هل آدم عليه السلام أبو حواء؟
صرح البعض بأنه ليس أباها:
كالحافظ ابن رجب الحنبلي في تفسير سورة الإخلاص.
والقاضي أبي بكر الباقلاني المتوفى 403هـ في تمهيد الأوائل.
والدكتور أحمد القصير في مشكل الأحاديث.
وهو قول جميع من قال إن حواء لم تخلق من ضلع آدم:
كالشيخ الألباني. وإن كان الشيخ الألباني في سلسلة الهدى والنور كان يرى أنها خلقت من ضلع آدم.
والشيخ شعيب الأرناؤوط. يرى أن حواء لم تخلق من ضلع آدم عليه السلام.
والشيخ يحيى الحجوري. يرى أنها لم تخلق من ضلع آدم عليه السلام.
وهو قول بعض من قال بالقول الثاني في آية: (خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها) قالوا: أي من جنسها ولم يقولوا من ضلع آدم وبعض من فسرها بهذا يحتمل أن لا يقول بأنها ولدت من ضلعه فلا يأخذ بالآثار
وقال العطار المتوفى 1250هـ في حاشيته على شرح الجلال في كلامه عن النسخ: (فَإِنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحَلَّتْ لَهُ وَالْيَوْمَ حُرِّمَ نِكَاحُ الْجُزْءِ كَنِكَاحِ الْبِنْتِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ) فجعلها جزؤه لا ابنته.
وقال العكبري المتوفى 616هـ في شرح ديوان المتنبي: إنها لم تولد أصلا بل خلقت كخلقة آدم من ضلعه.
وقالت الشبكة الإسلامية: لا يلزم أن يكون أباها أو أخاها.
وهو ما قد يفهم من بعض من قال: آدم خلق من غير أب ولا أم وعيسى خلق من غير أب وحواء خلقت من غير أنثى أو من ذكر فغاير بينهم ولم يقل من غير أم بل قال من غير أنثى خلافا لآدم وعيسى عليهما الصلاة والسلام
بينما صرح البعض بأنه أبوها:
كشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى.
وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (المتوفى: 581هـ): (حيث جعل حواء أما وأختا لنا).
وقول عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر المتوفى عام 1244هـ من أئمة الدعوة. حيث قال في منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب (1/ 337): (وخلق حواء من أب لا أم، حيث خلقها من ضلع آدم).
وهو قول صاحب حدائق الأنوار المتوفى عام930هـ
والشيخ العثيمين في أكثر من موضع.
وموقع الإسلام سؤال وجواب ونقله عن محمد بن إبراهيم التويجري
وهو ما يفهم من تصريح جماهير العلماء أن حواء خلقت من غير أم لكنه يستفاد من المفهوم لا المنطوق.
ونسبه السنيد للعلماء في الكنز الثمين حيث سأل الشيخ العثيمين: قول العلماء: «حواء بنت آدم» هل هذا صحيح؟ الجواب: نعم، ما فيه شيء فهي خلقت منه وإن كانت زوجته، كما كان أولاده يتزوج أحدهم من أخته.
والراجح أنه لا يقال إنه أبوها وإلا فكيف يتزوجها؟!
وإن قيل باختلاف شريعة آدم عليه السلام لأنه قيل بجواز زواج الأخت في شريعتهم لا زواج الأب لابنته.
وهي ليست مولودة بل مخلوقة من ضلعه فليس أباها مثل الإبل خلقت من الشياطين
وليست الإبل أولاد الشياطين
وكما أن آدم خلق من التراب لكنه ليس ابن التراب وليس التراب أباه كما قال ابن رجب الحنبلي.
قلت: وفيما يلي نقول عما سبق:
مجموع رسائل ابن رجب (2/ 543)
والحيوان نوعان: متوالد وهو ما ولده من جنسه، وهو الإنسان وما يخلق من أبوين من البهائم والطير وغيرهما. ومتولد: وهو ما يخلق من غير جنسه كدود الفاكهة والخل، وكالقمل المتولد من الوسخ، والفأر والبراغيث وغير ذلك مما يخلق من التراب والماء، وإنما يتولد من أصلين أيضاً كما خلق آدم من تراب وماء. وإلا فالتراب المحض الذي لم يختلط به ماء لا يخلق منه شيء لا حيوان ولا نبات، والنات جميعه إِنَّمَا يتولد من أصلين أيضًا. والمسيح -عليه السلام- خلق من مريم ونفخة جبريل، وهي حملت به كما تحمل النساء وولدته، فلهذا يقال له: ابن مريم، بخلاف حواء، فإنها خُلقت من ضلع آدم فلا يقال إنه أبوها، ولا هي ولده. وكذلك سائر المتولدات من غيرهما. كما أن آدم لا يقال إنه ولد التراب ولا الطين، والمتولد من جنسه أكمل من المتولد من غير جنسه، ولهذا كان خلق آدم أعجب من خلق أولاده.
تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للقاضي الباقلاني (ص: 123)
فَيجب على قياسكم أَن يكون آدم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَهًا لِأَنَّهُ وجد لَا من ذكر وَلَا أُنْثَى فَهُوَ أبعد عَن صفة الْمُحدث لِأَنَّهُ لم يحل بطن مَرْيَم وَلَا غَيرهَا وَلَا كَانَ من مَعْدن ولد وَلَا مَوضِع حمل وَكَذَلِكَ يجب أَن تكون حَوَّاء رَبًّا لِأَنَّهَا خلقت من ضلع آدم من غير ذكر وَلَا أُنْثَى فَهُوَ أبعد
الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم المؤلف: د. أحمد بن عبد العزيز بن مُقْرِن القُصَيِّر (ص: 608)
إذا علمت هذا فإن التعبير بـ (جعل) في آية الأعراف يؤكد القول بأن الآيات معني بها الجنس من بني آدم؛ لأن هذا هو حال كل فرد منهم؛ فإنهم يتناسلون ويتوالدون من بعضهم البعض، وأما حواء فإنها خُلِقَتْ ابتداء من آدم من غير أمٍّ ولا أبٍ.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (13/ 1139)
وقال الشيخ القاري في "شرح المشكاة" (3/ 460):
"أي خلقن خلقاً فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من الأضلاع، وهو عظم معوج، واستعير للمعوج صورة، أو معنى ونظيره في قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} ".
قلت: وهذا هو الراجح عندي أنه استعارة وتشبيه لا حقيقة، وذلك لأمرين:
الأول: أنه لم يثبت حديث في خلق حواء من ضلع آدم كما تقدم.
والآخر: أنه جاء الحديث بصيغة التشبيه في رواية عن أبي هريرة بلفظ: "إن
المرأة كالضلع ... ".
تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني - الإصدار 3 (134/ 7)
السائل: شيخنا، القول بأن المرأة مخلوقة من ضلع الرجل فهي مقسومة له بالأزل، يعني خلقت من ضلعه، من ضلع زوجها، كما يقول بعض العوام.
الشيخ: هذا ليس له أصل، أها المرأة الأولى كذلك، حواء خلقت من ضلع آدم، أي نعم.
فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (17/ 9)
يقول الشيخ \ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه وتعليقه على كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي تحت هذا الحديث، معلقا على هذا الحديث بقوله: (الكلام هنا على التمثيل والتشبيه كما هو مصرح به في الرواية الثانية: «المرأة كالضلع»؛ لا أن المرأة خلقت من ضلع آدم كما توهمه بعضهم، وليس في السنة الصحيحة شيء من ذلك).
فضيلة الشيخ: هذا ما قاله الشيخ الأرناؤوط بالحرف الواحد، مع أن المصطفى-صلى الله عليه وسلم- يقول بالحرف الواحد وبكل وضوح: «إن المرأة خلقت من ضلع»
حشد الأدلة لبيان حقوق المرأة في الملة ليحيى بن علي الحجوري (ص: 9)
وقيل: إنها خلقت من ضلع آدم وقيل إن هذا لا دليل عليه إلا قول الله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وهذا معناه وخلق من جنسها زوجها وليست من ضلعه، وإن المعنى: إن هذا تمثيل كما جاء في رواية في «الصحيحين»: ((المرأة كالضلع)) فزاد مسلم: ((لن تستقيم لك على طريقة)) وهذا الأخير وهو أن ذلك تشبيه أقرب والله أعلم.
فتاوى الشبكة الإسلامية (6/ 3426، بترقيم الشاملة آليا)
ثم إن استنتاج السائل من كون حواء خلقت من ضلع آدم فساد زواجه منها، وما ينبني على ذلك من كون وجود كل البشرية من نكاح فاسد، هو استنتاج غير صحيح ولا يستقيم، فلا يلزم من كونها خلقت من ضلعه أن يكون أباً لها أو أخاً -كما تقدم- ثم على السائل أن يعلم أن شريعة آدم التي كان ينتهجها تبيح من أنواع النكاح ما لا تبيحه شريعتنا.
فتاوى الشبكة الإسلامية (6/ 3435، بترقيم الشاملة آليا)
ثم ألا يمكننا أن نقول أن مثل هذا النوع من الزواج كان مشروعاً ثم نسخ.
قلت وائل: هم لا يؤكدون بل قالوا في الفتوى السابقة: فلا يلزم من كونها خلقت من ضلعه أن يكون أباً لها أو أخاً
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/ 121)
قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي كُلِّيَّاتِهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ فِرْقَتَانِ مِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ نَقْلًا تَمَسُّكًا بِأَنَّهُمْ وُجِدُوا فِي التَّوْرَاةِ تَمَسَّكُوا بِالسَّبْتِ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَبِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ لَا تُنْسَخُ شَرِيعَتِي وَمِنْهُمْ مِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَقْلًا مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ دَلِيلُ حُسْنِهِ وَالنَّهْيَ عَنْهُ دَلِيلُ قُبْحِهِ فَالْقَوْلُ بِجَوَازِ النَّسْخِ يُؤَدِّي إلَى الْبَذَاءِ وَالْجَهْلِ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ أَنَّ أَحَدًا لَا يُنْكِرُ اسْتِحْلَالَ الْأَخَوَاتِ فِي شَرِيعَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ حُرِّمَ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَجَوَازَ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَنْ هُوَ بَعْضٌ مِنْ الْمَرْءِ فَإِنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحَلَّتْ لَهُ وَالْيَوْمَ حُرِّمَ نِكَاحُ الْجُزْءِ كَنِكَاحِ الْبِنْتِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ
شرح ديوان المتنبي للعكبري (3/ 186)
وَخص الْأُم لِأَن الْأُم أخص بالمولود من الْأَب أَلا ترى أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ولد من غير أَب وَلم يُولد أحد من غير أم فَإِن قيل إِن حَوَّاء من غير أم قُلْنَا حَوَّاء لم تولد وَإِنَّمَا خلقت كخلقة آدم من ضلعه وَأكْثر الْحَيَوَانَات تعرف بِالْأُمِّ لَا بِالْأَبِ
فتاوى دار الإفتاء المصرية (8/ 95، بترقيم الشاملة آليا)
يقول الفخر الرازى فى تفسيره لأول النساء: وفى كون حواء مخلوقة من آدم قولان: الأول -وهو الذى عليه الأكثرون -أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النوم، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى. واحتجوا بحديث مسلم " إن المرأة خلقت من ضلع أعوج " والثانى- وهو اختيار أبى مسلم الأصفهانى- أن المراد من قوله " وخلق منها زوجها" أى فى جنسها
بينما يرى البعض أنه ابوها ومنهم من يلي:
مجموع الفتاوى (10/ 27)
وَهَذَا مَعَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى مَا قَدْ فَعَلَهُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ أَبَوَيْنِ كَمَا خَلَقَ آدَمَ وَمَنْ خَلَقَهُ مِنْ أَبٍ فَقَطْ كَمَا خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ الْقَصِيرِ وَمَنْ خَلَقَهُ مِنْ أُمٍّ فَقَطْ كَمَا خَلَقَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
الفرائض وشرح آيات الوصية المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (المتوفى: 581هـ) (ص: 55)
وَالرَّابِع أَن الْأُم تمت بسببين وَالْأَب بِسَبَب وَاحِد وَهُوَ الْأُبُوَّة
وَشرح هَذَا أَن آدم يمت علينا بالأبوة وحواء تمت علينا بالأمومة والأخوة لِأَنَّهَا خلقت من ضلع آدم فَخرجت مِنْهُ فَصَارَت أم الْبشر وأختا لَهُم
منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب (1/ 337)
وخلق حواء من أب لا أم، حيث خلقها من ضلع آدم
حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار (ص: 368)
قال العلماء: والقسمة تقتضي أربعة أقسام:
قسم خلقه الله/ من غير أمّ ولا أب، وهو آدم عليه السّلام.
وقسم بعكسه، وهو سائر ذرّيّته.
وقسم من أب بلا أمّ، وهي حوّاء.
وبقي القسم الرّابع، فأبرزه الله في عيسى عليه السّلام.
شرح رياض الصالحين (3/ 518)
وخلق الله حواء من أب بلا أم.
الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين (ص: 176)
السؤال (768): قول العلماء: «حواء بنت آدم» هل هذا صحيح؟
الجواب: نعم، ما فيه شيء فهي خلقت منه وإن كانت زوجته، كما كان أولاده يتزوج أحدهم من أخته.
لقاء الباب المفتوح (154/ 5، بترقيم الشاملة آليا)
الثاني: من خلق من أب بلا أم وهي حواء.
تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد (ص: 161)
خلقه الله بيده من غير أم ولا أب، وحواء خلقت من أب بلا أم، وعيسى ابن مريم خلق من أم بلا أب، ولهذا ينقسم الناس إلى أربعة أقسام: الأول: من خلق بلا أم ولا أب وهو: آدم، والثاني: من خلق من أب بلا أم وهي: حواء، والثالث: من خلق من أم بلا أب وهو: عيسى، والرابع: بقية البشر خلقوا من ذكر وأنثى
موقع الإسلام سؤال وجواب (1/ 243، بترقيم الشاملة آليا)
والله سبحانه له الكمال المطلق في الخلق .. يخلق ما يشاء كيف يشاء .. فقد خلق آدم من تراب بلا أب ولا أم .. وخلق حواء من ضلع آدم من أب بلا أم .. وجعل نسل بني آدم من أب وأم .. وخلق عيسى من أم بلا أب .. فسبحان الخلاق العليم.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب أصول الدين الإسلامي: تأليف فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.