هذه نصيحة ثمينة من الشيخ محمد بن بن عثيمين رحمه الله في التحذير من التجاوز فيما ورد من أسماء الله وصفاته :
السؤال :
فضيلة الشيخ : في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يمل حتى تملوا ) ، هل تثبت هذه الصفة لله عز وجل ألا وهي الملل ؟.
الجواب :
أجيبك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون ) ، ما بالك تبحث عن ثبوت الملل لله عز وجل أو عدم ثبوته ؟.
أنت تعلم أن الرسول خاطب الصحابة في ذلك ، وتعلم أن الصحابة أحرص منا جميعاً على معرفة صفات الله تعالى ، وهل أوردوا على الرسول صلى الله عليه وسلم هل يمل أو لا يمل ، أو قالوا : سمعنا ، وصدقنا ، وآمنا أن الله لا يمل حتى نمل ؟! .
فما كان في الملل من نقص فهو لنا وليس لله ، فالله تعالى كامل الصفات .
فيجب أن نتوقف عن البحث والنقاش في هذا الأمر .
وأقول لك ولغيرك ولمن سمع كلامي هذا :
إن صفات الله عز وجل يجب أن يحترز الإنسان منها غاية الاحتراز ، ولا يتجاوز ما ورد ، فإن تجاوز ما ورد هلك ؛ لأنه سوف يقع في أحد أمرين :
- إما التمثيل ولزوم النقص في صفات الله .
- وإما التعطيل .
أحد هذين الأمرين .
وسبحان الله العظيم ، الصحابة مائة وأربعة وعشرون ألفاً ، والتابعون أكثر وأكثر ، وأئمة المسلمين سكتوا عن هذا فيأتي متأخرون من العلماء ، ويأتي الإخوة الطلبة الشباب الذين يريدون أن يتعمقوا -زعموا- في صفات الله ، فينقبون عن مثل هذه المسائل ، كم أصابع الله ؟! ، كيف عينه ؟! ، كيف وجهه ؟! .
أما تعلم أن الإمام مالك رحمه الله لما قال له شخص يا أبا عبد الله : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) [طه:5] ، كيف استوى ؟ ، أطرق برأسه حتى جعل يتصبب عرقاً خجلاً من هذا السؤال واستعظاماً له ، وتعظيماً للرب عز وجل ، ثم رفع رأسه وقال : يا هذا ! الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعاً ، ثم أمر به أن يخرج ، فأخرج من المسجد .
هذه المسائل أيها الشباب ، مسائل الصفات لا تحرصوا على التعمق فيها حتى لا تقعوا في الهلاك ، قولوا : سمعنا وآمنا وصدقنا وليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
نحن ما دمنا نعمل فالله تعالى يثيبنا ولا يمل حتى نمل ، والملل إذا كنت ترى أنه نقص فيك فلا تثبت لله صفة نقص ، فهو ملل يليق به ، ونعلم أنه لا يستلزم نقصاً في حق الله إن كان ثابتاً له .
وأحذرك وأحذر السامعين من التنطع والتعمق في هذه المسألة الخطيرة ، عليكم بما كُلفتم به من الأعمال ، ودعوا ما لم تكلفوا به ، ابحث كيف تصلي ، كيف تتوضأ ، كيف تصوم ، كيف تتصدق ، واترك صفات الله عز وجل ،
خذها كما جاءت ولا تُنقب عنها ؛ لأن أمامك أناساً أعلم منك ، وأحرص منك على معرفة الله ، وأشد حباً منك للخير وللعلم ما ناقشوا الرسول فيها . أ.هـ
---
( لقاء الباب المفتوح الحادي عشر ، السؤال 459 ، 323 ) .
أقول رحم الله العثيمين
ابحث كيف تصلي ، كيف تتوضأ ، كيف تصوم ، كيف تتصدق ، واترك صفات الله عز وجل ،
خذها كما جاءت ولا تُنقب عنها ؛ لأن أمامك أناساً أعلم منك ، وأحرص منك على معرفة الله ، وأشد حباً منك للخير وللعلم ما ناقشوا الرسول فيها
ما أوضح كلامه
ليت قومي يعلمون
اللهم غفرانك ولطفك
اللهم عافنا وأحسن خاتمتنا