تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 9 من 9 الأولىالأولى 123456789
النتائج 161 إلى 166 من 166

الموضوع: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

  1. #161
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (160)


    آثار القرآن الكريم على النفس والمجتمع (5-5)



    تاسعًا: القرآن الكريم يعالج المشكلات الأخلاقية:

    وذلك من خلال تحريم الزنا وعدّه من الكبائر ووضع العقوبات القاسية عليه، لقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}(1)، وكذلك العوامل التي تؤدي إلى هذه الفاحشة الشنيعة، فأمر القرآن بغض النظر للذكر والأنثى، وحرّم الاختلاط بينهم لغير حاجة، وحرم كل ما يؤدي إلى الفاحشة، يقول تبارك وتعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنّ َ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(2).

    ومثلما حرّم القرآن الزنا، حرّم أيضًا قذف الناس بهذه الفاحشة، وعدّه من الكبائر التي يستوجب عقوبة عاجلة في الدنيا وعذابًا في الآخرة، يقول جل شأنه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(3)،

    كما شرع القرآن الكريم الزواج الشرعي بدل الوقوع في الفاحشة، وحثّ عليه، وجعله آية من آيات الله تعالى، حيث يتنامى معه الحب والرحمة بين الزوجين، يقول تبارك وتعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(4).

    * * *

    الخاتمة:

    وأخيرًا، فإنه يمكن تحديد بعض النقاط المهمة للتعامل مع كتاب الله تعالى وفق الآتي:

    1-الثقة بالله تعالى: الذي أنزل القرآن عن طريق الوحي إلى رسوله ﷺ، وذلك من خلال ما تعهد به الله تعالى لعباده المؤمنين من السعادة والشفاء والتمكين والتقدم والنماء إذا جعلوا كتابه المبين مرجعهم ومعينهم في جميع شؤونهم.

    2-الثقة بالقرآن الكريم: وأنه كتاب هداية لمعرفة الله تعالى، وكتاب تشريع لتنظيم الحياة في مختلف الميادين.

    3-حفظ القرآن أو حفظ سور منه، لقوله ﷺ: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب«(5).

    4-التلاوة اليومية للقرآن وعدم الانقطاع عنه، وإن كانت هذه التلاوة يسيرة حتى يبقى صاحبه محصنًا من الشرور والآثام.

    5-العمل به وتطبيق أوامره والانتهاء عن زواجره، لأنه إنما نُزّل من أجل أن يكون منهجًا يُطبّق على الأرض ويُتَّبع، وليس للقراءة فحسب، يقول تبارك وتعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(6)، ويقول أيضًا:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(7).

    6-الاستشفاء بالقرآن الكريم، لأن الله تعالى أخبر بأنه شفاء للنفس والبدن، يقول تبارك وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}(8).

    7-تخصيص أوقات لقراءة التفاسير لفهم معاني الآيات، ومعرفة المحكمات والمشتبهات، والناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول وغيرها.

    8-التأمل والتدبر في آياته وما فيها من الأحكام والتشريعات والأخبار والدورس والعبر، يقول الله تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(9).

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ

    (1) [الإسراء: 32]

    (2) [النور: 30-31]

    (3) [النور: 4]

    (4) [الروم: 21]

    (5) سبق تخريجه.

    (6) [النساء: 65]


    (7) [المائدة: 45]

    (8) [الإسراء: 82]

    (9) [ محمد: 24]




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #162
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (161)



    ألا بذكر الله تطمئن القلوب

    من أهم عناصر الحياة السوية ذكر الله تعالى الذي نتناول الحديث عنه في هذا المبحث مفتتحين بما رواه البخاري رحمه الله:

    حدثنا أبو أسامة عن بُريد بن عبدالله، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحيّ والميّت«(1).

    مفهوم الذكر:

    في اللغة:

    الذِكر – بالكسر – الحِفظ للشيء كالتذكار والشيء يجري على اللسان، والصّيت كالذُكرة – بالضم – والثناء والشرف والصلاة لله تعالى والدعاء(2).

    في الاصطلاح:

    هو ذكر الله تعالى، اعتقادًا، أو قولاً، أو عملاً.

    - فأما الاعتقاد: كأن يتدبر الإنسان أسماء الله تعالى وصفاته، ويتأمل في ملكوته ومخلوقاته، ويستشعر عظمته وإبداعه للكون والحياة.

    - وأما القول: وهو الذكر باللسان، وهو كثير ومتنوع، يدخل فيه التسبيح والاستغفار والدعاء وقراءة القرآن، والشكر والثناء، وغير ذلك من أصناف الذكر الكثيرة.

    - وأما العمل: فمثل الصلاة والصيام والحج والزكاة، والإحسان إلى الناس، وجميع الأعمال الصالحة التي يبتغي بها الإنسان وجه ربه.

    وبهذا فإن دائرة الذكر واسعة تشمل حركة الإنسان في الحياة، القولية والفعلية.

    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ

    (1)
    أخرجه البخاري (ص1112، رقم 6407) كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله عز وجل. ومسلم (ص317، رقم 779) كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد.



    (2)
    قاموس المحيط 2/ 36 (مادة: ذَكَرَ)، دار الجيل: بيروت.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #163
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (162)





    فضل الذكر
    إن شمولية ذكر الله تعالى لقلب الإنسان وقوله وفعله تجعل له مكانة رفيعة وأهمية كبيرة في الحياة، لأنه بهذا المفهوم الشامل يجعل الإنسان في حالة تواصل دائم مع الله تعالى، فإذا غفل أو نسي ذَكَرَ الله، وإذا أذنب استغفره جلّ علا، وإذا غضب تعوّذَ بالله من شرّ الشياطين، وإذا ظلم عَدَلَ عن ظلمه ليرجع الحق لصاحبه، وإذا أصابه يأس أو قنوط توكّلَ على الله، وإذا أصابه مكروه دعا الله وتضرَّعَ إليه، وهكذا.
    لذا جاء النداء الإلهي للعباد في كثير من الآيات بلزوم الذكر دون تحديد أو قيد كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}(1)، وجعله صفة ملازمة لصدق الإسلام والإيمان، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ِ وَالْمُؤْمِنِين َ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّق ِينَ وَالْمُتَصَدِّق َاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(2)، ويقول جلّ وعلا:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(3).
    والذكر من أفضل الطاعات وأهمها، لأن معظم العبادات والطاعات تدخل تحت مسمى الذكر، ولقوله عليه الصلاة والسلام: « ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر الله تعالى»(4)، وقوله ﷺ: «من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه«(5).
    فذكر الله تعالى يمنح الإنسان المعنى الحقيقي للحياة، حيث يبعث فيه روح الحركة والاجتهاد في المسار الصحيح لأن صاحبه في حالة مراقبة ومحاسبة للذات نحو نفسه والآخرين من حوله. وبالمقابل إذا فقد الإنسان نعمة الذكر أو تغافل عنها فإنه يخطف من الحياة معالم الخير والبناء، لأنه يتحرك حينها من غير تفكير نحو أهداف مجهولة وغامضة، وهذا تأكيد لقوله ﷺ في الحديث السابق: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحيّ والميّت«(6).
    ومن هنا جاءت أهمية ذكر الله تعالى والمداومة عليه في الحل والترحال وفي جميع الشؤون والأحوال.
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
    (1)
    [المزمل: 8]

    (2)
    [الأحزاب: 35]

    (3)
    [الرعد: 28]

    (4)
    أخرجه الترمذي (ص771، رقم 3377) كتاب الدعوات، باب منه [في أن ذاكر الله كثيرًا أفضل من الغازي في سبيل الله]. وأحمد (5/195، رقم 21750).


    (5)
    سبق تخريجه.

    (6)
    رواه البخاري، برقم 6407، ص1112.







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #164
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (163)



    أنواع الذكر القولي من حيث الإطلاق والتقييد
    يمكن تقسيم الذكر إلى قسمين، الذكر المطلق، والذكر المقيّد:
    أولاً: الذكر المطلق:
    وهو ما يقوله المؤمن أو يقوم به، بغض النظر عن التوقيت والمكان، فلا يقيده زمان ولا يمنعه مكان، يقول تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}(1)، لم يتحدد الأمر بالذكر بقيد أو شرط، بل جاء عامًا في الحالات المختلفة كما في قوله تعالى حين وصف عباده المؤمنين: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(2).
    كما أشار عليه الصلاة والسلام إلى هذا النوع من الذكر الذي لا يقيده شيء بقوله: «ولا يزال لسانك رطبًا بذكر الله«(3).
    ثانيًا: الذكر المقيّد:
    كما جاء الأمر بالذكر في أمكنة وأزمنة محددة وفي حالات معينة يمر بها الإنسان في يومه وليلته، منها:
    أ- ذكر المكان:
    وهو الذكر الذي أمر به الشارع في أمكنة محددة مثل عرفات والمشعر الحرام كما جاء في قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}(4).
    ب- ذكر الزمان:
    وهو المطلوب في أزمنة معينة:
    -كالذكر في أيام الحج لقوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(5).
    -والذكر عقب كل صلاة، لقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(6). وقوله ﷺ لمعاذ رضي الله عنه: «أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك«(7).
    -والذكر في يوم الجمعة، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(8).
    -والذكر عند مطلع كل يوم وعند انتهائه، لقوله تعالى:{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}(9)، وقوله تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}(10).
    ثالثًا: الذكر في الأحوال والهيئات الأخرى:
    -الذكر عند الذبح: لقوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُم ْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}(11).
    -عند تناول الطعام: لقول النبي ﷺ لعمر بن أبي سَلَمَة رضي الله عنه: «يا غلام سمّ الله وكُل بيمينك وكل مما يليك«(12).
    -عند النوم والاستيقاظ: يقول حذيفة رضي الله عنه: «كان النبي ﷺ إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أموت وأحيا وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور« (13).
    -عند دخول المنزل والخروج منه: يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا ولج الرجل بيته فليقل اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله»(14). وعند الخروج من البيت يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال: يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي«(15).
    -عند لقاء العدو: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(16).
    -عند الغفلة: لقوله تعالى:{وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا}(17).
    وغيرها من الحالات والهيئات التي يكون فيها الإنسان والتي تتطلب ذكر الله تعالى بقراءة القرآن أو بالاستغفار أو الدعاء أو التوكل على الله تعالى، حيث تجعل هذه الأذكار صاحبها في حالة عبودية دائمة لله تعالى.
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــ
    (1) [الأحزاب: 41]
    (2) [آل عمران: 191]
    (3) أخرجه الترمذي (ص771، رقم 3375) كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل الذكر. وابن ماجه (ص541، رقم 3793) كتاب الأدب، باب فضل الذكر.
    (4) [البقرة: 198]
    (5) [البقرة: 203]
    (6) [الجمعة:10]
    (7) سبق تخريجه.
    (8) [الجمعة: 9]
    (9) [الإنسان: 25]
    (10) [الأعراف: 205]
    (11) [الأنعام: 121]
    (12) أخرجه البخاري (ص960، رقم 5376) كتاب الأطعمة، باب الأكل مما يليه. ومسلم (ص902، رقم 2022).
    (13) اخرجه البخاري (ص1100، رقم 6325) كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب. ومسلم (ص1177، رقم 2711) كتاب الذكر والدعاء، باب ما يقول عند النوم.
    (14) أخرجه أبو داود (ص717، رقم 5096) كتاب الآداب، باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته. وابن ماجه (ص556، رقم 3886) كتاب الدعاء، باب ما يقول الرجل إلى خرج من بيته.
    (15) سبق تخريخه.
    (16) [الأنفال: 45]
    (17)[الكهف: 24]


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #165
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (164)



    علاقة الذكر بقوة الإيمان وضعفه

    إن المتأمل في كتاب الله وآياته يجد أن هناك علاقة وطيدة بين القلب النابض بالذكر واللسان الناطق بالذكر والجوارج العاملة بالذكر وبين قوة إيمان صاحبه وأثر ذلك على عبوديته لله تعالى وحسن أدائه لفرائضه وتقديم الطاعة بين يديه، والشواهد على هذه الحقيقة كثيرة في كتاب الله تعالى، منها:
    -قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(1).
    -قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(2).
    -قوله تعالى:{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}(3).
    -قوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(4).
    -قوله تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}(5).
    كما أخبر كتاب الله أن تلك العلاقة تضعف وتفتر إذا كان قلب العبد ولسانه وجوارجه غافلة عن ذكر الله تعالى وبعيدة عن طاعته وعبادته، بل إن الله تعالى جعل ذلك من صفات المنافقين وخصائصهم، ومن الشواهد على ذلك:
    -قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}(6).
    -قوله تعالى:{وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ}(7).
    -قوله تعالى:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا}(8).
    -قوله تعالى:{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}(9).
    -قوله تعالى:{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(10).
    -قوله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}(11).
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــــ
    (1) [الأنفال: 2]
    (2) [الرعد: 28]
    (3) [النور: 37]
    (4) [الأحزاب: 21]
    (5) [الزمر: 23]
    (6) [النساء: 142]
    (7) [الصافات: 13]
    (8) [الإسراء: 41]

    (9) [الزمر: 22]
    (10) [الزخرف: 36]
    (11) [طه: 124]


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #166
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,746

    افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

    حيـــــــــاة الســــــعداء
    الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
    (165)



    الذكر والشكر

    إن ذكر الله تعالى صورة من صور الشكر لله تعالى، سواء كان بالقلب أو اللسان أو الجوارح، كما جاء في قصة زكريا عليه السلام، يقول الله تعالى على لسانه:{قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}(1)، حيث جاء الأمر بذكر الله تعالى وتسبيحه بعد أن بشّره وأنعم عليه بيحيى عليه السلام.
    كما جاء الأمر بالذكر بعد نعمة الأمن والاستقرار في النفس وعدم الخوف من الأعداء، يقول الله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}(2)، وهذا الذكر نوع من أنواع الشكر لله تعالى يعبّر عنه بالاستغفار أو التسبيح أو الدعاء أو غيره.
    وقد وردت في كتاب الله تعالى كلمة الذكر بمعنى الشكر نفسه، كما في قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}(3)، وقوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ}(4)، وقوله:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}(5).
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
    (1) [آل عمران: 41]
    (2) [البقرة: 239]
    (3) [المائدة: 7]
    (4) [المائدة: 20]
    (5) [آل عمران: 103]


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •