المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطينى
قال إبراهيم الحربي: "الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه، ولا يغم عياله. كان بي شقيقة خمساً وأربعين سنة، ما أخبرت بها أحداً قط........"
طبعا الكمال درجات وإلا فالتنفيث عما في القلب شيء طيب وصحي
أخي الحبيب
لستُ في حال تسمح لي بالردود العلمية
لكن مَن شبّ على شيء شاب عليه
وقد شببتُ على ردّ كل ما خالف السنّة ولو ظاهرًا ولو بغير قصد
فأقول:
بل رسول الله أكمل حالا وأكثر صبرا وأرفع منزلة وأعلى درجة وأعلم بالله وأخشى لله وأصبر على قضاء الله من إبراهيم الحربي
ومع ذلك فهل لما أصابه صداع الرأس لم يخبر أهله خمسا وأربعين سنة؟
كلا ... والله
بل أعلم أهله بمرضه فقال:
«وارأساه» (متفق عليه)
ولئن أقتدي به أحب إلي من أن أقتدي بألف ألف ألف مثل إبراهيم الحربي على جلالته!
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الأسود البواسل
لابد أن نتهم عقولنا ونتأكد أن لله تعالى حكمة . فاصبر واثبت وتوكل على الله تعالى .
سبحان الله
أخي الحبيب
لولا علمي أنك لا تقصد إلا خيرا ما حدّثتك ، فاسمع مني هذا الحديث:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال:
فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله *** والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته يقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة *** وهل يبدون لي شامة وطفيل
(متفق عليه)
فها هما أنشدا الشعر حال بلائهما كما أنشدتُ
واشتكيا كما اشتكيتُ
وأسمعا كما أسمعتُ
وبكيا كما بكيتُ
وتمنّيا كما تمنّيتُ
فهل قال لهما رسول الله : لابد أن نتهم عقولنا ونتأكد أن لله تعالى حكمة؟
ما أشد قسوة هذا الكلام وإن لم يُقصد به إلا خيرا
لا والله ... ما أنّبهما ... ولا لامهما ... بل دعا لهما ولجميع أصحابه فقال صلى الله عليه وسلم:
«اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة»
(متفق عليه وهو باقي الحديث السابق)
فلأنت أعلم بما ينبغي أن يقال في مثل هذه الحال من رسول الله
أو لقد شغلك استحضار مقام الدعوة للرضا بالقضاء ، عن مقام الرحمة بأهل البلاء ، فنطقت بلسانك ما فيه قسوة وإيذاء ، لمن هم في حال لا يحتمل أدنى لوم ولا عتاب
واسمع مني أنت وجميع إخوانك وتعلموا عِلمًا لا أجد من حولي صدورا تحمله عني قبل موتي ، فوالله قد لا أقوى على كتابة مثل ذلك بعد يومي هذا على صغر سني إلا أن يتغمدني الله برحمته:
إذا أردت أن تتعلّم الصبر فعليك بالقرآن والسنة
وإذا أردت أن تتعلّم الرحمة فعليك بالقرآن والسنّة
وإذا أردت أن تتعلّم الحكمة فعليك بالقرآن والسنّة
وإذا أردت أن تتعلم جميع مكارم الأخلاق فعليك بالقرآن والسنّة
وكلام أهل العلم جميعا على رءوسنا
وقصصهم عبرة لنا
لكنها يستدل لها ولا يستدل بها
ويبحث عن أصلها ولا يقاس عليها
فاقرءوا في حلية الأولياء وصفة الصفوة وسير الأعلام كيف شئتم ففيها من المواعظ حُلل
وحدثوا منها ولا حرج
لكن عند الاحتجاج فدعوا أولئك وعليكم بالنبع الصافي القرآن والسنّة
ففيهما من كل داء داواء ، ولكل سؤال جواب ، علمه من علمه ، وجهله من جهله ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
واستمعوا إلى هذه القصّة ففيها آيات للسائلين ورايات للسالكين
بطلاها صديقان لي
لم أصادق غيرهما، ولا يعيش معي الآن سواهما بكلامهما بعد أن فقدتُ ما فقدتُ في محنتي ، وحُصرتُ عما بقي من القليل من مكتبتي ، ومُنعتُ من إلقاء كلمة ولو بعد الفجر مع مرضي وعلّتي ، وأعيش مغتربا بعيدا عن أمي في غير مدينتي ، ولا مال لي ولا زوج ولا ولد آنس بهم في وحشتي
ولم أعد أقرأ هذه الأيام - غير ما أقرؤه للعمل والتكسب - بعد كلام الله وكلام رسوله غير كلامهما لدقيق فهومهما ورجحان عقولهما.
ألا وهما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه النجيب ابن القيم رحمهما الله تعالى
يقول ابن القيم ما معناه -وعذرًا فأنا أكتب من الذاكرة على ضعفها ، ولا أذكر موضعه ، ولا تحضرني مكتبتي لأنقل منها ، وخيبت الشاملة ظني ، فلم تسعفني بهذه الواقعة ، وإنما جاءتني بكلام لابن القيم شبيه في المدارج فاستأنست به- يقول رحمه الله: قرأت قصة الفضيل بن عياض أنه مات ابنه فضحك ، فقيل له: أتضحك وقد مات ابنك فقال : إن الله أحب أمرًا فأحببتُ أن أحبّ ما أحبّ الله، أو إن الله قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه ، فتذكرت حديث رسول عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم فبكى ، وقال: «تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون»
فقلت: هل يكون الفضيل أكمل حالا من رسول الله
فذهبت إلى الشيخ تقي الدين فذكرت له ما في نفسي فقال رحمه الله: أما الفضيل فما اتّسع قلبه لوارد الرضا من قدر الله ، ووارد الرحمة على موت ابنه ، فما استطاع إلا تحقيق الصبر والرضا فضحك، وأما رسول الله فقد رضي وصبر ورحم. فبكى ودمعت عيناه وحزن قلبه رحمة، وصبر وقال: «ولا نقول إلا ما يرضي ربنا» تسليما. وهذا أكمل المقامات.
أو كلاما هذا معناه
فلو استدلّ أحد بفعل الفضيل - وهو مأجور إن شاء الله - كان مخطئًا هدي خير الأنام
فرفقا رفقا بأهل البلاء ، واحذروا أن تخاطبوهم بمثل ذلك ، فما كل مبتلى عنده من الصبر ما يحتمل قولكم ، ولا كلهم من أهل الذكر فيلهمه الله حجته ، ولعل كلمة تريدون بها خيرا تحزنه فيغضب له من يجيب المضطر إذا دعاه فيعافيه ويبتليكم، أسأل الله لي ولكم دوام العافية.
والحمد لله أنّ هذا كان معي ، فصدري يتّسع لكم ، ومهما أخطأتم أعلّمكم مما علّمني ربي ، فإني - يعلم الله - أحبكم في الله أخوكم المحب
عيد بن فهمي بن محمد بن علي الحسيني
عفا الله عنه