الحديث الثامن والتسعون :
وقال العلامة الألباني في الضعيفة :
30 - " الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة " .
لا أصل له .
قال في " المقاصد " : قال شيخنا يعني ـ ابن حجر العسقلاني ـ : لا أعرفه .
وقال ابن حجر الهيثمي الفقيه في " الفتاوى الحديثية " ( 134 ) : لم يرد هذا اللفظ .
قلت : ولذلك أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة "رقم (1220) بترقيمي.
ويغني عن هذا الحديث :
قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " .
أخرجه مسلم والبخاري بنحوه وغيرهما ، عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة ، وهو مخرج في " الصحيحة " فانظر " صحيح الجامع " ( 7164 ـ 7173 ) .
الحديث التاسع والتسعون :
قال رحمه الله في الضعيفة :
84 - " كلكم أفضل منه " .
ضعيف .
لم أجده في شيء من كتب السنة ، وإنما أخرجه ابن قتيبة في " عيون الأخبار " ( 1/ 26 ) بسند ضعيف فقال : حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمر عن أبي إسحاق عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر ، فلما قدموا قالوا : يا رسول الله ! ليس أحد بعد رسول الله أفضل من فلان ، يصوم النهار ، فإذا نزلنا قام يصلي حتى يرتحل ! قال : " من كان يمهن له أو يعمل له ؟ " ، قالوا : نحن ، قال : " كلكم أفضل منه ؟ ".
وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات ، لكنه مرسل ، فإن مسلم بن يسار هذا وهو البصري الأموي تابعي ، ثم أنهم ذكروا في ترجمته أن أكثر روايته عن أبي الأشعث الصنعاني وأبي قلابة ، وهذا الحديث من رواية أبي قلابة عنه ، وقد كانت وفاتهما بعد المائة ببضع سنين ولكن أبا قلابة مدلس ، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : إمام شهير من علماء التابعين ، ثقة في نفسه ، إلا أنه مدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم ، وكان له صحف يحدث منها ويدلس ، ولهذا أورده الحافظ برهان الدين العجمي الحلبي في رسالته " التبيين لأسماء المدلسين " ( ص 21 ) ، وكذا الحافظ ابن حجر في " طبقات المدلسين " ( ص 5 ) وقال : وصفه بذلك الذهبي والعلائي ، فلو أن الحديث سلم من الإرسال لما سلم من عنعنة أبي قلابة ، فالحديث ضعيف على كل حال .
ثم رأيت الحديث في " مصنف عبد الرزاق " ( 20442 ) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال : ... فذكره نحوه ، ولم يذكر فيه مسلم بن يسار ، وهذا مرسل أيضا .
ويغني عنه :
حديث أنس قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ، ومنا المفطر ، قال : فنزلنا منزلا في يوم حار ، أكثرنا ظلا صاحب الكساء ، ومنا من يتقي الشمس بيده ، قال : فسقط الصوام ، فقام المفطرون ، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذهب المفطرون اليوم بالأجر ".
رواه البخاري ( 6 / 64 ) ومسلم ( 3 / 144 ) ، واللفظ له والنسائي في " الكبرى " ( ق 20 / 1 ) .اهــ
الحديث المتمم المائة :
قال رحمه الله أيضا في الضعيفة :
158 - " اغتسلوا يوم الجمعة ولو كأسا بدينار " .
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 104 ) من رواية الأزدي بسنده إلى ابن حبان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا ، وقال ابن الجوزي : ابن حبان هو إبراهيم بن البحتري ساقط لا يحتج به .
قلت : هو إبراهيم بن البراء وقد سبق له حديث موضوع ( رقم 114 ) .
هذا وقد تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 26 ) فقال : قلت : له طريق آخر أخرجه ابن عدي : حدثنا إبراهيم بن مرزوق : حدثنا حفص بن عمر أبو إسماعيل الديلمي .... عن أنس مرفوعا به .
قلت : وهذا تعقب فاشل فإن حفص بن عمر هذا كذاب كما قال أبو حاتم فيما نقله الذهبي في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ولهذا قال ابن عراق ( 248 /2 ) فلا يصلح شاهدا ، ومن الغرائب أن السيوطي أورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عدي هذه ، ومن رواية ابن أبي شيبة عن أبي هريرة موقوفا ، قال المناوي : وهو شاهد للأول يعني المرفوع ، وبه رد المصنف على ابن الجوزي جعله الحديث موضوعا .
قلت : وهذا رد واه فإن الحديث إذا ثبت وضعه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يفيده أن يرد موقوفا على بعض الصحابة إلا أن يكون من الأحاديث التي لا تقال بالاجتهاد والرأي فحينئذ يكون لها حكم المرفوع وليس منها هذا الحديث كما لا يخفى ، هذا وقد سقط من النسخة المطبوعة من " اللآليء " إسناد حديث ابن أبي شيبة عن أبي هريرة فلم نتمكن من النظر في صحته ولو أنه موقوف ، ثم وقفت على إسناده فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 11 / 20 / 2 ) : أنبأنا وكيع عن ثور عن زياد النميري عن أبي هريرة قال : لأغتسلن يوم الجمعة ولوكأسا بدينار .
وهذا سند ضعيف ، زياد هو ابن عبد الله وهو ضعيف كما في " التقريب " ، ثم ساق السيوطي موقوفا آخر على كعب ، وسنده ضعيف أيضا ، وبالجملة فالحديث موضوع مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ضعيف موقوفا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
ويغني عنه :
الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة كقوله صلى الله عليه وسلم : " غسل الجمعة واجب على كل محتلم ".
رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في " الإرواء " ( رقم 143 ) ، وقد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة فقلَّ من يغتسل منهم لهذا اليوم ، ومن اغتسل فيه فإنما هو للنظافة ، لا لأنه من حق الجمعة ، فالله المستعان. اهــ