(الخشوع في الصلاة)
ذكر الإمام الحافظ هذه الترجمة في باب التخشع في الصلاة
وأصل الخشوع السكون ويقال خشع الشيء خشوعا إذا خشع ولم يتحرك . قال تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت:39]
ويشمل ذلك سكون القلب وسكون القوالب أما سكون القلب فهو إقباله على الله عز وجل وعدم التفاته إلى الوساوس والخطرات التي لا يمكن للمصلي أن يسلم منها فلا يسترسل معها وكما قال عليه الصلاة والسلام : إذا نودي للصلاة ، أدبر الشيطان وله ضراط ، حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي النداء أقبل ، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر ، حتى إذا قضي التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، لما لم يكن يذكر ، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 608
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
أن العبد إذا صلى الصلاة ليس له منها من حظ إلا بقدر ما خشع
وأول صفات المفلحين خشوعهم في الصلاة فقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1:2]
لا يعطي الله الخشوع إلا لمن أحبه وأحب وقوفه وأحب صلاته وأحب إنابته وزكى الله الخاشعين في الصلاة بأنهم أعرف الناس بالآخرة وأصدقهم إيمانا بها فقال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]
ولذلك لا خشوع إلا بذكر الآخرة حينئذ يكمل خشوعه وخضوعه وأدبه بين يدي ربه سبحانه ولما كانت هذه منه ونعمه عظيمة عند الله عز وجل سأله النبي في الحديث الصحيح أن يجعله من أهلها...
فإن صلى المصلي تمسكن ووقف وقوف العبد الذليل الخاضع لمولاه بخلاف أهل الكبر. ثم لا يستطيع العبد الكذب أو الخداع في الخشوع والتدبر والتذلل وما جاء من فراغ جاء من حق وصدق لأن هذا الدين لا يقوم على الزيف أو الكذب أو الخداع.
قال تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء:105 ]
أسباب الخشوع
أ-إذا أحس الإنسان بالهواجس تدك على قلبه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ليقل ولو كان ساجدا أو راكعا ليقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وليستحضر أنه بين يدي الله عز وجل وأن الله يعلم ما توسوس به نفسه وما يخفيه صدره وليتدبر ما يقول في صلاته وما يفعل فلعل الله أن يذهب عنه ما يجد ولقد شكى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الصحابة فأمره أن ينفث عن يساره ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات
أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي . يلبسها علي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذاك شيطان يقال له خنزب . فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه . واتفل على يسارك ثلاثا " فقال : ففعلت ذلك فأذهبه الله عني . الراوي: أبو العلاء البياضي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2203
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وأما سكون الجوارح فإن كثير من المصلين لا تسكن جوارحه تجده يتحرك كثيرا وهو يصلي يعبث بيديه أو برجليه أو بعينيه أو برأسه يحرك يده ينظر إلى الساعة تارة وإلى القلم تارة أخري يعبث في لحيته يقدم رجله ويردها يرفع بصره إلى السماء يميل به يمينا وشمالا لا يستقر على حال واحدة وإنني أقول لكم إن الحركة الكثيرة إذا لم يكن لها ضرورة فإنها تبطل الصلاة وتفسدها
ب- الدعاء...اللهم إنا نسألك أن ترزقنا الخشوع في صلاتنا اللهم اجعلنا من الخاشعين في الصلاة المحافظين عليها الدائمين عليها يا رب العالمين اللهم أجعل صلاتنا صلة بيننا وبينك تقربنا إليك و تنجينا من عذابك وتنير بها قلوبنا وتشرح بها صدرونا إنك جواد كريم اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-
ج - الصبر كما قال الله تعالى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة:24] فالصبر واليقين تنال أئمة إمامة الدين، والإنسان يعرض له مثل هذه العوارض، ولكنه إذا صبر وصابر، واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم إمتثالاُ لقوله تعالى {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت:36] فإنه سوف تكون العاقبة له
هـ - الإكثار من تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وتدبر معانيه ومطالعة التفاسير الموثوق بها لتفسير معاني الآيات الكريمة
ز- الإكثار من ذكر الله عز وجل فإن الله تعالى يقول {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]
ت- أن يختار له من الأصحاب من يعينونه على هذا الأمر من أهل العلم والبصيرة والكفاءة وبفعل الأسباب يهيئ الله له الأمر مع الاستعانة بالله تعالى وشدة الإقبال إليه
ك- التلفزيون : أغلبه معاصي فكيف السبيل معه الى الخشوع
و- لا يكون عنده شاغل يشغله كاحتباس بول أو غائط أو فضول طعام يشتهيه أو ما أشبه ذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثان)
تحدثت أنا والقاسم عند عائشة رضي الله عنها حديثا . وكان القاسم رجلا لحانة . وكان لأم ولد . فقالت له عائشة : مالك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أتيت . هذا أدبته أمه وأنت أدبتك أمك . قال فغضب القاسم وأضب عليها . فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام . قالت : أين ؟ قال : أصلى . قالت : اجلس . قال : إني أصلي . قالت : اجلس غدر ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا صلاة بحضرة الطعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان " . وفي رواية : عن النبي صلى الله عليه وسلم . بمثله . ولم يذكر في الحديث قصة القاسم . الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 560
خلاصة حكم المحدث: صحيح