رفع الأسعار زمن الحصار هل هو من الاحتكار ؟؟
أحسن الله إليكم
صورة المسألة: أن الحصار المفروض على هذا البلد (قطاع غزة) من قبل هذا العدو (اليهودي الصهيوني) تضمن منع وصول بعض السلع لأن إقتصاد هذا البلد يتحكم فيه العدو
فأدى ذلك إلى ارتفاع في مستوى المعيشة
فأصبح الزيت _مثلا_ بعد أن كان يباع بعشرين يباع بثلاثين أو أكثر
وهكذا يقال في باقي السلع
ورافع الأسعار هم تجار البلد
والزيادة في الأسعار منها الفاحش ومن ما ليس بفاحش
ومن أجل منع دخول البنزين والكاز ارتفع سعره فاتفق سائقي الأجرة على رفع سعر أجرة الراكب
وهكذا تجري الأمور
فإذا نظرنا إلى تعريف الاحتكار في الشرع هل تدخل فيه هذه الصورة ؟؟
وإن لم تدخل فهل تأخذ حكمه بجامع إيقاع الضرر على العامة ؟؟
أم يفرق بين رفع الأسعار الفاحش دون غيره ؟؟
وهل يفرق بين السلع الضرورية والحاجية والتحسينية ؟؟
أم ينظر للمسألة من جانب آخر وهو الجانب السياسي والاجتماعي فيحرم رفع الأسعار لأنه يعين على الحصار ويقوي معناه ويتصادم مع التكافل الاجتماعي والمصالح ا السيايسية للبلد ؟؟
ما رأبكم نفع الله بكم ؟؟
رد: رفع الأسعار زمن الحصار هل هو من الاحتكار ؟؟
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً يا امجد الفلسطيني
رد: رفع الأسعار زمن الحصار هل هو من الاحتكار ؟؟
رد: رفع الأسعار زمن الحصار هل هو من الاحتكار ؟؟
الأخ الكريم امجد الفلسطيني.
ننظر للمسألة من جميع الجوانب شرعيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
فلا يجوز لمسلم أن يستأثر نفسه على غيره عند الحاجة، بل يقتضي إيمانه بالله تعالى أن لا يترك غيره جائعاً وهو شبعان، كما جاء ذلك في التوجيهات النبوية الشريفة .يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس بالمؤمن الذي يبيت وجاره إلى جنبه جائع ) كما اخرجه الحاكم في المستدرك، وفي حديث آخر: ليس بمؤمن من بات شبعان و جاره إلى جنبه جائع و هو يعلم) والحديث صححه الألباني كما في كتاب مشكلة الفقر
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه) .
وقد روى الإمام البخاري عن نموذج حي للتسوية الاقتصادية في حياة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، كما جاء عن الأشعريين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم في المدينة، جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)
قال الإمام الشوكاني : الحكرة، هي حبس السلع عن البيع، ويقول ابن عابدين : اشتراء الطعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء .. وعرفه الإمام الغزالي في الإحياء بقوله : فبائع الطعام يدخر الطعام ونحوه ينتظر به غلاء الأسعار.
وجمهور العلماء على أن الاحتكار حرام وممنوع، لما ورد من الأحاديثفي ذلك، ففي صحيح الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من احتكر حكرة، يريد أن يغلي بها على المسلمين، فهو خاطئ)والحديث حكم عليه الألباني بأن سنده حسن لشواهده كما في السلسلة الصحيحية 3362، وإن كان في الحقيقة فيه ضعف فقد ضعفه الإمام احمد شاكر والمنذري قال فيه مقال .
ولا شك أنَّ رفع الأسعار للحاجيات الضرورية يزداد فيها الإثم عن غيره، ذلك أنّ رفع الأسعار عن الامور الضرورية التي هي قوت للناس في كل وقت، ليس كمن يزيد الأسعار في أمور تحسينية وما إلى ذلك.
ولعل من الطرق النافعة لحل مشكلة الاحتكار التي تؤثر بالسلب في الواقع الفلسطيني والتي نتج عنها آثار سيئة ما يلي ذكره:
• تطبيق سياسة المنافسة ومنع الاحتكار وتفعيل دور جهاز حماية المنافسة وقيام هذا الجهاز بتوقيع قرارات إدارية لها الطبيعة العقابية هو أمر يجب إسناده للجهات القضائية المتخصصة، ويظل للجهاز دوره الأساسي في إرساء قواعد المنافسة ومنع الاحتكار، وتناولت كذلك مشروع القانون الخاص بذلك .
• إجبار الدولة للمحتكرين على بيع السلع المحتكرة بثمن المثل، وقد اتفق على ذلك الأئمة الأربعة، ويقول ابن تيمية في ذلك " وعندما تحرم الشريعة الإسلامية الاحتكار فإنها لا تترك المحتكرين يستفيدون من احتكارهم بل توجب على ولي الأمر أن يقوم ببيع الأموال المحتكرة جبرا عن محتكريها بثمن المثل فلو امتنع المحتكر عن بيعها بالمثل باعها ولي الأمر ودفع لصاحبها ثمن المثل".
• واجب الحكومة أن تصل لتوازن بين مصلحة المصنع والمستهلك وبين مصلحة الاقتصاد على المدى القصير ومصلحته على المدى الطويل، وأن الحماية المؤقتة يجب ألا تتحول إلى حماية دائمة تكرس الاحتكار وتحمي وتكافئ الضعفاء بالأرباح الاحتكارية.
• قيام ولي الأمر أو الحاكم بإنذار المحتكرين لبيع السلع التي يحتجزونها بأثمان معتدلة فإذا رفضوا تنفيذ الأمر يجوز لولي الأمر مصادرة هذه السلع وبيعها على المحتكر، وذلك لإزالة الضيق ورفع الظلم عن الأفراد الذين هم أمانة في عنق الحاكم.
والله الموفق