تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: توجيه الداعية للقصد والاعتدال

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي توجيه الداعية للقصد والاعتدال

    معنى القصد هو استقامة الطريق، وهو ضد الإفراط[1].
    يقال: هو على القصد، وعلى قصد السبيل: إذا كان راشدًا، ويقال: طريقٌ قصد: سهل مستقيم، والرجل: ليس بالجسيم ولا بالنحيف[2].
    ومعنى الاعتدال: "التوسط بين حالين في كم أو كيف أو تناسب، يقال: ماء معتدل بين الحرارة والبرودة، وجسم معتدل بين الطول والقصر، أو بين البدانة والنحافة"[3].
    والقصد والاعتدال من الصفات السلوكية الواجبِ توافرُها في الدعاة إلى الله في كل أمر من الأمور، وخاصة في مجال الإنفاق، وقد نوَّه الله عز وجل بهذه الخَصلةِ وأعلى شأنَها، حيث قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]، يقول ابن كثير: "أي ليسوا مبذِّرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهلهم فيقصِّرون في حقهم فلا يَكْفونهم، بل عدلًا خيارًا، وخيرُ الأمور أوسطها"[4].
    وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، قال ابن كثير: "يقول تعالى آمرًا بالاقتصاد في العيش، ذامًّا للبخل، ناهيًا عن السَّرَف: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾؛أي: لا تكن بخيلًا منوعًا لا تعطي أحدًا شيئًا... ﴿ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾؛ أي: لا تُسرِف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتُخرِج أكثرَ من دخلك؛ ﴿ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾؛ أي: فتقعد إنْ بَخِلتَ ملومًا، يلومك الناس ويذمُّونك ويستغنون عنك، ومتى بسطتَ يدك فوق طاقتك قعدتَ بلا شيء فتكون كالحسير"[5].
    والقصد والاعتدال والسداد هي سمة هذا الدِّينِ العظيم، والشرع القويم، والرسول الكريم "فهو صلوات الله وسلامه عليه وما بعَثَه الله به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد"[6].
    والله سبحانه وتعالى نَهى أهل الكتاب عن الغلو في الدين، والاقتداء بشيوخ الضلال في ذلك، فقال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 77]؛ "أي لا تجاوزوا الحدَّ في اتِّباع الحق، ولا تُطرُوا من أُمرتم بتعظيمه فتبالغوا فيه حتى تخرِجوه عن حيز النبوة إلى مقام الألوهية كما صنعتم في المسيح، وهو نبي من الأنبياء، فجعلتموه إلهًا من دون الله، وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخ الضلال الذي هم سلفُكم ممن ضلَّ قديمًا، ﴿ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾؛ أي خرَجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال، إلى طريق الغَواية والضلال"[7].
    ولذلك يشير ابن كثير إلى أن (أصل الإلحاد في كلام العرب العدلُ عن القصد، والميل والجور والانحراف"[8].
    وقد وصف الله سبحانه مَن كفَر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر بأنه قد ضلَّ ضلالًا بعيدًا، كما قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]؛ "أي قد خرج عن طريق الهدى، وبعُد عن القصد كل البعد"[9].
    وابن كثير رحمه الله من خلال تفسيره يؤكد على أهمية القصد والاعتدال والسداد، ونهى عن الغلو والإسراف والتبذير، ودعا إلى التوسط والقصد والعفاف، يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]: "إن الله لا يحب المتعدِّين حدَّه في حلال أو حرام، الغالين فيما أحَلَّ أو حرَّم، بإحلال الحرام أو بتحريم الحلال، ولكنه يحب أن يُحلَّل ما أَحَلَّ، ويُحرَّمَ ما حرَّم، وذلك العدل الذي أمَرَ به"[10]، وكذلك النهي عن الإسراف في الأكل؛ "لما فيه من مضرة العقول والبدن"[11].
    والداعية إلى الله بحق هو الذي يأخذ نفسَه بفضيلة القصد والاعتدال، ويروضها على تجنُّب الإسراف والإقتار المذمومينِ شرعًا، والرضا بالكفاف.
    والخلاصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم والدعاة من بعده جعلوا سمة القصد والاعتدال نهجًا سلكوه في تصرفاتهم، والقناعة في الدنيا والرضا منها باليسير سمةً من سماتهم[12].
    ----------------
    [1] انظر القاموس المحيط، للفيروزابادي، ص310، طبعة مؤسسة الرسالة، ط6، 1419هـ.
    [2] انظر المعجم الوسيط، ص 738، مرجع سابق.
    [3] انظر المعجم الوسيط، ص 588.
    [4] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 404.
    [5] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 50.
    [6] المرجع نفسه 4/ 291.
    [7] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 16.
    [8] المرجع نفسه 2/ 338.
    [9] المرجع نفسه 1/ 690.
    [10] المرجع نفسه 2/ 268.
    [11] المرجع نفسه 2/ 232.
    [12] انظر الدعوة والداعية في ضوء سورة الفرقان، ص255، مرجع سابق.


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/147137/#ixzz6w3v8sWjt
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2021
    المشاركات
    483

    افتراضي رد: توجيه الداعية للقصد والاعتدال


    ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا

    في قولك
    وابن كثير رحمه الله من خلال تفسيره
    يؤكد على أهمية القصد والاعتدال والسداد،
    ونهى عن الغلو والإسراف والتبذير،
    ودعا إلى التوسط والقصد والعفاف،
    يقول رحمه الله عند تفسير الآية ....

    لفظ الجلالة التي باللون أحمر غير موجودة .

    هو الله الذي يرفع كل هم وغم وحزن
    وكله للمؤمن خير ،،،


    يا رب الأرباب يا ملك الملوك
    تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,362

    افتراضي رد: توجيه الداعية للقصد والاعتدال

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف بن سلامة مشاهدة المشاركة

    ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا

    في قولك
    وابن كثير رحمه الله من خلال تفسيره
    يؤكد على أهمية القصد والاعتدال والسداد،
    ونهى عن الغلو والإسراف والتبذير،
    ودعا إلى التوسط والقصد والعفاف،
    يقول رحمه الله عند تفسير الآية ....

    لفظ الجلالة التي باللون أحمر غير موجودة .

    هو الله الذي يرفع كل هم وغم وحزن
    وكله للمؤمن خير ،،،


    تم التعديل، جزاكم الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •