بسم الله الرحمن الرحيمالحديث :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا تخريج لحديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه وفيه رد على شبه حول الحديث وفقكم الله جميعا.
رواه أحمد في: (مسنده) بلفظ: (من تعزى[1] بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن[2] أبيه ولا تكنوا)[3]-أي: قولوا له صراحة لا كناية... وزعم أحد الإخوة، ولا داعي لذكر اسمه-ممن يتعاطف مع الأستاذ عبد السلام ياسن: بــ(أن الحديث لا يصح لأن فيه الفحش والتفحش ورسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لا يقول الفحشاء ولا يقره).فأحببت أن أبين له ولغيره درجة هذا الحديث الصحيح السديد والشديد، وأذكر من صححه من المحدثين قديماً وحديثاً، كما أُبين له تقرير النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لأبي بكر عن مثل هذا الأسلوب التأديبي الشديد، والشنيع اللفظ-فيما يبدو للناس-، كالإعضاض، والإمصاص.
تخريج الحديث: حديث: : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه[4] ولا تكنوا)، ورد من طرق عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الحسن البصري[5]، عن عُتِيِّ بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب-رضي الله عنه-أن رجلاً اعتزى بعزاء الجاهلية، فأعضه ولم يكنه...-وقال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يقول: : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا). رواه أحمد في: (المسند) (5/136) وغيره.والحديث رواه ابن السني في: (عمل اليوم والليلة) (433) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن البصري عن مكحول، عن عجر بن مدراع التميمي قال: يا آل تميم-وكان من بني تميم-فقال وهو عند أبي بن كعب-رضي الله عنه-، فقال أبي بن كعب-رضي الله عنه-: (أعضك الله بهن أبيك... قال: إن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمرنا: بعزاء الجاهلية، فأعضوه ولا تكنوا)[6].وسعيد بن بشير ضُعِّف، ولا سيما في قتادة، فإنه يروي عنه المنكرات، وما لا يتابع عليه!!، كما قاله محمد بن عبد الله بن نمير[7].وقال ابن حبان-رحمه الله تعالى-: (سعيد بن بشير مولى بني نصر، من أهل دمشق، كنيته أبو عبد الرحمن، وقد قيل أبو هاشم[8]، يروي عن قتادة وعمرو بن دينار، روى عنه الوليد بن مسلم والشاميون، مات سنة-ثمانين-أو: تسع وستين ومائة، وله يوم مات سبع وثمانون سنة، وكان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه، وعن عمرو بن دينار ما ليس يعرف من حديثه، وهو الذي يروي عن هشيم[9] عن أبي عبد الرحمن، عن قتادة، يكني عنه ولا يسميه.حدثنا الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: كان عبد الرحمن يحدثنا عن سعيد بن بشير ثم تركه....)[10].وقال الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى-: (سعيد بن بشير البصر الحافظ، (أخرج حديثه الأربعة) نزل دمشق. عن قتادة، والزهري[11].وعنه: ابن مهدي، وأبو مسهر، وأبو الجماهر، قال البخاري:"يتكلمون في حفظه وهو محتمل"[12]، وقال دحيم: كان مشيختنا يوثقونه، كان قدرياً، مات سنة:168)[13].وقال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني-رحمه الله تعالى ونفعنا بعلومه-في: (التقريب) (رقم:2276): (سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، أبو عبد الرحمن، أو: أبو سلمة، الشامي، أصله من البصرة أو: واسط: "ضعيف"...).وقال الشيخ المحدث شعيب الأرناؤوط، والدكتور بشار عواد في: (تحرير تقريب التهذيب) عند قول الحافظ: (ضعيف): (بل: ضعيف يُعتبر به، نعم ضعفه كثيرون، لكن وثقه:1-شعبة،2-ودحيم،3-وقال البزار: صالح[14]، ليس به بأس، حسن الحديث.4-وقال أبو حاتم وأبو زرعة: محله الصدق عندنا.5-وقال ابن أبي حاتم[15]: قلت لهما[16]: يحتج بحديثه؟ قالا: يحتج بحديث ابن أبي عروبة والدستوائي، هذا شيخ يكتب حديثه[17]، قال: وسمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب: "الضعفاء"، وقال: يُحوَّل منه.وقال البخاري: يتكلمون في حفظه وهو يحتمل. فهذه النقول كلها تدل على أنه يَصلح للمتابعات والشواهد)[18]. وقتادة[19] والحسن مدلسان، والحسن لا تعرف له رواية عن مكحول، فالإسناد غريب شاذ، ومكحول لم يدرك أبي بن كعب.
=================
[1]-قالت أم الفضل: التعزي: الانتماء والانتساب للقوم، حزباً كان أو: قبيلة. والعزاء والعزوة بكسر المهملة اسم لدعوى المستغيث. انظر: (النهاية) (3/233).
[2]-قالت أم الفضل: فأعضوه: أي: اشتموه صريحاً، من العضو وقوله: "بهن أبيه": أي: قولوا له عض أير أبيك، والهن كناية عما يستقبح، وهو عورة الرجل والمرأة. وقوله: (ولا تكنوا): تقول: كنيت عن الأمر، وكنوت عنه إذا ورَّيت عنه بغيره. انظر: (النهاية) (3/233/255)، و(4/207)، و(5/278).
[3]-رواه أحمد في: (المسند) (5/136)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على (المسند)، والألباني في: (السلسلة الصحيحة) (1/537/539/رقم:269)، و(صحيح الجامع) (1/159/رقم:567)، انظر: (التحفة) للمزي (1/35).
[4]-والهن: هو عضو الرجل وأداة الجماع منه، ومعنى فأعضوه، أي: قولوا له: عُضَّ هن أبيك. انظر: (فقه الأخلاق) (2/28) للشيخ مصطفى العدوي.
قلت: والهن هو ما يستقبح التصريح به مطلقاً خلافاً لابن هشام حيث قال: (وقيل: عن الفرج خاصة)، والصحيح أن الهن لا يختص بفرج المرأة، ولا بذكر الرجل بل: يطلق الهن عليهما معاً.
[5]-انظر: (التمهيد)(1/30 /31) لابن عبد البر، و(معرفة علوم الحديث) (ص:211/212)، و(المنتخب من:العلل للخلال) (ص:153) لابن قدامة المقدسي، و(شرح علل الترمذي) لابن رجب (1/536/539)، و(الكامل) (1/228) لابن عدي، و(المعرفة والتاريخ) (2/32)، و(تهذيب الكمال) (2/114-وما بعدها)، و(تاريخ الإسلام-وفيات101/120-ص:48)، و(سير أعلام النبلاء) (4/563/588)، وحاشية: (علل ابن المديني) (ص:91-تحقيق:حسام) انتهى من كتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (1\77) ومقدمة: (قناص الشوارد الغالية...) (ص:8)،و(شفاء التبريح...) (ص:68)، و(ألفية علل الحديث-المسماة: شافية الغُلل بمهمات علم العلل) (ص:121) القاعدة الرابعة عند قول شيخنا المحدث محمد الأثيوبي:
بعضُ المدلِّسين ما كان حصلْ *** تدليسه عن بعضِ مَن عنه حمَلْ
فإنْ روى عنهمْ يكُنْ مُتَّصِلاَ *** مثلُ هُشَيمٍ عن حُصَينٍ فاقبَلاَ
كذلك الثوريُّ ما دلَّسَ عن *** حبيبٍ أو: نجْلِ كُهَيْلٍ فاعلمَنْ
ولا عن المنصور ما أقلَّ ما *** دلَّسَ قالَ ذا البخاريُّ اعْلَمَا
"هشيم": هو ابن بشير، و"حصين": هو ابن عبد الرحمن، و"حبيب": هو ابن أبي ثابت، و"نجل كُهيل": هو سلمة، و"منصور": هو ابن المعتمر. انتهى من (مزيل الخلل عن أبيات شافية الغُلل) (ص:121).
والحسن البصري مدلس، ولم يصرح بسماعه عن عتي، وعتي بن ضمرة بن ضمرة التميمي السعدي البصري، إنما وثقه ابن سعد العجلي،-والحافظ في: (التقريب) (2/432/رقم:4445-مع التحرير)-وقال: روى عنه الحسن ستة أحاديث، ولم يرو عنه غيره.
لكن ذكر ابن الجنيد عن ابن معين: روى قرة بن خالد عن عبد الله بن عتي بن ضمرة عن أبيه، وقال ابن المديني: مجهول، سمع من أبي بن كعب أحاديث لا نحفظها إلا من طريق الحسن، وحديثه يشبه حديث أهل الصدق، وإن كان لا يعرف. كما في: (تهذيب التهذيب) (7/104).
وسبق أن قلت في كتابي: (شفاء التبريح...) (ص:436) ما نصه: قال المحدث الألباني في تخريج كتاب(السنة) لابن أبي عاصم (1/176) عن تدليس الحسن البصري: (وإنما يخشى من تدليسه إذا عنعن عن الصحابة، وأما إذا عنعن عن أقرانه من التابعين... فما علمت أنهم يخشون هذه العنعنة. والله أعلم).
وقال الأرناؤوط وعواد في: (تحرير التقريب) (1\270\271\رقم:1227): (ينبغي التنبه أن تدليس الحسن قادح إذا كان عن صحابي، أما إذا كان عن تابعي فلا، ولا بد من هذا القيد).
[6]-قال المحدث الألباني-رحمه الله تعالى-في: (السلسلة الصحيحة) (1/537/539/رقم:269): (رواه البخاري في "الأدب المفرد" (936)، والنسائي في: "السير" من "السنن الكبرى" له (1/36/1-2)، وأحمد في: "المسند" (5/136)، وأبو عبيد في: "غريب الحديث" (ق22/2/53/1)، وابن مخلد في: "الفوائد" (ق3/1)، والهيثم بن كليب في: "مسنده" (ق1/187)، والطبراني في: (المعجم الكبير) (ق2/27)، والبغوي في: (شرح السنة) (4/99/2)، والضياء المقدسي في: (الأحاديث المختارة) (1/407). (وهذا الحديث أقل أحواله أن يكون حسناً على الراجح).
[7]
-انظر: (الجرح والتعديل) (4/7).
[8]
-وقيل أبو سلمة. انظر: (تحرير التقريب) (2/22/رقم:2276).
[9]
-قال يحيى بن معين: كان هشيم والأعمش والوليد بن مسلم مدلسين. انظر: (مزيل الخلل عن أبيات شافية الغُلل) (ص:121)، و(شفاء التبريح...) (ص:68).
[10]
-انظر: (تاريخ الدوري) (2/196)، والدارمي (44/45/281/400)، و(تاريخ ابن شاهين) (46 م)، و(الضعفاء) (131) للبخاري، و(282) للنسائي، و(2/100/101) للعقيلي، و(3/369/376) لابن عدي، و(1369) لابن الجوزي، و(الجرح والتعديل) (4/6/7)، و(المجروحين من المحدثين) (1/400/رقم:387)، و(تهذيب الكمال) (7/137/رقم:2225)، أو: (10/348/356)، و(الكاشف) (1/310/رقم:1875).
[11]-فائدة: قال الذهبي في: (السير) (5/339): (مراسيل الزهري كالمعضل، لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه سقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبيr، ومن عدَّ مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ونحوهما، فإنه لم يدر ما يقول، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه). قال علي بن المديني: (مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح، ومرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات، صحاح، ما أقل تدليسه).
انتهى من كتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (1\44)، ومقدمة: (قناص الشوارد الغالية...) (ص:94)، وهامش: (شفاء التبريح...) (ص:386).
[12]-انظر: (الضعفاء) (131) للبخاري، و(الكاشف) (1/310/رقم:1875).
[13]
-انظر: (الكاشف) (1/310/رقم:1875).
[14]
-فائدة: قال المحدث الألباني-رحمه الله-في: (الضعيفة) (4/341): (قول الخطيب: "وكان صالحاً متنسكاً": "وما أعتقد أن هذه العبارة تفيد توثيق الرجل في الرواية، إذ لا تلازم بين كون الرجل صالحاً متنسكاً، وبين كونه ثقة ضابطاً، فكم في الصالحين من ضعفاء ومتروكين، كما هو معروف لدى من له عناية بهذا العلم الشريف").
وجاء في حاشية: (كتاب السلسبيل في شرح ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل) (ص:40\رقم:17): (تنبيه: هناك فرق بين قولهم: "صالح" فقط بدون إضافة "الحديث"، وقولهم: "صالح الحديث".قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (1\237): "وقول الخليلي فيه-يعني: أبا زكرياء يحيى ابن محمد بن قيس البصري-إنه شيخ صالح، فإنما أراد صلاحيته في دينه جرياً على عادتهم في إطلاق الصلاحية حيث يريدون بها الديانة، أما حيث أريد في الحديث، فيقيدونها").
قال الحافظ الذهبي في: (الميزان) (1\364/365/رقم:1367)، و(كتاب السلسبيل في شرح ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل) (ص:40\رقم:16\17) تحت الفصل الأول: الحادي عشر: مدلول قولهم: (صالح الحديث): (أما وُثِّق ومثل الإمام أحمد يتوقف فيه، ومثل أبي حاتم يقول: "صالح الحديث"، فلا نرقيه إلى رتبة الثقة، فتفرد هذا يعد منكراً...
وقال في ترجمة: أبان بن يزيد العطار، قال أبو حاتم: "صالح الحديث". وهذه العبارة تدل على أن غيره من رفاقه أثبت منه كهمام وشيبان). انظر: (معرفة الرواة الثقات) (ص:39)، و(الجرح والتعديل) (2\299)، و(4\357)، و(تهذيب الكمال) (12\598).
وقد عد الأئمة ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (2\37)، والذهبي في (الميزان) (1\4)، والعراقي-كما في "شرح ألفيته" (2\114-السخاوي) عدُّوا جميعاً قولهم: "صالح الحديث" في أدنى مراتب التعديل. وقال ابن أبي حاتم: "وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
وقال الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى-: "مَن قيل: هو صالح الحديث، أو: يكتب حديثه، أو: هو شيخ، فإن هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق". بل: الأمر واضح لا يحتاج إلى شيء لأن: (صالح الحديث) صيغة تعديل، أو: أقل ما يقال: من أدنى مراتب التعديل. انظر: (الرفع والتكميل...) (ص:138/139).
[15]-في: (الجرح والتعديل) (4/6/7).
[16]
-أي: لأبيه، ورفيقه أبي زرعة. انظر: (الجرح والتعديل) (4/6/7).
[17]
-ومثل ذلك قول البخاري (ت:256) في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشْهلي المدني (83-165 هـ): منكر الحديث، وقول أبي حاتم الرازي (ت:277هـ) فيه: شيخٌ. ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، منكر الحديث، (ص:211/رقم:22).
قال السيوطي في: (تدريب الراوي): (الرابعة وهي سادسة بحسب ما ذكرنا (صالح) فإنه يكتب حديثه للاعتبار) (ص:321/رقم:61).
فإذا كان المتابع ممن قيل فيه: متروك الحديث، أو: واهيه، أو: كذاب، فهو ساقط، لا يكتب حديثه ولا يعتبر ولا يستشهد به كما قال السيوطي والعراقي وغيرهما.
فمن قيل فيه تلك الألفاظ يكتب حديثه للاعتبار والاستشهاد لا للاحتجاج، ومنها ما يكتب حديثه وينظر فيه. (ص322/رقم:61).
وقال النسائي: (ليس بثقة ولا يكتب حديثه). وقال مرة: (متروك الحديث). وقال صالح بن محمد البغدادي: (لا يكتب حديثه وأحاديثه كلها مناكير)...
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: (لا يكتب حديثه وهو ضعيف الحديث لا يصدق متروك. (ص:325\رقم:62)
وقال ابن عدي: يكتب حديثه. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي-رحمه الله-: هو صدوق رديء الحفظ. (ص:343\رقم:63).
وقال الدارقطني: (يترك وهو مغفل). وقال ابن عدي-رحمه الله تعالى-: (هو مع ضعفه يكتب حديثه) (ص:352\رقم:63).
وقال أبو حاتم الرازي-رحمه الله-: (لا يحتج به)، وقال ابن عدي: (هو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء). (353\رقم:63)
وأبو حاتم إذا أطلق هذا التعبير: (ليس بالقوي) فبالاستقراء-عند المحدثين-يريد أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت.
أما قول أبي حاتم أيضاً: (يكتب حديثه). فنقول: ذكر الحافظ الذهبي في: (الميزان) (4/345/رقم:9398) في: (ترجمة: الوليد
ابن كثير المُزَني) ما نصه: (... وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه). مع أن قول أبي حاتم هذا، ليس بصيغة توثيق ولا هو بصيغة إهدار).
قال شيخنا أبو غدة-رحمه الله تعالى-في حاشية: (الرفع والتكميل) (ص:164\225): (قلت: ليس بصيغة توثيق)، لأن من قيل فيه ذلك ضعيفٌ نازل عن رتبة الاحتجاج بحديثه، وقال: (لا هو بصيغة إهدار). لأنه ليس ضعيفاً جداً، بحيث لا يصلح حديثه للمتابعات والشواهد، بل: يكتب حديثه لصلاحيته لذلك، فهو بمثابة قولهم في هذه المرتبة: (يعتبرُ به).
ويقابله قولهم-المسئول عنه أيضاً: (لا يكتب حديثه). الآتي في المرتبة الرابعة من مراتب الجرح). ومثله قولهم: (لا يشتغل به). وذلك يعني: أنه ضعيف جداً نازل عن مرتبة صلاحية حديثه للمتابعة والشواهد، وإذا كان كذلك فلا فائدة من كتابة حديثه لهذه الغاية، فلذا لا يكتب حديثه.
جاء في: (الجرح والتعديل). وفي: (تهذيب التهذيب) في ترجمة: (إبراهيم بن مهاجر البجَلي): (قال أبو حاتم: (ليس بالقوي)، هو وحصَيْن بن عبد الرحمن وعطاءُ بن السائب قريب بعضهم من بعض، ومحلُّهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم، ولا يحتَجُّ به. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما معنى: (لا يحتج بحديثهم)؟ قال: كانوا قوماً لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطراباً ما شئت). انتهى.
وقد انتقد الحافظ-شيخ الإسلام-ابن تيمية قولةَ أبي حاتم في بعض الرواة: (يكتب حديثه ولا يحتج به)، وجعلها من تشدده وتعنته في التعديل، جاء في: (مجموع الفتوى) له قوله: (قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. أبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال (الصحيحين)، وذلك أن شرطه في التعديل صعب.
و(الحجةَ) في اصطلاحه، ليس هو (الحجة) في اصطلاح جمهور أهل العلم. وأبو حاتم من أصعب الناس تزكيةً). وقال أيضاً في: (إقامة الدليل): (وأبو حاتم من أشد المزكين شرطاً في: التعديل).اهـ. (ص:378-380\رقم:64).
ثم قال: (وقد قال الإمام أحمد: له أشياء مناكير، وإنما يكتب حديثه يعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا).(ص:387\رقم:65). وانظر عبارة (لا يكتب حديثه) في كتابي: (قناص الشوارد الغالية وإبراز الفوائد والفرائد الحديثية): (ص:440/455/458/رقم:70\489/484/504/505/568/516/519/544/545/546/566/585/586/593/598/609/622/625/631/633/654/664/680/690/707/708/720\793\رقم:71-و861\رقم:72-و986\رقم:95-و1025\رقم:104-و1375رقم:162).
و(يكتب حديثه) في (ص:387/407/441/450/457/رقم:70-و489/474/476/494/512/ 515/532/545/557/559/560/578/586/587/595/597/628/653/656/600/660/ 666 /676/ 677/696/702/725/816\رقم:71-و887/رقم:75-و900\رقم:76-و1025\رقم:104-1106\رقم:122-و1258\رقم:139-و1378\رقم:162-و1385\رقم:167-و1394\رقم:175)، و(شفاء التبريح...) (ص:151/152).
[18]-انظر: (التحرير) (2/22/23/رقم:2276).
[19]-قتادة بن دعامة مدلس يرى القدر. انظر: (السير) (5/271)، وهامش: (شفاء التبريح...) (ص:933).
...........................يتبع