الحـجامـةُُ للصائمِ ماحكمُها ؟
الحجامة من الأمور المباحة للصائم، لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم"احتجم وهو صائم". رواه البخاري.
وأما الحديث الذي ورد عن عدد من الصحابة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم"أفطر الحاجم والمحجوم". فهو حديث صحيح، لكنه منسوخ قد تتابع المحققون من العلماء على القول بنسخه, فقد نقل الحافظ في الفتح (4/223)عن ابن عبد البر أنه قال عن حديث ابن عباس السابق: فيه دليل على أن حديث"أفطر الحاجم والمحجوم". منسوخ.
قال الحافظ: وقال ابن حزم: صح الحديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد"أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم". وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأن الرخصة لا تكون إلا بعد العزيمة، فدلَّ على نسخ الفطر بالحجامة، سواء كان حاجما أو محجوما".أهـ.
وقال العلامة الألباني في صحيح الجامع تحت رقم (1136) معلقا على الحديث المذكور: هذا الحديث منسوخ عند جماهير العلماء.أهـ.
وحديث أبي سعيد الذي ذكره ابن حزم أخرجه النسائي وابن خزيمة والدارقطني ورجاله ثقات ولكن اختلفوا في رفعه ووقفه، وفي الإرواء (4/74ـ75) قال العلامة الألباني رحمه الله: فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه، وهو نص في النسخ، فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله"أهـ.
وقال قبل هذا رحمه الله (4/72ـ73): عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أفطر هذان". ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم, وكان أنس يحتجم وهو صائم". أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي، وذكرا أن رجاله كلهم ثقات ولا علة فيه". قال العلامة الألباني: وهو كما قالا".
ثم قال بعد سطور: فائدة: حديث أنس هذا صريح في نسخ الأحاديث المتقدمة:"أفطر الحاجم والمحجوم"أهـ.
وقال رحمه الله في الإرواء (4/79ـ80) بعد أن أورد أثر ابن عباس عند ابن أبي شيبة بإسناده أنه قال في الحجامة للصائم:"الفطر مما دخل وليس مما خرج" قال: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين. فلو كان ما رواه منسوخا، لم يخف ذلك عليه إن شاء الله تعالى، ويؤيده حديث أبي سعيد الخدري وأنس رضي الله عنهما فإنهما يدلان على أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع محكم، وأن حديث أفطر الحاجم والمحجوم هو المنسوخ"أهـ.
قلت: ومما يدل على النسخ المذكور ويؤيده، ما جاء من الآثار الصحيحة عن الصحابة رضوان الله عليهم في أنهم احتجموا صياما كسعد وزيد وأم سلمة رضوان الله عليهم، أنظر فتح الباري (4/218ـ222) وشرح السنة (6/300ـ304).
وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ـ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ؟". قال:"لا, إلا من أجل الضعف".
فهذا يدل على أن الحجامة إنما كرهت من أجل الضعف كما هو صريح قول أنس رضي الله عنه، وذلك لأن خروج الدم من المحتجم يضعفه ويوهنه, ويحتاج بسببه إلى أكل وشرب يقوي صلبه.
وروى عبد الرزاق في مصنف وأبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه فقيل له يا رسول الله إنك تواصل إلى السحر فقال إني أواصل إلى السحر وربي يطعمني ويسقيني. قال الحافظ:" إسناده صحيح والجهالة بالصحابى لا تضر.
قلت: ويلحق بالحجامة سحب الدم ـ في زماننا ـ هذا فإن حكمه حكم الحجامة فلا يكره إلا من أجل الضعف كما قال أنس رضي الله عنه.
والقول بفطر الحاجم والمحجوم من الأقوال التي انفرد بها المذهب الحنبلي ولكنه قول مرجوح، وما ذكروه من تعليلات لهذا المذهب فهو غير مقبول لكونه تعليلا في مقابل النص وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم والله أعلم.
( التمام لأبي أيوب)
رد: الحـجامـةُُ للصائمِ ماحكمُها ؟
بارك الله فيك أبا خالد ووفقنا واياك للعم النافع والعمل الصالح