الأبناء زينة لا يكتمل بهاؤها إلا بالدين وحسن الخلق





إن من أعظم النعم أن يُرزق العبد ذرية صالحة تدرُّ عليه الأجور بعد الممات، ويرتفع بها عند ربه درجات، ولذلك اشتد حرص السلف -رضوان الله عليهم- على تربية أبنائهم التربية الصالحة، وأنت بوصفك أمًّا مسؤولة عن هذه الأمانة التي حملك الله إياها، فزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخلق، وإلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة، ومن الأمور التي ينبغي لك الحرص عليها مع أبنائك ما يلي:
سلامة عقيدتهم
احرصي على سلامة عقيدتهم مما يشوبها، فجنبيهم لبس الحروز والتمائم، وعظمي في قلوبهم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن تفشي شوائب العقيدة بين أبنائنا بسبب جهل الوالدين أو تساهلهم في توجيه أبنائهم وتوعيتهم.
غرس الإيمان في قلوبهم
احرصي على غرس الإيمان في قلوبهم ورقابة الله عليهم، وتأملي وصايا لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}، وذكريهم أن الله يراقبهم ومطلع على أعمالهم.
تعليمهم كتاب الله
احرصي على تعليم أبنائك كتاب الله منذ الصغر، فيشبوا وقد تعلقت قلوبهم بحب الله وتعظيم كتابه، وكان السلف الصالح أول ما يسألون عنه حفظ كتاب الله، فقد قال ابن عباس: جمعت المُحْكَم في عهد رسول الله. فقلت له: ما المُحْكَم؟ قال: المُفَصّل، أي من الحجرات إلى آخر القرآن، وقال ابن عباس أيضا: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممن أوتي الحُكْم صبيا.
ذكريهم بأسماء الله -تعالى- وصفاته
ذكري أبناءك دومًا بأسماء الله -تعالى- وصفاته ومن ذلك أنه عزيز ذو انتقام لمن عصاه، وأنه غفور رحيم لمن تاب وأناب، وذكريهم بأحوالهم بعد الموت بطريقة تناسب أعمارهم، وحثيهم على الطاعات ولا سيما الصلاة، وراقبيهم فيها وأيقظيهم من النوم لها، وعظمي شأنها في قلوبهم، وعوديهم الصيام في صغرهم ليسهل عليهم إذا بلغوا، وأشعريهم بمراقبة الله لهم، فالصيام أعظم مُربٍّ، لهم لاستشعار مراقبة الله -تعالى.
راقبي أبناءك
راقبي أبناءك وبناتك، ولا تدعيهم يتساهلون بالمنكرات وأنت تعلمين، وعليك بالتوسط والاعتدال وإياك والثقة المفرطة أو الشكوك الزائدة، وتذكري دومًا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «ومن كانت له ابنتان فأحسن إليهما كن له سترًا من النار»، وقال سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-: والإحسان إلى البنات يكون بتربيتهن التربية الإسلامية، وتعليمهن وتنشئتهن على الحق والحرص على عفتهن، وإبعادهن عما حرم الله من التبرج وغيره، وهكذا تربية الأخوات والأولاد الذكور، إلى غير ذلك من وجوه الإحسان حتى يتربى الجميع على طاعة الله ورسوله، والبعد عما حرم الله والقيام بحق الله - سبحانه وتعالى -، وبذلك يعلم أنه ليس المقصود مجرد الإحسان بالأكل والشرب والكسوة فقط، بل المراد ما هو أكبر من ذلك من الإحسان إليهم في عمل الدين والدنيا. وقال - رحمه الله -: إن الحديث عام للأب والأم.

من القيم العائلية المهمة: المرونة
إن وضع قواعد محددة في المنزل أمر مهم؛ لاستمرار النظام وتفادي الفوضى، ولكن التّزمّت والصرامة يمكن أن يؤديا إلى استياء أفراد الأسرة وعدم شعورهم بالراحة، فالمزيد من المرونة عند اتخاذ القرارات سيجعل العائلة أكثر سعادة وتفاهما.

وصايا ذهبية لتحقيق السعادة الزوجية
إن السعادة الزوجية هي الشعور بالرضا والإشباع بين الزوجين، وكذلك شعورهما بطمأنينة النفس، وتحقيق الذات، وكذلك الشعور بالبهجة والاستمتاع، ومن الوصايا التي تحقق السعادة الزوجية ما يلي:
أولًا: وصايا للزوج
لك أيها الزوج في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة.
- تبسمك في وجه زوجتك صدقة، فأيها الزوج عند دخولك بيتك تبسم في وجه زوجتك، لكي تنال الأجر من الله.
- سل عن زوجتك عند دخولك عليها وسل عن أحوالها.
- عود لسانك على طيب القول، فلا يخرج من فمك إلا الكلام الطيب والجميل حتى ترضي زوجتك ولو كان ذلك تكلفًا، أو كان فيه شيء من الكذب المباح.
- احرص أيها الزوج على معاشرة زوجتك بالمعروف، وعلى الدعابة والمرح في البيت.
- تزين لزوجتك كما تحب أن تتزين لك، وكن كريمًا حتى يخلف الله لك الرزق والبركة.
- اطرد الشيطان من بيتك بالقرآن والصلاة، وربِّ أولادك التربية الحسنة.
ثانيًا: وصايا للزوجة
لك أيتها الزوجة في زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونساء المؤمنين قدوة حسنة.
- استقبلي زوجك بوجه طلق، وابتسامة حانية.
- تزيني وتجملي لزوجك، تطيبي واكتحلي والبسي أحسن ثيابك لاستقبال زوجك.
- لا تكوني دائمًا مهمومة وحزينة، بل تعوذي بالله من الهم والحزن والعجز والكسل.
- الرائحة الحسنة بهجة، فعودي زوجك ألا يشم منك إلا أطيب الروائح.
- كوني دائمًا منشرحة الصدر هادئة البال.
- مُريه ببر أمه وأبيه.
- كوني لزوجك البسمة الغالية، واللمسة الحانية.
- كونى له أمًّا فى الحنان، وأختًا فى الدعوة، وزوجة مخلصة في الدنيا، وبنتًا في الطاعة.
- احتوي زوجك بحنانك واجعليه دومًا يشتاق لرؤيتك في كل وقت وحين.
- أحسني تربية أولادك واملئي البيت تسبيحًا وتهليلًا، وأكثري من تلاوة القرآن.
- إياكِ والفرحَ بين يديه إن كان مهمومًا، والكآبة بين يديه إن كان مسرورًا.
- تقربي إلى كل ما يحب، وابتعدي عن كل ما يكره، فالزوجة الذكية هي التي تعرف كيف تكسب قلب زوجها.
من تراجم النساء
أول معلمة في الإسلام ( الشفاء بنت عبد الله )

هي ليلى بنت عبدالله بن عبد شمس العدوية القرشية، وكانت تُكنى بأم سليمان، أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. تزوجت الشفاء من أبي حثمة بن حذيفة بن غانم القرشي، وولدت له سليمان، ثم بعد ذلك تزوجت من أخيه مرزوق وولدت له أبا حكيم.
إسلامها
أسلمت الشفاء قبل الهجرة فهي من المهاجرات الأوائل، وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت من عقلاء النساء وفضلياتهن، وقد هاجرت هي وزوجها إلى أرض الحبشة.
حياتها
عُرِفت -رضي الله عنها- بالعقل الراجح والاتزان حتى أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يُقَدّر لها ذلك ويثق برأيها, وكانت الشفاء من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة في الجاهلية، وكانت تجيد الرقية منذ الجاهلية، وقد أقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم - دارا عند الدكاكين بالمدينة فنزلتها مع ابنها سليمان، وكانت تكتب بالعربية في الوقت الذي كانت الكتابة في العرب قليلة، وأصبحت تلك الدار مركزاً علمياً للنساء. وكانت السيدة حفصة بنت عمر من بين المتعلمات التي تعلمت على يد الشفاء، وعلى الرغم من العلم الذي تعلمته الشفاء قبل الإسلام، إلّا أنها لم تحاول الإفادة منه إلّا بعد أن عرفت حُكم الشرع فيه. فلما أجازها النبي - صلى الله عليه وسلم - خدمت به الناس، وعلّمت نساء المسلمين القراءة والكتابة، وبذلك تعد الشفاء أول معلمة في الإسلام.
طبيبة وراقية
تخصصت الشفاء في معالجة الأبدان؛ حيث كانت تخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزواته تداوي الجرحى، وكان يأتيها الصحابة في بيتها للتطبيب، وقد اشتهرت برقية النملة وهي جروح تصيب الجنين وقروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ارقِ بها وعلميها حفصة.
روايتها للحديث
روت هذه الصحابية الجليلة أحاديث عدة، فقد روت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر بن الخطاب، وروى عنها ابنها سليمان بن أبي خثمة وآخرون من أحفادها، وقد روى لها البخاري في كتاب الأدب وكتاب أفعال العباد، كما روى لها أبو داوود والنسائي.
وفاتها

توفيت سنة عشرين للهجرة في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. فجزاها الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء بما خدمت به الأمة ورقت مرضاها وعلمت نساءها.
منقول