن الأولى هي الأهم ، وهي التي عليها حساب الملازم ، وهي التي سيتقاضى عليها الحساب ، من الناشر الذي سيأكله !! ، ولكي يقول : لقد حققت موسوعة في أربعة أجزاء.
    ويبدأ في الجريمة ، فيضع في كل صفحة نصف سطر ، ويأتي على : (حدثنا مسدد) فيشرح في الحاشية اسم (مسدد) ، والخلاف في اسمه ، والحالة السياسية في عصر (مسدد) ، وشيوخه وتلاميذه ، نقلا عن ((تهذيب الكمال)) ، والخلاف فيه جرحًا وتعديلاً ، والخلاف في تاريخ وفاته ، ومصادر ترجمته (سرقةً أيضًا من حواشي ((تهذيب الكمال))) ، ثم ذكر عنوانه ، وأسماء جيرانه ، وفصيلة الدم !! ، ثم الأهم من ذلك كله : سبب الخلاف بينه وبين زوجته التي توفيت في حياته.
    وينسى هذا (المُخبر) ، أو المحقق ، أنه يحقق كتابا في العلل ، وأن الذي سيقرأ في هذا الباب ، ويبحث فيه ، هو من حفيت قدماه في طلب العلم ، ولم يعد في حاجةٍ إلى من يشرح له عنوان بيته بالتفصيل المُمِل.
    وللأسف المتكرر ؛ أعرف ناسًا يعملون بالتحقيق ، وعند البداية في عمل جديد ، يجلسون لوضع خطة العمل ، وأساسها يقوم على تحديد الكتب السابقة التي حققوها ، وكتب الآخرين التي تطول حواشيها ، طول ليل السجن ، ثم يطلبون من فريق العمل نقل هذه الحواشي في العمل الجديد ، باحترفٍ وشطارة ، وتغيير بعض الأحرف إن أمكن ، مع الإكثار من وضع : (يرحمه الله) وبعض الألقاب والأحساب وراء اسم كل عالم ، ولا مانع من اصطناع خلاف في كنيته ، ثم إيراد عدة أسطر ، ثم والصواب ما أثبتنا.
    والكتاب الذي يخرج في مجلدين ، يخرج لطلبة العلم (الغلابة) ، و(أبناء السبيل) ، و(اليتامى) ، في خمسين مجلدًا ، وطالب العلم ماذا يصنع ، هل يبدأ بالزواج ، أم بشراء الكتاب؟؟!!.
    والذي بعث محمدًا بالحق ، عملت عند جماعة السيد أبي المعاطي ، وهم يعملون مسند أحمد ، طبعة عالم الكتب ، وتكرموا عليَّ بأن تركوني أجمع قصاصات الورق ، وخرج الكتاب في عشر مجلدات ، مع الفهارس ، ثم كانت المفاجأة ، أن تكرم بسرقته حسان عبد المنان ، وطبعه في مجلد واحد ، حرفا بحرف ، حتى الخطأ الذي وقعوا فيه ، بسببي ، عنده كما هو ، ولن أستطيع أن أشرح لكم فرحهم بخروج الكتاب في مجلد واحد ، مع أن جهدهم سنين طويلة قد سرق ، ولكن سمعت كبيرهم ـ في السن ـ يقول : الحمد لله الذي يسر على طلبة العلم ، اللهم اشهد أني سامحتُ هذا السارق.
    الغريب أن الناشر كان سلم حسان الكتاب لمراجعته قبل الطبع ، وكتب له مقدمة ، دون معرفة جماعة السيد ، وفيها من المخالفات في العقيدة ما لا يقرون به.
    لقد رأيت هنا وهناك من يبكي بدم ، وكاد يلطم الخد ، ويشق الجيب ، لأن فلانا أخذ عنه بعض الحواشي ، والتي لا فائدة منها أصلا.
    والخلاصة ؛ أنه لكل مقام مقال ، ولكل كلام رجال ، ومن أراد تحقيق نصٍ ، فليكن ابتغاء وجه الله أولا وآخرا ، ببذل الجهد لإخراج النص الذي تركه المؤلف ، كما أشار أخي العدوي ، فهذه هي الغاية من التحقيق ، وليس الاتفاق على سعر الملزمة.

    ** توضيح
    ربما يظن واحد من الإخوة ، أنني أُوافق على سرقة الكتب.
    ولكن عقيدتي ، وديني في هذا الأمر هو ماجاء في كتاب الله تعالى :
    وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
    وماجاء في سنة النبي ؛
    عَنِ أَبيِ صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ r قَالَ (( لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ.)).
    أخرجه أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وابن ماجة ، والنسائي.
    هذا قولٌ فصلٌ ، وليس بالهزل.
    ولذلك سميت الذي فعل بالسارق ، كما سماه رب العالمين.
    والسرقة تختلف عن الاستفاده من العلم ، فكل جيل يأتي يأخذ عن الذي سبقه ؛
    قال أبو أحمد الحاكم : كنتُ بالرَّي ، وهم يقرؤون على ابن أبي حاتم كتاب ((الجرح والتعديل)) فقلتُ لابن عبدويه الوراق : هذه ضحكةٌ ، أراكم تقرؤون كتاب ((التاريخ)) للبخاري على شيخكم ، على الوجه ، وقد نسبتُموه إلى أبي زُرعة ، وأبي حاتم ، فقال : يا أبا أحمد ، إن أبا زُرعة وأبا حاتم ، لما حُمل إليهما ((تاريخ البُخَارِيّ)) قالا : هذا علمٌ لا يُستغنى عنه ، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا ، فأقعدا عَبد الرحمان يسألهما عن رجلٍ بعد رجلٍ ، وزادا فيه ، ونقصا. ((تذكرة الحفاظ)) 3/978 ، و((سير أعلام النبلاء)) 16/373.
    وقال ابن حَجَر : قال ابن أبي حاتم : عن حُذيفة بن داب ، روى عنه ابن أبي ذئب وعَبد الرحمان بن إسحاق ، وهو ملخص (يلخص) كلام البُخَارِيّ على العادة. ((لسان الميزان)) 5/120.
    وقد رأينا الكمال ، ثم تهذيب الكمال ، ثم تذهيب تهذيب الكمال ، ثم تهذيب التذهيب ، ثم تقريب التهذيب ... وكلها حلقاتٌ من العلم النافع ، استفاد الخلفُ من السلف ، وأضاف عليه أو حذف ، وما سمعنا صراخ أحدٍ ولا عويله.
    أبو محمد المصري

  3. #3

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب


    (3)
    بعض طلاب الدراسات العليا أخبره مشرفه "الأكاديمي" إنه لن يمنحه الشهادة ما لم يكثر الحشو!
    والغريب أن هذا هو حال معظم المشرفين على جميع الرسائل في جميع دولنا العربية ، إلا من رحم ربك.
    والظاهر أن السر في ذلك يعود إلى ما يُعرف بـ (مرتبة) الشرف.
    والمرتبة عندنا في مصر هي هذا الشيء الذي يوضع على الأسرة ، ويُحشى بالقطن ، أو بالفهارس !!
    ولكي يحصل الطالب على (مرتبة) الشرف ، فلابد من إتقان الحشو.
    في هذه الحالة ، عل الطالب المخلص أن يتحمل ويقوم بتعبئة الرسالة (المرتبة) بما يلزم ، ومن أي كتاب ، حتى من قواميس اللغة اليونانية القديمة.
    وبعد حصوله على درجة الدكتوراة ، بـ (مرتبة) الحواشي ، يقوم الطالب المخلص بإفراغ الحواشي منها ، ويطبع رسالته ، ليس بدون الحواشي فقط ، بل بحذف ثلاثة أرباع أصل الرسالة ، ولو عمل معروفا في أُمة محمد ، فليحذف الربع الباقي ، من باب الرحمة ، وحقوق الإنسان ، ومن لا يرحم ، لا يُرحم.
    وفي كل الحالات هو قد أصبح دكتورا في علل الحديث ، بعد أن أصابنا بشتى أنواع العلل.
    ومع هذا ، فهناك رسائل محترمة ، وقيمة ، فيها من الجهد الكثير ، وخاصة في علوم الحديث ، والتي خرجت عن جامعة محمد بن سعود ، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، حفظها الله من كل سوء.



    أبو محمد المصري

  4. #4

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    (4)
    بعد كثرة برامج وموسوعات الكومبيوتر ، والتي هي في الأصل محرفة ، فيقوم أحدهم بالضغط على أيقونة البحث ، ويضع كلمات البحث ، ويبدأ المسيرة ، وتخرج له النتائج.
    وهو لا يعرف أن هذه النتائج في الغالب محرفة في الكتاب المطبوع ، وعندما نقلها صاحب شركة البرامج ، أعطاها لمجموعة من أصحاب الأجور الرخيصة لإدخالها على البرنامج ، وهم لا يعرفون الفرق بين كتابٍ في الحديث ، وآخر في الجغرافيا ، فيقومون بتحريف التحريف.
    وفي النهاية تأتي الشركة على بعض المشهورين ، وتهديهم عدة نسخ من البرنامج ، ليكتبوا كلمة شكر ، يتسوق على حسابها أصحاب الشركات !!
    وصاحبنا الذي يتعاطى التحقيق ينظر على نتيجة البحث كأنها من تحقيق أبي الحسن الدارقطني ، فيقوم بتبديل النسخ الخطية التي بين يديه ، لأنها تخالف كتاب مجمع الزوائد (المطبوع) ، مثلا ، أو الذي ظهرت نتيجته في نتائج البحث.
    إن تبديل النسخ الخطية (بالفهلوة) ، و(الشطارة) ، و(الخبرة) صار يلازم الذين اشتغلوا بمهنة التحقيق إلا من رحم ربك ، وقليلٌ ما هم.
    مثال : قال الدارقطني : شعبة وَهم في اسم خالد بن علقمة ، فسماه خالد بن عرفطة. "العلل" 4/49.
    فعندما يأتي أحدهم إلى إسناد فيه : شعبة ، عن خالد بن عرفطة.
    يقوم بتغيير عرفطة في الأصل ، ويكتب : علقمة ، ويقول : تحرف في النسخ الخطية إلى : خالد بن عرفطة ، وأثبتناه عن "تقريب التهذيب" !!.
    يا أخي ؛ شعبة هكذا رواه ، ولا يحل تغيير ذلك ، وإن أخطأ شعبة.
    ولن أطيل عليكم ، سأذكر لكم مثالا الآن ، في تحقيق "مسند أبي يعلى" قام من تولى التحقيق بتبديل النسخ الخطية ، متوهما الخطأ ، اعتمادا على وهمٍ لا صلة له بالتحقيق.
    5724- حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ نُعَيْمٍ (1)، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حَاجًّا ، حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَتَى شَجَرَةً عَرَفَهَا فَجَلَسَ تَحْتَهَا ، ثُمَّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ شَابٌّ مِنْ هَذِهِ الشُّعْبَةِ ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي جِئْتُ لأُجَاهَدَ مَعَكَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : أَبَوَاكَ حَيَّانِ كِلاَهُمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَارْجِعْ بِرَّهُمَا قَالَ : انْفَتَلَ رَاجِعًا مِنْ حَيْثُ جَاءَ.
    _حاشية__________
    (1) تحرف في طبعة دار المأمون إلى : "عن ناعم" ، وقال محققه : "في الأصلين : "نُعَيْم" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبتناه ، انظر التهذيب وكتب الرجال ، كذا قال.
    وقد ورد على الصواب في طبعة دار القبلة (5724) ، و"إتحاف الخِيرَة المَهَرة" 5036 ، و"مجمع الزوائد" 8/138.
    ووقع الخطأ عينه في "المطالب العالية" 2550 ، وذكر محققه أنه في جميع النسخ الخطية : "نُعَيْم" ، فقام بالتبديل والتغيير.
    قلتُ : وهذا ليس تحقيقًا ، ويجب إثبات ما ورد في الرواية وإن كان خطأً.
    نعم ؛ المعروف : "ناعم" ، لكنه في النسخ الخطية لهذه الرواية : "نعيم" ، ثم ؛ هذا الحديث معروفٌ لعبد الله بن عَمْرو ، وليس لعبد الله بن عُمَر ، فلماذا لم يبدله المحقق أيضًا ؟!.
    أبو محمد المصري

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    515

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    أحسنت وبارك الله
    وأما التعديل على الأصل - ولو كان خطأ بينا كما تفضلت - فلا يجوز، مهما كانت المبررات
    وللفائدة يراجع كتاب
    بحوث لغوية للدكتور رمضان عبدالتواب - رحمه الله - فسترى فيه العجب، كيف مرت على فطاحلة لانشكك في علمهم، ولكن ينقصهم الفطنة؛ فسبب ما وقعوا فيه في رايي لايخرج عن ثلاثة:
    1- الغفلة 2- الغرور واعتقاد الكمال في النفس، وهذا يجر إلى الكبر، فلا يرى أحدا يستحق أن يستشار 3- الاستعجال
    والجامع لكل ما سبق هو الرغبة في التزيد والتكثر؛ حتى يقال محقق، وقد قيل
    وحتى تمتلئ سيرته الذاتية بالتحقيقات

  6. #6

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    وفيكم بارك أخي يزيد
    وللعلم لستُ صاحب المقالات الأصلية -كما ذكرتُ أعلاه- بل هي للشيخ المحددث أبي المعاطي وقد انتقيتها من مجموعة مقالات مكتوبة للشيخ في الشبكة .
    أبو محمد المصري

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    2,858

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد العمري مشاهدة المشاركة

    يقوم الطالب المخلص بإفراغ الحواشي منها ، ويطبع رسالته ، ليس بدون الحواشي فقط ، بل بحذف ثلاثة أرباع أصل الرسالة ، ولو عمل معروفا في أُمة محمد ، فليحذف الربع الباقي ، من باب الرحمة ، وحقوق الإنسان ، ومن لا يرحم ، لا يُرحم.
    وفي كل الحالات هو قد أصبح دكتورا في علل الحديث ، بعد أن أصابنا بشتى أنواع العلل.
    أضحك الله سنك وسن الشيخ أبو المعاطي
    حين وصلت إلى هذه السطور لم أتمالك نفسي من الضحك الشديد.
    جزاك الله خيرًا وحفظ لنا الشيخ...
    أحسنت الاختيار يا أبا محمد، ونعم الانتقاء، فهو موضوع يستحق القراءة والتمعن.
    وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
    ـــــــــــــــ ـــــــــــ( سورة النساء: الآية 83 )ــــــــــــــ

  8. #8

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    بارك الله فيكم أخي أسامة
    وهنا المزيد
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=24420
    أبو محمد المصري

  9. #9

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    أضحك الله سنك لقد اشبعتنا ضحكا
    طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل
    الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    وقد ورد على الصواب في طبعة دار القبلة (5724) ، و"إتحاف الخِيرَة المَهَرة" 5036 ، و"مجمع الزوائد" 8/138.
    ووقع الخطأ عينه في "المطالب العالية" 2550 ، وذكر محققه أنه في جميع النسخ الخطية : "نُعَيْم" ، فقام بالتبديل والتغيير.
    قلتُ : وهذا ليس تحقيقًا ، ويجب إثبات ما ورد في الرواية وإن كان خطأً.
    نعم ؛ المعروف : "ناعم" ، لكنه في النسخ الخطية لهذه الرواية : "نعيم" ، ثم ؛ هذا الحديث معروفٌ لعبد الله بن عَمْرو ، وليس لعبد الله بن عُمَر ، فلماذا لم يبدله المحقق أيضًا ؟!.
    في الواقع هذا الكلام فيه من التشهير والدعاية والتناقض ما الله به عليم.. ولست مجاملاً لأحد أو متشفياً من أحد أيضاً.. لكنها الحقيقة الواضحة هنا في هذا الاقتباس.

    كيف يقرر صاحب الكلام خطأ فعل محقق الطبعة المشهر بها، ويصحح فعل محقق الطبعة المعمول دعاية لها، مع أنه في آخر كلامه يثبت صحة ما قدمه صاحب الطبعة المشهر بها (الشيخ حسين سليم أسد)؟!!

    وهل من التحقيق _ الذي هو الآن ينتقد طريقة بعض المحقيقن فيه _ أن أجد في أصل المخطوط خطأ واضحاً ومن ثم أقوم بنقله بنصه في صلب المتن مع أنه خطأ؟! من قال هذا من أهل الخبرة والاختصاص؟!!
    بل الحق والصواب، وهو المنهج المتبع، والذي فعله الشيخ (حسين سليم) إثبات الصواب في صلب النص ثم الإشارة في الحاشية إلى خطأ الأصل.
    أما محاولة التشهير والتشفي لأغراض شخصية أخرى فليست من سبيل أهل العلم الناصحين، ولا رجاله العارفين.
    فالحديث ثابت من رواية ناعم مولى أم سلمة على الصحيح الصواب في اسمه.. ولا وجه لتخطئة من صوب اسمه وأشار في الحاشية إلى وروده على غير الجادة.. بل هذا هو الحق والإنصاف والخوف من الله في التحقيق.
    ومن ثم يجزم أنه قد وقع الخطأ عينه في غيره من مصادر.. ولا أعلم كيف جعل هذا من باب الخطأ.. ولا أعلم كيف يحسن منه أن يقول ويتجرأ: (هذا ليس تحقيقاً ويجب إثبات ما ورد في الرواية وإن كان خطأ)!!!

    أما مسألة جعله من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فلا حرج إن شاء الله ولا تثريب، فجلَّ من لا يسهو _ على أنه لم يتفرد المسند بهذه النسبة فتأمل _، وكم من حديث اختلطت نسبته إلى أيهما يرجع، والأمر يسير إن شاء الله.. يبقى على من وقف على تحديد أيهما أن يقوم بالتنبيه على ذلك بالتي هي أحسن وبكل ذوق وأدب راقٍ يشكر عليه ويحمد.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  11. #11

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    الأخ الكريم السكران التميمي
    رجاءاً إعادة النظر في كلامك
    لا شَكَّ أن التصرُّف في نص الكتاب أمر خاطيء. والأمر أمانةٌ علميةٌ. وعلى المحقّق والمدقّق أن يترك عبارة المؤلف كما هي، وأن يُعلِّقَ على ما يراه مخالفاً للشرع والسُّنة في نظره، أو مخالفة في السند أو أي خطأ دون تغييرٍ لعبارة المؤلّف وإن بلغ التعليق عشرات الصفحات.
    سأعطيك مثالاً واحداً:
    كتاب "الأذكار" للإمام النووي –رحمه الله– قد طُبِعَ بتحقيق الشيخ الأرناؤوط في مطبعة "الملاّح" بدمشق سنة 1391هـ الموافق 1971م. ثم قام بتحقيقه مرة أخرى، وقام بطبعه مدير دار الهدى بالرياض الأستاذ "أحمد النحّاس". وكان قد قَدّمَهُ للإدارة العامة لشؤون المصاحف ومراقبة المطبوعات برئاسة "البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في الرياض". وسُلِّم الكتاب إلى هيئة مراقبة المطبوعات، وقرأه أحد الأساتذة وتَصرّفَ فيه في: "فصل في زيارة قبر رسول الله "، وجَعَله: "فصل في زيارة مسجد رسول الله rمع تغيير بعض العبارات في هذا الفصل صفحة (295)، وحذف من صفحة (297) قصة العتبي، وهو محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية الأموي العتبي الشاعر، الذي ذكر قصة الأعرابي الذي جاء إلى قبر رسول وقال له: «جئتك مستغفرا من ذنبي»، وأن العتبي رأى النبي في المنام وقال له: «يا عتبي إلحق الأعرابي فبَشّره بأن الله قد غفر له»، وحَذَفَ التّعليق الذي ذكره الأرناؤوط حول هذه القصة. وقد ذكَر الشيخ الأرناؤوط أنها غير صحيحة، ومع ذلك كله حذفها وحذف التعليق الذي علقه عليها!
    ماذا كانت النتيجة
    ابحث عبر الشبكة وانظر بعض كتب المنحرفين الصوفية وأشباههم
    ما إن نزل الكتاب إلى الأسواق، حتى طار به أهل البدع كشيطان العقبة، في كل أرض زاعمين أنهم أخذوا على شيوخنا ممسكاً، كأنهم قد وقعوا على صيْدٍ ثمينٍ. وطنطنوا حولها شهوراً بل سِنيناً واتهموا علماء بلاد الحرمين بعدم الأمانة والتزوير و..... وغيره مما لا يصح نقله عن علماء بلاد الحرمين الأطهار حماة الدين
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22590
    http://www.saaid.net/Warathah/1/alarnaut.htm
    أبو محمد المصري

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    أخي الكريم الفاضل (أبا محمد) سلمه الله..

    كلامي غفر الله لك سليم واضح لا غبار عليه، وعليه = فلا وجه بإذن الله لإعادة النظر فيه، لأني ما قلت وسطرت إلا ما قرره أهل العلم والاختصاص في مجال (التحقيق).. وإلا ما الفائدة من إطلاق كلمة (تحقيق) أو (محقق) على هذا العمل؟!!

    أخي الحبيب.. قد ضربت لي مثالاً بان لي أنه هو سبب اعتراضك عليّ فيما كتبت رحمك الله.
    من قال أن التزوير في النص مقبول؟! ومن قال أن التحريف للأصل جائز؟! ومن قال تغيير الألفاظ والكلمات بما يوافق الهوى معتبر؟!
    أنا لا أتكلم عن هذا كله، وعليه = فلا يصدق تنزيل مثالك على كلامي سددك الله.

    كلامي صريح وواضح ومنصب على مسألة: تغيير الخطأ الواضح الصريح في الأصل الخطي بما هو الصواب مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية، فهذا هو أخي الكريم المنهج الصحيح المتبع في تحقيق النصوص، ومحاولة مخالفة هذا المنهج في هذه الجزئية = جهل مركبٌ في مجال تحقيق النصوص.
    وعليه مرة أخرى = كلامي أعلاه واضح أخي الفاضل لا يحتاج إعادة نظر فيه، بل الأحرى بغيري فعل ذلك.

    دمتم موفقين مسددين
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  13. #13

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    ....كلامي صريح وواضح ومنصب على مسألة: تغيير الخطأ الواضح الصريح في الأصل الخطي بما هو الصواب مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية، فهذا هو أخي الكريم المنهج الصحيح المتبع في تحقيق النصوص، ومحاولة مخالفة هذا المنهج في هذه الجزئية = جهل مركبٌ في مجال تحقيق النصوص.
    .......
    ثبت أن مثل هذا يسبب التشنيع على أهل الحق
    فما المانع من إثبات الخطأ في النص وتصويبه في الحاشية؟
    * وشكراً على دعائكم ولكم مثله .
    أبو محمد المصري

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    لم أقف على ما يشين أهل الحق في هذا العمل أو يشنع عليهم به.. وأهل الحق أسمى من أن يشان أمرهم بمجرد تصحيح خطأهم، أو على الأقل خطأ ناسخ كلامهم، أو يستشنع عليهم جاهل متصيد للأخطاء هذا الخطأ منهم..
    بل هذا ما كانوا يدعون له في مقدمات كتبهم.. فرحم الله من راى خطأ وخللا فأصلحه.. لا مساومة على هذا منهم ولا فيه ما يشينهم، ولا عبرة بما يشنع عليهم!
    وهذا مانع إثبات الخطأ في النص.. فهو خطأ.. والخطأ لا يقرر، بل ينبه عليه.. وهذا ما يفعله المحقق الحاذق الفاهم.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    بارك الله فيكما.

    أشار صلاح الدين المنجّد إلى شيئ من المسألة التي فيها تتباحثان .
    قال رحمه الله تعالى:
    8- عند اختلاف الروايات يثبت في المتن ما يُرجّح أنه الصحيح بعد دراسة يقوم بها المحقق لكل رواية، ويوضع في الحاشية المصحّف والمحرّف والخطأ
    ....

    10- يسمح للمحقق إضافة حرف أو كلمة سقطت من المتن على أن يضع ذلك بين قوسين (أنظر الرموز) وقد سمح الأقدمون بزيادة ما سقط من سند الحديث أو متنه، وبتجديد ما اندرس من كتاب في الحديث
    ....
    14- قد يقرأ عالم كتابًا ويصحح بعض ألفاظه. هذه الألفاظ المصححة تزيد من قيمة النسخة. إذا وافق المحقق على التصحيح أثبته في المتن وأشار إلى الأصل في الحاشية. ولابد بصورة عامة من الإشارة في الحاشية إلى كل ما يوجد من تعليق في هامش نسخة ما.

    قواعد تحقيق المخطوطات ص16-17 ( دار الكتاب الجديد الطبعة السابعة، 1987)

  16. #16

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    جزاكم الله خيرًا

  17. #17

    افتراضي رد: من عجائب من يمتهن تحقيق الكتب

    نعود إلى الموضوع الأصلي مع مقال آخر للشيخ :
    (5)
    الحال الذي وصلنا إليه في العقدين الأخيرين ، من جهود ضائعة ، وأموال تُهدر وتضيع ، وادعاءات عريضة ينكشف دخانها على سرابٍ بِقِيعة شئ محزن
    ففي مصر ، مثلا ، جاء بعض أهل الخير من أصحاب الأموال ، لخدمة السنة في الحديث الشريف ، وعلى الفور يجتمع المنتفعون حولهم ، والذين لا شأن لهم بالسنة أو الحديث ، وتوضع خطة العمل ، وتكون : الكتب الستة ، أو مسند أحمد ، أو أي كتاب مطبوع !!
    وتمر السنوات ، ويُنفق المال حتى يَنفق ، ويتبعثر العمل ، وينفض مولد السيد البدوي !!
    لاجديد ، طبع المطبوع ، وتحقيق المُحَقق ، وإعادة المُعاد ، وحول صاحب المال يدور المنتفعون في طواف كله هرولة.
    ثم تفشت البطالة في العالم كله ، ومنه بلادنا ، فظهرت حالة غريبة ، فكل من حصل على دبلوم في الصنايع (مثلي) ، يجمع حوله أربعة من أولاد الحارة الحاصلين على الإعدادية القديمة ، وذلك لإحياء التراث ، ويبدأ في الدخول على مواقع الإنترنت للإعلان المجاني :
    المركز الدولي للتحقيق والقص واللزق.
    المركز العالمي لإصلاح كتب التراث المطبوعة.
    مركز (المشنة) لإصلاح الحواشي والفهارس.
    ويمكنكم إخوتي التجوال الآن في المواقع التي تسمونها إسلامية ، أي موقع ، وستجدون إعلانات تلك المراكز للصيانة والإصلاح.
    وتقرأ لهم أن الكتب الستة خرجت محرفة ، الأسانيد مفكوكة ، تحتاج إلى ربط ، والمتون في حاجة إلى عَمْرة ، والحواشي ينقصها شيء من الهواء !!.
    وسوف يفعلون ، وسوف يغيرون ، وسوف يعيدون صياغة التاريخ ، ولم يعد أمامنا إلا الكتب الستة.
    فأردت هنا أن أذكر لزملاء الورشة أن الكتب الستة ، ومسند أحمد ، والحميدي ، والدارمي ، والدارقطني ، قد خرجوا في طبعات كثيرة متقنة ، وكذلك خرجت كتب أخرى كثيرة ، وليتكم تخرجون لنا شيئا لن يخرج ، ولكن بدون إعلان ، وبدون (سوف) ، وبدون : المركز الدولي ، اعملوا ، ثم اخرجوا على الناس ، وقولوا : هذا عملنا ،
    وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون َ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
    هذا هو أمر الله لعباده.
    وهذه الكتب أيها الإخوة التي حملتها لكم هنا ، هي طبعة المكنز ، وقد قوبلت على نسخٍ خطية عالية الجودة ، وإن كانت لا تخلو من أخطاء البشر ، لكنها أخطاء من أحسن ، ومن أراد الوقوف على المزيد في بيان هذه النسخ ، والمخطوطات ، فلينظر هذا الرابط :
    http://www.ihsanetwork.org/
    أسأل الله أن يوفقنا لعمل صالح يرضاه.
    أيها الإخوة
    في الماضي كان الأمر مختلفا ، لأنهم لم يكونوا مثلنا.
    خرج البخاري فوجد مسند الإمام أحمد ، فأخرج هو صحيح البخاري ، وجاء مسلم ، فأخرج الصحيح أيضًا ، لكنه ليس تكرارا لسلفه ، بل تغير المنهج ، والعرض ، والتبويب ، وجاء أصحاب السنن ، فما وجدنا منهجًا يشبه الآخر ، كل واحد يأخذ من أخيه ، ويضيف عليه ، وتنوعت مصادر العرض ، والتبويب ، ولو اطلعتم على أساس صحيح ابن حبان ، لأن المطبوع هو ترتيبه ، لرأيتم العجب ، والإتقان.
    دائمًا كان الجديد ، وكانت الإضافة ، وكانت الخطوة إلى الأمام.
    وأمامك الآن هذا العرض العظيم الذي خَلَّفه لنا علماء هذه الأمة ، ليشهد أنها أُمةٌ كونها الله لتعيش.
    الموطأ ، والمسانيد ، والصحاح ، والسنن ، والمعاجم ، والمستدرك ، والأجزاء ، والمشيخات ، والعلل ، والثقات ، والضعفاء ، والمدلسون ، والمختلطون ، والأنساب ، والكنى ، والألقاب ، والبلدان ، والمؤتلف والمختلف ، ومئات العناوين التي تقرأ علينا أنها كانت خير أمة أُخرجت للناس.
    وجاءت طبقات يلي بعضها بعضًا ، كلٌ يكمل ماتركه سابقه.
    جاء الذهبي فأراد جمع الجرح ، فخرج الميزان ، فتلاه ابن حجر فوجده لم يستوفٍ فكان اللسان ، وهذا المزي الذي وجد الكتب الستة ، فصنع تحفة الأشراف ، وهكذا.
    وفي هذه المنطقة تحديدًا نشأت علومٌ وإضافات ، فحاول ابن كثير جَمْع المسانيد والسنن ، وحاول الهيثمي جمع الزوائد ، وعشرات آخرون ، لم يكرروا عملا ، ولم يقفوا عند ما وجدوه من الطبقة التي سبقتهم ، أضافوا ، وجمعوا ، وجددوا ، ويسروا ، وفهرسوا ...
    ومرت سنواتٌ كثيرة لنأتي نحن ، فأنشأنا المراكز التي أشرت إليها ، وبدأنا في طباعة المطبوع ، وكلما خرجت طبعة ترى عجبا ، في البداية يعلن صاحب المركز الدولي للتحقيق أن جميع طبعات الكتب سيئة ، وأنها لم تتشرف بخدمته الشريفة ، وعليه فقد أنشأ المركز لإعادة الحياة لهذه الأمة.
    وبعد ذلك يختفي ، أو يخرج علينا بكتاب أعاد طباعته ، ويكتب لك على الغلاف : لأول مرة في العالم الإسلامي يخرج كتاب كذا على سبع نسخ خطية ، وقدم له المحدث الحافظ فلان ، ومحدث الديار المصرية علان ، ويصدر ، وتقلبه ذات اليمين وذات الشمال ، فيغلبك البكاء على الطبعة الأولى.
    وراجع ما كتبه الشيخ عبد الرحمن الفقيه ، مثلا ، حول الطبعة الجديدة لعلل ابن أبي حاتم ، ولترتيب علل الترمذي الكبير ، حيث ذكر الشيخ ، أكرمه الله ، أن طبعة الترتيب الأولى ، والصادرة عن عالم الكتب ، أفضل من الثانية.

    أين الجديد ، أين الإضافة ، أين الحياة التي ولدت في هذه الأمة ، هل صار عملنا إما إعادة مطبوع ، أو تخريج حديث واحد ؟.
    فلو سألنا في بعض المنتديات : كم عدد الذين يقومون الآن بإعادة طباعة علل ابن أبي حاتم فربما يصل العدد إلى عشرة ، وكل واحد يزعم أنه الذي سيأتي من جهينة بخبرها الذي لم يعد يقينا.
    ولكي نعدل ، لا زال في هذه الأمة بقية خير ، بل خير كثير .
    أبو محمد المصري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •