حمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:فمن الرجال الأفذاذ الذين تصدوا في هذا العصر لحرب البدعة والخرافة الشيخ المحقق شمس الحق الأفغاني -رحمه الله-، الذي صنف كتابين عظيمين في علاج قضيتين من أكبر القضايا العقدية، وهما «عداء الماتردية للعقيدة السلفية» وهو في علاج داء التجهم، و «جهود علماء الحنفية في إبطال شبه القبورية» وهو في علاج داء الإشراك في توحيد الألوهية.

وقد كان شديداً على أهل البدع على طريقة السلف ، صادعاً بالحق وإن كان مراً فمن ذلك رفضه تسمية الدولة العثمانية بالخلافة الإسلامية لأنها كانت قبورية صرفة صرح بذلك في عداء الماتردية للعقيدة السلفية، ومن ذلك قوله في بعض أشرطته التي سمعتها: «لا فرق عندي بين الأشاعرة والشيوعية هؤلاء يقولون لا داخل ولا خارجه فيعدمون الرب وهؤلاء يقولون لا إله وحقيقة القولين واحدة».

وأراد بذلك الإلزام والله أعلم وإلا فإن الأشاعرة لا يكفر أعيانهم كالشيوعية، ولما انتقد عليه بعض المشايخ شدته قال لهم «أتريدون مني أن أصير دجاجاً مثلجاً مثلكم»، وكان هذا مثل يضربه للمميعة.

والملاحظ في كتابه جهود علماء الحنفية أن فهرسه مليء بالفوائد على غير عادة الكتب المفهرسة ولأنه ربما أهمل كثير من الناس قراءة الفهرس سأذكر طائفة من الفوائد الموجودة في فهرس هذا الكتاب:

(1) قال الشيخ شمس في جهود علماء الحنفية (3/1804) :" ثم القسطلاني من غلاة القبورية الدعاة إلى الخرافات كما صرح بذلك العلامة شكري الآلوسي في غاية الأماني 2/14 فهو قبوري غال عند الحنفية

والعجب كل العجب من صاحب المكتب الإسلامي كيف يطبع هذا الكتاب _ يعني كتاب القسطلاني -بدون التنبيه على ما فيه من الخرافات-" انتهى بتصرف.

وصاحب المكتب الإسلامي هو زهير الشاويش.

(2) قال الشيخ شمس في (3/ 1822) وهو يتحدث عن تفسير الرازي :" هذا الكتاب مكتظ بالعقائد الجهمية الأشعرية ، وفيه نصوص مهمة طيبة للرد على القبورية من ناحية ولكن من ناحية أخرى فيه نصوص في غاية الخرافة والقبورية والصوفية ولذلك ترى القبورية ينهلون من تلك المستنقعات".

(3) قال الشيخ شمس في (3/ 1821) معلقاً على كتاب الفخر الرازي المطالب العالية من العلم الإلهي :" هذا الكتاب حري أن يسمى : المعاول الهادمة للدين السماوي فهو جامع بين التعطيل والقبورية".

(4) وقال الشيخ شمس في (3/ 1820) معلقاً على كتاب المدخل لابن الحاج :" كتابه هذا فيه فوائد نافعة والرد على كثير من البدع ولكنه ناقض وتناقض وأتى بأدواء طامات قبورية كثيرة إنا لله وإنا إليه راجعون وأنا أستحي أن أذكره وأمثاله في القبورية ولكن لا محاباة في الدين والحق أحق أن يقال".

(5) قال الشيخ شمس في (3/ 1816) :" من طامات الكشميري على سبيل المثال:

(1) محمد بن عبد الوهاب رجل بليد قليل العلم يتسارع إلى التكفير.
(2) تقوية الإيمان فيه شدة وقل نفعه.
(3) إسحاق بن راهوية حنفي.
(4) ابن عربي الشيخ الأكبر رحمه الله ورضي عنه.
(5) اعتقاده لشد الرحال إلى القبور.
(6) قوله قال الشافعي : بلغني أن الحافظ ابن تيمية.
(7) ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ﴾[النمل: ٨٠] نفي للإسماع لا للسماع.
(8) الاستغاثة بأهل القبور.
(9) تقوله على شيخ الإسلام (نزول كنزولي).
(10) خرافة وحدة الوجود.".


أقول : ومع كل هذه الطوام يثني الدكتور عبد الكريم الخضير على هذا الرجل في رسالته ( حكم العمل بالحديث الضعيف ) ، وقد اعتذر في طبعات جديدة عن ثنائه على أحمد الغماري ، والذي ينبغي أن يعتذر عن ثنائه على هذا الرجل أيضاً، بل إن الدكتور الخضير لما ترجم لشيخ الإسلام بدأ باسمه (أحمد بن عبد الحليم)، ولكن لما ترجم للكشميري لم يقنع حتى جعل أمام اسمه عدة ألقاب، والحق أن كثيراً من الدكاترة والمحققين تجاوزوا حتى مرحلة الموازنات فتراه يترجم لعدو من أعداء الملة فلا يذكر إلا الحسنات ، ولا يعرض للسيئات وإذا ذكرها أجمل إجمالاً بارداً فتراه يقول (عنده هنات) أو (عليه مؤاخذات) ثم يتبعها بالاستغفار له.

وقد رأيت بعضهم يترجم للسبكي المعادي لدعوة شيخ الإسلام وهو قبوري جهمي من كتبه ينهل الجهمية والقبورية في كل مكان ، فإذا بأخينا هذا السلفي يطريه ويسميه (شيخ الإسلام) أو يذكر عدة ألقاب أمام اسمه ، وقد حقق بعضهم الصارم المنكي فترجم ترجمة للسبكي هي أبهى وأحسن من ترجمة ابن عبد الهادي فسبحان قاسم العقول.

وبعضهم يصنف في نواقض الإيمان الاعتقادية وينتصر إلى أنه لا عذر في مسائل الشرك الأكبر حتى إذا ترجم ليوسف الداجوي أحد كبار دعاة الشرك والخرافة في هذا العصر أطراه وأثنى واستشهد بفتاويه!

(6) وقال الشيخ شمس في (3/ 1807) وهو يتحدث عن السبكي: "الأشعري أحد كبار أئمة القبورية".
ثم قال في الحاشية: "بل هو إمام القبورية قاطبة وكتاب هذا مورد لكل قبوري خرافي بريلوي ديوبندي كوثري وغيرهم ينهلون من مستنقعاته ويتشبثون بشركياته وخرافاته ويفرعون على أصوله وينبون على قواعده ، فإنه مهد الطريق لهم وبين القواعد وأصل الأصول ووضع المنهج ، وهو عند القبورية كشيخ الإسلام عند أهل التوحيد والسنة والحديث".

فهذا حال السبكي الذي يطريه بعض إخواننا ممن تصدى لتحقيق الكتب مقلداً لبعض المؤرخين.

(7) وقال الشيخ شمس في (3/1798) معلقاً عبد الله بن إبراهيم الأنصاري :" والعجب من هذا الأنصاري الذي يتظاهر بالتوحيد والسنة، كيف يحقق مثل هذا الكتاب الخرافي الذي يدعو إلى الوثنية، وكيف يتهم به وبنشره إضلالاً للأمة بسمومه الوثنية".

(8) قال الشيخ شمس في (3/ 1794) معلقاً على الحصني: "أحد أئمة القبورية وأحد الأعداء الألداء لشيخ الإسلام وابن القيم".

أقول: بل هو أحد أعداء الله ورسوله وقد كان جهمياً أيضاً وقد قال عن شيخ الإسلام :" زنديق مطلق " والجهمية أولى بوصف الزندقة من أهل التوحيد ، ومع الأسف كتابه كفاية الأخيار يدرس في بعض المعاهد الدينية والواجب أن يخمد ذكر هذا الرجل ويستغنى بكتب غيره من الشافعية عن كتابه

(9) قال الشيخ شمس في (3/ 1791) معلقاً على ابن حجر الهيتمي: "أحد كبار أئمة القبورية".

ثم قال في الحاشية: "وقد صرح العلامة شكري الآلوسي بأن ابن حجر هذا متناقض يناقض ما في زواجره أقواله التي قالها في جوهره وفتاواه وأنه متعصب مفتر على أئمة المسلمين".

والهيتمي ممن يحط على شيخ الإسلام بل إنه يكفر الشيخ هذا مع تعظيمه وتبجيله لابن عربي نعوذ بالله من الخذلان

(10) قال الشيخ شمس في (3/ 1780): "قال العلامة الآلوسي : إن الزبيدي وكان من غلاة القبورية والدعاة لمبتدعاتهم".

أقول : وكتابه المعجم المختص خير دليل على هذا فهو وكرة خرافات ، فيه لا ما يخطر على ما بال من الانحلال العقدي والأخلاقي، وبقي في الفهرس فوائد كثيرة من أرادها فعليه بالكتاب ، أما أنا فقد نفضت ما في كنانتي.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.