قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه :
باب التمحل في الفتوى :
متى وجد المفتي للسائل مخرجا في مسألته , وطريقا يتخلص به , أرشده إليه , ونبهه عليه كرجل حلف أن لا ينفق على زوجته , ولا يطعمها شهرا , أو شبه هذا , فإنه يفتيه بإعطائها من صداقها , أو دين لها عليه , أو يقرضها ثم يبرئها , أو يبيعها سلعة ويبرئها من الثمن , وقد قال تعالى لأيوب عليه السلام , لما حلف أن يضرب زوجته مائة : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث .
1178 - أنا أبو القاسم الأزهري , أنا سهل بن أحمد بن عبد الله الديباجي , نا محمد بن محمد الأشعث الكوفي , بمصر , حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , نا أبي , عن أبيه , عن جده جعفر بن محمد , عن أبيه , عن علي : في رجل حلف , فقال : امرأته طالق ثلاثا إن لم يطأها في شهر رمضان نهارا , قال : " يسافر بها ثم ليجامعها نهارا ".
1179 - أنا محمد بن علي بن الفتح الحربي , نا عمر بن ثابت الحنبلي , نا علي بن أحمد بن علي بن أبي قيس المقرئ , نا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي , حدثني الفضل بن إسحاق , عن شبابة , عن قيس بن الربيع , عن حماد , قال : قلت لإبراهيم : أمر على العاشر فيستحلفني بالمشي إلى بيت الله , قال : " احلف له , وانو مسجد حيك ".
1180 - أنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي , نا عمر بن أحمد الواعظ , نا مكرم بن أحمد , نا أحمد بن عطية , نا محمد بن عبد الله بن نمير , قال : سمعت وكيعا , يقول : " كان لنا جار من خيار الناس , وكان من الحفاظ للحديث , فوقع بينه وبين امرأته شيء وكان بها معجبا , فقال لها : أنت طالق إن سألتيني الطلاق الليلة , إن لم أطلقك الليلة ثلاثا , فقالت المرأة : عبيدها أحرار , وكل مال لها صدقة إن لم أسألك الطلاق الليلة , فجاءني هو والمرأة في الليل , فقالت المرأة : إني بليت بكذا , وقال الرجل : إني بليت بكذا , فقلت ما عندي في هذا شيء , ولكنا نصير إلى الشيخ أبي حنيفة فإني أرجو أن يكون لنا عنده فرج , وكان الرجل يكثر الوقيعة في أبي حنيفة وبلغه ذلك عنه , فقال : أستحيي منه , فقلت : امض بنا إليه , فأبى, فمضيت معه إلى ابن أبي ليلى وسفيان , فقالا : ما عندنا في هذا شيء , فمضينا إلى أبي حنيفة , فدخلنا عليه , وقصصنا عليه القصة وأخبرته أنا مضينا إلى سفيان وابن أبي ليلى , فعزب الجواب عنهما , فقال : إني والله ما أجد الفرض إلا جوابك , وإن كنت لي عدوا , فسأل الرجل : كيف حلف ؟ وسأل المرأة : كيف حلفت ؟ وقال : وأنتما تريدان الخلاص من الله في أيمانكما ولا تحبان الفرقة , فقالت : نعم , وقال الرجل : نعم .
قال : سليه أن يطلقك . فقالت : طلقني .
فقال للرجل : قل لها أنت طالق ثلاثا إن شئت.
فقال لها ذلك , فقال للمرأة قولي : لا أشاء . فقالت : لا أشاء .
فقال : قد بررتما وخرجتما من طلبة الله لكما , فقال للرجل : تب إلى الله من الوقيعة في كل من حمل إليك شيئا من العلم " قال وكيع : فكان الرجل بعد ذلك يدعو لأبي حنيفة في دبر الصلوات , وأخبرني أن المرأة تدعو له كلما صلت .
1181 - أخبرني الحسن بن محمد الخلال , أنا علي بن عمرو الحريري , أن علي بن محمد بن كأس النخعي , حدثهم , قال : نا أحمد بن محمد بن عيسى , نا أبو سليمان هو الجوزجاني , عن محمد بن الحسن , قال : دخل على رجل اللصوص , فأخذوا متاعه واستحلفوه بالطلاق ثلاثا أن لا يعلم أحدا , قال : فأصبح الرجل وهو يرى اللصوص يبيعون متاعه , وليس يقدر يتكلم من أجل يمينه , فجاء الرجل يشاور أبا حنيفة , فقال له أبو حنيفة : " أحضرني إمام حيك والمؤذن والمستورين منهم " , فأحضرهم إياه , فقال لهم أبو حنيفة : " هل تحبون أن يرد الله على هذا متاعه ؟ " قالوا : نعم , قال : " فاجمعوا كل داعر وكل متهم فأدخلوهم في دار , أو في مسجد , ثم أخرجوهم واحدا واحدا , فقولوا له : هذا لصك , فإن كان ليس بلصه قال : لا , وإن كان لصه , فليسكت , فإذا سكت فاقبضوا عليه " , ففعلوا ما أمرهم به أبو حنيفة , فرد الله عليه جميع ما سرق منه .
1182 - أنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ , أنا أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة , نا أبو إسماعيل الترمذي , نا عبد العزيز بن عبد الله , نا مالك , قال : بلغني أن أبا يوسف , جاءه إنسان , فقال : إني حلفت بطلاق امرأتي لأشترين جارية , وذلك يشتد علي لمكان زوجتي ومنزلتها عندي ؟ فقال له أبو يوسف : " اشتر سفينة فهي جارية ".
1183 - أنا الجوهري , أنا محمد بن عمران , نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي , نا محمد بن القاسم بن خلاد , نا إسحاق بن إبراهيم , قال : قال الرشيد يوما لأبي يوسف القاضي : عند عيسى بن جعفر جارية , وهي أحب الناس إلي , وقد عرف ذاك فحلف أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق وهو الآن يطلب حل يمينه فهل عندك في ذلك حيلة ؟ قال : نعم , " يهب لأمير المؤمنين نصف رقبتها ويبيعه النصف , فلا حنث عليه في ذلك ".
1184 - أنا محمد بن أحمد بن رزقويه , نا محمد بن الحسن بن زياد النقاش المقرئ , نا عبد الله بن محمد الفرهاذاني , نا حرملة بن يحيى , قال : سمعت الشافعي , وسأله رجل فقال : حلفت بالطلاق إن أكلت هذه التمرة أو رميت بها , قال : " تأكل نصفها وترمي بنصفها ".