تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 25

الموضوع: قصة صارت مثلا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb قصة صارت مثلا

    (1)
    أحمق من أبي غبشان

    قال ابن سعيد الأندلسي في "نشوة الطرب": قال الأصفهاني في كتاب أفعل: "وما قولهم: "أحمق من أبي غبشان" فإنه رجل من خزاعة. ومن حديثه أن خزاعة كانت لها سدانة البيت قبل قريش، وكان أبو غبشان يلي ذلك، فاتفق عليه أن اجتمع مع قصي بن كلاب في شرب بالطائف، فخدعه قصي عن مفاتيح الكعبة بأن أسكره، ثم اشترى المفاتيح منه بزق خمر وأشهد عليه، ودفع المفاتيح لابنه عبد الدار بن قصي، وطيره إلى مكة، فلما أشرف عبد الدار على دور مكة رفع عقيرته، وقال: معاشر قريش، هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل، قد ردها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم، فأفاق أبو غبشان من سكرته أنجم من الكسعي، فقال الناس: "أحمق من أبي غبشان" و"أندم من أبي غبشان" و"أخسر صفقة من صفقة أبي غبشان".

    وأكثر الشعراء القول في ذلك، فقال بعضهم:
    باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت ... بزق خمر فبئست صفقة البادي
    باعت سدانتها بالنزر وانصرفت ... عن المقام وظل البيت والنادي

    وقال آخر:
    إذا افتخرت خزاعة في قديم ... وجدنا فخرها شرب الخمور
    وبيعا كعبة الرحمن حمقاً ... بزق بئس مفتخر الفخور.

    ومن كتاب مروج الذهب: "إن قصي بن كلاب كان قد تزوج في خزاعة، فجعل أبو زوجته ولاية البيت لها، فجعلته لأبي غبشان الخزاعي، فباعه إلى قصي ببعير وزق خمر".

    قال البيهقي: وجمع قصي أشتات قريش، وظهر على خزاعة، وأخرجها من مكة إلى بطن مر، فسكنت هنالك إلى جهات المدينة، ثم أخنى عليها الذي أخنى على لبد، وتفرقت في البلاد([1]).


    [1] ـ أخبار مكة للفاكهي (5/155/دهيش)، ومجمع الأمثال للميداني (1/216)، ونشوة الطرب لأبي سعيد الأندلسي (1/215/ط الأقصى).
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  2. افتراضي رد: قصة صارت مثلا

    جزاك الله خيراً .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (2) أردت عمرا، وأراد الله خارجة

    (2)
    أردت عمرا، وأراد الله خارجة
    خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر القرشي العدوي، من مسلمة الفتح، وقيل: إنه أسلم قديما، كان أحد فرسان قريش، ويقال: إنه كان يعد بألف فارس، كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يستمده بثلاثة آلاف فارس، فأمده بخارجة بن حذافة هذا، والزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، شهد خارجة فتح مصر، وكان على شرطتها في إمرة عمرو بن العاص في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقيل: كان قاضيا بها، ولم يزل بمصر حتى قتل.
    أردت عمرا، وأراد الله خارجة
    انتدب الخوارج ثلاثة لقتل علي، ومعاوية، وعمرو سنة أربعين، وكان يوم وافى الخارجى ليضرب عمرو بن العاص، لم يخرج عمرو يومئذ للصلاة، لعلة وجدها فِي بطنه وأمر خارجة أن يصلي بالناس، فتقدم الخارجي فقتل خارجة وهو يظنه عمرا، فلما أخذ وأدخل على عمرو بن العاص، قال: من قتلت؟ قالوا: والله ما قتلت عمروا، وإنما ضربت خارجة، فقال: أردت عمرا، وأراد الله خارجة. فذهبت مثلا.
    انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (4/143) ومصعب الزبيري في "نسب قريش"(1/375)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (2/ 491).
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb أسعد أم سعيد؟، إن الحديث ذو شجون، سبق السيف العذل

    (3 - 4 - 5)
    أسعد أم سعيد؟
    ،
    إن الحديث ذو شجون، سبق السيف العذل
    قال البلاذوري في " أنساب الأشراف " (11/ 361 - 362): حدثني محمد بن الأعرابي عن المفضل بن محمد الضبي قال: خرج سعد وسعيد ابنا ضبة في طلب إبل لهم، فرجع سعد. ولم يرجع سعيد، وكان ضبة كلما رأى شخصا مقبلا قال أسعد أم سعيد؟ فذهبت كلمته مثلا.
    فبينا ضبة يسير ومعه الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد في الشهر الحرام إذ أتيا في طريقهما على مكان فقال الحارث لضبة: أترى هذا المكان فإني لقيت به فتى من هيئته كذا وكذا فقتلته، وأخذت هذا السيف منه، وإذا صفته صفة سعيد. فقال ضبة: أرني السيف أنظر إليه فناوله إياه فعرفه ضبة، فقال عندها: إن الحديث ذو شجون، أي متشعب كشجون الجبل فذهبت مثلا.
    ثم ضرب الحارث بالسيف حتى قتله فلامه الناس في ذلك، وقالوا: تقتل في الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل، فذهبت مثلا.
    وقال الفرزدق:
    فلا تأمنن الحرب إن استعارها ... كضبة إذ قال: الحديث شجون.
    * * * * *
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  5. #5

    افتراضي رد: قصة صارت مثلا

    جزاك الله خيرا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (6) بين حانة ومانة ضاعت لحانا

    (6)
    بين حانة ومانة ضاعت لحانا

    روي أن رجلا تزوج بامرأتين إحداهما اسمها حانة، والثانية اسمها مانة، وكانت حانة صغيرة في السن، عمرها لا يتجاوز العشرين، بخلاف مانة التي كان يزيد عمرها على الخمسين، والشيب لعب برأسها، فكان كلما دخل إلى حجرة حانة تنظر إلى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء، وتقول: يصعب علي عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة، وأنت مازلت شاباً، فيذهب الرجل إلى حجرة مانة فتمسك لحيته هي الأخرى، وتنزع منها الشعر الأسود، وهي تقول: له يكدرني أن أرى شعراً أسود بلحيتك، وأنت رجل كبير السن، جليل القدر، ودام حال الرجل على هذا المنوال، إلى أن نظر في المرآة يوماً فرأى بها نقصا عظيماً، فمسك لحيته بعنف وقال: بين حانة ومانة ضاعت لحانا.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (7) لا عطر بعد عروس

    (7)
    لا عطر بعد عروس

    قالته أسماء بنت عبدالله العذريه، كان لها زوج يدعى (عروس) فمات فتزوجها رجل اسمه نوفل، وكان بخيل، ذميم، بخلاف الأول، فلما رحل بها، مرت على قبر عروس، وجلست تبكي وترثيه، وتذكر حالها مع زوجها الجديد، فأمرها زوجها بالنهوض، فلما نهضت وقعت منها قارورة عطر، فقال لها نوفل: خذي عطرك، فقالت: لا عطر بعد عروس فذهبت مثلاً.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (8) جنت على نفسها براقش

    (8)
    جنت على نفسها براقش

    براقش كانت كلبة عوت فأهلكت قبيلتها، يُرْوَى بأن قبيلة مستضعفة شعرت بقدوم قبيلة قوية، تريد أن تغزوها، فارتأوا رجالها الاختباء في أحد الوديان إلى أن ينتهي الخطر المحدق بهم، لكن براقش تلك الكلبة التي كانت تحمي قبيلتها من اللصوص والذئاب، عوت وبشكل مستمر، إلى أن اهتدى فرسان القبيلة الغازية لمكان اختبائهم، وقضوا على الجميع وحتى الكلبة براقش، ومنذ ذلك اليوم يتناقل الناس هذه المثل.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (9) أشرد من نعامة، وأحمق من نعامة

    (9)
    أشرد من نعامة، وأحمق من نعامة

    قيل ذلك فيها لأنها تترك بيضها حين تريد الطعام، فإذا رأت بيض غيرها حضنته، ونسيت بيضها، ومن ذلك قول ابن هرمة:
    وَإِنِّي وَتَرْكِي نَدَى الْأَكْرَمِينَ ... وَقَدْحِي بِكَفَّيَّ زَنْدًا شَحَاحَا
    كتارِكَةٍ بَيْضَها بالعَراء، ... ومُلْبِسَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَناحا.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (10) لا تأمن الخبل يأتيك بداهية

    (10)
    لا تأمن الخبل يأتيك بداهية

    هو مثل شعبيي ومعروف لدى كثير من الناس، و(داهية) هذه اسم لعجوز متوحشة، وشرسة، ووجبتها الشهية والرئيسية هي لحوم البشر، والناس تعرفها وتتجنبها وكانت تقطن إحدى الجبال، ولا يمكن الاقتراب في منطقتها أو حدودها, فأي شخص يقترب من الجبل أو يؤذيها فستكون له وجبة طعام شهية.
    يحكى في احد الأزمنة قبل الإسلام, أن هنالك قوم يتزعمهم أمير، وقد كانوا يسكنون في إحدى أراضي شبه الجزيرة العربية, وكان لدى الأمير حاشيته الخاصة، وكان من بين هذه الحاشيته رجل منافق، وكان هذا الرجل من المقربين للأمير، لأنه يسعده ويؤنسه دائماً, وكان له راع من رعاته الخاصين لقبه الخبل، وهو اسم على مسمى، يعني (أن به خلل في عقلة) لذلك لقب بهذا الاسم.
    صعب عليهم الزمن، وجفت أرضهم من الماء والعشب, فكان لابد عليهم الرحيل من ديارهم والذهاب إلى ديار يجدون فيها مسببات عيشهم، وعيش قطعانهم من الماشية, ذهبوا ففتشوا عن الأرض الأنسب والأفضل فلم يجدوا سواء أرض جميله خالية من السكان إنها ارض (داهية)، تلك العجوز المتوحشة, فكان معهم رجل كبير في السن حكيم، ولديه دراية بالمناطق، حيث يعرف جميع الديار.
    فعندما وضعوا رحالهم، وهموا بالإستطيان في تلك الأرض، جمعهم هذا الرجل الحكيم، وأخبرهم بأنهم في أرض (داهية)، ونصحهم بعدم الذهاب أو مجرد الاقتراب إلى جبل (داهية)، وأيضا عدم إيذائها, ولسوء الحظ لم يكن (الخبل) معهم، فقد كان يقود الغنم ويرعاها, فلم يخبره احد عنها، وبعد مرور عدة أشهر على بقائهم في هذه الأرض, كان اغلب وقت (الخبل) مع الماشية فهو راعي غنم، ونادراَ ما يأتي ديارهم, فهو بلا أب ولا أم, وليس له مصالح في ديارهم سوا القدوم والسلام على الأمير في كل شهر مره, وإخباره عن أحوال الماشية، فهو راعي لماشية (الأمير) ولمواشي القوم أيضاً.
    وفي ذات يوم مر الراعي (الخبل) إلى ديارهم لكي يخبر الأمير عن أحوال الماشية, ولسوء حظه لم يجد الأمير، فقد كان خارج الديار مع الرجل الحكيم، ووجد القوم متواجدين في بيت الأمير، ومن ضمنهم الرجل (المنافق), فوجد أنهم مجتمعون على وجبه دسمه من الطعام, فسألهم من أين لكم هذا؟ وكان يعرف أن حالة الفقر والجوع في وقتهم شديدة, فمن أين يأتون بطعام كهذا؟ فأجابه المنافق قال: أتريد مثل هذا الطعام، قال (الخبل): نعم، بكل تأكيد، قال له المنافق: إذا صعدت قمة هذا الجبل، وأشار إلى جبل (داهية)، وأصبحت في قمته حيث تلوح لنا ثم تعود أدراجك نحونا, فإذا فعلت هذا سنذبح لك ذبيحة كهذه.
    ففرح الخبل، وهم مسرعا يريد أن يصعد الجبل، واتجه نحو الجبل والقوم يرونه، وهم يضحكون عليه, حيث إنهم يتوقعون له النهاية عند اقترابه من (داهية).!
    صعد هذا (الخبل) الجبل، والقوم يرونه وهو يقترب من حتفه وهم يضحكون عليه، ولا يبالون لأنه (خبل), وعلى ما هم عليه من هذا الحال ينظرون ويضحكون اختفى (الخبل) عن أنظارهم فلم يستطيعوا رؤيته، لأن (الخبل في هذه اللحظة داخل كهف (داهية)، وفي صراع من أجل البقاء معها).
    فوجئ القوم بقدوم الأمير وعندما وصل إليهم رائهم يضحكون، وينظرون إلى الجبل! سألهم الأمير ما بالكم؟ فأجابوه: انظر إلى (الخبل) انه يحاول صعود الجبل، سألهم الأمير: ما الذي دعاه إلى صعود الجبل؟؟ , فأجابه (المنافق) قال: أنا أيها الأمير,, فقال له الأمير: إلا تعلم بأن داهية في هذا الجبل! وأنك أرسلت هذا الخبل إلى حتفه, فأجابه المنافق: قال: يا أمير، إننا لا نعلم هل داهية مازالت على قيد الحياة أم ماتت منذ زمن بعيد, فإذا عاد الخبل سالما ولم تعترضه داهية فمعنى هذا بأنها قد ماتت, وبإمكاننا الاقتراب من أسفل الجبل حيث تكثر المراعي والأعشاب النادرة، بسبب عدم اقتراب الرعاة خوفا من تلك العجوز المتوحشة (آكلة لحوم البشر)، وإن لم يعد فهو (خبل) لا فائدة منه ولا أهل له، سكت الأمير وأخذ ينظر إلى الجبل، فلم يضحك كحال قومه، إنما ينظر باستعطاف كله أمل أن يعود (الخبل).
    وعلى ما هم عليه من الضحك والنظر إلى الجبل, عم عليهم صمت رهيب وذهول كبير! حيث رأوا رجل شديد بياض الثياب على عكس راعيهم الذي كانت ثيابه متسخة ومتمزقة, يصعد أعلى قمة الجبل، ثم يلوح بيديه تجاه القوم.
    وأخذ هذا الرجل بالنزول من الجبل، وما أن اقترب من القوم، قالوا يا ترى من هذا الرجل؟ انه (الخبل)، نعم انه الخبل، ومعه سيف ودرع بالإضافة إلى بعض الحلي من الذهب والمجوهرات, عندما وصل سلم على الأمير، وأعطاه ما في حوزته من السلاح، والذهب، والمجوهرات، سأله الأمير كيف أتيت بهذه؟ ثم أخبرنا ماذا جرا لك عندما اختفيت من الجبل؟ قال (الخبل): عندما توسطت الجبل وجدت كهف مهجورا فدفعني الفضول إلى الدخول إليه، فعندما اقتربت من مدخل الكهف خرجت لي عجوز مرعبه، وهي تتهددني بالقتل، وان تلتهمني فعندما همت بالهجوم علي، أخذت صخرة فحذفتها بها فأصابتها الصخرة في رأسها أسفل أذنيها, قال الأمير: أقتلتها؟؟ قال (الخبل): نعم قتلتها، ثم دخلت الكهف ووجدت فيه أنواع الكنوز من ذهب وفضة وسلاح, فعندما سمع المنافق بقول الخبل هم مسرعا نحو الجبل لكي يستحوذ على ما يريد من ذهب ومال وفضة. والقوم من خلف هذا المنافق كلهم يجرون تجاه الكهف لكي يغتنموا من الغنائم، فعندما اقترب المنافق من الكهف وجد العجوز في وجهه - وجها لوجه فأراد الرجوع من حيث أتى، ولكن لا مناص من الهروب، فقد هجمت عليه وقتلته، والتهمته والقوم ينظرون بذهول.
    رجع باقي القوم مسريعن تجاه الأمير، والخوف يدب في قلوبهم دباً, عندما وصولوا إلى الأمير اخبروه بان الرجل المنافق قد قتل وذبحته (داهية)، وكان هذا الرجل المنافق كما أسلفنا من المقربين لدى الأمير, بل كان من اعز أصحابه, نظر الأمير إلى (الخبل) نظرة غضب, وقال كيف تكذب يا (خبل)؟ قال: أنا لم أكذب بل قتلتها, وإذا كنت تريد مني أن أتيي بتلك العجوز فأنا مستعد, أعطني جواداً لكي أتيك بها، فأعطاه الأمير جواد ليتبين حقيقة أمره، وهل هو صادق فيما يقول أم لا؟
    أمتطى الخبل صهوة الجواد، وذهب نحو الجبل, والجميع ينظرون له نظرة ذهول, فقال الرجل الحكيم: يا أميرنا (لا تأمن الخبل يأتيك بداهية).
    فعندما وصل الخبل مشارف الكهف فوجئ بوجود داهية، وأنها على قيد الحياة, ففزعت داهية عندما رأت هذا الخبل الذي سبب لها رعب فقد كاد أن يقتلها, فقالت له: دعني وشأني، وخذ ما تريد من جواهر وحلي, تجرئ الخبل من جوابها الذي أحس فيه أنها خائفة منه, وقال لها: أن الأمير طلب مني أن أتي بك لتبين حقيقة أمرك, ستذهبين معي وإلا قتلتك, فزعت (داهية) من جواب الخبل وقالت سوف أذهب معك بشرط أن لا تؤذيني، قال لكي هذا,,,, (وهو خبل لا يأتمن له), ركبت معه الجواد وذهبوا تجاه القوم, فعند وصولهم إلى القوم، دب الفزع والرعب في قلوب الجميع, فتعالت صرخات الأطفال، وعويل النساء، وأستنفار الرجال, من شكلها القبيح والمرعب.
    فقال الحكيم للأمير: ألم اقل لك (لا تأمن الخبل يأتيك بداهية), فذهبت مثلا؛ والداهية في وقتنا الحالي تعني المصيبة أو الكارثة، وكل شيء ممقوت.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    مصر (القاهرة)
    المشاركات
    812

    افتراضي رد: قصة صارت مثلا

    تسجيل متابعة ، بارك الله فيكم .
    واتقوا الله ويعلمكم الله

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (11) وَافق شن طبقَة

    11
    وَافق شن طبقَة
    كَانَ شن من دهاة الْعَرَب، فَقَالَ: وَالله لأطوفن حَتَّى أجد امْرَأَة مثلي فأتزوجها، فَسَار حَتَّى لَقِي رجلا يُرِيد قَرْيَة يريدها شن فصحبه، فَلَمَّا انْطَلقَا قَالَ لَهُ شن: أتحملني أم أحملك؟ فَقَالَ الرجل: يَا جَاهِل، كَيفَ يحمل الرَّاكِب الرَّاكِب، فسارا حَتَّى رَأيا زرعا قد استحصد، فَقَالَ شن: أَتَرَى هَذَا الزَّرْع قد أكل أم لَا، فَقَالَ يَا جَاهِل: أما ترَاهُ قَائِما فمرا بِجنَازَة فَقَالَ أَتَرَى صَاحبهَا حَيا أَو مَيتا، فَقَالَ: مَا رَأَيْت أَجْهَل مِنْك، أَترَاهُم حملُوا إِلَى الْقُبُور حَيا، ثمَّ سَار بِهِ الرجل إِلَى منزله، وَكَانَت لَهُ ابْنة تسمى طبقَة، فَقص عَلَيْهَا الْقِصَّة، فَقَالَت: أما قَوْله أتحملني أم أحملك، فَأَرَادَ تُحَدِّثنِي أم أحَدثك، حَتَّى نقطع طريقنا، وَأما قَوْله أَتَرَى هَذَا الزَّرْع قد أكل أم لَا؟، فَأَرَادَ بَاعه أَهله فَأَكَلُوا ثمنه أم لَا، وَأما قَوْله فِي الْمَيِّت فَإِنَّهُ أَرَادَ اترك عقبا يحيا بِهِ ذكره أم لَا، فَخرج الرجل فحادثه ثمَّ أخبرهُ بقول ابْنَته، فَخَطَبَهَا إِلَيْهِ، فَزَوجهُ إِيَّاهَا، فحملها إِلَى أَهله، فَلَمَّا عرفُوا عقلهَا ودهاءها، قَالُوا: وَافق شن طبقَة([1]).


    [1] ـ الأذكياء لابن الجوزي (1/221/ط مكتبة الغزالي).
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (12) البلاء موكل بالمنطق

    (12)
    البلاء موكل بالمنطق

    قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمًا لِعُبَيْدِ بْنِ شَرِيَّةَ الْجُرْهُمِيّ، أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ. قَالَ: إِنِّي نَزَلْتُ بِحَيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ، فَخَرَجُوا بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ: حُرَيْثٌ، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا وَارَوْهُ فِي حُفْرَتِهِ؛ تَنَحَّيْتُ جَانِبًا عَنِ الْقَوْمِ وعيناني تَذْرِفَانِ بِالْبُكَاءِ، ثُمَّ تَمَثَّلْتُ بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ كُنْتُ أَرْوِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ:
    (اسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْرًا وَارْضَيَنَّ بِهِ ... فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ إِذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ)
    (وَبَيْنَمَا المرء في دُنْيَاهُ مُغْتَبِطًا ... إِذْ صَارَ فِي الرَّمْسِ تعْفُوهُ الْأَعَاصِيرُ)
    (يَبْكِي الْغَرِيبُ عَلَيْهِ لَيْسَ يعرفه ... وذو قَرَابَتِهِ فِي الْحَيِّ مَسْرُورُ)
    قَالَ: وَإِلَى جَانِبِي رَجُلٌ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ، فقال لي: يَا عَبْدَ اللهِ هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِقَائِلِ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ؟ قُلْتُ: لَا وَاللهِ؛ إِلَّا أَنِّي أَرْوِيهَا مُنْذُ زَمَانٍ. فَقَالَ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ؛ إِنَّ قَائِلَهَا لَصَاحِبُنَا الَّذِي دَفَنَّاهُ آنِفًا السَّاعَةَ، وَهَذَا الَّذِي تَرَاهُ ذُو قَرَابَتِهِ أَسَرُّ النَّاسِ بِمَوْتِهِ، وَأَنْتَ الْغَرِيبُ تَبْكِي عَلَيْهِ كَمَا وَصَفْتَ. فَعَجِبْتُ لِمَا ذَكَرَ فِي شِعْرِهِ وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ جِنَازَتِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلُ بِالْمَنْطِقِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا
    ([1]).


    [1] ـ المجالسة وجواهر العلم (3/144/ط جمعية التربية الإسلامية).
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (13) إن غداً لناظره قريب

    (13)
    إن غداً لناظره قريب

    قالوا: أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة خرج ذات يوم للصيد، فا نفرد عن أصحابه، وأمطرته السماء فلجأ إلى بيت رجل من طي، وطلب المأوى فأنزله الرجل وامرأته وأكرماه دون أن يعرفاه.
    وفي الصباح اخبرهما أنه الملك النعمان، وإنه يحب أن يكافئهما على حسن صنيعهما، ومرت الأيام، ووقع الطائي في ضيق، فذهب إلى النعمان يسأله، وكان للنعمان يوم يسمى (يوم البؤس)، لا يقدم عليه أحد فيه إلا قتله، فقدم الطائي في ذلك اليوم، فساء النعمان، إذ كان يود أن يحسن إليه، ولكنه اضطر إلى الأمر بقتله.
    ولم يجزع الرجل، ولكنه استمهل النعمان حتى يرجع إلى أهله فيودعهم ثم يعود، فرضي النعمان بعدما تقدم رجل، وكفل الطائي، ثم أعطى النعمان الطائي خمسمائة دينار، وضرب له عاما يعود فيه، في مثل ذلك اليوم، وحال الحول، ولم يبق من الأجل المضروب للطائي غير يوم، فأرسل النعمان للكفيل ليستعد للقتل بدل الطائي الذي لم يعد، فاستمهله الرجل قائلاً:
    فأن يك صدر هذا اليوم ولّى
    ....... فأن غداً لناظره قريب.
    وفي الصباح استعد النعمان لقتل الكفيل، وأخرجه ليضرب عنقه، ولكن مستشاريه رجوه إمهاله حتى ينقضي اليوم، وبينما هم ينتظرون، واليوم يوشك أن ينقضي، إذ طلع عليهم الطائي، فعجبوا من وفائه، وأبطل النعمان عادته من اجل ذلك.
    وهكذا قد يوقع المرء في الشر تسرعه، ولو صبر لنجا، ويقال للمتعجل: إن غداً لناضره قريب .... أي لا تعجل وانتظر.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (14) غيض من فيض

    (14)
    غيض من فيض

    يروى أن رجلاً قصد صديقاً له لحاجة إليه، فدخل عليه ورحب به أجمل ترحيب، وأجلسه إلى جنبه، وبات ليلته عنده، وبعد وجبة طعام العشاء جلسا يتسامران، وفي الصباح أحضر له فطوره، وقبل توديعه إياه سأله: أولك حاجة تريد أن أقضيها لك؟
    فأجابه: نعم إني اقترضت مبلغاً من أحد المرابين، وقد أثقل كاهلي، وقرب موعد تسليمه، ولم يكن متيسراً عليَّ، فسأله عن حجم المبلغ، فأجابه: مائة دينار، فقام الصديق، ودخل البيت، وجلب له مائتي دينار، وسلمه إياها، ففرح الرجل، وشكر صديقه، ولما عد المبلغ ووجده بهذا القدر استغرب، وقال: هذا المبلغ أكثر مما طلبته منك، ولا حاجة لي بالمبلغ المتبقي، وبينما هو يعد المبلغ لغرض إرجاع الزائد عما طلبه، مسك الصديق يد الرجل وقال له: أرجعه، وضعه في جيبك فو الله هذا غيض من فيض، ويعني أن هذا المبلغ الذي أعطيتك إياه ما هو إلا قليل من كثير، فذهب مثلا.

    وذهب قوله مثلاً يضرب للكريم الذي ينفق قليلاً من كثير، واتسع استخدام المثل فصار يضرب لمن يتحدث ويدخل في تفصيلات ويتشعب في حديثه ويشد المستمعين إليه مما يدعو إلى استغرابهم لما يمتلكه من قدرة على الحديث، واتساع في المعلومات، فيشار إليه بأن ما يمتلكه هذا المتحدث ما هو إلا غيض من فيض، تشبيهاً بماء البحر في حالة المد، فإن ما يخرج منه من ماء قياساً مع مائه الحقيقي ما هو إلا قليل جداً.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  16. افتراضي رد: قصة صارت مثلا

    واصل أخي الفاضل عبد الحميد.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (15) عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق

    (15)
    عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق

    قيل: إن أحد الأعراب كان هو وصديقه يقطعون الصحراء في طريقهم إلى مكة، وكان معهم قربة من الماء تكفيهم لبضعة أيام فقط، وبعد أن قطعوا مسافة غير قصيرة، استولى عليهم العطش وأرادوا أن يشربوا فطلب الأعرابي من صديقه قربة الماء ليروي عطشه، وعندما ناوله إياها صديقه وجدها فارغة تماما فسال صديقه عن الماء، فقال له: لقد وجدت عشبة في الصحراء، وكانت شديدة الجفاف فاسقيتها علني اكسب ثواب سقيها، فلطم الأعرابي على وجهه، وقال: عدوٌ عاقل خير من صديق أحمق فراحت مثلا.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (16) أعصامياً أنت أم عظامياً

    [16]
    أعصامياً أنت أم عظامياً

    هكذا تقول العرب أي أمعتمد أنت على نفسك أم تفخر بأعمال آبائك الذين أصبحوا عظاماً؟؟ وعصام هو ابن شهبر، وكان حاجباً عند الملك النعمان بن المنذر, ووصل إلى هذه المنصب اعتمادا على ذكائه، ومواهبه الكثيرة, متخلياً عما ورثه عن آبائه.
    وقيل: دخل رجل على الحجاج يريد حاجة, فقال له الحجاج: أعصامياً أنت أم عظامياً؟ فرد الرجل: أنا عصامي وعظامي, فاستحسن الحجاج إجابته معتقداً أنه يفتخر بنسبه لفضله، وبآبائه لشرفهم, فلبى طلبه وقربه له, وبعد وقت عرف عنه الجهل والغباء، فقال له الحجاج: أصدقني، وإلا دققت عنقك، كيف أجبتني بما أجبت لما سألت، عما سألت, فقال الرجل والله لم أعلم أيهما خيراً العصامي، أم العظامي, وخشيت أن أخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرتني الأولى نفعتني الثانية، فقال الحجاج المقادير تصيّر العي خطيباً.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb (17) سمن كلبك يأكلك

    [17]
    سمن كلبك يأكلك

    زعموا أنه كان لرجل من طسم كلب فكان يسقيه اللبن، ويطعمه اللحم، ويسمنه، ويرجو إن يصيد به، أو يحرس غنمه، فاتاه ذات يوم وهو جائع، فوثب عليه الكلب فأكله؛ فقيل: سمن كلبك يأكلك، فذهب مثلاً.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb رد: قصة صارت مثلا

    [18]
    النصيحة بجمل
    يحكى أن أحدهم ضاقت به سبل العيش، فسئم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه في بلاد الله الواسعة، فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق، وسار طويلاً حتى وصل بعد جهدٍ كبير ومشقةٍ عظيمة إلى منطقة شرقيّ الأردن، وقادته الخطى إلى بيت أحد الأجاود الذي رحّب به وأكرم وفادته، وبعد انقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته، فأخبره بها، فقال له المضيف: ما رأيك أن تعمل عندي على أن أعطيك ما يرضيك، ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوي إليه، وإلى عملٍ يعمل فيه اتفق معه على ذلك.

    وعمل الرجل عند مضيفه أحياناً يرعى الإبل وأحياناً أخرى يعمل في مضافته، يعدّ القهوة، ويقدمها للضيوف، ودام على ذلك الحال عدة سنوات، كان الشيخ يكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية.

    ومضت عدة سنوات اشتاق فيها الرجل لبيته، وعائلته، وتاقت نفسُه إلى بلاده، وإلى رؤية أهله وأبنائه، فأخبر صاحب البيت عن نيته في العودة إلى بلده، فعزّ عليه فراقه لصدقه وأمانته، وأعطاه الكثير من المواشي وبعض الإبل، وودّعه وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة.
    وسار الرجل ما شاء الله له أن يسير، وبعد أن قطع مسافة طويلة في الصحراء القاحلة، رأى شيخاً جالساً على قارعة الطريق، ليس عنده شيء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق، وعندما وصل إليه حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده في هذا المكان الخالي، وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء، فقال له: أنا أعمل في التجارة، فعجب الرجل وقال له: وما هي تجارتك يا هذا، وأين بضاعتك؟ فقال له الشيخ: أنا أبيع نصائح، فقال الرجل: تبيع نصائح، وبكم النصيحة؟! فقال الشيخ: كلّ نصيحة بجمل، فأطرق الرجل مفكراً في النصيحة، وفي ثمنها الباهظ الذي عمل طويلاً من أجل الحصول عليه، ولكنه في النهاية قرر أن يشتري نصيحة مهما كلفه الأمر، فقال له: هات لي نصيحة، وسأعطيك جملا؟ فقال له الشيخ: إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل.
    ففكر الرجل في هذه النصيحة وقال: ما لي ولسهيل في هذه الصحراء الموحشة، وماذا تنفعني هذه النصيحة في هذا الوقت بالذات، وعندما وجد أنها لا تنفعه قال للشيخ: هات لي نصيحة أخرى وسأعطيك جملا آخر.
    فقال له الشيخ: أبو عيون بُرْق، وأسنان فُرْق،لا تأمن له.
    وتأمل صاحبنا هذه النصيحة أيضاً وأدارها في فكره، ولم يجد بها أي فائدة، فقال والله لأغامرنّ حتى النهاية حتى لو ضاع تعبي كلّه في دقائق معدودة، فقال للشيخ هات النصيحة الثالثة، وسأعطيك جملا آخر.
    فقال له: نام على النَّدَم، ولا تنام على الدم.
    ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من سابقتيها، فترك الرجل ذلك الشيخ، وساق ما معه من مواشٍ، وسار في طريقه، وظل يسير لعدة أيام نسي خلالها النصائح من كثرة التعب، وشدّة الحر، وفي أحد الأيام أدركه المساء فوصل إلى قوم من (العربان)، قد نصبوا خيامهم، ومضاربهم في قاع وادٍ كبير، فتعشّى عند أحدهم، وباتَ عنده، وفي الليل وبينما كان ساهراً يتأمل النجوم، طلع نجم سُهيل، وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التي قالها له الشيخ، ففرّ مذعوراً، وأيقظَ صاحب البيت، وأخبره بقصة النصيحة، وطلب منه أن يخبر قومه حتى يخرجوا من قاع ذلك الوادي، ولكن المضيف سخر منه، ومن قلّة عقله، ولم يكترث له، ولم يأبه لكلامه، فقال والله لقد اشتريت النصيحة بجمل، ولن أنام في قاع هذا الوادي، فقرر أن يبيت على مكان مرتفع، فأخذ جاعِدَهُ، ونام على مكان مرتفع بجانب الوادي.
    وفي أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد، فأخذ البيوت والعربان، ولم يُبقِ سوى بعض المواشي. وساق الرجل ما تبقى من المواشي، وأضافها إلى مواشيه، وأنعق لها فتبعته، وسار في طريقه عدة أيام أخر حتى وصل في أحد الأيام إلى بيت في الصحراء، فرحب به صاحب البيت، وكان رجلاً نحيفاً خفيف الحركة، وأخذ يزيد في الترحيب به، والتذبذب إليه، حتى أوجس منه خيفة، فنظر إليه وإذا به " ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق " فقال: آه هذا الذي أوصاني عنه الشيخ، إن به نفس المواصفات لا ينقص منها شيء.
    وفي الليل تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت قريباً من مواشيه وأغنامه، وأخذ فراشه وجَرَّه في ناحية، ولكنه وضع حجارة تحت اللحاف، وانتحى مكاناً غير بعيد يراقب منه حركات مضيفه، وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام، خاصة بعد أن لم يرَ حراكاً له، أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله، ولما لم يسمع منه أية حركة، تأكد له أنه نائم بالفعل، فعاد وأخذ سيفه، وتقدم منه ببطء، ثم هوى عليه بسيفه بضربه شديدة، ولكن الضيف كان يقف وراءه، فقال له: لقد اشتريت والله النصيحة بجمل ثم ضربه بسيفه فقتله، وساق ماشيته، وغاب في أعماق الصحراء.
    وبعد مسيرة عدة أيام وصل في ساعات الليل إلى منطقة أهله، فوجد مضارب قومه على حالها، فترك ماشيته خارج الحيّ، وسار ناحية بيته، ورفع الرواق، ودخل البيت، فوجد زوجته نائمة، وبجانبها شاب طويل الشعر، فاغتاظ لذلك، ووضع يده على حسامه، وأراد أن يهوى به على رؤوس الاثنين، وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التي تقول: نام على الندم ولا تنام على الدم، فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم على حالهم، وخرج من البيت، وعاد إلى أغنامه، ونام عندها حتى الصباح، وبعد شروق الشمس ساق أغنامه، واقترب من البيت فعرفه الناس، ورحبوا به، واستقبله أهل بيته، وقالوا: والله من زمان يا رجل، لقد تركتنا منذ فترة طويلة، انظر كيف كبر خلالها ابنك حتى أصبح رجلاً، ونظر الرجل إلى ابنه، وإذا به ذلك الشاب الذي كان ينام بالأمس بجانب زوجته، فحمد الله على سلامتهم، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم، وقال بينه وبين نفسه: والله إن كل نصيحة، أحسن من جمل، وهكذا فإن النصيحة لا تقدّر بثمن، إذا فهمناها وعملنا بها في الوقت المناسب.
    صفحتي على الفيس بوك
    كتب خانة


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •