قال ابن القيم:
وكذلك التواب من أوصافه
والتواب في أوصافه نوعان إذن بتوبة عبده وقبولهـــــــــ ـــــا
بعد المتاب بمنة المنـــــــــــ ـــــــان
قال ابن القيم:
وكذلك التواب من أوصافه
والتواب في أوصافه نوعان إذن بتوبة عبده وقبولهـــــــــ ـــــا
بعد المتاب بمنة المنـــــــــــ ـــــــان
- التوابقال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة: 104].
وقوله: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [النصر: 3].
فالتواب هو من التوبة، وهي تفيد معنى الرجوع، يقال: تاب إذا رجع، والتواب فعال من تاب يتوب أي يقبل توبة عباده، وفعال من أبنية المبالغة مثل ضراب للكثير الضرب. وجاء تواب على أبنية المبالغة لقبوله توبة عباده وتكرير الفعل منهم دفعة، وواحداً بعد واحد طول الزمان، وقبوله عز وجل ممن يشاء أن يقبل منه، فلذلك جاء على أبنية المبالغة، فالعبد يتوب إلى الله عز وجل، ويقلع عن ذنوبه، والله يتوب عليه أي يقبل توبته. فالعبد تائب والله تواب. اشتقاق أسماء الله: (صـ 63)، لأبي القاسم الزجاجي.
فالتواب في حق الله تعالى هو الذي يتوب على عبده، أي يعود عليه بألطافه، ويوفقه إلى التوبة، وييسرها له، ثم يقبلها منه.
فهو التواب الذي ييسر أسباب التوبة لعباده مرة بعد مرة بما يظهر لهم من آياته، ويسوق إليهم من تنبيهاته، ويطلعهم عليه من تخويفاته، وتحذيراته، حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب استشعروا الخوف بتخويفه، فرجعوا إلى التوبة فرجع إليهم فضل الله تعالى بالقبول. فهو –سبحانه- التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب عليهم بعد توبتهم، قبولاً لها، وعفواً عن خطاياهم. قال تعالى: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ [التوبة: 118].
قال ابن القيم:
وكذلك التواب من أوصافه
والتواب في أوصافه نوعان إذن بتوبة عبده وقبولها
بعد المتاب بمنة المنان
وعلى هذا تكون توبته على عبده نوعان:
الأول: يوقع في قلب عبده التوبة إليه، والإنابة إليه، فيقوم بالتوبة وشروطها من الإقلاع والندم والعزم على ألا يعود إلى الذنب، واستبدال الذنب بالعمل الصالح.
الثاني: توبته على عبده بقبوله، وإجابتها ومحو الذنوب بها، فإن التوبة النصوح تجب ما قبلها.
وإذا كانت التوبة معناها الرجوع والعودة، فإن الله تعالى كثير العودة بأصناف الإحسان على عباده، فهو يوفقهم بعد الخذلان، ويعطيهم بعد الحرمان، ويخفف عنهم أنواع الآلاء، ومن توبته يقابل الدعاء بالعطاء، والاعتذار بالغفران، والإنابة بالإجابة، والتوبة بمحو الحوبة. المنهج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى: (2/ 762)، لزين محمد شحاته.
الله (التواب) سبحانه وتعالى
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو التواب: وصف نفسه بصيغة المبالغة، لكثرة من يتوب عليه، وتكرير الفعل منهم دفعة بعد دفعة، وواحدا بعد واحد، على طول الزمان.
* الثمرات:
إن هذا الاسم الكريم يورث المؤمن محبة الله تعالى، والحياء منه، والإجلال له، والمسارعة إلى التوبة النصوح في حاله، وأنه كلما أحدث ذنبا، أحدث له توبة، وذلك أن منزلة التوبة أول المنازل، وأوسطها، وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال به حتى الممات، فالتوبة هي بداية العبد، ونهايته، قال عز شأنه:{ وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}.
المصدر: أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم.
تذكرة:
قال ابن قدامة في: (مختصر منهاج القاصدين): (ص: 311):
(وإذا عرفت معنى سوء الخاتمة، فاحذر أسبابها، وأعد ما يصلح لها، وإياك والتسويف بالاستعداد، فإن العمر قصير، كل نفس من أنفاسك بمنزلة خاتمتك، لأنه يمكن أن تخطف فيه روحك، والإنسان يموت على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه.
واعلم: أنه لا يتيسر لك الاستعداد بما يصلح، إلا أن تقنع بما يقيمك، وترفض طلب الفضول، وسنورد عليك من أخبار الخائفين ما نرجو أن يزيل بعض القساوة من قلبك، فإنك متحقق أن الأنبياء والأولياء كانوا أعقل منك، فتفكر في اشتداد خوفهم، لعلك تستعد لنفسك).
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (السبوح):
قال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: (5/ 310): (والقرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة، والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته، أعظم قدرًا من آيات المعاد، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك).
قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 133): (قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه قال الله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله}.
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته.
قال: ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجوا رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها).
في : صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة
الدرر السنية :
السُّبُّوُحُ
يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه السُبُّوح، وهذا ثابت بالسنة الصحيحة، والسُبُّوح من أسماء الله تعالى، أثبته ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (22/485) ، والشيخ العثيمين -رحمه الله- في ((القواعد المثلى)) .
? الدليل:
حديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول في ركوعه وسجوده: ((سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح)) . رواه: مسلم (487) ، وأبو داود، والنسائي.
المعنى:
قال الفيروزأبادي في ((القاموس المحيط)) : ((سُبُّوح قُدُّوس-ويفتحان- من صفاته تعالى؛ لأنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّس)) .
وقال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص8) : ((ومن صفاته: (سُبُّوح) ، وهو حرف مبني على (فُعُّول) ، من (سبَّح الله) : إذا نَزَّهه وبرَّأه من كل عيب، ومنه قيل: سبحان الله؛ أي: تَنْزيهاً لله، وتبرئة له من ذلك)) اهـ.
وقال الخطابي في ((شأن الدعاء)) (ص 154) : ((السُبُّوح: المنَزَّه عن كل
وقال النووي في شرحه لـ ((صحيح مسلم)) في الحديث المتقدم: ((قوله: سُبُّوح قُدُّوس)) : هما بضم السين والقاف وبفتحهما، والضم أفصح وأكثر. قال الجوهري في (فصل: ذرح) : كان سيبويه يقولهما بالفتح. وقال الجوهري في (فصل: سبح) : سُبُّوح من صفات الله تعالى. قال ثعلب: كل اسم على فعول؛ فهو مفتوح الأول؛ إلا السُبُّوح والقُدُّوس؛ فإن الضم فيهما أكثر، وكذلك الذروح، وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير، وهي من ذوات السموم. وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما: سُبُّوح هو الله عَزَّ وجَلَّ؛ فالمراد بالسُبُّوح القُدُّوس المسَبَّح المقدَّس؛ فكأنه قال: مُسَبَّحٌ مُقَدَّسٌ رب الملائكة والروح، ومعنى سُبُّوح: المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، وقُدُّوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، وقال الهروي: قيل: القُدُّوس المبارك. قال القاضي عياض: وقيل فيه: سُبُّوحاً قُدُّوساً على تقدير: أسبح سُبُّوحاً أو أذكر أو أعظم أو أعبد ...
الله (السبوح) سبحانه وتعالى
من آثار الإيمان بهذا الاسم:
1- الله تبارك وتعالى منزه عن كل عيب ونقص وسوء، فله الكمال المطلق سبحانه وتعالى.
2- الله جل شأنه يسبحه من في السموات ومن في الأرض، بمختلف اللغات، وأنواع الأصوات، قال سبحانه:{تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا يفقهون تسبيحهم}...
3- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر هذا الاسم في ركوعه وسجوده، داعيا ربه عز وجل به...
[النهج الاسمى للشيخ محمد النجدي]
"وينبغي أن يعلم هنا أن تسبيح الله وتقديسه إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب، مع إثبات المحامد، وصفات الكمال له سبحانه على الوجه اللائق به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء، إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده).
وبه يعلم أن ما يفعله المعطلة من أهل البدع من تعطيل للصفات، وعدم إثبات لها، وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبحون الله وينزهونه، فهو في الحقيقة ليس من التسبيح والتقديس في شئ، بل هو إنكار وجحود، وضلال بهتان.
قال ابن رجب رحمه الله في معنى قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك}:
( أي: سبحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كل تسبيح بمحمود، كما أن تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات).".
[ فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبدالرزاق البدر]
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله:(البارئ):
الله (البـارئ) سبحانه وتعالى
قال تعالى: {هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى}.
المعنى اللغوي: البرء له معنيان:
الأول: الخلق، يقال: برأ الله الخلق يبرؤهم برءاً.
والثاني: التباعد عن الشيء، وخلوصه منه، وبرئ: إذا تنزه، وتباعد، ومن ذلك البرء، وهو السلامة من السقم، ومن ذلك البراءة من العيب، والمكروه، أو التهمة، وخلص منها، وتنزه عن وصفه بالنقص، قال تعالى حكاية عن إبراهيم:{وإنني برئ مما تشركون}.
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو البارئ:
(1) الموجد المبدع، من العدم إلى الوجود، على مقتضى الخلق والتقدير:{ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}.
(2) هو الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي ميز كل جنس عن الآخر، وصور كل مخلوق بما يناسب الغاية من خلقه.
(3) وهو سبحانه خلق الخلق بريئا من التفاوت، والتنافر، ومن الزلل والخلل، أبرياء من ذلك كله.
(4) أنه تعالى خلق الإنسان من التراب، وأن أصله من البري، وهو التراب.
(5) وهو قالب الأعيان أي: أنه أبدع الماء والتراب، والنار والهواء لا من شيء ثم خلق منها الأجسام المختلفة.
(6) وهو البارئ الذي يبرئ المظلوم مما ظُلم به، كما برأ موسى عليه السلام:{فبرأه الله مما قالوا}.
(7) وهو المنزه من كل النقائص والعيوب في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وعن المثيل، والشبيه، والشريك، والصاحبة، والولد، والند، وعن كل ما يفتريه المعاندون والكافرون في حقه عن ذلك علواً كبيراً.
(8) وهو الذي يبرئ المريض مما فيه من الأسقام والبلايا، كما في الرقية: (بسم الله يبريك من كل داء يشفيك).
* الثمرات:
ينبغي للمؤمن أن يبرأ إلى الله تبارك وتعالى من كل شهوة تخالف أمره، ومن كل شبهة تخالف خبره، ومن كل بدعة تخالف سنة نبيه ومن كل من لا يوالي الله ورسوله وحزبه، قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام:{ قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}.
المصدر: أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم.
اسـم الله البـارئورود الاسم في القرآن وفي السنة:
ورد اسم الله تعالى البارئ في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم منها في سورة الحشر ورد مُطلقًا، معرفًا، مُرادًا به العلانية، دالاً علي كمال الوصفية.وهذه هي الشروط التي وضعها العلماء حتي يُدخل هذا الاسم في أسماء الله تعالى:يقال برأَ إذا تخلص، كما في قوله تعالي {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [التوبة:1]
1- أن يكون مطلقًا ليس مقيدًا كقوله تعالى:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [الحشر:24] فذكر الاسم مطلقًا، إنما ورد مقيدًا في قول الله تعالى{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة:54].
2- وأن يكون مُعرَّفا (البارئ) هكذا جاء معرفًا ليس نكرة.
3- مُراداً به العلانية ..أي أنه علم علي ذاته سبحانه.
4- دالاً علي كمال الوصفية ..بمعني أنَّ تكون الصفة صفة كمال لا تعتريها أي شائبة. {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:24]
معنى اسـم الله البـارئ:المعنى لغة:
قالوا هذا إعذار وإنذار, بمعني أعذر وأنذر
وتقول مثلاً برأَ الرجل من هذا المرض ..برأ أي أنه تعالج منه, برأ وصار صحيحًا بعد أن كان عليلاً فتخلص من هذا المرض
· ويقال برأ أي تنزه وتباعد ،وفي حق الله سبحانه وتعالي معناه المنزه عن كل عيب، منزه عن كل نقص. وفي حق الإنسان هو أن تتباعد وتتنزه عن السفاسف، كما قال النبي "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها" السفاسف أي دنايا الأمر، فيتنزه عن الخطايا والمعاصي التي تودي به إلي الهلكات، وتباعده عن ربه.
برِأَ: تخلص وتنزه وتباعد وأعذر وأنذر.
أعذر الله سبحانه وتعالى عباده كما يقول النبي "فما أحدٌ أحب إليه المدح من الله وما أحدٌ أكثرَ معاذير من الله"[صححه الألباني في صحيح الترمذي وغيره ] يعني يخطئ العبد ولوشاء الله –عز وجل- أن يعجل عليه العقوبة لكن يعذره، ويأمرنا من باب آخر أن نتلمس الأعذار للناس، (أعذر ثم أنذر) فبدأ بصفة الجمال (الإعذار) ثم صفة الجلال (الإنذار).· ويقال بَرأت العود أو يقال بَرِئْتَ العود وبروته إذا قطعته وأصلحته، ففيها معنى الإصلاح، كأن في ذلك إشارة إلى حال الاعوجاج الذي تكون عليه النفس البشرية، فإذا سعى الإنسان في إصلاحها فله في اسم الله تعالى البارئ حظ ونصيب.
قالوا :البرية: معناها الخلق، وهنا {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة}[البينة:7]
أي خير البرية: من حقق معنى الإيمان والعمل الصالحوفي الناحية الأخرى{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ }[البينة:6]هذا في المعنى اللغوي للاسم. معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالىالبارئ :الذي أوجد الخلق بقدرته.قال الزجاج: يقال برأ الله الخلق: إذا فطرهم وخلقهم وأوجدهم..فكل مبروء مخلوق.
وقال الشوكاني: البارئ أي الخالق، وقيل: أي المبدع، المحدث الشيء على غير نظير.
الفرق بين اسم الله البارئ واسم الله الخالق:عند الخطابي
قال الخطابي: "البارئ هو الخالق إلا أن لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان ما ليس لها بغيره من الخلق وقلما يُستعمل في خلق السماوات والأرض والجبال". المقصود أن اسم الله الخالق هذا اسم عام يشمل جميع الخلق، وكلمة الخلق هنا تشمل كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، واسم الله الخلّاق نفس الأمر، أما برأ فتختص بعالم الحيوان.عند ابن كثير
قال: "الخلق هو التقدير، والبرء هو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود" أي أن الله سبحانه وتعالى في مراحل إيجاده للشيء:.المرحلة الأولى: يقدر الله الشيء في قدره سبحانه وتعالى وفي علمه السابق. المرحلة الثانية: مرحلة تنفيذ هذا التقدير وإبرازه وتقريره إلى الوجود وهي مرحلة البرء، وليس كل من قدر شيئًا ورتَّبه يقْدِر على تنفيذه وإيجاده.عند الحليمي
يقول اسم الله البارئ يحتمل معنيين أحدهما: الموجد لما كان في معلومه، وهو الذي يشير إليه الله جل وعلا في قوله {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا } [الحديد /22]لم يقل من قبل أن نخلقها أو من قبل أن نصورها.."من قبل أن نبرأها"ولا شك أن إثبات الإبداع للباري جل وعز لا يكون على أنه أبدع بغتة من غير سبق علم بل هو على سبق في علم الله. يعني عندما يحدث زلزال أو بركان أو أي حادثة كونية بغتة مفاجئة للبشر، هذا الشيء الذي برأه الله فأصبح موجودا منفذا أمامنا، كان قبل حدوثه معلوما عند الله..كان مفاجئا لنا فقط له سبق علم عند الله. وهذا يعطينا إشارة إلى ضرورة أن تكون حياة المؤمن مبنية على علم، فلا يمشي في الأرض سدىً ولا عبثًا، و لا يكون أهوجا طائشا يتصرف من غير دراسة ولا تخطيط..بل يجب أن يكون له حظ من اسم ربه البارئ.المعنى الثاني: يُشير أنَّ المُراد بالبارئ قالب الأعيان، أي أنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شيء، ثم خلق منها الأجسام المختلفة كما قال جل وعلا : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الانبياء: 30] وقال: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ }[ص:71] وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ }[النحل: 4] وقال:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } [الروم: 20] وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن :14-15]وقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون:12-14]أولاً:
وبذلك نخلص في معنى البارئ الى أربعة معاني:
1 – البارئ هو: الموجد، المبدع، من برأ الله الخلق أي خلقه. وبهذا يكون مرادف ومشابه لاسم الله (الخالق).
2 – البارئ: الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي: ميَّز بعضهم عن بعض، وهذا مثل ما قلنا برأ الشيء بمعنى قطعه وفصله. ميَّز الخلق هذا أبيض وهذا أسود، هذا عربيّ وهذا أعجمي،
3 –البارئ يدل على أنه تعالى خلق الإنسان من التراب، قال {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] لأنه في لغة العرب يقولون: البرىّ هو التراب.
4 – البارئ هو: الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت، { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}[الملك:3] أي خلقهم خلقًا مستويًا، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، فهم أبرياء من ذلك كله.وهنا قد تعرض شبهه: كيف مع كون الله هو الخالق البارئ وله الكمال المطلق في ذلك ويكون في خلقه نقصان؟ كمن خلق أعمى لا يبصر أو أصم لا يسمع أو به شلل أو أي عيب خلقي؟نقول ابتداء أنه { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23] يعني السؤال من البداية خطأ، لكن هذا جواب لأهل الإيمان الذين يعرفون أن الله سبحانه حكيم عليم، أنَّ الله سبحانه وتعالى يُحال في حقه الظلم "إني حرمت الظلم على نفسى" فهم يعرفون تماما كما في حديثِ النبي أن "من فقد حبيبتيه فإن الله عز وجل يبدله بهما الجنة يصبر على ذلك " [ مسند أحمد بن حنبل] ، ويكون هذا مفتاح دخوله الجنة، لا تحتاج أكثر من أنك فقط تصبر على هذه البلية- المؤمن يفهم ذلك-
.أما الملحدون والمتكلمة أهل الشبهات فنقول لهم: أن الأرزاق قُسِّمَت ما بين الناس جميعًا بالسوية، لكن الرزق تفاوت في كيفيته بالنسبة لكل شخص، فشخص كان الرزق بالنسبة له مال، وآخر كان الرزق له صحة، وثالث كان الرزق له تيسير أمور من نحو تيسير زواج وأولاد ونحو ذلك، وشخص آخر رزق ملكات وذكاء فيستغل ملكاته وذكاؤه ويصبح به مرموقا فكل يأخذ رزقه من ناحية.فقانون العدل الإلهي يقتضى ذلك، وهذا دليله الحس قبل أن يكون دليله الايمان، فالواقع يشهد أن الذي يفقد شيء يُعوَّضه الله بأشياء، فمثلاً الإنسان الضرير من أكثر الناس في ملكة الحفظ وييسر له ما لا ييسر للإنسان العادي الصحيح. ونفس الحال بالنسبة للغنى والفقير، فالفقير له راحة البال، والله يدخل الفقراء قبل الأغنياء الجنة، وكم من غني أغبط فقيرا على رضاه وراحة باله وصلاح حياته .. فكل إنسان أخذ جزء من الكعكة ولم يأخذها كلها، ولكن كل منا ينظر إلى القطعة التي لم يأخذها.
حظ المؤمن من اسم الله البارئ:
المؤمن – كما قلنا- لا بد أن تكون له دراسة جدوى في حياته بشكل عام، يخطط لحياته ولا يعيشها عبثا. فأول ما يستيقظ من نومه يأخذ بكلام العلماء في القيام بـ:..(المشارطة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة) التي هي مراتب المحاسبة.المشارطة:
يخطط ليومه من بدايته، يسجل ما يريد إنجازه في يومه ويحاسب نفسه بعد ذلك.المحاسبة:
بعد انتهاء اليوم وقبل أن ينام، يبدأ ينظر في تنفيذ ما اشترطه على نفسه..ويحاسبها فإن وجدها قصرت تأتي مرحلة..3. المعاتبة: يعاتب نفسه على تقصيرها ويذكرها بالموت والآخرة وأن العمر رأس ماله.المعاقبة:
ثم يعاقب نفسه بأن يحرمها من نزهة مع الأصدقاء، أو يحرما من شراء شيء تحبه..يعاقبها فيما تحب.وهكذا في كل يوم..فيصل مع الوقت إلى إحكام نفسه وتأييدها.ثانيـا:
قلنا برأ الشيء بمعنى تخلص..ومنها يسعى المؤمن في تنزيه نفسه من العيوب والنقائص والآفات..وهي التزكية وسوف نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.ثالـثا:
الإعذار: فقلنا أن المؤمن لكي يُعذر عند الله عز و جل عليه تلَمُّس الأعذار لغيره.رابعـا:
قلنا البري بمعنى التراب، فتشير لمعنى الذل والانكسار فأي مخلوق من تراب هذا الذي يتكبر وعلامَ؟خامسـا:
تحقيق مبدأ الولاء والبراء: يبرأ فيها معنى البراءة.. أنه يبرأ من أشياء ويُوالي أشياء، والولاء والبراء يتحقق في عدة معاني منها: أولا أن يبرأ إلى الله عز وجل من كل دين يخالف دين الإسلام. ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه. ويبرأ من كل شبهة تخالف النص الذى ورد عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله. يبرأ من كل ولاء لغيرِ دين الله وشرعه ومن كل بدعة تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم يبرأ من كل معصية تؤثر على محبته لربه وقربه منه..سادسـا:
إذا كان الله عزو جل برأ الخلق وأوجدهم على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فحقها الإتقان فيما تستطيع إتقانه. أخبرنا النبي كما روى ذلك الطبراني الأوسط وصححه الألباني في الصحيح: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" [صححه الألباني] فالدقة في الصنعة هذا من شيم المؤمنين وبها يتلبس العبد باسم الله البارئ.
فتبارَكَ الله أحسنُ الخالقين
نفع الله بكم
السؤال
ما الفرق في المعنى بين : الخالق , البارئ ,المصور؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفرق بين أسماء الله عز وجل (الخالق) و(الباري) و(المصور) هو ما ذكره ابن كثير -رحمه الله في تفسيره (4/344 - 345) عند تفسير قوله تعالى: ) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّر [الحشر: من الآية24] حيث قال هناك: ( هو الله الخالق البارئ المصور ) الخلق: التقدير، والبرء: هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود، وليس كل من قدر شيئاً ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل، قال الشاعر يمدح آخر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـــــــــ ــ ـــض القوم يخلق ثم لا يفري
قدر الجلاد ثم فرى، أي قطع على ما قدره بحسب ما يريده، وقوله تعالى: ( الخالق البارئ المصور ) أي الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون على الصفة التي يريد، والصورة التي يختار كقوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (الانفطار:8) ولهذا قال: المصور، أي الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها. انتهى.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...twaId&Id=30635
شاركونا في إخراج مشاهد ومعاني الإيمان من اسم الله: (المُقيت):
قال ابن القيم: (فالسير على طريق الأسماء والصفات، شأنه عجب وفتحه عجب، صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلق على فراشه). طريق الهجرتين: (صـ 215).
قال تعالى:{وكان الله على كل شئ مقيتا}الله (المُقِيتُ) سبحانه وتعالى
فهو سبحانه الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات.
وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء، بحكمته وحمده.
قال الراغب الأصفهاني: القوت ما يمسك الرمق وجمعه: أقوات قال تعالى:{وقدر فيها أقواتها} وقاته يقوته قوتا: أطعمه قوتَهُ.
وأقاته يُقيتُهُ جعل له ما يقُوتُهُ وفي الحديث:(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت).
قال تعالى:{وكان الله على كل شيء مقيتا} قيل: مقتدراً، وقيل:شاهداً. وحقيقته قائما عليه يحفظه ويقيته..
...وقال ابن عباس رضي الله عنهما: مقتدرا أو مجازيا، وقال مجاهد: شاهدا، وقال قتادة: حافظا وقيل: معناه على كل حيوان مقيتا: أي يوصل القوت إليه.
وقال ابن كثير: {وكان الله على كل شئ مقيتا} أي حفيظا، وقال مجاهد: شهيدا، وفي رواية عنه: حسيبا، وقيل: قديرا، وقيل: المقيت الرزاق، وقيل مقيت لكل إنسان بقدر عمله.
[شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن على بن وهف القحطاني ص170-172]
المعنى الشرعي: الله تبارك وتعالى هو المقيت: المقتدر، الذي خلق الأقوات، وتكفل بإيصالها إلى كل الخلائق، بكمال الحفظ والاقتدار، فيعطي كل مخلوق قوته، ورزقه، على مر الأوقات، على ما حدَّدَهُ سبحانه وتعالى من زمان، أو مكان، أو كم، أو كيف، بكمال المشيئة والحكمة بلا نقصان، ولا نسيان، فهو تعالى يمدها في كل وقت وحين، على اختلاف الأنواع، والألوان، وييسر أسباب نفعها للإنسان والحيوان، على تتابع الأوقات والزمان، فمنه من يعطيه لأمد قليل، ومنه لأمد طويل بلا حسبان، بما جعله قواما لها، إلا أن يريد إبطال شيءٍ منها، فيحبس عنه ما جعله الله تعالى له مادة لبقائه، فيهلك في أي وقت شاء سبحانه.
وكما أنه سبحانه وتعالى المقيت للأبدان، فإنه أيضا مقيت القلوب بالمعرفة والإيمان، وكل هذه الأرزاق والأقوات قدرها عز وجل عند خلقه الأرض التي وضعها للأنام، قال الله العظيم:{وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين}، أي: قدر فيها ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن، التي تزرع وتغرس.
جلال المقيت: أن الله تعالى جعل لكل مخلوق قوتا، فالأبدان قوتها المأكول، والمشروب، والأرواح قوتها العلوم، والملائكة فوتها التسبيح.
الثمرات: إن هذا الاسم الكريم يورث المؤمن محبة الله تعالى، والطمأنينة والثقة بقوة الله سبحانه، لا سيما إذا اشتد به الكرب، وقلت لديه سبل الكسب، وينبغي للعبد أن يكون قوته حلالا طيبا، وأن يكون وسطا، لا يكون مسرفا، ولا بخيلا، قواما بين ذلك، وأن يتضرع إلى المقيت أن يقيته الهدى والإيمان، والعمل الصالح والإحسان، الذي هو أشرف من قوت الأبدان.
[ المصدر:أسماء الله الحسنى جلالها ..ولطائف اقترانها..ثمراته ا في ضوء الكتاب والسنة لماهر مقدم]
بوركتم