محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والسنة ! !
حمد عبدالرحمن يوسف الكوس
الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (115-1206) إمام كبير، ومصلح نحرير، أصلح الله على يده الجزيرة العربية بعد ما عانت. من ويلات الخرافة، والشرك والضلالات، والاعتقادات الباطلة في الأحجار والأشجار والموتى الذين أصبحت عظامهم رميما وأصبحوا في عالم الآخرة، فاتخذهم الجهال وسيلة شركية يدعونها ويرجونها من دون الله، وصدق الله إذ يقول: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون} (الأحقاف: 5).
فجاء - رحمه - الله لدين التوحيد مجددا وداعيا العباد لترك عبادة العباد، ولعبادة رب العباد، وكلامه -رحمه الله- كان منسوجا بلفظ القرآن والسنة، وأقوال السلف من الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم؛ فلذا خار خصومه وتساقطوا أمامه فلم يفلحوا في الرد عليه فافتروا عليه الأكاذيب والافتراءات، ولم تفلح الكثرة الكاثرة أمام الحق الذي جاء به فتساقطوا، بل الحق منصور ولاتزال طوائف عندها من الحق مثل نور الشمس، وصدق رسول الله [ حين قال: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس » رواه البخاري .
وقيض الله له ذرية صالحة مباركة تسلمت الفتوى والتدريس والتعليم، وقيل إنه كان يدعو كثيرا بصلاح الذرية وكان كثيرا ما يردد الدعاء {وأصلح لي في ذريتي}، فأقر الله عينه بذرية صالحة وأحفاد صالحين إلى يومنا هذا، تسلموا الإفتاء والإمامة في العلم ومنهم العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله - والعلامة عبدالعزيز آل الشيخ المفتي الحالي، حفظه الله ومن سب هذا الإمام أحد اثنين إما متلبس بالجهالة وإما متلبس بخرافات الضلالة والبدعة .
ولو أخذنا لمحة سريعة عن بداية دعوته فإنه قد لقي اضطهادا كبيرا في البداية ونصرا مؤزرا في النهاية، وحاولوا قتله، وطرد من العيينة ومشى وحيداً أعزل من أي سلاح ليس بيده إلا مروحة من خوص النخيل، ولكن كان على ثقة من ربه بأن الله ناصر دينه الذي هو دين التوحيد.. وسار من العيينة إلى الدرعية راجلاً ليس معه أحد في غاية الحر في فصل الصيف لا يلتفت عن طريقه ويلهج بقوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} و يلهج بالتسبيح .. فلما وصل الدرعية قصد بيت ابن سويلم العريني ، فلما دخل عليه؛ ضاقت عليه داره وخاف على نفسه من محمد بن سعود، فوعظه الشيخ وأسكن جأشه وقال: سيجعل الله لنا ولك فرجاً و مخرجاً. انظر: (عنوان المجد) لابن بشر (1/11 ) .
وسمع العلماء وأهل الخير بدعوة الإمام فهابوا أن يكلموا ابن سعود، فأتوا زوجته موضي وكلموها، وكانت المرأة ذات عقل ودين ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به و ينهى عنه ، فوقر في قلبها معرفة التوحيد ومحبة الشيخ، ولما دخل محمد بن سعود على زوجته أخبرته بمكان الشيخ، وقالت له هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به، فقبل قولها ثم دخل عليه أخوه ثنيان وأخوه مشاري وعرضا عليه مساعدته ونصرته.. وأراد أن يرسل إليه، فقالوا: سر إليه برجلك في مكانه وأظهر تعظيمه والاحتفال به، لعل الناس أن يكرموه ويعظموه، فذهب محمد بن سعود إلى مكان الشيخ ورحب به وأبدى غاية الإكرام والتبجيل وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده.. قال: أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعزة والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعزة والتمكين وهذه كلمة: «لا إله إلا الله» من تمسك بها وعمل بها ونصرها؛ ملك بها البلاد والعباد ، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم بعض ؛ فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك . (عنوان المجد: 1/11 12).
و هكذا تم اللقاء التاريخي وحصلت البيعة المباركة على ذلك .. و أخذ الشيخ رحمه الله بالدعوة والجهاد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله .. وأيد الإمام في دعوته ابن سعود رحمه الله، فصارت المملكة العربية السعودية دولة عز وفخر ونشر للتوحيد والسنة في زمن ندر فيه أن يرفع شعار الدين مصدرا للشريعة، وتلقفت فيه كثيرا من الدول كثير من القوانين الإفرنجية التي لا تصلح ولا تنفع بل زادت بها الجرائم، والله الخالق العليم أعلم بما يصلح البلاد والعباد وقد شرع حدودا تناسب جميع البشرية.
ختاما، نقول لأعداء التوحيد؛ شكرا لكم فقد أتاح الله لنا ذكر سيرة هذا الإمام المجدد وصدق القائل:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت
أتاح لها لسان حسود.
وأقول: وحقود أيضا.
وقد استفدت بعضا مما سبق من رسائل علمية من موقع (صيد الفوائد)، فهو من أعظم المواقع التي بها كثير من الرسائل العلمية المفيدة.