تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 53

الموضوع: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها:



    اعلم رحمك الله أنه ما من صاحب بدعة وهوى إلا وينتصر لباطله ‏بشبهات وإعتراضات واهيات و إلزامات ,والنصوص الدالة على ‏علو الله تعالى على خلقه ((لم يعاضرها قط صريح معقول,فضلا ‏على أن يكون مقدما عليها,وإنما الذي ‏يعارضها((جهليا ))’و((ضلالات)),و(( بهات ‏مكذوبات)),و((أوه ام فاسدات)),وأن تلك الأسماء ليست مطابقة ‏لمسماها,بل هي من جنس تسمية الأوثان((آلهة)) ‏و((أربابا)),وتسم ية ((مسيلمة الكذاب)) وأمثاله((أنبياء)) ‏‎: ‎‏((إِنْ ‏هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ‏الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى )) النجم23(1)‏
    ‏,مبناها على معاني متشابهة وألفاظ مجملة,فمتى وقع الاستفسار ‏والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية,لا براهين عقلية.‏

    قال ابن القيم رحمه الله ‏‎: ‎
    فأدلة الإثبات حقا لا يقوم ***لها الجبال وسائر الأكوان
    تنزيل رب العالمين ووحيه***مع فطرة الرحمن والبرهان
    أنى يعارضها كناسة هذه***الأذهان بالشبهات والهذيان
    وجعاجع وفراقع ما تحتها***إلا السراب لوارد ظمآن
    (2)‏

    وإن المشتغلين بعلم الكلام قد جعلوا أقوالهم التي ابتدعوها,أصول ‏دينهم –وإن سموها((أصول العلم والدين))فهي(ترتيب الأصول ‏في مخالفة الرسول والمعقول))-ومعتقدهم في رب العالمين هي ‏المحكمة,وجعلوا قول الله ورسوله هو المتشابه الذي لا يستفاد منه ‏علم ولا يقين,ثم ردوا تشابه الوحي إلى محكم كلامهم وقواعدهم.‏
    وهذا كما أحدثوه من الأصول التي نفوا بها صفات الرب جلا ‏جلاله ,ونعوت كماله,ونفوا بها كلامه,وتكلميه,وع لو على ‏عرشه,محكما,وجع وا وجعلوا النصوص الدالة على خلاف تلك ‏القواعد والأصول متشابهة يقضي بتلك القواعد عليها وترد ‏النصوص إليها .‏
    وأما أهل العلم والإيمان فطريقهم عكس هذه الطريقة من كل ‏وجه,يجعلون كلام الله ورسوله هو الأصل الذي يعتمد عليه,ويرد ‏ما يتنازع الناس فيه إليه,فما وافقه كان حقا,وما خالفه كان ‏باطلا,وإذا ورد عليهم لفظ مشتبه ليس في القرآن ولا في السنة ‏‎]‎كالحيز والجهة والمكان والجسم والحركة‎[‎‏ لم يتلقوه بالقبول,ولم ‏يردوه بالإنكار حتى يستفصلوا قائله عن مراده,فإن كان حقا ‏موافقا للعقل والنقل قبلوه,وإن كان باطلا مخالفا للعقل والنقل ‏ردوه,ونصوص الوحي عندهم أعظم وأكبر في صدورهم من أن ‏يقدموا عليها ألفاظ مجملة ,لها معاني مشتبهة ‏‎(3)‎‏.‏
    وهذا أصل مهم ,من تصوره وتدبره انتفع به غاية النفع وتخلص ‏به من ضلال المتفلسفين,وحير المتكلمين,((وعرف حقيقة ‏الأقوال الباطلة ,وما يلزمها من اللوازم ,وعرف الحق الذي دل ‏عليه صحيح المنقول,وصريح المعقول لا سيما في هذه الأصول ‏التي هي أصول كل الأصول,و الضالون فيها لما ضيعوا الأصول ‏حرموا الوصول))(4) .والأصول اتباع ما جاء به الرسول صلى ‏الله عليه وسلم(5).كما قيل ‏‎:‎
    أيها المتغذي لتطلب علما***كل علم عبد لعلم الرسول ‏
    تطلب الفرع كي تصحح حكما***ثم أغفلت أصل الأصول
    (6)‏.



    يتبع...

    ‏ ‏
    ‏(1)درء تعارض العقل والنقل(5/255-256)‏
    ‏(2)الكافية الشافية ص154‏
    ‎(3)‎‏ الصواعق(ص991-992).‏
    ‏(4)مجموع الفتاوى(8/27)‏
    ‏(5)مجموع الفتاوى(13/157).‏
    ‏(6)مجموع الفتاوى(13/158).‏

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها


    الرد المجمل على جميع الشبهات والاعتراضات ‏‎:‎
    قد تبين مما تقدم أن شبهات المنكرين للعلو أو غيرها ‏من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة هي عبارة عن ‏ألفاظ مجملة ولوازم باطلة ردو بها الآيات والأحاديث ‏الصريحة ,فالرد عليهم من وجهين ‏‎:‎
    الوجه الأول: إجمالي وهو أن يقال: إن الله أخبرنا بأنه مستو على عرشه، عال على خلقه، ونحن نصدقه فيما قال، ونؤمن ‏بما أخبر، ونسكت عما وراء ذلك، ولا نخوض في تلك اللوازم المدعاة ولا نتكلم فيها، فإنها من جملة المسكوت عنه في ‏الشرع؛ إذ لم يرد في الشرع نفي أو إثبات أن يكون الله جسماً، أو محدوداً، أو محصوراً، فالسكوت فيه سلامة للمرء في ‏دينه واعتقاده .‏
    الوجه الثاني: تفصيلي وهو بأن نسأل عن تلك اللوازم، فنقول إن أردتم بالجسم ما هو قائم بذاته مستغن عن خلقه فذلك ما ‏نثبته ونؤيده ونلتزم به مع عدم تسميتنا له جسماً لكونه لم يرد في الشرع وصفه بذلك، وإن أردتم بالجسم ما زعمتم أن كل ‏طرف فيه محتاج للطرف الآخر فذلك مما نكره وننفيه، ولكننا لا نعتقد أن نفيه يلزم منه نفي العلو . بل نرى أن قولكم: أنه ‏من لوازم القول بالعلو ما هو إلا بسبب تشبيهكم أولاً فأنتم شبهتم استواء الله على عرشه باستواء المخلوقين، فقلتم: كل ‏مستو فهو جسم، والله ليس بجسم، فهو ليس بمستو والمقدمة باطلة وما ترتب عليها باطل، فالله ليس كمثله شيء، واستواؤه ‏ليس كاستواء المخلوقين .‏



    يتبع.......



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهة الجهة ‏‎:‎
    والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في ( التدمرية ) ( ص 45 ) : قد يراد ب ( الجهة ) شيء موجود غير الله فيكون ‏مخلوقا كما إذا أريد ب ( الجهة ) نفس العرش أو نفس السماوات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما ‏إذا أريد بالجهة ما فوق العالم . ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء ‏والوفوقية والعروج إليه ونحو ذلك وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق سبحانه وتعالى مباين ‏للمخلوق ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته فيقال لمن نفى : أتريد بالجهة أنها شيء ‏موجود مخلوق ؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم . وكذلك ‏يقال لمن قال : الله في جهة . أتريد بذلك أن الله فوق العالم أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات ؟ فإن ‏أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل ).‏
    وقد يقول قائل ‏‎:‎‏ ((هل كان الله تعالى في هذا الحال – أي قبل خلق الكون – جهة وغيرها , إن قالوا نعم ‏كفروا ‏وتناقضوا )‏ شبهة ذكرها سعيد فودة.‏
    والجواب ما جاء في رسالة إثبات الفوقية للجويني ‏‎:‎
    ‏((، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة ‏المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن ‏الأكوان، وجعل لها جهتا العلو والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ ‏لكونه مربوباً مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار ‏فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما ‏كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، ‏كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من ‏الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة ‏اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية))(1)‏

    وقال ابن القيم: وكذلك قولهم ننزهه عن الجهة؛ إن أردتم أنه منزه عن جهة وجودية تحيط به وتحويه ‏وتحصره إحاطة الظرف بالمظروف فنعم هو أعظم من ذلك وأكبر وأعلى. ولكن لا يلزم من كونه فوق ‏العرش هذا المعنى. وإن أردتم بالجهة أمراً يوجب مباينة الخالق للمخلوق, وعلوه على خلقه, واستواءه ‏على عرشه فنفيكم لهذا المعنى الباطل, وتسميته جهة اصطلاح منكم توصلتم به إلى نفي ما دل عليه ‏العقل والنقل والفطرة, وسميتم ما فوق العالم جهة, وقلتم منزه عن الجهات, وسميتم العرش حيزاً, و ‏قلتم ليس بمتحيز, وسميتم الصفات أعراضاً, وقلتم الرب منزه عن قيام الأعراض به([2]).‏
    ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها ولا نفيها لأن في كل من الإثبات ‏والنفي ما تقدم من المحذور ولو لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا ‏يقولون به لكفى.‏
    وقال القرطبي ( 671 هـ ) بعدما ذكر مذهب المعطلة نفاة العلو لله تعالى ( وقد كان السلف ‏الأول لا يقولون بنفي الجهة , ولا ينطقون بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله , كما نطق كتابه ‏وأخبرت رسله , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة .... , وإنما جهلوا ‏كيفية الاستواء ) الجامع لأحكام القرآن 7/219-220‏
    وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهما من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة لأن في ذلك محاذير عديدة منها ‏نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى . ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة فصرح بنفيها ‏المعتزلة والشيعة وعلل ابن المطهر الشيعي في ( منهاجه ) النفي المذكور بقوله : ( لأنه ليس في جهة ) وأما ‏الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا : ( إنه يرى لا في جهة ) يعنون العلو ‏قال شيخ الإسلام في ( منهاج السنة ) ( 2 / 252 ) :‏
    ‏( وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون : إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل كقولهم في الكلام ‏ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين
    ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس
    وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقا والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط ‏به شيء من المخلوقات فإنه بائن من المخلوقات كما سيأتي في الكتاب عن جمع من الأئمة وإن أريد ب ( الجهة ) ‏أمر عدمي وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده
    قال ابن رشد في "مناهج الأدلة": وأما هذه الصفة – أي الجهة - فلم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله ‏سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعهم على نفيها متأخروا الأشعرية كأبي المعالي, ومن اقتدى بقوله, وظواهر الشرع ‏تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، ومثل قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ ‏وَالأَرْضَ}، ومثل قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، ومثل قوله: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأرْضِ ‏ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}، ومثل قوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، ومثل قوله: ‏‏{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}، إلى غير ذلك من الآيات التي إن سلط التأويل عليها ‏عاد الشرع كله مؤولاً, وإن قيل فيها: إنها من المتشابهات عاد الشرع كله متشابهاً، لأن الشرائع كلها مبنية على أن ‏الله في السماء, وأن منها تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين, وأن من السماء نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي ‏صلى الله عليه وسلم حتى قرب من سدرة المنتهى.‏
    قال: "وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك, ‏والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها هو أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان وإثبات ‏المكان يوجب إثبات الجسمية. قال: ونحن نقول: إن هذا كله غير لازم؛ فإن الجهة غير المكان"([3]).‏


    -----------
    ‏(1) رسالة إثبات الفوقية للجويني.‏

    ‏(2) "مختصر الصواعق" (1/181).‏
    ‏(3 "در التعارض" (3/211).‏

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهة الحيز والمكان و الحد‎:‎
    إذا عرفت الجواب عن الشبهة السابقة ( الجهة ) يسهل عليك فهم الجواب عن هذه الشبهة وهو أن يقال :‏
    إما أن يراد بالمكان أمر وجودي وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس اليوم ويتوهمون أنه المراد بإثباتنا لله تعالى ‏صفة العلو .

    فالجواب : أن الله تعالى منزه عن أن يكون في مكان بهذا الاعتبار فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات إذ ‏هو أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السموات والأرض وقد قال تعالى : { وما قدر الله حق قدره والأرض جميعا ‏قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } وثبت في ( الصحيحين ) وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏أنه قال : يقبض الله بالأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ )‏
    وأما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى ‏الوجودي كما كان قبل أن يخلق المخلوقات
    فإذا سمعت أوقرأت عن أحد الأئمة والعلماء نسبة المكان إليه تعالى .

    فاعلم أن المراد به معناه العدمي يريدون به ‏إثبات صفة العلو له تعالى والرد على الجهمية والمعطلة الذين نفو عنه سبحانه هذه الصفة ثم زعموا أنه في كل ‏مكان بمعناه الوجودي قال العلامة ابن القيم في قصيدته ( النونية ) ( 2 / 446 - 447 - المطبوعة مع شرحها ‏‏( توضيح المقاصد ) طبع المكتب الإسلامي )‏
    والله أكبر ظاهر ما فوقه شيء وشأن الله أعظم شان
    والله أكبر عرشه وسع السما والأرض والكرسي ذا الأركان
    وكذلك الكرسي قد وسع الطبا ق السبع والأرضين بالبرهان
    والله فوق العرش والكرسي لا تخفى عليه خواطر الإنسان
    لا تحصروه في مكان إذ تقو لوا : ربنا حقا بكل مكان
    نزهمتوه بجهلكم عن عرشه وحصرتموه في مكان ثان
    لا تعدموه بقولكم : لا داخل فينا ولا هو خارج الأكوان
    الله أكبر هتكت أستاركم وبدت لمن كانت له عينان
    والله أكبر جل عن شبه وعن مثل وعن تعطيل ذي كفران.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ‏‎: ‎‏((ومن قال بنفي المكان عن الله عن الله ‏عز وجل فقد يراد بالمكان ما يحويه الشيء ويحيط به,وقد يراد به ما ‏يستقر الشيء عليه بحيث يكون محتاجا إليه,وقد يراد به ما كان الشيء ‏فوقه وإن لم يكن محتاجا إليه,وقد يراد به ما فوق العالم وإن لم يكن ‏شيئا موجودا. فإن قيل
    هو في مكان بمعنى إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره
    فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك
    وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه
    قيل إذا لم يكن إلا خالق أو مخلوق والخالق بائن من المخلوق كان هو ‏الظاهر الذي ليس فوقه شيء
    وإذا قال القائل
    هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فهذا المعنى حق سواء ‏سميت ذلك مكانا أو لم تسمه
    وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب ‏والسنة واتفق عليه سلف الأمة وهو القول المطابق لصحيح المنقول ‏وصريح المعقول
    ))(1).‏

    وقال رحمه الله((وحقيقة الأمر في المعنى أن ينظر في المقصود ,فمن ‏اعتقد أن المكان لا يكون إلا ما يفتقر إليه المتمكن,سواء كان محيطا به,أو ‏كان تحته,فمعلوم أن الله سبحانه ليس في مكان بهذا الإعتبار ,ومن اعتقد ‏أن العرش هو المكان,وأن الله فوقه,مع غناه عنه ,فلا ريب أنه في مكان ‏بهذا الإعتبار.‏
    فمما يجب نفيه بلا ريب افتقار الله تعالى إلى ما سواه,فإنه سبحانه غني ‏عن ما سواه,وكل شيء فقير إليه ,فلا يجوز أن يوصف بصفة تتضمن ‏افتقاره إلى ما سواه
    ))(2)‏.


    الحيز:

    وما قيل في المكان يقال في الحيز((إن أراد بقوله متحيز أن المخلوقات ‏تحوزه وتحيط به ,وليس هو بقدرته يحمل عرشه وحملته,وليس هو ‏العلي الأعلى الكبير العظيم الذي لا تدركه الأبصار,فقد أخطأ.وإن أراد ‏بأنه منحاز عن المخلوقات مباين لها عال عليها فوق سمواته على ‏عرشه بائن من خلقه فقد أصاب.ومن قال ‏‎:‎‏ ليس متحيز ,إن أراد ‏المخلوقات لا تحوزه فقد أصاب.وإن أراد ليس ببائن عنها بل هو لا ‏داخل فيها ولا خارج عنها فقد أخطأ.))(3)‏

    الحد:
    وكذلك يقال في الحد ‏
    فتقول:ما المراد من قولكم ( الحد ) , و ( المحدود ) ؟ ‏

    فإن كنتم تعنون أن المراد من الحد والمحدود : أن يكون الله تعالى محبوساً ‏محاطاً , فهذا منفي ‏عن الله تعالى بلاريب ولكن لا يلزم من قولنا ( إن الله ‏فوق العالم بائن عنه ) أن الله محدود ‏محبوس محاط .‏
    فإن الله تعالى وهو المدبر وهو الرب الخالق للخلق والكون , على هذا ‏المعنى يحمل قول من ‏نفي ( الحد ) عن الله تعالى من بعض السلف(‏ ‏‎4‎‏) .‏
    وإن كنتم تعنون بالحد والمحدود : أن الله تعالى متميز عن الخلق بائن عنه ‏‏.‏
    فالحد بهذا المعنى صحيح , ولا يلزم عن هذا المعنى أي محذور , لأن الله ‏فوق العالم عال على ‏العرش , وعلى هذا المعنى يحمل قول من أثبت الحد ‏لله تعالى من بعض السلف كعبدالله بن ‏المبارك والدارمي , وهو رواية عن ‏الإمام أحمد(‏‎5‎‏ ‏) .‏

    يتبع........


    -------------------
    ‏(1)‏ منهاج السنة (2/144-145).‏
    ‏(2)‏ درء تعارض العقل والنقل(6/249).‏
    ‏(3)‏ المصدر السابق.‏
    ‏(4)‏ انظر التمهيد لابن عبدالبر 7/142 , ورد الدارمي على المريسي 23-25 , ودرء التعارض 2/34 ‏‏.‏
    ‏(5) التدمرية 66-67 , مجموع الفتاوى 3/41-42 , 4/58-59 , 5/262-263 , 6/38-40 , ونقض المنطق 50 , ودرء ‏التعارض 1/253-254 , والتسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/ 4 - 5 , 23 , 21 , 31 , 37 , ومختصر الفتاوى المصرية 585 ‏‏, وشرح الطحاوية 242-244 , وروح المعاني 7/116 , وجلاء العينين 359 , وغاية الأماني 1/77 , 493 .‏

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهة التشبيه ‏‎:‎

    إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق، ولكننا مختلفون في حدود هذا النفي، ونرى أن الناس فيه ‏طرفان ووسط، فأما الطرف الأول فاتخذ قاعدة التنزيه ذريعة لنفي كل أو أكثر الصفات الثابتة لله - عز وجل - حتى نفى ‏الغلاة منهم أن يوصف الله بالوجود أو الحياة، فعندما يُسأل عن صفة الله لا يجد سوى النفي سبيلا لتعريف ربه، فيقول: لا ‏هو موجود ولا معدوم، ولا عَرَضٌ ولا جَوْهَرٌ، ولا حي ولا ميت، ويظن بذلك أنه فر من التشبيه وما علم أنه وقع في ‏التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات.‏
    والطرف الثاني: ألغى قاعدة التنزيه فشبه الله بخلقه تشبيها مطلقا أو جزئياً، وهو مذهب لا شك في بطلانه وضلاله.‏
    والمذهب الوسط هو المذهب الحق الذي أثبت الصفات ونفى المشابهة، وهو ما تنص عليه الآية الكريمة حيث صرّحت ‏بالتنزيه { ليس كمثله شيء } وفي ذات الوقت صرّحت بالإثبات { وهو السميع البصير } فأخذ مذهب أهل الحق بجزئي ‏الآية، أما المذهبان السابقان فأخذ كل منهم بأحد شطري الآية - وفق فهمه - ولم يأخذ بالآخر.‏
    وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: ‏لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا . وهو المنهج الوسط الذي سار عليه الأئمة، وإليك أخي القارئ نصوصهم حول هذا ‏‎:‎
    ‏ ((1- قال نعيم بن حماد الحافظ: من شبه الله بخلقه, فقد كفر, ومن أنكر ‏ما وصف به نفسه فقد كفر, وليس ما وصف به نفسه, ولا رسوله ‏تشبيها.‏
    ‏2- ‏يقول الإمام إسحاق بن راهويه :" إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما ‏قال الله: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل، فهذا لا يكون تشبيهاً، قال تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع ‏البصير }" ذكره الترمذي في جامعه .
    ولو كان إثبات الفوقية لله تعالى معناه التشبيه, لكان كل من أثبت ‏الصفات الأخرى لله تعالى ككونه حيا قديرا سميعا بصيرا مشبها أيضا, ‏وهذا ما لا يقول به مسلم ممن ينتسبون اليوم إلى أهل السنة والجماعة ‏خلافا لنفات الصفات والمعتزلة وغيرهم قال شيخ الإسلام في "منهاج ‏السنة" "2/ 75":‏
    ‏"فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفات الصفات يجعلون كل من أثبتها ‏مجسما مشبها, ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة الأئمة ‏المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم, كما ذكر ذلك أبو حاتم ‏صاحب كتاب "الزينة" وغيره.‏
    وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ‏ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق, ويقولون: إن الله يرى في ‏الآخرة". هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت ‏وغيرهم.‏
    ثم قال ص80:‏
    ‏"والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء, لا ‏في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله, ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس ‏لفظ مجمل, فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن, ودل عليه العقل فهذا ‏حق, فإن خصائص الرب تعالى لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء ‏من
    صفاته.., وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات, فلا يقال ‏له علم, ولا قدرة ولا حياة, لأن العبد موضوف بهذه الصفات فيلزم أن ‏لا يقال له: حي, عليم, قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء, وكذلك في ‏كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك, وهم يوافقون أهل السنة على ‏أن الله موجود حي عليم قادر, والمخلوق يقال له: موجود حي عليم ‏قادر, ولا يقال: هذا تشبيه يجب نفيه".
    ))(1)‏
    وقد إعترف كبار الأشاعرة بهذا فقال الرازي في رده على المعتزلة‎((‎إن كنتم بالمشبهة من يقول ‏بكون الله مشابها لخلقه من بعض الوجوه فهذا لا‎ ‎يقتضي الكفر لأن المسلمين اتفقوا على أن ‏الله موجود‎...)).‎‏.‏


    يتبع........
    ‏-------------

    ‏(1) مختصر العلو للألباني.‏

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهة التجسيم:


    قولهم ‏‎:‎‏ ((لو كان موصوفا بالعلو لكان جسما,ولو كان جسما لكان مماثلا ‏لسائر الأجسام,والله قد نفى عنه المثل)).‏
    والجواب على هذا من أوجه ‏‎:

    الوجه الأول ‏‎:‎قد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله ‏على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,و فصحه,وهو الذي ‏هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة ‏للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا ‏أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم ‏‏(1).وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على ‏عرشه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن ‏تحريفها وتبدليها.‏
    يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.‏
    ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
    ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ‏
    ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ
    (2).‏

    الوجه الثاني ‏‎:‎
    نحن أثبتنا لله غاية الكمال,ونعوت الجلال,ووصفناه بكل صفة كمال فإن ‏لزم من هذا تجسيم ,أو تشبيه لم يكن هذا نقصا ولا ذما ولا عيبا ,بوجه ‏من الوجوه ,فإن لا زم الحق حق,ومالزم من إثبات كمال الرب ليس ‏بنقص ,وأما أنتم فنيتم عنه صفات الكمال ,ولا ريب أن لازم هذا النفي ‏وصفه بأضدادها العيوب,والنقائص, فما سَوَّى الله ولا رسوله ولا عقلاء ‏عباده بين من نفى كماله المقدس حذرا من التجسيم,وبين من أثبت كماله ‏الأعظم وصفاته العلى بلوازم ذلك كائنة من كانت(3).‏
    لا تجعلوا الإثبات تشبيها له يا فرقة التشبيه والطغيان ‏
    كم ترتقون بسلم التنزيه للت عطيل ترويجا على العميان
    فالله أكبر أن تكون صفاته كصفاتنا جل عظيم الشَّانِ
    هذا هو التشبيه لا إثبات أوصاف كمال فما هما سِيَّانِ
    (4)‏
    سميتم التحريف تأويلا كذا التعطيل تنزيها هما لقبان
    وأضفتم أمرا إلى ذا ثالثا شرا وأقبح منه ذا بهتان
    فجعلتم الإثبات تجسيما و تشبيها وذا من أقبح العدوان
    فقلبتم تلك الحقائق مثل ما قُلِبَتْ قلوبكم عن الإيمان‏
    وجعلتم الممدوح مذموما كذا بالعكس حتى استكمل اللّبْسَانِ
    (5).‏
    ‏ ‏
    الوجه الثالث ‏‎:‎‏ ماذا تعنون بقولكم((لو كان فوق العرش لكان جسما))؟
    أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته,فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من ‏الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص,والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية ‏الكمال,وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال ‏تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه ‏الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات‎ ‎الكمال (6).‏
    ‏ وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك ‏فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه ‏وأبعاضه أولى وأحرى(7).‏
    وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه ‏غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة
    والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك(8) فهو ‏من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله(9).‏
    وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم, و يُكلِمْ,ويسمع,وي بصر,ويرضى ‏ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا ‏نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد ‏صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما ‏مشبها.‏
    فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم ‏
    وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
    وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصاف أو كونه يتكلم
    فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ ‏الجمع الأعظم مشيرا له.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله ‏صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.‏
    وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.‏


    الوجه الرابع ‏‎:‎‏ ‏
    لا يلزم من إستواء الله على عرشه,أن يكون جسما بالمعنى الذي ‏اصطلحوا عليه,لا عقلا ولا سمعا إلا بالدعاوي الكاذبة.فدعوى هذا ‏اللزوم عين البهت والكذب الصراح,بل العرش خلق من خلقه,ولا ‏يلزم من كونه فوق السموات كلها أن يكون مركبا من جواهر الفردة ‏ولا من المادة والصورة ولا مماثلا لغيره من الأجسام ,وكذلك جبريل ‏مخلوق من مخلوقاته وهو ذو قوة وحياء وسمع وبصر وأجنحة ويصعد ‏وينزل ويرى بالأبصار ,ولا يلزم منه وصفه بذلك أن يكون مركبا من ‏الجواهر الفردة,ولا من المادة والصورة,ولا أن يكون جسمه مماثلا ‏لأجسام الشياطين,فدعونا من هذا الفشر(10) والهذيان,والدعا ى ‏الكاذبة,والتفا وت الذي بين الله وخلقه أعظم من التفاوت الذي بين ‏جسم العرش وجسم الثرى والهواء والماء,وأعظم من التفاوت الذي بين ‏أجسام الملائكة وأجسام الشياطين,والعاق إذا أطلق على جسم صفة ‏من صفاته-وعنده من كل وجه موصوف بتلك الصفة-لم يلزم من ‏ذلك تماثلها,فإذا أطلق على الرجيع,الذي بلغ غاية الخبث,أنه جسم ‏قائم بنفسه ذو رائحة ولون,وأطلق ذلك على المسك,لم يقل ذو حس ‏سليم ولا عقل مستقيم,إنهما متماثلان,وأين التفاوت الذي بينهما من ‏التفاوت الذي بين الله وخلقه ,فَكَمْ تُلَبِسُونْ وكم تُدلسونْ وكم ‏تُمَوِّهون؟ ‏‎!‎
    فكيف يجوز بعد هذا أن يقال ‏‎:‎‏ إذا كان الرحمن فوق العرش أن يكون ‏مماثلا لخلقه؟ ‏‎!‎‏ والله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا ‏أفعاله حتَّى لو قُدِّر لزوم ذلك كله لكان التزامه سهل من تعطيل علوه ‏على عرشه,وجعله بمنزلة المعدوم الممتنع,الذي لا هو داخل العالم ولا ‏خارجه(11).‏
    عطلتم السبع السموات العلى والعرش أخليتم من الرحمن(12)‏
    قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎
    قد عطل الرحمن أفئدة لهم***من كل معرفة وإيمان ‏
    إذ عطلوا الرحمن من أوصافه***والعرش أخلوه من الرحمن
    (13)‏
    أيها المشتغلون بعلم الكلام ‏‎:‎‏ إن نفيكم لعلو الله تعالى على العرش ‏بدعوى التجسيم خطأ في اللفظ والمعنى ,وجناية على ألفاظ الوحي.‏
    أما اللفظي ‏‎:‎فتسميتكم علو الله على العرش تجسيما وتشبيها ‏وتحيزا.وتواصيك م بهذا المكر الكبار إلى نفي ما دل عليه الوحي,والعقل ‏والفطرة,فكذبتم على القرآن وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ‏وعلى اللغة,ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدأت وإليكم تعود.‏
    وأما خطأكم في المعنى ‏‎:‎‏ فنفيكم,وتعطيلكم لعلو الرحمن بواسطة هذه ‏التسميات والألقاب ,فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ,وكنتم ‏في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يراه,فسأل عنه فقيل له ‏‎:‎‏ ‏مائع رقيق أصفر يشبه العذرة تتقيأه الزنابير,ومن لم يعرف العسل ينفر ‏عنه بهذا التعريف ,ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة ‏له,ورغبة فيه,وما أحسن ما قال القائل ‏‎:‎
    تقول هذا جني النحل تمدحه***وإن تشاء قل ذا قيئ الزنابير‏
    مدحا وذما وما جاوزت وصفهما***والحق قد يعتريه سوء التعبير

    أ فيظن الجاهل أنَّا نجحد علو الله على عرشه,لأسماء سموها,هم ‏وسلفهم,ما أنزل الله بها من سلطان,وألقاب وضعوها من تلقاء ‏أنفسهم,لم يأت بها سنة ولا قرآن ,وشبهات قذفت بها قلوب,ما ‏استنارت بنور الوحي,ولا خالطتها بشاشة الإيمان,وخيالات هي من ‏تخييلات الممرورين,وأصحا الهوس,أشبه منها بقضايا العقل ‏والبرهان,ووهمي ات نسبتها إلى العقل الصحيح كنسبة السراب إلى ‏الأبصار في القيعان.‏
    فدعونا من هذه الدعاوي الباطلة ,التي لا تفيد إلا تضييع ‏الزمان,وإتعاب الأذهان,وكثرة الهذيان,وحاكمون إلى الوحي,لا إلى ‏نخالة الأفكار وزبالة الأذهان وعفارة الآراء,ووساوس الصدور,التي لا ‏حقيقة لها في التحقيق ,ولا تثبت على قدم الحق والتصديق,فملأتم بها ‏الأوراق سوادا ,والقلوب شكوكا,والعالم فاسدا.‏
    يا قومنا والله إن لقولنا‎ ‎ألفا تدل عليه بل ألفان
    عقلا ونقلا مع صريح الفطرة الأ‎ ‎ولى وذوق حلاوة القرآن
    كل يدل بأنه سبحانه‎ ‎فوق السماء مباين الأكوان
    أترون أنا تاركون ذا كله‎ ‎لجعاجع التعطيل والهذيان
    (14)‏


    وهذه الشبهة قد تكلمنا عنها ((بالإستقصاء حتى يتبين أنها من القول ‏الهراء فهاتو برهانكم إن كنتم صادقين))(15)‏




    نقلته كاملا من كتاب(الكلمات الحسان في بيان علو ‏الرحمان).‏
    ----------------
    ‏(1)الصواعق(239)‏
    ‏(2)الكافية الشافية(ص129).‏
    ‏(3)الصواعق (ص263).‏
    ‏(4)الكافية الشافية(ص336).‏
    ‏(5) الكافية الشافية(ص155).‏
    ‏(6) منهاج السنة(2/527-530).‏
    ‏(7) درء تعارض العقل والنقل(10/307).‏
    ‏(8)درء التعارض(5/145).‏
    ‏(9)مجموع الفتاوى(427-428).‏
    ‏(10)الفشر ‏‎:‎‏ فشر فشرا كذب وبالغ في الكذب والإدعاء.‏
    ‏(11) الصواعق(ص1016-1017).‏
    ‏(12) نونية القحطاني.‏
    ‏(13)الكافية الشافية(ص268).‏
    ‏(14) الكافية الشافية(ص131).‏
    ‏(15) الفتاوى الكبرى(6/355).‏


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الخامسة ‏‎:‎‏ قولهم ‏‎:‎‏ لو كان الخالق فوق العرش لكان حامل ‏العرش حاملا لمن فوق العرش فيلزم احتياج الخالق للمخلوق.‏

    والرد على هذه الشبهة السفسوطائية من أوجه ‏‎:‎

    الأول ‏‎:‎‏ هؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة ويصفون الله بالنقائص ولآفات ‏ويمثلونه بالمخلوقات بل بالناقصات بل بالمعدومات بل بالممتنعات فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات الذين ‏يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن النقائص والعيوب وأن يكون له في شيء من صفاته كفو أو سمي فما ‏يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد أو أنهم يصفون الله بالنقائص ‏والعيوب أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات هو بهم أخلق وهو بهم أعلق وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب ‏الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال إلا وقوله يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ‏ولمثيله بالمخلوقات وتجده قد توهم وتخيل أوهاما وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا ‏الوهم والخيال وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان ‏فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه(1),وكما يحتاج الإنسان إلى السطح أوالسرير .وهذا(تشبيه له ‏بالمخلوق الضعيف العاجز الفقير))(2)وقياس فاسد لأن((قياس الله الخالق لكل شيء الغني عن كل شيء الصمد ‏الذي يفتقر إليه كل شيء بالمخلوقات الضعيفة المحتاجة عدل لها برب العالمين ومن عدلها برب العالمين فإنه في ضلال ‏مبين))(3)‏

    وهؤلاء الجهمية دائما يشركون بالله ,ويعدلون به,ويضربون له الأمثال(4).فإنه كلامهم هذا وأمثاله عدل ‏بالله,وإشراك به,وجعل أنداد له ,وضرب أمثال له ‏‎:‎فكلامهم في علو الله يوجب لهم أنهم جعلوا مثل هذا ‏العلو ‏‎:‎‏ يجمع من التمثيل لله والعدل به ابتداءا,ومن جحد علوه المستلزم لجحود ذاته انتهاءا,ظانين أن هذا ‏تنزيه لله وتقديس.(5)‏
    أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال وننفي عنه مماثلة المخلوقات وأنه { ليس كمثله شيء ‏‏} سورة الشورى 11 لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة ‏شيء من المخلوقات وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال ‏والإكرام
    وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه وهو خالق كل مخلوق ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من ‏المخلوقات بل هو سبحانه خلق المخلوقات وهو بنفسه عال عليها لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها ‏كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش فإنما ‏أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته ‏وغيرها فهو بقوته وقدرته الحامل للحامل والمحمول فكيف يكون مفتقرا إلى شيء وأيضا فالمحمول من العباد ‏بشيء عال لو سقط ذلك العالي سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك(6)‏
    قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ((واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه بل ‏العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغنى عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ‏ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى بل كان سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني ‏الحميد بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما))(7)‏

    وهو السلام على الحقيقة سالم***من كل نقص وتمثيل (8)‏
    الوجه الثاني ‏‎:‎لا نسلم أن من حمل العرش يجب أن يحمل ما فوقه إلا أن يكون ما فوقه معتمدا عليه,وإلا ‏فالهواء فوق الأرض وليس محتاجا إليها,وكذلك السحاب فوقها وليس محتاجا إليها, والسماء فوق الأرض ‏وليست محتاجة إليها وكذلك العرش فوق السموات وليس محتاجا إليها فإذا كان كثير من الأمور العالية فوق غيرها ليس محتاجا ‏إليها فكيف يجب أن يكون خالق الخلق الغني الصمد محتاجا إلى ما هو عال عليه وهو فوقه مع أنه هو خالقه وربه ومليكه وذلك ‏المخلوق بعض مخلوقاته مفتقر في كل أموره إليه فإذا كان المخلوق إذا علا على كل شيء غني عنه لم يجب أن يكون محتاجا ‏إليه فكيف يجب على الرب إذا علا على كل شيء من مخلوقاته وذلك الشيء مفتقر إليه أن يكون الله محتاجا إليه؟!))(9)‏.



    ---------
    ‏(1)دراء تعارض العقل والنقل(7/19).‏
    ‏(2) بيان تلبيس الجهمية(2/126).‏
    ‏(3) بيان تلبيس الجهمية(2/125).‏
    ‏(4)بيان تلبيس الجهمية-2/126).‏
    ‏(5)بيان تلبيس الجهمية(2/283) بتصرف يسير.‏
    ‏(6)درء التعارض(7/19-20).‏
    ‏(7) بدائع الفوائد(2/136).‏
    ‏(8)الكافية الشافية(ص247).‏
    ‏(9) بيان تلبيس الجهمية(2/144).‏


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة السادسة ‏‎:‎‏ لو كان الله في السماء لكان محصورا.



    هؤلاء النفاة يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات,‏‎]‎أو ‏مفتقرا إلى مخلوق‎[‎‏ ,ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك ,كقول بعضهم أنهم يقولون إن ‏الله في جوف السموات,إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الإثبات,فيخدعون بذلك جهال ‏الناس,فإذا وقع الاستفصال والاستفسار ,انكشفت الأسرار,وتبين الليل من النهار,وتميز أهل الإيمان ‏واليقين من أهل النفاق المدلسين,الذين لبسوا الحق بالباطل,وكتموا الحق وهم يعلمون(1)‏.

    والرد على الشبهة المذكورة أن يقال ‏‎:‎
    من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب-إن نقله عن غيره-وضال –‏إن اعتقده في ربه-وما سمعنا أحد يفهم هذا من اللفظ,ولا رأينا أحد نقله عن واحد,ولو سئل سائر ‏المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله(إن الله في السماء))أن السماء تحتويه لبادر كل واحد منهم إلى ‏أن يقول ‏‎:‎‏ هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا.‏
    وإذا كان الأمر هكذا ‏‎:‎فمن التكلف أن يُجْعَلْ ظاهر اللفظ شيء محال لا يفهمه الناس منه ,ثم يريد أن ‏يتأوله,بل عند الناس(إن الله في السماء) ((وهو على العرش))واحد,إذ السماء إنما يراد بها العلو,وكل ما ‏علا فهو سماء.يقال ‏‎:‎سما يسمو سموا ,أي ‏‎:‎علا يعلو علوا.‏
    فإن قيل ‏‎:‎نزل المطر من السماء كان نزوله من السحاب.‏
    وإذا قيل ‏‎:‎العرش والجنة في السماء,لا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات,بل ولا الجنة.‏
    والسلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا((الله في السماء)),فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها ‏‏,والمعنى ‏‎:‎أن الله في العلو لا في السفل ,وهو العلي الأعلى,فله أعلى العلو,وهو ما فوق العرش,وليس هناك ‏غيره-العلي الأعلى سبحانه وتعالى-((لا يقولون أن هناك شيء يحويه أو يحصره,أو يكون محلا له أو ظرفا ‏ووعاء سبحانه وتعالى عن ذلك بل هو فوق كل شيء,وهو مستغن عن كل شيء وكل شيء مفتقر ‏إليه,وهو عال على كل شيء, وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته,وكل مخلوق مفتقر إليه ‏وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق))(2).فأما أن يكون في جوف السموات فليس هذا قول أهل ‏الإثبات,أهل العلم والسنة,ومن قال بذلك فهو جاهل,كمن يقول ‏‎:‎‏ إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه,أو ‏يقول ‏‎:‎إنه يحصره شيء من مخلوقاته,فهؤلاء ضلال,كما أن أهل النفي ضلال(3).‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏‎:‎‏ وليس معنى قوله‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎وهو معكم‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أنه مختلط بالخلق ، فإن هذا لا توجبه ‏اللغة ،‎ ‎بل القمر آية من آيات‎ ‎الله من أصغر مخلوقاته ، وهو موضوع في السماء ، وهو مع المسافر وغير المسافر ‏أينما‎ ‎كان‎ .

    وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه ، مهيمن عليهم إلى غير ذلك‎ ‎من معاني ربوبيته‎ .

    وكل هذا الكلام الذي ذكره الله ــ‎ ‎من أنه فوق العرش وأنه معنا‎ ‎ــ حق على حقيقته ، لا يحتاج إلى‎ ‎تحريف ، ولكن يصان ‏عن الظنون الكاذبة ، مثل أن يُظنّ أن ظاهر قوله‏‎ : ‎‏﴿‏‎ ‎في السماء‎ ‎‏﴾‏‎ ‎أن السماء تظله أو تقله ، وهذا‎ ‎باطل بإجماع أهل ‏العلم والإيمان ، فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض ، وهو‎ ‎يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ويمسك ‏السماء أن تقع على الأرض ، إلاّ بإذنه ، ومن‎ ‎آياته أن تقوم السماء والأرض بإذنه,ومن آياته أن تقوم السماء والأرض ‏بأمره(4).‏

    فمن يمسك السموات والأرض؟وبأمره تقوم السماء والأرض,وهو الذي يمسكهما أن تزولا ,أيكون محتاجا ‏إليهما مفتقرا إليهما؟.‏
    وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول ‏‎:‎‏ إن السموات تقله أو تظله,لما في ذلك إلى احتياجه إلى مخلوقاته, ‏فمن قال إنه في استوائه على العرش محتاج إلى العرش كاحتياج المحمول إلى حامله فانه‏‎ ‎كافر ‏لأن الله غنى عن العالمين حي قيوم هو الغنى المطلق وما سواه فقير إليه.فكيف بمن يقول إنه ‏مفتقر إلى السموات والأرض؟فأين حاجته في الحمل إلى العرش,من حاجة ذاته إلى ماهو دون ‏العرش(5)؟ ‏‎!‎
    فكيف يُتَوَهَمْ بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟ ‏‎!‎‏ وقد قال سبحانه((وَلَأُصَلِّبَنّ َكُمْ فِي جُذُوعِ ‏النَّخْلِ))‏‎]‎طه71‏‎[‎‏.,أي((على جذوع النخل)) (((فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ)))‏‎]‎آل عمران137‏‎[‎‏ ‏بمعنى((على الأرض)) ونحو ذلك,وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق ‏معاني الحروف,وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة(6).


    يتبع......
    --------------
    ‏(1)الفتاوى الكبرى(6/353)‏
    ‏(2)مجموع الفتاوى(16/100-101). ‏
    ‏(3)درء تعارض العقل والنقل(7/15-16).‏
    ‏(4)شرح العقيدة الواسطية(ص194-195).‏
    ‎(5) ‎‏ مجموع الفتاوى(2/187-188).‏
    ‏(6)الرسالة التدميرية(ص85-89) بتحقيق ‏‎:‎محمود عودة السعودي,وانظر مجموع الفتاوى(5/106).‏



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة السابعة ‏‎:‎كروية الأرض ‏
    قال الرازي رحمه الله ‏‎:‎‏ ((العالم كرة...فلو كان الله في جهة فوق لكان أسفل بالنسبة إلى سكان الوجه ‏الآخر.)).‏
    وهذا الكلام ((إذا تدبره العاقل تبين له أن القوم يقولون على الله ما لا يعلمون ويقولون على الله غير ‏الحق))(1).‏
    وهذه الشبه وأمثالها ((من الخيالات والأوهام الباطلة التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها ‏والعلوم الضرورية والقصود الضرورية والعلوم البرهانية القياسية والكتب الإلهية والسنن النبوية وإجماع ‏أهل العلم والإيمان من سائر البرية‏‎))(2)‎



    ((فيقال رداً على هذا الكلام‎ :


    أولاً‎ : ‎جهة‎ ‎السماء ثابتة وهي فوق . وجهة الأرض ثابتة وهي تحت ... و لاأحد عاقل يقول أن ‏السماء‎ ‎الآن تحتي أو ستكون تحتي بعد زمن معين.. !! ولو قالها شخص لأتهم في عقله‎ .
    ثانيا‎ : ‎أن الآرض تدور حول نفسها وليس حول السماء‎ ‎حتى تكون السماء مرة فوق ومرة تحت‎ .

    ثالثا‎ : ‎قولنا ان الله تعالى في السماء لا يعني انه تعالى حال فيها بل له تعالى العلو‎ ‎المطلق و هذا معلوم ‏مشهور من كلام أهل السنة‎

    رابعا‎ : ‎يلزم من هذا الكلام ان تكون الملائكة التي في السموات تحت الأرض تارة و‎ ‎بجانب الأرض ‏تارة أخرى ! و معلوم انه ما من عاقل يقول ذلك‎

    خامسا‎ : ‎يلزم أيضا ان يكون العرش فوق بعض الناس و تحت البعض‎ ‎الاخر ! و الاشاعرة يقولون ‏بأن العرش هو اعلى الأفلاك‎


    قال شيخ الإسلام‎ ‎رحمه الله‎ :
    ‎" ‎أحدها أن قوله أن الأرض إذا كانت كرة فالجهة التي هي فوق بالنسبة‎ ‎إلى سكان أهل المشرق هي ‏تحت بالنسبة إلى سكان المغرب فلو اختص الباري بشيء من‎ ‎الجهات لكان في جهة التحت بالنسبة ‏إلى بعض الناس يقال له كان الواجب إذا احتجت بما‎ ‎ذكرته من أمر الهيئة تتم ما يقولونه هم وما ‏يعلمه الناس كلهم فإنه لا نزاع بينهم‎ ‎ولا بين أحد من بني آدم أن الأرض هي تحت السماء حيث ‏كانت وأن السماء فوق الأرض حيث‎ ‎كانت وهذا وهم متفقون مع جملة الناس على أن الجهة ‏الشرقية سماؤها وأرضها ليست تحت‎ ‎الغربية ولا الجهة الغربية سماؤها وأرضها تحت الشرقية ومتفقون ‏على جهل من جعل إحدى‎ ‎الجهتين في نفسها فوق الأخرى أو تحتها وذلك يتضح بما قدمناه قبل ‏هذا من أن الجهات‎ ‎نوعان جهات ثابتة لازمة لا تتحول وجهات إضافية نسبية تتبدل وتتحول فأما ‏الأولى وهي‎ ‎الجهة الثابتة اللازمة الحقيقية فهي جهة العلو والسفل فالسماء أبدا في الجهة‎ ‎العالية التي ‏علوها ثابت لازم لايتبدل وكلما علت اتسعت وكلما والأرض أبدا في الجهة‎ ‎السافلة التي سفلوها ‏ثابت لازم لا يتبدل سفلت ضاقت فلهذا كان الأعلا هو الأوسع وكان‎ ‎السفل هو الأضيق ولهذا ‏قابل الله تعالى بين عليين وبين سجين في كتابه فقال (( كلا إن‎ ‎كتاب الأبرار لفي عليين )) وقال (( ‏كلا إن كتاب الفجار لفي سجين )) ولم يقل في سفلين‎ ‎كما لم يقل هناك في وسعين ليبين الضيق ‏والحرج الذي في المكان كما بين سفوله‎ ‎بمقابلته بعليين وبين أيضا سعة عليين بمقابلة سجين فيكون قد ‏دل على العلو والسعة‎ ‎التي للأبرار وعلى السفول والضيق الذي للفجار‎


    وأما الجهات الست فقد‎ ‎ذكرنا أنها تقال بالنسبة والاضافة إلى الحيوان وحركته ولهذا تتبدل بتبدل ‏حركته‎ ‎وأعضائه فإذا تحرك إلى المشرق كان المشرق أمامه والمغرب خلفه والجنوب يمينه والشمال‎ ‎شامه وعلى هذا بنيت الكعبة لأن وجهها مستقبل مهب الصبا بين المشرق والشمال وأركانها‎ ‎على ‏الجهات الأربع فالحجر الأسود مستقبل المشرق واليماني مستقبل اليمن والغربي‎ ‎مستقبل الغرب ‏والشامي مستقبل الشام إلى القطب الشمالي وهو محاذ أرض الجزيرة كالرقة‎ ‎وحران ونحوهما ولهذا ‏قال من قال من المصنفين في دلائل القبلة كأبي العباس بن القاص‎ ‎وغيره إن قبلة هذه البلاد أعدل ‏القبل لأن سكانها يستدبرون القطب الشمالي لا يحتاجون‎ ‎أن ينحرفوا عنه إلى المشرق كما يفعل أهل ‏الشام ولا إلى المغرب كما يفعل أهل العراق‎ ‎فالانسان تتبدل جهاته بتبدل حركاتهم مع أن ‏الجهات نفسها لم تختلف أصلا ولم يصر‎ ‎الشرق منها غربيا ولا الغربي شرقيا وكذلك الجهة التي ‏تحاذي رأسه هي علوه والتي‎ ‎تحاذي رجليه هي سفله فإذا كان رجلان في أقصى المشرق منتهى ‏الأرض عند ساحل البحر‎ ‎هناك وفي أقصى المغرب منتهى الأرض عند ساحل البحر هناك فكل منهما ‏تكون السماء فوقه‎ ‎لأنها تحاذي رأسه وكذلك الأرض تحته لأنها تحاذي رجليه كما أن السماء فوق ‏الأرض في‎ ‎نفسها وليس أحد هذين تحت الآخر في نفس الأمر كما أن سجين الذي هو أسفل ‏السافلين‎ ‎تحتهما ولو هبط شيئان ثقيلان من عندهما لانتهى إلى أسفل السافلين وهو سجين لم يلتق‎ ‎ذلك الشيئان الثقيلان لكن لو قدر أن تخرق الأرض فيلتقيان هناك لكانت رجلا أحدهما‎ ‎إلى رجلي ‏الآخر ولو فرض أن أحدهما أخرقت له الأرض حتى يمر في جوفها ويصل إلى الآخر‎ ‎لكانت رجلاه ‏تلاقي رجلي الآخر فبهذا الاعتبار يتخيل كل واحد منهما أن الآخر تحته‎ ‎بمحاذاته ناحية رجليه لكن ‏الحركة السفلية هي إلى أسفل الأرض وقعرها ومن هناك تبقى‎ ‎الحركة صاعدة إلى فوق كحركة ‏الصاعد من الأرض إلى السماء فيكون المتحرك من أسفل‎ ‎الأرض وقعرها إلى ظهرها وعلوها على ‏هذا الوجه كهيئة المعلق برجليه إلى ناحية السماء‎ ‎وذراعيه إلى ناحية الأرض وكهيئة النملة المتحركة ‏تحت السقف والسقف يحاذي رجليها‎ ‎فتصير بهذا الاعتبار السماء تحاذي رجليه والأرض تحاذي رأسه ‏فمن هنا يقال إن السماء‎ ‎تحته والأرض فوقه إذا كان مقلوبا منكوسا فيجتمع من هذا أمران ‏أحدهما أن تكون‎ ‎حركته على خلاف الحركة التي جعلها الله في خلقه والثاني أن تبدل الجهة تبدلا ‏إضافيا‎ ‎لا حقيقيا كما تتبدل اليمين باليسار والأمام بالوراء ومن المعلوم أن المشرق والمغرب‎ ‎لا ‏يتبدلان قط باستقبالهما تارة واستدبارهما أخرى فكيف يتبدل العلو والسفل بتنكيس‎ ‎الانسان وقلبه ‏على رأسه والمحاذاة حينئذ للسماء برجليه والأرض برأسه بل هذا المنكوس‎ ‎يعلم أن السماء فوقه ‏والأرض تحته ونحن لا نمنع أن هذا قد يسمى علوا وسفلا بهذا‎ ‎الاعتبار التقديري الاضافي لكن هذا ‏لا يعتبر الجهة الحقيقية الثابتة وبهذا‎ ‎الاعتبار سمى في هذا الحديث المروي عن أبي هريرة وأبي ذر ‏عن النبي صلى الله عليه‎ ‎وسلم حيث قال فيه لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله فإنه قدر ضعيف ‏الادلاء وهو‎ ‎ممتنع فسماه هبوطا على هذا التقدير كما لو قلبت رجلا الانسان ورمي إلى ناحية ‏السماء‎ ‎لكن قائما على السماء وإذا ظهر هذا علم أن الله سبحانه لا يكون في الحقيقة قط إلا‎ ‎عاليا‎ .
    ‎ وذلك يظهر‎ ‎بالوجه الثاني‎ ‎وهو أن يقال‎ ‎هذا الذي ذكرته وارد في جميع الأمور العالية من العرش ‏والكرسي والسموات السبع وما‎ ‎فيهن من الجنة والملائكة والكواكب والشمس والقمر ومن الرياح ‏وغير ذلك فإن هذه‎ ‎الأجسام مستديرة كما ذكرت ومعلوم أنها فوق الأرض حقيقة وإن كان على ‏مقتضى ما ذكرته‎ ‎تكون هذه الأمور دائما تحت قوم كما تكون فوق آخرين وتكون موصوفة ‏بالتحت بالنسبة إلى‎ ‎بعض الناس وهي التحتية التقديرية الاضافية وإن كانت موصوفة بالعلو الحقيقي ‏الثابت‎ ‎كما أنها أيضا عالية بالعلو الإضافي الوجودي دون الإضافي التقديري وإذا كان الأمر‎ ‎كذلك ‏ولم يكن في ذلك من الأحالة إلا ما هو مثلما في هذا ودونه لم يكن في ذلك محذورا‎ ‎فإن المقصود أن ‏الله فوق السموات وهذا ثابت على كل تقدير‎.
    ‎وهذا يظهر‎ ‎بالوجه الثالث‎ ‎وهو أن يقال هذا الذي ذكرته من هذا الوجه لا يدفع‎ ‎فإنه كما أنه معلوم ‏بالحساب والعقل فإنه ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى (( هو‎ ‎الأول والآخر والظاهر والباطن )) ‏وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه‎ ‎عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ‏يقول'' أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس‎ ‎بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ‏وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين‎ ‎وأعننا من الفقر فأخبر أنه الظاهر الذي ليس فوقه ‏شيء وأنه الباطن الذي ليس دونه شيء‎ "‎فهذا خبر بأنه ليس فوقه شيء في ظهوره وعلوه على ‏الأشياء وإنه ليس دونه شيء فلا يكون‎ ‎أعظم بطونا منه حيث بطن من الجهة الأخرى من العباد جمع ‏فيها لفظ البطون ولفظ الدون‎ ‎وليس هو لفظ الدون بقوله وأنت الباطن فليس دونك شيء فعلم أن ‏بطونه أوجب أن لا يكون‎ ‎شيء دونه فلا شيء دونه باعتبار بطونه والبطون يكون باعتبار الجهة التي ‏ليست ظاهرة‎ , ‎ولهذا لم يقل أنت السافل ولهذا لم يجئ هذا الاسم الباطن كقوله وأنت الباطن ‏فليس‎ ‎دونك شيء إلا مقرونا بالاسم الظاهر الذي فيه ظهوره وعلوه فلا يكون شيء فوقه لأن‎ ‎مجموع الاسمين يدلان على الاحاطة والسعة وأنه الظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء‎ ‎دونه , لم ‏يقل أنت السافل ولا وصف الله قط بالسفول لا حقيقة ولا مجازا بل قال ليس‎ ‎دونك شيء فأخبر أنه ‏لا يكون شيء دونه هناك كما جاء في الأثر الذي ذكره مالك في‎ ‎الموطأ أنه يقال حسبنا الله وكفى ‏سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى فالأمر‎ ‎متناه مداه ولا شيء دونه في معنى اسمه الباطن ليبين أنه ‏ليس يخرج عنه من الوجهين‎ ‎جميعا وذلك لأن ما في هذا المعنى من نفي الجهة شيء دونه هو بالنسبة ‏والاضافة‎ ‎التقديرية وإلا ففي الحقيقة هو عال أيضا من هناك والأشياء كلها تحته , وهذا كما أن‎ ‎الضار والمانع والخافض لا تذكر إلا مقرونة بالنافع المعطي الرافع لأن ما فعله من‎ ‎الضرر والمنع ‏والخفظ فيه حكمة بالغة أوجب أن تكون فيه رحمة واسعة ونعمة سابغة فليس‎ ‎في الحقيقة ضررا عاما ‏وإن كان فيه ضرر فالضرر الاضافي بالنسبه إلى بعض المخلوقات‎ ‎يشبه ما في البطون من كونه ليس ‏تحته شيء وأنه لو أدلى بحبل لهبط عليه فإن الهبوط‎ ‎والتحتية أمر اضافي بالنسبة إلى تقدير حال لبعض ‏المخلوقات هذا في قدره وهذا في فعله‎ ‎وضلال هؤلاء الجهمية في قدره كضلال القدرية في فعله ‏وكلاهما من وصفه ولهذا كانت‎ ‎المعتزلة ضالة في الوجهين جميعا وقد قابلهم بنوع من الضلال بعض ‏أهل الاثبات حتى‎ ‎نفوا ما أثبتته النصوص والله يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم ‏من‎ ‎النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‎ (3)(( "‎


    يتبع..........
    -------------
    ‏(1)الفتاوى الكبرى(6/555).‏
    ‏(2) درء التعارض(7/21).‏
    (3)(من جهل المبتدعة : كروية الأرض و دورانها ينفيان علو الله تعالى ! ) للشيخ المقدادي
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5405

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الثامنة ‏‎:‎قولهم ‏‎:‎‏ ((لو كان الله فوق العرش للزم أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا وكل ‏ذلك من المحال)).‏

    والجواب على هذه الشبهة ‏‎:
    أن هذا المعطل بنى كلامه على لوازم فاسدة تصورها في عقله وخياله فهو لا يرى من الصفات إلا التمثيل ‏والتجسيم أما أهل السنة فإنهم لا يقولون بذلك بل يقولون إن الله(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ‏فلا شك عندهم أن الله أكبر من كل مخلوقاته وهو(العلي الكبير) سبحانه تعالى واستواءه على عرشه قد ‏دلت عليه النصوص الصريحة الصحيحة وهو إستواء يليق بجلاله لا نعلم كيفيته بل نفوضها ,أما هذا المعطل ‏فإنه يخوض في الكيفية بهذه اللوازم الفاسدة ولسان حاله يقول((كيف استوى على العرش وهو أكبر منه)) ‏وهذا هو عين كلام المبتدع الذي زجره الإمام مالك رحمه الله .‏
    ‏((وحينئذ فإن نفاة العلو هم بين أمرين إن سلموا أنه على العرش مع أنه ليس بجسم ولا متحيز، بطل كل ‏دليل لهم على نفي علوه على عرشه؛ فإنهم إنما بنوا ذلك على أن علوه على العرش مستلزم لكونه جسمًا ‏متحيزًا، واللازم منتف، فينتفي الملزوم؛ فإذا لم تثبت الملازمة لم يكن لهم دليل على النفي، ولا يبقى للنصوص ‏الواردة في الكتاب والسنة بإثبات علوه على العالم ما يعارضها، وهذا هو المطلوب‏.‏

    ‏‏ وإن قالوا‏:‏ متى قلتم‏:‏ على العرش، لزم أن يكون متحيزًا أو جوهرًا منفردًا، وإثبات العلو على العرش مع نفي التحيز ‏معلوم الفساد بالضرورة‏.‏

    ‏‏ قيل لهم‏:‏ لا ريب أن هذا القول أقرب إلى المعقول من إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإنا إذا عرضنا على ‏عقول العقلاء قول قائلين‏:‏ أحدهما يقول بوجود موجود خارج لا داخل العالم ولا خارجه، وآخر يقول بوجود موجود ‏خارج العالم وليس بجسم، كان القول الأول أبعد عن المعقول، وكانت الفطرة والضرورة للأول أعظم إنكارًا، فإن كان ‏حكم هذه الفطرة والضرورة مقبولا لزم بطلان الأول، وإن لم يكن مقبولًا لم يجز إنكارهم للقول الثاني، وعلى ‏التقديرين لا يبقى لهم حجة على أنه ليس بخارج العالم، وهو المطلوب‏.‏

    ‏‏ وهذا تقرير لا حيلة لهم فيه، يبين به تناقض أصولهم، وأنهم يقبلون حكم الفطرة ويردونه بالتشهي والتحكم، بل ‏يردون من أحكام الفطرة والضرورة ما هو أقوى وأبين وأبده للعقول مما يقبلونه‏
    .))(1)‏
    وقد رد على هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية فقال ‏‎:‎‏ ((أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته ‏إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل مثلوا أولا وعطلوا آخرا ‏وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من ‏الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى‏.‏ فإنه إذا قال القائل‏:‏ لو كان الله فوق العرش للزم إما أن يكون أكبر من ‏العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال ونحو ذلك من الكلام‏:‏ فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت ‏لأي جسم كان على أي جسم كان وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم‏.‏ إما استواء يليق بجلال الله تعالى ويختص به فلا يلزمه ‏شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام وصار هذا مثل قول المثل‏:‏ إذا كان للعالم صانع فإما ‏أن يكون جوهرا أو عرضا‏.‏ وكلاهما محال؛ إذ لا يعقل موجود إلا هذان‏.‏ وقوله‏:‏ إذا كان مستويا على العرش فهو مماثل ‏لاستواء الإنسان على السرير أو الفلك؛ إذ لا يعلم الاستواء إلا هكذا فإن كليهما مثل وكليهما عطل حقيقة ما وصف الله به ‏نفسه وامتاز الأول بتعطيل كل اسم للاستواء الحقيقي وامتاز الثاني بإثبات استواء هو من خصائص المخلوقين‏.‏ والقول ‏الفاصل‏:‏ هو ما عليه الأمة الوسط؛ من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به فكما أنه موصوف بأنه ‏بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك‏.‏ ولا يجوز أن يثبت للعلم والقدرة خصائص الأعراض ‏التي لعلم المخلوقين وقدرتهم فكذلك هو سبحانه فوق العرش ولا يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوق على المخلوق ‏ولوازمها‏.‏ واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريق السلفية أصلا‏‎))‎‏2).‏



    يتبع..........
    -------------
    ‏(1)مجموع الفتاوى(5/285).‏
    ‏(2) مجموع الفتاوى(5/28).‏

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة التاسعة ‏‎:‎يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏‎:‎‏ ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة ,فإن الله قبل ‏وجهه ,فلا يبصق قبل وجهه))(1) على نفي العلو.‏


    الرد ‏‎:‎
    لا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه . ‏
    لهذا قال ابن عبد البر تعليقا على الحديث((وقد نزع بهذا الحديث بعض من ذهب مذهب المعتزلة في أن الله عزوجل في ‏كل مكان ,وليس على العرش,وهذا جدل من قائله))(2).‏
    وقد رد على الشبهة شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) : ‏
    قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، ‏وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَات ِ . فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ ‏أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ وَجْهِهِ اهـ . ‏
    وقال أيضاً (5/672) : ‏
    وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ ‏مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا ‏مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ اهـ ‏
    وقال الشيخ ابن عثيمين : ‏
    الدليل على أن الله قبل وجه المصلي : ‏
    قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) . ‏
    وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي علوه والجمع بينهما من وجهين : ‏
    ‏1- أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق ‏وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في المخلوق فالخالق أولى . ‏
    ‏2- أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ
    . اهـ "فتاوى ‏ابن عثيمين" (4/287) .‏


    يتبع.......
    -----------------------
    ‏(1)رواه البخاري(406و753 و1213و6111) ومسلم(547).‏
    ‏(2)التمهيد(14/157).‏

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    شبهة العاشرة ‏‎:‎‏ يستدل المشتغلون بعلم الكلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت ‏الباطن فليس دونك شيء))(1) على نفي علو الله .‏

    وهذا الإستدلال باطل من وجهين ‏‎:‎
    الأول ‏‎:‎‏ قول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت الباطن فليس دونك شيء))إثبات صريح ‏لفوقية الله على كل شيء,ونفيها عن كل شيء,فإن الظاهر معناه ‏‎:‎‏ هو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه .وهذا غاية ‏الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود ,والله موصوف بذلك(2)‏



    وكل شيء علا شيء فقد ظهر ,قال الله عزوجل((فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا))الكهف‎]97[‎
    أي يعلو عليه(3).‏

    ومنه قوله تعالى((وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ))‏‎]‎المعارج33‏‎[‎‏ أي يرتفعون ويصعدون ويعلون عليه(أي على ‏الدرج).‏
    وقال تعالى ‏‎:‎‏ ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) ‏‎]‎التوبة33‏‎[‎‏ أي ليعليه ,ومه ظهر الدابة ,لأنه عالى عليها.‏
    ويقال ‏‎:‎‏ ظهر الخطيب على المنبر ,وظاهر الثوب أعلاه,بخلاف بطانته.وكذلك ظاهر البيت أعلاه.وظاهر ‏القول ماظهر منه وبان .وظاهر الإنسان خلاف باطنه ,فكلما علا الشيء ظهر(4).‏


    قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ‏
    والظاهر العالي الذي ما فوقه ***** شيء كما قد قال ذو البرهان
    ‏ حقا رسول الله ذا تفسيره ***** ولقد رواه مسلم بضمان
    ‏ فاقبله لا تقبل سواه من التفا ***** سير التي قيلت بلا برهان
    ‏ والشيء حين يتم منه علوه ***** فظهوره في غاية التبيان
    ‏أو ما ترى هذي السما وعلوها ***** وظهورها وكذلك القمران(
    5)‏

    الوجه الثاني ‏‎:‎‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏‎:‎‏ ((وأنت الباطن فليس دونك شيء)) ولم يقل ‏‎:‎‏ ((فليس تحتك ‏شيء)).‏
    والمعنى ‏‎:‎‏ ليس دون الله شيء,لا أحد يدبر دون الله,لا أحد ينفرد بشيء دون الله,ولا أحد يخفى على الله,كل ‏شيء فالله محيط به,ولهذا قال ‏‎:‎‏ (ليس دونك شيء)) يعني ‏‎:‎‏ لا يحول دونك شيء ,ولا يمنع دونك شيء,ولا ينفع ‏ذا الجد منك الجد.....وهكذا(6)‏
    قال ابن جرير : (( والباطن )) يقول : وهو الباطن لجميع الأشياء ، فلا شيء أقرب إلى‎ ‎شيء منه ‏، كما قال : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‎ )) .

    وقال الخطابي‎ : (( ‎الباطن )) هو المحتجب عن أبصار الخلق ، وهو الذي لايستولي عليه توهم ‏الكيفية ،‎ ‎وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين ، وتجليه لبصائر ‏المتفكرين‎ ‎، ويكون معناه : العالم بما ظهر من الأمور ، والمطلع على ما بطن من الغيوب‎ .

    قال ابن القيم : وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس‎ ‎فوقه شيء ، فهو (الباطن) ‏بذاته فليس دونه شيء ، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه ، وبطن‎ ‎فكان أقرب إلى كل شيء من ‏نفسه .... وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقر ب‎ ‎إليه من نفسه .. فما من ظاهر إلا ‏والله فوقه ، وما من باطن إلا والله دونه ... وعلا‎ ‎كل شيء بظهوره ، ودنا من كل شيء ببطونه ، ‏فلا توارى منه سماءٌ سماءً ولا أرضٌ أرضاً‎ ‎، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً ، بل الباطن له ظاهر ‏، والغيب عنده شهادة ، والبعيد منه‎ ‎قريب والسر عنده علانية‎ .‎




    يتبع.........


    ---------
    ‏(1)رواه مسلم(2713).‏
    ‏(2)درء التعارض(7/11).‏
    ‏(3)التمهيد(8/97).‏
    ‏(4)مجموع الفتاوى(5/244).‏
    ‏(5) الكافية الشافية(ص113-114).‏
    ‏(6) شرح العقيدة الواسطية للعلامة العثيمين رحمه الله .‏

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الحادية عشر ‏‎:‎‏ ‏
    قال الجويني ‏‎: ‎‏ ((فإن استدلوا-يعني أهل السنة-بظاهر قوله تعالى(الرَّحْمَ ُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)‏‎]‎طه5‏‎[‎‏ فالوجه ‏معارضتهم بآي يساعدونا على تأويلها ‏‎:‎‏ منها قوله تعالى((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ))‏‎]‎الحديد4‏‎[‎‏ ...فنسألهم ‏عن معنى ذلك ,فإن حملوه على كونه معنا بالإحاطة والعلم ,لم يمتنع حمل الاستواء على القهر والغلبة))(1)‏

    والجواب عليه ‏‎:‎
    قال ابن قدامة ‏‎‎رحمه الله‎ :‎‏ قلنا نحن لم نتأول شيئا وحمل هذه اللفظات على هذه المعاني ليس بتأويل لأن ‏التأويل‎ ‎صرف اللفظ عن ظاهره وهذه المعاني هي الظاهر من هذه الألفاظ بدليل أنه المتبادر إلى‎ ‎الأفهام منها وظاهر اللفظ هو ما يسبق إلى الفهم منه حقيقة كان أو مجازا‎ ‎ولذلك كان ظاهر ‏الأسماء العرفية المجاز دون الحقيقة كاسم الراوية و الظعينة وغيرهما‎ ‎من الأسماء العرفية فإن ظاهر هذا ‏المجاز دون الحقيقة وصرفها إلى الحقيقة يكون‎ ‎تأويلا يحتاج إلى دليل وكذلك الألفاظ التي لها عرف ‏شرعي وحقيقة لغوية كالوضوء‏‎ ‎والطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج إنما ظاهرها العرف ‏الشرعي دون الحقيقة‎ ‎اللغوية.‏
    وإذا تقرر هذا فالمتبادر إلى الفهم من قولهم الله معك أي بالحفظ و‎ ‎الكلاءة ولذلك قال الله تعالى ‏فيما أخبر عن نبيه إذ يقول لصاحبه(( لا تحزن إن الله‏‎ ‎معنا التوبة)) 40 وقال لموسى(( إنني ‏معكما أسمع وأرى)) طه 46 ولو أراد أنه بذاته مع كل‏‎ ‎أحد لم يكن لهم بذلك اختصاص ‏لوجوده في حق غيرهم كوجوده فيهم ولم يكن ذلك موجبا لنفي‎ ‎الحزن عن أبي بكر ولا علة له‎
    ‎ ‎فعلم أن ظاهر هذه الألفاظ هو ما حملت عليه فلم‎ ‎يكن تأويلا ثم لو كان تأويلا فما نحن تأولنا ‏وإنما السلف رحمة الله عليهم الذي ثبت‎ ‎صوابهم ووجب اتباعهم هم الذين تأولوه فإن ابن عباس ‏والضحاك ومالكا وسفيان وكثيرا من‎ ‎العلماء قالوا في قوله وهو معكم أي علمه ثم قد ثبت‎ بكتاب الله والمتواتر عن‎ ‎رسول الله وإجماع السلف أن الله تعالى في السماء على عرشه وجاءت ‏هذه اللفظة مع‎ ‎قرائن محفوفة بها دالة على إرادة العلم منها وهو قوله(( ألم تر أن الله يعلم ما في‏‎ ‎السموات وما في الأرض ))(المجادلة 7) ثم قال في آخرها ((إن الله بكل شيء عليم)) فبدأها‏‎ ‎بالعلم ‏وختمها به ثم سياقها لتخويفهم بعلم الله تعالى بحالهم و أنه ينبئهم بما‎ ‎عملوا يوم القيامة ويجازيهم ‏عليه.‏‎
    وهذه قرائن كلها دالة على إرادة العلم فقد‎ ‎اتفق فيها هذه القرائن ودلالة الأخبار على معناها ‏ومقالة السلف وتأويلهم فكيف يلحق‎ ‎بها ما يخالف الكتاب والأخبار ومقالات السلف فهذا لا ‏يخفى على عاقل إن شاء الله تعالى وإن خفي فقد كشفناه وبيناه بحمد الله‎ ‎تعالى(2)‏

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏‎:‎‏ ((ولا يحسب الحاسب أنَّ شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا‎ ‎ألبتة؛ مثل‎ ‎أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه في الظاهر من‎ ‎قوله تعالى‎ ‎ وَهُوَ مَعَكُمْ‎ ‎أَيْنَ ‏مَا كُنْتُمْ‎ ‎ وقوله صلى الله عليه وسلم‎: ‎(( إذ قام‎ ‎أحدكم إلى الصلاة فإنّ الله قِبل وجهه‎)) ‎ ونحو ذلك فإن هذا ‏غلط، وذلك أن الله‎ ‎معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة؛ كما جمع الله بينهما في قوله تعالى‎: ‎ (الَّذِي خَلَقَ ‏السَّمَاوَاتِ وَالأََرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ‎ ‎اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأََرْضِ وَمَا يَخْرُجُ‎ ‎مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ ‏مَعَكُمْ‎ ‎أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‎ ‎ ‎.‎
    فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا؛ كما قال النبي صلى الله‎ ‎عليه وسلم في حديث ‏الأوعال‎: ‎ (والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه)‎ ‎ ‎.‎
    وذلك أن كلمة "مَعَ" في اللغة إذا أُطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة‏‎ ‎المطلقة من غير وجوب مماسة ‏أو محاذاة عن يمين وشمال، فإذا قُيدت بمعنى من المعاني‎ ‎دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: ما زلنا ‏نسير والقمر معنا أو والنجم‎ ‎معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك؛ فالله مع ‏خلقه حقيقة‎ ‎وهو فوق عرشه حقيقة‎. ‎

    هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [15] دل ظاهر الخطاب على أن ‏حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف: أنه معهم بعلمه، وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته.‏
    وكذلك في قوله: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [16].‏
    ولما قال النبي ‏ لصاحبه في الغار: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا} [17] كان هذا أيضا حقًا على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع، ‏والنصر والتأييد.‏
    وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} وكذلك قوله لموسى وهارون: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} . هنا المعية على ‏ظاهرها، وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد.‏
    وقد يدخل على صبي من يخيفه فيبكي، فيشرف عليه أبوه من فوق السقف فيقول: لا تخف أنا معك أو أنا هنا، أو أنا حاضر ونحو ذلك. ينبهه على المعية الموجبة ‏بحكم الحال دفع المكروه ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها، وربما صار مقتضاها من معناها، فيختلف باختلاف المواضع.‏
    فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أمورًا لا يقتضيها في الموضع الآخر، فأما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو ‏تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها وإن امتاز كل موضع بخاصية فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق، حتى يقال: قد ‏صرفت عن ظاهرها.))(3)‏
    ‏((فبهذا الجمع والتوفيق بين نصوص العلو، وبين نصوص المعية تلتئم النصوص، وتنسجم، وتفسر بعضها ‏بعضاً، لا تتنافر ولا تتضارب، ولله الحمد والمنة))(4).‏

    وهذا الذي كان عليه سلف الأمة من أهل القرون المفضلة
    قال الحافظ ابن عبد البر - وهو يناقش نفاة العلو-: "وأما احتجاجهم بقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ‏ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}، ‏فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل هذه ‏الآية: هو على العرش وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله"(5).‏

    قال الشيخ محمد أمان جامي رحمه الله ‏‎:‎‏ ((وهذا الكلام من ابن عبد البر لا يعني إلا الإجماع، وإذا أضفناه ‏إلى ما تقدم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وكلام تلميذه ابن القيم، وكلام من نقلنا كلامهم من الأئمة ‏والعلماء، إن مجموع ذلك يفيد ضرورة أن هذا المفهوم هو المفهوم الوحيد الذي كان عليه المسلمون ‏الأولون قبل أن تظهر فرق أهل الكلام التي فرقت المسلمين بآرائها وفلسفتها، ولقد كان المسلمون في ‏عافية من شرهم.))(6)‏
    وقال ابن رجب الحنبلي((وحكى ابن عبد البر وغيره إجماع العلماء من الصحابة ‏والتابعين في تأويل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أن المراد علمه، وكل هذا ‏قصدوا به رد قول من قال إنه تعالى بذاته في كل مكان"7



    يتبع.........




    ‏(1)الإرشاد للجويني(ص113-114).‏
    ‏(2)ذم التأويل(ص45-46).‏
    ‏(3)مجموع الفتاوى(5/231)‏
    ‏(4)الصفات الإلهية في الكتاب والسنة للعلامة محمد أمان جامي رحمه الله.‏
    ‏(5) التمهيد 7/139.‏
    ‏(6) الصفات الإلهية للشيخ محمد أمان جامي رحمه الله.‏
    ‏(7) فتح الباري لابن رجب 2/331-332.‏


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الآثار والأقوال المروية عن أئمة السلف في الجمع بين صفتي العلو والمعية ‏‎:‎





    وإليك الآثار الواردة في ذلك مرتبة ترتيباً زمانياً ‏:




    ‏1 - قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ما بين السماء القصوى والكرسي ‏خمسمائة عام، ويبن الكرسي والماء كذلك، والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ولا ‏يخفى عليه شيء من أعمالكم"[1]‏
    ‏2 - قول كعب الأحبار رحمه الله[2]‏
    قال: "قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق خلقي، وأنا على ‏عرشي، أدبر أمر عبادي، ولا يخفى علي شيء في السماء، ولا في الأرض"[3].‏
    ‏3 - قول عبد الله بن المبارك رحمه الله (181 هـ)‏
    ثبت عن علي بن الحسن بن شقيق، شيخ البخاري، قال: قلت لعبد الله ابن المبارك ‏كيف نعرف ربنا؟ قال: "في السماء السابعة على عرشه".‏
    وفي لفظ "على السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ‏هاهنا في الأرض".‏
    وقال أيضاً: سألت ابن المبارك: كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا؟. قال: "على ‏السماء السابعة، على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض"[4].‏
    ‏4 - قول أبي يوسف[5] صاحب أبي حنيفة رحمه الله (182 هـ)‏
    جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف فقال له: "تنهاني عن الكلام وبشر المريسي، ‏وعلي الأحول، وفلان يتكلمون، فقال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إن الله في كل ‏مكان. فبعث أبو يوسف فقال: علي بهم، فانتهوا إليهم، وقد قام بشر، فجيء بعلي ‏الأحول والشيخ -يعني الآخر-، فنظر أبو يوسف إلى الشيخ وقال: لو أن فيك موضع ‏أدب لأوجعتك، فأمر به إلى الحبس، وضرب عليا الأحول وطوَّف به"[6].‏
    ‏5 - قول علي بن عاصم الواسطي[7] رحمه الله (201هـ)‏
    وقال يحي بن علي بن عاصم[8]: "كنت عند أبي، فاستأذن عليه المريسي، فقلت ‏له: يأبه مثل هذا يدخل عليك! فقال: وماله؟؛ قلت: إنه يقول إن القرآن مخلوق، ويزعم ‏أن الله معه في الأرض، وكلاما ذكرته، فما رأيته اشتد عليه مثل ما اشتد عليه في القرآن ‏أنه مخلوق، وأنه معه في الأرض"[9].‏


    ‏6 - قول أصبغ بن الفرج المالكي[10] رحمه الله (225 هـ)‏
    ‏"وهو مستو على عرشه وبكل مكان علمه وإحاطته"[11]‏


    ‏7 - قول بشر الحافي[12] رحمه الله (227 هـ)‏
    ‏"والإيمان بأن الله على عرشه كما شاء، وأنه عالم بكل مكان، وأن الله يقول، ‏ويخلق، فقوله كن ليس بمخلوق"[13].‏
    ‏8 - قول حماد بن هنَّاد[14] رحمه الله (230 هـ)‏
    قال: "هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار وما دلت عليه مذاهبهم فيه، وإيضاح ‏مناهج العلماء وطرق الفقهاء، وصفة السنة وأهلها أن الله فوق السماء السابعة على ‏عرشه بائن من خلقه وعلمه وقدرته وسلطانه بكل مكان"[15].‏
    ‏9 - قول أحمد بن نصر الخزاعي[16] الشهيد رحمه الله (231 هـ)‏
    قال إبراهيم الحربي فيما صح عنه: قال أحمد بن نصر وسئل عن علم الله فقال: ‏‏"علم الله معنا وهو على عرشه"[17].‏
    ‏10 - قول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (241 هـ)‏
    قال يوسف بن موسى القطان: وقيل لأبي عبد الله: الله فوق السماء السابعة على ‏عرشه، بائن من خلقه، وعلمه وقدرته بكل مكان. قال: "نعم"[18].‏
    قال أحمد بن حنبل رحمه الله في كتاب "الرد على الجهمية" مما جمعه ورواه عبد الله ‏ابنه عنه: ‏
    ‏"باب بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على العرش، قلت لهم: أنكرتم أن ‏يكون الله على العرش، وقد قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟
    فقالوا: هو تحت الأرض السابعة، كما هو على العرش، وفي السموات والأرض.‏
    فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء، ‏أجسامكم وأجوافكم والأماكن القذرة ليس فيها من عظمته شيء، وقد أخبرنا عز وجل ‏أنه في السماء فقال تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ‏أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ ‏الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ ‏فَوْقِهِمْ}، فقد أخبرنا سبحانه أنه في السماء"[19].‏
    ‏11 - قول الحارث بن أسد المحاسبي[20] (243هـ)‏
    قال: "وأما قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} ‏‏{أَأَمِنْتُم مَنْ فِي السَّمَاءِ} {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ ‏الطَّيِّبُ} هذا يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه ‏لايخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد أنه بنفسه فوق عباده؛ لأنه ‏قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} يعني فوق العرش، والعرش على ‏السماء لأن من قد كان فوق كل شيء على السماء، في السماء وقد قال {فَسِيحُوا فِي ‏الأَرْضِ}يعني علي الأرض لايريد الدخول في جوفها...."[21]‏
    ‏ ‏
    ‏12 - قول عبد الوهاب بن الحكم الورَّاق[22] (251هـ)‏
    قال عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق لما روى حديث ابن عباس « ما بين ‏السماء السابعة إلى كرسيه سبعة ألاف نور، وهو فوق ذلك قال: "من زعم أن الله ههنا ‏فهو جهمي خبيث، إن الله فوق العرش، وعلمه محيط بالدنيا والآخرة"[23].‏
    ‏13 - قول يحي بن معاذ الرازي[24] رحمه الله (258هـ)‏
    قال: "الله تعالى على العرش، بائن من الخلق، قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى ‏كل شيء عدداً، ولا يشك في هذه المقالة إلا جهمي رديء ضليل هالك مرتاب، يمزج ‏الله بخلقه ويخلط الذات بالأقذار والأنتان"[25] ‏
    ‏14 - قول محمد بن يحي الذهلي[26] رحمه الله (258هـ)‏
    سئل محمد بن يحي عن حديث عبد الله بن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم: ‏‏"ليعلم العبد أن الله معه حيث ما كان"[27]، فقال: "يريد أن الله علمه محيط بكل ‏مكان والله على العرش"[28].‏
    ‏15 - قول المزني[29] رحمه الله (264هـ)‏
    قال"الحمد لله أحق من ذكر وأولى من شكر... إلى أن قال.. علا على عرشه في ‏مجده بذاته، وهو دان بعلمه من خلقه، أحاط علمه بالأمور..."[30].‏
    ‏16 - قول أبي حاتم الرازي (277هـ) ‏
    وأبي زرعة الرازي (264هـ) رحمهما الله
    قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رحمهما الله عن ‏مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما ‏يعتقدان من ذلك، فقالا: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازاً، وعراقاً، ومصراً، ‏وشاماً، ويمناً، وكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا ‏كيف، أحاط بكل ‏‎شيء علماً"[31].
    ‏17 - عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله (280هـ)‏
    قال في كتابه "النقض على بشر ‏‎المريسي": "قد اتفقت الكلمة من المسلمين، أن ‏الله بكماله فوق عرشه، فوق سمواته"[32].‏
    وقال أيضاً في موضع آخر من الكتاب: "وقال أهل السنة: إن الله بكماله فوق ‏عرشه، يعلم ويسمع من فوق العرش، لا يخفى عليه خافية من خلقه، ولا يحجبهم عنه ‏شيء"[33].‏
    ‏18 - قول زكريا بن يحي الساجي[34] رحمه الله (307هـ)‏
    قال: "القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث، إن الله تعالى على ‏عرشه، في سمائه، يقرب من خلقه كيف شاء"[35].‏
    ‏19 - قول الحسن بن علي بن خلف البربهاري[36] رحمه الله (329 هـ) ‏
    ‏"وهو جل ثناؤه واحد ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، ربنا أول بلا متى ‏وآخر بلا منتهى، يعلم السر وأخفى، وعلى عرشه استوى، وعلمه بكل مكان، لايخلو ‏من علمه مكان"[37].‏
    ‏20 - قول علي بن مهدي الطبري[38] رحمه الله
    قيل لعلي بن مهدي ما تقولون في قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ‏يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}؟، قال: "إن بعض القراء يجعل الوقف {فِي السَّمَاوَاتِ}، ثم ‏يبتديء {وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}، وكيف ما كان، ولو أن قائلاً قال: فلان ‏بالشام والعراق ملك، يدل على أن ملكه بالشام والعراق لا أن ذاته فيهما"[39].‏
    ‏21 - قول ابن أبي زيد القيرواني[40] رحمه الله (386هـ)‏
    قال الإمام أبو محمد بن أبي زيد المالكي المغربي في رسالته في مذهب مالك، أولها: ‏‏"وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه"[41].‏
    وقال في كتابه المفرد في السنة: "وأنه فوق سمواته على عرشه دون أرضه وأنه في ‏كل مكان بعلمه"[42].‏
    ‏22 - قول محمد بن عبد الله ابن أبي زمنين [43] رحمه الله (399هـ) ‏
    قال محمد بن عبد الله "ومن قول أهل السنة إن الله عز وجل خلق العرش واختصه ‏بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر عن نفسه في ‏قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}... فسبحان من بعد فلا يرى، وقرب بعلمه وقدرته ‏فسمع النجوى"[44].‏
    ‏23 - قول أبي بكر الباقلاني[45] رحمه الله (403هـ)‏
    قال أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتاب "الإبانة": ‏
    ‏"فإن قيل: هل تقولون إنه في كل مكان؟؛ ‏
    قيل له: معاذ الله، بل هو مستو على عرشه، كما أخبر في كتابه وقال {الرَّحْمَنُ ‏عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقال {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي ‏السَّمَاءِ}، ولو كان في كل مكان، لكان في بطن الإنسان، وفمه، والحشوش، ولوجب ‏أن يزيد بزيادات الأماكن، إذا خلق منها ما لم يكن، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو ‏الأرض، وإلى خلفنا، وإلى يميننا، وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة ‏قائله"[46].
    ‏24 - قول أبي بكر محمد بن موهب المالكي[47] رحمه الله (406 هـ)‏
    قال رحمه الله:"... فلذلك قال الشيخ أبو محمد[48]: "إنه فوق عرشه" ثم بين أن ‏علوه فوق عرشه، إنما هو بذاته، لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف، وهو في كل ‏مكان بعلمه لا بذاته"[49].‏
    ‏25 - قول اللالكائي[50] رحمه الله (418هـ)‏
    قال الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن الشافعي، في كتاب شرح أصول السنة ‏له: "سياق ما روي في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، و‎أن الله على عرشه في ‏السماء، قال عزوجل {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، وقال {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، وقال ‏‏{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، قال: فدلت هذه الآيات أنه في السماء وعلمه محيط بكل ‏مكان"[51].‏
    ‏26 - قول معمر بن أحمد الأصبهاني[52] رحمه الله (428هـ)‏
    قال رحمه الله في رسالته إلى بعض أصحابه: "وأن الله استوى على عرشه بلا كيف ‏ولا تشبيه ولا تأويل والإستواء معقول والكيف مجهول وأنه عز وجل بائن من خلقه ‏والخلق بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة"[53]‏
    ‏27 - قول أبي نصر السجزي[54] رحمه الله (444هـ)‏
    قال الإمام أبو نصر السجزي الحافظ، في كتاب "الإبانة" له: "وأئمتنا الثوري، ‏ومالك، وابن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وابن المبارك، وفضيل بن عياض، ‏وأحمد، وإسحاق، متفقون على أن الله فوق عرشه بذاته، وأن علمه بكل مكان"[55].‏
    ‏28 - قول أبي إسماعيل الأنصاري[56] رحمه الله (481هـ)‏
    قال الإمام أبو إسماعيل‎‏ الأنصاري في كتاب "الصفات" له: - باب اثبات استواء ‏الله على عرشه فوق السماء السابعة، بائناً من خلقه، من الكتاب والسنة -. فذكر رحمه ‏الله دلالات ذلك من الكتاب والسنة -إلى أن قال-: "في أخبار شتى أن الله عزوجل في ‏السماء السابعة على العرش بنفسه، وهو ينظر كيف تعملون، علمه، وقدرته، واستماعه، ‏ونظره، ورحمته، في كل مكان"[57].‏
    ‏29 - قول أبي الحسن الكرجي[58] رحمه الله (491هـ)‏
    قال الإمام أبو الحسن الكرجي في عقيدته المعروفة التي أولها: ‏
    محاسن جسمي بدلت بالمعـــايب
    وشيب فَــوْدي شيب وصـل الحبــــائب
    إلى أن قال: ‏
    وأفضـل زاد في المعاد عقـيــدة
    علـى منهج في الصدق والصبر لاحب
    عقـائـــدهم أن الإ لـــه بـذاتــــه
    علـى عرشـــه مع عـلمــه بالغـوائــــب
    وأن استـواء الـرب يعقـل كـونــه
    ويجـهل فيه الكيف جهــل الشهـارب[59]‏
    ‏30 - قول عبد القادر الجيلي[60] رحمه الله (561 هـ)‏
    قال الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، في كتاب "الغنية" له: "وهو بجهة العلو ‏مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ‏وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ ‏مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في ‏السماء على العرش كما قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وينبغي إطلاق صفة ‏الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، وكونه سبحانه وتعالى على ‏العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف"[61].‏
    ‏31 - قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (728 هـ)‏
    ‏"... وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله: الإيمان بما أخبر الله به في كتابه، ‏وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق ‏سمواته على عرشه، عليٌّ على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون ‏كما جمع بين ذلك في قوله {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى ‏عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ‏وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[62]"[63].‏
    ‏32 - قول محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله (748 هـ)‏
    صنف الإمام الذهبي كتاب العلو وكتاب العرش في إثبات علو الله على عرشه، ‏وأنه مع خلقه بعلمه، وساق فيه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن ‏بعدهم من أهل العلم إلى قريب من زمانه، وحكى الإجماع عن كثير منهم على أن الله ‏تعالى فوق عرشه، ومع الخلق بعلمه. ومما قاله في أثناء كتابه العلو "ويدل على أن الباري ‏تبارك وتعالى عالٍ على الأشياء، فوق عرشه المجيد، غير حالٍ بالأمكنة قوله تعالى {وَسِعَ ‏كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[64]"[65].‏
    ‏33 - قول الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله (751 هـ)‏
    صنف الإمام ابن القيم كتابه إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة ‏والجهمية لبيان مسألة علو الله على عرشه ومعيته لخلقه، فساق الأدلة من الكتاب والسنة ‏وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه، وحكى ‏الإجماع عن كثير منهم على ذلك، كما اشتمل كتابه الصواعق المرسلة، وقصيدته الكافية ‏الشافية على فصول كثيرة في تقرير هذه المسألة.‏
    ‏34 - قول ابن رجب الحنبلي رحمه الله (795 هـ)
    وقد ردّ ابن رجب رحمه الله تعالى على الذين فسروا المعية بتفسير لا يليق بالله ‏عزوجل وهم الذين يقولون: إن الله بذاته في كل مكان، وهم الحلولية من الجهمية ومن ‏نحا نحوهم.‏
    فقال رحمه الله تعالى: "ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفهمون من ‏هذه النصوص غير المعنى الصحيح المراد بها، يستفيدون بذلك معرفة عظمة الله وجلاله ‏واطلاعه على عباده وإحاطته بهم وقربه من عابديه وإجابته لدعائهم، فيزدادون به خشية ‏لله وتعظيماً وإجلالاً ومهابة ومراقبة واستحياء ويعبدونه كأنهم يرونه، ثم حدث بعدهم ‏من قل ورعه وانتكس فهمه وقصده، وضعفت عظمة الله وهيبته في صدره وأراد أن يرى ‏الناس امتيازه عليهم بدقة الفهم وقوة النظر، فزعم أن هذه النصوص تدل على أن الله ‏بذاته في كل مكان كما حكى ذلك طوائف من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، تعالى ‏عما يقولون علواً كبيراً.‏
    وهذا شئ ما خطر لمن كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم، وهؤلاء ممن يتبع ‏ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منهم في ‏حديث عائشة المتفق عليه.‏
    وتعلقوا أيضاً بما فهموه بفهمهم القاصر مع قصدهم الفاسد بآيات في كتاب الله ‏تعالى مثل قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ ‏هُوَ رَابِعُهُمْ}‏
    فقال من قال من علماء السلف حينئذ إنما أراد أنه معهم بعلمه وقصدوا بذلك ‏إبطال ما قال أولئك مما لم يكن أحد قبلهم قاله ولا فهمه من القرآن.‏
    وحكى ابن عبد البر وغيره إجماع العلماء من الصحابة والتابعين في تأويل قوله ‏تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} أن المراد علمه، وكل هذا قصدوا به رد قول من قال ‏إنه تعالى بذاته في كل مكان"[66].‏
    ‏35 - قول صديق حسن خان رحمه الله (1307 هـ)‏
    ‏"وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ‏وهذا كلام الصحابة والتابعين، وسائر الأئمة، قد دل ذلك بما هو نص أو ظاهرٌ، في أن ‏الله سبحانه فوق العرش، فوق السموات، استوى على عرشه، بائن من خلقه،... وهو ‏معهم أينما كانوا. قال نعيم بن حماد لما سئل عن معنى هذه الآية {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا ‏كُنْتُمْ} معناها: (أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه) وليس معناه أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا ‏توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وخلاف ما فطر الله عليه ‏الخلق... -إلى أن قال-:... فكل ما في الكتاب والسنة من الادلةة الدالة على قربه ‏ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه عليٌّ في دنوِّه وقريب في عُلوِّه، ‏والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جداً."[67].‏
    ‏ ‏


    ---------------------------------------------‏‏-----------------------------------‏
    ‏[1] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‏‏(3/395ـ396، ح 659) والبيهقي في الأسماء والصفات ‏‏(2/186ـ187).والدارمي في الرد على الجهمية (ص275 -ضمن عقائد السلف-‏‏). وابن خزيمة في التوحيد (1/242-243، ح149). والطبراني في الكبير ‏‏(9/228). وأبو الشيخ في العظمة (2/688-689، ح279). وابن عبد البر في ‏التمهيد (7/). وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص104-105، ح75). وأورده ‏الذهبي في العلو (ص64)، وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد في السنة، وأبي بكر بن المنذر، ‏وأبي أحمد العسال، وأبي القاسم الطبراني، وأبي الشيخ، واللالكائي، وأبي عمر الطلمنكي، ‏وأبي عمر بن عبد البر، وقال: (وإسناده صحيح). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش ‏الإسلامية (ص122)، وفي مختصر الصواعق (2/210). وأورده الهيثمي في مجمع ‏الزوائد (1/86)، وعزاه للطبراني وقال: (رجاله رجال الصحيح).‏
    ‏[2] كعب بن مانع الحِميري، أبو إسحاق، أسلم في خلافة الصديق رضي الله ‏عنه، ومات في خلافة عثمان رضي الله عنه، وقد جاوز المائة،. انظر الكاشف (3/9)، ‏التقريب (ص812).‏
    ‏[3] أخرجه أبو الشيخ في العظمة (2/625-626، ح244). وابن بطة في ‏الإبانة -الرد على الجهمية-، (3/185-186، برقم137). وأبو نعيم في الحلية ‏‏(6/7). وأورده القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات (ق149/ب) وعزاه لابن بطة ‏في الإبانة. وأورده الجيلاني في الغنية لطالبي طريق الحق (1/57). وأورده الذهبي في ‏العلو (ص92)، وقال: (رواته ثقات)، وفي الأربعين (ص45)، وفي العرش 2/143 ‏رقم 121. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص129، و260)، ‏وقال قبله: (وروى أبو نعيم بإسناد صحيح عن كعب) وذكره. وأورده ابن القيم كذلك ‏كما في مختصر الصواعق (2/373) وعزاه لأبي الشيخ وابن بطة وغيرهما بإسناد ‏صحيح. ‏
    وصححه الألباني في مختصر العلو (ص128).‏
    ‏[4] أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص8). ‏
    والدارمي في الرد على المريسي (ص103)، والرد على الجهمية (ص50). وعبد ‏الله بن الإمام أحمد في السنة (1/111، ح22)، و(1/174-175، ح216). وابن ‏بطة في الإبانة (3/155-156، ح112). وابن منده في التوحيد (3/308، ‏برقم899). والصابوني في عقيدة السلف (ص20، برقم28). والبيهقي في الأسماء ‏والصفات (2/336، رقم903). وابن عبد البر في التمهيد (7/142). وابن قدامة ‏في إثبات صفة العلو (ص117-118، ح99، 100). وأورده ابن تيمية في درء ‏تعارض العقل والنقل (6/264)، وعزاه للبخاري في خلق أفعال العباد. وأورده كذلك ‏في الفتوى الحموية (ص91) وقال: (وروى عبد الله بن الإمام أحمد وغيره بأسانيد ‏صحيحة عن ابن المبارك)، وأورده في نقض تأسيس الجهمية (2/525). وأورده الذهبي ‏في العلو (ص110)، وفي سير أعلام النبلاء (8/402)، وفي الأربعين في صفات رب ‏العالمين (ص40، برقم10) وفي العرش 2/187 رقم 161، 162 وأورده ابن القيم ‏في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص134-135) وقال: (روى الدارمي، والحاكم ‏والبيهقي، وغيرهم، بأصح إسناد إلى علي بن الحسين بن شقيق) وذكره، وفي ‏‏(ص213-214) وقال: (وقد صح عنه صحة قريبة من التواتر)، وعزاه للبيهقي، ‏والحاكم، والدارمي. وأورده أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/212).‏
    ‏[5] يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، القاضي، أبو يوسف الكوفي، ‏صاحب الإمام أبي حنيفة، المجتهد، العلامة، المحدث، أفقه أهل الرأي بعد أبي حنيفة، ولد ‏سنة (113هـ)، وتوفي سنة (182هـ). تاريخ بغداد (14/242)، ‏السير(8/535).‏
    ‏[6] أورد القصة ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/45)، وفي نقض تأسيس ‏الجهمية (2/525-526)، وعزاها لابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية، وساق ‏الأثر بسنده. وأوردها الذهبي في العلو (ص112). وابن القيم في اجتماع الجيوش ‏الإسلامية (ص222)، وقال: (وهي قصة مشهورة ذكرها عبد الرحمن بن أبي حاتم). ‏وأوردها أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/212) وقال: (وبشر لم ينكر أن الله أفضل ‏من العرش، وإنما أنكر ما أنكرته المعطلة أن ذاته تعالى فوق العرش). وأوردها شارح ‏الطحاوية (ص323).‏
    ‏[7] علي بن عاصم بن صهيب الواسطي التيمي مولاهم، صدوق يخطىء ويصر، ‏رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة إحدى ومائتين، وقد جاوز التسعين. التقريب ‏‏(ص699)، تاريخ بغداد (11/446).‏
    ‏[8] يحي بن علي بن عاصم الواسطي، روى عن أبيه. انظر الثقات لابن حبان ‏‏(9/258).‏
    ‏[9] أورده الذهبي في العلو (ص116)، وفي العرش ‏
    وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص216-217) وعزاه لابن ‏أبي حاتم.‏
    ‏[9] أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع،،فقيه من كبار المالكية بمصر، قال ابن ‏الماجشون: (ما أخرجت مصر مثل أصبغ وكان كاتب ابن وهب)، توفي سنة ‏‏(225هـ). وفيات الأعيان 1/79، الأعلام 1/333.‏
    ‏[10] انظر: إجتماع الجيوش الإسلامية ص 142. ‏
    تهذيب سنن أبي داود 7/102.‏
    ‏[11] بشر بن الحارث بن عبـد الرحمن، أبو نصر المروزي البغدادي الحافي، ‏إمام، ورع، زاهد، مات سنة سبع وعشرين ومائتين، وله خمس وسبعون سنة. تاريخ ‏بغداد (7/67)، السير (10/469).‏
    ‏[12] أوردها الذهبي في العلو (ص127)، وفي الأربعين (ص43).وفي العرش ‏‏2/244 رقم 216.‏
    ‏[13] هكذا أورده الذهبي في العلو، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية، ‏وقال محققه: (لم أقف على ترجمته بهذا الإسم، فلعلها محرفة عن محمد بن سعيد بن هنَّاد ‏البوشنجي، وترجمته في الأنساب 2/259، والكاشف 3/42.‏
    ‏[14] ---‏
    ‏[15] انظر العلو للذهبي ص 151 ‏
    و إجتماع الجيوش الإسلامية ص242.‏
    ‏[16] أحمد بن نصر بن مالك، الخزاعي، أبو عبد الله، ثقة، قتل شهيداً في خلافة ‏الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن سنة (231 هـ). سير أعلام النبلاء ‏‏(11/166)، تهذيب التهذيب (1/87).‏
    ‏[17] أورده الذهبي في العلو ص 128.‏
    ‏[18] أخرجه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/159، ‏ح115). ‏
    واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/401-402، ‏برقم674). ‏
    وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/421). ‏
    وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص116، برقم96). ‏
    والذهبي في العلو (130).، وفي العرش (2/248، برقم 221)‏
    و‎ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص200) وعزاه للخلال في كتاب ‏السنة له.‏
    ‏[19] انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل (ص92-93، -ضمن ‏عقائد السلف). ‏
    وأورده الذهبي في العرش (2/250ـ251 برقم 224.)‏
    وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص201-202).‏
    ‏[20] الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي أبو عبد الله عاش في بغداد اشتهر ‏بالتصوف وألف فيه كتبا أشهرها الرعاية لحقوق الله ورسالة المسترشدين توفي سنة ‏‏243 هـ تاريخ بغداد 8/211 السير 12/110.‏
    ‏[21] انظر مجموع الفتاوى (5 /69)‏
    واجتماع الجيوش الإسلامية ص272.‏
    ‏[22] عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع النسائي، ثم البغدادي، أبو الحسن ‏الوراق، صحب الإمام أحمد وسمع منه، وكان صـالحاً، ورعاً، زاهداً، توفي سنة ‏‏(251هـ) على القول الراجح. طبقات الحنابلة (1/209-212)، التقريب ‏‏(ص633). ‏
    ‏[23] أورده الذهبي في العلو (ص142)، وفي العرش" 2/253 رقم 226. ‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص232)، وقال: (صح ذلك عنه، ‏حكاه عنه ‏‎محمد بن أحمد بن عثمان -يعني الذهبي- في رسالته الفوقية وقال: ثقة حافظ، ‏روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي، مات سنة خمسين ومائتين) اهـ. ‏
    ‏[24] يحي بن معاذ الرازي، أبو زكريا، الواعظ، ذكره أبو القاسم القشيري في ‏الرسالة وعده من جملة المشايخ، توفي سنة (258 هـ) بنيسابور. وفيات الأعيان ‏‏6/165.‏
    ‏[25] انظر: مجموع الفتاوى 5/49‏
    واجتماع الجيوش الإسلامية ص270. ‏
    ‏[26] محمد بن يحي بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري ‏الزهري، ثقة، حافظ، جليل، من الحادية عشرة، مات ستة (258هـ) على الصحيح ‏وله ست وثمانون سنة. التقريب (ص907)، السير (12/273).‏
    ‏[27] رواه الطبراني في الصغير ص 115، وقال الألباني: (إسناده صحيح)، ‏انظر: سلسة الأحاديث الصحيحة رقم (1046).‏
    ‏[28] أورده الذهبي في العلو ص 136.‏
    ‏[29] إسماعيل بن يحي بن إسماعيل المزني، أبو إبراهيم، المصري، تلميذ الشافعي، ‏إمام، علامة، فقيه،كان زاهدا، عالما، مجتهدا، قوي الحجة، توفي سنة (264هـ). السير ‏‏(12/492).‏
    ‏[30] انظر: شرح السنة. للمزني ص75 ‏
    شرح العقيدة الواسطية ص134. ‏
    والأربعين في صفات رب العالمين رقم 51. ‏
    ومختصر الصواعق 2/262-279. ‏
    ‏[31] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‏‏(1/176-179، برقم321)، وقد ذكر الاعتقاد بتمامه والنص المذكور هنا تجده في ‏‏(ص177).‏
    والذهبي في سير أعلام النبلاء (13/84) بالسند المذكور هنا، وأخرجه في العلو ‏‏(ص137-138) وقد ساقها بأسانيد ثلاثة، وأخرجه في العرش 2/257 رقم ‏‏228. ‏
    وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص125، برقم110)، ‏
    وأورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/257). ‏
    قال الألباني في مختصر العلو (ص204-205): (قلت: هذا صحيح ثابت عن ‏أبي زرعة وأبي حاتم رحمة الله عليهما...) إلى أن قال: (ورسالة بن أبي حاتم محفوظة في ‏المجموع (11) في الظاهرية في آخر كتاب (زهد الثمانية من التابعين). ‏
    وقد طبعت ضمن " روائع التراث " تحقيق محمد عزيز شمس، ونشرته الدار ‏السلفية بالهند. انظر (ص19-26). ‏
    ‏[32] انظر الرد على بشر المريسي (ص408 -ضمن عقائد السلف -)، ‏
    وأورده الذهبي في السير (13/325)، ‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص228)، ‏
    وانظر مختصر الصواعق (2/213). ‏
    ‏[33] انظر الرد على بشر المريسي (ص438 -ضمن عقائد السلف -) مع ‏تقديم وتأخير و انظر: "الرد على الجهمية" ص 268 (ضمن عقائد السلف) و العرش ‏للذهبي 2/260 رقم 230. ‏
    ‏[34] زكريا بن يحي بن عبد الرحمن بن محمد بن عدي الضبي البصري الساجي، ‏أبو يحي، محدث البصرة في عصره، وكان من الحفاظ الثقات، كان مولده (220هـ) ‏وتوفي سنة (307هـ). طبقات الشافعية (2/226)، البداية (11/131).‏
    ‏[35] أورده ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية (2/527ـ528) ‏
    والذهبي في العلو (ص150)وفي العرش (2/278 رقم 240.) ‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الأسلامية (ص 245ـ246)‏
    ‏[36] الحسن بن علي بن خلف، البربهاري، الإمام، الحافظ، رأس الحنابلة في ‏بغداد، وكان معروفاً بشدته في السنة، توفي رحمه الله سنة (329 هـ).طبقات الحنابلة ‏‏2/18-45.‏
    ‏[37] انظر: شرح السنة للبربهاري ص 71.‏
    ‏[38] علي بن محمد بن مهدي الطبري، أبو الحسن صحب أبا الحسن الأشعري ‏بالبصرة، ألف كتاب (تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات). انظر تبيين ‏كذب المفتري (ص195-196). ‏
    ‏[39] أورد هذا الكلام ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية (2/335-337). ‏
    والذهبي في العرش 2/322 رقم 256. ‏
    ‏[40] أبو محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النفزي، القيرواني، المالكي، ‏فقيه، مفسر، مشارك، له مصنفات كثيرة منها، كتاب النوادر والزيادات، ومختصر ‏المدونة، وكتاب الرسالة، وإعجاز القرآن، توفي سنة (386هـ). السير (17/10)، ‏شذرات الذهب (3/131). ‏
    ‏[41] انظر رسالة القيرواني (ص4)، باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من ‏واجب أمور الديانات، ط: مطبعة مصطفى الحلبي، الطبعة الثانية (1368هـ)، ‏
    وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/189). ‏
    أورده الذهبي في العلو (ص171)، وفي العرش 2/341 رقم 263. ‏
    وأورده ابن القيم كما في مختصر الصواعق (2/134) وقال: (فصرح به أبو ‏محمد بن أبي زيد في ثلاثة مواضع من كتبه أشهرها الرسالة، وفي كتاب جامع النوادر، ‏وفي كتاب الآداب)، ‏
    ‏[42] اجتماع الجيوش الإسلامية ص 151.‏
    ‏[43] أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى المري الأندلسي المالكي المعروف ‏بابن زمنين محدث فقيه أصولي مفسر صوفي أديب شاعر ولد سنة 324 هـ وتوفي سنة ‏‏399 هـ من أشهر مؤلفاته أصول السنة الوافي بالوفيات 2/321، شذرات الذهب ‏‏3/156.‏
    ‏[44] رياض الجنة بتخريج أصول السنة ص 88.‏
    ‏[45] محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، البصري، ثم البغدادي، أبو ‏بكـر، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، مات سنة (403هـ).قال عنه الذهبي: ‏‏"الذي ليس في متكلمي الأشاعرة أفضل منه، لا قبله ولا بعده" تاريخ بغداد (5/379)، ‏السير (17/190). ‏
    ‏[46] هذا الكلام ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/98-99)، وقد نقله ‏الذهبي في العرش 2/338 رقم 261. ومختصراً في سير أعلام النبلاء (17/558-‏‏559). ‏
    ‏[47] محمد بن موهب، التجيبي، أبو بكر، الحصَّار، المعروف بالقبري، كان من ‏العلماء الزهَّاد الفضلاء، له مؤلفات كثيرة في العقائد، توفي بقرطبة سنة (406 هـ). ‏ترتيب المدارك 7/188.‏
    ‏[48] يريد الإمام أبا محمد بن أبي زيد القيرواني، وذلك في شرحه على الرسالة.‏
    ‏[49] أورده الذهبي في العلو ص 192.‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 156.‏
    ‏[50] هبة الله بن الحسن بن منصور، الطبري، أبو القاسم، اللالكائي، نسبته إلى ‏بيع اللوالك، -وهي التي تلبس في الأرجل-، الشافعي، إمام حافظ، مجود، صاحب شرح ‏أصول اعتقاد أهل السنة، توفي سنة (418هـ). تاريخ بغداد (14/70)، السير ‏‏(17/419).‏
    ‏[51] انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/387-388). ‏
    وأورده الذهبي في العرش 2/344 رقم 264. ‏
    ‏[52] أبو منصور معمر بن أحمد بن محمد الأصبهاني كان كبير الصوفية في ‏أصبهان وروى عن الطبراني المحدث توفي سنة 428 هـ شذرات الذهب 3/311.‏
    ‏[53] أورده ابن تيمية في القتاوى 5/61.‏
    والذهبي في العلو ص 262.‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 276.‏
    ‏[54] عبيد الله بن سعيد بن حاتم السجزي الوائلي، أبو نصر، محدث، حافظ، ‏صنف، وخرج، وعالماً بالأصول والفروع، توفي في الحرم سنة (444هـ). تذكرة ‏الحفاظ (3/1118)، السير (17/654)‏
    ‏[55] أورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (6/250)، ‏
    وفي نقض تأسيس الجهمية (2/38، 416-417)، وفي مجموع الفتاوى ‏‏(5/190)، ‏
    والذهبي في العلو (ص172)، وفي سير أعلام النبلاء (17/656)، وفي كتاب ‏العرش" 2/342 رقم 263/3، و2/353 رقم 270. ‏
    وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص246)، وأورده أيضاً كما في ‏مختصر الصواعق (2/214). ‏
    ‏[56] عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري، أبو إسماعيل الهروي، شيخ خراسان، ‏إمام قدوة، حافظ كبير، توفي سنة (481هـ) وله أربع وثمانون سنة ونيف. الأنساب ‏‏(1/367)، السير (18/503). ‏
    ‏[57] أورده الذهبي في العلو (ص189). وفي العرش 2/365 رقم 279. ‏
    ‏[58] مكي بن محمد بن علاَّن، أبو الحسن الكرجي، المعتمد، المعروف بالسّلار، ‏الشيخ الجليل، المسند، المعمر، مات بأصبهان سنة (491هـ). السير (19/71)، ‏شذرات الذهب (3/397).‏
    ‏[59] أورده الذهبي في العرش 2/368 رقم 282. ‏
    ‏[60] عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست الجيلي، أبو محمد ‏الحنبلي، شيخ بغداد، الإمام، الزاهد، العارف، القدوة، ولد سنة (471هـ) وتوفي سنة ‏‏(561هـ). ذيل طبقات الحنابلة (1/290)، السير (20/439).‏
    ‏[61] انظر كتاب الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني (1/54-57)، ‏ط: الحلبي، ‏
    وطبقات الحنابلة (1/296). ‏
    ومجموع الفتاوى ()، 5/85). ‏
    والعلو للذهبي (ص193). و العرش 2/369 رقم 282. ‏
    واجتماع الجيوش الإسلامية (ص277). ‏
    ‏[62] الآية 4 من سورة الحديد.‏
    ‏[63] انظر: المجموع 3/142.‏
    ‏[64] الآية 255 من سورة البقرة.‏
    ‏[65] انظر: العلو ص83.‏
    ‏[66] فتح الباري لابن رجب 2/331-332.‏
    ‏[67] قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر لصديق حسن خان ص 50-51.‏

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الثانية عشر ‏‎:‎‏ لو كان الله تعالى فوق العرش لما صح القول بأنه تعالى قريب ‏من عباده.‏

    والجواب على هذه الشبهة أن يقال ‏‎:‎
    ليس في القرآن وصف الله بالقرب من كل شيء أصلا بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا ‏سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ ‏بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [11] فهو سبحانه قريب ممن دعاه.‏
    وكذلك ما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي ‏ في ‏سفر، فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير؛ فقال: «يأيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم ‏فإنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب ‏إلى أحدكم من عُنُق راحلته» فقال: «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم» لم يقل: ‏إنه قريب إلى كل موجود، وكذلك قول صالح عليه السلام : {فَاسْتَغْفِرُوه ُ ثُمَّ تُوبُواْ ‏إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [12] هو كقول شعيب: {وَاسْتَغْفِرُوا ْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ‏إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [13]، ومعلوم أن قوله: {قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} مقرون بالتوبة ‏والاستغفار، أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه ‏رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل ‏موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه، فكذلك قربه سبحانه وتعالى.‏
    وكذلك قال النبي ‏ في الحديث المتفق على صحته: «إنكم لا تدعون أصم ولا ‏غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق ‏راحلته».‏
    وذلك لأن الله سبحانه قريب من قلب الداعي، فهو أقرب إليه من عنق راحلته. ‏وقربه من قلب الداعي له معنى متفق عليه بين أهل الإثبات الذين يقولون: إن الله ‏فوق العرش، ومعنى آخر فيه نزاع.‏
    فالمعنى المتفق عليه عندهم يكون بتقريبه قلب الداعي إليه، كما يقرب إليه قلب ‏الساجد؛ كما ثبت في الصحيح: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» ‏فالساجد يقرب الرب إليه فيدنو قلبه من ربه، وإن كان بدنه على الأرض. ومتى ‏قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبًا بالضرورة. وإن قدر أنه لم ‏يصدر من الآخر تحرك بذاته، كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه.‏
    وقد وصف الله أنه يقرب إليه من يقربه من الملائكة والبشر، فقال: {لَّن يَسْتَنكِفَ ‏الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدا لله وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [60]، وقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ‏أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [61]، وقال تعالى: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ‏وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [62]، وقال تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [63]، وقال: {أُولَئِكَ ‏الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [64]، وقال: {وَنَادَيْنَاهُ مِن ‏جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [65].‏
    وأما قرب الرب قربًا يقوم به بفعله القائم بنفسه، فهذا تنفيه الكُلابية ومن يمنع قيام ‏الأفعال الاختيارية بذاته. وأما السلف وأئمة الحديث والسنة، فلا يمنعون ذلك، ‏وكذلك كثير من أهل الكلام.‏
    فنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا، ونزوله عشية عرفة، ونحو ذلك هو من هذا ‏الباب؛ ولهذا حد النزول بأنه إلى السماء الدنيا، وكذلك تكليمه لموسى عليه السلام ‏فإنهلو أريد مجرد تقريب الحجاج وقوام الليل إليه، لم يخص نزوله بسماء الدنيا، ‏كما لم يخص ذلكفي إجابة الداعي وقرب العابدين له، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ ‏عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [66].‏
    وقال: «من تقرب إلى شبرًا تقربت إليه ذراعًا» وهذه الزيادة تكون على الوجه ‏المتفق عليه، بزيادة تقريبه للعبد إليه جزاء على تقربه باختياره. فكلما تقرب العبد ‏باختياره قَدْر شبر زاده الرب قربًا إليه حتى يكون كالمتقرب بذراع. فكذلك قرب ‏الرب من قلب العابد، وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والإيمان به، ‏وهو المثل الأعلى، وهذا أيضا لا نزاع فيه، وذلك أن العبد يصير محبًا لما أحب ‏الرب، مبغضًا لما أبغض، مواليًا لمن يوالي، معاديا لمن يعادي، فيتحد مراده مع ‏المراد المأمور به الذي يحبه الله ويرضاه.(1)‏

    وقال صلى الله عليه وسلم((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل ‏الآخر,فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن)(2)‏
    وليس هذا القرب كقرب الخلق المعهود منهم,كما ظنه من ظنه من أهل الضلال,وإنما هو ‏قرب ليس يشبه قرب المخلوقين,كما أن الموصوف به(ليس كمثله شيء وهو السميع ‏البصير)))))(3).‏
    بل هو قرب حقيقي والرب تعالى فوق سماواته على عرشه والعبد في الأرض(4)‏

    و قد(( ذكر الله تعالى قربه من بعض عباده في حالتين اثنتين فقط: الأولى: ذكر في معرض إجابة دعاء من ‏دعاه حيث يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}421، ‏ومعنى القرب هنا واضح، وهو قرب إجابة من دعاه، إذ هو معه، قريب منه، يرى مكانه، ويسمع دعاءه، ‏ويعلم ما يريد العبد أن يقوله قبل أن يقوله لأنه هو الذي وفقه ليدعوه، ثم هو الذي يجيب دعاءه، فهذا ‏قربه من داعيه. يقول بعض أهل العلم: إن الآية المذكورة نزلت جواباً للصحابة رضي الله عنهم حين سألوا ‏رسول الله عليه الصلاة والسلام قائلين: "ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه"؟ فأنزل الله هذه الآية. ‏
    الثانية: ذكر القرب في إثابة عابديه، والمتقربين إليه بالأعمال الصالحة، وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ‏‏"أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد"422، وقال عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون الرب من ‏العبد في جوف الليل الآخر"423. وورد في صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ‏‏"كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر، فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: "يا أيها الناس! أربعوا على ‏أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عنق ‏راحلته". هكذا ينتهي الحديث عن المعية والقرب معاً بهد التوفيق بينهما، وبين علو الله تعالى على خلقه، ‏لنثبت بأنه تعالى مع عباده، وقريب منهم وهو في علوه، والعلو وصف ذاتي له سبحانه، دائماً وأبداً.))(5)‏
    والسلف "أهل السنة والجماعة" يجرون هذه النصوص على ظاهرها وحقيقة معناها اللائق بالله عز ‏وجل من غير تكييف ولا تمثيل. قال شيخ الإسلام ابن تيميه في شرح حديث النزول ص466 جـ5 ‏من مجموع الفتاوى: "وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال ‏الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة ‏الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر". أهـ.‏
    ‏ فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟‏
    ‏ وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟
    ‏ وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي يليق به؟(6)‏
    وقال سبحانه وتعالى ‏‎:‎‏ ((فَاسْتَغْفِرُوه ُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ))‏‎]‎هود61‏‎[‎
    وقال عز وجل ‏‎:‎‏ ((وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ))‏‎]‎هود90‏‎[‎‏.‏
    ومعلوم أن قوله: {قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} مقرون بالتوبة والاستغفار، أراد به قريب مجيب ‏لاستغفار المستغفرين التائبين إليه، كما أنه رحيم ودود بهم، وقد قرن القريب ‏بالمجيب، ومعلوم أنه لا يقال: إنه مجيب لكل موجود، وإنما الإجابة لمن سأله ‏ودعاه، فكذلك قربه سبحانه وتعالى.‏
    وقال تعالى ‏‎:‎‏ ((إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)) ‏‎]‎الأعراف56‏‎[‎‏ ‏
    فذكر الخبر وهو ((قريب)) عن لفظ ((الرحمة)) وهي مؤنثة,إيذانا بقربه تعالى من المحسنين,فكأنه ‏قال ‏‎:‎‏ إن الله برحمته قريب من المحسنين.‏
    ويوضح ذلك ‏‎:‎‏ أن الرحمة لما كانت صفة من صفات الله تعالى,وصفاته قائمة بذاته,فإذا كانت ‏قريبة من المحسنين,فهو قريب سبحانه منهم قطعا.‏
    فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين،‎ ‎ورحمته قريبة منهم، وقربه يستلزم قرب رحمته. ففي حذف التاء ههنا ‏تنبيه على هذه‎ ‎الفائدة العظيمة الجليلة. إن الله تعالى قريب من المحسنين، وذلك يستلزم القربين‎: ‎قربه وقرب رحمته؛ ‏ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين،لم يدل على قربه تعالى‎ ‎منهم؛ لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته، ‏والأعم لا يستلزم الأخص، بخلاف قربه، فإنه لما كان أخص استلزم الأعم، وهو قرب رحمته.‏
    فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين، من‎ ‎التحريض‎ ‎على‎ ‎الإحسان، واستدعائه من النفوس، وترغيبها فيه غاية ‏حظ لها، وأشرفه وأجلُّه على‎ ‎الإطلاق، وهو أفضل إعطاء أُعطيه العبد، وهو قربه تبارك وتعالى من عبده، الذي هو‎ ‎غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها. فكان‏‎ ‎في العدول عن ( قريبة ) إلى ( ‏قريب ) من استدعاء الإحسان، وترغيب النفوس فيه، ما لا‎ ‎يختلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته، ولا قوة إلا بالله.‏
    فتبين بهذا ‏‎:‎‏ أن الله سبحانه وتعالى قريب من المحسنين بذاته ورحمته قربا ليس له نظير وهو مع ذلك فوق سماواته ‏على عرشه فإنّ علوّه سبحانه على سمواته من لوازم ذاته فلا يكون قط إلاّ عاليا ولا ‏يكون فوقه‎ ‎شيء البتة كما قال أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم((وأنت الظاهر ‏فليس فوقك شيء)(7)‏





    يتبع...........

    ------------------‎ ‎
    ‏(1)مجموع الفتاوى(5/503-513).‏
    ‏(2)رواه النسائي وصححه الألباني.‏
    ‏(3) فتح الباري لابن رجب.‏
    ‏(4)مدارج السالكين لابن القيم(3/272).‏
    ‏(5)الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية للشيخ محمد أمان جامي رحمه الله.‏
    ‏(6) القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.‏
    ‏(7)أنظر مجموع الفتاوى(5/493) وبدائع الفوائد(3/17-32) ومختصر ‏الصواعق(2/268-271).‏


  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الثالثة عشر ‏‎:‎
    قال النسفي في قوله تعالى ‏‎:‎‏ ((أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ))‏‎]‎الملك16‏‎[‎‏ أي ‏‎:‎من ملكوته في السماء,لأنها ‏مسكن ملائكته,ومنها منزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه,فكأنما قال ‏‎:‎أأمنتم خالق السماء وملكه,أو ‏لاأنهم‎]‎المشركين‎[‎‏ كانوا يعتقدون التشبيه ,وأنه في السماء,وأن الرحمة والعذاب ينزلان منه ,فقيل لهم على ‏حسب اعتقادهم ‏‎:‎‏ أأمنتم من تزعمون أنه في السماء وهو متعال عن المكان))(1).‏



    والجواب عليه ‏‎:‎
    هذا تحريف لكتاب الله تعالى,فقد حرّف هذه الآية بتحريفين فاضحين ‏
    أما التحريف الأول ‏‎:‎‏ فهو تأويل قوله تعالى ‏‎:‎‏ ((مَنْ فِي السَّمَاءِ)) بمن ملكوته في السماء,يعني أن ‏الله تعالى ليس في السماء بل ملكوته في السماء ,وهذا تحريف محض ,لأنه خارج عن لغة العرب ولا يقتضيه ‏سياق هذه الآية ألبتة ,فإن كلمة((من)) اسم موصول بممعنى(الذي)والم راد هو الله تعالى وكلمة(في) ‏بمعنى(على) و(السماء) هو(العلو) فكل ما علا فهو سماء,فكلمة(في) ليست للظرفية,و((السما )) ليس المراد ‏منها الفلك والجسم,بل المراد جهة العلو.‏
    فمعنى هذه الآية الكريمة عند سلف هذه الأمة وأئمة السنة ‏‎:‎‏ أما تخافون الله الذي هو على السماء العالي ‏على خلقه وفوق عباده أن يرسل عليكم حاصبا ,وأن يخسف بكم الأرض.‏
    ثم سياق هذه الآية وكلمة(من) الموصولة,وكلمة(ي رسل)وكلمة(يخسف)م كثرة تلك الآيات القرآنية ‏والأحاديث النبوية وفطرة جميع بني آدم عليها كلها تدل دلالة قاطعة على أن تأويل النسفي لهذه الآية ‏تحريف وهمي,كما تدل على أن الصحيح الحق الصريح هو أن الله تعالى في جهة العلو فوق العالم عال على ‏خلقه أجمعين.‏
    وأما التحريف الثاني ‏‎:‎‏ وهو قول النسفي ‏‎:‎‏ إن هذه الآية محمولة على زعم المشركين من المشبهة ‏‎:‎‏ أن الله ‏تعالى فوق السماء,فقال الله تعالى لهم ‏‎:‎أنتم أيها المشركون المشبهون تعتقدون أن الله تعالى في السماء,فلم لا ‏تخافونه.‏
    أقول(2) ‏‎:‎قصد النسفي أن عقيدة كون الله تعالى في السماء ,من العقائد الفاسدة للمشبهة ‏المشركين,وليست هذه العقيدة من العقائد الصحيحة للموحدين المسلمين ‏‎!!.‎
    وانظر أيها المسلم كيف حرف المصنف معنى هذه الآية ‏‎!!‎‏ حتى جعل العقيدة السلفية-أي العلو لله تعالى-‏عقيدة للمشبهة والمشركين,فقد حكم على عقيدة جميع الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين وأئئمة هذا ‏الدين-وهي عقيدة علو الله تعالى على خلقه-بأنها عقيدة المشبهة والمشركين.‏
    وقد رد عليه العلامة الألوسي المفسر حيث قال ‏‎:‎
    ‏((وقيل هو مبني على زعم العرب حيث كانوا يزعمون أنه سبحانه في السماء,فكأنه قيل ‏‎:‎أأمنتم من ‏تزعمون أنه في السماء,وهو متعال عن المكان ‏‎!!‎‏ وهذا في غاية السخافة ,فكيف يناسب بناء الكلام في مثل ‏هذا المقام على زعم بعض الجهلة,كما لا يخفى على المنصف))(3)‏
    ثم ذكر الألوسي عدة نصوص لأئمة الإسلام على إقرار الصفات لله تعالى ولا سيما صفة العلو له ‏تعالى,وقال((وأئمة السلف لم يذهبوا إلى غيره تعالى)).‏
    أقول(4) ‏‎:‎‏ يعني الألوسي ‏‎:‎أن معنى الآية عند السلف أأمنتم الله الذي في السماء أي في العلو,بأن المراد من ‏قوله(من)هو الله تعالى لا غير.‏
    ثم قال الألوسي أيضا ((وحديث الجارية من أقوى الأدلة لهم في هذا الباب ,وتأويله بما أوّلَ به الخلف ‏خروج عن دائرة الإنصاف عند أولي الألباب))(5).‏
    وهذا كلام في غاية الإنصاف لمن فهمه(6).‏(أ)
    وهذه جملة من تفسيرات العلماء للآية ‏‎:‎

    ‎- ‎قال محمد بن يزيد المبرد (286 هـ) في كتابه المقتضب: (والسؤال عن كل ما يعقل‎ ‎بـ"مَن" ‏كما قال عز وجل: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ"مَن‎" ‎لله عز وجل‎)

    ‎- ‎قال الطبري (310 هـ) في تفسيره‎ : {‎أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو‎ ‎الله‎.

    ‎- ‎قال ابن أبي زَمَنِين (399هـ) في تفسيره : {من في السماء} يعني‎ ‎نفسه‎.


    قال أبو بكر محمد الصبغي (342 هـ) : (قد‎ ‎تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز ‏وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في‎ ‎جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى ‏النخل ، فكذلك قوله: {في السماء} أي‎ ‎على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي ‏صلى الله عليه‎ ‎وسلم‎) ‎الاسماء و الصفات للبيهقي
    قال البيهقي في الأسماء والصفات (2 :165): « ومعنى قوله في هذه الأخبار "من في السماء" أي فوق ‏السماء على العرش كما نطق به الكتاب والسنة ».‏
    قال أبو مظفر السمعاني (489 هـ) في تفسير الآية‎: ‎أأمنتم‎ ‎ربكم‎.‎
    بل وقد قال ابن فورك الأشعري: « إعلم أنه ليس يُنكر قولُ من قال: إنّ الله في السماء. لأجل أن لفظ الكتاب ‏قد ورد به، وهو قوله: ) أأمنتم من في السماء( ومعنى ذلك أنه فوق السماء » [مشكل الحديث وبيانه 392 ‏ط: دار عالم الكتب].‏




    ---------------
    ‏(1)مدارك التنزيل وحقائق التأويل (4/22) للنسفي.‏
    ‏(2)الكلام لصاحب كتاب(الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان) للشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي.‏
    ‏(3)روح المعاني(29/15).‏
    ‏(4) والكلام للشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي.‏
    ‏(5)التنبيهات السنية(108-111).‏
    ‏(6)بيان تلبيس الجهمية(2/75).‏

    (أ) إلى هنا ينتهي النقل من كتاب(الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان).


  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة الرابعة عشر ‏‎:‎قال الزرقاني ‏‎))‎‏ إن كنتم تأخذون بظواهر النصوص على حقيقتها فماذا تفعلون بمثل ‏قوله تعالى(أأمنتم من في السماء))‏‎]‎الملك16‏‎[‎‏ مع قوله تعالى((وهو الله في السماء وفي الأرض))‏‎]‎الأنعام3‏‎[‎‏ ‏أتقولون ‏‎:‎أنه في السماء حقيقة؟أم على الأرض حقيقة؟أم فيهما معا حقيقة؟وإذا كان في الأرض وحدها ‏حقيقة فكيف تكون له جهة فوق ولا يقال ‏‎:‎له جهة تحت ؟ولماذا يشار إليه فوق ولا يشار إليه تحت؟))(1)‏
    إن هذا الكلام أشبه بكلام أهل الجهل والضلال,ومن لا يدري ما يخرج منه من مقال ,من كلام أهل العقل ‏والعلم والبيان,وهو أشبه بكلام جهال القصاص والمغالطين,من كلام العلماء المجادلين بالحق(2)‏

    فهو يحاول إثبات التناقض في آيات القرآن ليدعم بتعطيله وإنكاره لصفة العلو لله عز وجل,وإلا فالجواب ‏واضح ولا تناقض ولا اضطراب في كلام الله تعالى,لأننا نقول ‏‎:‎إنه لا شك أن الله تعالى في السماء,أي على ‏السماء,ولا نقول ‏‎:‎إنه في الأرض ,كما لا نقول ‏‎:‎إنه فيهما.‏
    ولا نقول أيضا ‏‎:‎أنه يشار إليه إلى التحت,كما لا نقول ‏‎:‎أنه يشار إليه إلى التحت والفوق جميعا .بل ‏نقول ‏‎:‎إنه فوق العالم عال على خلقه ,ويشار إليه إلى جهة الفوق سبحانه وتعالى.‏
    ولا يناقض ذلك قوله تعالى(((وهو الله في السماء وفي الأرض))‏‎]‎الأنعام3‏‎[‎‏.فإن معنى الآية كما قال الإمام ‏أحمد رحمه الله ‏‎:‎‏ هو إله من في السماء وإله من في الأرض ,وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون ‏العرش ,ولا يخلو من علم الله مكان .ولا يكون علم الله في مكان دون مكان,فذلك قوله تعالى((ليعلموا أن ‏الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما))‏‎]‎الطلاق12‏‎[‎‏(3)‏
    قال الآجري رحمه الله ‏‎:‎‏ ومما‎ ‎يلبسون‎ ‎به على من‎ ‎لا علم معه احتجوا بقوله ‏عزوجل((وهو الله في السماء وفي الأرض)) وبقوله((وهو الذي‎ ‎في ‏السماء إله وفي الأرض إله‎))
    وهذا كله إنما يطلبون الفتنة‎ ,‎كما قال الله تعالى((فيتبعون ما تشابه منه ‏ابتغاء الفتنة وابتغاء‎ ‎تأويله‎))
    وعند أهل العلم من أهل الحق((وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم ‏سركم‎ ‎وجهركم ويعلم ما تكسبون)) فهو كما قال العلم مما جاءت به ‏السنن:إن الله عز وجل على‎ ‎عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه يعلم ما ‏تسرون وما تعلنون ,يعلم الجهر من القول ويعلم‎ ‎ما تكتمون‎.
    وقوله عز وجل((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) فمعناه :أنه ‏جل‎ ‎ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض ,إله يعبد في السماء ‏وإله يعبد في الأرض‎ ‎هكذا فسره العلماء))(4)‏

    ‏((فقوله سبحانه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} فيها ‏الدلالة على أن المدعو الله في السماوات وفي الأرض، ويعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في ‏السماوات ومن في الأرض، ويسمونه الله ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس، وفيها ‏الدلالة على سعة علم الله سبحانه واطلاعه على عباده وإحاطته بما يعملونه سواء كان سراً أو جهراً، ‏فالسر والجهر عنده سواء سبحانه وتعالى، فهو يحصي على العباد جميع أعمالهم خيرها وشرها.
    وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} معناها: أنه سبحانه هو ‏إله من في السماء وإله من في الأرض يعبده أهلهما وكلهم خاضعون له أذلاء بين يديه إلا من غلبت ‏عليه الشقاوة فكفر بالله ولم يؤمن به، وهو الحكيم في شرعه وقدره العليم بجميع أعمال عباده ‏سبحانه.))(5)‏
    قال الجوهري "ألّه بالفتح إلاهة أي: عبده عبادة، قال: ومنه قولنا: الله. وأصله: إلاه، ‏على فِعَال، بمعنى: مفعول. بمعنى معبود، كقولنا: إمام: فِعَال بمعنى: مفعول لأنه مؤتم به. ‏والتأليهك التعبيد والتأله: التنسك والتعبد(6) ولذلك لم يقل الله تعالى (إله السماوات والأرض) ‏وإنما قال {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.‏


    --------


    ‏(1)مناهل العرفان (2/316)طبعة دار الكتب العلمية-الطبعةالأولى.‏
    ‏(2)تلبيس الجهمية (1/329-370).‏
    ‏(3)الرد على الجهمية ص39 المطبعة السلفية القاهرة-الطبعة الأولى-‏
    ‏(4) الشريعة ص 1072-1105‏‎)‎
    ‏(5) إجابة عن أسئلة في العقيدة للشيخ ابن باز رحمه الله نقلا عن موقعه الإلكتروني .‏
    ‏(6) مختار الصحاح 22.‏


  18. #18

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    السلام عليكم
    جزاكم الله خيرا أخي جمال
    حفظك الله

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    وعليكم السلام أخي أبو سيف وجزاكم الله خيرا.

    الشبهة الخامسة عشر:قول حسن المحاججة ( إذا كان الله تعالى – عندكم – فوق العالم بائناً منه خارجاً منه فهو – ‏إذاً – إما أن يكون مماساً للعالم أو منفصلاً عنه , فإن قلتم : إنه مماس للعالم فأنتم مبتدعة ‏مجسمة .‏
    وإن قلتم : إنه منفصل عن العالم – فيقال إذن توجد المسافة بين العالم وبين الله تعالى فهذه ‏المسافة إن كانت عدمية فصار الله مماساً بالعالم , وإن كانت وجودية , فهو جزء من العالم , ‏فيلزم أن الله منفصل عن العالم بجزء من العالم )‏
    الجواب : (إن السلف قالوا : إن الله تعالى فوق العالم ‏بائن عنه وهذا القدر كاف في العقيدة , ولم يخوضوا في المسافة , هل بين الله وبين العالم ‏مسافة أم لا , وكم مقدار هذه المسافة وهل تلك المسافة جزء من العالم أم لا ؟ .‏
    وذلك لوجهين : ‏
    الأول : خشية الدخول في الكيف ,

    الثاني : خشية الدخول في دائرة الغيب بدون الإخبار من ‏الله تعالى .‏
    فالواجب على المسلم أن يعتقد أن الله تعالى فوق العرش وقاهر فوق عباده عالٍ على الكون ‏بائن عن خلقه , ولا يدخل في الكيف ولكن إذا خاصمنا مبتدع معطل فلا بد أن نقول له ‏بذاته وقلعاً لشبهاته وقطعاً لدابره : إننا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام : إن الموجود ‏موجودان : خالق ومخلوق .‏
    فالله تعالى بذاته وصفاته خالق , وما سواه عالم وهو الكون – وهو مخلوق والله تعالى فوق ‏الكون بائن عن خلقه .‏
    فليس وراء هذا الكون شيء موجود غير الله تعالى لا المسافة ولا غيرها , فالذي ينكر علو الله ‏تعالى على خلقه بشبهة المسافة , فهو المشبه في الحقيقة أولاً لأنه قد شبه فوقية الله تعالى بفوقية ‏رجل على سطح بيته , ولذلك دخل في المسافة وكيفيتها , ثم هو المعطل ثانياً لأنه عطل صفة ‏علو الله تعالى خشية المسافة ثم هو المشبة ثانياً لأنه قد وقع في أشنع مما فر منه وهو خوف ‏الوقوع في التشبيه , لأنه لما عطل صفة علو الله تعالى خشية التشبيه وقال : إن الله ( لا داخل ‏العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ) شبه الله تعالى المعدوم بل بالممتنع) (1)


    -----------
    (1)التنبيهات السنية(ص395-400)‏

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: شبهات وإعتراضات حول صفة العلو والرد عليها

    الشبهة السادسة عشر ‏‎:‎
    كان في الأزل ليس مستويا على العرش وهو الآن على ما عليه كان,فلا يكون على العرش,لأن الاستواء ‏فعل حادث-كان بعد أن لم يكن-فلو قام به الإستواء قامت به الحوادث,وإن قيام الحوادث بذاته تغير والله ‏منزه عن التغير.‏
    الرد ‏‎:‎
    ينبغي أن يعلم بأن المشتغلين بعلم الكلام إذا قالوا(لا تحله الحوادث))أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون ‏محلا للتغيرات والاستحالات ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحليهم وتفسدهم,وهذا ‏معنى صحيح,ولكن مقصودهم بذلك أنه لا ينزل إلى السماء الدنيا ,ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء,ولا ‏يغضب بعد أن كان راضيا,ولا يرضى بعد أن كان غضبان,ولا يقوم به فعل ألبتة,ولا أمر مجدد بعد أن لم ‏يكن,ولم يستوي على عرشه بعد أن لم يكن مستويا عليه,ولا يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ‏‏,ولن يغضب بعده مثله ,ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم,فإن هذه كلها حوادث,وهو ‏منزه عن حلول الحوادث(1)فإن هذا من اللبس والتلبيس ,وتسمية المعاني الصحيحة الثابتة بالأسماء القبيحة ‏المنفرة,وتلك طريقة للنفاة مألوفة وسجية معروفة(2).‏


    والجواب على الشبهة المذكورة-التي هي أوهن من بيت العنكبوت – من وجوه ‏‎:‎

    الوجه الأول‎:‎‏ من قال لكم أن الحادث لا يقوم إلا بحادث.من أين جاءت هذه القاعدة؟هل هي في القرآن ‏الكريم؟هل هي في السنة المطهرة؟هل هي في العقل؟وكل من أمعن النظر وفهم حقيقة الأمر علم أن السلف ‏كانوا أعمق من هؤلاء علما ,وأبر قلوبا,وأقل تكلفا,وأنهم فهموا من حقائق الأمور مالم يفهمه هؤلاء ,الذين ‏خالفوهم,وقبلوا الحق وردوا الباطل ومن هداه الله سبحانه وتعالى أيقن فساد هذا الكلام(3)‏
    الوجه الثاني‎:‎إننا نقابل هذه القاعدة الفاسدة بقاعدة أكمل منها وأوضح وهو‎:‎‏ أن الفعال لما يريد أكمل من ‏الذي لا يفعل.والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء,والله يحدثُ ما يشاء,لا معقب لحكمه,فما من فعل يفعله ‏إلا وقد حدث بعد أن لم يكن.وأنتم إذا عطلتم الله عز وجل عن الأفعال الإختيارية –كالإستواء والنزول ‏والضحك والفرح والغضب-معنى ذلك‎:‎‏ وصفتمو‏‎:‎‏ بأنقص ما يكون ((والكمال في اتصافه بهذه الصفات ‏لا في نفي اتصافه بها))(4) ‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‎:‎‏ ((الله سبحانه موصوف بصفات الكمال,منزه عن النقائص ,وكل ‏كمال وصف به المخلوق من غير استلزامه لنقص فالخالق أحق به,وكل نقص نزه عنه المخلوق فالخالق أحق ‏بأن ينزه عنه,و الفعل صفة كمال لا صفة نقص ,كالكلام والقدرة,وعدم الفعل صفة نقص,كعدم الكلام ‏وعدم القدرة,فدل العقل على صحة ما دل عليه الشرع ,وهو المطلوب))(5)‏
    وقال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎
    والرب ليس معطلا عن فعله***ؤبل كل يوم ربنا في شان.‏


    الوجه الثالث‎:‎‏ لفظ التغير لفظ مجمل .فالتغير في اللغة المعروفة لا يراد به مجرد كون المحل قامت به ‏الحوادث(6)),بل إن لفظ التغير في كلام الناس المعروف يتضمن استحالة الشيء.‏
    والناس إنما يقولون تغير ‏‎:‎لمن استحال من صفة إلى صفة‎.‎
    فالإنسان مثلا إذا مرض وتغير في مرضه كأن اصفر لونه أو شحب أو نحل جسمه يقال‎:‎‏ غيره المرض.‏
    وكذا إذا تغير جسمه بجوع أو تعب ,قيل قد تغير.‏
    وكذا إذا غير لون شعر رأسه ولحيته ,قيل قد غير ذلك .‏
    وكذا إذا تغير خلقه ودينه,مثل أن يكون فاجرا فيتوب ويصير برا أو يكون برا فينقلب فاجرا .فهذا يقال ‏عنه‎:‎أنه تغير.‏
    ومن هذا الباب,قول النبي صلى الله عليه وسلم ((غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد))رواه مسلم.‏
    وكذا الشمس إذا اصفرت ,قيل‎:‎تغيرت .ويقال‎:‎وقت العصر مالم يتغير لون الشمس.‏
    والأطعمة إذا استحالت يقال لها تغيرت قال تعالى { فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين } محمد: 15 فتغير ‏الطعم استحالت من الحلاوة إلى الحموضة ونحو ذلك
    ومنه قول الفقهاء إذا وقعت النجاسة في الماء الكثير لم ينجس إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه وقولهم إذا نجس الماء بالتغير زال بزوال التغير ولا يقولون إن ‏الماء إذا جرى مع بقاء صفائه أنه تغير ولا يقال عند الإطلاق للفاكهة والطعام إذا حول من مكان إلى مكان انه تغير ولا يقال للإنسان إذا مشى أو قام أو قعد قد تغير ‏اللهم إلا مع قرينة ولا يقولون للشمس والكواكب إذا كانت ذاهبة من المشرق إلى المغرب إنها متغيرة بل يقولون إذا إصفر لون الشمس إنها تغيرت ويقال وقت ‏العصر ما لم يتغير لون الشمس ويقولون تغير الهواء إذا برد بعد السخونة ولا يكادون يسمون مجرد هبوبه تغيرا وإن سمى بذلك فهم يفرقون بين هذا وهذا لونه ‏لون لباس المسلمين وتقول العرب تغايرت الأشياء إذا اختلفت والغيار البدال
    والناس إذا قيل لهم التغير على الله ممتنع فهموا من ذلك الاستحالة والفساد مثل انقلاب صفات الكمال إلى صفات نقص أو تفرق الذات ونحو ذلك مما يجب تنزيه الله ‏عنه
    وأما كونه سبحانه يتصرف بقدرته فيخلق ويستوي ويفعل ما يشاء بنفسه ويتكلم إذا شاء ونحو هذا لا يسمونه تغيرا
    ولكن حجج النفاة مبناها على ألفاظ مجملة موهمة كما قال الإمام أحمد: يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويلبسون على جهال الناس بما يشبهون عليهم حتى يتوهم الجاهل ‏أنهم يعظمون الله وهم إنما يقودون قولهم إلى فرية على الله.(7)‏

    الوجه الرابع‎:‎‏ لقد جاءت الآية وفيها لفظ(ثم) مما يدل على أن الله استوى على العرش بعد أن خلق ‏السموات والأرض
    قال تعالى((إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) فالله فعال لما يريد يفعل ما ‏يشاء متى شاء جلا جلاله ولست تاركي ما جاء في القرآن بسبب تمويه الجهمية ونبزهم وإختراعهم لألفاظ مجملة يحاربون ‏بها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.‏
    جاء في حديث قتادة " لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه " (‏ 8‏). وقال الطبري " فلما فرغ من خلق ما ‏أحب ‏استوى على العرش " (‏9 ‏).‏
    ويبطل ذلك أيضاً :‏
    ‎•‎ ما حكاه البيهقى أن أبا الحسن الأشعري كان يذهب إلى أن الاستواء من صفات الفعل لله ، وأن الله فعل ‏فعلاً سماه ‏الاستواء وأن (ثم) تفيد التراخي وأن التراخي إنما يكون في الأفعال (‏ ‏10).‏
    ‎•‎ قولُ الله { وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء } وهذا بخلاف قوله { ‏ثُمَّ ‏اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } فالعرش (كان) قبل خلق السموات والأرض، أما الاستواء الذي تحدث الله عنه فهو ‏فعلٌ فعله الله بعد ‏خلق السموات والأرض.‏
    وهذا يقتضيه عمل (ثم) التي إذا أتت بين فعلين ماضيين أفادت الترتيب بينهما.‏



    ---------------------------

    ‏(1)الصواعق المرسلة(ص935-936)‏
    ‏(2) الصواعق المرسلة(ص1500)‏‎.
    ‎(3)‎انظر النبوات(ص79) وشرح حديث النزول(ص417)‏
    ‏(4) مجموع الفتاوى(6/242).‏
    ‏(5)درء تعارض العقل والنقل(2/6).‏
    ‏(6)جامع الرسائل(2/44).‏
    ‏(7)درء التعارض مع تصرف يسير.‏
    ‏(8) رواه البيهقي في الأسماء والصفات بسند صحيح 2/120 والذهبي في مختصر العلو 98 .‏
    ‏(9) تفسيرالطبري 1/152 .‏
    ‏(10) الأسماء والصفات 2/152 .‏

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •