المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان
بِذُلِّي بإِفلاسِي بفقرِي بفاقَتِي *** إِليكَ رسولَ اللهِ أصْبحتُ أهرُبُ
هذا كلام خطير فيه شرك في الألوهية؛ وإنما الملاذ والمهرب يكون إلى الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 63، 64].
نعم بارك الله فيك
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ فى فتح المجيد
الاسْتِعَاذةُ: الالْتِجَاءُ والاعْتِصَامُ، ولِهَذا يُسَمَّى المُسْتَعَاذُ بِهِ: مَعاذًا ومَلْجَأً، فَالعَائِذُ بِاللهِ قدْ هَرَبَ مِمَّا يُؤْذِيهِ أوْ يُهْلِكُهُ، إلَى رَبِّه ومَالِكِهِ؛ واعْتَصَمَ بِهِ واسْتَجَارَ والْتَجَأَ إليْه؛ وهَذا تَمْثِيلٌ، وإلاَّ فيما يَقُومُ بِالقَلْبِ مِنَ الالْتِجَاءِ إلَى اللهِ؛ والاعتِصامِ بِهِ، والاطِّرَاحِ بَيْنَ يَدَي الرَّبِّ، والافتِقَارِ إليْهِ؛ والتَّذَلُّلِ لهُ، أَمْرٌ لا تُحِيطُ بِهِ العِبارةُ، قالَه ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ.
وقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: (الاسْتِعَاذةُ هِيَ الالتِجَاءُ إلَى اللهِ والالْتِصاقُ بِجَنابِهِ مِن شَرِّ كُلِّ ذِي شرٍّ. والعِياذُ يَكونُ لِدَفْعِ الشَّرِّ، واللِّياذُ لِطَلَبِ الخَيْرِ) انْتَهَى من فتح المجيد.
قال الشيخ صالح ال الشيخ فى كفاية المستزيد
(الاستعاذة بغير الله) هذا الغير يشمل كل ما يتوجه الناس إليه بالشرك، ويدخل في ذلك بالأوَّلية ما كان المشركون الجاهليون يتوجهون إليه بذلك؛ من الجن، ومن الملائكة، ومن الصالحين، ومن الأشجار، والأحجار، ومن الأنبياء والرسل، إلى غير ذلك.[كفاية المستزيد]
قال الشيخ عبدالله الغنيمان فى شرح فتح المجيد
الاستعاذة من العبادة، وتكون مما يحذر ويخاف أمره، واللياذ يكون مما يرغب ويرجى، والمستعاذ هو الذي يعتصم به ويلتجأ إليه مما يخاف وقوعه، والله جل وعلا يقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] فأمر جل وعلا أن نستعيذ به، وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200] فأمر أن تكون الاستعاذة به وحده، جل وعلا، وكون الاستعاذة من المخوف، واللياذ من الشيء الذي يؤمل ويرجى هذا هو ما دل عليه كلام العرب في الجملة كما قال الشاعر: يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره
وهذا الشاعر يقول ذلك في رجل من الناس، وهذا لا يجوز أن يكون إلا لرب العالمين جل وعلا، فالعياذ الذي هو الاعتصام والالتجاء يجب أن يكون لله وحده، وكذلك كون الإنسان يرغب ويرجو ويطلب يجب أن يكون رجاؤه ورغبته وطلبه من الله وحده جل وعلا.
يجب أن يكون رجاء المسلم ورغبته وطلبه من الله وحده جل وعلا، .......... والطلب الذي هو اللياذ واللوذ يجب أن يكونا بالله وحده، ولكن كون الإنسان يجهل بعض الأحكام التي يجب أن يكون عالماً بها، هل يكون ذلك عذراً له؟
في مثل هذه الأمور لا يكون عذراً له، لماذا؟ لأن التقصير منه، وإلا فالله جل وعلا قد بين، ورسوله صلى الله عليه وسلم أنذر وأعذر، ولم يترك شيئاً إلا وضحه، فيجب على المرء أن يبحث عن أمر دينه، وأن يسأل إذا كان لا يعلم، وقد قال الله جل وعلا: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ، فهذا فيه وجوب المسألة لمن لا يعلم.
والمقصود: أن الاستعاذة يجب أن تكون بالله جل وعلا وحده، فمن استعاذ بغير الله فقد وقع في المحذور، وقع في الشرك كما قال الله جل وعلا: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا، وهذا فعل المشركين الذين أخبر الله جل وعلا عنهم بأنهم يعوذون بالمخلوق، وقد أخبر الرب جل وعلا أن المشرك لا يزداد بشركه إلا ضراً وخسراناً وبعداً عن الخير، لهذا أخبر أنهم زادوهم رهقاً-
شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان
مدح المتنبي بعض الملوك بقوله :
يا من ألوذ به فيمــــا أؤمله * ومن أعوذ به ممــا أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره * ولا يهيضون عظما أنت جابره
قال ابن كثير رحمه الله :
" وقد بلغني عن شيخنا العلامة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله أنه كان ينكر على المتنبي هذه المبالغة في مخلوق ويقول : إنما يصلح هذا لجناب الله سبحانه وتعالى .
وأخبرني العلامة شمس الدين بن القيم رحمه الله أنه سمع شيخ الإسلام يقول : ربما قلت هذين البيتين في السجود ، أدعو الله بما تضمناه من الذل والخضوع " انتهى من "البداية والنهاية" (11 /292)