إشكال في مصنف ابن أبي شيبة ، فمن يحله ؟
استوقفني كلام الإمام الجصاص - رحمه الله - في أحكام القرآن ، لما قال : " وروى وكيع عن جرير بن حازم عن الوليد بن يحيى أن جابر بن زيد قام يصلي ذات يوم فقرأ [مُدْهَامَّتَانِ] ثم ركع " فطفقت أبحث عن إسناد لهذا الحديث حتى عثرت عليه في مصنف ابن أبي شيبة .
والإشكال في التبويب الذي بوب عليه ابن أبي شيبة حيث قال : " باب من قال لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، ومن قال : وشيء معها " ثم ذكر الحديث .
ووجه الإشكال أن الإمام ابن أبي شيبة ذكر تحت هذا التبويب كلام جمع من الصحابة والتابعين - قبل هذا الحديث وبعده - كلهم يرى وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة ، وأنها أقل ما يجزي في القراءة ، وكأن الإجماع كان منعقدًا على ذلك ، ثم ذكر هذا الحديث عن جابر بن زيد ، وفي الحديث أنه لم يقرأ الفاتحة أصلا ، فكيف يتم للإمام - أعني ابن أبي شيبة - التوفيق بين الترجمة وهذا الحديث المذكور ، وجابر لم يقرأها أصلا ! وكأنه كان يرى عدم وجوب قراءة الفاتحة .
ثم وقفت على نفس الحديث في " موضح أوهام الجمع والتفريق " للخطيب البغدادي ، وأورده من طريق شباك عائذ القيسي الأزدي البصري عن عمرو بن الحزور ، أنه قال : " قرأ جابر بن زيد أم الكتاب ثم قال : [مُدْهَامَّتَانِ] ثم ركع " . وشباك هذا ؛ قال فيه أبو الحسين بن الجنيد : صدوق . ولم أقف لغيره على قول فيه .
وعلي أي حال ؛ فإن ثمة اختلافًا فاحشًا بين الروايتين ، ففي رواية المصنف أنه لم يقرأ الفاتحة ، وفي هذه أنه قرأها ، فإن صرنا إلى الترجيح - ولا مناص - رجحنا الرواية الأولى لأنها أقوى إسنادًا من هذه ، وإن كان جرير قد اختلط في آخر عمره ؛ فإن أولاده قد حجبوه عن التحديث ، فسلم حديثه من هذه الآفة .
ولكن يبقى الإشكال قائمًا : وهو كيف ذكر ابن أبي شيبة هذا الحديث تحت الترجمة التي ترجم عليها ، وليس موافقًا لها البتة ؟
رد: إشكال في مصنف ابن أبي شيبة ، فمن يحله ؟
بارك الله فيك.
ليس في منطوق رواية المصنف (أنه لم يقرأ)، بل هذا مفهوم عند النظر للحديث.
ويبطل هذا بالرواية الأخري، ولعل ابن أبي شيبة فهم أنه لا يلزم من عدم التنصيص على الفاتحة عدم قراءته لها.
رد: إشكال في مصنف ابن أبي شيبة ، فمن يحله ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري
بارك الله فيك.
ليس في منطوق رواية المصنف (أنه لم يقرأ)، بل هذا مفهوم عند النظر للحديث.
ويبطل هذا بالرواية الأخري، ولعل ابن أبي شيبة فهم أنه لا يلزم من عدم التنصيص على الفاتحة عدم قراءته لها.
وفيك بارك الله مشرفنا الكريم .
وما قلتَه قد لاح في خاطري قبل أن أسطر هذا الكلام ، لكن لمَ استدل به الإمام الجصاص على ما ذهبوا إليه - أعني الأحناف - من عدم وجوب قراءة الفاتحة لو كان الأمر ظاهرًا كما ذكرت ؟
رد: إشكال في مصنف ابن أبي شيبة ، فمن يحله ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن محمد
وفيك بارك الله مشرفنا الكريم .
وما قلتَه قد لاح في خاطري قبل أن أسطر هذا الكلام ، لكن لمَ استدل به الإمام الجصاص على ما ذهبوا إليه - أعني الأحناف - من عدم وجوب قراءة الفاتحة لو كان الأمر ظاهرًا كما ذكرت ؟
مثل هذا الاستدلال كثير في كتب الفقهاء؛ حيث يستدلون على المذهب بطرف حديث تتمته تبطل وجه الاستدلال، أوبمفهومٍ يبطله منطوقه في رواية أخرى، أو بحديث باطل، أوبلفظ غير محفوظ أو لا أصل له ولم يثبت، بل ثبت خلافه.. وهكذا.
والتمثيل على هذا كثير.