إن الاختلاف في الرأي واختيار البعض رأياً يخالف رأي الآخرين لم يكن وليد القرون المتأخرة بل كان وليد القرن الأول بل أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أقرا الاختلاف في الفروع بين أصحابه في عهده دون نكير،وإليكم بعض النماذج الدالة على ذلك .أ*- اختلاف أبي بكر وعمر في شأن أسرى بدر فقد رأى أبو بكر الفداء ورأى عمر قتلهم ، وأختار النبي _صلى الله عليه وسلم _رأي أبي بكر ولم ينكر على عمر ثم نزل القران الكريم معاتباً للنبي _صلى الله عليه وسلم _في ذلك (اختيار الفداء على القتل ).ب-اختلاف الصحابة –رضي الله عنهم –في فهم المقصود من كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم-في غزوة بني قريظة، عندما قال:صلى الله عليه وسلم لا يََََََُصَلِي أحدٌ العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر للنبي _صلى الله عليه وسلم _ولم ينكر على أحدٍ منهم.ج- اختلاف عمر بن الخطاب وعمار بن ياسر _رضي الله عنهم _حينما أصبحا وقد جنبوا فلم يجدا الماء فلم يصلِ عمر وتمعك عمار بالتراب وصلى ثم اخبر النبي _صلى الله عليه وسلم_ثم قال عليه الصلاة والسلام "إنما يكفيك أن تضرب بيدك الأرض ثم تنفخ وتمسح بهُما وجهك وكفيك ".ولكن يحسن قبل ترك الكلام في هذا أن نسوق ما يدل على أن الله تعالى أقرا الاختلاف في الرأي بين نبيين من أنبيائه ولم يذم واحداً منهما وإن كان قد مدح أحدهما.قال تعالى:(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً) وذلك أن رجلين في زمان داود عليه السلام كان لأحدهما زرع وللآخر غنم فرعت الغنم الزرع فتحاكما إلى داود فحكم بالغنم لصاحب الزرع فلما خرجا قال لهما سليمان عليه السلام ما حكم بهِ داود فأخبراه بحكمه لصاحب الزرع بالغنم فقال لهما سيلمان عليه السلام بل الحكم أن يأخذ صاحب الزرع الغنم يستغلها حتى يخلف زرعه ويكون مثل القدر الذي رعته الغنم ويأخذ صاحب الغنم غنمه فكان حكم سليمان عليه السلام الأرجح ولذا مدح الله تعالى سليمان فقال سبحانه وتعالى :"ففهمناها سليمان" ولم يذم داود عليه السلام .وبعد هذا التقرير الإلهي للاختلاف في فهم الأحكام تقريراً من كتابه العزيز وتقريراً من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم تطمئن النفس على أن الاختلاف في الرأي سنة كونية وسنة شرعية .وان المسائل الخلافية يجب أن تمر بردا وسلاماً لا جحيماً واستعاراً، والأمة الإسلامية بأمس الحاجة للوحدة وترك الخلاف لمواجهة تكالب أعداء الإسلام عليها والخلاف لا يُفسدْ للود قضية .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.