روى ابن سعد بسند صحيح إلى مورق العجلي خبر وصية بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أن توضع على قبره جريدتان ، وعلقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم .
ويشكل على من صحح هذا الأثر أن سماع مورق العجلي من بريدة فيه نظر ، فضلا عن حضوره وصيته عند وفاته بمرو .
وذلك أنهم ذكروا في ترجمة بريدة رضي الله عنه أنه سكن البصرة لما فتحت ثم غادرها آخر خلافة عثمان إلى خراسان أي قبل سنين من مقتل عثمان رضي الله عنه سنة 35هـ ، ثم انتقل إلى مرو ، و مات بها سنة 63.
وذكروا أن مورقا العجلي بصري - وقيل كوفي - قدم خراسان أيام قتيبة الذي وليها سنة 87، و كان معه فى فتح سمرقند سنة 94. ومات بعد المائة ، ولم أقف على تحديد عمره.
ففي الفترة التي كان فيها بريدة رضي الله عنه في البصرة هل كان يمكن لمورق أن يتحمل عنه ؟
فإذا نظرنا إلى ما جاء في المعرفة والتاريخ للفسوي حيث قال : حدثنا أحمد بن الخليل ثنا شريح بن النعمان حدثنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن مورق العجلي قال: قال لي أبو قتادة: الزم هذا الشيخ وخذ عنه والله ما رأيت رجلاً أشبه رأياً بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن البصري - .
أفادنا هذا أن الحسن البصري كان أكبر من مورق سنا، والحسن البصري ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكانت خلافة عثمان اثني عشر عاما ، فيكون سن الحسن البصري عند مقتل عثمان رضي الله عنه 14 عاما ، ومن في مثل هذه السن لا يقال فيه " الزم هذا الشيخ" ! فكم سيكون سن مورق عند مقتل عثمان إذا كان سن الحسن البصري عندها 14 عاما ، بل كم سيكون عندما كان بريدة في البصرة إلى أن غادرها في آخر خلافة عثمان قبل مقتله رضي الله عنه ؟
فهنا يحتاج البحث إلى النظر في إمكانية تحمل مورق وهو صغير من بريدة إن أمكن اللقاء ، فما تقولون في هذا ؟
وقد قال الذهبي عن مورق في السير أنه : " يروي عن عمر، وابي ذر، وابي الدرداء وطائفة ممن لم يلحق السماع منهم، فذلك مرسل" فهل يكون بريدة من هذه الطائفة التي لم يسمع منها مورق وأرسل عنها ؟
وأما في خراسان ، فإن بريدة توفي بمرو سنة 63 ، ومورق قدم خراسان أيام قتيبة ، وقتيبة ولي خراسان سنة 87 ، وفتح سمرقند في 94 . فعلى هذا يكون ظاهرا أن مورقا لم يسمع وصية بريدة منه عند وفاته ، لأنه ما جاء خراسان إلا بعد وفاة بريدة بسنين كثيرة ، فتكون الرواية منقطعة .
فما تقولون بارك الله فيكم ؟ لا سيما أني لم أقف على من تكلم في سماع مورق من بريدة ، بل تعليق البخاري للخبر بالجزم مشعر بصحته عنده خصوصا إن كان مورق قد تفرد به وهو ما يبدو كذلك .