قال العلامة الألباني - رحمه الله - في " السلسلة الصحيحة " 6 / 807
( و اعلم أن في هذا الحديث توجيها نبويا كريما طالما غفل عنه كثير من خاصة المسلمين فضلا عن عامتهم ، ألا و هو مخالفة الكفار المجوس و غيرهم كما في الحديث المتفق عليه : " إن اليهود و النصارى لا يصبغون فخالفوهم " . و الأحاديث بهذا المعنى كثيرة جدا معروفة .
فالذي أريد بيانه إنما هو التنبيه على أن المخالفة المأمور بها هي أعم من التشبه المنهي عنه ، ذلك أن التشبه أن يفعل المسلم فعل الكافر ، و لو لم يقصد التشبه ، و بإمكانه أن لا يفعله . فهو مأمور
بأن يتركه . و حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه قوة و ضعفا .
و أما المخالفة فهي على العكس من ذلك تماما فإنها تعني أن يفعل المسلم فعلا لا يفعله الكافر ،
إذا لم يكن في فعله مخالفة للشرع ، كمثل الصلاة في النعال ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها مخالفة لليهود ، و قد تكون المخالفة لهم فيما هو من خلق الله في كل البشر لا فرق في ذلك بين مسلم و كافر ، و رجل و امرأة ، كالشيب مثلا ، و مع ذلك أمر بصبغه مخالفة لهم كما تقدم ، و هذا أبلغ ما يكون من الأمر بالمخالفة ، فعلى المسلم الحريص على دينه أن يراعي ذلك في كل شؤون حياته ، فإنه بذلك ينجو من أن يقع في مخالفة الأمر بالمخالفة ، فضلا عن نجاته من التشبه
بالكفار ، الذي هو الداء العضال في عصرنا هذا . و الله المستعان . )