تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 40

الموضوع: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    وبعد،
    فهذه مشاركة مني في بيان مسألة صفة الهرولة، حيث أردت أن أنقل لكم كلام الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله في نقله الإجماع على إنها صفة من صفات الرب سبحانه، حيث قال في كتابه المشهور النقض على المريسي الجهمي العنيد ( ص:121) :

    " وقد أجمعنا واتفقنا على أن الحركة والنزول والمشي والهرولة والاستواء على العرش، وإلى السماء قديم، والرضى والفرح والغضب والحب والمقت كلها أفعال في الذات للذات وهي قديمة ".




    .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    312

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد بن حنبل مشاهدة المشاركة

    كلها أفعال في الذات للذات وهي قديمة
    .


    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

    بارك الله فيك , من أي نسخة نقلت هذا النص ؟

    يظهر ان هذه الجملة ليست من كلام الحافظ الدارمي بل مقحمة في الكتاب و تحتاج الى مزيد تحقيق

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    من نسخة الشيخ " محمد حامد الفقي" .

    ثم أني استبعد كلامك الذي ذكرته كل البعد وذلك لأن العلماء يعزون هذا الكلام للإمام الدارمي في كتابه هذا دون نكير.

    قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرحه على الواسطية : ووقفت على كلام لعثمان بن سعيد رحمه الله في رده على بشر المريسي يقول فيه :
    وقد أجمعنا أو اتفقنا وإياكم على إثبات صفة (الهرولة) وهو من النقول القديمة عن السلف في إثبات هذه الصفة .


    وجزاك الله خيراً.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    وإذا أردت نسخة من الكتاب فبإمكانك تحميلها من هنا :

    9 - رد الدارمي على بشر المريسي
    عثمان بن سعيد الدارمي
    صححه وعلق عليه : محمد حامد الفقي
    تصوير دار الكتب العلمية
    الحجم : 5 ميجا

    http://www.ahlalhdeeth.net/omar/Mott...eshr/rdbmp.pdf
    http://www.ahlalhdeeth.net/omar/Mott...Beshr/rdbm.pdf

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    37

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    لعل الكلام للمعترض و ليس للإمام الدارمي كما أفاد أحد المشايخ بذلك ، و الشيخ صالح آل الشيخ كلامه يوحي بذلك في شرح الواسطية، لعلك تنقل السباق و اللحاق..والله الموفق.
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - كما في" الدرر السنية"8/409- :(وأوصيك بتقوى الله ، والقوة في دينك، ونشر العلم: خصوصاً في كشف الشبهة التي راجت على من لا بصيرة له).اهـ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    312

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    لعل الشيخ الفقي رحمه الله نقل من أحد النسخ التي ذكرت ذلك و لا أدري هل علّق على هذا الكلام أم لا ؟

    و الكلام بعيد عن طريقة السلف فلم يقل أحد منهم ان الإستواء على العرش قديم ! و هذا النص يصادم ما جاء في الكتاب و السنة من ذكر إستواء الله تعالى على عرشه بعد خلقه للسموات و الأرض , و هذا مستبعد من الإمام الدارمي بل هو على طريقة الكلابية و من وافقهم
    و قد أفاد محقق الكتاب رشيد الألمعي ان هذا النص لم يرد في النسخة المعتمدة , و هذا وجه قوي في ان النص ليس من كلام الإمام الدارمي , بل لعله من إدراج أحد النساخ و الله أعلم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    312

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصميلي مشاهدة المشاركة
    لعل الكلام للمعترض و ليس للإمام الدارمي كما أفاد أحد المشايخ بذلك ، .

    هذا بعيد , لأن المعترض و هو المريسي لا يؤمن أصلا بالنزول و الإستواء على العرش و غيرها من الصفات بل ينفيها و يتأولها على غير وجهها , و لا يُعرف عن المريسي انه جعل الإستواء على العرش و النزول الى السماء من الصفات القديمة !

    و لكن الإحتمال القوي : ان يكون هذا الكلام من إدراج احد النساخ و الله أعلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصميلي مشاهدة المشاركة
    لعل الكلام للمعترض و ليس للإمام الدارمي كما أفاد أحد المشايخ بذلك ، و الشيخ صالح آل الشيخ كلامه يوحي بذلك في شرح الواسطية، لعلك تنقل السباق و اللحاق..والله الموفق.
    أولاً: من هو الشيخ الذي أفاد بذلك لكي نستفيد ؟
    ثانياً: إن السابق واللاحق من كلام الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - ليس له تعلق بكلام الدارمي - رحمه الله - نفسه، ولكن كلامه هو أحد النقول التي نقلها الشيخ - حفظه الله - لبيان مسألة هذه الصفة فحسب.
    فانتبه أخي ولا تغالط بتسرعك هذا .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    هذا بعيد , لأن المعترض و هو المريسي لا يؤمن أصلا بالنزول و الإستواء على العرش و غيرها من الصفات بل ينفيها و يتأولها على غير وجهها , و لا يُعرف عن المريسي انه جعل الإستواء على العرش و النزول الى السماء من الصفات القديمة !
    أحسنت أخي.

  10. #10

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المقدادي مشاهدة المشاركة
    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
    بارك الله فيك , من أي نسخة نقلت هذا النص ؟
    يظهر ان هذه الجملة ليست من كلام الحافظ الدارمي بل مقحمة في الكتاب و تحتاج الى مزيد تحقيق
    جزاك الله خيرا يا شيخ المقدادي وهذه إضافة للنسخ المطبوعة والمخطوطة التي تضمنت كلام الإمام الدارمي رحمه الله غير ما ذكره الشيخ أحمد بن حنبل وهي نسخة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله :
    فاقول:
    1) النسخ المطبوعة: موجود في النسخة التي حققها علي سامي النشار وعمار جمعي الطالبي وهي من ضمن مجموعة عقائد السلف طبعة منشأة المعارف بالاسكندرية، وكذلك في النسخة التي حققها الألمعي ولكن ذكرها في الحاشية بسبب منهجه الذي اتبعه في التحقيق حيث قال: ( في ط،س،ش زيادة لم ترد في الأصل ولعلها سقطت منه وهي: « قيل له: لا نسلم أن.....»إلخ).اهـ
    2) النسخ المخطوطة: فهو مثبت في نسخة العامري ونسخة المكتبة السعودية تحت رقم (732/86) ونسخة المكتبة السعودية الثانية تحت رقم (487/86).راجع كتاب النقض للدارمي بتحقيق الألمعي (ج1ص105 ـ124).
    هذا بالنسبة للنسخ، يبقى يا شيخ المقدادي انتقادك وتشكيكك لبعض الكلمات التي جاءت في كلام الإمام الدارمي رحمه الله.
    فاقول مختصرا الكلام: قد أجاب الشيخ أحمد بن حنبل عموما على هذا الأمر بقوله: ( ثم أني استبعد كلامك الذي ذكرته كل البعد وذلك لأن العلماء يعزون هذا الكلام للإمام الدارمي في كتابه هذا دون نكير).ا.هـ
    وهذا صحيح، ولا شك أن هذا الكلام للإمام الدارمي؛ لأنه مثبت في أقدم نسخة وهي مقرؤة ومسموعة بأسانيد صحيحة بحضرة شيخ الإسلام ـ أي نسخة العامري ـ وهي منسوخة في سنة 721هـ وهي أقدم من النسخة التي اعتمد عليها المحقق الألمعي والنسخة هذه ـ أي نسخة العامري ـ نسخة عظيمة وعليها سماعات أيضاً لأئمة كبار وهي أيضاً منسوخة ـ أصل نسخة العامري ـ من نسخة عتيقة قديمة وعليها سماعات لجماعة من الأئمة، ولهذا العامري لما نسخ نسخته نقل السماعات الموجودة على الأصل الذي نقل منه حتى يبين جودة الأصل الذي نقل عنه؛ وعن نسخة العامري المذكورة هذه المنسوخة سنة 721هـ طبع الشيخ محمد حامد الفقي نسخته المصرية ونسخ الشيخ محمد بن عبد اللطيف ـ لم ينسخ بنفسه وإنما كلف من ينسخ له ـ
    نسختين عن هذه النسخة، نسخة عام1347هـ ثم نسخ من هذه النسخة نسخة آخرى بعد ذلك. هذا ولو قدر أن بين النسختين اختلاف ـ النسخة التي أعتمدها الألمعي ونسخة العامري ـ لقدمت نسخة العامري؛ هذا من وجه، ومن وجه آخر نقول: إن كتاب النقض سمعه وقرأه ونقل منه أئمة كبار من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولم ينتقده أحد.وهذا على عجالة والكلام يحتاج تحرير أكثر بارك الله فيك.
    وأما بالنسبة لكلام الشيخ محمد الصميلي وهو:( لعل الكلام للمعترض و ليس للإمام الدارمي كما أفاد أحد المشايخ بذلك ).ا.هـ
    فلا اعتقد أن أعجمي يقول هذا الكلام فضلا أن يقوله عربي يفهم العربية واطلب من الشيخ الصميلي أن يذكر لنا اسم الشيخ الذي يقول هذا الكلام وأين نجده.
    والله الهادي إلى سبيل الرشاد.

  11. #11

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    جزاكم الله خيراً ، نقاش جميل ومؤصل.

  12. #12

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا ونفع بكم.
    وهذا رابط مكمل لنفس الموضوع:
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16221

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زرعة الرازي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا يا شيخ المقدادي وهذه إضافة للنسخ المطبوعة والمخطوطة التي تضمنت كلام الإمام الدارمي رحمه الله غير ما ذكره الشيخ أحمد بن حنبل وهي نسخة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله :
    فاقول:
    1) النسخ المطبوعة: موجود في النسخة التي حققها علي سامي النشار وعمار جمعي الطالبي وهي من ضمن مجموعة عقائد السلف طبعة منشأة المعارف بالاسكندرية، وكذلك في النسخة التي حققها الألمعي ولكن ذكرها في الحاشية بسبب منهجه الذي اتبعه في التحقيق حيث قال: ( في ط،س،ش زيادة لم ترد في الأصل ولعلها سقطت منه وهي: « قيل له: لا نسلم أن.....»إلخ).اهـ
    2) النسخ المخطوطة: فهو مثبت في نسخة العامري ونسخة المكتبة السعودية تحت رقم (732/86) ونسخة المكتبة السعودية الثانية تحت رقم (487/86).راجع كتاب النقض للدارمي بتحقيق الألمعي (ج1ص105 ـ124).
    هذا بالنسبة للنسخ، يبقى يا شيخ المقدادي انتقادك وتشكيكك لبعض الكلمات التي جاءت في كلام الإمام الدارمي رحمه الله.
    فاقول مختصرا الكلام: قد أجاب الشيخ أحمد بن حنبل عموما على هذا الأمر بقوله: ( ثم أني استبعد كلامك الذي ذكرته كل البعد وذلك لأن العلماء يعزون هذا الكلام للإمام الدارمي في كتابه هذا دون نكير).ا.هـ
    وهذا صحيح، ولا شك أن هذا الكلام للإمام الدارمي؛ لأنه مثبت في أقدم نسخة وهي مقرؤة ومسموعة بأسانيد صحيحة بحضرة شيخ الإسلام ـ أي نسخة العامري ـ وهي منسوخة في سنة 721هـ وهي أقدم من النسخة التي اعتمد عليها المحقق الألمعي والنسخة هذه ـ أي نسخة العامري ـ نسخة عظيمة وعليها سماعات أيضاً لأئمة كبار وهي أيضاً منسوخة ـ أصل نسخة العامري ـ من نسخة عتيقة قديمة وعليها سماعات لجماعة من الأئمة، ولهذا العامري لما نسخ نسخته نقل السماعات الموجودة على الأصل الذي نقل منه حتى يبين جودة الأصل الذي نقل عنه؛ وعن نسخة العامري المذكورة هذه المنسوخة سنة 721هـ طبع الشيخ محمد حامد الفقي نسخته المصرية ونسخ الشيخ محمد بن عبد اللطيف ـ لم ينسخ بنفسه وإنما كلف من ينسخ له ـ
    نسختين عن هذه النسخة، نسخة عام1347هـ ثم نسخ من هذه النسخة نسخة آخرى بعد ذلك. هذا ولو قدر أن بين النسختين اختلاف ـ النسخة التي أعتمدها الألمعي ونسخة العامري ـ لقدمت نسخة العامري؛ هذا من وجه، ومن وجه آخر نقول: إن كتاب النقض سمعه وقرأه ونقل منه أئمة كبار من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولم ينتقده أحد.وهذا على عجالة والكلام يحتاج تحرير أكثر بارك الله فيك.
    وأما بالنسبة لكلام الشيخ محمد الصميلي وهو:( لعل الكلام للمعترض و ليس للإمام الدارمي كما أفاد أحد المشايخ بذلك ).ا.هـ
    فلا اعتقد أن أعجمي يقول هذا الكلام فضلا أن يقوله عربي يفهم العربية واطلب من الشيخ الصميلي أن يذكر لنا اسم الشيخ الذي يقول هذا الكلام وأين نجده.
    والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
    جزاك الله خيراً يا أبا زرعة على هذه الفائدة الطيبة .

  14. #14

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    لي تنبيه إلى أنّه لم يعجبني التسمي بأحمد بن حنبل و لا أبو زرعة الرازي

    ثم إنّه حتى التبس علي الأمر برهة لما قرأت :

    قد أجاب الشيخ أحمد بن حنبل عموما على هذا الأمر بقوله: ( ثم أني استبعد كلامك الذي ذكرته كل البعد وذلك لأن العلماء يعزون هذا الكلام للإمام الدارمي في كتابه هذا دون نكير).ا.هـ
    وفقكم الله

  15. #15

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    الأولى : إن من قال بأن الصفات الفعلية لله عز وجل كالنزول والمجيء والاستواء والضحك وسائر ذلك، صفات قديمة أزلية (1) وهي في الذات للذات لا تتعلق بمشيئته وقدرته، فقد قال بقول الكلابية والأشعرية ومن وافقهم، فقد قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي – رحمه الله تعالى - في النقض 2/863 : "ثم عارض المعارض أيضا أشياء من صفات الله تعالى التي هي مذكورة في كتاب الله، ونازع في الآيات التي ذكرت فيها ليغالط الناس في تفسيرها؛ فذكر منها : الحب والبغض، والغضب، والرضى والفرح، والكره، والعجب، والسخط، والإرادة، والمشيئة، ليدخل عليها من الأغلوطات ما أدخل على غيرها مما حكيناه عنه غير أنه قد أمسك عن الكلام فيها بعدما خلطها بتلك، فحين أمسك المعارض عن الكلام فيها أمسكنا عن جوابه، وروينا ما روى فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يحتمل أغلوطاته، فإلى الله نشكو قوما هذا رأيهم في خالقنا ومذهبهم في إلهنا.
    مع أنه عز وجهه وجل ذكره قد حققها في محكم كتابه، قبل أن ينفيها عنه المبطلون، وكذبهم في دعواهم قبل أن يدعوه وعابهم به قبل أن يحكوه. ثم رسوله المجتبى وصفيه المصطفى فاستغنينا فيه بما ذكر الله في كتابه منها وسطر، وسن رسوله المصطفى وأخبر، وردد من ذكرها وكرر؛ فمن يكترث لضلالتهم بعد قول الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً}(2) ، أم قوله : {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ }(3) ، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}( 4) فجمع بين الحبين : حب الخالق وحب المخلوق، متقارنين.
    ثم فرق بين ما يحب وما لا يحب، ليعلم خلقه أنهما متضادان غير متفقين، فقال : {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ}(5) ، و{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}( 6) ، وقال تعالى : {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ}(7) . ثم فرق بين سخطه وإسخاط العباد إياه، فقال : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ}(8) ، وقال : {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ}. ثم ذكر إغضاب الخلق إياه، فقال تعالى : {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ }(9) يقول أغضبونا، فذكر أنه يَغضَب ويُغضَب. وقال تعالى : {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}(10)، {وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}(11 ) فهذا الناطق من كتاب الله يستغنى فيه بظاهر التنزيل عن التفسير، وتعرفه العامة والخاصة، غير هؤلاء الملحدين في آيات الله الذين غالطوا فيها الضعفاء، فقالوا : نقر بها كلها؛ لأنها مذكورة في القرآن لا يمكن دفعها، غير أنا لا نقول : يحب ويرضى ويغضب ويسخط ويكره في نفسه، ولا هذه الصفات من ذاته على اختلاف معانيها، ولكن تفسير حبه ورضاه بزعمهم ما يصيب الناس من العافية والسلامة والخصب والدعة، وغضبه وسخطه بزعمهم ما يقعون فيه من البلاء والهلكة والضيق والشدة؛ فإنما آية غضبه ورضاه وسخطه عندهم ما يتقلب فيه الناس من هذه الحالات وما أشبهها، لا أن الله يحب ويبغض ويرضى ويسخط حالاً بعد حال في نفسه.
    فيقال لهؤلاء الملحدين في آيات الله تعالى المكذبين بصفات الله : ما رأينا دعوى أبطل ولا أبعد من صحيح لغات العرب والعجم من دعواكم هذه، ففي دعواكم : إذا كان أولياء الله المؤمنون من رسله وأنبيائه وسائر أوليائه في ضيق وشدة وعوز من المأكل والمشرب، وفي خوف وبلاء، كانوا في دعواكم في سخط من الله وغضب وعقاب. وإذا كان الكافر في خصب ودعة وأمن وعافية، واتسعت عليه دنياه من مأكل الحرام وشرب الخمور كانوا في رضى من الله وفي محبة ما رأينا تأويلاً أبعد من الحق من تأويلكم هذا! (12) ".
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته في الفتاوى 5/410 : "فزعموا أن قوله سبحانه ليس تنزيها له عن اتخاذ الولد - بناء على أصلهم الفاسد وهو أن الرب لا ينزه عن فعل من الأفعال - بل يجوز عليه كل ما يقدر عليه.
    وكذلك جعلوا قول الأوزاعي وغيره إن النزول ليس بفعل يشاؤه الله؛ لأنه عندهم من صفات الذات لا من صفات الفعل بناء على أصلهم وأن الأفعال الاختيارية لا تقوم بذات الله.
    فلو كان صفة فعل لزم أن لا يقوم بذاته؛ بل يكون منفصلا عنه.
    وهؤلاء يقولون : النزول من صفات الذات ومع هذا فهو عندهم أزلي كما يقولون مثل ذلك في الاستواء والمجيء والإتيان والرضى والغضب والفرح والضحك وسائر ذلك، إن هذا جميعه صفات ذاتية لله وإنها قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته واختياره؛ بناء على أصلهم الذي وافقوا فيه ابن كلاب وهو أن الرب لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته واختياره؛ بل من هؤلاء من يقول إنه : لا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يقوم به فعل يحدث بمشيئته واختياره.
    بل من هؤلاء من يقول : إن الفعل قديم أزلي وإنه مع ذلك يتعلق بمشيئته وقدرته وأكثر العقلاء يقولون : فساد هذا معلوم بضرورة العقل؛ كما قالوا مثل ذلك في قول من قال من المتفلسفة : إن الفلك قديم أزلي وإنه أبدعه بقدرته ومشيئته.
    وجمهور العقلاء يقولون : الشيء المعين من الأعيان والصفات إذا كان حاصلا بمشيئة الرب وقدرته لم يكن أزليا.
    فلما كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري والقضاة أبي بكر بن الطيب وأبي يعلى بن الفراء (13) وأبي جعفر السماني وأبي الوليد الباجي، وغيرهم من الأعيان (14) ، كأبي المعالي الجويني وأمثاله، وأبي الوفاء بن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وأمثالهما، أن الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته، ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث، ووافقوا في ذلك الجهم بن صفوان وأتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد في الكتاب والسنة من صفات الرب على أحد قولين : إما أن يجعلوها كلها مخلوقات منفصلة عنه.
    فيقولون : كلام الله مخلوق بائن عنه، لا يقوم به كلام، وكذلك رضاه وغضبه وفرحه ومجيئه وإتيانه ونزوله وغير ذلك هو مخلوق منفصل عنه لا يتصف الرب بشيء يقوم به عندهم.
    وإذا قالوا : هذه الأمور من صفات الفعل؛ فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة وهي مضافة إليه، لا أنها صفات قائمة به.
    ولهذا يقول كثير منهم : إن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات، وإما أن يجعلوا جميع هذه لمعاني قديمة أزلية، ويقولون : نزوله ومجيئه وإتيانه وفرحه وغضبه ورضاه، ونحو ذلك قديم أزلي كما يقولون : إن القرآن قديم أزلي".
    وقال ايضاً في الفتاوى - فصل الاستثناء في الإيمان- 7/430 : "وهذا المأخذ مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم ممن يريد أن ينصر ما اشتهر عن أهل السنة والحديث من قولهم : أنا مؤمن إن شاء الله؛ ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل؛ ولا يشك الإنسان في الموجود منه، وإنما يشك في المستقبل وانضم إلى ذلك أنهم يقولون : محبة الله ورضاه وسخطه وبغضه قديم.
    ثم هل ذلك هو الإرادة أم صفات أخر ؟ لهم في ذلك قولان.
    وأكثر قدمائهم يقولون : إن الرضى والسخط والغضب، ونحو ذلك صفات ليست هي الإرادة، كما أن السمع والبصر ليس هو العلم، وكذلك الولاية والعداوة.
    هذه كلها صفات قديمة أزلية عند أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، ومن اتبعه من المتكلمين، ومن أتباع المذاهب من الحنبلية والشافعية والمالكية وغيرهم.
    قالوا : والله يحب في أزله من كان كافرا إذا علم أنه يموت مؤمنا.
    فالصحابة ما زالوا محبوبين لله وإن كانوا قد عبدوا الأصنام مدة من الدهر، وإبليس ما زال الله يبغضه وإن كان لم يكفر بعد.
    وهذا على أحد القولين لهم، فالرضى والسخط يرجع إلى الإرادة، والإرادة تطابق العلم.
    فالمعنى : ما زال الله يريد أن يثيب هؤلاء بعد إيمانهم، ويعاقب إبليس بعد كفره، وهذا معنى صحيح، فإن الله يريد أن يخلق كل ما علم أن سيخلقه.
    وعلى قول من يثبتها صفات أخر يقول : هو أيضا حبه تابع لمن يريد أن يثيبه، فكل من أراد إثابته فهو يحبه، وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه وهذا تابع للعلم.
    وهؤلاء عندهم لا يرضى عن أحد بعد أن كان ساخطا عليه، ولا يفرح بتوبة عبد بعد أن تاب عليه؛ بل ما زال يفرح بتوبته.
    والفرح عندهم إما الإرادة وإما الرضى، والمعنى : ما زال يريد إثابته أو يرضى عما يريد إثابته .
    وكذلك لا يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله؛ بل غضبه قديم إما بمعنى الإرادة وإما بمعنى آخر".
    وقال ايضاً في الفتاوى 12/ 319 : "وحدثت طائفة أخرى من السالمية وغيرهم - ممن هو من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف، ومنهم كثير ممن هو ينتسب إلى مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وكثر هذا في بعض المتأخرين المنتسبين إلى أحمد بن حنبل - فقالوا بقول المعتزلة، وبقول الكلابية، وافقوا هؤلاء في قولهم إنه قديم، ووافقوا أولئك في قولهم : إنه حروف وأصوات، وأحدثوا قولا مبتدعا - كما أحدث غيرهم - فقالوا : القرآن قديم وهو حروف وأصوات قديمة أزلية لازمة لنفس الله تعالى أزلا وأبدا.
    واحتجوا على أنه قديم بحجج الكلابية، وعلى أنه حروف وأصوات بحجج المعتزلة.
    فلما قيل لهم : الحروف مسبوقة بعضها ببعض فالباء قبل السين، والسين قبل الميم، والقديم لا يسبق بغيره والصوت لا يتصور بقاؤه فضلا عن قدمه قالوا : الكلام له وجود وماهية كقول من فرق بين الوجود والماهية من المعتزلة وغيرهم.
    قالوا : والكلام له ترتيب في وجوده وترتيب ماهية الباء للسين بالزمان هي في وجوده وهي مقارنة لها في ماهيتها لم تتقدم عليها بالزمان وإن كانت متقدمة بالمرتبة كتقدم بعض الحروف المكتوبة على بعض .
    فإن الكاتب قد يكتب آخر المصحف قبل أوله ومع هذا فإذا كتبه كان أوله متقدما بالمرتبة على آخره.
    فقال لهم جمهور العقلاء : هذا مما يعلم فساده بالاضطرار؛ فإن الصوت لا يتصور بقاؤه، ودعوى وجود ماهية غير الموجود في الخارج دعوى فاسدة كما قد بسط في موضع آخر، والترتيب الذي في المصحف هو ترتيب للحروف المدادية والمداد أجسام فهو كترتيب الدار والإنسان وهذا أمر يوجد الجزء الأول منه مع الثاني، بخلاف الصوت فإنه لا يوجد الجزء الثاني منه حتى يعدم الأول كالحركة فقياس هذا بهذا قياس باطل، ومن هؤلاء من يطلق لفظ القديم ولا يتصور معناه، ومنهم من يقول يعني بالقديم إنه بدأ من الله وإنه غير مخلوق وهذا المعنى صحيح؛ لكن الذين نازعوا هل هو قديم أو ليس بقديم لم يعنوا هذا المعنى فمن قال لهم : إنه قديم وأراد هذا المعنى قد أراد معنى صحيحا، لكنه جاهل بمقاصد الناس مضل لمن خاطبه بهذا الكلام مبتدع في الشرع واللغة.
    ثم كثير من هؤلاء يقولون : إن الحروف القديمة والأصوات ليست هي الأصوات المسموعة من القراء، ولا المداد الذي في المصحف، ومنهم من يقول : بل الأصوات المسموعة من القراء هو الصوت القديم، ومنهم من يقول بل يسمع من القارئ شيئان : الصوت القديم وهو ما لا بد منه في وجود الكلام".
    وقال الإمام ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله تعالى - في شرح الطحاوية ص 179 : "وقد افترق الناس في مسألة الكلام على تسعة أقوال :
    أحدها : أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من معاني، إما من العقل الفعال عند بعضهم، أو من غيره، وهذا قول الصابئة والمتفلسفة.
    وثانيها : أنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه، وهذا قول المعتزلة.
    وثالثها : أنه معنى واحد قائم بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبريه كان توراة، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه، كالأشعري وغيره.
    ورابعها : أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام ومن أهل الحديث وقد نفى الجهم ومن وافقه كل ما وصف الله به نفسه، من كلامه ورضاه وغضبه وحبه وبغضه وأسفه ونحو ذلك، وقالوا : إنما هي أمور مخلوقة منفصلة عنه، ليس هو في نفسه متصفا بشيء من ذلك!! وعارض هؤلاء من الصفاتية ابن كلاب ومن وافقه، فقالوا : لا يوصف الله بشيء يتعلق بمشيئته وقدرته أصلا، و جميع هذه الأمور صفات لازمة لذاته قديمة أزلية، فلا يرضى في وقت دون وقت، ولا يغضب في وقت دون وقت.
    كما قال في حديث الشفاعة : ( إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ).
    وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة : فيقولون : لبيك وسعديك والخير في يديك فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك!
    فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا " (15)).
    ------------------------------------
    1)وقد نقل شيخ الإسلام في الفتاوى 12/86 عن أئمة أهل السنة والجماعة ومنهم الإمام أحمد، والبخاري، وعثمان بن سعيد الدارمي صاحب النقض والاثرم والمروذى وأبى زرعة وأبى حاتم وغيرهم من الأئمة رحمهم الله تعالى إنكارهم على من قال أن صفات الله عز وجل قديمة أزلية.
    2)سورة الصف، آية 4.
    3)سورة البقرة، آية 222.
    4)سورة المائدة، آية 54.
    5)سورة النساء، آية 148.
    6)سورة الأنعام، آية 141.
    7)سورة المائدة، آية 80.
    8)سورة محمد، آية 28.
    9)سورة الزخرف، آية 55.
    10)سورة المائدة ، آية 119.
    11)سورة التوبة ، آية 46.
    12)وهذا الكلام ينقض كلام علماء المعارض الذي نسب للإمام الدارمي رحمه الله تعالى.
    13)هذا على مذهبه القديم لكنه تاب بعد ذلك ورجع إلى عقيدة أهل السنة والجماعة وله كتاب في الرد على ابن فورك سماه (إبطال التأويلات) يقرر فيه عقيدة أهل السنة والجماعة.
    14)أراد رحمه الله بذلك رؤوس أهل البدع.
    15)ينظر ايضا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية 2/358.

    (يتبع)

  16. #16

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    الثانية : إن هذا الكلام الذي نسب للإمام الدارمي - رحمه الله تعالى - ليس من كلامه، ويظهر ذلك من السياق، فقد قال الإمام الدارمي - رحمه الله تعالى - في النقض 1/561 : " فادعى أيضا أن كلام الله يحتمل أن يكون من أفاعيله، وأن أفاعيله زائلة عنه. وكل زائل عن الله مخلوق في دعواه [قيل له (16): لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة. وقد أجمعنا على أن الحركة والنزول والمشي والاستواء على العرش، وإلى السماء قديم، والرضى والفرح والغضب والحب، والمقت كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة، فكل ما خرج من قول : "كن" فهو حادث. وكل ما كان من فعل الذات فهو قديم. والله أعلم .(17)]

    فلم يزل يعيب(18) عن هذا القول ويلجلج به في صدره حتى صرح به، وهو يرى أنه ليس معه بالبلاد من يفطن لمذهبه.

    فيقال لهذا المعارض : من زعم أن القرآن فعل الله الزائل منه فقد رجع عن قوله : كلام الله؛ لأن القول غير الفعل عند جميع الناس، والمفعولات كلها مخلوقة لا شك فيه. فقد صرح بالمخلوق مرة بعد مرة، ومرة بعد مرة بعدما عاب من قاله، ورجع عيبه عليه من حيث لا يشعر.

    أرأيتك أيها المعارض إذا ادعيت في بعض كلامك أنه لا يجوز أن تقول : مخلوق ولا غير مخلوق، ولا يزاد على أن يقال : كلام الله ثم يسكت عما وراء ذلك لما أنه لم يخض فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمن خاض فيه كان بزعمك مقدمًا بين يدي الله ورسوله. فكيف تركت فيه قول الله تعالى ومنهاج السلف، ورجعت عن كلام الله فجعلته فعلا له مخلوقا؟.

    أو ما تخشى على نفسك ما تخوفت على غيرك؟ لقد ارتطمت فيما تخوفت على غيرك، وأنت لا تشعر، وصرحت بالمخلوق بعدما نسبت إلى البدعة من قالها، وبؤت بما عبت على غيرك(19) من التقدم بين يدي الله ورسوله وبايعت جهمًا والمريسي في دعواهما. زعم هذان أنه مجعول وزعمت أنت أنه مفعول، وكلا المعنيين سواء".
    ----------------------------
    16)القائل هم أصحاب المعترض.
    17)هذه الزيادة ليست ضمن مخطوطة دار الكتب القطرية وإنما هي في مخطوطة المكتبة السعودية بالرياض، وطبعة حامد الفقي، وضمن طبعة عقائد السلف، وحول هذا ينظر النقض بتحقيق الألمعي 1/561.
    18)أي المعترض.
    19)الذين قالوا: له لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة .....كما تقدم.

    (يتبع)

  17. #17

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    الثالثة : إن الإمام الدارمي رحمه الله تعالى قد فسر الحديث القدسي (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا) بأن المراد من ذلك الرحمة، ومجازات الأعمال التي كان يعمل بها في الدنيا، فقد قال الإمام الدارمي في النقض 1/499-500: "إذ زعمت أن نزوله تقريب رحمته إياهم كقوله الآخر : "من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا" فقلت : هذا تقرب بالرحمة. ففي دعواك في تفسير النزول : من تقرب إليه شبرًا تباعد هو عنه مسيرة ما بين الأرض إلى السماء، وكلما ازداد العباد إلى الله اقترابا تباعد، هو برحمته عنهم بعد ما بين السماء والأرض بزعمك".

    وقال ايضاً في المرجع السابق 2/746 : " ثم فسرت قول عبد الله : "أنهم يكونون في القرب منه على قدر تسارعهم إلى الجمعة" أن ذلك تقرب إليه بالعمل الصالح، كما قال الله تعالى : (من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا).

    ويلك أيها الحيران! إنما قال الله : (من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا) في الدنيا بالأعمال الصالحة لا في الآخرة يوم ترفع الأعمال عن العباد".

    الرابعة : لقد نقل الإمام الدارمي - رحمه الله تعالى - كلام علماء المعترض ليبين تناقض هذا المعترض لأنه كان يعيب كلامهم، ثم قال به.

    قال الإمام الدارمي في المرجع السابق - كما في مخطوطة المكتبة السعودية بالرياض، وطبعة حامد الفقي، وضمن طبعة عقائد السلف (20) - : "قيل له لا نسلم أن مطلق المفعولات مخلوقة. وقد أجمعنا على أن الحركة والنزول والمشي والاستواء على العرش، وإلى السماء قديم، والرضى والفرح والغضب والحب، والمقت كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة، فكل ما خرج من قول : "كن" فهو حادث. وكل ما كان من فعل الذات فهو قديم. والله أعلم.

    فلم يزل يعيب هذا القول ... [إلى أن قال] : فقد صرح بالمخلوق مرة بعد مرة، ومرة بعد مرة بعدما عاب من قاله، ورجع عيبه عليه من حيث لا يشعر".

    الخامسة : الذي يقرر ذلك وينسبه للإمام الدارمي فهو يقرر لأهل السنة عقيدة الأشاعرة الكلابية فعند هؤلاء صفات الأفعال لله عز وجل قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته وإرادته وقد تقدم قول شيخ الإسلام في ذلك (21).
    -------------------------------------
    20)ينظر النقض طبعة مكتبة الرشد، تحقيق رشيد بن حسن الألمعي 1/561
    21)ينظر صفحة 5 .

    (يتبع)

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    312

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زرعة الرازي مشاهدة المشاركة
    فاقول:
    1) النسخ المطبوعة: موجود في النسخة التي حققها علي سامي النشار وعمار جمعي الطالبي وهي من ضمن مجموعة عقائد السلف طبعة منشأة المعارف بالاسكندرية، وكذلك في النسخة التي حققها الألمعي ولكن ذكرها في الحاشية بسبب منهجه الذي اتبعه في التحقيق حيث قال: ( في ط،س،ش زيادة لم ترد في الأصل ولعلها سقطت منه وهي: « قيل له: لا نسلم أن.....»إلخ).اهـ
    2) النسخ المخطوطة: فهو مثبت في نسخة العامري ونسخة المكتبة السعودية تحت رقم (732/86) ونسخة المكتبة السعودية الثانية تحت رقم (487/86).راجع كتاب النقض للدارمي بتحقيق الألمعي (ج1ص105 ـ124).
    هذا بالنسبة للنسخ، يبقى يا شيخ المقدادي انتقادك وتشكيكك لبعض الكلمات التي جاءت في كلام الإمام الدارمي رحمه الله.
    وهذا صحيح، ولا شك أن هذا الكلام للإمام الدارمي؛ لأنه مثبت في أقدم نسخة وهي مقرؤة ومسموعة بأسانيد صحيحة بحضرة شيخ الإسلام ـ أي نسخة العامري ـ وهي منسوخة في سنة 721هـ وهي أقدم من النسخة التي اعتمد عليها المحقق الألمعي والنسخة هذه ـ أي نسخة العامري ـ نسخة عظيمة وعليها سماعات أيضاً لأئمة كبار وهي أيضاً منسوخة ـ أصل نسخة العامري ـ من نسخة عتيقة قديمة وعليها سماعات لجماعة من الأئمة، ولهذا العامري لما نسخ نسخته نقل السماعات الموجودة على الأصل الذي نقل منه حتى يبين جودة الأصل الذي نقل عنه؛ وعن نسخة العامري المذكورة هذه المنسوخة سنة 721هـ طبع الشيخ محمد حامد الفقي نسخته المصرية ونسخ الشيخ محمد بن عبد اللطيف ـ لم ينسخ بنفسه وإنما كلف من ينسخ له ـ
    نسختين عن هذه النسخة، نسخة عام1347هـ ثم نسخ من هذه النسخة نسخة آخرى بعد ذلك. هذا ولو قدر أن بين النسختين اختلاف ـ النسخة التي أعتمدها الألمعي ونسخة العامري ـ لقدمت نسخة العامري؛ هذا من وجه، ومن وجه آخر نقول: إن كتاب النقض سمعه وقرأه ونقل منه أئمة كبار من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولم ينتقده أحد.وهذا على عجالة والكلام يحتاج تحرير أكثر بارك الله فيك.
    .
    أحسن الله إليك


    العامري ينقل من نسخة الأصل و لهذا نسخ طبقة السماع فهل نسخة العامري هي التي سمعها شيخ الإسلام رحمه الله أم أنه سمع نسخة شيخه القواس ؟ الجواب هو الثاني , و لا تنس انه ما بين سماع هذا الكتاب و نسخه أزيد من 30 عاماً


    فالكتاب سُمع على أبي حفص القواس سنة 691 هـ و نسخه العامري سنة 721 هـ

    فلا نعلم : هل هذا النص موجود في نسخة أبي حفص القواس أم لا ؟


    و الذي يظهر لي ان الكلام ليس له و أنه ربما كان في حاشية الأصل - مثلا - و نقله العامري دونما تثبت و الله أعلم بحقيقة الأمر

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    37

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    بوركت أخي عبد الرحمن السني..وجزاك الله خيرا..
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - كما في" الدرر السنية"8/409- :(وأوصيك بتقوى الله ، والقوة في دينك، ونشر العلم: خصوصاً في كشف الشبهة التي راجت على من لا بصيرة له).اهـ

  20. #20

    افتراضي رد: إجماع السلف على إثبات صفة الهرولة

    السادسة : إن الأشاعرة الكلابية هم الذين قالوا أن الهرولة صفة لله تعالى ولكنها تأول، كما قرر ذلك النووي وابن بطال والعيني وغيرهم (22)، وأما أئمة أهل السنة المتقدمين (23)، فلم يعدوا الهرولة صفة لله تعالى في الحديث القدسي (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، فقد قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في الجامع الكبير 5/554 بعد هذا الحديث : "ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث : من تقرب إليّ شبراً تقربت منه ذراعاً، يعني بالمغفرة والرحمة، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا : إنما معناه يقول : إذا تقرب إليَّ العبد بطاعتي وبما أمرت تُسارِعُ إليه مغفرتي ورحمتي(24) ".

    وقال الإمام ابن قتيبة-رحمه الله تعالى- في تأويل مختلف الحديث ص327 بعد هذا الحديث : "ونحن نقول إن هذا تمثيل وتشبيه، وإنما أراد من أتانـي مسرعاً بالطاعة، أتيته بالثواب أسرع من أتيانه، فكنى عن ذلك بالمشي وبالهرولة، كما يقال فلان موضع في الضلال – والإيضاع : سير سريع- لا يراد به أنه يسير ذلك السير، وإنما يُراد أنه يسرع إلى الضلال، فكنى بالوضع عن الإسراع.

    وكذا قوله : {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} والسعي الإسراع في المشي، وليس يراد أنهم مشوا دائماً، وإنما يراد أنهم أسرع بنياتهم وأعمالهم، والله أعلم".

    وقال أيضاً -رحمه الله تعالى- في المرجع السابق ص397-398 : "وكذلك قوله جل وعز {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} لا يريد أنه معهم بالحلول، ولكن بالنصرة والتوفيق والحياطة، وكذلك قوله تعالى : من تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى 10/212: "وهو سبحانه يحب من يحبه، ولا يمكن أن يكون العبد محباً والله تعالى غير محب له، بل بقدر محبة العبد لربه يكون حب الله له، وإن كان جزاء الله لعبده أعظم كما في الحديث الصحيح الإلهي عن الله تعالى أنه قال : (من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتانـي يمشي أتيته هرولة).

    وقد أخبر سبحانه أنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين بل هو يحب من فعل ما أمر به من واجب ومستحب كما في الحديث الصحيح : (لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به) الحديث".

    فقد أقر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج5 ص407 كلام الإمام ابن قتيبة في كتاب (تأويل مختلف الحديث) : "ليس يراد في شيء من هذا انتقال الجسم وإنما يراد به القصد إلى الشيء بالإرادة والعزم والنية ، وكذلك قوله : {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} لا يراد به أنه معهم بالحلول؛ ولكن بالنصر والتوفيق والحياطة.

    وكذلك قوله عز وجل : ( من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )(25)" .

    السابعة : وأما ما قاله علماء هذا المعترض (26) بقولهم له (أجمعنا)(27) ، فليس فيه نقل للإجماع (28) إذ اتفقوا هم والمعترض على ذلك، وهذا ظاهر من السياق، وواضح لمن له ادنى علم باللغة العربية.

    وقد فهم بعض أهل البدع من قول علماء المعترض بأن المسألة مجمع عليها (29)، وهذا ناتج من جهلهم باللغة والعقيدة، وكذا في كلامهم هذا تضليل لأئمة أهل السنة والجماعة لأنهم خالفوا الإجماع بزعمهم، وكفى بذلك بهتاناً وأثم مبينا.


    --------------------

    22)ينظر شرح صحيح مسلم للنووي 17/3 وفتح الباري لابن حجر 13/513 وعمدة القارئ للعيني 25/101 والمحرر الوجيز لابن عطية 3/434.
    23)وقد قال بعض علماء أهل السنة المتأخرين بأن الهرولة صفة لله عز وجل، وأنها تمر على ظاهرها، وقولهم هذا مردود لمخالفتهم ظاهر الحديث وكذا عقيدة السلف المتقدمين أصحاب القرون المفضلة، وقد بينت ذلك في كتابي تحقيق الحديث القدسي" وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" ودراسته رواية ودراية.
    24)كلام الأعمش لم نقف له على إسناد، ولكن المعول على نقل الإمام الترمذي لكلام أهل العلم على هذا الحديث، ولم ينقل قولاً يخالف ذلك، إذ أن الإمام الترمذي معروف بنقله لأقوال أهل العلم في تفسير الأحاديث، وحسبك به إماماً.
    25)وقد أثنى ابن تيمية على هذا الكتاب بقوله في الفتاوى ج 5 ص403 : "وهذا تأويل طائفة من أهل العربية منهم أبو محمد بن عبدالله بن قتيبة، ذكر في كتاب (مختلف الحديث) له الذي رد فيه على أهل الكلام، الذين يطعنون في الحديث". ومن قال أن الشيخ الإسلام رد على ابن قتيبة في الكلام الذي تقدم نقله، فيلزم بأن الشيخ الإسلام يقول بالحلول لأن الإمام ابن قتيبة قال : "لا يراد به أنه معهم بالحلول؛ ولكن النصر والتوفيق والحياطة".
    26)الذي رد عليه الإمام الدارمي – رحمه الله تعالى – في النقض.
    27)وفي نسخة : (أجمعنا واتفقنا).
    28)إذ قال الإمام الدارمي: قيل له: ولم يقل نقول له، أو قلنا له.
    29)قال الحافظ الذهبي في السير 10/547: " هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم، عبارات وشقاشيق لا يعبأ الله بها، يحرفون الكلم عن مواضعه قديما وحديثا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله".

    (يتبع)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •