العناية بذوي الاحتياجات الخاصة فريضة شرعية، وضرورة حياتية
الأستاذ: عامر كدروالعناية بذوي الاحتياجات الخاصة واجب شرعي، وعطف إنساني، وتعاون في إطار الحق، وعمل إيجابي يسوق الناس نحو رضوان الله جلّ وعلا.
ذلك أن هؤلاء الذين ابتلاهم الله تعالى، وربما ابتلي معهم في هذا البلاء من حولهم، مثل الآباء أو بالمعنى البعيد (المجتمع)، لابد من الجميع أن يقابلوا هذا بالصبر العظيم، والتسليم لله تعالى، والرضا بقضائه سبحانه وتعالى.
كما جاء في الحديث الصحيح "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".
" ومن رضي فله الرضى، ومن سخط فليس له إلا السخط "، فالحذر كل الحذر من السخط، لأن هذا الخلق هدام، كما أن خلق الصبر والرضى هو المقدمة الصحيحة لهذا العمل في إطار خدمة هؤلاء، ورعايتهم، والاعتناء بهم.
من هنا كان لزاما علينا جميعا أن ننهض من أجل خدمة هذا الصنف من الناس.
ومما لا شك فيه أن القيام على شأن هؤلاء والارتقاء بهم، والعناية بأحوالهم، من أعظم القربات إلى الله جل وعلا، وباب من أبواب دخول الجنة بعونه تعالى.
والنبي ? يقول: " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته".
والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى] {المائدة:2} ، وإن من أعظم التعاون على البر والتقوى العناية بهؤلاء المعاقين.
بل المطلوب من كل أحد، وخصوصا من المسؤولين أو رجال الأعمال، أن يدعموا المشاريع التي تهتم بهؤلاء الناس، من باب الرحمة والتعاون، وادخار الثواب عند الله تبارك وتعالى، بل والله أنصح كل القادرين بالمسابقة في البذل في هذا الميدان، قال تعالى:[ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ] {البقرة:148}.
وقال تعالى: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ] {آل عمران:133}.
وليعلم الجميع بأن العناية بهؤلاء الضعفاء، سبب من أسباب تنزل رحمة الله تعالى علينا، قال تعالى:[وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ] {الكهف:28}.
فالحذر أن تكون نظرتنا مادية سطحية، فنحتقر هؤلاء، ونقول لماذا تصرف الأموال، وتبذل الجهود لأجل هذا الصنف من الناس، الذين لا يقدمون ولا يؤخرون، بل هم عالة على المجتمع؟؟؟!!
فهذا الكلام وأمثاله من أخطر ما يُقال ويذكر، جاء في الحديث الصحيح: " ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ "، وفي الحديث الآخر: " رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لو أَقْسَمَ على اللَّهِ لأَبَرَّهُ ".
وفي الحديث الصحيح أيضا: "ابْغُونِي الضَّعِيفَ فَإِنَّكُمْ إنما تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ ".
فالله.. الله.. في العناية والاهتمام بهؤلاء الضعفاء، الذين بأمثالهم ننصر ونرزق، فإذا كانوا كذلك، فهم مصدر قوتنا الحقيقية لا مصدر ضعف كما يظن من وهن إيمانه.
يا من عافاه الله تعالى _ والحمد لله على العافية_ تذكر إخوانك هؤلاء، وتذكر بأن مساعدتهم تدفع البلاء.
أخيرا أقول:
إن هؤلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة، مسؤوليتنا جميعا، فلا بد من إعداد المراكز لهؤلاء ودعمها، بل الأصل أن تكون عندنا (معاهد) متخصصة للاهتمام بهؤلاء الضعفاء الذين ابتلاهم الله تعالى، ونجهز هذه المعاهد بأحسن وأحدث الوسائل التي وصلت إليها تقنيات العصر الحاضر، وعلى مستوى العالم.
الخلاصة:
خير ما تبذل له الأوقات مثل هذا العمل، ومن أحسن أبواب الخير التي لأجلها تنفق الأموال، مثل هذا الباب، ومن أكبر أدلة وجود الرحمة فيما بيننا، العناية بهؤلاء، وخير الختام في هذا المقام ما جاء في الحديث الصحيح: " ارْحَمُوا من في الأرض يَرْحَمْكُمْ من في السَّمَاءِ"