وقال برهان الدين البقاعي في «النكت الوفية على الألفية » (ص: 99) مبيناً طريقة كبار الحفاظ في تعارض الوصل والإرسال في الحديث والرفع والوقف وزيادة الثقات وناقداً لابن الصلاح الذي خلط في هذه المسألة طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين فقال :
(إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين ، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظراً آخر لم يحكه وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه وذلك أنهم يحكمون بحكم مطرد وإنما يدورون في ذلك مع القرائن ) اهـ .
وقال أبو الفرج بن رجب في بيان منهج أئمة الحديث في قضية التفرد في الحديث والتفرد في بعض الألفاظ في الحديث:
( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه أنه(1) لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه) اهـ من «شرح العلل ».
قال أبو عبد الله الحاكم في "المدخل إلى الإكليل" (ص:47) :
( القسم الثالث من الصحيح المختلف فيه : خبر يرويه ثقة من الثقات ، عن إمام من أئمة المسلمين ، فيسنده ، ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه .
ومثاله : حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر " .
هكذا رواه عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير ، وهو ثقة ، وقد وقفه سائر أصحاب سعيد بن جبير .
وهذا القسم مما يكثر ، ويستدل بهذا المثال على جملة من الأخبار المروية هكذا ، فهذه الأخبار صحيحة على مذهب الفقهاء ، فإن القول عندهم فيها قول من زاد في الإسناد أو المتن إذا كان ثقة .
فأما أئمة الحديث فإن القول فيها عندهم قول الجمهور الذي أرسلوه ، لما يخشى من الوهم على هذا الواحد ) ا.هـ .
قال ابن رجب في كتابه "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" _ كما في كتاب "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" ليوسف بن عبد الهادي (ص:42) ، بعد أن ذكر حديث طاوس عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم . فأمضاه عليهم _ :
( فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان :
أحدهما : وهو مسلك الإمام أحمد ومن وافقه ، ويرجع إلى الكلام في إسناد الحديث بشذوذه وانفراد طاوس به ، وأنه لم يتابع عليه ، وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه ، وأن يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح ، وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين ، كالإمام أحمد ويحيى القطان ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، وهذا الحديث لا يرويه عن ابن عباس غير طاوس ) ا.هـ
وانت ايها الاخ القطاوي اذا رجعت الى كتب العلل ترى هذا المنهج .
وانصحك ان تقرأ كتاب "احاديث معلة ظاهرة الصحة " فان كنت لم تقرأه فقد فات علما عظيما.