الأحرف السبعة غير القراءات السبع المشهورة، فالأحرف السبعة متناثرة في القراءات العشر المتواترة والتي تبلغ عشرين رواية (لكل قراءة روليتان)، وليس صحيحا أن القراءات أو الروايات المتواترة العشرين هي جزءٌ من الأحرف السبعة، فكل القراءات المعتبرة المتواترة لا تخرج عن الأحرف السبعة، كما أن الأحرف السبعة موجودة في هذه القراءات المتواترة العشر،
بارك الله فيك
قولك أن الأحرف السبعة متناثرة في القراءات العشر لا يخالف القول بأن القراءات العشر جزء من الأحرف السبعة
لأنه لو قلنا أن القراءات هي جزء من الأحرف فمعنى هذا أن القراءات لا تحتوي كل الأحرف ولكن بعضها وأن هذا البعض متناثر في القراءات
مزيد من التوضيح:
"عن أنس: "أن حذيفة بن اليمان قَدِمَ على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان، أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليكِ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق" رواه البخاري
فهذا الأثر فيه نص على أن عثمان عندما قام بالجمع اقتصر على الكتابة بحرف واحد ولكن الرسم العثماني استوعب بعض ما نزل من الأحرف الستة الأخرى ومن هنا نشأت القراءات المتواترة المعروفة وكلها بأسانيد متصلة متواترة
مثال
ضمن ما كان من اختلافات في الأحرف السبعة أن تكون الكلمة مثلا (تعال) ، و(هلم ) ، و(أقبل) فاقتصر عثمان على ما كان بلغة قريش ، ثم ما وسعه الرسم من أوجه جائزة صار مقروءا به.
والموضوع بالتفصيل تجده في مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ونقل فيه عن ابن جرير كلاما نفيسا
ولو راجعت كلام ابن الجزري في النشر أيضا تجد ما يسرك
والدليل على أن رواية حفص عن عاصم تحوي أكثر من حرف -وليس حرف قريش فقط- هو أن الرواية فيها تحقيق الهمز الذي هو قراءة الجمهور، بينما قريش لا تهمز كما هو في رواية ورش عن نافع.
عدم تحقيق الهمز سواء بالإسقاط أو بالتسهيل وخلافه ورد في روايات أخرى غير ورش مثل رواية قالون ومثل قراءة حمزة ..الخ
وكون كل قراءة تحتوي على أكثر من حرف صحيح ولكن مجموع القراءات لا يستوعب السبعة أحرف كلها بل يستوعب جزء منها فقط لأنه في جمع عثمان ترك الكثير من أوجه القراءة ليتم جمع الأمة على المصحف الإمام
وهذا كلام نفيس لابن الجزري في النشر:
"وإنما تنازع الناس من الخلف في المصحف العثماني الإمام الذي اجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم هل هو بما فيه من قراءة السبعة وتمام العشرة وغير ذلك
حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها أو
هو مجموع الأحرف السبعة؟ على قولين مشهورين،
والأول قول أئمة السلف والعلماء والثاني
قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم،" اهـ
أما معنى الأحرف السبعة، فالأقوال فيها كثيرة، وكلُّ قولٍ فيه نظر!! وكثير من علماء القراءات اليوم أيدوا رأي
الشيخ عبدالعزيز القاريء لأنه استوعب جميع الأقوال وخلاصته:
(
الأحرف السبعة: هي وجوهٌ متعددةٌ متغايرةٌ منزَّلةٌ مِن وجوه القراءة، يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأتَ قرآناً منزلاً، والعدد هنا مراد، بمعنى أن أقصى حدّ ٍ يمكن أن تبلغه الوجوهُ القرآنيةُ المُنَزَّلةُ هو سبعةُ أوجه، وذلك في الكلمةِ القرآنيةِ الواحدةِ، ضمن نوعٍ واحدٍ من أنواعِ الإختلافِ والتغايرِ، ولا يلزمُ أن تَبْلُغَ الأوجهُ هذا الحدّ في كل موضعٍ من القرآن) انتهى
بارك الله فيك
هذا هو الراجح فعلا وهو قول ابن الجزري في الأصل
ولكن هل القراءات المتواترة الآن احتوت كل ما ورد من وجوه التغاير ؟ قلنا بناء على ما قررناه سابقا أن ( لا ) هناك الأوجه التي لا توافق الرسم العثماني ولكن كان مقروءا بها قبل جمع عثمان وهي من الأحرف السبع قطعا
وأضيف ان الفرق بين مصحف عثمان ومصحف أبي بكر أن مصحف أبي بكر اشتمل على كل الأحرف السبعة في حين اقتصر مصحف عثمان على وجه واحد ورجح لغة قريش على ما عداها (اللغات أحد وجوه الاختلاف والتغاير ) وبالتالي جمع الأمة على حرف واحد وبعض الأوجه من الأحرف الباقية
أما شروط القراءة المقبولة فلها شرطان، (والمتعارف عليه ثلاثة)، و شرط العربية شرط لا معنى له عند تحقق الشرطين الرئيسين:
تواتر السند، وموافقة الرسم العثماني، لأن القرآن حاكم ومهيمن على العربية وقواعدها، وليس العكس..
بارك الله فيك كلامك لا يختلف مع ما ذكرتُ وأنقل لك كلام ابن الجزري في النشر غاية في الامتاع والوضوح :
"كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب وكذلك الإمام أبو العباس أحمد ابن عمار المهدوي وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه" اهـ
ولا تبخل علينا أيها الأخ الفاضل بتعليق أو ملحوظة أو فائدة