قال الإمام الألباني رحمه الله :
" فإنني في بعض الأحيان قد يبدر مني أثناء حديثي عبارات في أشخاص أو كلمات في أعيان أو هيئات ماقلتها إلا غيرة على الدين واهتماما بأحكامه لا تحريضا على أحد ولا إثارة لأحقادوليس هذا غريبا من أمثالنا نحن الخلف والمحاطين بظلمات من الفتن فمثل هذه الكلمات لايجوز أن يبنى عليها إتهام لقائليها ولكن ابتلينا في العصر الحاضر بأناس يتتبعونالعثرات والمتشابهات ويعرضون عن المحكمات الواضحات الموكدات فقد صدَرَ نحوُها
-أو مِثلُها-، أو ما هو أقسى منها- مِن الرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، أو بعض الصحابةِ، مثل قول أحدِهم للرسول-صلى الله عليه وسلم-: ما شاء اللهُ وشئتَ يا رسولَ الله! فقال له -صلى الله عليه وسلم-:«أجَعَلْتَنِي لله نِدًّا؟!»(23 )، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لذلك الخطيب الذي قال:مَن يُطِعِ اللهَ ورسولَهُ فقد رَشَدَ، ومَن يَعْصِهِما فقد غَوَى! فقال له -صلى اللهعليه وسلم-: «بئسَ خطيبُ القومِ أنتَ»(24 )...
... فمثلُ هذه الكلمات لا يجوزُأنْ يُبنى عليها اتهامٌ لقائليها.
ولكنَّا قد ابتُلينا في العصرالحاضرِ بأُناسٍ يتتبَّعون العثراتِ والمتشابهاتِ، ويُعْرِضُون عن المحكمات الواضحات-المؤكِّدات لما قُلنا-؛ بقصد إيقاع الفتنة بين الإخوة المؤمنين، أو بينهم وبين بعضِأولياء الأُمور! ......."
" المرجع / الإمام الألباني دروس ومواقفوعبر للشيخ عبد العزيز السدحان ص ( 86 *
و قال سماحةُ أستاذِنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمهُ اللهُ- في «مجموع فتاواه ومقالاتِه» (27/19):
«فالواجبُ على الداعي إلى اللـهِ:أن يُرغِّبَ الناسَ في العِلم -في حضورِ دعوة علماء أهل السُّنَّةِ-، ويدعوهم إلى القَبولِمنهم.
ويحْذَرَ التَّنْفِيرَ مِنأهل العِلم المعروفين بالعقيدةِ الصحيحة، والدعوة إلى الله -عز وجل-.
وكُلُّ واحدٍ له أخطاءٌ، ماأحدٌ يَسْلَمُ...
فالواجبُ: أنْ يُنَبَّهَ علىأخطائِه بالأُسلوبِ الحَسَنِ، ولكنْ: لا يُنَفَّر منه-وهو مِن أهل السُّنَّة-، بل يُوَجَّهُإلى الخيرِ، ويُعلَّمُ الخير، ويُنصح بالرِّفْقِ في دعوتِه إلى الله -عَزَّ وجَلَّ-،ويُنَبَّهُ على خطئِه، ويُدعى الناسُ إلى أن يَطْلُبُوا منهُ العلمَ، ويتفقَّهوا -مادام مِن أهل السُّنَّة والجماعة-.
فالخطأُ لا يوجبُ التنفيرَمنه، ولكنْ: يُنَبَّهُ على الخطأ الذي وقع منه.
فكلُّ إنسانٍ له أخطاءٌ، ولكنَّالاعتبار بما غلب عليه، وبما عُرِفَ عنهُ من العقيدةِ الطيِّبَةِ...
فالواجبُ -على عُلماءِ السُّنَّةِ-:التعاونُ على البِرِّ والتَّقوى، والتَّناسي عمَّا قد يَقَعُ مِن
زَلَّةٍ وهَفْوَةٍ.
وقال الإمامُ ابنُ حِبَّان في «روضة العُقلاء» (ص125):
«فمَنِ اشْتَغَلَ بعيوبِ النَّاسعن عيوبِ نفسِه عَمِيَ قلبُهُ، وتَعِبَ بدنُهُ، وتعذَّرَ عليه تركُ عيوبِ نفسه؛ فإنَّأعجزَ النَّاس مَن عابَ النَّاسَ بما فيهم، وأعجزَ منه مَن عابَهُم بما فيه»
قد صحَّ(5 )عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قولُهُ:
«إنَّك إن تتبَّعْتَعوراتِ المسلمين أفسدتَهم، أو كِدتَ تفسِدُهم».
مِن كلامِ سماحةِأُستاذنا الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين -تغمَّدَهُ اللهُ برحمتِه-:
قال السائلُ( 6)::
«يُوجدُ -الآن- مع الأسف- عند بعضِ طلبةِ العلمِ: أَنَّهُم يتعمَّدُونَ(7 ) البحْثَ في أشرطةٍ وكُتَيِّباتٍعَن زَلاتِ بعضِ العُلماء الذين نَحْسَبُهُم على الطريق الصحيح؛ هل -يا شيخ- هذا الأمرجائز؟».
فأجابَ -رحِمهُ اللهُ-:
«هذا لا يجوزُ.
تَتَبُّعُ عوراتِالمسلمين -ولا سيَّما العلماء- مُحرَّمةٌ؛ فقد جاء في الحديث: «يا مَعْشَرَ مَن آمَنَبلِسانِه، ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَه، لا تُؤذوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتِهم؛فإنَّ مَنْ تتبَّع عورةَ أخيه المُسلم: تتبَّع اللهُ عورتَه، ومَن تتبَّع اللهُ عورتَهُفَضَحَهُ ولو في جَوْفِ بَيْتِه»(8 ).».
ولسنا في صدد تتبع عورات أهل العلم وزلاتهم والمعصوم منعصمه الله لكن رأينا أن نذكر شيئا مختصرعن مناهجهم وتحقياتهم نقلا لا تحريرا وتوضيحا وما نحن فيما مضى إلا كمثل بقل فيأصول نخل طوال ولكن للإنس بتراجمهم ومعرفة تحقيقاتهم وسبلهاوالنظر فيها"
ونذكر فيهذا الصدد قول ابن خلكان في " وفيات الأعيان " المقدمة ( 1/ 20 ):
" لكنذكرت جماعة من الأفاضل الذين شاهدتهم ونقلت عنهم أو كانوا في زمني ولم أرهم ليطلععلى حالهم من يأتي بعدي "
وقد قال العلامة الصنعاني رحمه اللهفي " التنوير شرح الجامع الصغير " ( 9/ 582 ):
" لئيم الطلبة وخبيث الحصار عند العالم متتبع العثرات وكاشف العوراتودافن الحسنات وما أكثر هذا النوع – لا كثرهم الله – فإنهم الذين افسدوا معالمالعلم وملأوا المواقف على العلماء أحاديث كاذبة وبئس الجزاء أن يجازي التلميذشيوخه بإشاعة هفواتهم وزلاتهم فإنه لا بد لكل جواد من كبوة ولكل صارم من نبوة ....ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها .. كفى المرء نبلا أن تعد معايبه فخير الناس من أشاعالخير عن العلماء وأذاعه ودافع عنهم إن سمع قادحا فيهمر "
وقال ياقوت الحموي رحمه الله في " معجم الأدباء "( 1/ 32 )
"فهذه أخبار قوم عنهم أخذ علم القرآن المجيد والحديث المفيد وبضاعتهم تنال الإمامةوببضاعته م يستقيم أمر السلطان والوزارةوبعلمهم يتم الإسلام وباستنباطهم يعرف الحلال من الحرام "
ويقول الغبريتي في " مقدمة كتابه ( عنوان الدراية ) ( ص 19-20 )
" فيمنعرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية وذلك بحيث يعلم طالب العلم الأئمة الذينبهم يقتدى ولسلوك سننهم السوي يهتدى "
فمن نعمالله على عباده أن بعث اليهم الرسل مبشرين ومنذرين حفظ الله بهم دينه وأنار بهمالسبيل أنهم رجال اختصهم الله بمزية نعمة وفضل كما أخبر عليه الصلاة وافضل التسليم" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " وكما قال " يحمل هذا العلممن كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "وتوجهوا إلى التأليف دفاعا عن السنة بالقلم والبنان نصحا لعامة المسلمين يحفظونتراث هذه الأمة وحضارتها " وجعل اشد الناس اتباعا لهم اهل العلم يذبون عنسنة سيد المرسلين ويبينون الحق للناس أجمعين .
قال ابن حجر في كتابه" توالي التأسيس لمعالي محمد بنأدريس " :
الحمد لله الذي جعلنجوم السماء هداية للحيارى في البر والبحر من الظلماء وجعل نجوم الأرض وهم العلماءهداية من ظلمات الجهل والعماء وفضل بعضهم على بعض في الفهم والذكاء كما فضل بعضالنجوم على بعض في الزينة والضياء "
فإن من أقل القليل وأندى للجميل ان يعرفلأهل الفضل فضلهم واقل ما يقدم لهم نشر محاسنهم ومآثرهم للعباد وبث علومهم فيالبلاد ومن هذا المنطلق أحببت أن اساهم بنبذ مختصرة ممن ذكرهم الألباني رحمه اللهفي " الضعيفة :" من الأعلام المعاصرين "
وليس قصدي الاستيعاب إنما هو تعريف يسير موجزمختصر نسوق عبقا من سيرهم وتراجمهم ومؤلفاتهم ...واحيانا يذكر الألباني رده علىبعض تخريجاتهم واجتهادتهم ومؤلفاتهم ...
وننبه على امر مهموهو انه لست أهلا للرد على من ذكرهم الشيخ وتفنيد أقوالهم وترجيحاتهم ولا يفهم ولايتصور إننا نجيز لأنفسنا أن نستدرك أو نرجح رأي على آخر ولقد اقتصرنا على ذكراسماؤهم دون اختصار مخل ولا تطويل ممل بكتب التراجم المعاصرة ولا يخفى على أحدمن طلاب العلم وأهله ما للشيخ من مزية فضل وعلم ومنة على طلاب العلم وبخاصة أهلالحديث ومن أتى بعده فهم عيال على كتبه رحمه الله تعالى " والمعصوم من عصمهالله "
وفي ذلك قال الحافظ ابن رجب في " شرحالأربعين النووية " ( ص 57 ) :
" ومنأنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله وهو ما يختص به العلماء رد الأهواء المضلةبالكتاب أو بالسنة على موردها وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها وكذلك ردالاقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها ومن ذلك بيانما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يصح ومنه تبين حاله راويه ومن تقبلمنهم ومن لا تقبل رواياته منهم وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل رواياتهم"
ومن خلال مطالعتيللسلسلة الضعيفة أكثر من مرة حيث يقف الناظر الطالب للحق - بعيدا على العصبيةالمقيتة النظر - إلى جهود الألباني ليقفمندهشا ومنبهرا بما تمتع به رحمه الله من همة عالية وعزيمة راسخة على إكمال ما بدابه مشروعه وهو " تقريب السنة بين يدي الأمة " وتنقية الشوائب مما لا يصحمن الرواية والرد على أخطاء وأوهام للمحققين لكتب التراث "
وسوف تزداد دهشة القارئ الى الجهودالمبذولة لخدمة السنة حيث تجده من خلال تعليقه على الأحاديث النبوية وشدة استحضاراوهام المخالف والمعصوم من عصمه الله تعالى "
ومما يزيد العالم رفعة وتمكينا هو التطبيقالعملي والعمل بالعلم لذا قال ابن الجوزيرحمه الله كما في مقدمة كتابه " الشفاء في مواعظ الملوك والخلفاء "
" ( لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة يتفاوتنيتفاوتون فيمقاديرهم في العلم وكان أنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعلمه وإن كان غيره أعلممنه )
ويعلمالله ان الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله من أشد الناس تمسكا بالسنة وحبا لهابالدفاع واعجابا بجهود علماءها في خدمة السنة النبوية وتقدير لجهودهم ولكن كما ذكرغيرة على الدين واهتماما بأحكامه لا تحريضا على أحد ولا إثارة لأحقاد ..."
[ تنويه وتنبيه ]
" من سننالله الكونية في خلقه قل أن تجد عالما من علماء الأمة إلا وقد اختلف فيه على مرالعصور بين مادح وقادح وبين محب ومبغض وبين غال وجاف .وبين منصف وغال والانصافعزيز وبخاصة في هذا الزمان ..."
وأكثر من رأيته يتمادى ويطعن ويسرف في الوقيعة والحظمن منزلة الألباني هو السقاف " لشدة انحرافه عن السنة انحرافا اخرجه عن الحقوالعدل فتراه يتعمد الكذب والسب ...."
قال الألبانيرحمه الله في " مقدمة السلسلة الضعيفة " ( ص 3-4 )
" ولماكان من طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها العجز العلمي المشار إليه في قوله تعالى{ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء }
كان بديهياًجداً أن لا يجمد الباحث عند رأي أو اجتهاد له قديم إذا ما بدا له أن الصواب في غيرهمن جديد ولذلك تجد في كتب العلماء اقوالا متعارضة عن الإمام الواحد في الحديث وتراجمرواته وفي الفقه وبخاصة عن الإمام أحمد وقد تميز في ذلك الإمام الشافعي بما اشتهر عنهأن له مذهبين : قديم وحديث
وعليه فلا يستغربنالقارئ الكريم تراجعي عن بعض الآراء والأحكام أننا نقف ما بين آونة وأخرى على مطبوعاتجديدة ومخطوطات او مصورات بعيدة عن متناول أيدي الباحثين والمحققين فيساعد ذلك بالوقوفوالاستفا دة على التحقيق
وهذا وذاك هوالسر في بروز كثير من التصحيحات والتعديلات على بعض ما يطبع أو ما يعاد طبعه منها.." ا ه
" وكما ان الخطأ والوهم صفة لازمة البشر لا تنفك عنه وكل يؤخذ منه ويرد عليه والمعصوم من عصمه الله فلا يزالعلمائنا يرد بعضهم على بعض لا احتقارا وازدراء لهم لكن بيانا للصواب والاجتهاد وكلمأجور بإذن الله "
وكما ذكر ابن تيمية في " درء تعارض العقلوالنقل " ( ج9/ ص 34 ) :
" وقديكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظرا ويعميه عن أظهر الأشياء وقد يكون الرجل منأبلد الناس وأضعفهم نظرا ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه فلا حول ولا قوة إلابالله فمن اتكل على نظره واستدلاله أو عقله ومعرفته خذل ولهذا كان النبي صلى اللهعليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كثيرا ما يقول :
" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "انتهى
وإذا زَلُّوا، أو أخطأوا- ممَّا رواهُ البيهقيُّفي «شُعَب الإيمان» (8336)، وهَنَّادٌ في «الزُّهْد» (1225)، وأبو نُعَيْم في «حِليةالأولياء» (2/285) عن أبي قِلابة؛ قال:
«إذا بَلَغَكَ عن أخيك شيءٌتكرهُهُ؛ فالتمِس له العُذْرَ جَهْدَك؛ فإنْ لم تجدْ له عُذْراً؛ فقُل في نفسِك: لعلَّلأخِي عُذراً لا أعلمُهُ!»!
وما أجملَ ما كتبه العلَّامةُالشيخ ُ سُليمان بن سَحْمَان -رحمهُ الله- في «الدُّرَر السَّنِيَّة في الأجوبة النجدية»(8/490) -لبعض إخوانِه- تصحيحاً لِـمَا أَخْطَأ به في بعضِ ما كَتَبَهُ-:
«وتذكَّرْ: أنِّي إنْ رأيتُفي كلامِك عثرةً، أو هفوةً؛ فـ«المؤمنُ مرآة أخيه»
وقد قال شيخُ الإسلام ابنُتيميَّة في «مجموع الفتاوى» (10/385):
«ولا يَسُوغُ الذمُّ والعقوبةُبالشُّ بُهاتِ، ولا يَسُوغُ جعلُ الشيءِ حقًّا أو باطلاً -أو صواباً أو خطأً- بالشُّبهاتِ».
وكلما كان القصد لوجه الله سهل الله أمره ويسرهاوشرح صدره وقبله الخلق
وقال العلامة ابن الوزيررحمه الله في " العواصم والقواصم " ( 1/ 224 )
" والقاصد لوجه الله لا يخاف أن ينقد عليهخلل في كلامه ولا يهاب أن يدل على بطلان قوله بل يحب الحق من حيث أتاه ويقبل الهدىممن أهداه بل المخاشنة بالحق والنصيحة أحب إليه من المداهنة على الأقوال القبيحةوصديقك من أصدقك لا من صدقك "
وكما في " تذكرة السامع والمتكلم لابنجماعة " ( ص 71 )
" قال الشافعي رحمهالله :
" حق على طلبة العلمبلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه وإخلاص النيةلله تعالى في إدراك علمه نصا واستنباطا والرغبة الى الله تعالى في العون عليه"
ومما يستدعي احيانا شدة الحدة في أمر ماحدته من خلالمؤلفاته لأنه رأى العجب في أمور في ثنايا إطلاعه على تحقيقات عصرية تخالفالمعقول والمنقول .... و دخول من لا يحسن في غير فنه وكما قيل منتكلم في غير فنه أتى بالعجائب
وقال الحافظ المزي رحمهالله في " تهذيب الكمال " ( 4/ 326 )
" لو سكت من لا يدريلاستراح واراح وقل الخطأ وكثر الصواب "
وكما ذكرالألباني في " الضعيفة " ( ج13 / ص 898 )
وننبه على أمر مهم وهو ان لكل جواد كبوة بلكبوات ولكن الأمر كما قال الله تعالى
{ أن الحسناتيذهبن السيئات }
فالعبرة بمايغلب على الشخص من خير أو شر أو علم أو جهل أو صواب أو خطأ " انتهى
واخيرا أقولوأذكر بقول الألباني رحمه الله كما في مقدمة " الضعيفة " المجلد الأول (ص 6-7 )
. وبهذه المناسبةأقول:
إني أنصح كل من أراد أن يرد عليَّ- أو على غيري- ويبيًن لي ما يكون قد زلَّبهِ قلمي، أو اشتط عن الصواب فكري، أن يكون رائده من الرد النصح والإِرشاد، والتواصيبالحق، وليس البغضاء والحسد، فإنها المستأصلة للدِّين. كما قال - صلى الله عليه وسلم-:
"دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد، والبغضاء هي الحالقة، ليسحالقة الشعر، ولكن حالقة الدين ".
كما هو شأن ذوي الأهواء والبدع مع أهل الحديث وأنصار السنة في كل زمان ومكان،وكما فعل معي بالذات كثير منهم- ولا يزالون مع الأسف- كالأعظمي، والغماري، ومَن نحانحوهم من المتعصبة الجهلة!
[ تنبيه ]
- قلت : مما لفت انتباهي أنه في بعض الأحيان أجد الشيخ الألباني رحمه اللهيشير الى سبب تخريجه الحديث ولقد تجمعت اسباب عديدة في ثنايا الكتاب
ومن دواعي إخراجوتحقيق الألباني رحمه الله لبعض الأحاديث في " السلسلة الضعيفة " عدةأسباب نجملها ونلخصها في الآتي :
( 1 ) " الطبيعةالبشرية "
قوله في " مقدمة السلسلة الضعيفة "( ج1 / ص 3-5 )
" ولما كانمن طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها العجز العلمي المشار إليه في قوله تعالى {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء }
كان بدهيا جداأن لا يجمد الباحث عند رأي أو أجتهاد له قديم إذا ما بدا له أن الصواب في غيره من جديد،ولذلك نجد في كتب العلماء أقوالًا متعارضة عن الِإمام الواحد؛ في الحديث وتراجم رواته،وفي الفقه، وبخاصة عن الِإمام أحمد، وقد تميز في ذلك الِإمام الشافعي بما اشتهر عنهأن له مذهبين: قديم وحديث.
وعليه؟ فلا يستغربنَّالقارئ الكريم تراجعي عن بعض الآراء والأحكام التي يُرى بعضها في هذا المجلد تحت الحديث(65) عند الكلام على حديث: " لا تذبحوا إلا مسنة "، وغير ذلك من الأمثلة؛فإن لنا في ذلك بالسلف أسوة حسنة.
وإن مما يساعد علىذلك فوق ما ذكرت من العجز البشري- أننا نقف ما بين آونة وأخرى على مطبوعات جديدة. كانتأصولها في عالم المخطوطات أو المصورات، بعيدة عن متناول أيدي الباحثين والمحققين، إلاما شاء الله منها لمن شاء، فيساعد ذلك مَن كان مهتماً بالوقوف على هذه
المطبوعات والاستفادةمنها على التحقيق أكثر من ذي قبل.
ولهذا وذاك هو السرفي بروز كثير من التصحيحات والتعديلات على بعض ما يطبع من مؤلفاتي الجديدة، أو ما يعادطبعه منها. كهذا المجلد الذي بين يديك، وينتقدني لذلك بعض الجهلة الأغرار، كذلك السقافهداه الله.
وكذلك الوهموالخطأ الذي يعتري الطبيعة البشرية ولا سيما لم تطبع كتب في بداية التخريج مثلكتاب " الطبراني الكبير " وشعب الإيمان " وغيرها من الكتب التيخرجت أخيرا ...
( 2 ) "الردود العلمية على بعض الرسائل المعاصرة " وتجد ذلك في البحث واسماء المردودعليهم ورسائلهم العلمية . ومناقشتها مناقشة علمية على ضوء الأدلة الشرعية واحتجاجهمبالأحا ديث النبوية ...
( 3 ) عدم اطمئنانه لتحقيق بعض المحققين والمطابع التجاريةالمعاصرين كمثل المعلقون الثلاثة على " الترغيب" للأصبهاني وارتجالهم المعهود وجهلهم وغرروهموغروروهموأنهم يخبطون خبط عشواء في الليلة الظلماء وإنهم يفسرون حسب أهوائهم دون علم والأمثلة علىذلك كثيرة وغيرهم من المحققين المعاصرين ...
( 4 ) تقدير الألباني رحمه الله لجهود المتقدمين ومدى تقدمهم على غيرهم وقوله في " الضعيفة " ( ج14 / ص 313 )
" ولكن نحن المتأخرين لايسعنا إلا أن نقبل تفسير المتقدمين ما لم يكن هناك ما يدل على خطئهم .."
(5 )
ومنالأمثلة على ذلك قوله رحمه الله في " الضعيفة " ( ج14 / ص 1056 )
" ولو جاز لنا ان نحابي الإمام البخاريلقلنا : إنه قد توبع الفضيل على لفظه ولكن معاذ الله ! ان نحابي في حديث رسول اللهصلى الله عليه وسلم أحدا ذلك لأن المتابع مثل المتابع أو أسوأ منه
وقالابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/ 452 / 1358 )
"سألت أبي عن حديث رواه المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة عن مسلم بن أبي جابر قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... ( فذكر الحديث ) ؟ قال أبي :
هذاخطأ والصحيح ما رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث "
(5 ) تتابع بعض المحققينعلى تقليد بعض دون الانتباه لسقط أو تصحيف أ وهم او تحريف ولك من باب حسن الظنوجرى التتابع والعمل به فزاد ضغثا على إبالة فمثلا نجد متابعة الهيثمي للأصبهانيفلا يكاد ينفك عنه قيد أنملة إلا بالنقل ...
( 6 ) من دواعيتخريجه قد يكون يخفى هذا التحقيق على الحفاظ وقوله في " الضعيفة " (ج14/ ص 557 )
" ومن أجلالنكارة المشار إليها في صدر هذا البحث خرجت الحديث هنا، وبيان عللها، مع أنها تمثلواقح كثير من شباب الصحوة المزعومة اليوم، الذين يرد بعضهم على بعض، ويطعن بعضهم فيبعض للضغينة لا النصيحة، ووصل تعديهم وشرهم إلى بعض العلماء وأفاضلهم، ونبزوهم بشتى الألقاب،غير متأدبين بأدب الإسلام: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرفلعالمنا حقه "، ومغرورين بنتف من العلم جمعوه من هنا وهناك حتى توهموا أنهم علىشيء، وليسوا على شيء كما جاء في بعض أحاديث الفتن وصرفوا قلوب كثير من الناس عنهم، بأقوال وفتاوى ينبىء عن جهل بالغ، مما يذكرنابأنهم من الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الصحيح:
" إن اللهلا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لميبق عالماً؛ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا". متفق عليه، وهو مخرج في" الروض النضير" (579).."
( 7 ) الردالعلمي على بعض المقالات التي نشرت الأحاديث بلا تثبت في الجرائد الرسمية وسياقهامساق المسلمات....وكما الحال في بعض الاذاعات الاسلامية تصديرها الأحاديث بلا عزو لا تثبت يذكر
( 8 ) التفريقبين راو اشتبه اسمه مع اسم راو آخر واسم ابيه مع اسم ابيه والرجيح فيما بينهم والترجيحفيما بينهم
( 9 ) تتابعالحفاظ على تقليد بعضهم بعضا لعدم معرفتهم لهذا الراو مع أنه مترجم في كتب التراجمالقديمة التي هي المرجع الأصلي في كثير من الترجمات الواردة في كتب الحفاظ ...
( 10 ) الكشفعلى علل خفية خفيت على كثير من الحفاظ وبخاصة الحافظين الذهبي والعسقلاني وغيرهم
( 11 ) تراجع الألباني فيما ذهب قديما- وهذاما حكم به الشيخ أخيرا على هذا الحديث وكان قد صححه قديما في بعض كتبه - إلىتصحيح حديث جريا على ظاهر إسناده وتبعا لمن قواه من السلف وقد تبين ولاح له علتهفتراجع عنه والمعصوم من عصمه الله
( 12 ) العجلة في التخريج الذي يصيب المرء احيانا نظرالسبب أو آخر فتبعه من بعده دون أن يجتهد أو يتمكن من الرجوع الى سند الحديث والنظرفيه
( 13 ) الحداثةفي العلم وقلة التحقيق عند المبتدئين المعاصرين ...وضمحلة العلم
( 14 ) إعادةتخريجه بشكل موسع لزيادة فائدة والاطلاع على كتب طبعت في الآونة الأخيرة ودفع وهمأو بيان حال راو ...
( 15 ) التنبيهعلى بعض مساوئ المطابع وجشع الطابعين والناشرين الجشعين الذين لا هم لهم إلا تكثير الصفحات وتسويدها ...
حيث قال في" الضعيفة " ( ج14 / ص 569-571 )
لقد ابتليت الأمة الإسلامية اليومببلايا لم تكن معروفة من قبل، وهي استحلال الكسب الحرام بأساليب عديدة، وطرق مختلفة،قائمة على التزوير ومخادعة الجماهير، من أسوأها ادعاء العلم والمتاجرة به من بعض الطلبة.واستغل ذلك بعض الطابعين والناشرين الجشعين، الذين لا هم لهم إلا بتكثير المجلدات وتضخيمهابالحواش ي والتعليقات التي لا تحقيق فيها إلا مجرد النقل من الكتب المطبوعة، بقلم منلا يحسنون شيئاً يذكر من العلم مقابل دريهمات معدودات!
وقد نبهت على شيء من ذلك في بعض المناسبات من آخرها ماسوّد به المعلقون الثلاثة مطبوعتهم الحديثة لكتاب " الترغيب والترهيب " للحافظالمنذري من أخطاء وأوهام من تصحيح الضعيف وتضعيف الصحيح. وغير ذلك.
وبين يدي الآن؛ تفسير الإمام الواحدي: " الوسيط" طبع دار الكتب العلمية في بيروت سنة (1415 هـ) ، وإن مما يسترعي الانتباه ويلفتالنظر، أن الناشر المحترم، قد زين الصفحة الأولى وكذلك الغلاف من المجلدات الأربعةتحت جملة (تحقيق وتعليق) بأسماء أربعة من الدكاترة أحدهم أزهري، واثنان آخران: الشيخ... الشيخ ... ! ولدى الرجوع إلى مقدمة الكتاب، وقد أخذت أربعين صفحة من القياس الكبير!فلا يتبين القارئ منها مطلقاً ما هو تخصص كل من هؤلاء من التعليق والتحقيق المزعوم،من هو المسؤول مثلاً عن التخريج والتصحيح والتضعيف للأحاديث، والمسؤول عن مقابلة النسخالمخطوطة؛ وعن اللغة والشعر ونحو ذلك؟
نعم؛ لقد قيل في الدكتور الأزهري إنه: " قدمه وقرظه" فإذا رجع القارئ إلى المقدمة؛ لم يجد لها نهاية موقعة باسم الدكتور! ووجد فيصفحة (21) عنوان " منهج الواحدي في التفسير " في آخرها: " وكتبه... " وذكر اسم الشيخين المشار إليهما. ثم يجد بعدها إلى صفحة (40) ترجمة للواحدي،ووصف لمخطوطات الكتاب، ثم عنوان " المنهج المتبع في التحقيق " (ص 36) ، وتحتهفقرة عن تخريج الحديث. ثم كرر العنوان (ص 39) ! كما كرر الفقرة أيضاً!! ثم ختمالكلام بدون توقيع أيضاً؛ فلم ندر من هو صاحب المنهج والتخريج، ويلاحظ في كلامه تكرارمخل وممل لبعض الجمل مما يشير إلى أنه حديث عهد بالكتابة أيضاً، وهذا النوع من الغموضوالعي في البيان إن دل على شيء - كما يقول بعضهم اليوم -؛ فإنما يدل على أن الأمر قدوسد إلى غير أهله! ومجال تأكيد ذلك واسع جداً جداً، ولا فائدة من ذلك تذكر، ولا سيمافي هذه المناسبة، ولكن حسبي من ذلك مثالان فقط للعبرة:
الأول: ترجم لـ (أحمد بن يونس) الثقة، ولا فائدة هنا منتوثيقه، وفوقه من لا يوثق به، وبخاصة شيخه (سلام بن سليم) المتروك، ومع ذلك سكت عنه،وما ذاك؛ إلا لأنه لم يعرفه، ولو عرفه؛ لم يجز له أن يغمض عينه عنه،
ويوثق من دونه!
والأخر: أول حديث يواجهنا في" الوسيط " ما ساقهبإسناده (1/ 46) عن البراء بن عازب مرفوعاً بلفظ:
" العلماء ورثة الأنبياء، يحبهم أهل السماء، ويستغفرلهم الحيتان في البحر إلى يوم القيامة".
فقال مخرجه المجهول:
" أخرج البخاري صدره في الصحيح - كتاب العلم - بابالعلم قبل العمل 1/ 23 - 24 بلفظ: " العلماء ورثة الأنبياء"،. والترمذي... ".
قلت: هذا العزو فقط للبخاري يشعر العارفين بهذا العلمالشريف أن المخرج المجهول لم يشم بعد رائحته، ولم يعرف " صحيح البخاري "،وأنواع الأحاديث الواردة فيه، وأن منها المسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلىغيره....
( 16 ) التنبيهعلى بعض الأحاديث التي ساقها بعض أهل العلماء مساق المسلمات دون التنبيه عليهاوبيان عللها كمثل الغزالي في " الإحياء " والحكيم الترمذي" و" ابن بطة العكبري "والنابلسي" وغيرهمومثله الحديث الذي ذكره الألباني في "الضعيفة " رقم ( 6936 )
ما ألهاك عن ذكرالله تعالى؛ فهو مَيْسِر) .
باطل لا أصل له.
حتى ولا في الأحاديثالموضوع ة، وهو من الأحاديث الكثيرة التي سوّد بها الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسيالصوفي دون أن يعزوها إلى مصدر من كتب السنة -، ولو كانت تروي ما هب ودب من الأحاديثالموضوع ة والمنكرة -؛ يؤيد بها في كتابه " إيضاح الدلالات في سماع الآلات" إباحة سماع آلات الطرب مهما تعددت أنواعها واختلفت أصواتها؛ إذا كانت النيةطيبة! وقد كرر ذلك في غير ما موضع من كتابه المذكور، ومن أجمعها قوله (ص 130 إلى ص133) :
" أما حكمالله تعالى في هذه المسألة - التي هي مسألة سماع الآلات المطربات يالنغمات الطيبات- مطلقاً على مقتضى ما قدمناه من الأقسام، فإن اقترنت هذه الآلات، وهذا السماع المذكوربأنواعه بالخمر أو الزنى أو اللواط أو دواعي ذلك - من المس بشهوة والتقبيل أو النظربشهوة لغير الزوجة والأمة، أو لم يكن شيء من ذلك....
( 17 ) كتمان بعض المؤلفين الحقائق العلمية عن القراء وتسويدالصفحات المملؤة ببعض الهفوات والفجوات إما سهوا وإما علما ويقينا
ومثاله :" الضعيفة " ( ج14 / ص 1233 )
ومع هذا الجرح الشديد أغمض عينيه عنه الشيخ الغماريفي " المداوي " (ص 40) ؛ فاكتفى بسوق إسناد أبي نعيم، وخنس عنه، وهكذا فليكنالتحقيق.. بكتمان الحقائق العلمية عن القراء من مؤلف " المداوي " الذي قالفيه أخو المؤلف عبد الله الغماري:
" من أرادصناعة الحديث؛ فعليه بـ (المداوي) ".
وأنا أقول - لوجهالله -: (من أراد أن يطلع على نوع جديد من التدليس على القراء، فعليه بـ " المداوي") !
وها هي الأمثلةبين يديك وقد مضى من أمثالها الشيء الكثير في الأحاديث المتقدمة
( 18 ) بياناختلاف في " نسخ سنن الترمذي "وبعض المطبوعات من كتب التراث وبيان خلاف العلماء في بعض النسخ وبيان صوابأي من النسخ ...المعتمدة
( 19 ) نقد بعض المعلقين على كتب التراب الاسلامي وبخاصة" المعلق على " مسند ابي يعلى " و مجمع الزوائد "
قال الألبانيفي " الضعيفة " ( ج14 / ص 991 )
" وقد خفي هذا التحقيق على الأخ الفاضل المعلقعلى " مجمع البحرين " (1/105) بعد أن نقل قول الهيثمي المتقدم؛ قال مستدركاًعليه:
" لكن الحديثله شاهد من حديث جابر بإسناد صحيح؛ فالمتن ثابت "!
فلم يتنبه لما ذكرتهمن النكارة التي دل عليها الحديثان الصحيحان.
وهذه عادة متبعةمن كثير من الأحداث في هذا العلم؛ كأنهم لم يقرأوا في علم (المصطلح) نوعاً من أنواععلومه الكثيرة يسمى بـ (الشاذ) و (المنكر) ، ولئن كان بعضهم قد عرفوه نظرياً؛ فهم لميمارسوه عملياً! ومنهم الآتي ذكره في كثير من تخريجاته، فإنه يصحح ويقوي المنكرات منالأحاديث بالشواهد القاصرة من الأحاديث الصحيحة. وقد تعقبته وغيره في كتابي "صحيح موارد الظمأن " في مجلدين، و " صحيح الترغيب " في ثلاثة مجلدات،وهي تحت الطبع (*) .
والحديث ضعفه الأخالداراني في تعليقه على " مجمع الزوائد " (1/ 472 - بتحقيقه) مُعِلاًً بلين(المنكدر بن محمد) ليثبت شذوذه عن قواعد هذا العلم، ومخالفته لمن أرسوها من الحفاظالنقاد؛ فإنه أتبع تضعيف العقيلي لعبد الله ابن المنكدر بنقل استنكار الذهبي لحديثههذا، ثم عقب عليه بقوله:
" نقول: إنتضعيف العقيلي له خاص بحديث أورده، وليس عاماً في كل ما روي، وجهل الذهبي لا يضره مادام عرفه غيره، وقد ذكره ابن حبان في الثقات 8/ 332 "!!
قلت: ليتأمل القراءفي هذا الرجل الذي يتطاول بلسانه على كبار العلماء والفحول النقاد، ويهتبل الفرص للردعليهم وتجهيلهم بغير حجة أو علم، وإنما بمجرد تقليده لتوثيق ابن حبان، الذي اتفق العلماءالنقاد من بعده على مر السنين أنه متساهل في التوثيق؛ فيوثق المجهولين الذين يجهلهمعلماء الجرح والتعديل؛ بل ويصرح هو - ابن حبان - في كثير من الأحيان في العشرات منهمأنه لا يعرفه ولا يعرف أباه!
والرجل يعرف ذلكجيداً، ولكنه يكابر؛ ليتظاهرأنه محقق غير مقلد، وهو في حقيقة أمره غارق في التقليد،وليته يقلد من عرفوا توثيق ابن حبان دونه، كابن الصلاح والنووي وابن عبد الهادي وابنكثير والذهبي والعسقلاني؛ هؤلاء كلهم عرفوا تساهله في التوثيق؛ ولذلك صرحوا بجهالةالعشرات الموثقين عند ابن حبان، فيتعالى الداراني عليهم، وينسبهم إلى الجهل، وأنهمفاتهم ما عرفه هو!
تالله! إنها لإحدىالكبر!
ولعله يدري أن منشرط الثقة أن يكون معروفاً بالضبط والحفظ، فكيف يعرف ذلك في الذي تفرد بتوثيقه ابنحبان ولم يرو عنه إلا واحد - كما هو الشأن هنا -؟! والظاهر من تصرفاته أنه لا يشترطذلك ولا يدريه!
فإن كنت لا تدري؛فتلك مصيبة وإن كنت تدري؛ فالمصيبة أعظم وقد رددت عليه تصرفه هذا في كثير من الأحاديثالمتقدم ة في هذا الكتاب وغيره، وبخاصة أخيراً في كتابيَّ الجديدن: " صحيح الموارد" و " ضعيف الموارد "، ومن قبلهما " صحيح الترغيب " و" ضعيف الترغيب "، وبصورة أخص في مقدمة " صحيح الموارد ".
وإنما قلت:"يهتبل ... " لأن الحديث عنده ضعيف - كما تقدم -، فما فائدة تسويد السطور في الردعلى الذهبي وتوجيه تضعيف العقيلي بمجرد الدعوى العارية عن الدليل؛ لأن ذكر الشيء لاينفي ما عداه - كما يقول العلماء -، مع مخالفته للحفاظ؟!
وقد تنبهت لشيءوهو: أن من عادة الرجل أنه كثير النقل عن الهيثمي والاعتماد عليه في تخريجاته حتى المختصرةمنها. وأما هنا فلم ينقل قوله في الحديث؛ لأنه ضعف هذا الذي وثقه تقليداً منه لابنحبان؛ فصنيع من هذا؟
ولماذا قدم التعديلعلى التجريح؛ ولا سيما والجارح اثنان؛ أحدهما معروف باعتماده على توثيق ابن حبان فيكثير من الأحيان؟ وهو الهيثمي! ومع تساهل الهيثمي هذا، فإنه قد صرح بتجهيل جماعة ممنوثقهم ابن حبان، وخالفه الرجل في ذلك .."
وكذلك قول الألباني رحمه الله عن " إمعة ابن حبانوهاويه "
فقال الألباني رحمه اللهفي " الضعيفة " ( ج14 / ص 1005 -1006)
" ولم تُعْجِبْهذا النصيحة إمّّعة ابن حبان وهاويه! فقد تعقبه في تعليقه هنا بقوله (6/446) :
" نقول: إنالحافظ ابن حبان لم يغفل، وإنما أثبت ما سمع، وهذا مقتضى الأمانة، وبين الخطأ فيماسمع، وهذا مقتضى العلم وواجب العلماء "!
فأقول: لكنك لمتؤد الأمانة، ولم تنصح الأمة، وطعنت في علم حافظ السنة، واستصغرت شأنه وعلمه، وصورتهللقراء أنه لا يعرف واجب العلماء!
لايصح - ولا يبين- وذلك لأنه لم يلتزم الصحة في كتابه؛ فلا ينتقد، بخلاف ابن حبان الذي التزمها ثم أخلبها في مئات أحاديثه - كهذا وغيره - نعم؛ كان يكون مما لا ضير عليه؛ لو أنه رواه ثمبيَّن عواره - كما يفعل أحياناً -، ولكنه لم يفعل هنا.
وأما قولك فيه:إنّه " بين الخطأ فيما سمع "! فهو كذب، ولو صدقت؛ لما جاز لطالب علم صغيرمثلك أن ينتقده، فكيف ترمي به الحافظ الكبير؟! فاتق الله! واعرف طبيعة نفسك، وقدر علمكولا يحملنك شهوة النقد على التطاول على الحفاظ والعلماء.
ثم ما بالك أعرضتعن ذكر قول الذهبي في ترجمة (نصر بن الفتح) شيخ ابن حبان، وكذا قول الحافظ العسقلاني،ولم تذكر فيها جرحاً، واكتفيت فيها بذكر سنة وفاته، ومن مصدر ليس من كتب الجرح والتعديل؛ولذلك أعرضت عن تسميته - وهو " الأنساب"؛ فيما يبدو لي - وغيرت فيها تدليساًوتوهيماً ! لم كتمت جرح الحافظين إياه وحكمهما على الحديث بالوضع والشذوذ؟! هل يمكنأن يفهم أحد من سيئاتك هذه إلا أنك متحيز لابن حبان تحيزاً له قرنان، وأنه لا يحملكعلى ذلك إلا حبك للظهور والمخالفة، وإن مما يؤكد ذلك أنك أعللت
الحديث بخلافهمافقلت: "إسناده ضعيف، ابن جريج قد عنعن، وهو موصوف بالتدليس"!
وأما التكارة التيفي متنه فلا أنت سلمت بها، ولا أنت دفعتها، وهذا أمر طبيعي جداً منك، يمنعنك منه أمران:الجهل، وبطر الحق! والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
...
فاتق الله في نفسك!ولا تتسرع في نقد جبال العلم بجهلك، ألا تعلم أن تعقبك هذا - لولا ما فيه من كذب يأتيبيانه - إنما يصلح فيمن قد ينتقد مؤلفاً من مؤلفي (المسانيد) ؟ كالإمام أحمد مثلاًالذي يسوق الأحاديث بأسانيدها، وفيها ما
( 20 ) إعادةتخريجه بسبب بعض الأخطاء بسبب التحريف الذي وقع للالباني رحمه الله في إسنادهبعدما لفت نظره الى إسناده بعض طلاب العلم في رسائل علمية فبادر الشيخ الى تحريرالقول فيه وإعادة تخريجه