تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا تخريج لحديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه وفيه رد على شبه حول الحديث وفقكم الله جميعا.
    الحديث :
    رواه أحمد في: (مسنده) بلفظ: (من تعزى[1] بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن[2] أبيه ولا تكنوا)[3]-أي: قولوا له صراحة لا كناية... وزعم أحد الإخوة، ولا داعي لذكر اسمه-ممن يتعاطف مع الأستاذ عبد السلام ياسن: بــ(أن الحديث لا يصح لأن فيه الفحش والتفحش ورسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لا يقول الفحشاء ولا يقره).
    فأحببت أن أبين له ولغيره درجة هذا الحديث الصحيح السديد والشديد، وأذكر من صححه من المحدثين قديماً وحديثاً، كما أُبين له تقرير النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لأبي بكر عن مثل هذا الأسلوب التأديبي الشديد، والشنيع اللفظ-فيما يبدو للناس-، كالإعضاض، والإمصاص.

    تخريج الحديث: حديث: : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه[4] ولا تكنوا)، ورد من طرق عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الحسن البصري[5]، عن عُتِيِّ بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب-رضي الله عنه-أن رجلاً اعتزى بعزاء الجاهلية، فأعضه ولم يكنه...-وقال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يقول: : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا). رواه أحمد في: (المسند) (5/136) وغيره.والحديث رواه ابن السني في: (عمل اليوم والليلة) (433) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن البصري عن مكحول، عن عجر بن مدراع التميمي قال: يا آل تميم-وكان من بني تميم-فقال وهو عند أبي بن كعب-رضي الله عنه-، فقال أبي بن كعب-رضي الله عنه-: (أعضك الله بهن أبيك... قال: إن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمرنا: بعزاء الجاهلية، فأعضوه ولا تكنوا)[6].وسعيد بن بشير ضُعِّف، ولا سيما في قتادة، فإنه يروي عنه المنكرات، وما لا يتابع عليه!!، كما قاله محمد بن عبد الله بن نمير[7].وقال ابن حبان-رحمه الله تعالى-: (سعيد بن بشير مولى بني نصر، من أهل دمشق، كنيته أبو عبد الرحمن، وقد قيل أبو هاشم[8]، يروي عن قتادة وعمرو بن دينار، روى عنه الوليد بن مسلم والشاميون، مات سنة-ثمانين-أو: تسع وستين ومائة، وله يوم مات سبع وثمانون سنة، وكان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه، وعن عمرو بن دينار ما ليس يعرف من حديثه، وهو الذي يروي عن هشيم[9] عن أبي عبد الرحمن، عن قتادة، يكني عنه ولا يسميه.حدثنا الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: كان عبد الرحمن يحدثنا عن سعيد بن بشير ثم تركه....)[10].وقال الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى-: (سعيد بن بشير البصر الحافظ، (أخرج حديثه الأربعة) نزل دمشق. عن قتادة، والزهري[11].وعنه: ابن مهدي، وأبو مسهر، وأبو الجماهر، قال البخاري:"يتكلمون في حفظه وهو محتمل"[12]، وقال دحيم: كان مشيختنا يوثقونه، كان قدرياً، مات سنة:168)[13].وقال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني-رحمه الله تعالى ونفعنا بعلومه-في: (التقريب) (رقم:2276): (سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، أبو عبد الرحمن، أو: أبو سلمة، الشامي، أصله من البصرة أو: واسط: "ضعيف"...).وقال الشيخ المحدث شعيب الأرناؤوط، والدكتور بشار عواد في: (تحرير تقريب التهذيب) عند قول الحافظ: (ضعيف): (بل: ضعيف يُعتبر به، نعم ضعفه كثيرون، لكن وثقه:1-شعبة،2-ودحيم،3-وقال البزار: صالح[14]، ليس به بأس، حسن الحديث.4-وقال أبو حاتم وأبو زرعة: محله الصدق عندنا.5-وقال ابن أبي حاتم[15]: قلت لهما[16]: يحتج بحديثه؟ قالا: يحتج بحديث ابن أبي عروبة والدستوائي، هذا شيخ يكتب حديثه[17]، قال: وسمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب: "الضعفاء"، وقال: يُحوَّل منه.وقال البخاري: يتكلمون في حفظه وهو يحتمل. فهذه النقول كلها تدل على أنه يَصلح للمتابعات والشواهد)[18]. وقتادة[19] والحسن مدلسان، والحسن لا تعرف له رواية عن مكحول، فالإسناد غريب شاذ، ومكحول لم يدرك أبي بن كعب.

    =================
    [1]-قالت أم الفضل: التعزي: الانتماء والانتساب للقوم، حزباً كان أو: قبيلة. والعزاء والعزوة بكسر المهملة اسم لدعوى المستغيث. انظر: (النهاية) (3/233).

    [2]-قالت أم الفضل: فأعضوه: أي: اشتموه صريحاً، من العضو وقوله: "بهن أبيه": أي: قولوا له عض أير أبيك، والهن كناية عما يستقبح، وهو عورة الرجل والمرأة. وقوله: (ولا تكنوا): تقول: كنيت عن الأمر، وكنوت عنه إذا ورَّيت عنه بغيره. انظر: (النهاية) (3/233/255)، و(4/207)، و(5/278).
    [3]-رواه أحمد في: (المسند) (5/136)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على (المسند)، والألباني في: (السلسلة الصحيحة) (1/537/539/رقم:269)، و(صحيح الجامع) (1/159/رقم:567)، انظر: (التحفة) للمزي (1/35).
    [4]-والهن: هو عضو الرجل وأداة الجماع منه، ومعنى فأعضوه، أي: قولوا له: عُضَّ هن أبيك. انظر: (فقه الأخلاق) (2/28) للشيخ مصطفى العدوي.
    قلت: والهن هو ما يستقبح التصريح به مطلقاً خلافاً لابن هشام حيث قال: (وقيل: عن الفرج خاصة)، والصحيح أن الهن لا يختص بفرج المرأة، ولا بذكر الرجل بل: يطلق الهن عليهما معاً.

    [5]-انظر: (التمهيد)(1/30 /31) لابن عبد البر، و(معرفة علوم الحديث) (ص:211/212)، و(المنتخب من:العلل للخلال) (ص:153) لابن قدامة المقدسي، و(شرح علل الترمذي) لابن رجب (1/536/539)، و(الكامل) (1/228) لابن عدي، و(المعرفة والتاريخ) (2/32)، و(تهذيب الكمال) (2/114-وما بعدها)، و(تاريخ الإسلام-وفيات101/120-ص:48)، و(سير أعلام النبلاء) (4/563/588)، وحاشية: (علل ابن المديني) (ص:91-تحقيق:حسام) انتهى من كتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (1\77) ومقدمة: (قناص الشوارد الغالية...) (ص:8)،و(شفاء التبريح...) (ص:68)، و(ألفية علل الحديث-المسماة: شافية الغُلل بمهمات علم العلل) (ص:121) القاعدة الرابعة عند قول شيخنا المحدث محمد الأثيوبي:

    بعضُ المدلِّسين ما كان حصلْ *** تدليسه عن بعضِ مَن عنه حمَلْ

    فإنْ روى عنهمْ يكُنْ مُتَّصِلاَ *** مثلُ هُشَيمٍ عن حُصَينٍ فاقبَلاَ
    كذلك الثوريُّ ما دلَّسَ عن *** حبيبٍ أو: نجْلِ كُهَيْلٍ فاعلمَنْ
    ولا عن المنصور ما أقلَّ ما *** دلَّسَ قالَ ذا البخاريُّ اعْلَمَا
    "هشيم": هو ابن بشير، و"حصين": هو ابن عبد الرحمن، و"حبيب": هو ابن أبي ثابت، و"نجل كُهيل": هو سلمة، و"منصور": هو ابن المعتمر. انتهى من (مزيل الخلل عن أبيات شافية الغُلل) (ص:121).
    والحسن البصري مدلس، ولم يصرح بسماعه عن عتي، وعتي بن ضمرة بن ضمرة التميمي السعدي البصري، إنما وثقه ابن سعد العجلي،-والحافظ في: (التقريب) (2/432/رقم:4445-مع التحرير)-وقال: روى عنه الحسن ستة أحاديث، ولم يرو عنه غيره.
    لكن ذكر ابن الجنيد عن ابن معين: روى قرة بن خالد عن عبد الله بن عتي بن ضمرة عن أبيه، وقال ابن المديني: مجهول، سمع من أبي بن كعب أحاديث لا نحفظها إلا من طريق الحسن، وحديثه يشبه حديث أهل الصدق، وإن كان لا يعرف. كما في: (تهذيب التهذيب) (7/104).
    وسبق أن قلت في كتابي: (شفاء التبريح...) (ص:436) ما نصه: قال المحدث الألباني في تخريج كتاب(السنة) لابن أبي عاصم (1/176) عن تدليس الحسن البصري: (وإنما يخشى من تدليسه إذا عنعن عن الصحابة، وأما إذا عنعن عن أقرانه من التابعين... فما علمت أنهم يخشون هذه العنعنة. والله أعلم).
    وقال الأرناؤوط وعواد في: (تحرير التقريب) (1\270\271\رقم:1227): (ينبغي التنبه أن تدليس الحسن قادح إذا كان عن صحابي، أما إذا كان عن تابعي فلا، ولا بد من هذا القيد).

    [6]-قال المحدث الألباني-رحمه الله تعالى-في: (السلسلة الصحيحة) (1/537/539/رقم:269): (رواه البخاري في "الأدب المفرد" (936)، والنسائي في: "السير" من "السنن الكبرى" له (1/36/1-2)، وأحمد في: "المسند" (5/136)، وأبو عبيد في: "غريب الحديث" (ق22/2/53/1)، وابن مخلد في: "الفوائد" (ق3/1)، والهيثم بن كليب في: "مسنده" (ق1/187)، والطبراني في: (المعجم الكبير) (ق2/27)، والبغوي في: (شرح السنة) (4/99/2)، والضياء المقدسي في: (الأحاديث المختارة) (1/407). (وهذا الحديث أقل أحواله أن يكون حسناً على الراجح).
    [7]

    -انظر: (الجرح والتعديل) (4/7).

    [8]

    -وقيل أبو سلمة. انظر: (تحرير التقريب) (2/22/رقم:2276).

    [9]

    -قال يحيى بن معين: كان هشيم والأعمش والوليد بن مسلم مدلسين. انظر: (مزيل الخلل عن أبيات شافية الغُلل) (ص:121)، و(شفاء التبريح...) (ص:68).

    [10]

    -انظر: (تاريخ الدوري) (2/196)، والدارمي (44/45/281/400)، و(تاريخ ابن شاهين) (46 م)، و(الضعفاء) (131) للبخاري، و(282) للنسائي، و(2/100/101) للعقيلي، و(3/369/376) لابن عدي، و(1369) لابن الجوزي، و(الجرح والتعديل) (4/6/7)، و(المجروحين من المحدثين) (1/400/رقم:387)، و(تهذيب الكمال) (7/137/رقم:2225)، أو: (10/348/356)، و(الكاشف) (1/310/رقم:1875).

    [11]-فائدة: قال الذهبي في: (السير) (5/339): (مراسيل الزهري كالمعضل، لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه سقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه ولما عجز عن وصله ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبيr، ومن عدَّ مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ونحوهما، فإنه لم يدر ما يقول، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه). قال علي بن المديني: (مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح، ومرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات، صحاح، ما أقل تدليسه).

    انتهى من كتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (1\44)، ومقدمة: (قناص الشوارد الغالية...) (ص:94)، وهامش: (شفاء التبريح...) (ص:386).

    [12]-انظر: (الضعفاء) (131) للبخاري، و(الكاشف) (1/310/رقم:1875).

    [13]

    -انظر: (الكاشف) (1/310/رقم:1875).

    [14]
    -فائدة: قال المحدث الألباني-رحمه الله-في: (الضعيفة) (4/341): (قول الخطيب: "وكان صالحاً متنسكاً": "وما أعتقد أن هذه العبارة تفيد توثيق الرجل في الرواية، إذ لا تلازم بين كون الرجل صالحاً متنسكاً، وبين كونه ثقة ضابطاً، فكم في الصالحين من ضعفاء ومتروكين، كما هو معروف لدى من له عناية بهذا العلم الشريف").

    وجاء في حاشية: (كتاب السلسبيل في شرح ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل) (ص:40\رقم:17): (تنبيه: هناك فرق بين قولهم: "صالح" فقط بدون إضافة "الحديث"، وقولهم: "صالح الحديث".قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (1\237): "وقول الخليلي فيه-يعني: أبا زكرياء يحيى ابن محمد بن قيس البصري-إنه شيخ صالح، فإنما أراد صلاحيته في دينه جرياً على عادتهم في إطلاق الصلاحية حيث يريدون بها الديانة، أما حيث أريد في الحديث، فيقيدونها").

    قال الحافظ الذهبي في: (الميزان) (1\364/365/رقم:1367)، و(كتاب السلسبيل في شرح ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل) (ص:40\رقم:16\17) تحت الفصل الأول: الحادي عشر: مدلول قولهم: (صالح الحديث): (أما وُثِّق ومثل الإمام أحمد يتوقف فيه، ومثل أبي حاتم يقول: "صالح الحديث"، فلا نرقيه إلى رتبة الثقة، فتفرد هذا يعد منكراً...
    وقال في ترجمة: أبان بن يزيد العطار، قال أبو حاتم: "صالح الحديث". وهذه العبارة تدل على أن غيره من رفاقه أثبت منه كهمام وشيبان). انظر: (معرفة الرواة الثقات) (ص:39)، و(الجرح والتعديل) (2\299)، و(4\357)، و(تهذيب الكمال) (12\598).
    وقد عد الأئمة ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (2\37)، والذهبي في (الميزان) (1\4)، والعراقي-كما في "شرح ألفيته" (2\114-السخاوي) عدُّوا جميعاً قولهم: "صالح الحديث" في أدنى مراتب التعديل. وقال ابن أبي حاتم: "وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
    وقال الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى-: "مَن قيل: هو صالح الحديث، أو: يكتب حديثه، أو: هو شيخ، فإن هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق". بل: الأمر واضح لا يحتاج إلى شيء لأن: (صالح الحديث) صيغة تعديل، أو: أقل ما يقال: من أدنى مراتب التعديل. انظر: (الرفع والتكميل...) (ص:138/139).

    [15]-في: (الجرح والتعديل) (4/6/7).

    [16]

    -أي: لأبيه، ورفيقه أبي زرعة. انظر: (الجرح والتعديل) (4/6/7).

    [17]

    -ومثل ذلك قول البخاري (ت:256) في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشْهلي المدني (83-165 هـ): منكر الحديث، وقول أبي حاتم الرازي (ت:277هـ) فيه: شيخٌ. ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، منكر الحديث، (ص:211/رقم:22).

    قال السيوطي في: (تدريب الراوي): (الرابعة وهي سادسة بحسب ما ذكرنا (صالح) فإنه يكتب حديثه للاعتبار) (ص:321/رقم:61).

    فإذا كان المتابع ممن قيل فيه: متروك الحديث، أو: واهيه، أو: كذاب، فهو ساقط، لا يكتب حديثه ولا يعتبر ولا يستشهد به كما قال السيوطي والعراقي وغيرهما.
    فمن قيل فيه تلك الألفاظ يكتب حديثه للاعتبار والاستشهاد لا للاحتجاج، ومنها ما يكتب حديثه وينظر فيه. (ص322/رقم:61).
    وقال النسائي: (ليس بثقة ولا يكتب حديثه). وقال مرة: (متروك الحديث). وقال صالح بن محمد البغدادي: (لا يكتب حديثه وأحاديثه كلها مناكير)...
    وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: (لا يكتب حديثه وهو ضعيف الحديث لا يصدق متروك. (ص:325\رقم:62)
    وقال ابن عدي: يكتب حديثه. وقال الحافظ شمس الدين الذهبي-رحمه الله-: هو صدوق رديء الحفظ. (ص:343\رقم:63).
    وقال الدارقطني: (يترك وهو مغفل). وقال ابن عدي-رحمه الله تعالى-: (هو مع ضعفه يكتب حديثه) (ص:352\رقم:63).
    وقال أبو حاتم الرازي-رحمه الله-: (لا يحتج به)، وقال ابن عدي: (هو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء). (353\رقم:63)
    وأبو حاتم إذا أطلق هذا التعبير: (ليس بالقوي) فبالاستقراء-عند المحدثين-يريد أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت.
    أما قول أبي حاتم أيضاً: (يكتب حديثه). فنقول: ذكر الحافظ الذهبي في: (الميزان) (4/345/رقم:9398) في: (ترجمة: الوليد
    ابن كثير المُزَني) ما نصه: (... وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه). مع أن قول أبي حاتم هذا، ليس بصيغة توثيق ولا هو بصيغة إهدار).
    قال شيخنا أبو غدة-رحمه الله تعالى-في حاشية: (الرفع والتكميل) (ص:164\225): (قلت: ليس بصيغة توثيق)، لأن من قيل فيه ذلك ضعيفٌ نازل عن رتبة الاحتجاج بحديثه، وقال: (لا هو بصيغة إهدار). لأنه ليس ضعيفاً جداً، بحيث لا يصلح حديثه للمتابعات والشواهد، بل: يكتب حديثه لصلاحيته لذلك، فهو بمثابة قولهم في هذه المرتبة: (يعتبرُ به).
    ويقابله قولهم-المسئول عنه أيضاً: (لا يكتب حديثه). الآتي في المرتبة الرابعة من مراتب الجرح). ومثله قولهم: (لا يشتغل به). وذلك يعني: أنه ضعيف جداً نازل عن مرتبة صلاحية حديثه للمتابعة والشواهد، وإذا كان كذلك فلا فائدة من كتابة حديثه لهذه الغاية، فلذا لا يكتب حديثه.
    جاء في: (الجرح والتعديل). وفي: (تهذيب التهذيب) في ترجمة: (إبراهيم بن مهاجر البجَلي): (قال أبو حاتم: (ليس بالقوي)، هو وحصَيْن بن عبد الرحمن وعطاءُ بن السائب قريب بعضهم من بعض، ومحلُّهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم، ولا يحتَجُّ به. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما معنى: (لا يحتج بحديثهم)؟ قال: كانوا قوماً لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطراباً ما شئت). انتهى.
    وقد انتقد الحافظ-شيخ الإسلام-ابن تيمية قولةَ أبي حاتم في بعض الرواة: (يكتب حديثه ولا يحتج به)، وجعلها من تشدده وتعنته في التعديل، جاء في: (مجموع الفتوى) له قوله: (قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. أبو حاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال (الصحيحين)، وذلك أن شرطه في التعديل صعب.
    و(الحجةَ) في اصطلاحه، ليس هو (الحجة) في اصطلاح جمهور أهل العلم. وأبو حاتم من أصعب الناس تزكيةً). وقال أيضاً في: (إقامة الدليل): (وأبو حاتم من أشد المزكين شرطاً في: التعديل).اهـ. (ص:378-380\رقم:64).
    ثم قال: (وقد قال الإمام أحمد: له أشياء مناكير، وإنما يكتب حديثه يعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا).(ص:387\رقم:65). وانظر عبارة (لا يكتب حديثه) في كتابي: (قناص الشوارد الغالية وإبراز الفوائد والفرائد الحديثية): (ص:440/455/458/رقم:70\489/484/504/505/568/516/519/544/545/546/566/585/586/593/598/609/622/625/631/633/654/664/680/690/707/708/720\793\رقم:71-و861\رقم:72-و986\رقم:95-و1025\رقم:104-و1375رقم:162).
    و(يكتب حديثه) في (ص:387/407/441/450/457/رقم:70-و489/474/476/494/512/ 515/532/545/557/559/560/578/586/587/595/597/628/653/656/600/660/ 666 /676/ 677/696/702/725/816\رقم:71-و887/رقم:75-و900\رقم:76-و1025\رقم:104-1106\رقم:122-و1258\رقم:139-و1378\رقم:162-و1385\رقم:167-و1394\رقم:175)، و(شفاء التبريح...) (ص:151/152).

    [18]-انظر: (التحرير) (2/22/23/رقم:2276).

    [19]-قتادة بن دعامة مدلس يرى القدر. انظر: (السير) (5/271)، وهامش: (شفاء التبريح...) (ص:933).



    ...........................يتبع




    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    -وقد قلت في: (شفاء التبريح في شرح ألفاظ التجريح) (ص:465/472): (فائدة: في حكم مرسل مجاهد، والحسن وغيرهما:
    قال علي بن المديني-رحمه الله تعالى-: (مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل أحد-وكذا أبو العالية).
    وقال أيضاً: (قلت ليحيى بن سعيد: مرسلات مجاهد أحب إليك أو: مرسلات طاوس؟ فقال: ما أقربهما). أسنده ابن أبي حاتم في: (المراسيل)(ص:4)، وفي: (المقدمة) (1/244)، والخطيب في: (الكفاية) (387)، و(العدة) (3/920/921)، و(جامع التحصيل) (99)، و(النكت) للزركشي (1/513).
    وجاء في: (النكت): (مجاهد عن علي، وعطاء عن علي إنما هو كتاب) أي: ليس سماعاً، بل: كان رواية من الكتاب. قال يحيى بن سعيد: (أما مجاهد عن علي فليس به بأس، إنه قد أسند ابن أبي ليلى عن علي، وأما عطاء فأخاف أن يكون من كتاب). انظر: (تقدمة الجرح والتعديل) (1/24).
    وقال الشافعي عن مراسيل الزهري: (رأيناه يرسل عن الضعفاء). انظر: (معرفة السنن والآثار) (1/95)، و(آداب الشافعي) (82)، و(الكفاية) (386).
    وقال الإمام يحيى بن معين-رحمه الله تعالى-: (مرسل الزهري ليس بشيء). (تاريخ ابن عساكر) (ص:195).
    وروى ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد-رحمهما الله-: (أنه كان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، يقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه). انظر: (مقدمة الجرح والتعديل) (246)، إليه بسنده، وكذا في: (المراسيل) (ص:3)، و(جامع التحصيل) (87/101).
    وقال جعفر بن عبد الواحد الهاشمي-رحمه الله تعالى-: (قلت لأحمد بن صالح: قال يحيى بن سعيد: مرسلات الزهري شبه لا شيء. فغضب أحمد وقال: ما ليحيى بمعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى).
    أسنده عنه في: (الكفاية) (386)، وابن عساكر في: (تاريخه) (ص:160) كلاهما من طريق يعقوب بن سفيان الفسوي. انظر: (جامع التحصيل) (101)، و(السير) (5/338).
    قال إمام العلل علي بن المديني-رحمه الله تعالى-: (مرسلات يحيى بن أبي كثير، شبه الريح، ومرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات، صحاح، ما أقل تدليسه)[1].
    قال أبو زرعة-رحمه الله تعالى-: (كل شيء قال الحسن: قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وجدت له أصلاً ثابتاً، ما خلا أربعة أحاديث)[2].
    وقال الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى-: (الحسن مع جلالته فهو مدلس، ومراسيله ليست بذاك، ولم يطلب الحديث في صباه، وكان كثير الجهاد، وصار كاتباً لأمير خراسان الربيع بن زياد)[3].
    قال شيخ شيخنا المحدث محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى-: (ومن المعلوم أن إبراهيم النخعي تابعي ثقة جليل؛ فإذا روى عن غير واحد من شيوخه، فهو على الأقل من أمثاله من التابعين؛ إن لم يكونوا أكبر منه سناً، فروايته عنه مما يُلقي في النفس الثقة والاطمئنان لروايتهم؛ لأنهم جمع فيبعد جداً أن يهموا في روايتهم عن ابن مسعود، فضلاً عن التواطؤ على الكذب عليه، كما هو ظاهر، وبصورة عامة لتابعيتهم، وبخاصة أنهم من شيخ إبراهيم وهو يروي عنهم، ولا سيما وفي ترجمته أنه كان صيرفي الحديث، كما قال الأعمش، فليس من المعقول ألبتة[4] أن يروي هو عنهم، وهو غير مطمئن لصدقهم وحفظهم، وهم بالنسبة إلينا جمع ينجبر به جهالتهم، وكلام ابن تيمية المتقدم صفحة: (70) في تقوية الحديث الضعيف والمرسل بالطرق يدل على هذا، ولذلك صحح جماعة من الأئمة مراسيل إبراهيم، وخص ذلك البيهقي بما أرسله عن ابن مسعود كما في: (مراسيل) العلائي (ص:168)، وأقره الحافظ في: (التهذيب)، وهذا أعم مما لو قال:
    "قال عبد الله: "فيشمل ما لو قال: "عن عبد الله" ويؤيده أنه ليس ثمة فرق ظاهر بين العبارتين أولاً، ولأنه لم يقل في كل منهما: "عن رجل" تبرئة لذمته، فاستويا في الحكم[5].
    جماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود-رضي الله عنه-كما نقله في: "التهذيب".
    وقول البيهقي هو الصواب؛ لقول الأعمش: قلت لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود، فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله؛ فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله؛ فهو عن غير واحد عن عبد الله.
    فهذا صريح أن ما أرسله عن ابن مسعود يكون بينه وبين ابن مسعود أكثر من واحد، وهم وإن كانوا مجهولين، فجهالتهم مغتفرة؛ لأنهم جمع من جهة ومن التابعين-بل: وربما من كبارهم-من جهة أخرى وهذه فائدة أخرى سبق أن ذكرتها في موضع آخر، لا يحضرني الآن[6].
    الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند جمهور علماء الحديث، ولا سيما إذا كان من مرسل الحسن وهو البصري[7].
    الحسن نفسه قد يروي حديثاً عن صحابي دون أن يسمي من حدثه عنه، ثم هو يفتي بخلافه! الأمر الذي يشعرنا بأنه هو نفسه كان لا يثق بما يرسله، فانظر: "الضعيفة" الحديث رقم: (342)...)[8]-.
    وقد ذكرت أيضاً في كتابي: (شفاء التبريح...) (ص:973/974) في: (فائدة في بيان أن التدليس لا يعد جرحاً).
    هل يعد التدليس جرحاً، لأنا نجد في الثقات من يوصف بالتدليس كالأعمش، وقتادة، والحسن، وغير هؤلاء؟
    الجواب: من أهل العلم من اعتبره جرحاً، والصحيح أنه لا يعتبر جرحاً، لكن المدلس الذي كثر تدليسه وهو ثقة، أو: صدوق فإن صرح بالتحديث قُبل، وإن لم يصرح بالتحديث يتوقف فيه، فهذا في تدليس الإسناد.
    أما تدليس الشيوخ فلا بد أن يعرف الشيخ بأنه ذلك الراوي الذي ربما دلسه ووصفه بوصف لا يعرف، والمدلسون ينقسمون إلى خمس طبقات:
    الطبقة الأولى والثانية غير المكثرين فلا تضر عنعنتهم كالسفيانين، وخصوصاً سفيان بن عيينة فإنه امتاز من بين المدلسين بشيء أنه لا يدلس إلا عن ثقة فلا تضر عنعنته، وإذا انضم إلى التدليس ضعف فإن هذا يضر كالطبقة الخامسة من طبقات الحافظ.
    وأنصح الإخوة باقتناء كتاب: (طبقات المدلسين)[9]، للحافظ ابن حجر، وباقتناء كتاب: (جامع التحصيل) للعلائي، فإنه تكلم على التدليس والمدلسين، ومن هو الذي تضر عنعنته، ومن يغتفر إذا روى عن مشايخ أكثر عنهم كالأعمش، فإنهم قالوا: يغتفر إذا عنعن عن أبي صالح، أو: أبي وائل، أو: إبراهيم بن يزيد النخعي.
    وأيضاً لا تضر عنعنة الأعمش وأبي إسحاق وقتادة[10] إذا كان الراوي عنهم شعبة فقد قال: كفيتكم تدليس ثلاثة…-كما أسلفنا-فإذا عنعنوا والراوي عنهم شعبة فلا تضر[11].
    وفي لفظ عن عُتِيِّ بن ضمرة السعدي قال: رأيت رجلاً تعزى عند أبي بن كعب بعزاء الجاهلية افتخر بأبيه فأعضه بأبيه ولم يُكنِهِ، ثم قال لهم: أما إني قد أرى الذي في أنفسكم إني لا أستطيع إلا ذلك، سمعت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يقول: : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا).
    وفي لفظ أن رجلاً اعتزى-انتسب صدقاً كان الانتساب أو: كذباً-بعزاء الجاهلية فأعضه ولم يُكنِهِ، فنظر القوم إليه، فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم إني لا أستطيع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمرنا[12] إذا سمعتم: : (من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا).
    وفي رواية أنهم قالوا لأبي بن كعب-رضي الله عنه-لما سمعوه قال ما قال: (ما كنت فحاشاً، فقال: إنما أُمِرنا بذلك). ============================== ============
    [1]-انظر: (تهذيب الكمال) (2/121)، وحاشية: (العلل) للدارقطني (ص:91) بتحقيق: حسام محمد بو قريص.

    [2]-انظر: (الكامل) لابن عدي (1/228)، وقد تكلم غير واحد من السلف في مراسيل الحسن منهم ابن سيرين، والإمام أحمد، كما في: (المنتخب من: العلل للخلال) (ص:153) لابن قدامة المقدسي، و(شرح علل الترمذي) (1/536/539) للحافظ ابن رجب.

    [3]-انظر: (السير) (4/572)، و(نصب الراية) (1/90). وللتوسع في إرسال الحسن يرجى الرجوع إلى حاشية: (العلل) لابن المديني (ص:91/92) وما بعدها. غير أنه يتوقف في عنعنته عن الصحابة، وتقبل عنعنته عن التابعين. (الصحيحة) (2/511).

    [4]-قالت أم الفضل: قرأت في هامش: (إخبار الأصحاب بفوائد العتاب) (ص:64) ،،، (5/106): (همزة: "ألبتة" يجوز فيها وجهان، القطع وهو الأكثر، والوصل وهو الأشهر).

    [5]-انظر: (تحريم آلات الطرب) (ص:145/146)، و(نصب المجانيق...) (ص:41/45).

    [6]-انظر: (السلسلة الصحيحة) (5/317/رقم:2252).

    [7]-انظر: (السلسلة الضعيفة) (1/55/رقم:2).

    [8]-انظر: (السلسلة الصحيحة) (6/756/ق2/رقم:342)، و(الضعيفة) (1/516/رقم:342).

    [9]-وقد نظمه فضيلة شيخنا المحدث المطلع محمد الأثيوبي نظماً جامعاً ومانعاً سماه: (الجليس الأنيس في شرح الجوهر النفيس في نظم أسماء ومراتب الموصوفين بالتدليس). وأنا أوصي بقراءة كتاب: (التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التدليس) لشيخنا عبد العزيز الغماري، و(التبيين لأسماء المدلسين) لسبط ابن العجمي.

    [10]-قال المحدث الألباني-رحمه الله تعالى-في: (النصيحة) (109): (فإن عنعنة قتادة مغتفرة لقلتها بالنسبة لحفظه وكثرة حديثه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في ترجمته من مقدمة: (الفتح) بقوله: "ربما دلس" وكأنه لذلك لم يذكره في: "التقريب" بتدليس، وكذلك الذهبي في: (الكاشف)-"2/382/رقم:4602" وهي النسخة التي عندي داخل السجن المحلي بتطوان-.
    ونجد في: "الصحيحين"-وغيرهما-أحاديث كثيرة جداً لقتادة بالعنعنة، حتى ابن حبان الذي وصفه بالتدليس، قد أكثر عنه بها، ويحتمل أن ذلك كان منهم لأنه كان-كما قال الحاكم-: لا يدلس إلا عن ثقة كما نقله العلائي في كتابه القيم: "جامع التحصيل" "112").
    وخالف محررا (أحكام التقريب) (3/178/رقم:5518) الشيخ الألباني فقالا: (لم يتعرض المصنف هنا لتدليسه، وقال في مقدمة: "الفتح": ربما دلس، وذكره في: "طبقات المدلسين" في الطبقة الثالثة، وهي التي لا يقبل حديث أصحابها إلا إذا صرحوا بالسماع، وقال: مشهور بالتدليس، وعده الذهبي من المدلسين في منظومته فيهم، وفي: "التهذيب" عدد غير قليل ذكر الأئمة أنه لم يسمع منهم، وقال العلائي: "أحد المشهورين بالتدليس").

    [11]-انظر: (غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة) (1/138/139) للشيخ مقبل الوادعي.

    [12]-وهذا أمر لنا من رسول الله-صلى اللله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أن نتعامل مع أصحاب الجاهلية أو: مع من دعا بدعوى الجاهلية-من حزبية أو: وثنية-ضريحاً كانت أو: شجرة، مثل ما يدعو إليه وازر الأوقاف من عبدة الأضرحة-أو: أصحاب الافتخار افتخار بالآباء والأجداد-ونقابله بمثل هذا الأسلوب النبوي إلى يوم القيامة.
    وقد امتثل أبي بن كعب-رضي الله عنه-راوي الحديث لهذا الأمر النبوي، عند ما سمع من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضَّه بهن أبيه صراحة دون كناية، وشرح الراوي الموافق للحديث مقدم على غيره، لأنه هو أعلم بمرويه من غيره.
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    وفي رواية لأحمد-بسنده-: قال أبي بن كعب: (كنا نؤمر إذا الرجل تعزّى بعزاء الجاهلية فأعِضّوه بِهَنِأبيه ولا تَكْنُوا).
    روى عبد الله بن أحمد-رحمه الله تعالى-في: (زوائد المسند) (5/133)[1] قال: ثنا محمد بن عمرو بن العباس
    الباهلي
    [2]، ثنا سفيان عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبيٍّ-رضي الله عنه-: (أن رجلاً اعتزى فأعضه أبي بهن أبيه فقالوا: ما كنت فحاشاً، فقال: إنما أُمِرنا بذلك).

    وفي رواية للنسائي في: (الكبرى) من طريق عُتيّ بن ضمرة قال: شهدته يوماً- يعني: أُبَيّبن كعب-وإذا رجل يتعزى بعزاء الجاهلية، فأعَضَّه بِأيْـرِ أبيه ولم يَكنه، فكأنالقوم استنكروا ذلك منه فقال: لا تلوموني! فإن نبي الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قاللنا: (من رأيتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعِضوه ولا تَكنوا).
    شيخ عبد الله بن أحمد هو أبو بكر البصري، ترجمة الخطيب في: (تاريخ بغداد) (3/127) وذكر روايته عن سفيان ابن عيينة، ورواية عبد الله بن أحمد عنه.
    قال أبو أنس إبراهيم الصبيحي في: (النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد ذهبي العصر العلامة: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني) (ص:603/رقم:702): (... وليس هو محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد العتكي مولاهم، أبو جعفر البصري، المترجم في: "تهذيب الكمال" (26/208) كما توهمه الشيخ الألباني في: (السلسلة الصحيحة) (1/477): فإن أبا بكر نُسِبَ باهلياً، وليس كذلك أبو جعفر، وذكر الخطيب رواية أبي بكر عن ابن عيينة، وليس كذلك أبو جعفر، واتفقا أنهما بصريان، ويروي عنهما عبد الله بن أحمد-رحم الله الجميع-.
    وصاحبنا في الإسناد قد روى عنه جماعة، وأسند الخطيب إلى ابن عقدة قوله: سمعت عبد الرحمن بن يوسف (وهو ابن خراش) يقول: كان ثقة. وفي الاحتجاج بما يرويه ابن عقدة في الجرح والتعديل نظر، كما قاله الخطيب وغيره).
    وقد ذكرت في كتابي: (شفاء التبريح...) (ص:280/281): (...9-وفي: (1/373) ما نصه: (...قال البرقاني: (قلت للدارقطني: أيش أكثر ما في نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير).
    وفي: (الميزان): (قرأت بخط يوسف بن أحمد الشيرازي: سئل الدارقطني عن ابن عقدة فقال: لم يكن في الدين بالقوي وأكذب من يتهمه بالوضع، وإنما بلاؤه هذه الوجادات).
    وفيه: قال ابن عدي: سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث لأنه كان يحمل شيوخاً بالكوفة على الكذب يسوي لهم نسخاً ويأمرهم أن يَرْوُوها ثم يرويها عنهم).
    وجاء في: (اللسان): (وقال ابن عدي أيضاً: سمعت أبا بكر الباغندي يقول: كتب إلينا ابن عقدة: قد خرج شيخ بالكوفة عنده نسخ الكوفيين، فقدمنا عليه وقصدنا الشيخ فطالبناه بالأصول، فقال: ما عندي أصل وإنما جاءني ابن عقدة بهذه النسخ وقال لي: إروِ هذه يكون لك ذكر ويرحل إليك أهل بغداد، قال: وسمعت ابن مكرم يقول لنا عند ابن عثمان بن سعيد في بيت وقد وضع بين أيدينا كتباً كثيرةً فنزع ابن عقدة سراويله وملأه منها سراً من الشيخ ومنا فلما خرجنا قلنا: ما هذا الذي تحمله؟ فقال: دعونا من ورعكم هذا)...
    أراد الحضرمي أبو جعفر–يعني: مطيناً-أن ينشر أن ابن عقدة كذاب ويصنف في ذلك فتوفي-رحمه الله-قبل أن يفعل).
    قال المحبوس عمر: وكم في القبور من آهات وحسرات، وأمنيات، وحاجات لم تتم، وهي تجأر وتشكو إلى الله من باطن الأرض!! ونحن نتألم داخل زنازننا الانفرادية لأن فوائدهم فاتتنا وحُرِمنا منها، وإن وُجد بعضها في أمهات الكتب، وبناتها.
    أعود وأقول: ولحديث أبي بن كعب-رضي الله تعالى عنه- طرق كثيرة يتقوى بها في: (مسند) الإمام، و(زوائد ابنه) (5/136/رقم:20284/20285/20271)، ورواه البخاري في: (الأدب المفرد) (936/946)، والطبراني في: (المعجم الكبير) (1/27/2)، وسكت عنه ابن القيم كما في: (زاد المعاد) (2/471)، والبغوي في: (شرح السنة) (13/120) من حديث أبي بن كعب: (رجاله ثقات، وإسناده صحيح، وله إسناد آخر عن أُبي عند عبد الله ابن الإمام أحمد "5/133"، وإسناده صحيح).
    وله طريق آخر عند أحمد (5/133/136)، والنسائي في: (عمل اليوم والليلة) (ص:540) بإسناد صحيح.
    وبعد كتابة ما سبق: أخبرتني أم الفضل-حفظها الله-أن تخريج هذا الحديث موجود بموقع: (ملتقى أهل الحديث-منتدى التخريج ودراسة الأسانيد) تحت عنوان: (تخريج حديث: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولاتكنوا")، وهذا نصه: قال الباحث أبو سهل السهيلي: إن الحديث حسن لغيره!!.
    رواه البخاري في كتابه: (الأدب المفرد) [963/1-بتحقيقي)، والنسائي في: (السنن الكبرى) (5/272/رقم:8864)، و(6/242/رقم:10812)، وفي: (عمل اليوم والليلة) (976)[3]، وأحمد في: (المسند) (5/136)، وابنه في: (زوائد المسند) (5/136)، وابن أبي شيبة في: (المصنف) (15/33/رقم:19030)، أو: (7/456/رقم:37183)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في: (غريب الحديث) (3/163/رقم:422)، و(3/288/رقم:467) (ط مجمع اللغة العربية)، والحربي في: (الغريب) (3/919)، والطحاوي في: (شرح مشكل الآثار) (رقم:3204/3207)، والهيثم بن كليب الشاشي في: (مسنده) (3/374/رقم:1499)، وابن حبان في: (3153-الإحسان)، أو: (736-موارد)، والطبراني في: (المعجم الكبير) (1/198/199/رقم:532)، والقطيعي في: (جزء الألف دينار) (209)، وأبو نعيم في: (معرفة الصحابة) (756)، والبغوي في: (شرح السنة) (13/120/121/رقم:3541)، والضياء المقدسي في: (المختارة) (رقم:1242/1244)، والمزي في: (تهذيب الكمال) (19/339/330)، و(19/330)
    كلهم من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي
    [4] عن الحسن عن عُتي بن ضمرة قال: رأيت أبياً وتعزى رجل بعزاء الجاهلية، فأعضه ولم يكْنِ، قال: قد أرى الذي في أنفسكم، (أو: في نفسك) إني لم أستطع إذ سمعتها أن لا أقولها، سمعت رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يقول: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا"
    قلت: وقد توبع عوفاً عليه، تابعه المبارك بن فضالة، والسري بن يحيى، ويونس بن عبيد.
    أما الأول: فقد رواه البخاري في: (الأدب المفرد) (963/2 بتحقيقي)
    [5]، والهيثم بن كليب الشاشي في: (مسنده) (3/375/رقم:1500).

    والثاني: رواه النسائي في: (السنن الكبرى) (6/242/رقم:10811)، وفي: (عمل اليوم والليلة) (975)، وعنه الطحاوي في: (مشكل الآثار) (3205).
    قال النسائي: أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة قال: حدثنا معاوية-هو ابن حفص-قال: حدثنا السري بن يحيى عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "من سمعتموه يدعو بدعوى الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا". وشيخ النسائي، وشيخه صدوقان، والسري ثقة.
    والأخير: رواه أحمد في: (المسند) (5/136)، وابنه في: (الزوائد) (5/136)، ومحمد بن مخلد العطار في: (جزء من فوائده) (6)، وأبو الشيخ في: (طبقات المحدثين بأصبهان) (2/322) (ت 160)، أو: (2/247) (ت 155)، والضياء المقدسي في: (المختارة) (1243).
    من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي أن رجلا تعزى بعزاء الجاهلية ... قال أُبي: كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا.
    ورواه المقدسي الحديث من طريق الروياني في: (الأفراد)، وعزاه له المتقي الهندي في: (كنز العمال).
    قلت: عتي بن ضمرة
    [6]، وثقه ابن حبان، والعجلي، ومحمد بن سعد، وكذا وثقه الحافظ.
    وقال على بن المديني: مجهول، سمع من أبي بن كعب، لا نحفظها إلا من طريق الحسن، و حديثه يشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرف.

    قلت: أي: لا يعرف إلا بروايته عن أبي بن كعب-رضي الله عنه-، ولا يروي عنه إلا الحسن البصري، والله أعلى وأعلم، وهذا هو المشهور، وإلا فقد ورد أن ابنه روى عنه، وأنه روى عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-.
    قلت: وقد خالف الأربعة المتقدمين (عوف، ومبارك، والسري، ويونس) أشعث، و كهمس بن الحسن، فكلاهما رواه عن الحسن عن أبي بن كعب-رضي الله عنه-مباشرة-، بإسقاط عتي بن ضمرة.

    أما أشعث فروايته عند النسائي في: (السنن الكبرى) (5/272/رقم:8865)، و(6/242/رقم:10810)، وهو في: (عمل اليوم والليلة) (974).
    وكهمس روايته عند ابن أبي شيبة في: (المصنف) (15/32-33/رقم:19029)، أو: (7/456/رقم:37182) بلفظ: "من اتصل بالقبائل ....".
    قلت: وهو منقطع بين الحسن وأبي-رضي الله عنه-، فقد قال المزي: لم يدركه.
    قلت: والحسن معروف بالتدليس، وقد قال الحافظ عنه: "ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيراً ويدلس"
    وهو لم يصرح بالسماع... قال الهيثمي في: (مجمع الزوائد) (3/3): "رواه الطبراني في: (الكبير)
    [7]، ورجاله ثقات".

    قلت: وقد رواه عبد الله بن أحمد في: (زوائد المسند) (5/133)، ومن طريقه الضياء المقدسي في: (المختارة) (1235) قال عبد الله: ثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي -رضي الله عنه-أن رجلا اعتزى فأعضه أبي بِهنِ أبيه، فقالوا: ما كنت فحاشاً!
    قال: إنا أمرنا بذلك.

    قلت: شيخ عبد الله ذكره ابن حبان في: (الثقات) (9/107)، وقد ترجم له الخطيب البغدادي في: (تاريخ بغداد) (3/127)، وقال: أنبأنا على بن محمد بن الحسين الدقاق قال: قرأنا على الحسين بن هارون عن أبى العباس بن سعيد قال: محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، سمعت عبد الرحمن بن يوسف يقول: كان ثقة.
    قلت: لحداثتي في هذا العلم فقد تعبت جداً لتعيين شيخ الحسين بن هارون، وبعد بحث مرير وتتبع علمت أنه أحمد ابن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن المعروف بابن عقدة، وياليتني رجعت لترجمة الحسين بن هارون مباشرة، ولكن قدر الله وما شاء فعل.

    وابن عقدة كان زيدياً هذا مع حفظه واستظهاره للأحاديث إلا أن العلماء قد تكلموا فيه
    فقد ضعفوه، واتهمه البعض بالوضع، ولولا خشية الإطالة لذكرت ما قاله العلماء فيه بالتفصيل، ولكن أذكر مصادر ترجمته للرجوع إليها، فقد ترجم له ابن عدي في: (الكامل) (1/206/رقم:53)،
    والخطيب البغدادي في: (التاريخ) (5/14)، وأقوال العلماء فيه من: (5/20)،
    وابن الجوزي في: (الضعفاء) (1/85).

    والذهبي في: (تذكرة الحفاظ) (3/839-842)، وفي: (سير أعلام النبلاء) (15/340-355 ط مؤسسة الرسالة) أو: (12/31-41 ط دار الفكر)، وفي: (العبر) (2/230)، وفي: (ميزان الاعتدال) (1/136)، أو: (1/281)، و(المغني) (1/55)، والحافظ في: (اللسان) (1/263)، والحلبي في: (الكشف الحثيث) (78/98).

    [1]-وقد ذكرت في: (قناص الشوارد الغالية) (ص:614/615/رقم:117-فائدة في بيان زيادات عبد الله بن أحمد) ما نصه:
    -كيف نعرف زيادات عبد الله ابن الإمام أحمد على مسند أبيه، أفيدونا كثر الله فوائدكم وفك أسركم؟.
    الجواب: اعلمي أم الفضل-علمك الله وحفظك وفتح عليك فتحاً مبيناً-أن زيادات عبد الله على (المسند) الآن معروفة بعلامة وضعها محققو المسند-الذي طبعته مؤسسة الرسالة في خمسين مجلدات-بإشراف من المحدث شعيب الأرناؤط. حيث تجدين في أول كل مجلد: (الرموز المستعملة في زيادات عبد الله، ووجاداته، وما رواه عن أبيه، وعن شيخ أبيه، أو: غيره:
    -دائرة صغيرة سوداء لزيادات عبد الله.
    O-دائرة صغيرة بيضاء لوجاداته.
    *-نجمة مدورة لما رواه عن أبيه، وعن شيخ أبيه أو: غيره).
    وبهذه العلامات التي وضعها محققو (المسند) يزول الإيهام، ويرتفع الإبهام، ومن نسب إليه سواه من الزيادات فهو واهم.
    قال الشيخ الألباني-رحمه الله تعالى-: (والخلاصة: أن في هذا التذييل فائدة كبرى تؤيد ما سبق تحقيقه من أنه لا يوجد في (مسند الإمام أحمد) غير حديث واحد من زيادات القطيعي، وأنه لم يتفرد به-كما سبق-وأن من عزا إليه سواه من الزيادات المزعومة، فهو وهم محض، أو: شُبِّه له بكتاب غير (المسند)، مثل: فضائل الصحابة…). كما في: (الذب الأحمد..) (ص:79).
    ومن كانت له نسخة أخرى من (المسند) غير التي أشرنا إليها فيستطيع أن يميز زيادات عبد الله على (المسند) بالتأمل في شيخه في أي حديث فيه، وفي هذا يقول المحدث الالباني-رحمه الله تعالى-في حاشية: (صحيح الترغيب والترهيب) (1/151-وفي الطبعة الجديدة-1/276):
    (اعلم أن زيادات عبد الله هذه ليست كتاباً خاصاً ألفه عبد الله، وإنما هي أحاديث ساقها في: (مسند أبيه) يرويها عن شيوخ له بأسانيدهم عنه-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وتتميز أحاديث الزيادات عن أحاديث (المسند) بالتأمل في شيخ عبد الله في أي حديث فيه، فإن كان عن أبيه فهو من أحاديث (المسند) وفي هذا النوع يقال فيه: رواه أحمد، وإن كان عن غير أبيه فهو من زياداته في: (مسند) أبيه، وفيه يقال: رواه عبد الله في زياداته على (المسند) كهذا الحديث، فيجب التنبُّه لهذا فكثيراً ما اختلط الأمر على بعض الحفاظ فضلاً عن غيرهم فيعزى الحديث لأحمد وهو لابنه!
    ثم قال المحدث الألباني-رحمه الله تعالى: (وأما أبو بكر القطيعي فليس له زيادات في: (المسند) خلافاً لما اشتهر وقد بيَّنت ذلك في بحث علمي دقيق أجريته في الرد على بعض متعصبة المعاصرين، سميته: (الذَبُّ الأحمد عن مسند الإمام أحمد) والرد على من طعن في صحة نسبته إليه، وزعم أن القطيعي زاد فيه أحاديث كثيرة موضوعة حتى صار ضِعْفه).
    قال المحبوس أبو الفضل: وقد زعم بعضهم أن (مسند) الإمام أحمد روي بإسناد ضعيف، لأن أحمد القطيعي ضعيف!! منهم المبتدع الحقود المدعو ممدوح سعيد في: (احتفاله) (1/204/205/206)، وانظري أم الفضل ما قاله الذهبي في: (السير) (13/524/و16/212/و17/641)، وقارنيه بما جاء في: (ميزانه) (1/320)، ومع ما جاء في: (لسانه) (1/ت69) للحافظ ابن حجر، و(سؤالات السلمي للدارقطني) (رقم:14)، و(طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلي (2/6)، و(تاريخ بغداد) (4/73)، و(ذيل تاريخ بغداد) (3/163)، و(الإكمال) (7/117)، و(المنتظم) (14/160)، و(التقييد) (1/138)، و(المقصد الأرشد) (1/86)، و(المنهج الأحمد) (2/261)، و(رفع النقاب في تراجم الأصحاب) (رقم:117) وغيرها من كتب الرجال، لِتعلمي مدى حقد المبتدع على السنة وأهلها.

    [2]-قال أبو أنس إبراهيم الصبيحي في: (النكت) (ص:603/رقم:702): وقد ذكر الخطيب في ترجمة: الباهلي هذا حديثاً من رواية عن ابن عيينة، ثم قال الخطيب: يقال لم يروه عن سفيان بن عيينة إلا محمد بن عمرو الباهلي.
    أقول: والظاهر أيضاً أنه لم يرو حديثنا عن ابن عيينة إلا هو، وابن عيينة له أصحاب متوافرون ومنهم جملة من الأئمة المبرزين، فأين كانوا مما يتفرد به هذا البصري عن ابن عيينة.
    ولم يثبت في حقه توثيق معتبر! فضلاً عن أن يكون من الحفاظ الذين يعتمد على تفردهم بمثل هذا. فالإسناد عريب من جهة هذا التفرد، والله تعالى أعلم. (كذا قال)

    [3]-قالت أم الفضل: ورواه من طريق آخر ابن السني في: (عمل اليوم والليلة) (ص:163/رقم:435)، ومن طريق آخر عبد الله ابن الإمام أحمد في: (زوائد المسند) (5/133)، وبعبارة: (فالحديث صحيح لغيره لكثرة طرقه).

    [4]-قالت أم الفضل: عوف هو ابن أبي جميلة الأعرابي، العبدي، ثقة، رمي بالقدر وبالتشيع. انظر: (التقريب) (2/89/رقم:5215)، و(تحريره) (3/125/رقم:5215).

    [5]-قالت أم الفضل: انظر: (فضل الله الصمد شرح الأدب المفرد) (2/427/رقم:963).

    [6]-انظر: (التقريب) (2/5/رقم:4445)، و(تحريره) (2/432/رقم:4445).

    [7]-قالت أم الفضل: رواه الطبراني في: (المعجم الكبير) (1/167/رقم:532)، وأبو عبيد في: (غريب الحديث) (1/300).
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    تنبيه: ينبغي مراجعة أقوال الرجال بالسند إليهم، حتى لا نحكي على أحد بالتضعيف أو:التوثيق، والسند إلى القوم نفسه ضعيف، لا سيما ويتأكد ذلك عند قلة الأقوال في الراوي، فينبغي أن نتأكد من صحة الأقوال في الراوي، وكذلك ننبه على أن هذا الراويله ذكر كثير في: (تاريخ بغداد)، فينبغي ملاحظة ما يحكيه، وقد تتبعته فوجدته يكثر جداً عن ابن خراش، وهو الآتي.
    وعبد الرحمن بن يوسف هو ابن خراش حاله معروف لأهلالعلم، وهو مع كونه رافضياً إلا أنه أيضاً متهم، اتهمه الذهبي بالزندقة، وقد كانيحكم على الأحاديث بهواه وتشيعه، فلا يقبل قوله في الرجال منفرداً.
    وراجع: (الكامل) لابن عدي (4/321/رقم:1155)، وابن الجوزي في: (الضعفاء) (2/102)، و(تذكرة الحفاظ) (2/685)، و(الميزان) (2/600/رقم:5009)، أو: (4/330)، و(المغني) (2/390) كلهم للذهبي، و(اللسان) (3/444) للحافظ.
    قلت: وعليه فلم يصح أن محمد بن عمرو بن العباس وثقه إلا ابن حبان، وقد روى عنه جماعة، فمثله عندي يستشهد به، لا سيما إذا روى عنه الثقات، وكان موافقاً لغيره دون تفرد، والله أعلى وأعلم.
    وقد وهم بعض الفضلاء فظنوه غيره، والصواب ما أثبتناه والحمد لله وحده.
    قلت:وهناك طريق لا يفرح به البتة (!!!)، وقد صرحت هذه الرواية باسم الرجل الذي اعتزى، فقد روى الطبراني في: (مسند الشاميين) (4/39) [2674)، وعنه أبو نعيم ومن طريقه ابن عساكر في: (تاريخ دمشق) (46/61/62)، قال الطبراني: حدثنا أحمد بن مسعود، ثنا عمروبن أبي سلمة، عن سعيد بن بشير، عن قتادة عن الحسن عن مكحول عن عجرد بنمدراع، (أو: مدرع) التميمي أنه نازع رجلا عند أبي بن كعب فقال: يا آل تميم، فقال أبي: أعضكالله بأير أبيك، فقالوا: يا أبا المنذر ما عهدناك فحاشاً، فقال: إن نبي الله-صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمرنا من اعتزى بعزاء الجاهلية أن نعضه ولا نكني.

    قلت: شيخالطبراني هو أحمد بن مسعود المقدسي الخياط، لم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد ترجمله ابن عساكر في: (التاريخ) (6/10-11)، والذهبي في: (سير الأعلام) (13/244-ط الرسالة)، أو: (10/593-ط دار الفكر).
    قلت: ولكن لم ينفرد به فقد تابعه محمد بن عباس بن خلف، ولم أجد له ترجمة الآن، ولم أتتبع، فيراجع حاله، رواه ابن السني في: (عمل اليوم والليلة) [433).
    وقد وقع في السند عجر، وزاد مكحول بين عجر والحسن.
    وفي السند عمرو بن أبي سلمة من رجال الشيخين، وثقه ابن حبان وابن يونس، وفيه كلام، وقال الحافظ: صدوق له أوهام[1]، وراجع ترجمته في: (التهذيب)، وإخراج الشيخين له إنما بانتقائهم من حديثه ما ظنا أنه صواباً، ولم يكثرا من الرواية عنه، والله أعلى وأعلم.
    وسعيد بن بشير، قال عنه الحافظ في: (التهذيب): ضعيف، وراجع الأقوال هناك مفصلة، وقتادة والحسن معروف أن كلاهما مدلس. وعند ابن السني مكحول، وهو مدلس أيضاً. وعجرد أو: عجر لم أعرفه، ولم أجد له إلا هذا الحديث.
    تنبيه (1): وقعت تصحيفات في بعض المصادر، تصحح من هنا.
    تنبيه (2): عزى البعض أصل الحديث للترمذي، ولم أجده فيه، ولعلهيقصد النسائي فسبقه قلمه، أو لعله يقصد الحكيم، ولكن ماذا نفسر الرمز (ت). والله أعلى وأعلم.
    تنبيه (3): سبقني غيري في التنبيه على ما وقع ممن قرأ (أبي) هو الصحابي راوي الحديث، فظنه (أبي) من الانتساب للأب، فظن أن راوي الحديث هو ضمرة والد عتي.
    قلت: وأخيراً فإن هناك شاهد[2] من كلام عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-، رواه ابن أبي شيبة في: (المصنف) (15/13) (19031)، أو: (7/456) (37184) قال: حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال: قال عمر: (من اعتز بالقبائل فأعضوه أو: فأمضوه).
    قلت: وسنده منقطع، فإن أبا مجلز يرسل عن عمر-رضي الله عنه-، كما نص العلماء على ذلك.

    [1]-قالت أم الفضل-عفا الله عنها-: يُشكر الباحث السهيلي على ما قدم من مجهود طيب في هذا البحث، رأيي أنه كان يحتاج إلى أن يبحث المسألة في كتب الرجال أكثر، فعلى سبيل المثال لا الحصر: عمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسي أكثر أحواله: (أن يكون ضعيفاً يعتبر به)، ولذلك قال الشيخ المحدث شعيب الأرناؤوط، والدكتور بشار في: (تحرير التقريب) (3/94/رقم:5043) عند قول الحافظ: (صدوق له أوهام): (بل: ضعيف يُعتبر به، فقد ضعفه أحمد، وابن معين، والساجي، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال العقيلي: في حديثه وهم.
    وما وثقه سوى ابن يونس، وذكره ابن حبان في: (الثقات). وإنما أخرج له البخاري ومسلم من روايته عن الأوزاعي، وكان عنده شيء سمعه من الأوزاعي، وشيء عرضه عليه، وشيء أجازه له، فأخرجا مما سمعه منه).
    وأيضاً معظم تخريجاته هذه سبقه إليها المحدث الألباني-رحمه الله تعالى-ولا أنكر أنه أجاد في بعض الأفكار-جزى الله المصلحين خير الجزاء.

    [2]-قالت أم الفضل: كذا في الأصل، والصواب: (فإن هناك شاهداً-بالنصب لأنه اسم إن).
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    معنى الحديث مختصراً:
    قلت: وبعد ذلك بقي تفسير العلماء لهذا الحديث، فقد نص العلماء على أن هذا ترهيب شديد لمن اعتزى بعزاء الجاهلية.
    وقد ذكر ابن تيمية-رحمه الله تعالى-كلاماً نفيساً حول الفاحشة وقولها، وذلك في: (مجموع الفتاوى) (15/381/382) حتىقال: (ثم إن كل واحد من إظهار ذلك للسمع والبصر يباح للحاجة، بل: يستحب إذا لميحصل المستحب أو: الواجب إلا بذلك، كقول النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لماعز: "أنكتها" وكقوله: "من تعزىالجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا). وراجع كلامه ولولا خشية الإطالة أكثر من ذلك لذكرته مطولاً.
    قلت: ومن ذلك قول الصديق-رضي الله عنه-لعروة بن مسعود في الحديث الطويل الذي رواه البخاري (رقم:2734) وغيره: (امصص بظر اللات)
    فهذا لقبح قوله وفعله قابله الصديق بكلام يزجره، والتصريح بالعورة يجوز عند الحاجةوالضرورة، كما سبق تصريح النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-بقوله لماعز: "أنكتها"، وهذاحتى لا يلتبس عليه الأمر بشبهة تقبيل أو غير ذلك، ولكل مقام مقال.
    وقال ابن القيم في: (زاد المعاد) (2/400): "وكان ذكر هَن الأب هاهنا أحسن تذكيراً لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بالعضو الذي خرج منه؛ وهو هن أبيه، فلا ينبغي له أن يتعدى طوره".
    فهذا يتكبر على غيره، فكان ينبغي ردعه، ولو علم أنه إذا فعل ذلك مرةأخرى شتم أمام الناس، ولا يستطيع أحد أن يرد عنه، لم يتكبر، وهذا يذكرني بحديثنشد الضالة في المسجد، وهو معروف، فتأمل كيف يدعو الناس على من نشد الضالة فيالمسجد، أتراه ينشدها وهو يعلم الدعاء عليه من المصلين في المسجد وغالبهم على وضوء وفي مكان طاهر؟ أو: هذا الذي ينظر في بيوت الناس، لو علم أنه سيطعن في عينه، ولاكرامة لخاف من ذلك ولم ينظر، والأمثلة على ذلك كثيرة، وغالباً تأتي العقوبة الشديدة على الفعل القبيح، والله أعلى وأعلم .
    وقال المناوي في: (فيض القدير) (1/357): "وخص الأب لأن هتك عورته أقبح".

    وقال في: (1/381): "فإنه جدير بأن يستهان به ويخاطب بما فيه قبح وهجر؛ زجراً له عن فعله الشنيع، وردعاً له عن قوله الفظيع".
    قال الطحاوي في: (شرح المشكل) بعد أن روى حديث الباب: (ففيهذا الحديث أمر رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فيمن سمع يدعو بدعاء الجاهلية ما أمربه فيه، فقال قائل: كيف تقبلون ذلك عن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وأنتم تروونعنه ..... (وساق الطحاوي بسنده حديث) "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة،والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار"[1]؟.
    قال: ففي هذا الحديث أن البذاء في النار، ومعنى البذاء في النار هو: أهل البذاء في النار لأن البذاء لا يقوم بنفسه،وإنما المراد بذكره من هو فيه.
    قال الطحاوي-رحمه الله تعالى-: (فكان جوابنا في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن البذاء المراد في هذا الحديث خلاف المراد في الحديث الأول، وهو البذاء على من لا يستحق أن يبذأ عليه، فمن كان منه هذا البذاء فهو من أهلالوعيد الذي في الحديث المذكور ذلك البذاء فيه، وأما المذكور في الحديث الأولفإنما هو عقوبة لمن كانت منه دعوى الجاهلية، لأنه يدعو برجل من أهل النار، وهوكما كانوا يقولون: يا لبكر، يا لتميم، يا لهمذان، فمن دعا كذلك من هؤلاء الجاهلية الذين من أهل النار كان مستحقاً للعقوبة، وجعل النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-عقوبته أن يقابل بما في الحديث الثاني؛ ليكون ذلك استخفافاً به، وبالذي دعا إليه،ولينتهي الناس عن ذلك في المستأنف، فلا يعودون إليه)[2]. اهـ
    قلت: ثم روى الطحاوي قصة أبي بن كعب-رضي الله عنه-مع الرجل، ثم قال: (فقال قائل: فقد رويتم عن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ما يدل على دفع هذا المعنى، فذكر (وساق الطحاوي بسنده حديثجابر بن عبد الله-رضي الله عنه-قال: كنا مع النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-في غزاةفكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع بذلك النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فقال: "ما بال دعوىالجاهلية"؟ قالوا: يا رسول الله رجل من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار، قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "دعوها فإنها منتنة".
    قال الطحاوي[3]-رحمه الله تعالى-: قال هذاالقائل: فلو كان ما في الحديث الأول كما رويتموه لكان النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد أنكر على من ترك القول الذي في الحديث الأول لمن دعا بما دعا به في الحديث الأخر.
    قال الطحاوي[4]-رحمه الله تعالى-أيضاً: (فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن ما في الحديث غير مخالف لما في الحديث الأول؛ لأن الذي في الحديث إنما هو الدعاء بأهل الهجرة إلى الله، وإلى رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وأهل النصرة لله عز وجلولرسوله، فلم يكن ذلك كالدعاء إلى رجل جاهل من أهل النار، كافر بالله ورسوله،فجاء فيمن دعا إلى الجاهلي ما في الحديث الأول، ولم يجئ مثله فيمن دعا إلى مهاجر إلى الله عز وجل، وإلى رسوله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وإلى ناصر لله عز وجل ولرسوله،فإن قال: ففي هذا الحديث: "ما بال دعوى الجاهلية"، قيل له: لأن قوله: ياللمهاجرين، وقول صاحبه: يا للأنصار شبيه بقول أهل الجاهلية: يا لفلان، فكرهرسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ذلك القول ممن قاله إذ كان الله عز وجل ورسوله-صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد أوجبا لأهل الإسلام على أهل الإسلام النصرة لهم، ودفع الأذىوالظلم والمكروه عنهم، وتقدم الوعيد من رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لمن ترك ماعليه من ذلك .....). اهـ


    [1]-رواه الترمذي (1/361)، وابن حبان (1921)، والحاكم (1/52/53)، وعبد الله بن وهب في: (الجامع) (ص:73)، وأحمد (2/501)، ومحمد بن مخلد العطار في: (المنتقى من حديثه) (2/19/2)، وابن عساكر في: (تاريخ دمشق) (4/335/1) من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هرير قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فذكره. انظر تخريجه بتوسع في: (السلسلة الصحيحة) (1/ق2/893/894/رقم:495)، و(ذاكرة سجين مكافح) (4/99).

    [2]-قال المؤلف: ومن هذا القبيل الإشهارات التي يقوم بها الإعلاميون للبضائع المحرمة مأكولاً ومشروباً، والدعاء إلى ممارسة اليناصيب، والدعاء إلى الفاحشة باسم اتخاذ أصدقاء جددٍ، وكذا الدعوة إلى تشريع القوانين الوضعية التي تصادم الشريعة الإسلامية، والجمعيات التي تدعو النساء العاريات-تحت مسميات براقة: "حقوق النساء"-إلى التمرد على شرع الله تعالى، والدعاء إلى محاربة الإسلام باسم: (محاربة الإرهاب)، فإذا أمعنا النظر وجدنا كثيراً من الدول والحكومات والقنوات ولإذاعات والجرائد والمجلاتوالأفلا م والمسلسلات والمسرحيات ومن يسمون فنانين، والقضاء المغربي هؤلاء كلهم ينبغي أن نتعامل معهم بهذا الحديث النبوي، بل: هم أحق به من غيرهم.

    [3]-والطحاوي نسبة إلى طحية قرية بصعيد مصر، وقد ذكره السيوطي في: "حسن المحاضرة" في حفاظ الحديث وقال: كان ثقة فقيهاً، لم يخلف بعده مثله انتهت إليه رياسة الحنفيه بمصر.
    واسمه: أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر الطحاوي الأزدي الحنفي المصري إمام جليل مشهور في الآفاق ذِكرُه ولد سنة (230 هـ) وتوفي سنة (321) وكان يقرأ على المزني الشافعي وهو خاله وكان الطحاوي يكثر النظر في كتب أبي حنيفة فقال لـه المزني: (والله لا يجيء منك شيء)، فغضب وانتقل من عنده وتفقه على مذهب أبي حنيفة وصار إماماً فيه، فكان إذا درَّس أو: أجاب في شيء من المشكلات قال: (رحم الله خالي، لو كان حياً لكفر عن يمينه).
    قال المحدث الألباني-رحمه الله-معرفاً بأبي جعفر الطحاوي في: (الآيات البينات) (ص:75): (هو أحمد بن محمد بن سلامة المصري، من كبار أئمة الحنفية الجامعين بين الفقه والحديث، وله الباع الطويل في حفظ متونه وأسانيده، يجد عنده الباحث من الحديث ما لا يجد عند غيره من الحفاظ، على تساهل في الاحتجاج به، وتعصب لمذهبه، كما شهد بهذا الثاني أبو الحسنات اللكنوي في (الفوائد البهية) (33)، وبالذي قبله شيخ الإسلام ابن تيمية في: (منهاج السنة) وغيره توفي سنة: "321 هـ"). انظر: (شفاء التبريح...) (ص:1083) تحت عنوان: (فائدة في بيان أن الطحاوي ليس من عادته نقد الحديث؟).

    [4]-قال شيخ الإسلام في (المنهاج) (4/194): (ليست من عادة الطحاوي نقد الحديث كنقد أهل العلم، ولهذا روى في (شرح معاني الآثار) الأحاديث المختلفة، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي رآه حجة، ويكون أكثرها مجروحاً من جهة الإسناد لا يثبت، ولا يتعرض لذلك، فإنه لم تكن معرفته بالإسناد كمعرفة أهل العلم به، وإن كان كثير الحديث فقيهاً عالماً).
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    ذكر بعض من صحح الحديث؟:
    صححه:
    1-المحدث أحمد شاكر-رحمه الله-.
    2-والمحدث الألباني-رحمه الله-.

    3-والمحدث شعيب الأرناؤوط.
    4-والمحدث الأعظمي.
    5-والمحدث أحمد بن الصديق الغماري.
    6-وشيخنا المحدث عبد الله بن الصديق الغماري.
    7-وشيخنا المحدث محمد علي الأثيوبي.
    8-والمحدث عبد الرحمن المعلمي.
    9-والمحدث مقبل اليماني.
    10-والمحدث أبو إسحاق الحويني، وغيرهم.
    بعض ما قيل في الحديث:
    وقد استعمل هذا هذا اللفظ الشنيع أبو بكر خليفة رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مع عروة ورسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-يسمع ولم يقل له: يا أبا بكر ما هذا الكلام؟.
    والقصة طويلة وفيها أن عروة قال: (والله لا أرى وجوهاً وإني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويَدَعوك فقال له أبو بكر الصديق: امْصُصْ ببظر اللات أنحن نفر عنه وندعه؟)[1]. وهل تفهم أخي معنى قول أبي بكر-رضي الله عنه-: (امصص بظر اللاَّت). أم لا؟
    قال المحدث الألباني-رحمه الله-في: (السلسلة الصحيحة) (1/ق1/539): (وقد عمل بهذا الحديث الخليفة الراشد عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-فقال: "من اعتزَّ بعزاء الجاهلية فأعضوه، أو: فأمصوه")[2].
    وعمل به أبي بن كعب-رضي الله عنه-قال عبد الله بن أحمد في: (زوائد المسند) (5/133): ثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي: ثنا سفيان عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي-رضي الله عنه-: (أن رجلاً اعتزى فأعضه أبي بهن أبيه فقالوا: ما كنت فحاشاً، فقال: إنما أُمِرنا بذلك).
    وقد استعمل هذا اللفظ الشنيع حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-، قال عكرمة قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: (كان الهدهد يدل سليمان على الماء)، قال عكرمة: فقلت له: كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ عليه التراب؟ فقال: "أعضك الله بهن أبيك، ألم يكن إذا جاء القضاء ذهب البصر")[3].
    وقال الإمام البغوي-رحمه الله تعالى-في شرح حديث أبي بن كعب قوله: ("بهن أبيه"، يعني: ذَكَرَه. قلت: يريد يقول له: اعضض بأير أبيك، يجاهره بمثل هذا اللفظ الشنيع رداً لما أتى به من الانتماء إلى قبيلته والافتخار بهم).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-: (وَكُلُّ مَا خَرَجَ عَنْ دَعْوَةِ الإِسْلامِوَالْقُرْآنِ: مِنْ نَسَبٍ أَوْ: بَلَدٍ، أَوْ: جِنْسٍ، أَوْ: مَذْهَبٍ، أَوْ: طَرِيقَةٍ؛ فَهُوَ مِنْ عَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ ). اهـ
    والمقصود العصبية لهذه الأشياء المذكورة، وليس الانتساب ولا معرفة النسب من ذلك.
    فإنه رحمه الله قال: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ " يَعْنِييَعْتَزِي بِعِزْوَاتِهِمْ ، وَهِيَ الانْتِسَابُ إلَيْهِمْ فِي الدَّعْوَةِ مِثْلَقَوْلِهِ: يَا لِقَيْسِ، يَا ليمن، وَيَا لِهِلالِ، وَيَا لأَسَدِ، فَمَنْ تَعَصَّبَلأَهْلِ بَلْدَتِهِ، أَوْ: مَذْهَبِهِ، أَوْ: طَرِيقَتِهِ، أَوْ: قَرَابَتِهِ، أَوْ:لأَصْدِقَائِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَانَتْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِحَتَّى يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُعْتَصِمِينَبِحَبْلِهِ وَكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ.
    فَإِنَّ كِتَابَهُمْ وَاحِدٌ،وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ، وَرَبُّهُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ، لا إلَهَ إلاهُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِتُرْجَعُونَ.
    وقال الفيروزآبادي: وفي الحديث: "من تَعَزَّى بعزَاءالجاهِلِيَّةِ، فأَعِضّوهُ بهنِ أبيه، ولا تَكْنُوا"، أي: قُولوا له: اعْضُضْأيْرَ أبيكَ، ولا تَكْنُوا عنه بالْهَنِ.
    وكذلك قال ابن منظور في: "لسانالعرب" فإنه قال: وفي الحديث: "من تَعَزَّى بِعَزاءِ الجاهلية فأَعِضُّوه بِهَنِأَبيه ولا تَكْنُوا"، أَي: قُولوا له: اعْضَضْ بأَيْرِ أَبيك ولا تكنوا عن الأَير بِالْهَن تنكيلاً وتأْديباً لمن دعَا دَعْوى الجاهلية.
    والله تعالى أعلم.



    [1]-رواه أحمد في مواضع كثيرة من: (مسنده) (18151/18152/18160/18160/18166)، والبخاري في مواضع من: (صحيحه)، في كتاب الشروط، والحج، والمغازي، كما في الأرقام التالية:
    (4/362/و5/675/إلى:706/رقم:1694/1995/2731/2732/و5/654/675/و8/213/224/225/رقم:2711/2732/4157/4179/4180)، وأبو داود في مواضع من: (سننه) (2/78/413/414/442/443/رقم:1754/2693/2765)، والنسائي في: (سننه) (ج5/3/173-تحفة الأشراف:1150/11270).

    [2]-رواه ابن أبي شيبة في: (مصنفه)، كما في: (الجامع الكبير) (3/235/2)، و(الصحيحة) (1/ق1/539).

    [3]-رواه الإمام اللالكائي في: (السنة) (4/671/رقم:1228).
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    وجاء في موقع: (الإسلام سؤال وجواب) تحت عنوان: تفصيل القول في حديث: "أعضوه بهن أبيه" والرد على من قال إنه من الفحش!!!
    سألني ملحد كيف يتكلم الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-بالألفاظ البذيئة؟ وهو نبي!!
    مثل: (فأعضوه بهن أبيه)، ويقر قول أبي بكر-رضي الله عنه-: (امصص بظر اللات)، مع أنه عليه الصلاة والسلام: (نهى عن التفحش)؟، فما الجواب المفصل بارك الله فيكم؟
    الجواب:
    الحمد لله.
    أولاً: لا ينبغي للمسلم أن يلتفت لطعن الطاعنين بنبينا محمد-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقد زكَّاه ربُّه تعالى في خلُقه فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (سورة القلم، الآية رقم:4)، فإذا كانت هذه تزكية رب السماوات والأرض له-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: فكل طعنٍ فيه لا قيمة له، ولسنا نتبع نبيّاً لا نعرف دينه وخلُقه، بل: نحن على علم بأدق تفاصيل حياته، وقد كانت منزلته عالية حتى قبل البعثة، وشهد له الجاهليون بكمال خلقه، ولم يجدوا مجالاً للطعن فيها، والعجب هو عند ما يأتي ملحد قد سبَّ رب العالمين أعظم السب فنفى وجوده، يأتي ليطعن في أخلاق النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، ويتهمه بالفحش والبذاءة، ويعمى عن كمال خلقه، وينسى سيرته وهديه، وما أحقه بقول القائل:
    وَهَبني قُلتُ: هَذا الصُبحُ لَيلٌ * أَيَعمى العالَمونَ عَنِ الضِياءِ.
    ثانياً: قد كان نبينا محمد-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أشد حياء من العذراء في خدرها، ومع بعثه بأعظم رسالة للعالَمين، وفيها أحكام لأدق تفاصيل الحياة، إلا أنه في الأبواب التي لها تعلق بالعورة لا نراه إلا عفَّ اللسان، يستعمل أرقى عبارة، ويبتعد عن الفحش في الكلام، ويوصل المقصود بما تحتويه لغة العرب الواسعة، وذلك في أبواب متعددة، مثل: قضاء الحاجة، والاغتسال، والنكاح، وغير ذلك، وقد تنوعت عباراته حتى إن الرجل ليستطيع التحدث بها أمام النساء، ولعلَّنا نكتفي بمثال واحدٍ يؤكد ما سبق ذِكره، وإلا فالأمثلة كثيرة جدّاً:
    عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنه-أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: (خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا)، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: (تَطَهَّرِي بِهَا) قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي)، فَاجْتَبَذْتُهَ ا إِلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. رواه البخاري (رقم:308)، ومسلم (رقم:332).

    ومعنى: (فِرصة من مِسك)، أي: قطعة صوف أو: قطن عليها ذلك الطيب المعروف.
    وفي رواية للبخاري (رقم:309 ): عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها-أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-: كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنْ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: (خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي ثَلاثاً) ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-اسْتَحْيَا، فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، أَوْ: قَالَ: (تَوَضَّئِي بِهَا) فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-.
    ثالثاً: بخصوص الجواب عن الحديث المذكور في السؤال: فإننا ننبِّه على أمرين قبل ذِكر تفصيل الجواب:
    الأول: أن هذا اللفظ الوارد في الحديث لم يستعمله النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-في حياته، وهو لم يكن لابتداء الكلام به، بل: هو عقوبة لقائله، أي: أنه شُرع ردّاً على مرتكبٍ لمحرَّم وهو التعصب الجاهلي.
    الثاني: أن ما يوجد في شرع الله تعالى من عقوبات وحدود إنما يراد منها عدم وقوع المعاصي والآثام التي تُفسد على الناس حياتهم، فمن رأى قطع اليد عقوبةً شديدة فليعلم أنه بها يحفظ ماله من أهل السرقة، ومن استبشع الرجم للزاني المحصن فليعلم أنه به يأمن من تعدِّي أهل الفجور على عرضه، وهكذا بقية الحدود والعقوبات، ومثله يقال في الحد من التعصب الجاهلي للقبيلة، والآباء، والأجداد، فجاء تشريع هذه الجملة التي تقال لمن رفع راية العصبية الجاهلية؛ لقطعها من الوجود، ولكف الألسنة عن قولها، وفي كل ذلك ينبغي النظر إلى ما تحققه تلك العقوبات والروادع من طهارة في الأقوال، والأفعال، والأخلاق، وهذا هو المهم لمن كان عاقلاً، يسعى لخلو المجتمعات من الشر وأهله.

    رابعاً: أما الجواب التفصيلي عن الحديث الوارد في السؤال: فنحن نذكر ألفاظ الحديث، ثم نعقبها بشروح أهل العلم له.
    عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ-رضي الله عنه-أَنَّ رَجُلاً اعْتَزَى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعَضَّهُ وَلَمْ يُكَنِّهِ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِلْقَوْمِ: إِنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي فِي أَنْفُسِكُمْ؛ إِنِّي لَمْ أَسْتَطِعْ إِلاَّ أَنْ أَقُولَ هَذَا؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-أَمَرَنَا: (إِذَا سَمِعْتُمْ مَنْ يَعْتَزِي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ وَلا تَكْنُوا).رواه أحمد (35/157) وحسَّنه محققو (المسند).

    عَنْ أُبَيٍّ بن كعب-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-أَنَّ رَجُلا اعْتَزَى، فَأَعَضَّهُ أُبَيٌّ بِهَنِ أَبِيهِ، فَقَالُوا: مَا كُنْتَ فَحَّاشاً؟ قَالَ: إِنَّا أُمِرْنَا بِذَلِكَ). رواه أحمد (35/142) وحسَّنه محققو (المسند)، وصححه الألباني في: (صحيح الجامع)[1].
    قال أبو جعفر الطحاوي–رحمه الله-: ففي هذا الحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن سُمِع يدعو بدعاء الجاهلية ما أمر به فيه.
    فقال قائل: كيف تقبلون هذا عن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-وأنتم تروون عنه: (الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء من النار)؟.
    ومعناه: معنى الحديث الذي قبله؛ لأن معنى: (من تعزى بعزاء الجاهلية): إنما هو مِن عزاء نفسه إلى أهل الجاهلية، أي: إضافتها إليهم. انظر: "بيان مشكل الآثار" (8/51/54) باختصار وتهذيب.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية–رحمه الله-: ولهذا قال من قال من العلماء إن هذا يدل على جواز التصريح باسم العورة للحاجة، والمصلحة، وليس من الفحش المنهي عنه، كما في حديث أبيّ بن كعب-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قال: (من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا). رواه أحمد، فسمع أبي بن كعب رجلاً يقول: يا فلان، فقال: اعضض أير أبيك، فقيل له في ذلك فقال: بهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر: "منهاج السنة النبوية" (8/408/409).
    وقال ابن القيم–رحمه الله–عند التعليق على حديث أبي داود: أن رجلاً عَطَسَ عند النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ! فَقَالَ رسولُ الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-: (وَعَلَيْكَ السَّلامُ وعَلَى أُمِّكَ)-:
    ونظيرُ ذِكر الأُم هاهنا: ذكرُ "هَنِ" الأب لمن تعزَّى بعزاءِ الجاهلية، فيقال له: اعضُضْ هَنَ أَبِيكَ، وكَانَ ذِكرُ "هَنِ" الأب هاهنا أحسن تذكيراً لهذا المتكبِّرِ بدعوى الجاهلية بالعُضو الذي خَرَجَ منه، وهو "هَنُ" أبيه، فَلاَ ينبغي لَهُ أن يتعدَّى طَوْرَهُ، كما أن ذِكرَ الأُم هاهنا أحسنُ تذكيراً له، بأنه باقٍ على أُمِّيته، والله أعلم بمراد رسوله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-. انظر: "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/438).
    خامساً: قد عمل كبار الصحابة بهذه الوصية، ورأوا ذلك عقوبة وقعت على مستحقها، ولم يروا ذلك مستقبحاً في شيء؟! وقد سبق ذِكر قول أبي بن كعب راوي الحديث لها، وقد قالها–أيضاً–أب و بكر الصدِّيق-رضي الله عنه-فقد قال عروة بن مسعود لما جاء مفاوضاً عن المشركين في "الحديبية" للنبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "فَإِنِّى وَاللَّهِ لأَرَى وُجُوهاً، وَإِنِّى لأَرَى أَوْشَاباً مِنَ النَّاسِ خَلِيقاً أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ"، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ-رضي الله عنه: "امْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ"، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ. رواه البخاري (2581).
    قال ابن حجر–رحمه الله تعالى-: و"البَظْر": بفتح الموحدة، وسكون المعجمة: قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة.
    و"اللات": اسم أحد الأصنام التي كانت قريش وثقيف يعبدونها، وكانت عادة العرب الشتم بذلك، لكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يعبد مقام أمه، وحمَله على ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلى الفرار.

    وفيه: جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك، وقال ابن المنيِّر: في قول أبي بكر-رضي الله عنه-تخسيس للعدو، وتكذيبهم، وتعريض بإلزامهم من قولهم: "إن اللات بنت الله!"، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، بأنها لو كانت بنتاً: لكان لها ما يكون للإناث. انظر: "فتح الباري" (5/340).
    وقال ابن القيم–رحمه الله-: وفى قول الصِّدِّيق لعروة : "امصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ": دليلٌ على جواز التصريح باسم العَوْرة، إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال، كما أذن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-أن يُصرَّح لمن ادَّعى دعوى الجاهلية بِهَنِ أبيه، ويقال له: "اعضُضْ أيْرَ أبيك"، ولا يُكْنَى له، فلكل مقام مقال.
    انظر: "زاد المعاد في هدي خير العباد" (3/305) .


    [1]-قالت أم الفضل-عفا الله عنها- انظر تخريجه بتوسع في: (صحيح الجامع) (رقم:567)، و(السلسلة الصحيحة) (1/ق1/537/539/رقم:269)، و(تخريج أحاديث المصابيح) (4/267)، و(المشكاة) (رقم:4828)، و(الصحيح المسند) (رقم:10) للشيخ مقبل.
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    قال جامعه المأسور: وهل تفخم أخي الكريم معنى قول أبي بكر-رضي الله عنه-: (امصص بظر اللات)، أم تريد أن أشرح لك؟!
    أخي الحبيب أبو بكر-رضي الله عنه-قال هذا الكلام في حضرة النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-، وعلى ملأ من الناس، فلم ينكر النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-على أبي بكر، وهذا يعد إقراراً عند أهل الحديث، وروى القصة أئمة عظام، ومحدثون كِرام، ومصنفون ثقات في: (صحاحهم)، و(مسانيدهم)، و(سننهم)، و(مصنفاتهم)، و(معاجمهم)، و(أطرافهم)، و(استدراكاتهم)، و(استخراجاتهم) ولم يعلقوا عليها بشيء، وما كان لهم أن يتعقبوها بشيء، وما اجترأ أحد أن يقول: (ليت البخاري لم يورد هذا الكلام الذي لا يخدم الدين والعقيدة).
    أو: يصف قول أبي بكر-رضي الله عنه-بالفحش والبذاء، بل: قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (5/689)، في شرحه قول أبي بكر-رضي الله عنه-: (امصص بظر اللات): (بألف وصل ومهملتين، الأولى مفتوحة بصيغة الأمر، وحكى ابن التين عن رواية القابسي ضم الصاد الأولى وخطأها، والبظر بفتح الموحدة وسكون المعجمة: "قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة، واللات اسم أحد الأصنام التي كانت قريش وثقيف يعبدونها...."...
    وأين هذا الأخ المعترض على استدلالنا بحديث: (من تعزى بعزاء الجاهلية...)، مما رواه البخاري في: (صحيحه)[1] من حديث سيدنا عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-أنه قال: لما أتى ما عز بن مالك النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-، قال له: (لعلك قبَّلتَ أو: غمزت، أو: نظرت، قال: لا يا رسول الله قال: أنكتها[2]؟ لا يَكني...).
    أظنك أخي الفاضل المعترض تفهم معنى قوله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-: (أنكتها؟)، وقوله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ-: (فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)، وقول أبي بكر-رضي الله عنه-: (امصص بظر اللات)، إن لم تفهم فسَل واشكر من علمك!!.
    قال بعضهم: مَن اتَّصَل وانتسب إلي الجاهلية فأعِضُّوه)، أي: من ادَّعى دَعْوى الجاهِليَّة، وهي قولُهم: يا لَفُلانٍ.
    فأعِضُّوه: أي قُولواله: اعْضُض أيْر أبيك. يقال: وَصَل إليه واتَّصَل، إذا انْتَمَى.
    اعضض تذكيراً لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بعضو أبيه الذي خرج منه فمثل هذا المتكبر ذكروهبأمر نفسه وكيف خرج من عضو أبيه ففي هذا التذكير زجر أبلغ الزجر.
    إذا رأيتم الرجل يتعزى (أي: ينتسب) بعزاء الجاهلية)، أي: بنسبها والانتماء إليها، يقال: اعتزى إليه أي: انتسب وانتمى وتعزى كذلك.
    (فأعضوه)، أي: اشتموه (بهن أبيه)، أي: قولوا له: (اعضض بِهَنِّ أبيك أو: بذَكَرِهِ).
    وصَرِّحُوا بلفظ الذكر (ولا تكنوا) عنه بالهن تنكيراً وزجراً، وقيل معناه: من انتسب وانتمى إلى الجاهلية بإحياء سنة أهلها واتباع سبيلهم في الشتم واللعن والتعيير ومواجهتكم بالمنكر فاذكروا له قبائح آبائه من عبادة الأصنام وشرب الخمر وغيرهما صريحاً لا كناية ليرتدع به عن التعرضللأعراض.

    وقال ابن جرير-رحمه الله تعالى-: معنى الاعتراض هنا إنما هو دعوى القائل يا آل فلان: أي: تعريضاً بنجدتهم وتذكيراً بشجاعتهم.
    قال: وهذا مخصوص بغير الحرب، فلا بأس بذكر القبائل فيه، لأن المصطفى-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أمر في وقعة هوازن العباس أن يناديبأعلى صوته: أين أصحاب الشجرة يا بني الحارث؟ أين الخزرج يا كذا يا كذا؟ فهو منهيعنه إلا في هذا الموضع. وخص الأب لأن هتك عورته أقبح.
    ثم قال: إن التعصب للقبيلة أو: الحزب من الآثام العظيمة فيالإسلام: و يدل على تحريم الحزبية قول-النبي صلى اللهعليه وعلى آله وصحبه وسلم-: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)، عزاء الجاهلية هو:التنادي بنداء الجاهلية، يعني يرفع دعوى الجاهلية: يا قبيلة فلان، يا أصحاب فلانتعصبوا وتحزبوا لمن كان من قبلكم-أي: من بلادكم-ضد الشخص الآخر، وهذا حتى ولو كان ظالماً، فإنهم يظاهرونه، فهذا هو التعزي بدعوى الجاهلية، وهو التنادي بألقابالجاهلية، وبتحزبات الجاهلية.
    فيقول النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: (من تعزى بعزاءالجاهلية، فأعضوه بهن أبيه). يعني: قولوا له: اعضض هن أبيك، والمقصود العورة، وهذامن السب الشديد، وإنما استحقه لأنه أتى فعلاً شديداً، وهو التعزي بعزاء الجاهلية، وإحياء النعرات الجاهلية، قال: (ولا تكنوا) يعني: لا تستخدموا الكناية لهذا الترهيب، ولكن أعضوه بهن أبيه باللفظ الصريح عقوبة له على تجروئِه على إحياء دعوىالجاهلية، وهذا يدل على شدة قبح هذا النداء، وشدة بغض النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-له.
    ومن هم رؤساء وزعماء هذه الدعوى الجاهلية؟ هم: أبو جهل، وأبو لهب، و الوليد بن المغيرة ونظراؤهم من رؤساء الكفرة؛ وذلك لأنهم تنادوا بهذه الدعوى القومية حينما(قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)، و(قَالُوا بَلْنَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)، وأمثال ذلك من الأقوالالتي تمسكوا فيها بما كان عليه الآباء وإن كانوا على ضلال مبين.
    ورفع هذه الدعواتأياً كان اسمها هي عبارة عن نداء إلى التخلي عن دين الإسلام، ورفض الرابطة السماويةرفضاً باتاً، حتى لو نادى من ذلك بروابط عصبية قومية مدارها على أن هذا من العربفناصره وهذا من العجم فنعاديه مثلاً، والعروبة لا يمكن أن تكون خلفاً من الإسلام، واستبدالها به صفقة خاسرة.
    لكلمقام مقال، ولكل إثم في الإسلام عقاب يليق به، وعند رسولنا الأكرم لا حياء في أمورقد تؤدي إلى فتن عظيمة تضر بالأمة، ولا حياء في وصف أمور الجنة وحورها لأنها تدفعالإنسان للعمل الصالح في سبيل دخول الجنة، ولا حياء في العلم، لأن طلبه حق مهما كان). انتهى.
    أخي المعترض المحترم: (أحياناً تستعمل الكلمات الشديدة اللاذعة، ولكنها في محلها لا تتعداه وبقدرها لا تتجاوزه)[3]. ومن ذلك ما جاء في كتاب المغازي من (صحيح البخاري): (... فلما أن اصطفوا للقتال خرج سِباع فقال: هل من مبارز؟ قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع يا ابن أم أنمار مقطعة البظور)[4].
    قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (الفتح) (8/118/رقم:4072) في شرحه لقول سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب-رضي الله تعالى عنه-: (قوله: "مقطعة البظور"[5]، بالظاء المعجمة جمع بظر، وهي: اللحمة التي تقطع من فرج المرأة عند الختان، قال ابن إسحاق: كانت أمه ختانة بمكة تختن النساء).
    وبعبارة: فإن الحديث أفاد أن العصبية والقومية والعنصرية والقبلية! والدعاء إليها جاهلية، وبيَّن أن دواء من يدعو إلى هذه الأسماء أشد وأقبح الكلمات الشديدة والغليظة، لأن الإسلام لا يعترف بأي ولاء أو: رابطة، أو: فواصل، مهما كانت حاشا ولاء العقيدة، وأخوة الدين، ودفن الإسلام وحارب جميع معتقدات الجاهلية الجهلاء وعاداتها وحث على الأخوة الدينية، والوحدة الإسلامية.

    [1]-رواه البخاري في: (صحيحه)، (85-كتاب الحدود، 28-باب: هل يقول الإمام لِلْمُقِرِّ: لعلك لمست، أو: غمزت؟ "14/98/رقم:6824"-مع الفتح)

    [2]-قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (الفتح) (14/98/رقم:6824): (قوله: "أنكتها؟" بالنون والكاف، "لا يَكني" أي: تلفظ بالكلمة المذكورة ولم يَكْنِ عنها بلفظ آخر).

    [3]-انظر: (فقه الأخلاق) (2/28) للشيخ مصطفى العدوي.

    [4]-رواه البخاري في: (صحيحه)، (63-كتاب المغازي، 24-باب: قتل حمزة بن عبد المطلب".(8/114/115-وما بعدها-رقم:4072-مع الفتح)، وأحمد في: (مسنده) (3/501)، والبيهقي في: (دلائل النبوة) (3/241)، والطبري في: (تاريخه) مختصراً: (2/516/517)، وابن حبان في: (الإحسان) (رقم:7017)، والطيالسي برقم: (1314)، والواحدي في: (أسباب النزول) (ص:239). انتهى من كتابي: (ذاكرة سجين مكافح) (4/87).

    [5]-ومعلوم أن العرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم.

    تم ولله الحمد.
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  9. افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    جزاك الله خيراً.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعاصم أحمد بلحة مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً.
    وخيرا جزاك ربي بارك الله فيك
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    الجزائر العميقة ولاية الجلفة
    المشاركات
    494

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    بحث قيم ومفيد بارك الله فيك على إطالة النفس

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    نفع الله بك ، ورزقنا وإياك علما نافعا وعملا صالحا متقبلا .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في أرض الله
    المشاركات
    249

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوأحمد المالكي مشاهدة المشاركة
    بحث قيم ومفيد بارك الله فيك على إطالة النفس
    أنا مجرد ناقل فقط أخي الفاضل
    سنمضي والنجـوم لنا دليل * متى أصغى السحاب إلى النباح

    قفــد ولَّــى زمانـك يا أُبــيّ * كما ولّى زمانك يا سجاح؟

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2012
    الدولة
    الأرض لله
    المشاركات
    31

    افتراضي رد: تخريج موسع وشرح حديث من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا

    تصحيح الأحاديث بمجموع طرقها ، هو من الأمور التي توسع فيها المتأخرون جدا ، حتى نُسبت المنكرات والموضوعات لرسول الله ﷺ ، بما لايصح عنه.

    وفي المقابل نعلم رفض الإمام ابن حزم رحمه الله للتصحيح بمجموع الطرق بالكلية ولو بلغت طرق الضعيف ألفا ، فلا يزيد الضعيف الضعيف عنده إلا نكارة وضعفا!
    و قد يقبل توسطا أن يكون الحسن لغيره ، في أبواب ليس فيها ما يدفعه من الصحيح الثابت وأن يكون هذا بموافقة ضعيف الحفظ الصدوق ، لضعيف الحفظ الصدوق ، فيُعرف أنهما حفظا الحديث و ضبطاه.
    أما ما يحدث في عصرنا من التوسع في التقوية بالأسانيد التالفة والمنقطعة والمجاهيل والمنكرات، فهذا منهج غير مرضي ، كما في الحديث المذكور هنا ، الذي صححه البعض بمجموع طرقه ، التي نوجزها ونعقب عليها فيما يلي وهي أربعة:
    ______________________________ _______________________
    أولها : ثنا الحسن -البصري -عن عُتي بن ضمرة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله ﷺ: "من سمعتموه يدعو بدعوى الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا"
    رواه النسائي في السنن الكبرى #6/242 و أحمد في المسند# 5/136 ، وغيرهم
    __
    قلت : هذا إسناد لم يصرح فيه الحسن بسماع وهو مشهور معروف بالإرسال والتدليس ، أي قد يُسقط راويا من الإسناد ، ولا يتبين من كلامه إذ يقول (عن) ، وهذا الراوي قد يكون مجهولا ، فاحش الخطأ وغير ذلك
    قال ابن عبد البر : (وقالوا مراسيل عطاء والحسن لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد) انتهى التمهيد 1/30

    ______________________________ ________________________
    ثانيها : في مسند الشاميين للطبراني #4/39 ، و ابن السني #427
    ثنا أحمد بن مسعود ثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن مكحول عن عجرد بن مدراع التميمي أنه نازع رجلا عند أبي بن كعب فقال بنحوه
    ______
    قلت : اعدد معي الآن (أحمد بن مسعود شيخ الطبراني مجهول الحال ، و محمد بن العباس بن خلف شيخ ابن السني مجهول (1) و عمرو بن أبي سلمة ضعيف (2) + سعيد بن بشير ضعيف (3) + تدليس قتادة (4)+ تدليس الحسن (5) + تدليس مكحول (6) + عجرد لم أقف له على ترجمة! (7) + يخالف إسناد الأكثر عن الحسن ( 8 )
    فهل إسناد ينظر إليه أصلا !! إن لم يكن هذا إسناد تالف هالك فلا تالف في العالم ، فأنى يعتبر به؟!!

    ______________________________ __________________
    ثالثها : في زوائد المسند لعبدالله بن أحمد # 5/133
    ثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ثنا سفيان -عيينة- عن عاصم -الأحول- عن أبي عثمان عن أُبي رضي الله عنه ، بمعناه
    قال الألباني رحمه الله : (وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو وهو ثقة كما قال أبو داود وغيره) الصحيحة#1\538
    _________
    قت: هذا وهم من الألباني رحمه الله فمن وثقه أبو داود هو ((محمد بن عمرو بن العباس القِلَّوري)) أنظر الكنى ترجمة#7468 و تهذيب الكمال #34\19
    و هو قريب الطبقة منه الباهلي ت 249 هـ والقلوري ت 253 هـ
    ومحمد بن عمر الباهلي هذا ، لا توثيق معتبر له فهو مجهول الحال!
    - ابن الحبان ذكره في كتابه الثقات بلا جرح ولا تعديل كعادته في ذكر الأقدمين الذين لم يطلع على حالهم، والامر أشهر من أن نطيل فيه.
    - عبد الرحمن بن يوسف (بن خراش ) : وثقه ، ولكن انفراد ابن خراش بالتوثيق لا قيمة له ، قال الذهبي في السير (12/ 487) : "من الذي يصدق ابن خراش ذاك الرافضي في قوله" انتهى وحمل عليه كثيرا لنيله من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومن ينقل عن ابن خراش هذا التوثيق ابن عقدة (تاريخ بغداد) (3/127) وفيه كلام طويل.
    والخلاصة أن الباهلي هذا مجهول الحال : ربما صدوق فاحش الخطأ و ربما ما هو فوق ذلك!
    ______________________________ _____________
    رابعها : مصنف أبي شيبة 15/13
    ثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال : قال عمر : من اعتز بالقبائل فاعضوه أو فأمصوه "
    وهذا منقطع ، فأبو مجلز لاحق بن حميد = مرسل عن عُمر، فلا يُنسب لعمر
    ثم هو موقوف على عُمر ، غير مرفوع إلى النبي ﷺ ، فلاحجة فيه أصلا!
    ومثله ، ضعيف أو منكر موقوف على أبي بمثله في زجر نشد ضالة المسجد
    ___________
    فكما تبين مما سبق لا يمكن بحال تقوية هذه الطرق ، إلا مع تساهل شديد غير مرضي
    _______________________
    والتعزي يراد به الاعتزاز والتفاخر بالنسب أو القبيلة وما شابه ، ويستخدم في طلب الغوث ، ومعنى هذا الكلام المذكور ، أن من فعل هذا (ضعوا العضو الذكري لأبيه في فمه) ، هل يقول رسول الله ﷺ ، هذا القول ؟! ، قول من أبواب الكبائر و يخالف الصحيح الثابت عنه ﷺ في أبواب عدة
    _______________________
    أولها : أن لأصل في المسلم أنه ليس بفاحش ولا بذيء ، والأمر في هذا مشهور معروف قال عليه الصلاة والسلام : (الحياء من الإيمان) البخاري#24 ،

    (أتي النبي صلى الله عليه وسلم أناس من اليهود فقالوا : السام عليم يا أبا القاسم - يريدون الموت- قال: وعليكم، قالت عائشة : قلت : بل عليكم السامُ والذامُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة لاتكوني فاحشة) مسلم#2165 وأين قولها رضي الله عنها من القول المذكور في الحديث موضوع الباب
    ____________________________

    الثاني: أن النبي عليه الصلاة والسلام ولم يقل هذا القول ولم يأمر به في حوادث مشابهة ثابتة في الصحيح وقعت بين يديه منها ما أخرجه البخاري

    (فكسع رجل من الهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (مابال دعوى الجاهلية) !!
    وقول عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ : لئِنْ رجَعْنا إلى المدينةِ ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ!! البخاري #4905
    وتأمل قول ابن أبي سلول (فعلوها) يقصد المكيين القرشيين و يقصد بعث الحمية الجاهلية ويعرض بالرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه من القرشيين.
    _________
    وأيضا ما جاء عن أبي ذر رضي الله عنه عندما عير رجلا بأمه لسوادها : فقال له النبي ( يا أبا ذرٍّ ! إنك امرؤٌ فيك جاهليةٌ ) مسلم #1661
    ____________________
    الوجه الثالث:أن الثابت هو النهي الصريح عن سباب الوالدين وجعله عليه الصلاة والسلام من أكبر الكبائر
    (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) البخاري # 5973
    والقول المذكور فيه امتهان شديد للوالد ولا يظن من يسمعه أن يسكت إلا أن يرد بمثله خصوصا في موقف تتقد فيه الخصوصمة والعصبية الجاهلية.
    __
    ولايقاس أبدا على سب أبي بكر الصديق للات (الوثن) ، في صلح الحديبية ، وردا على تطاول المفاوض في قتال محتمل ، وترهيب للمشرك بعد أن سخر من المسلمين، ومن فعل هذا فقد أبعد النجعة!
    _________________________
    فأتعجب والله ممن يناضل وينافح ليصحح هذا الفحش وينسبه لسيدنا رسول الله ﷺ ، وأسانيده لا تحتاج كلاما أصلا!

    والله أعلى وأعلم
    ألم تر أني ظاهري وأنني **** على ما بدا حتى يقوم دليـلُ

    مدرسة أهل الظاهر على اليوتيوب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •