فطنة العالم والمفتي وحذره من الأسئلة المغرضة أوالملبسة.
فِطنة العالِـم والمفتي، وحذرُه من الأسئلة المغرضة أوالملبسة:
/// أخرج الإمام أبوعبدالله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه: باب قول الله تعالى: ((إنَّ الذين تولَّوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إنَّ الله غفور حليم))، حديث (4066) قال رحمه الله:
حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال: جاء رجلٌ حجَّ البيت فرأى قوماً جلوساً، فقال: من هؤلاء القعود؟
قالوا: هؤلاء قريش.
قال: من الشيخ؟
قالوا: ابن عمر.
فأتاه، فقال: إنِّي سائلك عن شيء أتحدثني؟
قال: أنشدك بحرمة هذا البيت، أتعلم أنَّ عثمان بن عفان فرَّ يوم أحد؟
قال:نعم.
قال: فتعلمه تغيَّب عن بدر فلم يشهدها؟
قال: نعم.
قال: فتعلم أنَّه تخلَّف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟
قال: نعم.
فكبَّر!! [يعني الرجل السائل].
قال ابن عمر: تعالَ لأخبرك، ولأبيِّن لك عما سألتني عنه.
أمَّافراره يوم أحد فأشهد أنَّ الله عفا عنه.
وأمَّا تغيبه عن بدر فإنَّه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لك أجر رجلٍ ممَّن شهد بدراً وسهمه)).
وأمَّا تغيبه عن بيعة الرضوان فإنَّه لو كان أحدٌ أعز ببطن مكَّة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه؛ فبعث عثمان، وكانت بيعةالرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة.
فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيده اليُمنى: ((هذه يد عثمان - فضرب بها على يده، فقال: هذه لعثمان)).
[فقال ابن عمر:] اذهب بهذا الآن معك! ).
/// في القصَّة فوائد:
1- حذر العالم ويقظته من محاولة بعضالمغرضين من أصحاب الأهواء استجراره إلى أمرٍ لم يرده من تمرير ألفاظ في الفتوى أوصياغة أسئلة جوابها حمال أوجه، وقد لا يكون خطر على قلبه.
2- وجوب تبيين العالم ما كان من مجمل فتوى أو خبر إن كان في الإجمال إضلالاً أواستغلالاً.
3- دأب أهل الأهواء -باختلاف مشاربهم- في محاولة استغلال النصوص أو الفتاوى حسب ما تهواه أنفسهم أو أفكارهم الرَّديئة.
* وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
بارك الله فيكم يا شيخ عدنان ,,
حقيقة مواضيعك مركزه ومختارة وماهي الا دلالة على صاحبها.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
جزاك الله خيرا على إفادتك إخوانك ، وهذه وربي تعد من مناقب عثمان رضي الله عنه وأرضاه ، وليست من مثالبه .
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
/// بارك الله في وفيكم ونفعنا بما نكتب.
/// ممَّا يعصم العالم والمفتي من الإجابة بما يريده المغرضون من الأسئلة حمَّالة الأوجه الاستفصال عن مقصده، أوالجود بالجواب عن سؤاله، على طريقة: (الطهور ماؤه، الحلُّ ميتتة).
/// فيقال للسَّائل: إن كنت تقصد كذا فالجواب كيت وكيت، وإن كنت تقصد كذا فالجواب كذا وكذا.
/// وممَّا يعين العالم أوالمفتي على استشعار مثل هذه الأسئلة ثم تفصيل القول فيها =معرفته بما يدور حوله من أحداث، وهو ما كان يُسمَّى في زمن مضى بـ(فقه الواقع).
/// وهذه قضيَّةٌ هامَّة للغاية في خدمة الناس بالفتوى على ما يعرض لهم من نوازل ووقائع.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
جزاكم الله خير الجزاء
وهذا الأمر مما يعانيه أهل العلم وطلبته كثيرا في هذا الزمان..
فينبغي أن يتنبه طلبة العلم لمثل هذا التصرف المقيت ، فقد والله كثر الاستغلال وعظمت الوقاحة في استجرار المشايخ لما يريد السائل من هوى في نفسه ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري
/// وممَّا يعين العالم أوالمفتي على استشعار مثل هذه الأسئلة ثم تفصيل القول فيها =معرفته بما يدور حوله من أحداث، وهو ما كان يُسمَّى في زمن مضى بـ(فقه الواقع).
/// وهذه قضيَّةٌ هامَّة للغاية في خدمة الناس بالفتوى على ما يعرض لهم من نوازل ووقائع.
/// أكثر علمائنا في هذا العصر وغالبيَّتهم -والحمدلله- هم ممَّن لا يفتون في نازلةٍ أو أمرٍ حتَّى يكيِّفوا معناه، ويتصوَّروا مراده.
/// وما زال الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهما يسألون طلاَّبهم ومحبِّيهم عن كثيرٍ ممَّا يسألون عنه ممَّا استجدَّ ويطلبون بيان كيفيَّته قبل الجواب.
/// وقد تشكَّل لجانٌ للدِّراسة في كثيرٍ من القضايا في غيرما مؤسَّسة علميَّة قبل البتِّ في الحكم عليها.
/// وأحيانًا إنْ كان الجواب عاجلًا فإنَّ أهل العلم يجيبون بحسب الاحتمال، فيقولون: إن كان كذا فحكمه كذا وكذا، وإن كان كذا فحكمه كذا وكذا، كما أشرتُ سابقًا.
/// أو يقولون: لا أدري ماذا تقصد بسؤالك عن (كذا) فإن كان مقصودك كذا فجوابه ... الخ
/// أو سؤالك لم يتَّضح لي معناه، ثم قد يعرض عن الإجابة وقد يمهل السَّائل، أويطلب منه الإيضاح... ونحو ذلك.
/// وليس المقصود من هذا الكلام -كما قد يُظنُّ!- أنْ يجلس العالم فيتتبَّع إذاعة الـ(bbc)، أو (قناة الجزيرة!)، أو تقرأ له التحليلات السِّياسيَّة التي في صحف (الواشنطون بوست)، و(معاريف) مثلًا، أويُتبَّع له آخر الدِّراسات في المجلاَّت المختصَّة بالمال والأعمال أو الطبِّ فيقرأ له ذلك كُلُّه؟!
/// إذْ في هذا إضاعة لوقته الضَّيِّق، ولا يحتاج في الحكم الشَّرعيِّ لأكثر ما في هذا الغثِّ، ويكفيه من القلادة ما أحاط بالعنق.
/// لكن المقصود أن لا يكون العالم منزويًا عن واقعه ممَّا يجِدُّ في حياة النَّاس، فيجب عليه حال الفتوى أن يكون على علمٍ وتصوُّرٍ يما يُسأل عنه، كأنْ يُسأل عن شيءٍ من المخترعات الحديثة في الطبِّ والصناعة أوالتجارة والأسهم والمكياج، وكيفيَّة عملها، ثم ينزِّل حكمها الشَّرعي بما آتاه الله من فقهٍ عليها.
/// فوقوفه على هذه الأشياء تكون بحسب حاجته إليها حال الفتوى، فلو سُئِل مثلًا عن التَّشقير، أوالوفاة الدماغية، أوالبورصة، فلا بد أن يكون متصوِّرًا تفصيل ما يحتاجه في الفتوى في هذه الأمور؛ إذ الحكم على الشَّيء فرعُ تصوِّره.
/// أمَّا رمي أهل العلم بأنَّهم لا يفقهون الواقع مثلًا فأعوذ بالله أن أقول نحو هذا القول في علماءنا.
فأيُّ واقعٍ لا يفقهه علماؤنا؟! آلواقع الذي في تلك الصُّحف والإذاعات والمجلاَّت! أم الواقع الذي يدور حولهم بما يكفي لتصوِّره.
/// أمَّا الأوَّل فهم ليسوا بحاجةٍ إليه -غالبًا-، وأمَّا الثَّاني فلستُ من قائليه، إذ هو طعنٌ في أهل العلم وتشكيكٌ في فتاواهم.
/// وكثيرًا ما تتداخل العاطفة وزعم فهم السِّياسة أوالواقع عند بعض النَّاس مع الفتوى، فتصير هي المحرِّك في الرَّدِّ على كثيرٍ من فتاوى أهل العلم، ورميهم بأنَّهم لا يفقهون الواقع، وأنَّهم يُضْحَك عليهم، ونحو ذلك من الطَّعن.
/// نعم... لا نشكُّ أنَّ كلَّ إنسانٍ وليس العالم الفلاني وحده قد تغيب عنه بعض القضايا في عصر السُّرعة هذا، لكنَّنا نوقن أنَّ أكثر فتاواهم لا تصدر إلَّا بعد معرفتهم بكنه ما يُسألون عنه، ولو وقع تصوُّرٌ غير دقيقٍ لما أفتى به هؤلاء العلماء فإنَّهم سرعان ما يتراجعون ويبيِّنون المراد، وهذا قليلٌ بالنِّسبة للأوَّل.
/// وفي هذا الباب نذكر استهجان وإنكار بعض المنتسبين للعلم والفتوى من فتوى الشَّيخ ابن باز رحمه الله في جواز الصُّلح والمعاهدة مع اليهود، مع أنَّ الشَّيخ رحمه الله لم يخرج عن الحكم الشَّرعيِّ، ولم يأتِ ببدعٍ من الرَّأي، بل لم يأت بأفضل ممَّا رجع إليه النَّاس أخيرًا.
/// ويماثله كذلك استهجان بعضهم من فتوى مفتي المملكة (آل الشيخ) بكون العمليَّات (الاستشهاديَّة) انتحارًا، وقولهم إنَّ هذه الفتوى هي الانتحار! بأسلوب دعائيَّ لا يمتُّ للعلم بصلة!
/// إذْ مناقشة الفتوى بمنظور علميٍّ وشرعيٍّ شيءٌ، ومناقضتها والتَّشكيك فيها بنظرٍ سياسيٍّ أوعاطفيٍّ أو(جماهيريٍّ) =شيءٌ آخر.
/// رزقنا الله العلم والهدى والتوفيق والسَّداد.
_______________
/// تنبيهٌ: كتبتُ هذا البيان والإيضاح لسؤال واستشكال أرسله إليَّ أحد الأعضاء في الخاص ممَّا قد يُفهم من هذا الموضوع.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
وايــــــــــــ ــــاكم شيخ عدنان
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
جزاك الله خيراً ياشيخ عدنان .
وليتك تكثر علينا من مثل هذه المواضيع المنهجية بأسلوبك العالي .
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
وللإمام ابن كثير موقف مشابه مع أحد الأمراء ....
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
جزاك الله خيرا يا شيخ عدنان ، ورفع الله قدرك في الدنيا والآخرة ... آمين ، وأذكر بالمناسبة أنني التقيت مع الشيخ العلامة محمد العثيمين رحمه الله تعالى أنني سألته وهو خارج من المسجد الحرام بعد إلقائه الدرس وكان ذلك في شهر رمضان المبارك بعد صلاة التراويح ، أنني سألته عن حكم دعاء ختم القرآن ، فقال رحمه الله تعالى : لا ينبغي أن يفعل ، فكررت عليه السؤال ، فأجاب رحمه الله تعالى بنفس الجواب الأول ، فقلت له : يا شيخ محمد هل هو بدعة ؟ فقال رحمه الله تعالى : (( نعم بدعة )) بنص هذه العبارة .
ففهمت من أسلوب الشيخ محمد رحمه الله تعالى أنه لا يريد بذلك تفريق بين الأمة الإسلامية ، وتذكرت حينها قول ابن مسعود رضي الله عنه ، حينما سئل عن صلاة الخليفة عثمان رضي الله عنه وأرضاه حينما صلى في منى بأربع ركعات ، فقيل لابن مسعود رضي الله عنه : عبت على عثمان ثم صليت أربعا ، قال : الخلاف شر ، وهذا من فقه السلف رحمهم الله تعالى أجمعين .
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
اقتباس:
أنشدك بحرمة هذا البيت
جزاكم الله خيرا ...
أرجو توضيح هذه العبارة ...لغة وشرعا ...
رد: فطنة العالم والمفتي وحذره من أسئلة المغرضين.
/// يعني: أسألك بحرمة هذا البيت!