تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    Algeria
    المشاركات
    109

    افتراضي مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

    قال الأخ وضاح:
    اقتباس:
    خاطرة (1): قال ابن حزم رحمه الله 6/163-164 : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ، فَكُلُّ يَوْمٍ لَهُ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ وَقَدْ يَمْرَضُ فِيهِ أَوْ يُسَافِرُ، أَوْ تَحِيضُ، فَيَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَكَانَ بِالْأَمْسِ صَائِمًا، وَيَكُونُ غَدًا صَائِمًا، وَإِنَّمَا شَهْرُ رَمَضَانَ كَصَلَوَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مَا لَيْسَ صَلَاةً، فَلَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ نِيَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي صَوْمِهِ مِنْ نِيَّةٍ. وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
    أقول : لا أخالف هنا ابن حزم رحمه الله في وجوب تبييت الصيام من الليل لكل يوم من أيام رمضان ، لكن في أدلته على إبطال قول مالك رحمه الله.

    فقوله : وَمَا نَعْرِفُ لِمَالِكٍ حُجَّةً أَصْلًا؛ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: رَمَضَانُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا...
    أقول : لم ينقض عليهم رحمه الله بشيء ، بيانه أن مالكاً يقول كما نقل عنه ابن حزم أولاً ص 161: (وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَتُجْزِئُهُ نِيَّتُهُ لِصَوْمِهِ كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ نِيَّةَ كُلِّ لَيْلَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ فَيُفْطِرَ، أَوْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ - حِينَئِذٍ – مُجَدَّدَةٍ ) واعتذر المالكية بأن رمضان كالصلاة الواحدة ، فما الذي في كلام ابن حزم ينقض به دعواهم حتى يصفها بالمكابرة بالباطل ؟


    أولا يجب أن نعرف أن ابن حزم ذكر دليلا على قوله و هو حديث حفصة أمّ المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"من لم يبيت الصّيام من الليل فلا صيام له"
    فالصيام يكون في النهار, و لا يسمى الفطر في الليل صياما,
    فالحديث جاء بوجوب النية لذلك الصوم , فعند غروب الشمس بطل الصوم,فوجب تجديد النية لصوم يوم آخر بنص الحديث الذي ذكره ابن حزم في المسألة,
    ابن حزم ليس له حديث يقول " من لم يبيت رمضان من الليل فلا صيام له", و لو كان عنده هذا الحديث لأبطل قول من يقول: تكفي النية عند البلوغ صيام ما فرض الله على المسلم, بحجّة أن صيام ما فرضه الله على المسلم إلى أن يموت كالصلاة الواحدة.

    فكان هذا الحديث مقدمة لما سيذكره ابن حزم في إبطاله لقول مالك
    فابن حزم أبطل أن يكون رمضان كالصلاة الواحدة, و هو يعلم هذا الحديث, و ربما كان يعلم أن مالكا يعرف هذا الحديث
    ثم ذكر دليلا آخر
    فقال:
    لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً وَيَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ.
    لو سألنا شخصا يؤيد ما ذهب إليه مالك هل صلاة المغرب مثل صلاة الصبح, لقال لنا إن كنا نقصد عدد الركعات فصلاة المغرب ليست كصلاة الصبح,
    فنقول له حينئذ:إذن ما الذي جعل رمضان كالصلاة الواحدة, و ليست كل الصلوات متماثلة,
    فحتما سيقول لنا أن إجزاء النية في رمضان هي التي كإجزاء النية في الصلاة الواحدة, فتبين لنا ما قصده مالك
    فنقول له هذا لا دليل عليه, و كيف سترد على من قال لك أن إجزاء النية عند البلوغ في الدهر كالصلاة الواحدة,
    فإن قال أن الله عز و جل أمرنا بصيام رمضان, قلنا له :و الله عز و جل أمرنا عند البلوغ بصيام ماافترض علينا إلى أن يتوفانا الله عز و جل,
    بل كيف سترد على من قال لك أن إجزاء النية عند البلوغ في طاعة الله(أي طاعة كانت ) كالصلاة الواحدة,
    فحتما سيستدل بحديث حفصة"من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له",حتى لا تكون دعواه كدعوى من قال أن إجزاء النية عند البلوغ في الدهر كالصلاة الواحدة,
    فابن حزم أعتقد أنه يعلم أن مالكا يعرف هذا الحديث
    و كان يعرف أن قول مالك
    أن إجزاء النية في رمضان هي التي كإجزاء النية في الصلاة الواحدة , كان استنباطا من حديث حفصة,

    فقول ابن حزم:
    لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَحُولُ بَيْنَ أَعْمَالِهَا - بِعَمْدٍ - مَا لَيْسَ مِنْهَا أَصْلًا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ يَحُولُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لَيْلٌ يَبْطُلُ فِيهِ الصَّوْمُ جُمْلَةً
    كان انطلاقا من:
    1-أن مالكا يرى إجزاء النية في صيام رمضان كإجزاءها في الصلاة الواحدة
    2-مالكا يعرف حديث حفصة.
    فينتج أن الصيام الذي أوجب الله عز و جل فيه النية -بتص الحديث الذي يعرفه مالك-يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم جملة
    و بهذا يكون قول الأخ وضاح:
    اقتباس:
    قلنا إن صيام رمضان يكون بإمساك النهار وفطر الليل فمن نوى أن يصوم رمضان فقد نوى أن يمسك النهار ويفطر الليل ، فليس في هذا الفطر خروج عن النية الحاصلة في أوله ، فلم يبطل شيئاً نواه



    ليس فيه رد على ابن حزم, لأن ابن حزم يتكلم عن الصيام الذي أوجب الله عز و جل فيه النية,
    و لو قال الله عز و جل "لا صلاة لمن لم ينو القيام"لكان الركوع يبطل تلك النية.


    أما قول الأخ وضاح:
    اقتباس:
    وقوله : (وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ، فَرَأَوْا مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ وَأَنَّ سَائِرَ صِيَامِهِ كَسَائِرِ أَيَّامِ الشَّهْرِ صَحِيحٌ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ كَصَلَاةِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَوْمٍ وَاحِدٍ) فهذا أيضاً لا ينقض عليهم شيئاً بل ليس فيه مخالفة للقياس ، ولنعد إلى صلاة الظهر فنقول : أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.
    ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه .


    ففيه خطأ كبير
    و هو أن ابن حزم يتكلم عن من تعمّد,
    فلم يرد الأخ على ابن حزم في ما نقضه عليهم
    فنعيده عليه الآن:
    إن كان إجزاء النية في رمضان كالصلاة الواخدة, فما الذي جعل تعمد فطر يوم واحد لا يبطل سائر أيامه,
    أما تعمد إبطال ركعة واحدة يبطل كل الصلاة,
    أما قولك:
    اقتباس:
    أرأيت لو نسي رجلٌ ركعة من الركعات ، أليس لا يجب عليه سوى استدراك تلك الركعة خاصة وباقي الركعات على حالها من الصحة والإجزاء مع أن الصلاة فرض واحد ، فهكذا الصيام. والله أعلم.


    هذا القياس لا يلزم منه أن الصلاة الواحدة كصوم رمضان,و لا يلزم ابن حزم
    لأن ابن حزم لم يقل أن الأحكام التي تترتب على النية في الصلاة الواحدة لا تشبه صيام رمضان من كل وجوه, فإتيانك بوجه واحد لا ينقض قول ابن حزم
    بل القول بأن الصلاة الواحدة كصيام رمضان,يوجب أن تكون كل الأحكام التي تترتب على الصلاة الواحدة هي نفسها التي تترتب على صيام رمضان,
    فإن أتى أحدهم بوجه واحد يخالف هذا التشبيه-و هو ما فعله ابن حزم- بطل هذا التشبيه.
    الرجال يعرفون بالحق


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    Algeria
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

    رأيت الأخ وضاح عقّب على مشاركتي الأولى بما يلي:
    جزاك الله خيراً وبارك فيه أخي كمال ياسين
    لكن أرجو التنبه إلى أن جوابكم علينا يجب أن يحدد موضع اعتراضي على ابن حزم ، فإني قد قرأت ما كتبتم في (ملتقى المذاهب الفقهية) فلم أركم تنبهتم لذلك ، فاعترضتم مثلاً بأن ابن حزم استدل على المالكية بحديث حفصة رضي الله عنها ، ولم أخالف أنا في ذلك بل ذكرته وقلت :
    [ولو أنه اقتصر في رده عليهم على حديث حفصة وغيرها وعلى فعل الصحابة الذين لا يعلم لهم مخالف ، وعلى أن دعوى أن رمضان رمضان كالصلاة الواحدة لا برهان عليها ، لكفاه]
    أقول: نعم تنبهت لموضع اعتراضك, لكن أردت أن أشرح لك الخطأ الذي وقعت فيه,و هو أنك فهمت أن ابن حزم لا يجد لهم عذر في ما ذهبوا إليه -في مسألة النيه -حتى و لو كان قولهم أن رمضان كصلاة واحدة قولا صحيحا,
    فبينت لك ما أعتقده , و هو أن ابن حزم كان يعرف أن مالكا ليس مجنونا حتى يقول أن رمضان كالصلاة الواحدة,
    و إنما أحسن الظن به و كان يعلم أنه يقول: أن إجزاء النية في صيام رمضان كإجزاءها في الصلاة الواحدة
    ثم أحسن الظن به مرة أخرى ,و هو أن مالكا لا يقول هذا بلا دليل, و إلا لادعى آخر أن النية تجزئ عند البلوغ و يكون صيام فريضة الدهر كالصلاة الواحدة ,
    بل يرى ابن حزم أن قول مالك أن إجزاء النية في صيام رمضان كإجزاءها في الصلاة الواحدة, كان استنباطا من حديث حفصة
    و كأن ابن حزم اعترض على مالك في قوله أن إجزاء النية في صيام رمضان كإجزاءها في الصلاة الواحدة ,
    و أعتقد أن ابن حزم كان يعتقد أن مالكا يعرف حديث حفصة,فبين له أن صيام يوم من رمضان الذي وجبت نيته بحديث حفصة يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم
    فصح إعتراضه,
    الرجال يعرفون بالحق


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    Algeria
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

    أود أن أوضحأن مناقشة الأخ وضاح على خواطره, الهدف منها التعلم ,و محاولة تبيين ما أراده ابن حزم في مسائله التي ذكرها, و ليس الغرض منها أني أنكر أن يكون ابن حزم قد أخطأ, فهو يخطئ و يصيب , كما يخطئ الشافعي و مالك و أحمد و ابن تيمية و..... رحمهم الله جميعا
    خاطرة (2) قال ابن حزم رحمه الله 6/164 المسألة 729 : وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ فَأَيُّ وَقْتٍ ذَكَرَ مِنْ النَّهَارِ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ - سَوَاءٌ أَكَلَ وَشَرِبَ وَوَطِئَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يَنْوِي الصَّوْمَ مِنْ وَقْتِهِ إذَا ذَكَرَ، وَيُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ، وَيُجْزِئُهُ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَامًّا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ، إلَّا مِقْدَارُ النِّيَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَلَا صَوْمَ لَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَمِّدٌ لِإِبْطَالِ صَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَضَاءِ
    أقول : في هذ المسألة لم يجرِ فيها ابن حزم على شيء من أصوله ، فسوى بين من جهل بكون اليوم من رمضان ومن علم لكن نسي أن ينوي ، وبين صوم عاشوراء وبين صيام رمضان ، وعلى فرض صحة التسوية فعلى أصول غيره لا أصوله .
    أما قوله ص165: (بُرْهَانُ قَوْلِنَا -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا نَاسٍ، أَوْ مُخْطِئٌ غَيْرُ عَامِدٍ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)
    أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
    أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
    أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
    فإن قيل : يحتمل أنه أراد ليس مكتوباً عليكم صيامه الآن ، أو أنه أراد لم يكتب عليكم صيامه إلى الأبد.
    فالجواب : من وجوه : الأول : أن الأصل في لم أنها لنفي الماضي كما قاله ابن خزيمة ، والثاني : أن النفي عام . الثالث : أن الاحتمال لا يكفي في دفع الاستدلال به ، بدليل أنه لو كان محتملاً لهذين المعنيين كام محتملاً لخلافهما أيضاً كعموم النفي السابق وأن الأوامر كانت للاستحبابة فإن كان محتملاً سقط الاستدلال بالأوامر السابقة على قواعد ابن حزم لأنه لا يجيز العمل إلا باليقين. الرابع : أن هذين الاحتمالين جاريان على القول بالنسخ ، أي أن فرض صيام عاشوراء كان فرضاً ثم نسخ ، والأصل عدم النسخ ، والجمع أولى ، فحمل الأوامر على الاستحباب أولى منه.
    ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
    أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
    ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
    ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
    وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
    فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
    فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
    وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
    قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
    فالحديث حجة عليه كفيما كان.
    رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
    خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
    سادساً : وعلى فرض أن القياس في هذه المسألة جائز عنده مستقيم على أصوله، لكانت معارضته لحديث حفصة رضي الله عنها مبطلةً له لما هو معلوم من أنه لا قياس في مورد النص ، وليس هو من القائلين بتخصيص العام بالقياس ، كيف وهو لا يقول بالقياس أصلاً.
    ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ ، أما عطاء فكلامه فيمن لم يعلم بأن الهلال قد رؤي لا فيمن علم لكن نسي أن ينوي ، أما علي بن أبي طالب فليس في كلامه صيام رمضان أصلاً ولا فيه أن صيام ذلك اليوم مجزئ.
    وتعلل أيضاً في التسوية بين الناسي والنائم والجاهل بأن الجميع لم يعلم وجوب الصوم عليه ، وفيه نظر من جهة أن النص ـ على فرض دلالته وقد بينا عدمها ـ دل على أن من لم يكن صام فليتم صومه ، من دون تعليق للحكم على العلم بفرض الصوم أو الجهل به ، فهذا التعليل منه ليس من نص كتاب ولا سنة بل اجتهاد منه ، وهو مصرح بأن مثل هذا باطل.


    أقول : لا دلالة فيما ذكره هنا على سابق دعواه ، إذ لا خلاف بيننا في كون الجناح عمن أخطأ أو نسي أو استكره مرفوع ، لكن الخلاف في كون صوم ناسي النية حتى لم يذكرها إلا في اليوم التالي مجزئ ، فإن رفع الجناح لا يصحح العبادة .
    المسلم مخاطب بشيئين
    -صوم الفريضة
    -نية الصوم
    فمن نسي النية , فلا جناح عليه, و لا يسقط عنه الفرض الآخر و هو الصيام بدون دليل, فوجب عليه أن يتم صومه متى ذكر ذلك, فالصوم الذي أتمه هو صوم أمر به الله عز و جل, فإذ هو فعل ما أمر به الله عز و جل,و لم يأمره الله عز و جل بالقضاء فصيامه مجزئ.
    أما احتجاجه بأحاديث صيام عاشوراء فيحتاج ليستقيم استدلاله بها إلى :
    أولاً : إثبات أنه كان فرض ، وورود الأمر به لا يكفيه لأن المستحب مأمور به ، وقد صح عنه ☺ أنه قال : (هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ) فهذا نص في أن صيام عاشوراء لم يفرض وهو صارف للأوامر الواردة في صيامه إلى الاستحباب.
    هو عند ابن حزم كان هو الفرض
    ثانياً : يحتاج إلى إثبات أن فرض صيام عاشوراء كفرض صيام رمضان في الأركان والوجبات ، بيانه أن صيام رمضان مر بمراحل فكان مثلاً إذا نام الرجل في الليل ثم سهر لم يأكل ولم يشرب ، ثم نسخ هذا فجازت جميع المفطرات المباحة من غروب الشمس حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وعاشوراء لا يخلو من ثلاثة أمور إما أن يكون موافقاً للحكم المنسوخ أو الناسخ أو لا هذا ولا ذاك ، وأيٌّ كان ما ترجح عندك فقد خالف رمضان في الأخرى ، فمن أين لك أنه لم يكن يخالف في أحكام النية ؟
    لا يحتاج إلى إثبات هذا,
    فالمسلم مخاطب بشيئين
    -صوم الفريضة
    -نية الصوم
    فالصوم الذي فرضه الله عز و جل لا يسقط بنسيان النية.
    أما قول ابن حزم هنا : ( إن حكم ما كان فرضاً حكم واحد ) ص166 دعوى لا دليل عليها ، بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال .
    المسلم مخاطب بشيئين
    -صوم الفريضة(عاشوراء, رمضان, صوم نذر في يوم معين...)
    -نية الصوم
    فمن نسي النية , فلا جناح عليه, و لا يسقط عنه الفرض الآخر و هو الصيام بدون دليل, فوجب عليه أن يتم صومه متى ذكر ذلك, فالصوم الذي أتمه هو صوم أمر به الله عز و جل, فإذ هو فعل ما أمر به الله عز و جل,و لم يأمره الله عز و جل بالقضاء فصيامه مجزئ.
    فبهذا نصل إلى أن حكم ما كان فرضاً حكم واحد في هذه المسألة
    أما قولك
    بل الأمر بخلافه كما بينا بهذا المثال
    فمثالك لم يكن في المسألة التي يتكلم عنها ابن حزم, أما إن رأيت أن النبي صلى الله عليه و سلم أبطل صيام ناسي نية صوم رمضان و صحح صيام ناسي نية صوم عاشوراء
    أو أنه أبطل صيام ناسي نية صوم عاشوراء و صحح صيام ناسي نية صوم رمضان,
    فهنا يكون الأمر على خلاف ما ذكر ابن حزم, أما أن هذا لا يوجد فالقول ما قاله ابن حزم.
    ثالثاً : أنه قد روي حديث عاشوراء بلفظ : (فأتموا يومكم هذا واقضوا) وقد رواه ابن حزم من طريق عبد الباقي بن قانع عن أحمد بن علي بن مسلم عن محمد بن المنهال بإسناده .
    ورواه أبو داود عن محمد بن المنهال بإسناده.
    وفيه أن صيام ذلك اليوم لا يجزئ ويجب يوماً مكانه.
    فإن قيل : قد أعله ابن حزم بابن قانع وأحمد بن علي بن مسلم .
    فالجواب : أن الجمهور على توثيق ابن قانع ، وأما أحمد بن علي بن مسلم فهو الأبار الحافظ الثقة ، وهو فوق ابن حزم في الحديث فلا يضره جهل ابن حزم به. ثم أن أبا داود تابعه عن المنهال ، فسقط التعلل بابن قانع والأبار.
    وإن قيل : فإنه قد رواه غير واحد عن يزيد بن زريع وقتادة لم يذكرا زيادة (واقضوا).
    قلنا : نعم وهو لعمري علة قادحة في صحتها ، لكن هذا إنما يجري على قواعد غير ابن حزم ، أما هو فزيادة الثقة عنده مقبولة مطلقاً ، وقد روى حديث حفصة أن رسول الله ☺ قال : (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب ، ولم يبالي بمخالفة أوثق أصحاب الزهري لابن جريج وهم مالك وسفيان وعبيدالله ومعمر ويونس كلهم رواه عن الزهري موقوفاً فلم يعتد بذلك شيئاً.
    فالحديث حجة عليه كفيما كان.
    كيف يكون الحديث حجة عليه و هو عنده ضعيف, و لم تثبت هذه الزيادة لديه؟
    رابعاً : على فرض أن فرض عاشوراء كفرض رمضان في الأداء وأن لفظة (واقضوا) لا تصح على أصول ابن حزم، فمن أين له أن رمضان وعاشوراء سواء في القضاء ، ولِمَ لا يجوز أن يكون رمضان واجب القضاء دون عاشوراء؟ فإن القضاء في رمضان ثابت بالكتاب والسنة ، ولم يرد أن عاشوراء يُقْضَى سواء أفطره المريض والمسافر أو الصحيح المتعمد ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
    تقدم أن ابن حزم يتكلم عن مسألة ناسي النية و الجاهل, و لم يقل أن عدد أيام صيام رمضان كعدد أيام صيام عاشوراء,
    ثم ابن حزم لم يثبت له أمر بالقضاء على الناسي و الجاهل و المخطئ, أما المريض و المسافر فلقد ثبت عنده القضاء عليهم في رمضان.
    خامساً : على فرض أنهما سواء في كل شيء حتى يجوز أن يقاس أحدهما على الآخر ، فليس بحجة لابن حزم لعدم قوله بالقياس أصلاً .
    لم يقل هذا ابن حزم أبدا, و لقد تقدم هذا.

    ولم يقل بما ذكره ابن حزم أحد من السلف
    هذا لا يمكن لأحد أن يقوله,
    ممكن أن تقول,و لم ينقل ما ذكره ابن حزم أحد من السلف
    أما عمر بن عبدالعزيز فليس في كلامه أن ذلك اليوم مجزئ
    بل سمّى فعل إتمام يقية يومه صياما,و من صام فلقد أجزأه,و إلا لكان قوله عز و جل"كتب عليكم الصيام" ليس فيه دلالة إجزاء الصيام على من صام.
    الرجال يعرفون بالحق


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    Algeria
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

    عندما كتبت المشاركة السابقة , لم أكن متأكدا من أن ابن حزم سوى بين ناسي صيام عاشوراء و ناسي صيام صوم رمضان استنباطا من أحاديث عاشوراء التي ذكرها

    لكن تأكدت أنه أعطى لهما نفس الحكم للنص الوارد
    فلقد قال في المسألة728:
    فإن قيل :فأنتم تجيزون لمن نسي النية من الليل إحداثها في اليوم الثاني,
    قلنا:نعم بنص صحيح ورد في ذلك و لولا ذلك ما فعلناه.انتهى كلامه.
    و رغم أني أرى أنه لولا تلك النصوص لكان الحكم هو نفسه لما ذكرته في المشاركة السابقة.
    إلا أنه وجب تبين أن ابن حزم لم يقس ناسي النية على الجاهل,و لا صيام رمضان على عاشوراء,و إنما اتبع النصوص وفقط.
    فإذا أردنا أن نبرهن على أن ابن حزم استدل بأصول غيره, علينا أن نستدل بأصوله لا غيره,
    فابن حزم لا يأخذ بالظن,فلا يليق أن نقول أن ابن حزم قاس بالظن, فهو لم يذكر أن الحكم كان قياسا ,
    و لهذا أقول :
    قال النبي صلى الله عليه و سلم:"من كان أصبح صائما فليتم صومه, و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه"
    و تخصيص هذا الفعل بيوم دون يوم بدون برهان, باطل, و إلا لخصصه آخر بصيام ذلك اليوم بعينه فقط.
    فالأصل أن هذا حكم صيام عاشوراء و رمضان و صيام النذر و صيام التطوع
    لكن قام البرهان من هذا الحديث أنه لم يرد بهذا صيام التطوع,فالنبي صلى الله عليه و سلم أمر من كان مفطرا بصيامه, و النبي صلى الله عليه و سلم لا يأمر صيام يوم إلا إذا كان ذلك اليوم صيامه فرض,
    فأصبح قول ابن حزم أن حكم ما كان فرضا حكم واحد, دلّ عليه الحديث,و لم يستعمل ابن حزم قياسا ألبتة.
    أمّا تسويته بين الجاهل و الناسي , فأيضا دلّ عليه الحديث
    و هو أن النبي صلى الله عليه و سلّم قال:"من كان أصبح صائما فليتم صومه, و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه"
    و لم يخصّص النبي صلى الله عليه و سلم بقوله" من كان أصبح مفطرا" جاهلا , أو ناسيا, أو مخطئا من مفطر ,
    فتبين أن الجاهل و الناسي لهما نفس الحكم بنصّ الحديث.
    أما قوله أن هذا الحكم نزل فيمن لم يعلم بوجوب الصوم عليه, فحق مقطوع به,
    فالذي يتعمد فطر ساعة من رمضان, او صيام فرض آخر لا يسمّى صائما لذلك اليوم
    و أيضا المتعمّد لم يكن قد نوى الصيام , فصيامه باطل,
    إلا أنه يمكن أن يقال:أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر المتعمّد بتجديد التوبة و إتمام بقية يومه لحظة توبته,
    و أمّا غير هذا فلا يصلح, و إلا كان من تعمّد فطر فرض فأفطر إلى آخر دقيقة ثمّ صام الدقيقة الأخيرة يسمّى صائما.
    و الله أعلم
    الرجال يعرفون بالحق


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    Algeria
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: مناقشة الأخ وضاح في خواطره مع ابن حزم في الصيام

    قال الأخ وضاح
    خاطرة (3) قال رحمه الله 6/170 المسألة 730 : قال
    رحمه الله : وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ
    اللَّيْلِ، وَلَا صَوْمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، أَوْ الْكَفَّارَاتِ إلَّا
    كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِأَنْ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ
    يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ
    مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ،
    وَبَقِيَ سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى النَّصِّ الْعَامِّ
    .

    وذكر حديث أم المؤمنين
    عَائِشَةَ ▲ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ وَقَالَ مَرَّةً:
    مِنْ غَدَاءٍ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» . وَقَالَ
    لَهَا مَرَّةً أُخْرَى: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ،
    أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ
    فَأَكَلَ»


    ثم تعلل في رده بقوله ص 172-173: ( لَيْسَ
    فِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ نَوَى الصِّيَامَ مِنْ
    اللَّيْلِ، وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَصْبَحَ مُفْطِرًا
    ثُمَّ نَوَى الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي ذَلِكَ
    الْخَبَرِ لَقُلْنَا بِهِ، لَكِنْ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ
    -، كَانَ يُصْبِحُ مُتَطَوِّعًا صَائِمًا ثُمَّ يُفْطِرُ، وَهَذَا مُبَاحٌ
    عِنْدَنَا لَا نَكْرَهُهُ، كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي
    الْخَبَرِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ
    السَّلَامُ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْهُ مِنْ اللَّيْلِ» لَمْ
    يَجُزْ أَنْ نَتْرُكَ هَذَا الْيَقِينَ لِظَنٍّ كَاذِبٍ
    )


    ويرد عليه أن قوله صلى
    الله عليه وسلم «فَإِنِّي إذَنْ صَائِمٌ» جواب لقول عائشة رضي الله عنها
    «لَا» أي ليس عندنا شيء أو غذاء ، فالتقدير «فَإِنِّي إذ ليس عندنا شي
    صَائِمٌ» فإنه دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام .


    وأيضاً لا دليل على أنه
    نوى قبلها الصيام ، وعلى فرض قيام الدليل عليه ، فنيته الفطر إذا وجد
    الطعام قد أبطلها كما قاله ابن حزم في المسألة 732 وعبارته (ومن نوى وهو
    صائم إبطال صومه بطل)، فلو صام بعد ذلك فهي نية جديدة غير الأولى ، وهو
    كافٍ في الدلالة على قول الجمهور.


    وما رواه عن الصحابة
    دالٌّ على أن قول النبي ☺ دالٌّ على ما ذكرنا بلفظه ، إذ هو إنما خاطبهم
    بلغتهم ، ومحال أن يفهموا من كلامه ☺ غير ما تدل عليه لغتهم.


    هذا والله أعلم
    ليس في الحديث دليل على إنشاء الصيام حيث لم يجد الطعام ,
    و إنما فيه أنه من تلك اللحضة هو صائم,و ليس فيه أنه قبل
    تلك اللحظة كان مفطرا,
    و الصائم في كل ساعة; هو صائم من تلك الساعة إلى غروب الشمس.

    بل الرواية الأخرى تؤيد هذا عندما قال:«هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟
    قُلْنَا: نَعَمْ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، قَالَ أَمَا إنِّي أَصْبَحْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَكَلَ»,
    فكان النبي صلى الله عليه و سلم يسأل هل من شئ رغم أنه كان يصبح صائما.
    أما قولك أنه لا دليل على أنه نوى قبلها الصيام, فحق,
    و ابن حزم لم يستدل بهذا و إنما استدل بحديث حفصة,
    و إنما أنكر ابن حزم أن يكون في الحديث دليل على أنه لم يكن نوى الصيام من الليل,
    فهذا ما لا يوجد في حديث عائشة.
    أمّا قولك أن نيته الفطر إذا وجد الطعام قد أبطلها, فباطل
    و لا يوجد في هذا الحديث أنه نوى الفطر إذا وجد الطعام,
    و إنما فيه أنه سأل عن; الغداء ,
    فعندما ردوا عليه, نوى في تلك الساعة الفطر أو إتمام الصيام,
    فعندما نوى الفطر ففي تلك الساعة و ليس قبلهاأبطل صومه,
    و عندما نوى إتمام الصيام لم يكن أبطل صومه أبدا.
    ثم نسلم أن قولك:أن نيته الفطر إذا وجد الطعام , صحيح ,
    فليس في الحديث أنه وجد الطعام فصام,

    و ليس فيه حتى أنه سيفطر إن وجد الطعام
    الرجال يعرفون بالحق


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •