عثرات الأقلام (2)
رأت مجلة «الوعي الإسلامي» إعادة نشر السلسلة الماتعة من «عثرات الأقلام» المسطرة بين طيات مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، والتي تهدف إلى نقد ما تهفو به أقلام بعض الكتاب فيما يكتبونه ويحبرونه.
واجتهد المجمع في الاقتصار على ما ظنه خطأ من القول، مما لا يحتاج فيه إلى الرد والمناقشة، تفاديا للمجادلات والمناقشات التي طالما كانت سببا في خفوت الأصوات، وموت المشروعات. وزيادة في تجنب أسباب الجدل والمناقشة، اكتفى المجمع بنقد القول دون ذكر اسم كاتبه أو الصحيفة التي كتب فيها.
سائلين الله عزوجل أن يقع هذا العمل موقع الرضا والقبول، فيتدبروا هذه الملاحظات، ويراعوا العمل بها كلما سنحت في كتاباتهم، إذ ليس الغرض من ذلك كله إلا خدمة اللغة العربية الكريمة، وإحياء فصيح تراكيبها وبليغ أساليبها، والله الموفق والمعين.
< قولهم: «حضرة الرئيس المهاب»، بضم الميم، من «أهاب» الرباعي، بمعنى أن الناس تهابه. وصوابه: «مهيب» و«مهوب»، اسم مفعول من «هاب» الثلاثي. وقد يصح أن يقال: «مهاب» بفتح الميم على معنى أنه موضوع مهابة.
< إذ يقال: «مكان مهاب»، و«مكان مهال» بفتح الميم، فيها من الهيبة والهول.
وقولهم: «أوشك الصبي على الغرق» يريدون أنه أشرف على الغرق، وصوابه أن يقال: «أوشك أن يغرق»، أو: «أشفى على الغرق».
< وقولهم: «فذهبوا مرفوقين بقوة من قبل الحكومة»، صوابه: مرافقين بقوة أو مصحوبين بها.
< وقولهم: «أهاج هذا القول خواطر الوطنيين»، صوابه: هاج خواطرهم من دون همزة أو هيجها بالتشديد.
< وقولهم في جمع سائح: «سواح» بالواو، وصوابه «سياح» بالياء، لأن فعله ساح يسيح، لا ساح يسوح.
< وقولهم: «أمن له مستقبله، أو: أمر معيشته» الظاهر أن يقال: «أمنه من مستقبله أو من أمر معيشته»، بمعنى أنه جعله في أمن من سوء مستقبله، أو في أمن من ضياع أمر معيشته. أو يقال: «أمنه على معيشته أو مستقبله» مع حرف الجر «على»، فيكون مثل أمنه على دمه وماله، كذا يفهم من التاج.
< وقولهم: «ولازالت السفينة تنقل كذا»، صوابه: «مازالت»، أما «لا» مع «زال» فلا تستعمل إلا في مقام الدعاء: يقال: «لازلت ملحوظا بعين العناية».
< وقولهم: «غضب حينما رأى حقوق الأهلين مداسة»، ويقولون في ضد ذلك أحيانا: «وقد سر حين رأى حقوق الأهلين مصانة»، والصواب فيهما: «مدرسة ومصونة» من «داس وصان» الثلاثيين، ولا يقال: «أداس»، ولا «أصان» بالهمز.
< وقولهم: «بادرنا لنشر الخبر لتطمين الأفكار»، صوابه: لطمأنة الأفكار أو لطأمنة الأفكار، أي تسكينها، إذ يقال: «طمأنه طمأنة وطأمنه طأمنة». أما قولهم من هذه المادة: طمنه تطمينا، بقلب الهمزة ميما، وإدغامها في الميم الأصلية، فلم يرد في الفصيح، وهو مع هذا غلط فاش جدا.
< وقولهم: «ناهيك عما نستعمله من الأساليب»، يريدون فضلا عما نستعمله. وهو خطأ لأن معنى ناهيك: حسبك وكافيك. قال اللسان: «ناهيك بفلان رجلا ومن رجل، أي: كافيك وحسبك هو».
< وقولهم: «لا يهمهم سوى محافظة مراكزهم»، صوابه سوى المحافظة على مراكزهم، إذ يقال: حافظ على الشيء، لا حافظه.
< وقولهم «رساميل» في جميع «رأس المال» خطأ، وصوابه أن يقال: «رؤوس الأموال».
< وقولهم: «جاءه قوميسيونجي، وعرض عليه البضاعة الفلانية»، ويريدون بالقوميسيونجي ذاك الذي يتوسط بين المحال التجارية في أوروبا وبين تجار بلادنا في عرض نموذجات البضائع وبيعها لهم. ونرى أن نستعمل مكان «القوميسيونجي» كلمة «الوسيط». والأفصح ما قاله ابن سيده في كتابه «المخصص»: فلح فلان إذا اطمأن إليه الناس فقالوا له: بع لنا كذا، أو اشتر لنا كذا، فيأتي التجار فيبيعهم، أو يشتري منهم، قال: ويسمى المتوسط بين التجار على هذه الصورة: «الفلاح».
< و هذه الكلمة، أعني: «الفلاح» تشتبه بالفلاح بمعنى الحراث، غير أن القرائن وسياقات الكلام كفيلة بتعيين المعنى المراد، شأن جميع الكلمات الأخرى المشتركة المعنى، الشائعة في كلام الكتاب.
< أما كلمة «الدلال» فتبقى على استعمالها في الوسيط ببيع الأمتعة، وما كان تفاريق و«السمسار» ببيع البضائع الأغلى قيمة، وما يباع بالجملة.
< كلمة «سفسير» بمعنى سمسار أيضا، ويمكن استعمالها في طائفة خاصة من السماسرة، وتبقى كلمة «الفلاح» للسماسرة الذين يعرضون بضائع المعامل بمقادير كبيرة.
منقول