المرأة ودعاة التغريب



المرأة ودعاة التغريب
إنَّ على المرأة المسلمة أن تَعِي خطورة انجرافها وراء دُعاة التغريب؛ من حيث تدري أو لا تدري، وأنْ تفهمَ عظيمَ أَثَرِ انسياقها وراء دعواتهم الكَيديَّة التي ما فتئتْ تجتهد لفَصْمِ علائقها بالمهمات التربويَّة العظيمة التي أناطها اللهُ بها.
وإن عدم اكتراث المرأة المسلمة بمهمتها الأصليَّة في الحياة، يؤدِّي -لا محالة- إلى تفسُّخ الأسرة التي هي نواة المجتمع، وإلى نشوء الأطفال -في غياب هذا الدور- على موائد يقدَّم لهم فيها غذاء فِكري مَسموم من القنوات التلفازيَّة، أو الشبكة العنكبوتيَّة، أو نحو ذلك مما ضررُه أكبر من نفْعه، أو مما هو ضررٌ كلُّه، لقد سارت كثير من النساء على هذا التغريب ردحًا من الزمن، حتى تكونت بسبب ذلك أجيال من النساء المنقطعات -كُليًّا أو جُزئيًّا- عن ماضيهنَّ الإسلامي المشْرِق، ولم يكنْ ذلك انقطاعًا في الظواهر والأفعال، وإنَّما تغيَّرت آمالهنَّ وطموحاتهن، وتبدَّل مفهومُهن للحياة، وتصوُّرُهنَّ لدور المرأة في الكون، فاحذري أختاه أن تكوني من هؤلاء! وتفقدي المهمة الحقيقية الذي خلقك الله لأجلها.
نماذج يحتذى بها من النساء
من النماذج المضيئة التي يحتذى بها أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- التي كانت واحةً لزوجها رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبنائها، وقفت تُؤازر النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وفاتها، كذلك كانت فاطمةُ -رضي الله عنها-، التي كانت تخدم بيتَها بنفسِها، وتربِّي أولادَها، وتتلو القرآنَ الكريم في كلِّ مواقف حياتها، وهي تعمل، ورضيَت بحياة زوجها القليلةِ الدَّخل الخَشِنة، وكانت خيرَ ابنةٍ لأبيها، وخيرَ زوجة لزوجها، كذلك كانت أمُّ سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها- نِعْم الأم لأبنائِها الذين كانوا صغارًا، حين استُشهد زوجُها أبو سلمة وهو عبدالله بن عبدالأسد المخزومي ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى تزوَّجها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واحتضن أبناءَها، وكانت زينب بنت أبي سلمة فقيهةً؛ لأنها تربَّت في بيتِ النبوَّة، كما كان لأمِّ سلمة مواقف تدلُّ على رجاحَةِ عقلِها، كذلك جمعَت نسيبة بنت كعب أم عمارة الأنصاريَّة أهلَ بيتها وأبناءَها للدفاعِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أُحُد، فكانت نموذجًا يُحتذى به، ولها مواقفُ عديدة في غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفي حروب الرِّدَّة ضد مسيلِمة الكذاب.
الإسلام والحفاظ على أنوثة المرأة
الإسلامُ يحافظ على أنوثة المرأة، حتى تظلَّ ينبوعًا لعواطف الحنان والرقة والجمال، ولهذا أحُلّ لها بعض ما حُرِّم على الرجال، بما تقتضيه طبيعة الأنثى ووظيفتها، كالتحلّي بالذهب، ولبس الحرير الخالص، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ هذين حرامٌ على ذكور أمتي، حل لإناثهم»، كما أنّه حرّم عليها كل ما يجافي هذه الأنوثة، من التشبه بالرجال في الزي والحركة والسلوك وغيرها، فنهى أن تلبَسَ المرأةُ لبسة الرجل، كما نهى الرجل أن يلبَسَ لبسة المرأة، ولعن المتشبّهات من النساء بالرجال، مثلما لعَن المتشبهين من الرجال بالنساء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة، ولا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالديه، والمرأةُ المترجلةُ، والدّيوثُ». والإسلام يحمي هذه الأنوثة، ويرعى ضعفها، فيجعلها أبداً في ظلِّ رجل مكفولةَ.
من أدوار المرأة في العهد النبوي
طلب العلم ونشره
حرصت النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على حضور مجالس العلم عند النبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يؤثرن أحدا بحظهن من رسول الله، ولو كانوا أزواجهن، ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه؛ فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين، فقال: واثنين»، أما عن دورهن في نشر العلم، فخير مثال له، السيدة عائشة -رضي الله عنها-، يقول أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - مبينا فضلها في تعليم الصحابة-: «ما أشكل علينا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما». ولم تكن أم المؤمنين -رضي الله عنها- فقيهة فحسب، بل كانت عالمة بالشعر والتاريخ والطب.
حكم المراسلة بين الشبان والشابات
سئل الشيخ ابن جبرين-رحمه الله- ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات، علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟ فقال -رحمه الله-: لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغويه ويغويها به، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم -: من سمع الدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه. ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير، ويجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام.
الاهتمام بالبنات
لقد أكَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الاهتمام بالبناتِ خصوصا وتربيتهن؛ لأنهن أمَّهات المستقبَل، ومربِّيات الأجيال رجالاً ونساءً، ومن ذلك ما رواه عقبةُ بن عامر عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ومن كان له ثلاث بناتٍ، فصبر عليهنَّ وأطعمهنَّ وكساهنَّ من جِدَته، كنَّ له حجابًا من النار يومَ القيامة».
من وسائل علاج المشكلات الزوجية
من علاج المشكلات الزوجية ترك الاستعجال في القرارات الأسرية، والبعد عن شدة الغضب وإصدار الأحكام المستعجلة أثناءه، فالتريث يعين على حل المشكلات والصواب في الحسم. وأما العجل والغضب فيعقدان القضايا ويؤديان إلى ما لا تحمد عقباه.
موعظة وعبرة
الْمصَالح والخيرات وَاللَّذَّات والكمالات كلهَا لَا تنَال إِلَّا بحظ من الْمَشَقَّة، وَلَا يعبر إِلَيْهَا إِلَّا على جسر من التَّعَب، وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم وإن من آثر الراحة فاتته الراحة وإن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة؛ فلا فرحة لمن لا هم له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلا استراح طويلا، وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة، قاده لحياة الأبد وكل ما فيه أهل النعيم المقيم فهو صبر ساعة والله المستعان ولا قوة إلا بالله.

منقول