تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: جواب إشكال يتعلق بحديث لدّ النبي عليه السلام في مرض موته..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي جواب إشكال يتعلق بحديث لدّ النبي عليه السلام في مرض موته..

    الحمد لله وحده..
    أما بعد، فقد ورد في خبر مرض موت النبي عليه السلام في الصحيحين وغيرهما قصة مفادها أن عائشة وغيرها من نسائه عليه السلام لددنه - وضعن الدواء في فمه - مخالفة له وعلى كراهية منه لذلك، بأبي هو وأمي، فأدبهن لذلك.. فاستشكل أهل العلم وجه ما فعله النبي عليه السلام بسبب ذلك العمل منهن، ووضعوا لذلك أجوبة جمعها الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح وأحسن تخريجها ومباحثتها، رحمه الله وأحسن إليه.. وقد بدا لي أن أضيف على أجوبتهم لذلك الاستشكال جوابا، عسى الله أن يغفر لي به ذنوبي وأن ينفع به المسلمين..

    وأسوق بداية متن الرواية من الصحيحن:
    ففي صحيح البخاري
    (6/3537)
    ((6501 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله قال قالت عائشة ثم لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه وجعل يشير إلينا لا تلدوني قال فقلنا كراهية المريض بالدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن تلدوني قال قلنا كراهية المريض للدواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى منكم أحد إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم))


    وفي صحيح مسلم
    (4/1733)
    (( 2213 حدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت ثم لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء فلما أفاق قال لا يبقى أحد منكم إلا العباس فإنه لم يشهدكم))


    وما عدا هاتين الروايتين مما صح في الخبر فلا يخرج عن تلك الأحداث..

    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (8/147):
    "قوله حدثنا على حدثنا يحيى وزاد قالت عائشة لددناه في مرضه أما على فهو بن عبد الله بن المديني وأما يحيى فهو بن سعيد القطان ومراده أن عليا وافق عبد الله بن أبي شيبة في روايته عن يحيى بن سعيد الحديث الذي قبله وزاد عليه قصة اللدود قوله لددناه أي جعلنا في جانب فمه دواء بغير اختياره وهذا هو اللدود فأما ما يصب في الحلق فيقال له الوجور وقد وقع عند الطبراني من حديث العباس أنهم أذابوا قسطا أي بزيت فلدوه به قوله فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء قال عياض ضبطناه بالرفع أي هذا منه كراهية وقال أبو البقاء هو خبر مبتدأ محذوف أي هذا الامتناع كراهية ويحتمل أن النصب على أنه مفعول له أي نهانا للكراهية للدواء ويحتمل أن يكون مصدرا أي كرهه كراهية الدواء قال عياض الرفع أوجه من النصب على المصدر قوله لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا انظر إلا العباس فأنه لم يشهدكم.

    قيل فيه مشروعية القصاص في جميع ما يصاب به الإنسان عمدا وفيه نظر لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك أما من باشره فظاهر وأما من لم يباشره فلكونهم تركوا نهيهم عما نهاهم هو عنه ويستفاد منه أن التأويل البعيد لا يعذر به صاحبه وفيه نظر أيضا لأن الذي وقع في معارضة النهي قال بن العربي أراد أن لا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقه فيقعوا في خطب عظيم وتعقب بأنه كان يمكن العفو لأنه كان لا ينتقم لنفسه والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا فكان ذلك تأديبا لا قصاصا ولا انتقاما

    قيل وإنما كره اللد مع أنه كان يتداوى لأنه تحقق أنه يموت في مرضه ومن حقق ذلك كره له التداوى قلت وفيه نظر والذي يظهر أن ذلك كان قبل التخيير والتحقق وإنما أنكر التداوى لأنه كان غير ملائم لدائه لأنهم ظنوا أن به ذات الجنب فداووه بما يلائمها ولم يكن به ذلك كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى والله أعلم
    قوله رواه بن أبي الزناد عن هشام عن أبيه عن عائشة وصله محمد بن سعد عن محمد بن الصباح عن عبد الرحمن بن أبي الزناد بهذا السند ولفظه كانت تأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم الخاصرة فاشتدت به فأغمي عليه فلددناه فلما أفاق قال هذا من فعل نساء جئن من هنا وأشار إلى الحبشة وأن كنتم ترون أن الله يسلط على ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها على سلطانا والله لا يبقى أحد في البيت إلا لد فما بقي أحد في البيت إلا لد ولددنا ميمونة وهي صائمة ومن طريق أبي بكر بن عبد الرحمن أن أم سلمة وأسماء بنت عميس أشارتا بأن يلدوه ورواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أسماء بنت عميس قالت أن أول ما اشتكى كان في بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى أغمى عليه فتشاورن في لده فلدوه فلما أفاق قال هذا فعل نساء جئن من هنا وأشار إلى الحبشة وكانت أسماء منهن فقالوا كنا نتهم بك ذات الجنب فقال ما كان الله ليعذبني به لا يبقى أحد في البيت إلا لد قال فلقد التدت ميمونة وهي صائمة وفي رواية بن أبي الزناد هذه بيان ضعف ما رواه أبو يعلى بسند فيه بن لهيعة من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم مات من ذات الجنب ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بينهما بأن ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين كما سيأتي بيانه في كتاب الطب أحدهما ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن والآخر ريح محتقن بين الأضلاع فالأول هو المنفى هنا وقد وقع في رواية الحاكم في المستدرك ذات الجنب من الشيطان والثاني هو الذي أثبت هنا وليس فيه محذور كالأول"

    انتهى كلام الحافظ رحمه الله.

    قلت: لا مزيد على ما بينه الحافظ رحمه الله، وما ذهب إليه هو الصواب إن شاء الله تعالى.. ولكن أضيف أن بعضهم قد يرى أن في هذا الحديث والقصة التي فيه دليلا على أنه لا عذر بالتأويل، إذ تأولت عائشة وأم سلمة وغيرهما أنه عليه السلام ينهاهما بسبب الكراهية الطبعية عند المريض للدواء، وهذا قول مردود لأن ظنهن هنا ليس بحجة لهن ولا بعذر يدفع عنهن استحقاق التأديب، إذ التأويل يعذر به صاحبه إن كان فاقدا لسبيل السؤال المباشر والاستبيان من صاحب الأمر والنهي نفسه عن سبب النهي، فيقطع الظن باليقين... وهذا خلاف ما كان عليه حالهن هنا، إذ عزمن أمرهن على ذلك الفعل المخالف دون الاستفسار منه عليه السلام! وكان بوسعهن المكث حتى يفيق فيتسنى لهن سؤاله عن سبب نهيه إياهن عن لده في تلك الحال، دون أن يكون مبنى الأمر عندهن الظن والتأويل الذي لا تحمل عليه حاجة ولا يدعو إليه داع!! فلو أنهن صبرن عليه وسألنه لأجابهن وبين لهن السبب، ولكن كانت العجلة وسوء التقدير منهن - رضي الله عنهن وأرضاهن - وترك الاستفسار منه والتبين قبل الإقدام على ذلك العمل بناءً على ظن لا يعلمان عليه برهانا، ولهذا أدبهن عليه السلام كما فعل، والله أعلم!

    هذا والروايات فيها إشارة إلى أن الداء الذي ظنت النساء أنه قد ألم بالنبي عليه السلام (ذات الجنب) والذي دواؤه ذاك الدواء، داء ذميم ما كان ليصيب الرب به نبيه، وأنهن كان حريا بهن أن يحسنّ الظن بشأن ما أصابه عليه السلام، وألا يتوهمن فيه ذاك الداء، ففوق أنهن لم يكن لهن عذر في اللجوء إلى الظن وترك السؤال المباشر عن سبب النهي، فإن ظنهن كان فيه مساءة للنبي عليه السلام، فزاد عزمه على تأديبهن على ذلك!
    ووجه التأديب في اللد - لا العقوبة - أن العود الهندي فيه مرارة، فأمر بأن يذقن تلك المرارة كما أذقنها إياه مخالفة لأمره، وبناءً على ظن فاسد ما كان لهن أن يظنوه، بأبي هو وأمي.
    والله أعلى وأعلم..
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: جواب إشكال يتعلق بحديث لدّ النبي عليه السلام في مرض موته..

    رفع الله قدرك، وصوب قلمك
    آمين
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: جواب إشكال يتعلق بحديث لدّ النبي عليه السلام في مرض موته..

    بارك الله فيكم شيخنا ابوالفداء على التوضيح زادك الله علما ونفعنا بعلمكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    نفع الله بكم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •